الدكتور امجد الجنابي
New member
باريت واليوم الآخر:
ان الركن السادس من اركان الايمان هو الايمان باليوم الآخر وبما يتضمنه من أحداث كثيرة ومنها يوم القيامة والحساب والجنة والنار وغيرها ، ولكننا نجد باريت ينفي حقيقة وقوع يوم الدين قائلا :
" فالصور التي تعرضها الآيات القرآنية عن يوم الدين ليس المقصود بها أن تصف ما سوف يحدث حقيقة أو تصف مستقبل الكون عند نهاياته ، بل ان الآيات وردت بهذه الصيغ من أجل ارعاب السامع وترهيبه ، وبعث الفزع في نفسه ، وجعله يشعر بالهول الذي سيأتي به يوم الدين ، يوم الفزع الأكبر ، والذي سينال من الوجود كله" .[1]
لا ندري لم يفترض باريت أنها صور غير حقيقية لما سيحدث ؟ لكن أقرب تحليل لدوافع فرضيته هذه أنه ينكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فيحاول من خلال هذا النص نسف ركنين من اركان الايمان وهما الرسول واليوم الآخر ، ويكرر القول في موضع آخر متحدثا عن الجنة والنار :
" أما الجنة والنار واللتان يعرض لهما القرآن في السور المتأخرة ألوانا مادية زاهية ورائعة للنعمة والتكرمة من جهة ، والعذاب من جهة ثانية ؛ فان معالمهما ليست واضحة في الآيات الأولى رغم الحديث عنهما كل الوقت" وبعدها بأسطر قليلة يكشف عن نواياه ومقاصده قائلا :
" كل ذلك كان غريبا على عقائد العرب وما تعودوا على التأمل فيه ، بيد أن هذه التصورات كانت معروفة في المسيحية الشرقية على تخوم الجزيرة ، ولا بد أن النبي قد تعرف عليها عبر بعض الوسطاء"[2]
من حقنا أن نتسائل عما يقصده باريت هنا بأنها تصورات معروفة في المسيحية الشرقية؟ ونريد تحديدا دقيقا لهذه التصورات فالآيات التي تتحدث عن صور اليوم الآخر تعد بالمئات فلا مناص من تحديد أي الصور يقصدها باريت ؟ ثم السؤال الآخر عن هؤلاء الوسطاء من هم؟ وكيف التقاهم الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ وكم مكث عندهم ؟ وما هي الصور التي نقلها عن كل منهم؟ وبعد الاجابة عن هذه الاسئلة يمكن النظر فيما ادعاه باريت أما بهذه الطريقة الفضفاضة المشككة من غير دليل فلا يمكن مناقشة هذا الادعاء ولا بأي شكل من الأشكال.
أما الادعاء بأن الجنة والنار كان وصفهما غير واضح في بدايات التنزيل فهو أمر غريب ، وبالعودة الى القرآن المكي سنجد عشرات الآيات تتحدث عن تفاصيل دقيقة تعبر عن مشاهد ستقع ومن أمثلتها ما جاء في سورة الهمزة والتي قال عنها الشيخ سعيد حوى رحمه الله تعالى : " فصلت السورة في العذاب العظيم الذي يستأهله الكافرون اذ بدأت بقوله (ويل) ثم ذكرت ( لينبذن في الحطمة . وما أدراك ما الحطمة . نار الله الموقدة . التي تطلع على الأفئدة . انها عليهم مؤصدة .في عمد ممددة ) وذلك كله تفصيل للعذاب العظيم المعد للكافرين .." [3]، ففي هذه الآيات تفصيل للنار فهي تحطم ما يلى فيها وهي مشتعلة موقدة لا تنطفيء ، وهي تحرق كل جسد حتى تصل الى الفؤاد في جوفه ، ثم هي مغلقة الأبواب وفيها اعمدة ممددة على الابواب لاحكام اغلاقها ، فهذه صورة مفصلة لوصف النار وهي من اول ما نزل من القرآن المكي.
يبدو أن الغشاوة التي نزلت على عيون باريت فلم ير بوضوح صورا تفصيلية لليوم الآخر يبدو أنها جاءته من بيئته المسيحية أو اطلاعه على التورانجيل (العهدين القديم والجديد) ، فمن يطلع على كتب اليهود والنصارى بخصوص اليوم الآخر يخرج بنتيجة مفادها أن هؤلاء القوم ليس عندهم تصور واضح وثابت عن هذا اليوم وما سيحدث فيه
ملاحظة: هذه المشاركة جزء من بحث لي منشور في مجلة الجامعة العراقية ببغداد عام 2013م
[1] محمد والقرآن : 116
[2] محمد والقرآن : 117
[3] الاساس في التفسير : 11/6677.
