رفع تهمة السطو عن تحقيق رسالة في القراءات

إنضم
08/08/2007
المشاركات
19
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
السلام عليكم ورحمة الله
هذا مقال علمي لفضيلة الدكتور عباس أرحيلة - حفظه الله- يقارن فيه تحقيقين لكتاب "مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المَقارئ" لابن الطحان الإشبيلي المتوفى سنة 561 هـ. ولأهمية المقال أنقله إلى الموقع ، وسأضع رابطا مباشرا له، فأجو من الإخوة الإنصاف والمتابعة، رفعا للبهتان، وتحقيقا البيان...:

[align=center]رفع تهمة السطو عن تحقيق رسالة في القراءات
مقارنة بين تحقيقي د. حاتم الضامن ود. توفيق العبقري
[/align]

[align=left] فضيلة الدكتور : عباس أرحيلة – حفظه الله-[/align]

أولا: موضوع الاتهام وسياقه
(1) مع الأستاذيْن المحقِّقيْن:
ظهر تحقيقان للرسالة الثانية من كتاب "مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المَقارئ" لابن الطحان الإشبيلي المتوفى ستة 561 هـ، أنجز التحقيق الأول منهما:
- الأستاذ الدكتور حاتم صالح الضامن ( أستاذ الدراسات العليا في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، من أصل عراقي، حاصل على الماجستير بموضوع: مشكل إعراب القرآن: مكي بن أبي طالب القيسي437هـ، دراسة وتحقيق، جامعة بغداد 1973 ( ط. وزارة الإعلام :1 – 2 بغداد 1975 ). ( مجال البحث: الدراسات القرآنية). - ورسالته للدكتوراه موضوعها: كتاب الزاهر في معاني كلمات الناس لأبي بكر بن الأنباري 328هـ، دراسة وتحقيق، كلية الآداب، جامعة بغداد 1977. ط. بيروت 1979 ( مجال البحث: تحقيق اللغة).
- وأنجز التحقيق الثاني د. توفيق أحمد العبقري وهو أستاذ القراءات والعلوم القرآنية بشعبة الدراسات الإسلامية، كلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة القاضي عياض، مراكش، المغرب.
رسالته للماجستير موضوعها:"منح الفريدة الحمصية في شرح القصيدة الحصرية"، للإمام محمد بن عبد الرحمن بن الطفيل الشهير بابن عظيمة الإشبيلي، تحقيق وتقديم: توفيق العبقري أبو أروى (كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد بن عبد الله بفاس، 1414 هـ/1994م. وأطروحته لنيل دكتوراه الدولة عنوانها:" المصطلح القرائي عند أبي عمرو الداني من خلال تصانيفه ( كلية الآداب، جامعة محمد بن عبد الله بفاس 1421 هـ/2001م)

(2)للضامن فضل السبق في نشر هذه الرسالة:
وللتوضيح فقد نشر د. حاتم الضامن هذه الرسالة بعنوان:"مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ"؛ ( وهي المقدمة الثانية من هذا الكتاب كما سنرى) محقَّقَةً أول مرة في العدد 48 من مجلة مجمع اللغة العربية الأردني 1995م، وأوردَ الرسالة ناقصةً؛ إذ أسقط منها الفصل الأخير، دون أن يُبرِّر ذلك الإسقاط في مقدمة تحقيقه. ثم ظهر هذا النص محقَّقاً في طبعتين: الأولى ببيروت:1999 والثانية بعمان:2002، ولم أقف عليهما.
وأخيراً ظهرت طبعة ثالثة، أو قل التحقيق الذي يظهر للمرة الرابعة سنة 2007م، في الإمارات العربية بمكتبة الصحابة بالشارقة، وفي القاهرة بمكتبة التابعين. وضمَّ المحقق إلى هذه الرسالة، في طبعته هذه، رسالة أخرى لابن الطحان تحمل عنوان "مخارج الحروف وصفاتها".

(3) اتهام د. الضامن يسقط بساحة كلية الآداب بمراكش:
في مقدمة نشرته الرابعة لهذه الرسالة سنة 2007م، نَفَثَ د. الضامن اتهاماً شنيعاً في حق عالم مغربي متخصص في علم القراءات، وشيخ من شيوخ القراءة بمدينة مراكش. اتهام وقع كالصاعقة على بعض أساتذة جامعة القاضي؛ ممّا أذهلهم وجعلهم يتساءلون عن حقيقة هذا "الضامن"، وعن طبيعة ما سُرِق منه حتى يتَّهم عالما فاضلا ظل محط فخر واعتزاز منذ أن التحق بالجامعة. وشاع بين هيئة التدريس داخل أروقة كلية الآداب الحديث عن شناعة هذا الاتهام في حق أحد أعضاء التدريس ممن يُعتَزُّ بعلمهم، ويُباهَى بأخلاقهم في مدينة مراكش.

(4) ما جاء في صك الاتهام بالسرقة:
لقد أورد د. حاتم صالح الضامن، في مقدمة ما نشره بعنوان:" مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ" ( طبعة مكتبة الصحابة بالشارقة ومكتبة التابعين بالقاهرة، 2007م)؛ الفقرتين التاليتيْن:
الفقرة الأولى:
قال فيها د. الضامن:"ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ المقدمة الثانية من الكتاب نُشرت في العدد (48) من مجلة مجمع اللغة العربية الأردني ببيروت 1999م، وعمان، وعمّان 2000 [م]، وقد سطا د. توفيق أحمد العبقري على المقدمة الثانية من طبعتي، ونشرتْها مكتبة أولاد الشيخ بمصر. وأنا أهيب بجامعة القاضي عياض بمراكش لمحاسبة هذا (العبقري) الذي انتسب إلى (مافيا) سلخ حقوق العلماء، فإلى الله المشتكى" [ ص4 ].
الفقرة الثانية:
وقال فيها أثناء عرضه لمؤلفات ابن الطحان، وهو يتحدّثُ عن هذه الرسالة:
"مقدمة في أصول القراءات، وهو المقدمة الثانية من( مرشد القارئ)، وقد سطت عليه مكتبة أولاد الشيخ للتراث بمصر. وممّا يُؤسفُ عليه أن يتدنى ( د. توفيق أحمد العبقري) فيُضيف شذرات في الحواشي، ويُشارك في هذا السطو الذي أصبح من سمات هذا العصر الأغبر"[ ص11 ].
والاتهام بالسطو، ونسبة د. توفيق إلى "مافيا سلخ حقوق العلماء"؛ اتهامان شنيعان يحتاجان إلى التحقق منهما بالمقارنة الدقيقة النزيهة بين التحقيقيْن.

(5) موقع شبكة التفسير يُشيع الاتهام بين الأنام:
ومما زاد الاتهام ذيوعا ظهورُه في موقع: شبكة التفسير والدراسات القرآنية: ( www.tafsir.net الذي يُشرف عليه الأستاذ الفاضل عبد الرحمن بن معاضة الشهري الأستاذ المساعد بكلية التربية بجامعة الملك سعود. وقد ظهر في الموقع إعلان بظهور هذه الرسالة محققةً من قبل د. حاتم الضامن، ومما جاء مصاحبا لهذا الإعلان:" ثم ذكر الدكتور حاتم الضامن سَطْوَ بعض الباحثين على تحقيقه لما سبق نشره من أجزاء الكتاب فالله المستعان". ولستُ أدري لِمَ أبى المشرف على الموقع إلاّ أن يُشير إلى أن الدكتور الضامن ذكَرَ سطْوَ بعض الباحثين على تحقيقه.
هل تحقّق الأخ المشرف مما قاله د. الضامن قبل أن ينشر ما نشر ؟ هل ما أُثبت في الموقع هو جزءٌ من الإعلان على أهمية ما حققه الضامن؟ أم هو اجتهاد من المشرف؟ أم هو دعوة منه إلى إشراك القراء في الكشف عن هذا الاتهام؟ على كلٍّ، أتمنى ألاَّ تكون هناك رغبة في التشهير يعرضها الموقع بالمجان. تشهير يُحاسَبُ عليه أهل الموقع أمام الله تعالى؛ لأنهم أسهموا في نهش لحم عالم مسلم أمام الملأ، دون أن يٌقدموا دليلا واحدا لقرائهم.
(وقد وضع الإعلان في الموقع بتاريخ 28/11/1428هـ).
ما فعل الموقع هو تشهير بالدكتور توفيق أحمد العبقري على مرأى ومسمع من سكان المعمور، وقذفٌ له بتهمة السطو.
إعلان عن أمريْن:
أولهما: ضياع حقّ من حقوق عالم محقق كبير في حجم الدكتور حاتم صالح الضامن.
وثانيهما: تشهير بعالم مغربي اسمه د. توفيق أحمد العبقري ادعى د. الضامن أنه من ( مافيا) سلخ حقوق العلماء؛ بسطوه على حق من حقوقه.

