محمد محمود إبراهيم عطية
Member
الإرادة هي نزوع النفس وميلها إلى فعل شيء ما ، وهي نقيض الكراهة إذ الكراهة تقبض النفس عن فعل الشيء ؛ والإرادة مبدأ الفعل ، والفعل مسبوق بالقدرة ، فمثلا مبدأ إرادة الدعاء القلب ثم يفيض بتلك الإرادة على اللسان فينطق به .
وقد يصيب الإنسانَ كسلٌ عن الفعل أو عجزٌ عنه ؛ وأصل الكسل ترك العمل لعدم الإرادة ، فإن كان لعدم القدرة فهو العجز .. ولذلك يوصف البعض بأنه قوي الإرادة ، ويوصف آخر بأنه ضعيف الإرادة ؛ والإرادة الجازمة مع القدرة تستلزم وجود المراد ووجود المقدور عليه منه ؛ فالعبد إذا كان مريدًا للصلاة إرادة جازمة مع قدرته عليها صلى ، فإذا لم يصلِّ مع القدرة دل ذلك على ضعف الإرادة .
ولا يمكن خلوُ إنسان عن الإرادة مطلقًا ، بل لابد له من إرادة ، فإن لم يرد ما يحبه الله ورسوله أراد ما لا يحبه الله ورسوله ، والأول إرادة محمودة ، والثاني هو الإرادة المذمومة .
لكن يبقى على المسلم أن يجاهد نفسه على ترك ما تهواه ، وأن يروضها على إرادة محاب الله ، وفي رمضان فرصة عظيمة لهذه المجاهدة لتقوية الإرادة المحمودة .
فرمضان فرصة عظيمة لمراجعة كثير من سلوكياتنا وأعمالنا وتغيير ما يحتاج إلى التغيير منها ، وتصحيح ما يحتاج إلى التصحيح ، ففي حياتنا كثير من الأشياء التي تحتاج إلى تغيير وتصحيح ؛ وعملية التغيير والتصحيح في النفس والعمل تحتاج إلى إرادة محمودة قوية ، أو قل : تحتاج إلى تقوية الإرادة المحمودة في الإنسان .. إذ كلا العملين الخطأ والصواب إنما يقع بإرادة ، فهي أول الفعل ؛ فأما الصواب فيقع بإرادة محمودة ، وأما الخطأ فيقع بإرادة مذمومة ..
ولنقف على أثر الصيام في تقوية الإرادة المحمودة ننظر في عملية الصوم ، إن الصائم كان قبلَ رمضان قد اعتاد على أكلات معينة في أوقات معينة مثلا ، فإذا هو يمسك طواعية عن هذه الأكلات مغيِّرًا عادته .. طاعة لله تعالى .. إنها إرادة محمودة ، ومع العلم بأن دواعي النفس لشهوتي البطن والفرج ملحة ، لكنه يدفعها ويصبر عليها حتى نهاية وقت الصيام ... إنها بلا شك إرادة فيها قوة ، فإذا ما تكرر هذا العملُ معه شهرًا كاملا قويت الإرادة على تغيير ما يريد تغييرَه في حياته .. فالأمر لا يختلف كثيرًا في أي تغيير ، فالتغيير ببساطة هو ترك فعلٍ أو سلوكٍ ما إلى آخر والصبرُ على ذلك .
ولينضبط الأمر لابد أن نعرف أن الإرادة المحمودة لا بد فيها من تعيين المراد بالفعل .. وهو الله تعالى ؛ وكذلك تعيين الطريق إليه .. وهو ما جاء به الرسول ، فلابد أن يعبد الإنسان الله وأن تكون عبادتُه إياه بما شرع على لسان رسوله ؛ إذ لا بد من تصديق الرسول فيما أخبر علمًا ، ولابد من طاعته فيما أمر عملا ، ولهذا كان الإيمانُ قولاً وعملا مع موافقة السنة ؛ فعِلْمُ الحقِ ما وافقَ علمَ الله ، والإرادة الصالحة ما وافقت محبةَ الله ورضاه وهو حكمه الشرعي ؛ وعكس ذلك إنما هو من الإرادة المذمومة .
