إياد السامرائي
New member
(كتب الدكتور عبد المجيدمحمد أحمد الدوري بحثاً بعنوان (رَفْعُ الإيهامِ عَن يوسفَ ) وهو يود أن ينشره في ملتقى أهل التفسير فكلفني بهذه المهمة ، وهو بحث بذل فيه الباحث جهداً طبياً ، وموضوعه يستحق البحث والمناقشة ، فأنا اليوم أضعه في الملتقى لتعم به الفائدة واطرحه تحت مناقشة الأعضاء ليفيدونا بتعليقاتهم وآرائهم السديدة
رَفْعُ الإيهامِ
عَن يوسفَ
وهو بحث في تفسير قوله :
وَهَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا
إعداد أ.م.د.عبد المجيد محمد أحمد الدوري
جامعة تكريت ـ كلية التربية / سامراء
المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على من ختم به عقد الأولين والآخرين ، وجعل رسالته خاتمة الرسالات ، وخصَّه الله بأرقى الكمالات ، وجعل دينه المهيمن على سائر الأديان ، سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين .
وبعد : فإن خير ما تصرف لأجله الهمم ، وتشدُّ إليه الرحال ، وتمتطى في سبيله الركاب ، هو النظر في آية محكمة أو سنَّة متبعة . فهذا البحث محاولة جادة يسلط الضوء على قبس من أقباس القرآن ، نلتقي به مع نبي صديق ورسول ابتلاه الله فصبر على ابتلائه ، وثبت على دينه وإيمانه بالله ، فلم تغيِّره المغيِّريات ، ولن تثنيه التهديدات من لدن امرأة تملك السلطان والمال والجمال ، وكان أثبت من الراسيات . فكانت نعمة الجمال التي أنعم الله بها عليه عرضته لفتنته ، قلَّ أن تمرَّ بأحد فيخرج منها معافى سليماً ثابت الجنان . وبحثنا هذا معقود لإماطة اللثام عن قوله : وَهَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَولا أن رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ ، وإزالة الأوهام التي تعلق بها أهل الروايات المكذوبة ، والأخبار الإسرائيلية ، والحكايات المنتحلة في نسبة ( الهمّ ) بالفعل المشين الى نبي عصمه الله من الدنايا ، وصان عرضه من كل قولٍ وسوء .
لقد تعرض هذا النبي الصديق الى أشد أنواع الابتلاء ، فعاش زمن العبودية وهو النبي الحر المدلل عند أبيه ، فشاءت الأقدار أن يشتريه العزيز بثمن بخسٍ ، ويكون عبدًا لامرأة حسناء بارعة الجمال ، تملك من كل مغريات الحياة ومتعها ، فهي سيدة القصر الذي عاش فيه النبي المستعبد ، وكانت تنظر الى جماله منذ نعومة أظفاره فعشقته وهامت بحبه الى درجة الجنون ، فذات يوم من الأيام ، وهو في بيتها ، استولى عليها سلطان الشهوة فأسرها ، فأخذت ترسل التلميحات والإشارات ، فلم تجد لها موضعًا عند من أحبته ، فلما عجزت تلك الاشارات ، وخابت في التعريض له بالمغازلة والمهازلة ، تنزلت الى المكاشفة والمصارحة ، ومن شأن النساء أن المرأة تكون مطلوبة لا طالبة ، ومراوَدة عن نفسها لا مراوِدة ، حتى إن حماة الأنوف من كبراء الرجال ليطأطئون الروؤس لفقيرات الحسان ربات الجمال ، بل إن الملوك ليذلون أنفسهم لمملوكاتهم وإزواجهم ، ولا يأبون أن يسموا أنفسهم عبيدًا لهنَّ ، ولكن هذا النبي ( العبد العبراني ) الخارق للطبيعة البشرية في حسنه وجماله ، وفي جلاله ، قد عكس القضية وأسس سلوكًا وناموسًا جديدًا في عالم المغريات ، وجعل كل ما في الدنيا ومغرياتها لا يساوي طرفة عين تنتهك فيه المحرمات وتهاون فيه المقدسات ، وخرق نظام الطبيعة ، فأخرج المرأة من طبع أنوثتها وتمنعها ، وهبط بالسيدة المالكة من عزة سيادتها وسلطانها الى امرأة ذليلة لشهوتها وعبدها وخادمها ، بما هونه عليها قرب الوساد وطول السواد( ) ، ثم تصارحه بالدعوة إلى نفسها ، فيزداد تمسكًا بما حباه الله من غرس الإيمان وصلابة على الأمر الذي اختاره الله ليكون داعية إليه على نور وبصيرة ، ومن أجل دينه اختار السجن على المعصية ، وعدم الوقوع في وحل الرذيلة ، هذا هو النبي الكريم يوسف الذي نلتقي معه في جزئية من جزئيات جهاده ، ودعوته إلى الله في بحثنا هذا .
