والاستدلال بشعر الأخطل لغوياً صحيح ولا خلاف فيه.
لو كان الاستدلال بشعره لغوياً صحيح فلماذا رفضه ابن كثير وابن الجوزي وابن الأعرابي وهو من أئمة اللغة ونقله عن ابن منظور في لسان العرب ؟
قال الحافظ ابن كثير :
"وكان الاخطل من نصارى العرب المتنصرة قبحه الله وابعد مثواه وهو الذي انشد بشر ين مروان قصيدته التي يقول فيها :
" قد استوى بشر على العراق ***** من غير سيف ودم مهراق "
وهذا البيت تستدل به الجهمية على آن الاستواء على العرش بمعنى الاستيلاء وهذا من تحريف الكلم عن مواضعه وليس في بيت هذا النصراني حجة ولا دليل على ذلك ولا أراد الله عز وجل باستوائه على عرشه استيلاءه عليه تعالى الله عن قول الجهمية علوا كبيرا فانه إنما يقال استوى على الشيء إذا كان ذلك الشيء عاصياً عليه قبل استيلائه عليه كاستيلاء بشر على العراق واستيلاء الملك على المدينة بعد عصيانها عليه وعرش الرب لم يكن ممتنعا عليه نفسا واحدا حتى يقال استوى عليه آو معنى الاستواء الاستيلاء ولاتجد اضعف من حجج الجهمية حتى آداهم الإفلاس من الحجج إلى بيت هذا النصراني المقبوح وليس فيه حجة والله اعلم "
انتهى كلام ابن كثير ، المصدر : البداية والنهاية لابن كثير تحت عنوان : (سنة عشر ومائة من الهجرة النبوية)
يقول العلامة ابن الجوزي في كتابه " زاد المسير في علم التفسير " في تفسير الآية 54 في سورة الأعراف : {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)}
قوله تعالى: {ثم استوى على العرش}
وبعضهم يقول: استوى بمعنى استولى؛ ويحتج بقول الشاعر:
حتَّى اسْتَوى بِشْرٌ عَلَى العِرَاقِ *** مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ وَدَمٍ مُهْرَاقٍ
ويقول الشاعر أيضاً:
هُمَا اسْتَويا بِفَضْلِهِما جَمِيْعاً *** عَلى عَرْشِ المُلوكِ بغَيْرِ زُوْرِ
وهذا منكر عند اللغويين. قال ابن الاعرابي: العرب لا تعرف استوى بمعنى استولى، ومن قال ذلك فقد أعظم. قالوا: وإنما يقال استولى فلان على كذا، إذا كان بعيداً عنه غير متمكن منه، ثم تمكن منه؛ والله عز وجل لم يزل مستولياً على الأشياء؛ والبيتان لا يُعرَف قائلهما، كذا قال ابن فارس اللغوي.
ولو صحّا، فلا حجة فيهما لما بيَّنَّا من استيلاء من لم يكن مستولياً. نعوذ بالله من تعطيل الملحدة وتشبيه المجسمة "
راجع لسان العرب لابن منظور باب السين مادة سوا ذكر ابن منظور ما نصه كالتالي
وقال أحمد بن يحيى في قوله عز وجل : " الرحمن على العرش استوى " ، قال : الاستواءُ الإقبال على الشئ ، وقال الأخفش : استوى أي علا ، تقول : استويت فوق الدابة ، وعلى ظهر البيت ، أي علوته . واستوى على ظهر دابته أي استقر . وقال الزجاج في قوله تعالى : " ثم استوى إلى السماء " ، عَمَدَ وقَصَدَ إلى اسماء ، كما تقولُ : فَرَغَ الأمير من بلد كذا وكذا، ثم استوى إلى بلد كذا وكذا، معناه قصد بالاستواء إليه، قال داود بن علي الأصبهاني : كنت عند ابن الأعرابي ، فأتاه رجل فقال : ما معنى قول الله عز وجل " الرحمن على العرش استوى " ؟ فقال ابن الأعرابي : هو على عرشه كما أخبر ، فقال : يا أبا عبدِ الله ، إنما معناه استولى ، فقال ابن الأعرابي : ما يُدريك ؟ العربُ لا تقولُ استولى على الشئ حتى يكون له مضاد ، فأيهما غلب فقد استولى ، أما سمعت قول النابغة : إلا لمثلك أو مَن أنتَ سابقه سبَقَ الجواد إذا استولى على الأمد " انتهى
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/146) :
"و قد علم أنه لو احتج بحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم لاحتاج إلى صحته، فكيف بيت من الشعر لا يُعرف إسناده؟
وقد طعن فيه أئمة اللغة، وذكر عن الخليل كما ذكره أبو المظفر في كتابه الإفصاح قال :"
سُئل الخليل هل وجدت في اللغة استوى بمعنى استولى؟ فقال : هذا ما لا تعرفه العرب، و لا هو جائز في لغتها"، و هو إمام في اللغة على ما عرف من حاله، فحينئذ حمله على ما لا يعرف حمل باطل".