فهنا نرى الصائمَ مثلا إذا أراد الصومَ يهيئ نفسه : إنه يصوم لله تعالى .. فقد عين المراد بفعله ؛ ثم ينظر كيف يصوم ؟ فإذا رسول الله قد علمه ذلك قولا وفعلا ؛ فيقوم بأداء الصوم وفق هذه الإرادة المحمودة .. وهكذا في الصلاة .. وهكذا في الأخلاق .. وهكذا في المعاملات .. فتتربى عنده الإرادة المحمودة التي تدفعه دائمًا لامتثال أمر ربه واجتناب فعل ما نهى عنه .
إن تغيير السلوك والأفعال إنما يأتي من تقوية الإرادة المحمودة في النفس ، لأن كمال الإرادة أن يحبَ المؤمنُ ما يحبه الله ويرضاه من الإيمان والعمل الصالح فيندفع لعمله ، وأن يكره ما يُبغضه الله من الكفر والفسوقِ والعصيان فينزجر عنه .
وهنا يأتي محك الاختبار ، إنه لابد من تطبيق ذلك في حياتنا ، والفرصة سانحة في رمضان ثم يستمر المؤمن بعد ذلك وإلى أن يلقى الله تعالى ؛ ولنأخذ مثالا من واقعنا ونطبق عليه ذلك :
التدخين - مثلا - عادة سيئة كما يقول كثير من المدخنين ؛ هذه العادة السيئة تدفع إليها إرادة مذمومة ، فإذا أردنا تغيير هذه العادة .. فلابد من تغيير الإرادة الدافعة إليها ... ومن هنا نبدأ فنقول لابد من تعيين المراد كما سبق ، فهل المدخن يدخن لله تعالى ؟ بمعنى هل التدخين طاعة ؟ أو بمعنى أوضح : إن المسلم في مأكله ومشربه لا يتعاطى ما حرم الله تعالى ، فهل التدخين مما أباحه الله أم أنه مما حرمه الله تعالى ؟ وجواب أهل العلم في ذلك : هو مما حرمه الله تعالى لأنه من الخبائث ؛ فطعمه خبيث ، ورائحته خبيثة ، بل ويسبب أمراضًا خبيثة ؛ فجُمع فيه أنواع الخبث ، وقد قال الله تعالى : وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [ الأعراف : 157 ] ، وكل خبيث ضار محرم ، وقد قال الأطباء في ذلك كلمتهم بأنه سبب رئيسي لأمراض سرطان الدم وتصلب الشرايين وغيرها ؛ وأصل كل ما يضر المنع ، كما يقول العلماء ؛ إذًا فقد ثبت تحريمه .
فإذا أراد إنسان أن يدخن فإنه تتحرك فيه إحدى الإرادتين ؛ فإن كانت الإرادة المحمودة قوية تحركت للاجتناب والترك ، لأن التدخين مما لا يحبه الله ولا يرضاه بل يُبغضه ويكرهه ؛ وإرادة المؤمن لفعل شيء مقيدة بما يحبه الله ويرضاه .
وإن كانت الإرادة المحمودة ضعيفة فهنا تكون الإرادة المذمومة قوية فيندفع صاحبها ليتناول هذه الخبيثة .
لكن البعض قد يغيب عنه حكم التدخين ، فيتناوله ظنًّا منه أنه ليس بحرام ، فإذا ذُكِّر بذلك امتنع مباشرة ، وتاب إلى الله تعالى ، وندم على ما فرط ، ولم يعد لتناولها بعد ذلك .. فهنا غلبت الإرادة المحمودة ، وعاد إلى طريق الله تعالى ، وطمع في مغفرة ذنبه ، ونرجو الله تعالى أن يتوب على إخواننا المسلمين جميعًا من هذه البلية التي عمت وطمت ؛ وغيرها من البلايا .
