ابتسام الجابري
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
الدعوة إلى تدبر القرآن الكريم أمر مهم، وخير عظيم، وهو أمرٌ أمر الله به في كتابه وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم في سنته ,وتحتاجه الأمة.
إلا أن فتح المجال بالقول في هذا بلا علم ليس صحيحاً بل لا بد من ضبطه
وتأمل ما لو تدبر من تدبر في آية منسوخة وجاء في تدبره ما وافق المنسوخ دون الناسخ ،أو تدبّر من تدبر فيما هو متشابه أو محكم أو مطلق أو مقيد أو عام أو خاص أو نحوه وجاء بنقيضه متدبرا ،فماذا تكون النتيجة هل هذا هو المطلوب من التدبر!
قد لا يُرى أن الموضوع ذو أهمية ولكن كثرة التغريدات و الكتابات والقصص فيما يخص هذه الآيات ونحوها ومن بعض الشخصيات العلمية لذا أحببت البحث والتعليق عليها وعرضها هنا لسؤالكم والإفادة منكم
وقبل أن أبدأ لعلي أحرر قضية وهي ليس مقصودي الأحكام في هذه الآيات فالأحكام وجوبها بوجوب الاتباع والاقتداء أو من خلال نص آخر أو من دلالة الآية كقوله تعالى (يا أيها النبي إذا طلقتم..)أو نحوه فالدخول في الحكم ليس هو محط حديثي
وإنما قصدت ما كان خاصا في فضائله عليه الصلاة والسلام
كسورة الضحى و الكوثر ونحوها
فكيف بالعبد منَّا أن يتخيل أنه خطاب موجه إليه بخصوصيته !؟
وهو مَنْ حتى يتصور ذلك!؟
وما رأيك لو لم يتحقق له ما تمناه من العطاء بعد أن رتب قائمة أمنياته!
وما رأيك في قول عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك حين قالت :وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئني ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرؤني بها
أي تواضع مع عظم البلاء وعظيم المنزلة ! زوج رسول الله وأحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم وبلاء في العرض وشهر يمضي !
هل كان يئسا أو قنوطا أو عدم تحقق أمنيات حتى لا تظن أن ينزل بشأنها قرآن يتلى !
كماأنه هناك آيات أخر تذكر عطاء الله للمؤمن متى خشي الله وتذكر نعيمه ، وتحض على الرجاء وعدم اليأس وتحض على الخوف والمحبة ،وليس ثم داع أن أُحمّل هذه الآية هذه المطالب بالتدبر
هذه ادعاءات لبعض من تصور هذه الآيات تصلح أن تكون موجهة إليه بخاصته
بعض التغريدات :
_يقول أحدهم كلما قرأتها استشعر أنها خطاب لي شخصيا..أتراه يخذلني؟ حاشاه!
_وآخر ما أروع (ولسوف يعطيك ربك فترضى)
هو لم يعدك ب العطاء فقط..؟ بل العطاء حتى الرضا
_وآخر أتعلم ما هي الثقة الكبرى !قول(ولسوف يعطيك ربك فترضى)أترى هو لن يعطيك فقط! هو أيضا وعدك بالرضا
عندما أقرا قوله ( ولسوف يعطيك ربك فترضى) أشعر براحة وأرتب قائمة أمنياتي
هذه بعض التغريدات وهناك قصص أخر
وأنا لا أنكر عطاء الله للعبد الصالح ولا أنكر كذلك مرتبة الرجاء ولكن ليس هذا خطاب خاص لي أو للآخر
هو خطاب خاص للنبي عليه الصلاة والسلام بعدة دلالات منها سبب نزول السورة وكذا نص الآية
كما أن المراد بالعطاء هنا مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم
وبالنسبة لعطاء الله للمؤمن الذي يخشى الله نزلت فيه آيات أخر وهو ليس كعطاء نبينا محمد عليه الصلاة والسلام
وهنا أذكر بعض الدلالات من كتب التفسير والعقيدة وأصول الفقه والله أعلم
_((باب ذكر ما خص الله عز وجل به النبيصلى الله عليه وسلم من المقام المحمود يوم القيامة قال محمد بن الحسين رحمه الله :اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الله عز وجل أعطى نبينا صلى الله عليه و... قد وعده الله عز وجل أنه سيعطيه في الآخرة من الكرامات حتى يرضى وهو قوله عز وجل : ( ولسوف يعطيك ربك فترضى )
الشريعة للآجري3/221
وجه الدلالة: فيه بيان الخصوصية
_(المسألة الثانية : أجمعت الأمة على أن لمحمد صلى اللّه عليه وسلم شفاعة في الآخرةوحمل على ذلك قوله تعالى : عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [الإسراء : 79]وقوله تعالى : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى[الضحى : 5])
الرازي 3/495
وجه الدلالة : بيان الخصوصية
_قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى:5] بتقدير مبتدأ محذوف، أي ولأنت سوف يعطيك ربك فترضى، فلا تكون اللام داخلة على المضارع، وكل ذلك تكلف لاملجئ إليه
التحرير 16/66
وجه الدلالة قوله :ولأنت خصوصية
_{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى:5]فذلك من الشرح المراد هنا. وجماع القول في ذلك أن تجليات هذا الشرح عديدة وأنها سر بين الله تعالى وبين رسوله صلى الله عليه وسلم المخاطب بهذه الآية.
