سألني تلميذي الماليزي النجيب: ما الفرق بين [ أفلا تعقلون ... وأفلا تتفكرون] في القرآن؟

د محمد الجبالي

Well-known member
إنضم
24/12/2014
المشاركات
400
مستوى التفاعل
48
النقاط
28
الإقامة
مصر
سألني تلميذي الماليزي النجيب:



ما الفرق بين [ أفلا تعقلون ... وأفلا تتفكرون] في القرآن؟
فأجبت بالآتي:
نبدأ أولا فنتعرف معنى [يعقل ، يفكر]
-عقل الشيء: أدركه ، وعقل المسألة: أي فهمها
والعقل مرتبط بالحواس، أي أن العقل يدرك عن طريق الحواس،

قال الله تعالى: "صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُون" فإن فقد إنسان حَوَاسَّه [السمع والنطق والبصر] فلن يعقل.

- وفَكَرَ في الأمرِ : أَعْمَلَ العقْلَ فيه ورتَّبَ بعضَ ما يعلم ليصَل به إلى مجهول
وفكّر في الأمر : تفكَّر فيه ، تَأَمَّلَه ، أَعْمَلَ الْعَقْلَ فيه ليصل إلى نتيجة أو حَلٍّ أو قرار.


- فإن العقل يعي بالحواس ويدرك المعارف ويخزن المعرفة
- أما الفكر فإنه يكون بإعمال العقل الذي تخزنت فيه المعارف، فيربط العقل بالتفكير والتأمل بين هذه المعارف والخبرات والأسباب حتى يصل إلى نتائج وابتكارات واختراعات.

مثال : المسألة الرياضية
حين تُعْرَضُ عليك مسألة رياضية وتقرأها وتعي المطلوب فيها فإنك قد عَقَلْتَها أي أدركتها
وحين تبدأ في حَلِّهَا فقد بدأت إعمال عقلك بالتفكير ، ووصولك إلى الحل يكون نتيجة التفكير.

- فالعقل إدراك ووعي ومعارف وخبرات مخزونة
- والتَّفَكُّر تَأَمُّل وتَدَبُّر وربط بين العلاقات والأسباب ثم استنتاج ووصول إلى فهم أعلى وأعظم من مجرد المعرفة.

والآن نأتي إلى السؤال:
ما الفرق بين [ أفلا تعقلون ... وأفلا تتفكرون] في القرآن؟


أولا: بيان عام للأسلوبين:


- أفلا تعقلون: أسلوب استفهام غرضه الإنكار والتوبيخ والتَّعْرِيض بـ [بغبائهم وحماقتهم] والمعنى المقصود: أي كأنكم لا عقل لكم يدرك ويعي ويتعرف آيات الله في الكون وآيات كتابه العزيز.

- أفلا تتفكرون: أسلوب استفهام غرضة الإنكار والتوبيخ والتعريض بـ [ بعجز عقولهم وقصورها عن التفكر] أي كأن عقولكم عاجزة قاصرة عن الوقوف على آيات قدرة الخالق والوصول إلى أن هناك إلها واحدا وربا واحدا لهذا الكون.
- فكأن [أفلا تعقلون ] نفي للعقول أي لا عقل لهم.
- وكأن [أفلا تتفكرون] تعريض بعجز عقولهم وقصورها، أي لهم عقول لكنها عاجزة عن التفكير والفهم.
ثانيا: بحث في مواضع [ أفلا تعقلون ... وأفلا تتفكرون] في القرآن:


أ- [ أفلا تعقلون ] عن طريق خاصية البحث في القرآن في المكتبة الشاملة وجدتُ أن [ أفلا تعقلون] وردت في القرآن الكريم 14 مرة إحدها بياء الغائبين [أفلا يعقلون]
وقد تأملت هذه الآيات فوجدت أن [أفلا تعقلون] جاءت خاتمة لآيات تدور حول عدة معان مختلفة في جملتها لكنها لا تحتاج إلى إعمال كثير للعقل لإدراكها ومنها ما يلي:
1- آيات بارزة واضحة تدرك بالحواس الظاهرة السمع والبصر ، ولم يعقلوها مثل: قول الله تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الصافات: 137، 138] ، وقوله تعالى، وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [المؤمنون:80]، وقوله تعالى: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 66، 67]
2- المبارزة بالحجة الواضحة على بطلان ما يعتقدون، ومثال ذلك: قول الله تعالى: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [يونس: 16]، ) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 43، 44] وقوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 65]، وقوله تعالى: { أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأعراف: 169].
3- تحقير الحياة الدنيا وتعلقهم بها رغم حقارتها، ومثال ذلك قول الله تعالى: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 32]، وقوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [القصص: 60]