في رمضان فرصة عظيمة لمن ابتلي بهذه الآفة ليقلع عنها ويتوبَ منها ، فإنه يمسك عن التدخين من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس ، وما بقي إلا الليل ومعظم وقت الليل للنوم ، فلم يبق إلا جزء منه ؛ فليستعن بالله تعالى عليه ، وليستجمع قوى الإرادة المحمودة على ترك التدخين لله تعالى ، وليشغل نفسه بطاعة وعبادة وذكر ودعاء فإن الله تعالى يعينه على البعد عنها وتركها .. واعلموا - رحمكم الله وغفر لنا ولكم - أن من ترك شيئا لله تعالى عوضه الله خيرًا منه .
هذا مثال لتطبيق الإرادة المحمودة ؛ وهكذا في جميع المعاصي ، إنما يدفع لها إرادة مذمومة ؛ فعلى المسلم أن يقوي في نفسه إرادةَ الخير والمعروف لتتربى عنده الإرادة المحمودة ، التي بها يتغلب على دواعي المعاصي من شهوات النفس وهواها ووساوسِ شياطين الإنس والجن ..
ومن المهم جدًا في حياة المسلم أن يكثر من سؤال الله تعالى أسباب الإرادة المحمودة ، والناظرُ في أدعية النبي يجدُ كثيرًا منها يدور حول ذلك ؛ من ذلك مثلا ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ يَدْعُو يَقُولُ : " رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ الْهُدَى لِي ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا ، لَكَ ذَكَّارًا ، لَكَ رَهَّابًا ، لَكَ مِطْوَاعًا ، لَكَ مُخْبِتًا ، إِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا ، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي ، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي ، وَأَجِبْ دَعْوَتِي ، وَثَبِّتْ حُجَّتِي ، وَسَدِّدْ لِسَانِي ، وَاهْدِ قَلْبِي ، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِي " .
أسأل الله تعالى أن يعيننا والمسلمين على تقوية الإرادة المحمودة ، وأن يوفقنا لصيام وقيام مقبولين .. آمين .
وقد يصيب الإنسانَ كسلٌ عن الفعل أو عجزٌ عنه ؛ وأصل الكسل ترك العمل لعدم الإرادة ، فإن كان لعدم القدرة فهو العجز .. ولذلك يوصف البعض بأنه قوي الإرادة ، ويوصف آخر بأنه ضعيف الإرادة ؛ والإرادة الجازمة مع القدرة تستلزم وجود المراد ووجود المقدور عليه منه ؛ فالعبد إذا كان مريدًا للصلاة إرادة جازمة مع قدرته عليها صلى ، فإذا لم يصلِّ مع القدرة دل ذلك على ضعف الإرادة .
ولا يمكن خلوُ إنسان عن الإرادة مطلقًا ، بل لابد له من إرادة ، فإن لم يرد ما يحبه الله ورسوله أراد ما لا يحبه الله ورسوله ، والأول إرادة محمودة ، والثاني هو الإرادة المذمومة .
لكن يبقى على المسلم أن يجاهد نفسه على ترك ما تهواه ، وأن يروضها على إرادة محاب الله ، وفي رمضان فرصة عظيمة لهذه المجاهدة لتقوية الإرادة المحمودة .
فرمضان فرصة عظيمة لمراجعة كثير من سلوكياتنا وأعمالنا وتغيير ما يحتاج إلى التغيير منها ، وتصحيح ما يحتاج إلى التصحيح ، ففي حياتنا كثير من الأشياء التي تحتاج إلى تغيير وتصحيح ؛ وعملية التغيير والتصحيح في النفس والعمل تحتاج إلى إرادة محمودة قوية ، أو قل : تحتاج إلى تقوية الإرادة المحمودة في الإنسان .. إذ كلا العملين الخطأ والصواب إنما يقع بإرادة ، فهي أول الفعل ؛ فأما الصواب فيقع بإرادة محمودة ، وأما الخطأ فيقع بإرادة مذمومة ..