وهذه الآية التي هي سبب بحثنا تعد من الآيات التي أشكل معناها على كثير من المفسرين ، بل قد أشار الرازي إلى أنها : (( من المهمات التي يجب الاعتناء بالبحث عنها ))( ) ، وقد عدَّها الدكتور محسن عبد الحميد من المشكلات في التفسير( ) ، فهذا الكلام من الرازي هو الذي دفعني للكتابة عنها ، ولكي أقف على حقيقة تفسيرها حاولت استقصاء أكثر كتب التفسير التي تناولت هذه الاية ، وحاولت أن أجعل بحثي منصبًّا على تفسير ( الهمّ ) تاركًا الكلام على ( البرهان )( ) ، لأنه يحتاج الى بحث مستقل .
والأمر الآخر : ذكرت الروايات كما هي عند الطبري ، ثم أتبعتها بعد ذلك بتحقيق أسانيدها من كتب الجرح والتعديل ، وجعلت أرقامها كما هي مثبتة في النسخة التي حققها الأستاذ محمود محمد شاكر لتفسير الطبري ، ودرست كل أثر برجاله ، مترجمًا لكل واحد من الرواة ، مع بيان حاله من الصحة والضعف ، وبعدها أحكم على كل أثر ورد بحسب ما تقتضيه طبيعة البحث .
ومن أهم المشاكل التي واجهتني في بحثي هذا ، موضوع الرواة ، فإن الطبري في كثير من الأحيان يذكر الاسم مجردًا عن اسم ابيه وجده ، فلا أدري من هو المطلوب ، وأن تفسير الطبري مليء بالأعلام المبهمة ، والتي تجعل الوصول إلى تعيين المراد من أصعب الأمور وأعقدها .
وقد وجدت أن الروايات التي ساقها الطبري في تفسيره لقوله : وهمت به وهم بها ، كلها تتفق على معنى واحد ، وهو نسبة ( الهم ) إلى يوسف لفعل الفاحشة لولا رؤية البرهان ، وإن في هذه الروايات تجاسرًا على مقام النبوة ، وأغلب ظني أن هذه الروايات يظهر فيها بوضوح الأثر اليهودي ، لأنه معلوم أن اليهود يصفون أنبياءهم بأقبح الصفات وأبشع الأعمال التي لا تتفق أن تصدر من أقبح الفساق ، ورأيت كثرة الروايات الإسرائيلية التي أُلصِقَت بتفسير هذه الاية ، وتتبعت هذه الروايات من حيث الإسناد فلم يصح فيها سند صحيح ، ولم يذكر هذه الروايات أصحاب الكتب الستة ، فكلها أسانيد ضعيفة أو موضوعة ، أما من حيث المتن فأغلب المحققين من المفسرين على نقدها وردها .
وقد جعلت بحثي في مقدمة ومبحثين وخاتمة .
فأما ( المقدمة ) فذكرت فيها الباعث لكتابة البحث والجامع الذي يجمع الروايات التي ساقها الطبري .
أما ( المبحث الأول ) : فتكلمت فيه على بيان ( الهمّ ) عند أهل اللغة والتفسير .
وتكلمت في ( المبحث الثاني ) على المرويات التي تفسر ما يتعلق بـ ( الهمّ ) ، وقسمته على ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : تناولت فيه الروايات التي نقلها الطبري في تفسيره .
المطلب الثاني : تناولت فيه تحقيق الروايات في ذلك من حيث الإسناد .
المطلب الثالث : تناولت فيه نقد المحققين من المفسرين لمضمون الروايات التي ساقها الطبري .
أما ( الخاتمة ) فذكرت أهم ما توصلت إليه من نتائج .