(6) أين الحقيقة أمام شناعة هذا الاتهام؟
لاشك أن القارئ، قد عرف الآن طبيعة ذلك التشهير، وعرف المدعي والمدعى عليه، ويُريد أن يعرف حقيقة ذلك السطو؛ الذي أصبح د. توفيق بموجبه من أعضاء (مافيا) سلخ حقوق العلماء، كما أذاعه وأشاعه د. الضامن، وأعانه على هذه الإذاعة والإشاعة الدكتور عبد الرحمن الشهري.
ولا شك أن كلَّ من يعرف د. حاتم الضامن، يرغب في التعرُّف على المادَّة العلمية التي أخذتْ منه غصباً، والتي سطا عليه د. توفيق. كلهم يتطلّعون إلى معرفة ما ضاعَ للدكتور الضامن من حقوق علمية. ولا شك أن تحقيق د. الضامن قد حظي بالقراءة من لدن كثير من القراء؛ لأنه نشر أربع مرات في أربع مدن عربية هي: بيروت، وعمّان، والقاهرة، والشارقة. أما تحقيق د. توفيق فإنه لم يُنشر إلا مرة واحدة ( سنة 2004م)، وفي مدينة واحدة هي القاهرة. ولا أشك أن كثيراً من القراء لم يطلعوا على تحقيق د. توفيق؛ لأن شُهرة توفيق لا تُقاس بشهرة الضامن.

(7) سقوط الاتهام على جامعة القاضي عياض
إن الأساتذة في مشارق الأرض ومغاربها، وأساتذة الجامعة المغربية بشكل خاص، وأساتذة كلية الآداب التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، المغرب، بشكل أخص؛ يتطلعون إلى معرفة ما طبيعة الأثر العلميّ الذي سطا عليه د. توفيق، وسلخه من حقوق هذا العالم العراقي الكبير.وأوجب د. الضامن على أساتذة الجامعة أن يُحاسبوا د. توفيق على فعلته هذه،بقوله:"وأنا أُهيبُ بجامعة القاضي عياض لمحاسبة هذا ( العبقري) الذي انتسب إلى (مافيا) سلخ حقوق العلماء، فإلى الله المشتكى".
لا شكّ أن أهلَ جامعة القاضي عياض قد بلغهم اتهام د. الضامن، وتعريضه الضمني بالجامعة، وإنه وإنْ كان د. توفيق فوق مستوى الشبهة إلاَّ أنه لا بد من التحقُّق مما ورد في صك الاتهام.
وهذه كلمة أستجلي بها حقيقة الاتهام المشار إليه، وأراجع من خلالها ما جاء في صك الاتهام؛ وذلك بالمقارنة بين التحقيقيْن بحثاً عن أوجه التشابه بينهما، أو قل عن مظاهر السطو – إن كان - أو عن زيف ادعاء د. الضامن، ورميِه للدكتور توفيق بالباطل.
وللكشف عن حقيقة هذا الاتهام، وإشراك القراء فيه، أعرض لهذه القضية في النقاط الآتية:

ثانيا: قراءة في صك الاتهام:
تمهيداً لهذه المقارنة بين التحقيقين، يجدر بنا أن نقرأ ما جاء في صك الاتهام، وأن نُمعن النظر فيما ورد في صيغتيه اللتين تمَّتْ الإشارة إليهما. وبالتأمل في المعجم اللغوي الذي صاغ به د. الضامن اتهامَه؛ يتضح ما يلي:
(1) بالنسبة للحَدَث، أي لما قام به د. توفيق؛ نجده في صكّ الاتهام بفعليْن ماضيَيْن: (سطا - سَطَتْ ) وبمصدرين: (سَلْخٌ – السَّطْوُ). فالفعل سطا قام به د. توفيق، وشاركته فيه مكتبة أولاد الشيخ للتراث بمصر؛ التي "سَطَتْ" بدورها؛ لأنها نشرت هذه الرسالة. وهذا اتهامٌ زائف في حقِّ مكتبة أولاد الشيخ لا مبرِّرَ له؛ لأنها كانت تتعامل مع باحث نشر لديها مجموعة رسائل وعرفتْ سموَّ خلقه، وعلوَّ شأنه في مجال القراءات.
ولفظ "السلخ" جاء بالتنكير وكأنه أصبح مصدراً ملازماً لطبيعة السالخ؛ لا يُعرف صاحبُه إلا بفعل السلخ.
أما "السطو" بالتعريف فيدل على شهرة د. توفيق في مجال السطو الذي أصبع علامة دالّةً عليه أيضاً، دون سواه. وهكذا يكون السَّطْوُ والسلْخُ – في هذا الاتهام - مصدريْنِ من طبيعة د. توفيق؛ وبهما استحقَّ أن يُصبح عضوا في (مافيا) سلخ حقوق العلماء، في تصور د. الضامن.

(2) ما ينبغي في حق مَن قام بفعليْ السلخ والسطْو هو الإدانة؛ ويقترح د. الضامن كيفية الاقتصاص من الجاني على الشكل التالي:
- تَجبُ محاسبتُه من لدن الجامعة التي ينتسب إليها.
– ويُنتَزَعُ لقبِ العبقريّ منه(وإن لم تكن له يد فيه).
– ويَمْنَحُه د. الضامن "شرَفَ" الانتساب إلى (مافيا) سلخ حقوق العلماء من أمثاله.
أما أثر السطو والسلخ على د. الضامن فنلمسه في المظاهر الآتية:
- د. الضامن يتظلّمُ من جراء ما تعرّض له، فقد ضاع له حقٌّ من حقوقه، ضاع منه مِلْكٌ خاصٌّ؛ نابت عنه فيه ياء الملكية في قوله:"طبْعَتي".
- ونتيجةً لما حدث، نجد ذاتَه المكلومةَ تستصرِخُ جامعة القاضي عياض بالمغرب، وتدعوها أن تقتصَّ من ( عبقريِّها)؛وتقول:"وأنا أهيب بجامعة القاضي عياض بمراكش لمحاسبة هذا العبقريّ".
– ويبدو أن الحسرة قد حطّمتْ كيان د. الضامن، وبلغ منه اليأسُ مبلغَه حين رأى ما آل إليه أمر كرامة أهل العلم من الإسفاف والتدَنِّي بِفِعْلَتِهم هذه، فقال:"وممّا يُؤسفُ عليه أن يتدنَّى د. توفيق أحمد العبقري".
– ويُلاحظ د. الضامن أن السطو "أصبح من سمات هذا العصر الأغبر" ويجأر بشكواه إلى الله تعالى ممّا المَّ بهذا العصر الأغبر، وما لَحِقَ شخصَه، ونال من علمِه، وحلَّ به من هذا المُصاب الجَلَل.