التحرير 30/363
وجه الدلالة:المخاطب هو الرسول عليه الصلاة والسلام
_({ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى } روي « أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما نزلت إذاً لا أرضي أن يبقى واحد من أمتي في النار » قال بعضهم : هذه أرجى آية فيالقرآن ، وقال ابن عباس : رضاه أن الله وعده بألف قصر في الجنة بما يحتاج إليه من النعم والخدم وقيل : رضاه في الدنيابفتح مكة وغيره . والصحيح أنه وعد يعمُّ كل ما أعطاه الله في الآخرة ، وكل ما أعطاه في الدنيا من النصر والفتوح وكثرةالمسلمين وغير ذلك
التسهيل ابن جزي1/2622
وجه الدلالة:خصوصية والرجاء هنا لنا في شفاعته هو عليه الصلاة والسلام لنا ،وليس في استشعاري أنها موجهة لي بخصوصيتي
_وعليه {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } [الضحى : 5] والمعنى : ترضى ما تنال من الشفاعة , أو ترضى بما تنال من الثواب على ضم التاء
اللباب ابن عادل1/3618
وجه الدلالة:خصوصية بالشفاعة والثواب له
_{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ } في الآخرة من الثواب ومقام الشفاعة وغير ذلك { فترضى }ولما نزلت قال صلى الله عليه وسلم " إذا لاأرضى قط وواحد من أمتي في النار "واللام الداخلة على «سوف» لام الابتداءالمؤكدة لمضمون الجملة ، والمبتدأ محذوف تقديره : ولأنت سوف يعطيك
النسفي4/38
وجه الدلالة:خصوصية في الثواب والخطاب ولأنت(للنبي عليه الصلاة والسلام)
_((سورة الضحى)) نعم اللَّه تعالى على النبي محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم)
التفسير المنير 30/281
وجه الدلالة:نعم الله على النبي عليه الصلاة والسلام
_({ولسوف يعطيك ربك فترضى} {ولسوف}اللام هذه أيضاً للتوكيد وهي موطئةللقسم، و{سوف} تدل على تحقق الشيءلكن بعد مهلة وزمن {يعطيك ربك} أي يعطيكما يرضيك فترضى، ولقد أعطاه الله مايرضيه صلى الله عليه وسلّم، فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة مقاماً محموداً، يحمدهفيه الأولون والاخرون، حتى الأنبياء وأولوالعزم من الرسل لا يستطيعون الوصول إلى ما وصل إليه. فإذا كان يوم القيامة، وعظم الكرب والغم على الخلق، وضاقت عليهم الأمور طلب بعضهم من بعض أن يلتمسوامن يشفع لهم إلى الله عز وجل ..
تفسير ابن عثيمين
وجه الدلالة:خصوصية
_(وأَمّا المائة المذكورةُ فى نَصّ القرآن منأَقوالِه وأَفعالِه وأَحواله.. وأَصحابَه بقوله: {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ}، وأَنْصارَه بقوله: {وَالأَنْصَارِ}، وأَهلَ بَيْته بقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}، وأَهلَه وأَزْواجَه بقوله: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} وبَناتِه بقوله: {قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ} ومَسْجِدَهبقوله: {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} ومَقامَهُ بقوله: {مَقَاماً مَّحْمُوداً} وقِبْلَتَه بقوله: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}، وبَيْعَتَه بقوله: {إِذْيُبَايِعُونَكَ} واسْتِغَاثَتَه بقوله: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَرَبَّكُمْ}، واسْتِعانَتَه بقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}،واستقامَتَه بقوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ}ومَعادَه بقوله: {لَرَآدُّكَ إِلَى مَعَادٍ}، وبَلَدَه بقوله: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ} {وَهذا الْبَلَدِ الأَمِينِ}،وعطاءه بقوله: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}، وحُكْمَه بقوله: {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ}،وقضاءه بقوله: {إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ}،وجُنْده وَعَسْكَرَه بقوله
الفيروزأبادي بصائر 1/1715
وجه الدلالة: خصوصية
_(وقوله: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } أي:في الدار الآخرة يعطيه حتى يرضيه فيأمته، وفيما أعدَّه له من الكرامة، ومن جملته نهر الكوثر الذي حافتاه قباب اللؤلؤالمجوف، وطينه [من] (5) مسك أذفر كماسيأتي.
وقال الإمام أبو عمر الأوزاعي، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي، عن
علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال:عرض على رسول الله ما هو مفتوح علىأمته من بعده كنزا كنزا، فسر بذلك، فأنزلالله: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } فأعطاهفي الجنة ألف ألف قصر، في كل قصر ماينبغي له من الأزواج والخدم. رواه ابنجرير (1) من طريقه، وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس: ومثلُ هذا ما يقال إلا عن توقيف.
وقال السدي، عن ابن عباس: من رضاءمحمد صلى الله عليه وسلم ألا يدخل أحدمن أهل بيته النار. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم.
وقال الحسن: يعني بذلك الشفاعة. وهكذاقال أبو جعفر الباقر.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا معاويةُبن هشام، عن علي بن صالح، عن يزيد بنأبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا أهلُ بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } (2) .
ثم قال تعالى يعدد نعَمه عل عبده ورسوله محمد، صلوات الله وسلامه عليه: { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى } وذلك أن أباه تُوفّي وهو حَملٌ في بطن أمه، وقيل: بعد أن ولد،عليه السلام، ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين. ثم كان في كفالةجده عبد المطلب، إلى أن توفي وله من العمرثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب. ثم لم يزل يحوطه وينصره ويَرفع من قَدره وَيُوقّره،ويكفّ عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله علىرأس أربعين سنة من عمره، هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان، وكل ذلك بقدر الله وحُسن تدبيره، إلى أن تُوفي أبوطالب قبل الهجرة بقليل، فأقدم عليه سفهاءقريش وجُهالهم، فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج، كما أجرى الله سُنَّته على الوجه الأتم والأكمل. فلما وصل إليهم آوَوه ونَصَرُوه وحاطوه وقاتلوا بين يديه، رضي الله عنهم أجمعين، وكل هذا من حفظ الله له وكلاءته وعنايته به.
وقوله: { وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى } كقوله {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [ الشورى: 52 ]
ابن كثير8/426
وجه الدلالة:خصوصية
_(يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا) (سورة الزمر الآية 53) قلت : إنالنقول ذلك ، قال فكلنا أهل البيت نقول : إن أرجي آية في كتاب الله {ولسوف يعطيك ربك فترضى} وهي الشفاعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه أنه سئل عن قوله : {ولسوف يعطيك ربك فترضى} قال : هي الشفاعة....
الدر المنثور
وجه الدلالة:الأحاديث والآثار تدل على الخصوصية
_وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} قال : ذلك يوم القيامة هي الجنة.