المبحث الأول
بيان معنى ( الهمّ ) عند أهل اللغة والتفسير
قال : ولقد همت به وهم بها ، هذه الآية الكريمة من الآيات المشكلة من حيث إنها نسبت ( الهم ) في الظاهر إلى يوسف ، ومن أجل الوقوف على صرفة الآية على الوجه الصحيح ، لا بد لنا من الوقوف على معناها عند أهل اللغة .
جاء في لسان العرب : (( و( همَّ بالشيء يهمُّ همًّا ) : نواه وأراده وعزم عليه ، و( الهمُّ ) : ما همَّ به في نفسه . تقول : ( أهمني هذا الامر ) ، و( الهَمَّة والهِمَّة ) : ما همّ به من أمر ليفعله ، وتقول : ( إنه لعظيم الهمِّ ) ، و( إنه لصغير الهمة ) ، و( إنه لبعيد الهِمَّة ) ، و( الهَمَّة ) ، بالفتح ))( ) .
و( الهُّم بالشيء ) في كلام العرب : حديث المرء نفسه بمواقعته ما لم يواقع( ) . وقال ابن قتيبة : لا يجوز في اللغة : ( همت بفلان ) ، و( همَّ بي ) ، وأنت تريد اختلاف الهمَّين ، واحتج من نصر هذا القول بأنه مذهب الأكثرين من السلف والعلماء الاكابر( ) .
قال الزمخشري : (( ( همَّ بالامر ) اذا قصده وعزم عليه ))( ) .
قال ابو حاتم : (( كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة ، فلما أتيت على قوله تعالى : ولقد همت به وهم بها ، قال أبو عبيدة : هذا على التقديم والتأخير ، كأنه أراد : ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها ))( ) .
قال الجوهري : (( ( الهمُّ ) : الحزن ، والجمع : ( هموم ) ، و( أهمني الأمر ) إذا أقلقك وحزنك ، ويقال : ( همَّك ما أهمك ) … و( الهمّة ) واحدة : ( الهِمَم ) ، يقال: ( فلان بعيد الهِمَّة ) أيضًا بالفتح ، و( همت بالشيء أهم ) إذا أردته )) ( ) .
من هذا العرض لمادة ( همَّ ) يظهر أن معناها هو : القصد والإرادة لفعل ما ، فلا يمكن إسناد الفعل الى ( الهمِّ ) ، لأن الإنسان قد يحدث نفسه بشيء ثم لا يفعله ، وإنما يكون الفعل حيدما يدخل حيز التنفيذ ، وهذا لم يحصل ليوسف ، والسنة النبوية تؤيد ذلك . ومن رحمة الله بخلقه أنه من همَّ بحسنة ليفعلها ولم يفعلها كتبت له حسنة ، كما جاء ذلك في الحديث الذي يرويه أبو هريرة ، قال : قال رسول الله : ( قال الله : إذا أهمَّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه ، فإن عملها فاكتبوها سيئة ، واذا أهم بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة ، فإذا عملها فاكتبوها عشرًا ))( ) . فهذا الذي ذكره الحديث القدسي من معنى ( الهمَّ ) هو الموافق للغة . قال محمد رشيد رضا : (( أجمع أهل اللغة على أن ( الهمَّ ) إنما يكون بالأعمال لا بالشخوص والاعيان ، وتحقيق معناه أنه مقاربة لفعل تعارض فيه المانع والمقتضي ، فلم يقع لرجحان المانع ، وهو الموافق لقول علماء الأصول في التعارض الأعم ))( ).
هذا بالنسبة إلى معنى ( الهمَّ ) عند اهل اللغة . أما معناه عند أهل التفسير : فإن أقوالهم في بيان معنى ( الهمِّ ) متقاربة ، فبعضهم ينسب ( الهمّ ) إلى يوسف من حيث الظاهر ، والقسم الاخر : ينزهه من ذلك ، وذكروا في ذلك عدة أقوال نجملها فيما يأتي :
القول الأول : إنه كان من جنس همِّها ، لولا أن الله عصمه الفعل ، وهذا قول الحسن البصري وسعيد بن جبير والضحاك والسدي ، وهو قول عامة المفسرين المتقدمين . واختاره جماعة منهم : ابن جرير الطبري وابن الأنباري ، وأيدوا قولهم هذا بقول ابن قتيبة : (( لا يجوز في اللغة : ( همت بفلان ) ، و( همَّ بي ) ، وأنت تريد اختلاف الهمّين ))( ) ، واحتج من نصر هذا القول بأنه مذهب الأكثرين من السلف والعلماء الأكابر ، وعدَّه ابن جرير رأي السلف ، وما عَدَاه من الآراء رأي من يتأول القرآن بآرائهم( ) .
