محمد يزيد
Active member
بسم1
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.في هذه الصفحة سأبيِّنُ أخطاءَ للأخِ حسن الطنطاوي صاحب القناة في اليوتيوب التي ينشر فيها آراءَ اجتهاديَّةً متعلقة بمعانٍ لآيات قرآنيةٍ، بعضها في الإعجاز العلميِّ وأخرى فيها لطائف ونكت لاستكشاف أسرار نظم القرآن (رابط القناة).
الاجتهاد مطلوبٌ:
حين نتحدث عن الردِّ فإنما هو من قبيل النقد البناء والنصحِ، وليس للتثبيطِ ولكن مهلًا، فإنَّ:
الاجتهادَ حقٌّ من جهةِ استواء الناس أمام الله بتلقي الخطابِ منه سبحانهُ في كتابه وعلى لسان نبيه، وليس لأحدٍ أن يحتكرَ هذا الحقَّ، أو يحجرَ على آخر فيه إلا ببيِّنةٍ، والبيِّنةُ عدم استكمالِ شروط الاجتهادِ في الدين عمومًا حتى لا يتسمى عالمًا دون علمٍ كاف، وعدم استيفاء الاجتهاد حقَّه في المسألة الواحدة لمن لم يقتلها بحثًا، ولم يعذبها ويجلدها تمحيصا ومراجعةً، ورُبَّ طالبٍ للعلم والرشدِ والهدى تعسف وتعجل فضلَّ وأضلَّ معاذ الله.
والاجتهادُ واجبٌ من جهة التكليف بالتدبُّر والتعلُّم والتعليمِ، وقد يفتح الله لأفراد الأمة وعوامها في فهم بعض المسائل ما لم يتأتَّ لعلمائها.
وليس هذا محل كلام عن الاجتهاد وشروطه وأحكامه، ولكنه تنبيهٌ لي وللباحثين في درر القرآن العظيم أرجو به النفع والانتفاع.
لمَ الرَّدُّ على حسن:
لأنه من الحسنِ أن يُنصح الأخُ في أول طريقه قبل أن ينتهجَ منهجًا طويلًا مبنيا على أسس خاطئة.
ولعلَّ الدكتور عدنان إبراهيم من النماذج التي لو روجعتْ في مهدِ نجوميتها وبيِّنَ لهَا أنَّ الموسوعيةَ والإحاطةَ في العلمِ لا بدَّ لها من مكابحَ هي التروِّي والمدارسةُ والمتابعةُ فيما يُحسَبُ أنه فرضيَّاتٌ يغلبُ عليها في مخيلةِ الباحث الصدقُ والثبات والارتقاء إلى درجة العلمِ اليقينيِّ لا مجرد الهوى واتباع الظن.
وفي أعراضِ العلماء والصحابة ومعاني آيات كتاب الله يكون هذا أوجبَ لما فيه من خطورة الشططِ والظلم والضلال والإضلال على النفس والأمة.
لا تقلْ "أستغفرُ اللهَ":
هكذا عنونَ حسن الطنطاويُّ فيديو نشره منذ أيام بتاريخ 26 يوليو 2018 م، وسردَ فيهِ آيات يأمر الله فيها نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستغفار.
ومواضعُ الأمر بالاستغفار للنبيِ صلى الله عليه وسلم خاصَّةً في القرآن سبعٌ:
{ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ } (آل عمران 159).
{ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ } (النور 62)، { وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ } (الممتحنة 12).
{ وَاسْتَغْفِرِ اللهَ } في (النساء 106).
{ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } (غافر 55)، { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } (محمد 19).
{ وَاسْتَغْفِرْهُ } (النصر 3).
وفي القرآن آياتٌ أخرى فيها الأمر الذي يشمل النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأمتهُ أو يحكي عن أنبياءَ يعظون أقوامهم بالاستغفار.
وقد استشهدَ حسنٌ بانحصار نصِّ الاستغفار الوارد في القرآن على لسان الأنبياء عليهم السلام والصالحينَ في صيغة واحدة، وسأذكر ما أورده وزيادة:
موسى عليه السلام: { قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ } (سورة الأَعراف 151).
محمدٌ صلى الله عليه وسلم:{ وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ } (سورة المؤمنون 118).
سليمانُ عليه السلام: { قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ } (سورة ص 35).
نوحٌ عليه السلام: { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا } (سورة نوح 28).
الرِّبيّونَ عليهم السلام: { وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } (سورة آل عمران 147).
إبراهيمُ عليه السلام لنفسه ولوالديه والمؤمنين: { رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ } (سورة إِبراهيم 41).
ولأبيه: { وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ } (سورة الشعراء 86).
ولأبيه واستغفار أتباعه: { إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (سورة الممتحنة 4 - 5)
المهاجرونَ رضي الله عنهم: { رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } (سورة الحشر 10).
وكذا أمةُ النبيِّصلى الله عليه وسلم بعده: { وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } (سورة البقرة 286).
آدم وحواءُ عليهما السلام: { قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (سورة الأَعراف 23).