(قَوْلُهُ : {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. يَقُولُتَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ يَا مُحَمَّدُ رَبُّكَ فِي الآخِرَةِ مِنْ فَوَاضِلِ نِعَمِهِ ، حَتَّى تَرْضَى.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الَّذِي وَعَدَهُ مِنَ الْعَطَاءِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ مَا فِي قَوْلِهِ : {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. قَالَ : أَلْفَ قَصْرٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ ، تُرَابُهُنَّ الْمِسْكُ ، وَفِيهِنَّ مَايُصْلِحُهُنَّ.
37861- حَدَّثَنَا بِشْرٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ ،قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. : وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا :
37862- حَدَّثَنِي بِهِ ، عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ :حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنِ ابْنِعَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. قَالَ : مَنْ رِضَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلاَّ يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ النَّارَ.
الطبري
وجه الدلالة:خصوصية في المخاطب والعطاء (أيا كان عطاء عامأ للنبي صلى الله عليه وسلم أوكان عطاء خاصأ على خلاف لكنه للنبي عليه الصلاة والسلام)
_(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ، قال الجمهور : ذلك في الآخرة. وقال ابن عباس :رضاه أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار.وقال أيضا : رضاه أنه وعده بألف قصر في الجنة بما تحتاج إليه من النعم والخدم.وقيل : في الدنيا بفتح مكة وغيره ، والأولى أن هذا موعد شامل لما أعطاه في الدنيا من الظفر ، ولما ادخر له من الثواب.واللام في وَلَلْآخِرَةُ لام ابتداء أكدت مضمون الجملة ، وكذا في وَلَسَوْفَ على إضمارمبتدأ ، أي ولأنت سوف يعطيك.)
البحر المحيط ، ج 10 ، ص : 497
وجه الدلالة:التوجيه الإعرابي يدل على الخصوصية
_(ولَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5)
فإن قلت : كيف اتصل قوله وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى بما قبله؟ قلت : لما كان في ضمن نفى التوديع والقلى : أنّ اللّه مواصلك بالوحي إليك «4» ، وأنك حبيب اللّه ولا ترى كرامة أعظم من ذلك ولا نعمة أجل منه :أخبره أن حاله في الآخرة أعظم من ذلك وأجل ، وهو السبق والتقدّم على جميع أنبياء اللّه ورسله ، وشهادة أمته على سائرالأمم ، ورفع درجات المؤمنين وإعلاء مراتبهم بشفاعته ، وغير ذلك من الكرامات السنيةوَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى موعد شامل لماأعطاه في الدنيا من الفلج والظفر «5»بأعدائه يوم بدر ويوم فتح مكة ، ودخول الناس في الدين أفواجا ،والغلبة على قريظة والنضير وإجلائهم ،وبث عساكره وسراياه في بلاد العرب ، ومافتح على خلفائه الراشدين في أقطار الأرضمن المدائن وهدم بأيديهم من ممالك الجبابرةوأنه بهم من كنوز الأكاسرة ، وما قذف في قلوب أهل الشرق والغرب من الرعب وتهيب الإسلام «1» ، وفشوّ الدعوة واستيلاءالمسلمين ، ولما ادّخر له من الثواب الذي لايعلم كنهه إلا اللّه. قال ابن عباس رضى اللّه عنهما : له في الجنة ألف قصر من لؤلؤأبيض ترابه المسك. فإن قلت : ما هذه اللامالداخلة على سوف؟ قلت : هي لام الابتداءالمؤكدة لمضمون الجملة ، والمبتدأ محذوف.تقديره : ولأنت سوف يعطيك ، كما ذكرنافي :
لا أقسم ، أن المعنى : لأنا أقسم ، وذلك أنها لا تخلو من أن تكون لام قسم أو ابتداء ،فلام القسم لا تدخل على المضارع إلا مع نون التأكيد ، فبقى أن تكون لام ابتداء ، ولام الابتداء لا تدخل إلا على الجملة من المبتدإ والخبر ، فلا بد من تقدير مبتدأ وخبر ، وأن يكون أصله :
ولأنت سوف يعطيك. فإن قلت : ما معنى الجمع بين حرفى التوكيد والتأخير؟ قلت :معناه أن العطاء كائن لا محالة وإن تأخر ،لما في التأخير من المصلحة.
الكشاف4/767
وجه الدلالة:التوجيه الإعرابي
_(فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلَسَوْفَ يَرْضَى [92 \ 21] ، وَذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ إِجْمَاعَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهَافِي أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَعْلَى مَنَازِل ِالْبُشْرَى ; لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ بِعَيْنِهِ ، قِيلَ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطْعًا فِي السُّورَةِ بَعْدَهَا ، سُورَةِ " الضُّحَى " :وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [93 \ 4 - 5] ، فَهُوَ وَعْدٌ مُشْتَرَكٌ لِلصِّدِّيقِ وَلِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -إِلَّا أَنَّهُ فِي حَقِّ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسْنِدَ الْعَطَاءُ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى بِصِفَةِالرُّبُوبِيَّةِ : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ ، كَمَا ذَكَرَفِيهِ الْعَطَاءَ ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ عَطَاءَاتٌ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ ، عَلَى مَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَقَدْ قَالُوا فِي مُنَاسَبَةِ هَذِهِ السُّورَةِ بِمَا قَبْلَهَا: إِنَّ الَّتِي قَبْلَهَا فِي الصِّدِّيقِ : وَسَيُجَنَّبُهَاالْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍعِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِالْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى [92 \ 17 - 21] ،وَهُنَا فِي الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَالْأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [93 \ 3 - 5] مَعَ الْفَارِقِ الْكَبِيرِ فِي الْعَطَاءِ وَالْخِطَابِ.
وَالْوَاقِعُ أَنَّ مُنَاسَبَاتِ السُّوَرِ الْقِصَارِ أَظْهَرُمِنْ مُنَاسَبَاتِ الْآيِ فِي السُّورَةِ الْوَاحِدَةِ ، كَمَابَيْنَ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ : «وَاللَّيْلِ» مَعَ«وَالضُّحَى» ، ثُمَّ مَا بَيْنَ : «وَالضُّحَى» وَ«أَلَمْ نَشْرَحْ» إِنَّهَا تَتِمَّةُ النِّعَمِ الَّتِي يُعَدِّدُهَااللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ . وَهَكَذَا عَلَى مَاسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُتَعَالَى .
أَعْلَمُ عِلْمًا ; بِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَعْتَبِرْ تِلْكَ الْمُنَاسَبَاتِ . وَلَكِنْ مَا كَانَتِ الْمُنَاسَبَةُ فِيهِ وَاضِحَةٌ ، فَلَا يَنْبَغِي إِغْفَالُهُ ، وَمَا كانت خَفِيَّةً لَا يَنْبَغِي التَّكَلُّفُ لَهُ
و قَوْلُهُ تَعَالَى : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ.
يُعْتَبَرُ هَذَا الْإِخْبَارُ مِنْ حَيْثُ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ فِي الْجَنَّةِ ، مِنْ بَابِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ اللَّيْلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى إِلَى قَوْلِهِ وَلَسَوْفَ يَرْضَى [92 \ 17 - 21] ،وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا فِي الصِّدِيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَجَاءَ فِي الَّتِي بَعْدَهَا سُورَةِ وَالضُّحَى قَوْلُهُ تَعَالَى : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [93 \ 5] ، أَيْ : لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
َقَدْ أَتَتْ آيَاتٌ تَدُلُّ عَلَى إِعْطَاءِ اللَّهِ لِرَسُولِهِ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ ، كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَالْعَظِيمَ [15 \ 87] .
وَفِي الْقَرِيبِ سُورَةُ الضُّحَى وَفِيهَا :وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [93 \ 5] ،أَعْقَبَهَا بِنِعَمٍ جَلِيلَةٍ مِنْ شَرْحِ الصُّدُورِ ،وَوَضْعِ الْوِزْرِ ، وَرَفْعِ الذِّكْرِ ، وَالْيُسْرِ بَعْدَالْعُسْرِ .
وَمِنْ آيَاتِ الرَّجَاءِ قَوْلُهُ تَعَالَى : قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْرَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا الْآيَةَ[39 \ 53] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ[42 \ 19] . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [93 \ 5] وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَرْضَى بِبَقَاءِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ فِي النَّارِ ، انْتَهَى كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ .
الشنقيطي
وجه الدلالة:لكل آية دلالة فلا تتعدى دلالة آية إلى أخرى فعطاء أبي بكر الصديق رضي الله عنه غير عطاء محمد صلى الله عليه وسلم غير عطاء غيرهم من المؤمنين وقوله رحمه الله (أَعْلَمُ عِلْمًا ; بِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَعْتَبِرْ تِلْكَ الْمُنَاسَبَاتِ . وَلَكِنْ مَا كَانَتِ الْمُنَاسَبَةُ فِيهِ وَاضِحَةٌ ، فَلَا يَنْبَغِي إِغْفَالُهُ ، وَمَا كانت خَفِيَّةً لَا يَنْبَغِي التَّكَلُّفُ لَهُ و قَوْلُهُ تَعَالَى : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ.يُعْتَبَرُ هَذَا الْإِخْبَارُ مِنْ حَيْثُ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ فِي الْجَنَّةِ ، مِنْ بَابِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ ) نص صريح فيما قصدته
_(أن الأدلة دلت على أن الخطاب الخاص به صلى الله عليه وسلم يشمل الأمة حكمه لالفظه الا بدليل على الخصوص كقوله : ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ))وقد علمنا من استقرار القرآن أن يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم بخطاب لفظه خاص والمقصود منه تعميم الحكم .
مذكرة أصول الفقه
وجه الدلالة: هنا ما يدل على الخصوصية من سبب النزول وغير ذلك وأيضا الحكم لو كان شاملا فهو يشمل حكما لا لفظه كما وجد في التدبر
_(الثاني اختلف في الخطاب الخاص به نحو يأيها النبي يأيها الرسول هل يشمل الأمة فقيل نعم لأن أمر القدوة أمر لأتباعه معه عرفا والأصح في الأصول المنع لاختصاص الصيغة به
الاتقان للسيوطي
_أَمَّا الْخِطَابُ الْخَاصُّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَحْوِ قَوْلِهِ : فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ، فَقَدْ دَلَّتِ النُّصُوصُ عَلَى شُمُولِ حُكْمِهِ لِلْأُمَّةِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ الْآيَةَ ، إِلَى غَيْرِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ مِنَ الْآيَاتِ ، وَقَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ مِنِ اسْتِقْرَاءِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ حَيْثُ يُعَبِّرُ فِيهِ دَائِمًا بِالصِّيغَةِ الْخَاصَّةِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ عُمُومُ حُكْمِ الْخِطَابِ لِلْأُمَّةِ ، كَقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِالطَّلَاقِ : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ [65 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ :إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ الْآيَةَ ، فَدَلَّ عَلَى دُخُول ِالْكُلِّ حُكْمًا تَحْتَ قَوْلِهِ : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ، وَقَالَ فِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ[66 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ : قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَأَيْمَانِكُمْ [66 \ 2] ;
الخطاب الخاص منه الخصوص ما هو !
ألا يفتح هذا بابا أن يقول وقد يكون قد قيل هذه الفضائل والخصائص هي لكل مدع لها !
لماذا يفتح التدبر بهذه الصورة !
لماذا لا يسعنا ما وسع السلف خلقا وضبطا وتأدبا وتعاملا مع كتاب الله !
مما ورد كذلك من بعض الدعاة أن يقول (القرآن إذا قرأه من لا يفهم ولا يتدبر لا يؤجر) ،بل قال بعضهم( القرآن كتاب هداية وضلالة )ويستشهد بآيات !
هل هذا هو المطلوب من التدبر!
وأخيرا أسأل الله التوفيق والسداد والبصيرة وإن أخطأت فيسعدني توجيهي وهو مطلبي من كلامي
هذا وشكر الله لكم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
الدعوة إلى تدبر القرآن الكريم أمر مهم، وخير عظيم، وهو أمرٌ أمر الله به في كتابه وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم في سنته ,وتحتاجه الأمة.