القول الثاني : إنها همّت به أن يفترشها ، وهمَّ بها بأن جلس مجلس الرجل من زوجته فحلَّ السراويل . وهذا رأي الطبري اعتمادًا على ما رواه عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة( ) . وبعض المفسرين يرى أن همّه بها كان على معنى التمني لأن تكون له زوجة . رواه الضحاك عن ابن عباس( ) . وسنناقش هذه الروايات وأمثالها في مواضعها .
القول الثالث : أن في الكلام تقديمًا وتأخيرًا . تقديره : ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهمَّ بها )) ، فلما رأى البرهان لم يقع منه الهم ، فقدم جواب ( لولا ) عليها . كما يقال : ( قد كنت من الهالكين لولا أن فلانًا خلصك لكنت من الهالكين ) ، ومنه قول الشاعر :
فلا يدْعُني قومي صريماً لحُرة لئن كنت مفتولاً وتسلم عامر( )
أراد الشاعر : لئن كنت مقتولاً وتسلم عامر فلا يدعني قوم ، فقدم الجواب ، والى هذا القول ذهب قطرب ، وأنكره قوم منهم ابن الانباري ، وقالوا : تقديم جواب ( لولا ) عليها شاذ مستكره لا يوجد في فصيح كلام العرب( ) ، وأنكره كذلك الطبري بقوله : (( إن العرب لا تقدم جواب ( لولا ) قبلها )) ( ) .
القول الرابع : أنه همَّ أن يضربها ويدفعها عن نفسه ، فكان البرهان الذي رآه من ربه أن الله أوقع في نفسه أنه إن ضربها كان ضربه إياها حجة عليه ، لأنها تقول : راودني فضربني . ذكره ابن الانباري( ) .
القول الخامس : أنه همَّ بالفرار منها . حكاه الثعلبي ، وهو قول مرذول افتراه . أراد الفرار منها فلما رأى البرهان أقام عندها( ) .
القول السادس : لقد همّت المرأة بيوسف وهمَّ يوسف بالمرأة ، غير أن همّهما كان تمييلاً منهما بين الفعل والترك لا عزمًا ولا إرادة . قالوا : ولا حرج في حديث النفس في ذكر القلب ، إذا لم يكن معهما عزم ولا فعل( ) .
القول السابع : أن المراد بهمَّ يوسف بها خاطرٌ قلبيٌّ صرفه عنه وازع التقوى . وهذا لا معصية فيه ، إذا فعله المكلف ، وذلك مثل ميل الصائم بطبعه إلى الماء البارد ، مع أن تقواه تمنعه من الشرب وهو صائم . فهذا ( الهمَّ ) مما لا يؤاخذ به العبد ، وهذا هو الذي صدر من يوسف ، صرفه عنه نظره في دليل التحريم أو برهان آخر رآه ، فمنعه من الوقوع فيما همَّ به( ) .
القول الثامن : قال أبو حيان الأندلسي : والذي أختاره أن يوسف لم يقع منه همُّ بها البتة ، بل هو منفي لوجود المانع ، وهو البرهان الذي رآه( ) . وهذا أعدل الأقوال في تفسير الآية ، وأخرتُهُ عن بقية الأقوال ، لأنه الراجح ، وسأذكر فيما بعد أدلة ترجيح هذا القول .
هذه هي أهم الأقوال الواردة في مسألة ( الهمَّ ) ، وسأضرب لكل واحد منها مثالاً من أقوال المفسرين ، مع مناقشة تلك الأقوال .
أولاً : من المفسرين الذين رجحوا القول الاول عمدة المفسرين ابن جرير الطبري . وقد جمع روايات كثيرة أوصل سندها الى بعض الصحابة والتابعين ، وقد جاء بأقوال المخالفين لمذهبه ورد عليها فقال : (( وأما آخرون ممن خالف أقوال السلف ، وتأولوا القرآن بآرائهم ، فإنهم قالوا في ذلك أقوالاً مختلفة )) ( ) .