(4) مرارة المُصاب جعلت د. الضامن يتهكّم من العبقريّ ويُعَرِّضُ بجامعة القاضي عياض. يقول:"وأنا أهيبُ بجامعة القاضي عياض بمراكش لمحاسبة هذا العبقري". واضح أن هذا الأنا الذي يُهيب بالجامعة أن تُحاسب العبقري؛ بلغ به التأثر مبلغَه؛ فاتخذ لقب العبقري مجالا للتهكم والسخرية، وهو لقب لا يختلف في شيء عن الضامن، وعما تحمله صفة: "حاتم"، وصفة "صالح". وهو تهكم ما كان يُنتظر من عالم في حجمه العلمي بين معارفه ومُجايليه من العلماء العراقيين.
فما نرضى أن يُقال له: لا "صلاح" في علمه ولا "حاتمية" في خُلُقه، ولا "ضمان" في مروءته. وفي تهكم الضامن مساس بجامعة كان عليه ألا يذكرها بسوء؛ درَّسَ بها جماعة من الأساتذة العراقيين المرموقين؛ الذين كانت لهم أفضال على جامعة القاضي عياض في مرحلة تأسيس كلية الآداب بمراكش، من أمثال د. رشيد العبيدي، والدكتور الأوسي وحرمه الدكتورة الفاضلة البتول...

(5) ولم يعترف د. الضامن للدكتور توفيق بشيء إلاّ أنه "أضاف شذرات في الحواشي". سيُعرف ذلك بحول الله تعالى، حين تتمّ المقارنة بين ما ورد في حواشي تحقيق كل من الدكتورين.

(6) بالتأمل في خطورة ما حدث، وما كان له من أثر في نفس د. الضامن يتضح أنه تأثّر كثيرا بما لحِقَهُ به من ظلم وإجحاف في حق ضاع منه هدراً، وأنه أحسَّ بمرارة الغَبْن الذي لحقه من جرّاء ما نُهِب منه، وثار ثورة عارمة أفقدته صوابه حتى صار يقول لمن لاقاه، ويُخبر كل من عرفه أن شخصا في المغرب اسمه د. توفيق العبقري قد سطا على المقدمة الثانية التي حققها من كتاب مرشد القارئ. وتحت وقْعِ هذا الانفعال النفسي الذي اجتاح كيان د. الضامن؛ صرخ باتهامه في وجه الزمن، وفي وجه د. توفيق، وأهاب بالجامعة التي ينتمي إليها د. توفيق أن تُحاسبه عن فِعْلَتِه. وشاع أمر السطو وذاع، ودخل الشبكة العنكبوتية.

(7) فماذا سُرِقَ، يا ترى، من الدكتور الضامن؟
ما حقيقة ما ضاع من د. الضامن؟ أو قل: ما سلخه منه د. توفيق؟ ماذا تُخفي فظاعةُ هذا الاتهام؟ بقراءة صك الاتهام يبدو وكأَنَّ هذا العالم العراقي الكبير، فَقَدَ بغدادَ مرتين؛ المرة الأولى حين اغتصبها آل بوش، والمرة الثانية حين سطا على تحقيقه د. توفيق؛ فضاعت منه بغداد أخرى، ضاعت منه يتيمة دهره. وما حملتْه نفسيةُ هذا العالم الكبير من مرارة وغَبْن ينمّ عن نفاسة وأهمّية وخطورة ما ضاع منه.
ولْيَعْلَم القارئ، منذ الآن، أن الاتهام يقع في شأن رُوَيْسِلَةٍ نشرها د. الضامن ناقصة، يوم نشرَها. وما نشره منها يقع في ست صفحات وسطريْن اثنيْن من الخط الكبير. ويوم ظهرت محقّقةً مطبوعةً في مجلة مجمع اللغة العربية بالأردن، جاءت في تسع صفحات. وموضوع هذه الرسالة شرح موجز لعشرين لفظاً من ألفاظ القراءات، مع شرح لاثنتين وثلاثين مفردة.
وفي الطبعة الأخيرة( في 2007م)، جاءت الرسالة في إحدى وعشرين صفحة، بزيادة ما لم ينشره د. الضامن في نشراته السابقة. ولعل القارئ يتساءل هنا، هل ضاع للدكتور أصلاً شيءٌ من الحق؟ سنرى ذلك الحق المغتَصَب.
أكان في هذه الرويسلة ما تاهت عنه عقول المسلمين؟ وهل أحدث بإخراجه لهذه الرويسلة ما ظلت بلاد المسلمين تنتظره أمدا بعيداً لتتعلّمَ منه ما فاتها من علمي التجويد وقراءة القرآن؟ أمن أجل هذا تمَّ الإعلان في مشارق الأرض ومغاربها عن ضرورة استرجاع ما ضاع ؟


ثالثا: هل يقوم فضْلُ السَّبْقُ دليلا على الاتهام؟
مسألة فضل السبق:
كان للدكتور الضامن فضل السبق في تحقيق ما أسماه "مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ". فقد حقق هذه الرسالة ناقصة أول مرة بمجلة المجمع الأردني سنة 1995، ثم ظهرت في ثلاث طبعات ما بين سنة 1999م وسنة 2007م، في دور نشر مختلفة ومدن مختلفة. ورأينا أن د. توفيق لم يُحقق الرسالة إلا سنة 2004م
ولكن أيعني سبقُ د. الضامن أن لا يأتي بعده أحدٌ بإمكانه أن يتناول ما كان له فضل السبق إليه؟ هل يعني السبق أن د. الضامن ما ترك شيئا لمن سيأتي من بعده؟ وهل الكُتُب التي حققها د. الضامن لم يَسَبِقْه أحدٌ إلى تحقيق واحد منها؟ وهل الكتب التي حققها لم يأت بعده من يُعيد تحقيقها؟
إن تواريخ الكتب المحققة في العصور الحديثة تُوَضِّحُ أن كثيرا من الكتب أعيد تحقيقُها أكثر من مرة؛ إذا ظهرت نسخٌ جديدةٌ تستدعي إعادة تحقيقها، أو دعت ضرورة من الضرورات العلمية إلى ذلك.
والمثير للانتباه هنا أن د. حاتم الضامن قد سبقه إلى نشر الرسالة الأولى من هذا الكتاب د. محمد يعقوب تركستاني، وهي بعنوان" مخارج الحروف وصفاتها" فأعاد ذ. الضامن نشرها وتحقيقها بعد عثوره على نسخة ثانية، وهي نسخة مكتبة تِشستربيتي، فلم يتهمه أحد بالسطو على تحقيق د. تركستاني، ولم يعتبره أحد "من مافيا سَلْخ حقوق العلماء". وهذا يدعو إلى الاستغراب، كيف لا يتهمُ د. الضامن نفسه أولا بالسطو، ويشهد على نفسه بسلخ حقوق العلماء؟ إذا كان كل من عثر على نسخة ثانية لرسالة تم تحقيقها في السابق، فأعاد تحقيقها؛ يُعدُّ من"مافيا سلخ حقوق العلماء".
لِمَ لم ينهض د. تركستاني ويقول للدكتور الضامن لقد سطوْتَ على تحقيقي، الذي ظهر أول مرة بتاريخ 1984؟ كيف سمح د. الضامن لنفسه أن يُدين مَن فعَلَ فعلتَه؟
لِمَ أعاد د. توفيق إخراج هذه الرسالة؟
نجد الجواب في تضاعيف تحقيقه. ففي هامش 35 من صفحة 13، يقول عن هذه الرسالة أن د. الضامن نشرها منقوصة غير كاملة في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني ع 48، 1415هـ. قال:"وبلغني أن الكتاب طبع كاملا في بيروت ولمّا أقف عليه".
ثم قال د. توفيق إنه وقف على نسخة ثانية هي النسخة التيمورية بدار الكتب والوثائق المصرية وهي تحمل رقم: 397
فالدكتور حاتم الضامن: اعتمد نسخة واحدة: نسخة تِشْسْتَرْبِيتيِ بدُبِلن ( إرْلَنْدا) رقم 3925
ود. توفيق العبقري: اعتمد نسختيْن: الأولى هي المشار إليها أعلاه، والثانية هي النسخة التيمورية بدار الكتب والوثائق المصرية رقمها (397)، ضمن مجموع يضم ست رسائل أغلبها للإمام ابن الطحان.
ويُستفاد من هذا وجود مُبَرِّرات ثلاثة لإعادة تحقيق هذه الرسالة:
المبرِّرُ الأول: أن النشرة الأولى للرسالة سنة 1995م في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني ع 48، 1415هـ ( والتي يقول د. توفيق إنه اطلع عليها )؛ جاءت ناقصة غير كاملة؛ إذ أن د. الضامن ترك من نص الرسالة فصلا في القسم الأخير منها، وعنوانه:" فصل في حدود الحركات والسكون"، ولم يذكر المحقق لِمَ فعل ذلك، إلاّ أنه أضاف ذلك الفصل الناقص إلى هذه الطبعة الأخيرة (2007م)، ولا أدري إن كان أضافه إلى الطبعتين السابقتين.
والمُبرِّر الثاني: أن د. توفيق عثر على نسخة ثانية للرسالة تعين على تحقيقها عن طريق المقابلة. ورأينا أن هذا السبب كان وراء إعادة د. الضامن لتحقيق رسالة "مخارج الحروف وصفاتها" التي سبق للدكتور تركستاني أن حققها.
هل اقترف د. توفيق ذنبا حين عثر على نسخة ثانية فأعاد تحقيق الرسالة، فأراد أن يُتمِّمَ ما نقَص منها، وأن يُقدمها بصورة مغايرة لما فعله د. الضامن؟ هل يكون السبق مدعاة لرَمْيِ أحد بالسطو.
سيشهد التاريخ للدكتور الضامن أن كان أول مَن نشر هذه الرسالة، ولكن هل سيشهد له التاريخ بالتحقيق لها، كما هو مقرر لدى أهل التحقيق ؟ يُلجأ في الحكم هنا إلى مَن يُحقّون الحق في التحقيق؛ والذين هم أقدر على استنباط الدليل من مجهود مَن يُعيد التحقيق، وما تُقدِّمُه النسخة الثانية من إضافات جديرة بالتقدير.
المُبرٍّر الثالث: أن د. الضامن نشر الرسالة بعنوان:" مرشد القارئ إلى معالم المقارئ". وهذا تغيير لعنوان الرسالة؛ فعنوانها الحقيقي، كما سنرى، هو " مقدمة في أصول القراءات".