ولنقف على أثر الصيام في تقوية الإرادة المحمودة ننظر في عملية الصوم ، إن الصائم كان قبلَ رمضان قد اعتاد على أكلات معينة في أوقات معينة مثلا ، فإذا هو يمسك طواعية عن هذه الأكلات مغيِّرًا عادته .. طاعة لله تعالى .. إنها إرادة محمودة ، ومع العلم بأن دواعي النفس لشهوتي البطن والفرج ملحة ، لكنه يدفعها ويصبر عليها حتى نهاية وقت الصيام ... إنها بلا شك إرادة فيها قوة ، فإذا ما تكرر هذا العملُ معه شهرًا كاملا قويت الإرادة على تغيير ما يريد تغييرَه في حياته .. فالأمر لا يختلف كثيرًا في أي تغيير ، فالتغيير ببساطة هو ترك فعلٍ أو سلوكٍ ما إلى آخر والصبرُ على ذلك .
ولينضبط الأمر لابد أن نعرف أن الإرادة المحمودة لا بد فيها من تعيين المراد بالفعل .. وهو الله تعالى ؛ وكذلك تعيين الطريق إليه .. وهو ما جاء به الرسول ، فلابد أن يعبد الإنسان الله وأن تكون عبادتُه إياه بما شرع على لسان رسوله ؛ إذ لا بد من تصديق الرسول فيما أخبر علمًا ، ولابد من طاعته فيما أمر عملا ، ولهذا كان الإيمانُ قولاً وعملا مع موافقة السنة ؛ فعِلْمُ الحقِ ما وافقَ علمَ الله ، والإرادة الصالحة ما وافقت محبةَ الله ورضاه وهو حكمه الشرعي ؛ وعكس ذلك إنما هو من الإرادة المذمومة .
فهنا نرى الصائمَ مثلا إذا أراد الصومَ يهيئ نفسه : إنه يصوم لله تعالى .. فقد عين المراد بفعله ؛ ثم ينظر كيف يصوم ؟ فإذا رسول الله قد علمه ذلك قولا وفعلا ؛ فيقوم بأداء الصوم وفق هذه الإرادة المحمودة .. وهكذا في الصلاة .. وهكذا في الأخلاق .. وهكذا في المعاملات .. فتتربى عنده الإرادة المحمودة التي تدفعه دائمًا لامتثال أمر ربه واجتناب فعل ما نهى عنه .
إن تغيير السلوك والأفعال إنما يأتي من تقوية الإرادة المحمودة في النفس ، لأن كمال الإرادة أن يحبَ المؤمنُ ما يحبه الله ويرضاه من الإيمان والعمل الصالح فيندفع لعمله ، وأن يكره ما يُبغضه الله من الكفر والفسوقِ والعصيان فينزجر عنه .
وهنا يأتي محك الاختبار ، إنه لابد من تطبيق ذلك في حياتنا ، والفرصة سانحة في رمضان ثم يستمر المؤمن بعد ذلك وإلى أن يلقى الله تعالى ؛ ولنأخذ مثالا من واقعنا ونطبق عليه ذلك :
التدخين - مثلا - عادة سيئة كما يقول كثير من المدخنين ؛ هذه العادة السيئة تدفع إليها إرادة مذمومة ، فإذا أردنا تغيير هذه العادة .. فلابد من تغيير الإرادة الدافعة إليها ... ومن هنا نبدأ فنقول لابد من تعيين المراد كما سبق ، فهل المدخن يدخن لله تعالى ؟ بمعنى هل التدخين طاعة ؟ أو بمعنى أوضح : إن المسلم في مأكله ومشربه لا يتعاطى ما حرم الله تعالى ، فهل التدخين مما أباحه الله أم أنه مما حرمه الله تعالى ؟ وجواب أهل العلم في ذلك : هو مما حرمه الله تعالى لأنه من الخبائث ؛ فطعمه خبيث ، ورائحته خبيثة ، بل ويسبب أمراضًا خبيثة ؛ فجُمع فيه أنواع الخبث ، وقد قال الله تعالى : وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [ الأعراف : 157 ] ، وكل خبيث ضار محرم ، وقد قال الأطباء في ذلك كلمتهم بأنه سبب رئيسي لأمراض سرطان الدم وتصلب الشرايين وغيرها ؛ وأصل كل ما يضر المنع ، كما يقول العلماء ؛ إذًا فقد ثبت تحريمه .