وقال في "مجموع الفتاوى" (7/ 138-140، الطبعة السعودية، 1425هـ):
«وَأَمَّا الْبَيْتُ الَّذِي يُحْكَى عَنْ الْأَخْطَلِ أَنَّهُ قَالَ:
إنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا ... جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلًا
فَمِنْ النَّاسِ مَنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ شِعْرِهِ.
وَقَالُوا: إنَّهُمْ فَتَّشُوا دَوَاوِينَهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، وَهَذَا يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَشَّابِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَفْظُهُ: إنَّ الْبَيَانَ لَفِي الْفُؤَادِ.
وَلَوْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ فِي مَسْأَلَةٍ بِحَدِيثِ أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لَقَالُوا: هَذَا خَبَرٌ وَاحِدٌ، وَيَكُونُ مِمَّا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَصْدِيقِهِ وَتَلَقِّيهِ بِالْقَبُولِ.
وَهَذَا الْبَيْتُ لَمْ يُثْبِتْ نَقْلَهُ عَنْ قَائِلِهِ بِإِسْنَادِ صَحِيحٍ لَا وَاحِدٌ وَلَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، وَلَا تَلَقَّاهُ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ بِالْقَبُولِ، فَكَيْفَ يَثْبُتُ بِهِ أَدْنَى شَيْءٍ مِنْ اللُّغَةِ، فَضْلًا عَنْ مُسَمَّى الْكَلَامِ. " انتهى
فكيف بعد كل هذه النقولات يكون الاستدلال بكلام الأخطل صحيح لغةً ؟؟؟
ملحوظة:
محل النقاش في هذه المشاركة " صحيح لغةً أو ليس صحيح لغةً "
وليس " صحيح اعتقادً أو ليس صحيح اعتقادً "
فابن كثير وابن الجوزي وابن الأعرابي - وتبعه ابن منظور لأنه نقله قوله في معجمه - وابن تيمية أنكروا صحة هذا التفسير لغةً
فكيف يُقال صحيح أن هذا التفسير صحيح لغوياً ليس هذا فحسب لكن أيضاً لا خلاف فيه ؟؟
ملحوظة :
معجم ألفاظ القرآن الكريم الصادر عن مُجَمَّع اللغة العربية بالقاهرة عام 1988 م .
مادة (سوى) ، صفحة 612 ورد بها:
استوى : أ : استوى إلى السماء : وَجَّه إرادته إليها . (ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات) البقرة 29 واللفظ في فصلت 11
ب - : واستوى على العرش:
استقر عليه كيف شاء. (ثم استوى على العرش) الأعراف 54، واللفظ في يونس 3، والرعد 2، وطه 5، والفرقان 59، والسجدة 4، والحديد 4 " انتهى النقل من المعجم
ثم
ثم كيف تقول حضرتك أن الاستدلال بشعر الأخطل صحيح لغوياً مع أن حضرتك قلت في الرسالة المذكورة صفحة 806 و 807
" والتحقيق في هذه المسألة هو أن يُقال: الاستواء يأتي في اللغةِ للمعاني التي ذكرها الطبري وهي: التمام والكمال، واستقامة ما كان فيه أود، والإقبال على الشئ، والاستيلاءُ والاحتواء، والعلو والارتفاع، غير أن لكل معنى منها سياقاً يناسبه، وتفصيل ذلك على النحو الآتي: "
ثم قلت
" فقد زعم المعتزلة والأشعرية وغيرهم أن استوى في هذه الآيات التي عَدَّى الفعلُ فيها بحرف (على) بمعنى استولى لا بمعنى ثَبَتَ وعلاق واستقرَّ وارتفع، ولم يجدو حجة مقنعة تؤيد قولهم - فيما أعلمُ - سوى الشاهد الشعري الذي اختُلِفَ في نسبته لشاعر، وهو قوله:
قد استوى بشر على العراق *** من غير سيفٍ أو دمٍ مهراق
ولم أجده في شعر الشعراء المحتج بهم، ووجدته في شعر المتأخرين، ..... إلخ " انتهى
إذن حضرتك تقول أن هذا الشعر ليس من قول الشعراء المحتج بهم فكيف تقول بعد ذلك
أن الاستدلال به :
1) صحيح لغوياً
2) لا خلاف فيه
؟؟؟؟؟
أعني : لو كان رأي حضرتك في رسالة الدكتوراة أنه استدلال صحيح ولا خلاف فيه لقلت: " اجتهد ولكل عالم أن يجتهد ولو خالفه آخرون "
لكن حضرتك قلت أنه - أي البيت المنسوب للأخطل - ليس من شعر الشعراء المحتج بهم
فكيف نوفق بين كلام حضرتك في الرسالة وفي المنتدى ؟ هل أنا فاهم خطأ ؟
أرجو الرد مشكوراً