رابعا: مع عنوان الرسالة وعمل المحقق فيها:
(1) نجد عنوان الرسالة عند د. حاتم الضامن هكذا "مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المَقارئ" لابن الطحان السُّماتي المتوفى سنة 561هـ، تحقيق: الأستاذ الدكتور: حاتم صالح الضامن.

(2) والعنوان عند د. توفيق العبقري هكذا: "مقدمة في أصول القراءات من كتاب مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ" للإمام المقرئ أبي الأصبغ عبد العزيز بن علي السُّماتيّ الإشبيليِّ، الشهير بان الطحّان ت 561 هجرية: قراءة وتعليق: الدكتور توفيق أحمد العبقري، القاهرة، مكتبة أولاد الشيخ للتراث، ط1، 2004
لعلّ أول ما يشُدُّ انتباه المحقق، في العادة، عنوانَُ المخطوط، ومدى صحته وانطباقه على موضوعه، وهذه أول مسألة في سُلّم الأمانة العلمية تُواجَهُ في التحقيق. والملاحظ أن د. الضامن أخل بهذه المسألة، وبدل أن يضع " مقدمة في أصول القراءات" عنواناً للرسالة، وهو العنوان الثابت والصحيح للرسالة؛ نجده ينشرها بعنوان" كتاب مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ"، والرسالة، في حقيقتها، عبارة عن قسم من محتويات كتاب مرشد القارئ هذا. ويُمكن أن يُوجَّهُ السؤال التالي إلى فضيلة الدكتور الضامن: متى يجوز للمحقق أن يضع عنوانا للمخطوط بخلاف ما هو عليه في واقعه، وبخلاف حقيقته التاريخية؟ أم يجوز ذلك إذا كان المحقق في حجم الدكتور حاتم صالح الضامن؟

(3) ويُلاحظ ثانيا أن د. الضامن اعتبر عمله تحقيقا، أما د. توفيق فقد اعتبره قراءةً وتعليقاً. وبالفحص يتبيّن من خلال دراسة د. توفيق للرسالة في مقدمته، ومن خلال تعليقاته الضافية التي جاءت بمثابة شروح؛ كان عمله قراءةً وتعليقاً،كما سنرى.

خامسا: مع مقدمة التحقيقين: مع مؤلِّف الرسالة
ويمكن استجلاء الفروق بين مقدمتيْ التحقيقيْن في الإشارات التالية:
أ – احتوت مقدمة تحقيق د. الضامن على محورين: الأول تناول فيه التعريف بالمؤلِّف ( شيوخه – تلاميذه – مؤلفاته – ثناء العلماء عليه ). والثاني تناول فيه مخطوطة الرسالة بكلام مقتضب.
ب - أورد د. توفيق العنوان الصحيح للرسالة في مكانه، ووضع تصديراً لتحقيقه بكلمة عَنْوَنَها بـ" بين يدي الكتاب"، نبّه فيها إلى أهمية الرسالة في مجال تأسيس الاصطلاح القرائي، وهو مجال تخصصه، واهتماماته العلمية، كما يتضح من أعماله المنشورة.
أما محتويات تقديمه للرسالة فجاءت في ثلاثة محاور على الشكل الآتي:
الأول حول المؤلِّف ويشمل مصادر الترجمة ( بمثابة تمهيد): - الاسم والنسب – الولادة والنشأة والوفاة – المشيخة – التلاميذ – المؤلفات – ثناء العلماء عليه.

المحور الثاني: دراسة الرسالة بعنوان: إلماعة حول الرسالة، وفيه: - توثيق الرسالة نسبةًً وتسميةً – موضوعها ومنهجها – المصطلحات التي شملها الشرح – منهج التحقيق.
المحور الثالث: فيه وصفٌ للنسختين المعتمدتين في التحقيق: نسخة تِشتسربيتي بدبلن رقم 3925 ( رمزها أ )، ونسخة التيمورية رقم 397 ( رمزها ب ). مع بيان لمنهج العمل الذي سار عليه الباحث في إخراج هذه الرسالة.
1 – في التعريف بالمؤلف:
(أ) مع مصادر الترجمة: ورد د. حاتم الضامن تسعة مصادر لترجمة المؤلِّف، وأور د. توفيق أحد عشر مصدراً – رتّبَ د. الضامن المصادرَ ترتيبا تاريخيا، ورتبها د. توفيق ترتيبا ألفبائيا، مع وجود اختلاف ملحوظ في توثيق المصادر ( في أربعة منها رجع كلٌّ منهما إلى طبعة خاصة).
(ب) في العريف بالمؤلِّف: قدّم د. الضامن فقرة مقتضبة بدون تفصيل، وقدّم د. توفيق اثني عشر تعليقا تحتوي على مراجعة علمية حول حياة ابن الطحان، وتميزت التعليقات في التدقيق في نسب السُّماتيّ، بالرجوع إلى الموسوعة المغربية وتاريخ تطوان، وما وقف د. الضامن عند هذه النسبة.
(ج) عن شيوخ ابن الطحان: ذكر د. الضامن سبعة من شيوخه، ولم يُعرِّفْ بأحد منهم في هوامشه، وجاء د. توفيق بأحد عشر، عرّف بسبعة منهم، مع الإشارة إلى مصادر تراجمهم. ولم يتفق المحققان إلاَّ في خمسة من شيوخه.
(د) عن تلامذة ابن الطحان: ذكر د. الضامن عشرة بدون ترجمة، واكتفى بالقول: "يُنظر عن شيوخه وتلامذته مصادر ترجمته التي سلف ذكرها". وذكر د. توفيق تسعة، عرّف باثنين منهم. ويلاحظ أن د. الضامن يذكر الكنية في نهاية الاسم، أما د. توفيق فيذكرها في البداية.
تُرى، هل يُمكن لأحد أن يدعي أن د. توفيق سطا على شيء مما أتى به د. الضامن؟ ماذا استفاد د. توفيق مما قدّمه د. الضامن في تعريفه بالمؤلِّف، وهل ذكر د. الضامن شيئا يتعلّق بشيوخ ابن الطحان؟ هل قلّد د. توفيق في شيء ممّا ورد في تقديمه؟ لو تمعّنّا بإنصاف لوجدنا البوْنَ شاسعاً بين مقدمة تحقيق كل منهما. فالدكتور الضامن لم يبذل مجهودا يُذكر في تعريفه بابن الطحان، ونجده قد كرر ما كتبه أول مرة. والمتأمِّل في مجهود د. توفيق، يُلاحظ لا محالة، أن عمل هذا المحقق ينِمُّ عن تَمَكُّنٍ علميٍّ يأبى أن يُقارَنَ ما قدَّمَه د. الضامن.
(هـ) عن ثناء العلماء على ابن الطحان، أورد كل منهما خمسة أقوال، والخلاف بينهما أن د. الضامن أتى بقول الذهبي من سير "أعلام النبلاء"، ولم يورده د. توفيق، وأتى هذا الأخير بقول أبي طالب بن عبد السميع تلميذ المقري من "طبقات القراء" للذهبي، ولم يأت به د. الضامن. ويلاحظ الاختلاف بين الطبعتين في النقلين عن مصدريْن، ونجد أن د. الضامن لم يُوثق قول المقري بخلاف د. توفيق، وأتى د. الضامن في مقدمة تحقيقه بأبياتٍ لابن الطحان من نفح الطيب.