إلا أن فتح المجال بالقول في هذا بلا علم ليس صحيحاً بل لا بد من ضبطه
وتأمل ما لو تدبر من تدبر في آية منسوخة وجاء في تدبره ما وافق المنسوخ دون الناسخ ،أو تدبّر من تدبر فيما هو متشابه أو محكم أو مطلق أو مقيد أو عام أو خاص أو نحوه وجاء بنقيضه متدبرا ،فماذا تكون النتيجة هل هذا هو المطلوب من التدبر!
قد لا يُرى أن الموضوع ذو أهمية ولكن كثرة التغريدات و الكتابات والقصص فيما يخص هذه الآيات ونحوها ومن بعض الشخصيات العلمية لذا أحببت البحث والتعليق عليها وعرضها هنا لسؤالكم والإفادة منكم
وقبل أن أبدأ لعلي أحرر قضية وهي ليس مقصودي الأحكام في هذه الآيات فالأحكام وجوبها بوجوب الاتباع والاقتداء أو من خلال نص آخر أو من دلالة الآية كقوله تعالى (يا أيها النبي إذا طلقتم..)أو نحوه فالدخول في الحكم ليس هو محط حديثي
وإنما قصدت ما كان خاصا في فضائله عليه الصلاة والسلام
كسورة الضحى و الكوثر ونحوها
فكيف بالعبد منَّا أن يتخيل أنه خطاب موجه إليه بخصوصيته !؟
وهو مَنْ حتى يتصور ذلك!؟
وما رأيك لو لم يتحقق له ما تمناه من العطاء بعد أن رتب قائمة أمنياته!
وما رأيك في قول عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك حين قالت :وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئني ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرؤني بها
أي تواضع مع عظم البلاء وعظيم المنزلة ! زوج رسول الله وأحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم وبلاء في العرض وشهر يمضي !
هل كان يئسا أو قنوطا أو عدم تحقق أمنيات حتى لا تظن أن ينزل بشأنها قرآن يتلى !
كماأنه هناك آيات أخر تذكر عطاء الله للمؤمن متى خشي الله وتذكر نعيمه ، وتحض على الرجاء وعدم اليأس وتحض على الخوف والمحبة ،وليس ثم داع أن أُحمّل هذه الآية هذه المطالب بالتدبر
هذه ادعاءات لبعض من تصور هذه الآيات تصلح أن تكون موجهة إليه بخاصته
بعض التغريدات :
_يقول أحدهم كلما قرأتها استشعر أنها خطاب لي شخصيا..أتراه يخذلني؟ حاشاه!
_وآخر ما أروع (ولسوف يعطيك ربك فترضى)
هو لم يعدك ب العطاء فقط..؟ بل العطاء حتى الرضا
_وآخر أتعلم ما هي الثقة الكبرى !قول(ولسوف يعطيك ربك فترضى)أترى هو لن يعطيك فقط! هو أيضا وعدك بالرضا
عندما أقرا قوله ( ولسوف يعطيك ربك فترضى) أشعر براحة وأرتب قائمة أمنياتي
هذه بعض التغريدات وهناك قصص أخر
وأنا لا أنكر عطاء الله للعبد الصالح ولا أنكر كذلك مرتبة الرجاء ولكن ليس هذا خطاب خاص لي أو للآخر
هو خطاب خاص للنبي عليه الصلاة والسلام بعدة دلالات منها سبب نزول السورة وكذا نص الآية
كما أن المراد بالعطاء هنا مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم
وبالنسبة لعطاء الله للمؤمن الذي يخشى الله نزلت فيه آيات أخر وهو ليس كعطاء نبينا محمد عليه الصلاة والسلام
وهنا أذكر بعض الدلالات من كتب التفسير والعقيدة وأصول الفقه والله أعلم
_((باب ذكر ما خص الله عز وجل به النبيصلى الله عليه وسلم من المقام المحمود يوم القيامة قال محمد بن الحسين رحمه الله :اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الله عز وجل أعطى نبينا صلى الله عليه و... قد وعده الله عز وجل أنه سيعطيه في الآخرة من الكرامات حتى يرضى وهو قوله عز وجل : ( ولسوف يعطيك ربك فترضى )
الشريعة للآجري3/221
وجه الدلالة: فيه بيان الخصوصية
_(المسألة الثانية : أجمعت الأمة على أن لمحمد صلى اللّه عليه وسلم شفاعة في الآخرةوحمل على ذلك قوله تعالى : عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [الإسراء : 79]وقوله تعالى : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى[الضحى : 5])
الرازي 3/495
وجه الدلالة : بيان الخصوصية
_قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى:5] بتقدير مبتدأ محذوف، أي ولأنت سوف يعطيك ربك فترضى، فلا تكون اللام داخلة على المضارع، وكل ذلك تكلف لاملجئ إليه
التحرير 16/66
وجه الدلالة قوله :ولأنت خصوصية
_{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى:5]فذلك من الشرح المراد هنا. وجماع القول في ذلك أن تجليات هذا الشرح عديدة وأنها سر بين الله تعالى وبين رسوله صلى الله عليه وسلم المخاطب بهذه الآية.