ب- أما [ أفلا تتفكرون] بالبحث وجدت أن [أفلا تتفكرون] قد وردت في القرآن مرة واحدة وذلك في قول الله تعالى: { قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ} [الأنعام: 50]
ولو تأملنا الآية سنجد أن تأويلها ومعانيها يحتاج إلى إعمال العقل والتفكير والتأمل حتى يفهموا وبفقهوا حقائق ما يلي:

إن الله تعالى يخاطب النبي محمد ويأمره أن يقول للمشركين الذين يطلبون منه أن يكون ذا مال وكنوز وأن يأتي بملَك وغير ذلك من المطالب قل لهم يا محمد:
إني لا أزعم أن خزائن الله بيدي أتصرف فيها كيف أشاء، لا ، ولا أزعم أني أعلم الغيب ، فإن الغيب لا يعلمه إلا الله ، ولا أزعم أني ملَك ، إنما أنا بشر مثلكم ، أتبع ما يوحي به إليَّ ربي، فمن آمن فهو المؤمن البصير، ومن كذب وأعرض فهو الكافر وهو كالأعمى الذي لا يبصر.


هذا والله أعلم
أحوكم د. محمد الجبالي
 
أسمح لي يادكتور بهذه المداخله ومن بعد إذنك ...
أولا : في ظني أن هناك فرق من جهة :
التعقل اشمل وأعم من التفكير ، فقد يتفكر أحدنا في مسألة ولايعقلها ، فالتفكير هو أحد مدخلات العقل ، يحتاجه العقل نعم ولكنه معرض للرفض وعدم الاستقبال ، وعليه يمكن وصف العلاقة بينهما : بالعموم والخصوص ، فكل عقل فكر وليس كل فكرعقل ، أو بطريقة أخرى نقول : العقل هو المسند :(الحكم والحاكم ) والتفكير مسند إليه :(محكوم عليه ) .

افلا تتفكر : أصعب أنت مطالب هنا ، برفع القضيه وتفكيك للمسألة وإدخالها إلي العقل للحكم عليها (فهما ، ثبوتا ، سلبا ، ايجابا ، رفضا ، تفاعلا ، تصديقا ، تكذيبا ، إنتظارا لحكم البراءة أو الإدانة).
أفلا تعقل : أسهل ، الامر واضح حكم على هذه القضيه من قبل فلاتحتاج لكثير تفكير ، ففطرتك تخبرك بصحة الحكم ، فكيف تعاند وتكابر في أمر هو أوضح من الشمس وهكذا ..

ثانيا : يتفكرون وردت في القران أكثر من 14 مرة (تقريبا )


والله اعلم
 
أخي الكريم عمر أحمد
جزاكم الله خيرا على المداخلة الطيبة
واسمح لي أخي
إن العقل هو أداة ووسيلة التغكير ؛ لذلك ﻻ يصح أن نقول أن العقل أشمل وأعم من التفكير ﻷنهما ليسا كيانين

والعقل هو مخزن الخبرات والمعلومات والمعارف
وحفظ المعرفة والخبرات ليس كاستخدامها وتوظيفها للوصول لنتائج وابتكارات واختراعان
فالتغكير هو:
عبارة عن أن العقل يستخدم ما لديه من خبرات ومعلومات ومعارف وبربط بين العلاقات واﻷسباب ليصل إلى نتائج وابتكارات
والله أعلم
وجزاكم الله خيرا
 
وأما أن ( تتفكرون ) وردت 14 مرة
فإن ( تعقلون ويعقلون ويعقلها ) وردت 47 مرة
والسؤال كان عن :
الفرق بين ( أفلا تتفكرون ... وأفلا تعقلون)
وقد أجصيت الجميع، المفردة واﻻستفهام والإحصاء المذكور في الموضوع للاستفهام

بارك فيكم ونفع بكم
 
عودة
أعلى