2 - عن مؤلفات ابن الطحان:
ذكر د. الضامن سبعة من مؤلفات ابن الطحان ( مرقّمة وموثّقة)، وذكر د. توفيق ثمانية ( مرقمة وموثقة بين المتن والهامش). واختلفا كليّاً في عرض المؤلفات وتوثيقها وبيان أهميتها، وإليك الكيفية التي عرض بها كل منهما آثار ابن الطحان:
(أ) مقدمة في مخارج الحروف، طُبعت بعنوان: "مخارج الحروف وصفاتها"، تحقيق: د. محمد يعقوب تركستاني، وقد اعتمد في إخراجها على نسخة واحدة هي نسخة الظاهرية. وقد أعاد د. الضامن تحقيقها بعد عثوره على نسخة ثانية، وأشار إلى عنوان تحقيق د. تركستاني بعنوان" مخارج الحروف وصفاتُها". وقال د. توفيق في شأن هذه الرسالة: وقد وقفتُ على نسختين من هذا التُّوَلِيفِ: الأولى في تشستربيتي، والثانية من دار الكتب والوثائق القومية ضمن المكتبة التيمورية. ومما أفدتُه من ذلك: تسمية الرسالة بـ" مقدمة في التجويد"، وأن نسخة تشستربيتي أقوم في ضبط نص الرسالة، وأن هذه الرسالة هي الرسالة هي الأولى من كتاب " مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ"، كما ورد في عنوان نسخة تشستربيتي.
(ب) نظام الأداء في الوقف والابتداء. اكتفى د. الضامن بالإشارة إلى تحقيقه، أما د. توفيق فأضاف في الهامش: طُبع بمكتبة المعارف بالرياض، بتحقيق د. علي حسين البواب سنة 1405هـ/ 1985م، وأتى بفقرة من مقدمة المحقق بيَّنَ فيها أهمية الكتاب.
(ج) تحصيل الهمزتين الواردتين في كتاب الله تعالى من كلمة أو كلمتين وإثبات معدودهما متفقتيْن أو مختلفتين مرسوماً باسم أبي عمرو بن العلاء": اكتفى د. الضامن بالقول: مخطوط في تشستربيتي ضمن مجموع. أما د. توفيق فقد اطلع عليه محققا من لدن د. محمد يعقوب تركستاني، ط1، 1421هـ/1991م. وأتى د. توفيق بعبارة خُتمت بها الرسالة، فيها بيانٌ لأهميتها، وتوصيَةٌ من مؤلِّفِها لقارئها. والعبارة هي:" فاغتنمْ أيها القارئ مما سطرناه، تَأْمَنِِ اللحنَ في الهمزتين، وتُكتَبْ من المَهَرَةِ في كتاب ربك الذي قد هداكَ النَّجْدَيْنِ". وكان للدكتور توفيق تعليقان في الهامش:
- الأول: يقول فيه د. توفيق: إن لفظ (سطرناه) هو الموجود في المخطوط، وليس:"سطرنا"، كما فعل المحقق.
- الثاني أن لفظ "المَهَرَة"، جاء في مخطوط التيمورية: ( الهمزة)، وهو تحريف. وجاء في المطبوع: وتليين الهمزة. وعلّق د. توفيق قائلا: وهو بعيد عما أُثْبِتَ في المخطوط، وعمَّا ينبغي أن يكون. وأحال د. توفيق في نهاية العبارة السابقة إلى كتاب التحصيل، ص136
(د) الإنباء في تجويد القرآن: اكتفى د. الضامن بقوله: مخطوط ... رقم، وأتى د. توفيق بإفادة حول قيمته، واعتبره جزءاً قيما من عيون ما كتب في علم التجويد، وقال: وفي حوزتي مصورة منه؛ حُقِّقَ عليها الكتاب من طرف د.أحمد محمد القضاة، وذكر في الهامش أنه من منشورات جمعية المحافظة على القرآن الكريم، وتأسف على إخراج الكتاب محققا دون ما يستحقه من تصحيح من جانب محققين أولها المذكور أعلاه، وثانيهما: د. حاتم الضامن، نشره في مجلة الأحمدية ع 4 جمادى الأولى 1420هـ. ولعل ممّا حزَّ في نفس د. الضامن أن يُشير د. توفيق إلى تحقيق د. الضامن في الهامش، وأن يقول إنّه نشره، بدل أن يقول: حقّقَه. وإن كنت لا أظن أن د. الضامن، وهو الباحث الرصين والمحقق الكبير يَأْبَه بهذا. كما لا أظن أن د. توفيق يُريد الإزراء بتحقيق د. الضامن هذا. فمن عادة أهل التحقيق، أُثناء اطلاعهم على بعض الكتب المحققة أن تراودهم، في بعض الأحيان، فكرة إعادة بعض الكتب المحققة.
(هـ) الدعاء: د. الضامن أشار إلى وروده في نفح الطيب، وإيضاح المكنون، أما د. توفيق فقد وثّق ما ورد في نفح الطيب ولم يوثق ما جاء إيضاح المكنون كذلك.
(و) شعار الأخيار الأبرار في التسبيح والاستغفار، هكذا أورده د. الضامن بناءً على ما جاء في التكملة لكتاب الصلة، بدون تحقيق، ص 628، وأورده د. توفيق هكذا: شعار الأخيار وهجيري الأبرار في التهليل والاستغفار، تبَعاً لما جاء في التكملة بتحقيق د. عبد السلام الهراس: 3/94 ( دار المعرفة، المغرب، د.ت ). واعتماد الكتاب المحقق، والتحقُّق من عنوانه؛ ممّا أهمله د. الضامن، ولم يقع فيه د. توفيق الذي نُسب إليه السطو.
(ز) برنامج : ذكر ابن الزبير أنه كان موجودا بين الناس، وقف على ذلك د. توفيق في كتاب: صلة الصلة:3/251، ولم يشر د. الضامن إلى هذا البرنامج ضمن مؤلفات ابن الطحان.
(ح) مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ، ومنه هذه المقدمة ( الرسالة)، ولاحظنا أن د. الضامن حقق الكتاب بعنوان: كتاب مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ، أما د. توفيق فقد قرأ الرسالة وعلق عليها بعنوانها الأصلي: مقدمة في أصول القراءات من كتاب مرشد القارئ... وهذه "المِنِّيَة"، لم يلتفت إليها د. الضامن، وكانت عند د. توفيق نابعة من رؤية متمعنة في أعمال ابن الطحان، يذهب من خلالها إلى أن كتاب "مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ"؛ هو عبارة عن كتاب يشتمل على مجموعة أبواب جاءت في شكل مقدمات تُرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ،( وكأن كل باب يحمل عنوان رسالة). وهذا ما توصّل إليه د. توفيق من خلال دراسته للرسالة، كما سنرى.
هل في كل ما سبق، وقع ما يُقال له وقوع الحافر على الحافر؟ هل لامستَ أيها القارئ شيئاً من السطو على مجهود د. الضامن؟ هل في تقديرك يُمكن أن يُتهم د. توفيق بالانتساب إلى ما أسماه د. الضامن "مافيا سلخ حقوق العلماء"؟ هل أدّى د. الضامن ما كان ينبغي أن يقوم به، وهو الخبير بقضايا التحقيق؟ هل رأيتَ أيها القارئ جُزْئِيَّةً ما استفادها حقا من التحقيق السابق؟ ألا ترى معي أيها القارئ أن اتهام د. الضامن لا يقوم على أي أساس؟ هل يثبُتُ منه شيءٌ عند المقارنة؟ أليس في هذا الاتهام رمْيٌ للناس بالباطل، ونهش لأعراض الناس أمام قراء المواقع الإلكترونية؟