وهوَ حينَ يستدلُّ ببعضٍ من هذه الآياتِ على وجوب الاستغفار بعبارة "رَبِّ اغْفِرْ لِي" أو بالجمْع حصرًا دون سائر أساليب الاستغفارِ يتضحُ ضعفهُ في العلمِ ولكن للفائدة وخشية التلبيس على من لا علمَ له أوردتُ الشبهةَ ودحضها، وكان حريًّا به أن يبحث في صحيح السنة النبويَّة الشريفة ليجدها مليئةً بما يخالفُ زعمه.
في صحيح مسلم: عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ"، قَالَ الْوَلِيدُ فَقُلْتُ لِلْأَوْزَاعِيِّ كَيْفَ الْاسْتِغْفَارُ قَالَ تَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ".
ومَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ "أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِائَةَ مَرَّةٍ" وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ إِنَّا كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "فِي الْمَجْلِسِ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الْغَفُورُ" مِائَةَ مَرَّةٍ.
وروى الطبراني موقوفا: "لا يَقُولُ رَجُلٌ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، إِلاَّ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ".
وخرجه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" وقال: وبالجملة فالحديث من طريق ابن مسعود صحيح.
وعند أبي داود والترمذي من طريق بِلاَلَ بْنَ يَسَارِ بْنِ زَيْدٍ مَوْلَى النَّبِىِّصلى الله عليه وسلم قَال: سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُنِيهِ عَنْ جَدِّي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول:"مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ؛ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ الزَّحْفِ". وصححه الألباني.
هذا إن كانَ يؤمنُ بالسنة، فإن لم يكن فذلك شأنٌ آخر.
___
أردتُ أن أبدأَ بهذه الشبهة قبلَ أن آتي على الثانيةِ، لكون الثانية جميلةً تستهوي مثلي على الأقلِّ، وذلك بسبب ارتباطها بحلِّ معضلاتٍ علمية كثيرةٍ وددت لوْ صدقَ فيها، فلما بحثتُ وجدته مخطئا أيضا.أغرب من الخيال فى القرءان - دورة القمر والقرءان العجيب:
هذا عنوان فيديو آخر لحَسَن.
ولي مقدمةٌ قبل دحض ما قال.
آياتُ سورة المدثر أسالت حبرًا كثيرا، وإعجازها العدديُّ لم يعُدْ ليمارى فيه.
وقد كنتُ أنكر الإعجاز العدديَّ جملةً وتفصيلا، وكانَ لتأثيرِ انتماء رشاد خليفة الطائفي وضلاله وكفره وآراء أهل العلم فيه وتعميمهم تضليل كل بحوثه أثرٌ بادئَ الأمرِ لتبنِّيَّ معارضَةَ الإعجاز العدديّ، وكثيرٌ من هم على شاكلتي فيه.
ثم تظافرت الأدلَّة من بعدُ لي ولغيري استحالة كون الإعجاز العدديِّ وهمًا أو مصادفاتٍ بعيدةً عن تصنيفهَا ضمن الظواهر العلمية القوية، ويشْكر للكحيل وبسام جرار وعبد الله جلغوم وغيرهم جهودهم وبحوثهم الرائعة.
أما صاحبنا فإنه استنبط مضيفًا إلى ما حقق سابقا في آيات من سورة المدثر وخاصة الآية 31 وما تلاها أمرًا جديدًا زعمَ فيه أن عدد حروف كل من الآيتين 33 و 34 هما نِسبُ ساعات النهار إلى ساعات الليل (11 إلى 13) في يوم بدء الدورةِ الميتونية التي تدوم 19 سنة كاملة.
والآيات هي قوله سبحانه وتعالى:
{ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31) كَلَّا وَالْقَمَرِ (32) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ } (سورة المدثر 30 - 34).
وقالَ أن اليوم الوحيدَ الذي يكون فيه طول النهار 13 ساعة تمامًا هو 23 من أغسطس من كل عام، وهو يوافق دائما بداية شهر هجريٍّ في بداية الدورة الميتونيَّة.
كنتُ أرغَبُ في أن يكونَ مصيبًا لحاجتي إلى مرجع قرآني ضابطٍ لتوافقات التاريخ الهجري والميلادي لأنتفع به في مشروعٍ لي هو "أَيّامُ السّيرَةِ النَّبَوِيَّة الشَّريفَة".
لكن سرعان ما أدركتُ أنه أخطأَ، ذلكَ أنه بنى حسابه على الشروق والغروب في مدينة القاهرة! من يوميَّةٍ عنده (وهذا موقعٌ يفيد قرب صحة ادعائه بالقاهرة ويهدمه فيما سوى القاهرة من أماكن: الموقع)، وإن كان يشكر له جهده للتوثيق حينَ بنى حسابه أيضًا على بحثه في مكتبة القاهرةِ ومنها استخدم التواريخ الهجرية والميلادية لجريدة الأهرام منذ أكثر من مئة عامٍ.
وهو بهذا ملزمٌ ببرهان قرآنيٍّ آخر لاختياره القاهرة دون سواها، أو لنقل مصر!.
