روضة ياسين بالصين نموذج جيد للروضات القرآنية

إنضم
18/07/2010
المشاركات
537
مستوى التفاعل
2
النقاط
18
الإقامة
المدينة المنورة
أُرسل إليّ اليوم مقطع يوتيوب عبر الواتس عن روضة قرآنية في الصين, وقد لفت انتباهي جمال هذه الروضة, وروعة صور الأطفال وهم يتلون القرآن ببراءةِ سنهم, وبتعتعةِ أعجميتهم, كما أعجبني التنظيم والترتيب فيها بشكل عام, فبحثت عن معلومات مكتوبة أو تقرير مفصل في الانترنت للاستزادة عن تفاصيل هذه الروضة فلم أجد إلا معلومات بسيطة جدا متناثرة هنا وهناك, وكان أفضلها هذا المقطع الذي شاهدته, ولعلمي بحاجة الكثيرين للاطلاع على نماذج مميزة من الروضات القرآنية = فقد نشطتُ لتدوين المعلومات التي وجدتُها أثناء بحثي, وكذلك المعلومات التي عُرضت في المقطع على لسان مقدم برنامج مسافر مع القرآن, وأيضا مؤسس الروضة الذي بدا متحمسا جدا وهو يروي عن إنجازهم العظيم في تعليم النشء القرآن الكريم في وقت تشير فيه الإحصائيات إلى أن 95% من المسلمين في الصين لا يستطيعوا قراءة القرآن.​


روضة ياسين​

تقع روضة ياسين القرآنية في مدينة لينشا بوسط الصين، وهي أول روضة قرآنية تفتح في الصين التي تشكو من عدم وجود حلقات لتعليم القرآن الكريم للصغار, بل إن الحكومة الصينية كانت تحارب بكل الوسائل من يقوم بتعليم القرآن الكريم, مما يضطر الكثير من المدارس الاكتفاء بالإعلان عن كونها تعلِّم العربية فقط, بينما داخل فصولها يُعلم القرآن خفية.
أنشأت روضة ياسين عام 2007م وقد افتتحها فضيلة الدكتور عبد الله بصفر الأمين العام للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم, وبعد أعوام من النجاح عاد إليها عام 2012م ليفتتح التوسعة الجديدة للروضة، وكذلك سكن المشرفات والمرحلة الابتدائية المكملة للروضة.
وتعد روضة ياسين روضة داخلية, يدرس فيها الطفل خمسة أشهر وعشرة أيام في كل عام, وتبدأ من عمر ثلاث سنوات, ويسمح لأولياء أمور الطلبة زيارتهم مرة واحدة في الشهر فقط, ولمدة نصف يوم, ويعيش الأطفال فيها مع مربيات ومشرفات يقمن مقام الأم, ويعتبر نظام المدرسة ـ كما يقول مؤسسها الشيخ أبو بكر ـ نظاما عالميا في التربية الأهلية, ويكون فيه سكن الأطفال بالطابق الأرضي مع الملاعب وغرف الطعام, ثم يلي ذلك الفصول في الطابق الثاني.
وتتميز الروضة بأناقتها ونظافتها, وبألوان طلائها الزاهي, ويتميز سكن الأطفال بالترتيب الشديد, وكذلك العناية بالأدوات الخاصة لكل طفل تنظيما وتعقيما, وفي غرف الأطفال كاميرات للمراقبة وشاشات للمشاهدة, ومكبرات للصوت, وتمر تحت غرف الأطفال مدافئ لتخفيف برودة جو الشتاء خاصة وأن المنطقة التي تقع في الروضة تصل درجة برودتها لعشرين تحت الصفر شتاء.
يذكر أن إدارة الروضة تجرى اختبارات للقبول قبل التحاق الطفل بها لقياس مستوى الذكاء والمقدرة على الحفظ لديه, واللافت للنظر أنها لا تقبل طفلا أكبر من ثلاثة أعوام, وذلك حتى يسهل تشكيله وتعليمه وفق النظام المتبع في هذه الروضة, كما أن من الشروط الغريبة في قبول الطفل أن تكون والدته تستطيع تلاوة القرآن, وذلك حتى لا يضيع جهد الروضة بعد تخرج الطفل فتكمل الأم مشوار الحفظ والمراجعة معه, وأعتقد أن هذه خطوة مبتكرة تستحق الإشادة والاستنساخ.
وفي روضة ياسين ثلاث مراحل, المرحلة الابتدائية, فالمتوسطة, فالمتقدمة, وفي الابتدائية يتعلم الأطفال الحروف العربية والقاعدة النورانية ثم يتعلمون قراءة القرآن, ويحفظون ثمانية عشر سورة بالترجمة المفسرة, بالإضافة إلى تعليمهم عددا من العلوم الأخرى, وفي المرحلة المتوسطة يتعلم الطفل التجويد ويحفظ سورة يس والملك والرحمن والمرسلات, مع المراجعة يوميا, وفي المرحلة المتقدمة يحفظ الطفل فيها الثلاث أجزاء الأخيرة من القرآن, ثم يتبعها بحفظ ربع يس كاملا (من الجزء الثاني والعشرين لنهاية جزء عم) مع مراجعة جزء يوميا.
وأعتقد أن ترتيب الحفظ هذا غير مألوف لدينا, لكنه على ما يبدو جاء وفق تتبعٍ لسور القرآن التي ورد فيها فضل, وكذلك .جاء مراعي لامكانيات الطفل العمرية والاستيعابية.
ولقد أعجبني نظام الروضة الذي تفرضه على طلابها لأنها تجعل منهم نماذج رائعة غاية في الدقة والنظام والرقي, وتعلمهم احترام الملكيات الخاصة, واحترام الآخر, والتعاون لإنجاز الأعمال المختلفة, والمشاركة في اتخاذ القرارات, واحترام الوقت وإدراك أهميته, ربما فقط لا يعجبني أنها داخلية, وأظن أن هذه النقطة بالذات صعبة على أغلب الآباء, ومع ذلك لا مانع من جعل الدوام اثنا عشر ساعة وبعدها يعود الطفل لأسرته حتى وإن كان سيعود منهكا يبحث عن النوم فقط, لكن على الأقل سيشعر بأن له أسرة تنتظره ولا يمكن أن ينفصل عنها, وأكاد أجزم أن من سلبيات مثل هذه الروضة الداخلية من وجهة نظري أنها تورث الطفل ووالديه قسوة يصعب إذابتها فيما بعد, وسيشعر الطفل أنه ضيف نزيل على أسرته وليس عضوا مهما من أعضائها.
 
عودة
أعلى