سادسا: مع مقدمة التحقيقيْن: مع الرسالة
(1) عن مجهود د. الضامن في دراسة الرسالة:
عن توثيق الرسالة: أشار د. الضامن أنه وجد الإشارة إلى هذه الرسالة في "غاية النهاية" لابن الجزري، وكذا "نفح الطيب". وقال عن موضوع الكتاب: إنّ ابن الطحان يشرح الأصول الدائرة في القراءة على اختلاف القراءات المتعاقبة على أنواع الروايات...، وأنه شَرَحَ اثنتين وثلاثين لفظة. وعن استفادة اللاحقين من الرسالة: يرى د. الضامن أن الرسالة اعتُمدت من لدن ابن أبي الرضا (791 هـ)، وابن الجزري (833 هـ) في كتابه التمهيد في علم التجويد. وما أورده د. الضامن في هذا الإطار المتعلّق بدراسة جاء في أقلّ من عشرين سطراً بقليل. وهذا الذي ذكرتُه هنا؛ هو الموجود في الطبعة الأخيرة للرسالة؛ أي في التحقيق الذي ظهر سنة 2007م ( مكتبة الصحابة، الإمارات، الشارقة)؛ وهو تحقيق يأتي في الرتبة الرابعة من مجهود د. الضامن.
2 - دراسة د. توفيق للرسالة جاءت بعنوان: إلماعة حول الرسالة، واشتملت الدراسة على النقاط الآتية: - جانب التوثيق: قام بتوثيق الرسالة نسبةً وتسميةً، ولم يكتف بذكر المصادر، وإنما أضاف:
- علاقة الرسالة بالمؤلّف بصاحبها من خلال الإشارة إلى بعض شيوخ ابن الطحان.
– النظر في كتبه الأخرى في ضوء ما ورد في الرسالة – الإتيان بنقول منسوبة إليه من ثلاثة مصادر.
اعتماد العنوان الوارد في نفح الطيب وهو أصول القراءات. ويقول إن نسخة تشستربيتي أوضحت أنها المقدمة الثانية من كتاب المرشد، وأنها تأتي تتْميماً للرسالة التي تقدمتها من هذا الكتاب ( رسالة: مخارج الحروف وصفاتها، مطبوعة).
وعن آثار الرسالة في اللاحقين: أتى د. توفيق بنقول من شرح الدرر اللوامع للمنتوري ( أربعة نقول هامة في الموضوع أخذها المنتوري من كتاب المرشد، على حد قول المنتوري).
ومما نبَّهَ إليه د. توفيق "أن هذه المقدمة والتي سبقتها مجعولتان على التقدمة لما بعدهما من مقدمة أو مقدمات، وأن مجموع ذلك هو الذي يؤلف كتاب مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ، وأن كثيراً من مباحث هذه المقدمة يحيل المؤلف على متعلقاتها فيما يأتي، ثم لا تجد لذلك أثراً بعد، كما أن عبارة ابن الجزري: " لا يعرف قدره إلا من وقف عليه" [ ص16 ]؛ وهو يتحدث عن كتاب المرشد؛ تدلّ دلالة واضحة على أن ابن الجزري يتحدث عن كتاب مخصوص، له قَدْرٌ، ويمكن الوقوف عليه.
- أما عن موضوع الرسالة فقد وجد د. توفيق أن ابن الطحان ضبط أصول القراءة في عشرين أصلا، وميز الباحث بين الأصول وبعض المرادفات لها، وأتى بالمصطلحات التي شملها الشرح وعددها 34، وقال الضامن عن ابن الطحان أنه شرح 32 لفظا.
- أما حديث د. توفيق عن منهج ابن الطحان فقد أبرزه بعبارة العالم المتخصص الذي وضع الرسالة في إطارها العلمي بتمكن واقتدار. وتميز عمل د. توفيق بوصفه للنسختين المعتمدَتيْن في التحقيق، وبيان قيمة الرسالة وتحديد منهجه العملي فيها.
- ومما تميز به عمل د. توفيق أنه وضع محتويات الرسالة في نهايتها، وهذا لم يفعله د. الضامن، حتى في طبعته الأخيرة.
هل يُقارَن مجهود د. الضامن بما فعله د. توفيق؟ ألا يشعر د. الضامن أنه تسرّع في اتهام د. توفيق؟ أما يزال د. الضامن مصرّاً على اتهام د. توفيق بالسطو على عمله؟ ألا يُراجع نفسه، وينظر بعين الإنصاف، ويُقارن بين عمله وعمل د. توفيق؟ ربما كان د. الضامن يتحدث عن نوعِ من السطو نجهله. هل كان د. توفيق من خلال تعليقاته الضافية في حاجة لأن ينظر في منجز د. الضامن؟ هل تُقارَنُ المعلومات والفوائد التى أتى بها د. توفيق بما أتى به د. الضامن؟ في قراءتنا لتحقيق د. توفيق نجد أنفسنا أمام باحث متمكن من أدواته، له خبرة واسعة بمجال الرسالة وموضوعها؛ فهي تقع ضمن اهتمامه. أما أخلاق د. توفيق فإنها تأبى عليه أن يلتفت إلى شيء يملكه غيرُه.


سابعا: ضبط النص
ولعل المجال الذي يُختبر فيه اتهام د. الضامن يبرُز ويتضح وينكشف في ضبط نص الرسالة والتعليق عليه. فهل سطا د. توفيق على تصحيحات د. الضامن؟
نضع القارئ أمام بعض الشواهد المستخلصة من هوامش التحقيق؛ للمقارنة بينهما.
في الصفحة الأولى تأتي المفاجأة:
في الصفحة الأولى من الرسالة نُفاجأ بما يلي:
في تحقيق د. الضامن (في نشرته الأولى والأخيرة)، نجد:
به أستعين - المُجَوِّد – عبد العزيز بن علي
وفي تحقيق د. توفيق:
به نستعين – المحمود – عبد العزيز علي
وواضح أن د. توفيق أخطأ في هذه الأمور الثلاثة، وأصاب د. الضامن؛ ففي المخطوط "به أستعين"، وفي المخطوط " المحمود"، والصواب "المُجَوِّد"، وفي المخطوط" عبد العزيز علي"، والصواب ما حقّقه د. الضامن وهو عبد العزيز بن علي. وهنا السؤال، أكان د. توفيق، وهو المتهم بالسطو، وهو من مافيا سل جهود العلماء، ألاّ يسرق من مجهود د. الضامن هذه الأشياء البسيطة؛ التي لا يُتهمُ أحد بسرقتها، ولو سرقها أحد غير د. توفيق لما انتبه أحد إلى فعلته. لا شكَّ أن د. توفيق لم ينتبه إلى ما في المخطوط، وفيه: به أستعين؛ ونقل: به نستعين. ووجد" المحمود" في المخطوط، فحافظ على لفظ "المحمود". لِمَ لمْ يسرق هذه الأشياء؟ ولِمَ لمِ يُثبت: عبد العزيز بن علي، وقد أثبتها في غلاف الرسالة؟ هل تسمَح مافيا سلخ مجهود العلماء أن يكون د. توفيق من أعضائها، وهو لا يُحسن سرقة هذه الأشياء؟ فكيف يُعتمد عليه فيما هو أهم؟ أكان هذا الأمر يحتاج إلى مهارة في السرقة والتدليس؟ وهل السارق الذي لا يُحسن هذا المستوى من السرقة تسمح له المافيا أن يكون أحد أفرادها؟ هذه استهانة بالمافيا إذا كان د. توفيق أحد أعضائها.
(2) إطلالة على الفروق بين التحقيقين:
ونكتفي الآن بالإشارة إلى الفروق الآتية بين التحقيقيْن:
د. الضامن: حصل حينئذ مثلان، ص66
د.توفيق: حصلا حينئذ مثليْن، ص35
د. الضامن:وإذا حصل مثلان، ص66
د. توفيق: وإذا حصلا مثلين، ص35
د. الضامن: إخفاء النون، ص67
د. توفيق: أداء النون، ص36
د. الضامن: شديد الفك، ص70
د. توفيق: شدّ الفك، ص39
د. الضامن: حكم مستقل، ص70
د. توفيق: حكم مستعمل، ص40
د. الضامن: في حال الكسر، ص71
د. توفيق: في غالب الأمر، ص41
د. الضامن: مصاف الكسر، ص71
د. توفيق: مذاق الكسر، ص41
د. الضامن حاملا على الضمة، ص75
د. توفيق: دليلا على الضمة، ص45
د. الضامن: ظاهرتي الجسم والقرع، ص76
د. توفيق: ظاهرتي المجسة والقرع، ص46
د. الضامن: مع النقض وإظهار النطق:80
د. توفيق: مع التغنين وإظهار التطنين:50
إن المتتبع لأوجه الاختلاف، ولعشرات الفروق بينهما؛ لا يمكنه أن يخطر بباله أن د. توفيق نظر بطرف خفي إلى تحقيق د. الضامن. ومن نظر بعين الإنصاف يُجل عمل د. توفيق أن يقال في صاحبه إنه من مافيا سلخ جهود العلماء.