ان الركن السادس من اركان الايمان هو الايمان باليوم الآخر وبما يتضمنه من أحداث كثيرة ومنها يوم القيامة والحساب والجنة والنار وغيرها ، ولكننا نجد باريت ينفي حقيقة وقوع يوم الدين قائلا :
" فالصور التي تعرضها الآيات القرآنية عن يوم الدين ليس المقصود بها أن تصف ما سوف يحدث حقيقة أو تصف مستقبل الكون عند نهاياته ، بل ان الآيات وردت بهذه الصيغ من أجل ارعاب السامع وترهيبه ، وبعث الفزع في نفسه ، وجعله يشعر بالهول الذي سيأتي به يوم الدين ، يوم الفزع الأكبر ، والذي سينال من الوجود كله" .[1]
لا ندري لم يفترض باريت أنها صور غير حقيقية لما سيحدث ؟ لكن أقرب تحليل لدوافع فرضيته هذه أنه ينكر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم فيحاول من خلال هذا النص نسف ركنين من اركان الايمان وهما الرسول واليوم الآخر ، ويكرر القول في موضع آخر متحدثا عن الجنة والنار :
" أما الجنة والنار واللتان يعرض لهما القرآن في السور المتأخرة ألوانا مادية زاهية ورائعة للنعمة والتكرمة من جهة ، والعذاب من جهة ثانية ؛ فان معالمهما ليست واضحة في الآيات الأولى رغم الحديث عنهما كل الوقت" وبعدها بأسطر قليلة يكشف عن نواياه ومقاصده قائلا :
" كل ذلك كان غريبا على عقائد العرب وما تعودوا على التأمل فيه ، بيد أن هذه التصورات كانت معروفة في المسيحية الشرقية على تخوم الجزيرة ، ولا بد أن النبي قد تعرف عليها عبر بعض الوسطاء"[2]
من حقنا أن نتسائل عما يقصده باريت هنا بأنها تصورات معروفة في المسيحية الشرقية؟ ونريد تحديدا دقيقا لهذه التصورات فالآيات التي تتحدث عن صور اليوم الآخر تعد بالمئات فلا مناص من تحديد أي الصور يقصدها باريت ؟ ثم السؤال الآخر عن هؤلاء الوسطاء من هم؟ وكيف التقاهم الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ وكم مكث عندهم ؟ وما هي الصور التي نقلها عن كل منهم؟ وبعد الاجابة عن هذه الاسئلة يمكن النظر فيما ادعاه باريت أما بهذه الطريقة الفضفاضة المشككة من غير دليل فلا يمكن مناقشة هذا الادعاء ولا بأي شكل من الأشكال.
أما الادعاء بأن الجنة والنار كان وصفهما غير واضح في بدايات التنزيل فهو أمر غريب ، وبالعودة الى القرآن المكي سنجد عشرات الآيات تتحدث عن تفاصيل دقيقة تعبر عن مشاهد ستقع ومن أمثلتها ما جاء في سورة الهمزة والتي قال عنها الشيخ سعيد حوى رحمه الله تعالى : " فصلت السورة في العذاب العظيم الذي يستأهله الكافرون اذ بدأت بقوله (ويل) ثم ذكرت ( لينبذن في الحطمة . وما أدراك ما الحطمة . نار الله الموقدة . التي تطلع على الأفئدة . انها عليهم مؤصدة .في عمد ممددة ) وذلك كله تفصيل للعذاب العظيم المعد للكافرين .." [3]، ففي هذه الآيات تفصيل للنار فهي تحطم ما يلى فيها وهي مشتعلة موقدة لا تنطفيء ، وهي تحرق كل جسد حتى تصل الى الفؤاد في جوفه ، ثم هي مغلقة الأبواب وفيها اعمدة ممددة على الابواب لاحكام اغلاقها ، فهذه صورة مفصلة لوصف النار وهي من اول ما نزل من القرآن المكي.
يبدو أن الغشاوة التي نزلت على عيون باريت فلم ير بوضوح صورا تفصيلية لليوم الآخر يبدو أنها جاءته من بيئته المسيحية أو اطلاعه على التورانجيل (العهدين القديم والجديد) ، فمن يطلع على كتب اليهود والنصارى بخصوص اليوم الآخر يخرج بنتيجة مفادها أن هؤلاء القوم ليس عندهم تصور واضح وثابت عن هذا اليوم وما سيحدث فيه
ملاحظة: هذه المشاركة جزء من بحث لي منشور في مجلة الجامعة العراقية ببغداد عام 2013م
[1] محمد والقرآن : 116
[2] محمد والقرآن : 117
[3] الاساس في التفسير : 11/6677.