التحرير 30/363
وجه الدلالة:المخاطب هو الرسول عليه الصلاة والسلام
_({ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى } روي « أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما نزلت إذاً لا أرضي أن يبقى واحد من أمتي في النار » قال بعضهم : هذه أرجى آية فيالقرآن ، وقال ابن عباس : رضاه أن الله وعده بألف قصر في الجنة بما يحتاج إليه من النعم والخدم وقيل : رضاه في الدنيابفتح مكة وغيره . والصحيح أنه وعد يعمُّ كل ما أعطاه الله في الآخرة ، وكل ما أعطاه في الدنيا من النصر والفتوح وكثرةالمسلمين وغير ذلك
التسهيل ابن جزي1/2622
وجه الدلالة:خصوصية والرجاء هنا لنا في شفاعته هو عليه الصلاة والسلام لنا ،وليس في استشعاري أنها موجهة لي بخصوصيتي
_وعليه {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } [الضحى : 5] والمعنى : ترضى ما تنال من الشفاعة , أو ترضى بما تنال من الثواب على ضم التاء
اللباب ابن عادل1/3618
وجه الدلالة:خصوصية بالشفاعة والثواب له
_{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ } في الآخرة من الثواب ومقام الشفاعة وغير ذلك { فترضى }ولما نزلت قال صلى الله عليه وسلم " إذا لاأرضى قط وواحد من أمتي في النار "واللام الداخلة على «سوف» لام الابتداءالمؤكدة لمضمون الجملة ، والمبتدأ محذوف تقديره : ولأنت سوف يعطيك
النسفي4/38
وجه الدلالة:خصوصية في الثواب والخطاب ولأنت(للنبي عليه الصلاة والسلام)
_((سورة الضحى)) نعم اللَّه تعالى على النبي محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم)
التفسير المنير 30/281
وجه الدلالة:نعم الله على النبي عليه الصلاة والسلام
_({ولسوف يعطيك ربك فترضى} {ولسوف}اللام هذه أيضاً للتوكيد وهي موطئةللقسم، و{سوف} تدل على تحقق الشيءلكن بعد مهلة وزمن {يعطيك ربك} أي يعطيكما يرضيك فترضى، ولقد أعطاه الله مايرضيه صلى الله عليه وسلّم، فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة مقاماً محموداً، يحمدهفيه الأولون والاخرون، حتى الأنبياء وأولوالعزم من الرسل لا يستطيعون الوصول إلى ما وصل إليه. فإذا كان يوم القيامة، وعظم الكرب والغم على الخلق، وضاقت عليهم الأمور طلب بعضهم من بعض أن يلتمسوامن يشفع لهم إلى الله عز وجل ..
تفسير ابن عثيمين
وجه الدلالة:خصوصية
_(وأَمّا المائة المذكورةُ فى نَصّ القرآن منأَقوالِه وأَفعالِه وأَحواله.. وأَصحابَه بقوله: {وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ}، وأَنْصارَه بقوله: {وَالأَنْصَارِ}، وأَهلَ بَيْته بقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}، وأَهلَه وأَزْواجَه بقوله: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} وبَناتِه بقوله: {قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ} ومَسْجِدَهبقوله: {لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} ومَقامَهُ بقوله: {مَقَاماً مَّحْمُوداً} وقِبْلَتَه بقوله: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}، وبَيْعَتَه بقوله: {إِذْيُبَايِعُونَكَ} واسْتِغَاثَتَه بقوله: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَرَبَّكُمْ}، واسْتِعانَتَه بقوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}،واستقامَتَه بقوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ}ومَعادَه بقوله: {لَرَآدُّكَ إِلَى مَعَادٍ}، وبَلَدَه بقوله: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ} {وَهذا الْبَلَدِ الأَمِينِ}،وعطاءه بقوله: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}، وحُكْمَه بقوله: {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ}،وقضاءه بقوله: {إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ}،وجُنْده وَعَسْكَرَه بقوله
الفيروزأبادي بصائر 1/1715
وجه الدلالة: خصوصية
_(وقوله: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } أي:في الدار الآخرة يعطيه حتى يرضيه فيأمته، وفيما أعدَّه له من الكرامة، ومن جملته نهر الكوثر الذي حافتاه قباب اللؤلؤالمجوف، وطينه [من] (5) مسك أذفر كماسيأتي.
وقال الإمام أبو عمر الأوزاعي، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي، عن
علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال:عرض على رسول الله ما هو مفتوح علىأمته من بعده كنزا كنزا، فسر بذلك، فأنزلالله: { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } فأعطاهفي الجنة ألف ألف قصر، في كل قصر ماينبغي له من الأزواج والخدم. رواه ابنجرير (1) من طريقه، وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس: ومثلُ هذا ما يقال إلا عن توقيف.
وقال السدي، عن ابن عباس: من رضاءمحمد صلى الله عليه وسلم ألا يدخل أحدمن أهل بيته النار. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم.
وقال الحسن: يعني بذلك الشفاعة. وهكذاقال أبو جعفر الباقر.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا معاويةُبن هشام، عن علي بن صالح، عن يزيد بنأبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنا أهلُ بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } (2) .
ثم قال تعالى يعدد نعَمه عل عبده ورسوله محمد، صلوات الله وسلامه عليه: { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى } وذلك أن أباه تُوفّي وهو حَملٌ في بطن أمه، وقيل: بعد أن ولد،عليه السلام، ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين. ثم كان في كفالةجده عبد المطلب، إلى أن توفي وله من العمرثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب. ثم لم يزل يحوطه وينصره ويَرفع من قَدره وَيُوقّره،ويكفّ عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه الله علىرأس أربعين سنة من عمره، هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان، وكل ذلك بقدر الله وحُسن تدبيره، إلى أن تُوفي أبوطالب قبل الهجرة بقليل، فأقدم عليه سفهاءقريش وجُهالهم، فاختار الله له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج، كما أجرى الله سُنَّته على الوجه الأتم والأكمل. فلما وصل إليهم آوَوه ونَصَرُوه وحاطوه وقاتلوا بين يديه، رضي الله عنهم أجمعين، وكل هذا من حفظ الله له وكلاءته وعنايته به.
وقوله: { وَوَجَدَكَ ضَالا فَهَدَى } كقوله {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [ الشورى: 52 ]
ابن كثير8/426
وجه الدلالة:خصوصية
_(يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا) (سورة الزمر الآية 53) قلت : إنالنقول ذلك ، قال فكلنا أهل البيت نقول : إن أرجي آية في كتاب الله {ولسوف يعطيك ربك فترضى} وهي الشفاعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه أنه سئل عن قوله : {ولسوف يعطيك ربك فترضى} قال : هي الشفاعة....
الدر المنثور
وجه الدلالة:الأحاديث والآثار تدل على الخصوصية
_وأخرج عَبد بن حُمَيد ، وَابن جَرِير ، وَابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} قال : ذلك يوم القيامة هي الجنة.