وعدَّ الطبري الأقوال الأخرى كلها مخالفة لقول السلف وظاهر القرآن ، ووصفها بأنها من قبيل الرأي المخالف لظاهر النص ، فقال بعضهم : معناه : (( ولقد همت المرأة بيوسف ، وهم بها أن يضربها أو ينالها بمكروه ، لهمها به بما أرادته من المكروه ، لولا أن يوسف رأى برهان ربه وكفه ذلك بما همَّ به من أذاها ، لأنها ارتدعت من قبل نفسها ، قالوا : والشاهد على صحة ذلك قوله تعالى : كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ، قالوا : فالسوء هو ما كان همَّ به من أذاها وهو غير الفحشاء )) ( ) .
وقال آخرون منهم : (( معنى الكلام : ولقد همت به فتتناهى الخبر عنها ، ثم ابتدأ الخبر عن يوسف ، فقيل : وهمَّ بها لولا أن رأى برهان ربه )) ( ) . وضعف الطبري هذين القولين بقوله : (( ويفسد هذين القولين أن العرب لا تقدم جواب ( لولا ) قبلها ، فلا تقول : ( لقد قمت لولا زيد ) ، وهي تريد : لولا زيد لقد قمت ، هذا مع خلافهما جميع أهل العلم بتأويل القرآن الذين عنهم يؤخذ تأويله ))( ) .
وقال آخرون : (( بل قد همت المرأة بيوسف وهمَّ يوسف بالمرأة ، غير أن همَّها كان تمييلاً منهما بين الفعل والترك ، لا عزمًا ولا إرادة ، قالوا : ولا حرج في حديث النفس ولا في ذكر القلب ، إذا لم يكن معهما عزم ولا فعل ))( ) أ . هـ كلام الطبري .
أما ردّه رحمه الله على القول الأول الذي ذكره فإنه يمكن أن يكون القول به بعيد عن الظاهر ، ولا دليل عليه ، يقول فخر الدين الرازي في معرض رده على الطبري : (( سلمنا أن ( الهمَّ ) قد حصل ، إلا أنا نقول ( وهمَّ بها ) لا يمكن حمله على ظاهره ، ، لأن تعليق ( الهمَّ ) بذات المرأة محال ، لأن ( الهمَّ ) من جنس القصد ، والقصد لا يتعلق بالذوات الباقية ، فثبت لا بدَّ من تقدير فعل مضمر يغاير ما ذكروه . فيوسف كان يدفعها عن نفسه ومنعها عن ذلك القبيح ، فوجب أن يحمل في حق كل أحد على قصده ، فاللائق بالمرأة القصد إلى تحصيل اللذة ، واللائق بالرسول المبعوث إلى الخلق القصد إلى زجر العاصي عن معصيته ))( ) .
أما ردّ الطبري على القول الثاني ، فإن ما ذكره الطبري فيه نظر ، لأن من العرب من يجيز تقديم جواب ( لولا ) عليها . وهذا ما عليه الكوفيون وبعض البصريين . كما سيأتي لاحقًا . وأما الثاني الذي ضربه وهو ( لقد قمت لولا زيد ) وقدَّر بقوله : ( لولا زيد لقد قمت ) ، فمثاله هذا يختلف عن قوله : ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ، فالآية يتوسطها حرف عطف وهو ( الواو ) ، وهو عاطف لجملة ( هم بها لولا أن رأى برهان ربه ) على جملة ( ولقد همت به ) ( وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ) كما صوَّره الطبري . وعلى هذا تكون جملة ( وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ) مختصة بيوسف وليست معطوفة على الجملة التي تختص بـ( هَمِّ المرأة ) )) ( ).
وأما ردّه على أن هذين القولين يخالفان جميع أهل العلم بتأويل القرآن إشارة منه إلى الروايات التي ساقها فهذا فيه نظر ، لأننا لا نعتقد بصحة تلك الأخبار عمَّن نقلت عنهم ، حتى وإن صحَّ بعضها فهي منقولة عن بعض أهل الكتاب ، علمًا أن الطبري قد رجّح القول : إن ( الهمَّ ) قد صدر منه ، لولا أن الله عصمه ، فثبت القول بما هو الظاهر ، وسلم للروايات التي تطعن بالنبي يوسف . ووصف من خالفها بأنها من قبيل الرأي ، ويترتب على رأي الطبري ومن وافقه أن تبقى جملة ( لولا أن رأى برهان ربه ) من دون فائدة ، فإذا كان ( الهمَّ ) قد حصل منها ومنه ، كلّ واحد منهما بالآخر ، وجلس منها مجلسه الذي ذكروه فما معنى : ( لولا أن رأى ) .