فإذا أراد إنسان أن يدخن فإنه تتحرك فيه إحدى الإرادتين ؛ فإن كانت الإرادة المحمودة قوية تحركت للاجتناب والترك ، لأن التدخين مما لا يحبه الله ولا يرضاه بل يُبغضه ويكرهه ؛ وإرادة المؤمن لفعل شيء مقيدة بما يحبه الله ويرضاه .
وإن كانت الإرادة المحمودة ضعيفة فهنا تكون الإرادة المذمومة قوية فيندفع صاحبها ليتناول هذه الخبيثة .
لكن البعض قد يغيب عنه حكم التدخين ، فيتناوله ظنًّا منه أنه ليس بحرام ، فإذا ذُكِّر بذلك امتنع مباشرة ، وتاب إلى الله تعالى ، وندم على ما فرط ، ولم يعد لتناولها بعد ذلك .. فهنا غلبت الإرادة المحمودة ، وعاد إلى طريق الله تعالى ، وطمع في مغفرة ذنبه ، ونرجو الله تعالى أن يتوب على إخواننا المسلمين جميعًا من هذه البلية التي عمت وطمت ؛ وغيرها من البلايا .
في رمضان فرصة عظيمة لمن ابتلي بهذه الآفة ليقلع عنها ويتوبَ منها ، فإنه يمسك عن التدخين من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس ، وما بقي إلا الليل ومعظم وقت الليل للنوم ، فلم يبق إلا جزء منه ؛ فليستعن بالله تعالى عليه ، وليستجمع قوى الإرادة المحمودة على ترك التدخين لله تعالى ، وليشغل نفسه بطاعة وعبادة وذكر ودعاء فإن الله تعالى يعينه على البعد عنها وتركها .. واعلموا - رحمكم الله وغفر لنا ولكم - أن من ترك شيئا لله تعالى عوضه الله خيرًا منه .
هذا مثال لتطبيق الإرادة المحمودة ؛ وهكذا في جميع المعاصي ، إنما يدفع لها إرادة مذمومة ؛ فعلى المسلم أن يقوي في نفسه إرادةَ الخير والمعروف لتتربى عنده الإرادة المحمودة ، التي بها يتغلب على دواعي المعاصي من شهوات النفس وهواها ووساوسِ شياطين الإنس والجن ..
ومن المهم جدًا في حياة المسلم أن يكثر من سؤال الله تعالى أسباب الإرادة المحمودة ، والناظرُ في أدعية النبي يجدُ كثيرًا منها يدور حول ذلك ؛ من ذلك مثلا ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ يَدْعُو يَقُولُ : " رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ الْهُدَى لِي ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا ، لَكَ ذَكَّارًا ، لَكَ رَهَّابًا ، لَكَ مِطْوَاعًا ، لَكَ مُخْبِتًا ، إِلَيْكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا ، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي ، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي ، وَأَجِبْ دَعْوَتِي ، وَثَبِّتْ حُجَّتِي ، وَسَدِّدْ لِسَانِي ، وَاهْدِ قَلْبِي ، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِي " .
أسأل الله تعالى أن يعيننا والمسلمين على تقوية الإرادة المحمودة ، وأن يوفقنا لصيام وقيام مقبولين .. آمين .