(3) كيف يُصحح كل منهما؟
يلاحظ في تصحيحهما ما يلي:
- د. توفيق يحتفظ باللفظ في المتن، ويقترح الصواب في الهامش من كتاب التمهيد، بعد أن يضع اللفظ بين معقوفتيْن، وهذه هي الطريقة العلمية المقررة في مجال التحقيق.
- في طريقة الإحالة يكتب د. الضامن : في الأصل، أما د. توفيق فيكتب: في المخطوط.

ثامنا: مع هوامش التحقيقين:
عدد التعليقات في الهوامش:
بالنسبة لهوامش البحث: أورد د. الضامن 48 تعليقا، منها 33 اكتفى فيها بقوله: يُنظر، مع الإحالة إلى المصدر، بدون تعليق أو توضيح، مع ترجمة لعلَمَيْن باقتضاب شديد. أما د. توفيق فقدم 171 هامشا بها تعليقات إضافية تنزع الغموض عن عبارات الرسالة، وتُفيد تصحيحات وتصويبات حول ما ورد فيها من قضايا، وضمَّنَ شروحَه المواد اللغوية التي تنحدر منها المصطلحات القرائية، وفي ضوء ما تُنبئ به أمهات كتب القراءات، وما تُعين على معرفته آثار ابن الطحان. واعتماد د. توفيق للأصل اللغوي في شرح المصطلحات قرّب المعاني من الأفهام، وجعل من عمله هذا أثراً رائداً جديرا بالتقدير. ومجهود د. توفيق في تعليقاته على الرسالة، وهو المتخصص بالأمور التي تطرحها، يرى فيها د. الضامن مجرد إضافة "شذرات في الحواشي". وياليت د. الضامن أتى بشذرة واحدة في حاشية من حواشيه، من مثل ما أتى به د. توفيق.


(2) التعليقات بين الحضور والغياب:
لم يكن للدكتور الضامن تعليقٌ واحدٌ يوضح به ما غمُض من النص المحقق، وكان القارئ يحتاج إلى إزالة الإبهام عن بعض العبارات، والتدقيق في بعض المصطلحات التي تستوجب تعليقات.
تراه في تعليقه على المصطلحات الواردة في الرسالة، يكتفي في الهامش بقوله: يُنظر، فيُحيل إلى المصادر التي وردت فيها تلك المصطلحات. ولم يُقارن مرة بين النص المعتمد في الرسالة، والنصوص المشابهة له. ولم نرَ للمحقق نقداً لنص مُبَيِّناً ما فيه من وهم أو خطأ. ولم يُقدم مرة ما يُزال به الوهم واللبس في عبارة من الرسالة، وكثير من العبارات كان ينتظر القارئ من عالم في حجم د. الضامن أن يُزيل ما فيها من إبهام. ومن خلال " يُنظر" لم يجد لك القارئ اتصالا بالمصادر والمراجع القريبة من النص المحقق، يكشف عن معاناتك في قراءة النص وتخريجه وتصويبه. هل ذلّلتَ، يا دكتور، شيئا من معضلات هذا النص؟ هل أبنتَ شيئا من معرفتك بالقراءات وأنت تخوض غمار هذه الرسالة؟
(4) ترى، ما هي أسباب انفعال د. الضامن؟
لعل الأسباب التي كانت وراء انفعال د. الضامن إلى درجة حملته على إرسال كلام لا يصدر من أمثاله من أهل العلم والتحقيق، يمكن إجمالها فيما يلي:
(أ)عدم الإشارة إلى تحقيق د. حاتم الضامن في مقدمة التحقيق.
(ب) الاكتفاء بالإشارة إليه في الهامش 35 بقوله: نشرها منقوصة غير كاملة د. حاتم الضامن في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني ع48، 1425هـ، وبلغني أن الكتاب طبع كاملا في بيروت ولمّا أقف عليه.
(ج) في هامش 31 أشار د. توفيق إلى تحقيق الإنباء في تجويد القرآن من جانب أحمد محمد قضاة قائلا: يؤسفني أن أقول بأن الكتاب – على صغر حجمه – لم ينل ما يستحق من الاهتمام والاهتبال، فأصابه غير قليل من التحريف والتصحيف؛ مما يبغي التصحيح. ونشره في مجلة الأحمدية ع 4 جمادى الأولى 1420هـ د. حاتم الضامن ( وكأن الضامن يجري على تحقيقه من الأسف ما جرى على تحقيق القضاة، وكان من المنتظر أن يتم التنويه بتحقيق د. الضامن أولا، وألاَّ يقال: نشره، وإنما حققه، وأن يذكر اسمه ثلاثيا ). (د) لم تتم الإشارة إلى تحقيق د. الضامن الذي اطلع عليه د. توفيق، ولم يستحضره البتة أثناء المقابلة ولا أثناء التعليق، ولعل هذا ما حزَّ في نفس الرجل.
(هـ) ولم يشر كذلك إلى تحقيقه ضمن مصادر التحقيق ومراجعه، وأشار إلى المخطوط. ولكن أكان هذا الإهمال من د. توفيق يستوجب اتهامه بالانتساب إلى مافيا سلخ جهود العلماء؟
قد تكون هناك أسباب للدكتور توفيق حالت دون متابعة تحقيق ما أنجزه د. الضامن، ربما تكون ظروف سفر د. توفيق إلى القاهرة حالت دون استحضار تحقيق د. الضامن، أو أنه لم يجد فيه ما يستدعي الاهتمام به.
تاسعا: ثقافة المحقق وموضوع التحقيق
من المستحب لدى فقهاء التحقيق أن تكون في المخزون الثقافي للمحقق علاقة بما يريد تحقيقه؛ أن يكون ملما بمجال النص المحقق، مطلعا على مصادره، ضابطا لمصطلحاته. ومن المعلوم أن د. توفيق شيخ من شيوخ القراءة، وممن تُشدُّ إليهم الرحال من أجل الإقراء. وجهوده شاهدة على ذلك.
وثقافة د. توفيق واضحة للعيان من خلال تعليقاته الدالة على خبرته الواسعة بالموضوع.
أما د. الضامن فيكتفي بالقول: يُنظر، ويشير إلى المصدر الذي ورد فيه المصطلح؛ مما جعلنا لا نعرف شيئا عن علاقة المحقق بموضوع الرسالة.
ومما تجدر ملاحظته أن عدد المصادر والمراجع التي ذكرها د. الضامن لا يتجاوز 26كتابا – وعند د. توفيق:59 كتاباً، والفرق بينهما: 33
خلاصة:
يبدو أن د. الضامن لم يتجرد في اتهامه هذا من هواه الذي أعماه عن قول الحق. ولو أنه هدأ قليلا وقارن بين تحقيقه وتحقيق د. توفيق لتبيّن له أن ما قدَّمَه د. توفيق لا يَنِمُّ عمّن يَتَسَقَّط ما يأتي به أمثال د. الضامن. فشخصية د. توفيق لها رسوخها العلمي، ولها تمكنها من مجال تخصصها، ولا تتطفّل على غير تخصصها. ربما تكون هناك تحقيقات أخرى للدكتور الضامن، تحمل بعض ما يُستفاد منه؛ أما تحقيق هذه الرسالة التي ادعى د. الضامن أن د. توفيق سطا عليها؛ فإنها لا تستحق أن تكون محل سطو؛ فليس فيها ما يُثير رغبة السطو من أحد.
ولو نظر د. الضامن بعين الإنصاف لشهد للدكتور توفيق بالتميز والتفوق على ما قدمه، ولما سمح لنفسه أن يقول في د. توفيق ما قاله. قد يكون د. توفيق أساء حين لم يُشر إلى عملك في مقدمة تحقيقه، ولم ينوِّه بسبق د. الضامن بتحقيق هذه الرسالة ولكن ألا ترى يا دكتور أنك تجاوزت الإساءة باتهامك للدكتور بالسطو؟ يبدو أن الغضب حال بينك وبين أن تتقيد بقول الحق. لقد ذكرتَ – يا دكتور - أخاك بما يكره ظلما وعدواناً.
إن المقارنة النزيهة بين العملين لا تنمُّ مطلقا على شيء ممّا جاء في صك الاتهام. يبدو أن الغضب تملَّك د. الضامن، وأفقده حِلْمَه، وأنساه ذلك أن يكون عادلا في حال غضبه، فأعرض عن الحق. وقد اتضح بالمقارنة أن التهمة باطلة، ولا تستند على أي أساس علمي واحد.
وفي خاتمة كلمتي هذه أدعو الله أن يتجاوز عن د.الضامن، وأن يغفر له زلته، وإساءتَه للدكتور توفيق الذي ظلمه ظلما شديداً حين قال فيه ما قاله.
أتمنى أن نردد جميعاً مع الإمام الشافعي(204هـ) قوله:
"ودِدتُ أن كل علم أعلمُه يعلَمُهُ الناسُ؛ أُوجَرُ عليه، ولا يَحمَدونَني"( مناقب الشافعي للبيهقي:2/160).
والإمام الشافعي ألّفَ كتباً لا تزال من أصول المعرفة في تاريخ الثقافة الإسلامية.