(قَوْلُهُ : {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. يَقُولُتَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ يَا مُحَمَّدُ رَبُّكَ فِي الآخِرَةِ مِنْ فَوَاضِلِ نِعَمِهِ ، حَتَّى تَرْضَى.
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الَّذِي وَعَدَهُ مِنَ الْعَطَاءِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ مَا فِي قَوْلِهِ : {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. قَالَ : أَلْفَ قَصْرٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ ، تُرَابُهُنَّ الْمِسْكُ ، وَفِيهِنَّ مَايُصْلِحُهُنَّ.
37861- حَدَّثَنَا بِشْرٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ ،قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. : وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَقَالَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ مَا :
37862- حَدَّثَنِي بِهِ ، عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ :حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْرٍ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنِ ابْنِعَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}. قَالَ : مَنْ رِضَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلاَّ يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ النَّارَ.
الطبري
وجه الدلالة:خصوصية في المخاطب والعطاء (أيا كان عطاء عامأ للنبي صلى الله عليه وسلم أوكان عطاء خاصأ على خلاف لكنه للنبي عليه الصلاة والسلام)
_(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ، قال الجمهور : ذلك في الآخرة. وقال ابن عباس :رضاه أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار.وقال أيضا : رضاه أنه وعده بألف قصر في الجنة بما تحتاج إليه من النعم والخدم.وقيل : في الدنيا بفتح مكة وغيره ، والأولى أن هذا موعد شامل لما أعطاه في الدنيا من الظفر ، ولما ادخر له من الثواب.واللام في وَلَلْآخِرَةُ لام ابتداء أكدت مضمون الجملة ، وكذا في وَلَسَوْفَ على إضمارمبتدأ ، أي ولأنت سوف يعطيك.)
البحر المحيط ، ج 10 ، ص : 497
وجه الدلالة:التوجيه الإعرابي يدل على الخصوصية
_(ولَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5)
فإن قلت : كيف اتصل قوله وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى بما قبله؟ قلت : لما كان في ضمن نفى التوديع والقلى : أنّ اللّه مواصلك بالوحي إليك «4» ، وأنك حبيب اللّه ولا ترى كرامة أعظم من ذلك ولا نعمة أجل منه :أخبره أن حاله في الآخرة أعظم من ذلك وأجل ، وهو السبق والتقدّم على جميع أنبياء اللّه ورسله ، وشهادة أمته على سائرالأمم ، ورفع درجات المؤمنين وإعلاء مراتبهم بشفاعته ، وغير ذلك من الكرامات السنيةوَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى موعد شامل لماأعطاه في الدنيا من الفلج والظفر «5»بأعدائه يوم بدر ويوم فتح مكة ، ودخول الناس في الدين أفواجا ،والغلبة على قريظة والنضير وإجلائهم ،وبث عساكره وسراياه في بلاد العرب ، ومافتح على خلفائه الراشدين في أقطار الأرضمن المدائن وهدم بأيديهم من ممالك الجبابرةوأنه بهم من كنوز الأكاسرة ، وما قذف في قلوب أهل الشرق والغرب من الرعب وتهيب الإسلام «1» ، وفشوّ الدعوة واستيلاءالمسلمين ، ولما ادّخر له من الثواب الذي لايعلم كنهه إلا اللّه. قال ابن عباس رضى اللّه عنهما : له في الجنة ألف قصر من لؤلؤأبيض ترابه المسك. فإن قلت : ما هذه اللامالداخلة على سوف؟ قلت : هي لام الابتداءالمؤكدة لمضمون الجملة ، والمبتدأ محذوف.تقديره : ولأنت سوف يعطيك ، كما ذكرنافي :
لا أقسم ، أن المعنى : لأنا أقسم ، وذلك أنها لا تخلو من أن تكون لام قسم أو ابتداء ،فلام القسم لا تدخل على المضارع إلا مع نون التأكيد ، فبقى أن تكون لام ابتداء ، ولام الابتداء لا تدخل إلا على الجملة من المبتدإ والخبر ، فلا بد من تقدير مبتدأ وخبر ، وأن يكون أصله :
ولأنت سوف يعطيك. فإن قلت : ما معنى الجمع بين حرفى التوكيد والتأخير؟ قلت :معناه أن العطاء كائن لا محالة وإن تأخر ،لما في التأخير من المصلحة.
الكشاف4/767
وجه الدلالة:التوجيه الإعرابي
_(فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلَسَوْفَ يَرْضَى [92 \ 21] ، وَذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ إِجْمَاعَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهَافِي أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَعْلَى مَنَازِل ِالْبُشْرَى ; لِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ بِعَيْنِهِ ، قِيلَ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطْعًا فِي السُّورَةِ بَعْدَهَا ، سُورَةِ " الضُّحَى " :وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [93 \ 4 - 5] ، فَهُوَ وَعْدٌ مُشْتَرَكٌ لِلصِّدِّيقِ وَلِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -إِلَّا أَنَّهُ فِي حَقِّ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسْنِدَ الْعَطَاءُ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى بِصِفَةِالرُّبُوبِيَّةِ : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ ، كَمَا ذَكَرَفِيهِ الْعَطَاءَ ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ عَطَاءَاتٌ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ ، عَلَى مَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَقَدْ قَالُوا فِي مُنَاسَبَةِ هَذِهِ السُّورَةِ بِمَا قَبْلَهَا: إِنَّ الَّتِي قَبْلَهَا فِي الصِّدِّيقِ : وَسَيُجَنَّبُهَاالْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍعِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِالْأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى [92 \ 17 - 21] ،وَهُنَا فِي الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَالْأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [93 \ 3 - 5] مَعَ الْفَارِقِ الْكَبِيرِ فِي الْعَطَاءِ وَالْخِطَابِ.
وَالْوَاقِعُ أَنَّ مُنَاسَبَاتِ السُّوَرِ الْقِصَارِ أَظْهَرُمِنْ مُنَاسَبَاتِ الْآيِ فِي السُّورَةِ الْوَاحِدَةِ ، كَمَابَيْنَ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ : «وَاللَّيْلِ» مَعَ«وَالضُّحَى» ، ثُمَّ مَا بَيْنَ : «وَالضُّحَى» وَ«أَلَمْ نَشْرَحْ» إِنَّهَا تَتِمَّةُ النِّعَمِ الَّتِي يُعَدِّدُهَااللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ . وَهَكَذَا عَلَى مَاسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُتَعَالَى .
أَعْلَمُ عِلْمًا ; بِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَعْتَبِرْ تِلْكَ الْمُنَاسَبَاتِ . وَلَكِنْ مَا كَانَتِ الْمُنَاسَبَةُ فِيهِ وَاضِحَةٌ ، فَلَا يَنْبَغِي إِغْفَالُهُ ، وَمَا كانت خَفِيَّةً لَا يَنْبَغِي التَّكَلُّفُ لَهُ
و قَوْلُهُ تَعَالَى : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ.
يُعْتَبَرُ هَذَا الْإِخْبَارُ مِنْ حَيْثُ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ فِي الْجَنَّةِ ، مِنْ بَابِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ اللَّيْلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى إِلَى قَوْلِهِ وَلَسَوْفَ يَرْضَى [92 \ 17 - 21] ،وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا فِي الصِّدِيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَجَاءَ فِي الَّتِي بَعْدَهَا سُورَةِ وَالضُّحَى قَوْلُهُ تَعَالَى : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [93 \ 5] ، أَيْ : لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
َقَدْ أَتَتْ آيَاتٌ تَدُلُّ عَلَى إِعْطَاءِ اللَّهِ لِرَسُولِهِ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ ، كَمَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَالْعَظِيمَ [15 \ 87] .
وَفِي الْقَرِيبِ سُورَةُ الضُّحَى وَفِيهَا :وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [93 \ 5] ،أَعْقَبَهَا بِنِعَمٍ جَلِيلَةٍ مِنْ شَرْحِ الصُّدُورِ ،وَوَضْعِ الْوِزْرِ ، وَرَفْعِ الذِّكْرِ ، وَالْيُسْرِ بَعْدَالْعُسْرِ .
وَمِنْ آيَاتِ الرَّجَاءِ قَوْلُهُ تَعَالَى : قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْرَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا الْآيَةَ[39 \ 53] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ[42 \ 19] . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [93 \ 5] وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَرْضَى بِبَقَاءِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ فِي النَّارِ ، انْتَهَى كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ .
الشنقيطي
وجه الدلالة:لكل آية دلالة فلا تتعدى دلالة آية إلى أخرى فعطاء أبي بكر الصديق رضي الله عنه غير عطاء محمد صلى الله عليه وسلم غير عطاء غيرهم من المؤمنين وقوله رحمه الله (أَعْلَمُ عِلْمًا ; بِأَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَعْتَبِرْ تِلْكَ الْمُنَاسَبَاتِ . وَلَكِنْ مَا كَانَتِ الْمُنَاسَبَةُ فِيهِ وَاضِحَةٌ ، فَلَا يَنْبَغِي إِغْفَالُهُ ، وَمَا كانت خَفِيَّةً لَا يَنْبَغِي التَّكَلُّفُ لَهُ و قَوْلُهُ تَعَالَى : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ.يُعْتَبَرُ هَذَا الْإِخْبَارُ مِنْ حَيْثُ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ فِي الْجَنَّةِ ، مِنْ بَابِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ ) نص صريح فيما قصدته
_(أن الأدلة دلت على أن الخطاب الخاص به صلى الله عليه وسلم يشمل الأمة حكمه لالفظه الا بدليل على الخصوص كقوله : ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ))وقد علمنا من استقرار القرآن أن يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم بخطاب لفظه خاص والمقصود منه تعميم الحكم .
مذكرة أصول الفقه
وجه الدلالة: هنا ما يدل على الخصوصية من سبب النزول وغير ذلك وأيضا الحكم لو كان شاملا فهو يشمل حكما لا لفظه كما وجد في التدبر
_(الثاني اختلف في الخطاب الخاص به نحو يأيها النبي يأيها الرسول هل يشمل الأمة فقيل نعم لأن أمر القدوة أمر لأتباعه معه عرفا والأصح في الأصول المنع لاختصاص الصيغة به
الاتقان للسيوطي
_أَمَّا الْخِطَابُ الْخَاصُّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَحْوِ قَوْلِهِ : فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ، فَقَدْ دَلَّتِ النُّصُوصُ عَلَى شُمُولِ حُكْمِهِ لِلْأُمَّةِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ الْآيَةَ ، إِلَى غَيْرِهَا مِمَّا تَقَدَّمَ مِنَ الْآيَاتِ ، وَقَدْ عَلِمْنَا ذَلِكَ مِنِ اسْتِقْرَاءِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ حَيْثُ يُعَبِّرُ فِيهِ دَائِمًا بِالصِّيغَةِ الْخَاصَّةِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ عُمُومُ حُكْمِ الْخِطَابِ لِلْأُمَّةِ ، كَقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِالطَّلَاقِ : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ [65 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ :إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ الْآيَةَ ، فَدَلَّ عَلَى دُخُول ِالْكُلِّ حُكْمًا تَحْتَ قَوْلِهِ : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ، وَقَالَ فِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ[66 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ : قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَأَيْمَانِكُمْ [66 \ 2] ;
الخطاب الخاص منه الخصوص ما هو !
ألا يفتح هذا بابا أن يقول وقد يكون قد قيل هذه الفضائل والخصائص هي لكل مدع لها !
لماذا يفتح التدبر بهذه الصورة !
لماذا لا يسعنا ما وسع السلف خلقا وضبطا وتأدبا وتعاملا مع كتاب الله !
مما ورد كذلك من بعض الدعاة أن يقول (القرآن إذا قرأه من لا يفهم ولا يتدبر لا يؤجر) ،بل قال بعضهم( القرآن كتاب هداية وضلالة )ويستشهد بآيات !
هل هذا هو المطلوب من التدبر!
وأخيرا أسأل الله التوفيق والسداد والبصيرة وإن أخطأت فيسعدني توجيهي وهو مطلبي من كلامي
هذا وشكر الله لكم