وددتُ لو صلحتْ:
لأنَّ بها اكتمال الإحصاءاتِ الرَّائعة التي استنبط منها:
- عدد شهور السنة هو 12 شهرًا بعدد حروف الآية 30: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (المدثر 30).
- عدد سنوات الدورة الميتونية هو 19 سنةً: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (المدثر 30)، والدورة الميتونية هي زمن معاودة رجوع القمر والأرض والشمس إلى نفس الإحداثيات في القبة السماوية.
- زمن الشهر القمري بالتقريب 30 يومًا وهو رقم الآية: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (المدثر 30).
- عدد الدورات المدارية للقمر خلال الدورة الميتونية 254 وهو مجموع حروف الآيتين 31 و32.
- زمن الشهر القمري النجمي 27.3 يومًا، وهو ناتج قسمة عدد حروف الآية 31 على عدد حروف الآية 32 وهو 9 (245.9/9=27.3) وللإشارة فإنَّ الإعجازيينَ عمدوا إلى الألف الخنجريَّة فأحصوها في الأجزاء العشرية، وعدد الألفات الخنجرية في الآية 31 هو 9.
- زمن الشهر القمريّ الوسطيّ 29.5 يوْمًا، وهو ناتج قسمة مجموع عدد حروف الآيات الثلاث (30 و31 و32) على عدد حروف الآية 32 {كَلَّا وَالْقَمَرِ}.
- عدد ساعات اليوم والليلة 24 ساعةً مجموع عدد حروف الآيتين 33 و34.
اجتهادٌ وإضافةٌ مني في الإعجاز العدديِّ:
لربما صلُحَ اجتهادي في اعتماد المدودِ وتسهيلات الهمزة والسكتِ في القراءات في أجزاء الساعةِ أيضًا {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} (سورة المدثر 33 - 34)، ولطالمَا أحسسْتُ بسرٍّ في اختلاف القراءة في هاتين الآيتين يقِيمُ توازُنًا أثناء التغنِّي بهما لمْ أقْوَ على تفسيره.
فأما التسهيل فإنَّ ما نقص به في الآية الأولى في عدة الحروف وبالتالي عدد ساعات الليل، زيدَ في عدَّة حروف الآية الثانية وبالتالي ساعات النهار بسبب إشباع المد المنفصل عند من يسهل.
وعليه يكون طولا الليل والنهار مطاطيَّيْنِ خلال السنة، وهو أحد معاني قوله سبحانه: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} (الحج-61 ولقمان-29 وفاطر-13 والحديد-6) وكذلك عدد الساعات المحسوب من عدد الحروف في الآية 34 وفق هذا الميزان الجديد.
لأنَّنا إذا قسمنا مراتبَ المحققين الذين جعلوا المدَّ المنفصل خمس مراتب هي: القصر المحض، وفويق القصر، والتوسط، وفويق التوسط، والطول.
أو اعتمدنا تقسيم ابن الجزري الذي جعلها سبع مراتبَ.
ثمَّ جعلنا تلك المراتبَ مراتب عشريةً أجزاء من الحرف الواحد وبطولها قدْ تتعدى الحرف.
علمنا أنَّ:
طول الآية القرآنية بطول المدّ، وطول الآية الكونيةِ التي توافقها وهي النهار بزيادةِ العدِّ.
وأنَّ لله في آياته عجبًا.
والآيتان تقرآن بوجوه:
- {وَالَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} والبعض يقرأ (ٍإِذَ اَدْبَرَ): نافع وحمزة وحفص ويعقوب.
- {وَالَّيْلِ إِذَا دَبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا~ أَسْفَرَ}: قال الألوسي في روح المعاني: وقرأ ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وعطاء وابن يعمر وأبو جعفر وشيبة وأبو الزناد وقتادة وعمر بن عبد العزيز والحسن وطلحة والنحويان والابنان وأبوبكر {إِذَا} ظرف زمان مستقبل، "{دَبَرَ} بفتح الدال، وهو بمعنى أدبر المزيد، كقبل وأقبل، من دبر الليل النهار إذا خلفه، والتعبير بالماضي مع إذا التي للمستقبل للتحقيق، ويجوز أن يقال إنها تقلبه مستقبلا.
- وقالَ الطبريُّ وقراءة العامة {أَسْفَرَ}بالألف، وقرأ ابن السميقع: {سَفَرَ}، وهما لغتان. يقال: سفر وجه فلان وأسفر: إذا أضاء.
- وقال القرطبيُّ: وقرأ محمد بن السميقع {وَالَّيْلِ إِذَا أَدْبَرَ} بألفين، وكذلك في مصحف عبد الله وأبي بألفين.... واختار أبو عبيدٍ: {إِذَا أَدْبَرَ} قال: لأنها أكثر موافقة للحروف التي تليه، ألا تراه يقول: {وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} ، فكيف يكون أحدهما إذْ والآخر إذَا وليس في القرآن قَسم تعقبه إذْ وإنَّما يتعقبه إذَا. انتهى كلامه.
قلتُ: لكنَّ ذلك على كل حالٍ لا يُعينُ في تحديدِ يومٍ لبدء حساب الدورة الميتونية.
والله أعلى وأعلم.