انتهى كلام فضيلة الدكتور عباس أرحيلة - حفظه الله .
 
أشكر أخي الكريم الأستاذ جعفر المراكشي وفقه الله على نشره هذه المقالة للدكتور الفاضل عباس أرحيلة جزاه الله خيراً ، وقد قرأتُ المقالة مرتين ولمستُ فيها أدباً وإنصافاً . وما كنتُ أظنُّ أنني بإشارتي المبهمة تلك - التي ذكرتها في ذيل إشارتي لصدور طبعة الكتاب الجديدة بتحقيق الأستاذ الدكتور حاتم الضامن - قد أسأتُ إلى شخصٍ بعينه ، فلم أحدد من هو المقصود ، وإنني لأعتذرُ لأخي الدكتور توفيق العبقري رعاه الله وأطلب منه العفو .
والمشاركة التي أثارت استياء أخي الدكتور توفيق العبقري والدكتور عباس أرحيلة هي هذه المشاركة :
[align=center]صدر حديثاً (مرشد القارئ إلى تحقيق معالم المقارئ) لابن الطحان السماتي [/align]
وقد بعث لي أخي الكريم الدكتور توفيق العبقري رسالة مطولة على بريدي الالكتروني يبين لي فيها استيائه الشديد من مقالة الأستاذ الدكتور حاتم الضامن ورغبته في بيان الحقيقة . فأشرتُ عليه حينها بأن يكون بيانه مباشرة للدكتور حاتم الضامن بحيث يعتذر الدكتور حاتم الضامن - إن أراد ذلك - في مقدمة أحد كتبه أو بمقالة ينشرها أو نحو ذلك . وعدم جعل هذا موضوعاً للجميع يتناقلونه ، وقلتُ له في آخر رسالتي (من حقك أن تدافع عن نفسك وتبين الحق بعد أن صرح الدكتور حاتم الضامن باسمكم ونشره في مقدمة تحقيقه للكتاب) .
ويبدو أن الدكتور توفيق قد رأى أنه من المناسب أن يتولى الجواب والبيان أحد أساتذة جامعة القاضي عياض ، وقد أحسن في الاختيار .
وفي الحقيقة إنني لم أقصد بتلك الإشارة المبهمة الإساءة إلي شخص الدكتور توفيق ولذلك لم أصرح باسمه ، مع تصريح الدكتور حاتم الضامن بذلك، وقد حمدها لي الدكتور توفيق في رسالته تلك ، ولكنني أرى الأخ الدكتور عباس أرحيلة يكاد يميل إلى أن القصد منها التشهير بالدكتور توفيق ومعاذ الله أن يكون هذا مقصدي ، وإنما أنا ناقلٌ لما في المقدمة ولم أتجاسر على التصريح باسم الدكتور توفيق لمعرفتي بمكانته العلمية .
وهذا البيان قد حصل ولله الحمد ، والدكتور حاتم الضامن حي يرزق يقرأ ويستطيع أن يبين وجهة نظره وعذره في هذا الاتهام ، وأخي الدكتور مروان الظفيري وكذلك أخي الدكتور عمار الددو من تلاميذ الدكتور حاتم يكتبان معنا وبإمكانهما نقل وجهة نظر الدكتور حاتم .
وأما رأيي الشخصي فما كنت أحب للدكتور حاتم الضامن أن يذكر هذا في مقدمة تحقيقه للكتاب ، لأسباب كثيرة ، ولأن الأصل في مثل هذه الأعمال أن يترك للقارئ الحكم والموازنة بين الجهود العلمية دون حاجة إلى توجيه اتهامات لأشخاص بأعيانهم إلا في أضيق الحدود ، كما إنني لا أحب أن يصعد الموضوع ليأخذ أكبر من حجمه الطبيعي ، حيث أخشى أن يزيد حجم المناقشات على حجم الكتاب الأصلي الذي وقع الخلاف من أجله .
نسأل الله أن يصلح أعمالنا ، وأن يتجاوز عن تقصيرنا وذنوبنا .
 
بارك الله في أخي عبد الرحمن الشهري ووفقه لما يحب الله ويرضاه
 
للتوضيح فقط فالشيخ العبقري لم يختر الأديب فضيلة الدكتور عباس أرحيلة- حفظه الله - للبيان باسم الجامعة - و فضيلته هو من هو- بل إن معرفته الوثقى بالشيخ، وتتبعه العلمي لما يجري في الميدان العلمي الأدبي - وهو الناقد المبين- أثار فيه غيرة الذب عن الحق وبيانه ، وتجليته وإظهاره ، خصوصا بعد أن انتشر الخبر انتشار النار في الهشيم ، وخلف استياء كبيرا بين الأفاضل داخل المغرب وخارجه...
نسأل الله تعالى أ ن تكون نوادينا متصفة بأدبيات سلفنا الصالح الذين تحقق فيهم التثبت والإنصاف .. وإن كان الإنصاف عزيزا...
جعل الله هذا المصاب في ميزان حسانات أستاذنا الشيخ العبقري ، ووفقنا ووفق الأفاضل الذين يقومون على حراسة ثغر من ثغور الإسلام - النوادي العلمية- لما يحب ويرضى.
 
عودة
أعلى