مناقشة الرازي للطبري :
أما تفسيرهم لكلمة ( السوء ) على أنها تشير إلى ما همَّ به من إيذائها ، فذلك فيه نظر ، لأن ( السوء ) جناية اليد ، و( الفحشاء ) هو الزنا ، وكما أن السوء مقدمات الفاحشة ، وقالوا : صرف الله عنه مقدمات الزنا وهو السوء ، وصرف عنه الزنا وهو الفحشاء ، وقد فسرها آخرون بتفسيرات أخرى غير ذلك( ) ، وقالوا : نقدر جوابًا لـ ( لولا ) فنقول : ( لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما همَّ به ) .
نقول : إن اللغة لا تسعفكم على هذا التقدير ، لأنه لا دليل على الجواب المحذوف الذي قدمتموه ، وأيضًا فإن تقديركم قادح بمقام النبوة ليوسف ، فتقديركم معناه : إنه لولا وجود البرهان في تلك اللحظة ، لارتكب الفاحشة ، مما يدل على أنه كان مصرًّا عليها ( وحاشاه ) ، بل إن هذا المعنى تؤكده بعض رواياتكم ، إذ تروي أنه سمع مناديًا من السماء يزجره فلم يصغِ إليه حتى رأى صورة أبيه … فهذه الروايات التي تنسب الى يوسف ( الهمَّ ) المحرم ، تنسب إليه التمادي وعدم الانصياع إلى صوت أبيه لا تليق بالفسقة ، فضلاً عمَّن زينه الله بالنبوة ، وعصمه من كل عمل شائن .
وهذه الروايات التي ساقها الواحدي ، وصفها الرازي (( بأنها تصلف وتجاوز على مقام النبوة . ولو أن الواحدي وصفها بقوله : ( هذا الذي ذكرناه قول أئمة التفسير الذي أخذوا التأويل عمَّن شاهدوا التنزيل ) ، إلا أنها أقوال تفتقر إلى الحجة والدليل ))( ) .
ثانيًا : من المفسرين الذين رجَّحوا أن ( الهمَّ ) هوعبارة عن أمر جبلي الإمام فخر الدين الرازي ، فبعد أن ذكر الأوجه التي فُسِّر بها ( الهمَّ ) ، يرى أن ( الهمَّ ) هنا الهم الجبلي وحديث النفس ، فيقول : (( والثالث : أن يفسر ( الهمَّ ) بحديث النفس ، وذلك لأن المرأة الفائقة في الحسن والجمال إذا تزينت وتهيأت للرجل الشاب القوي ، فلا بد وأن يقع هناك بين الحكمة والشهوة الطبيعة وبين النفس والعقل مجاذبات ومنازعات ، فتارة تقوى داعية الطبيعة والشهوة ، وتارة تقوى داعية العقل والحكمة ، فـ ( الهمّ ) عبارة عن جواذب الطبيعة ، ورؤية ( البرهان ) عبارة عن جواذب العبودية . ومثال ذلك أن الرجل الصالح الصائم في الصيف إذا رآى الجلاب المبرد بالثلج فإن طبيعته تحمله على شربه ، إلا أن دينه يمنعه منه ، فهذا لا يدل على حصول الذنب ، بل كلما كانت هذه الحالة أشد كانت القوة في القيام بلوازم العبودية أكمل ، فقد ظهر بحمد الله تعالى صحة هذا القول الذي ذهبنا إليه ، ولم يبقَ في يد الواحدي إلا مجرد التصلف وتعديد أسماء المفسرين )) ( ) .
وهذا المعنى الذي ذكره الرازي مال إليه القونوي في حاشيته على تفسير البيضاوي وضعف قول البيضاوي الذي يرى استعمال ( الهمَّ ) في غير العزم المصمم مجازًا بقوله : (( وهذا غير ظاهر ، فالأَوْلى تعميم ( الهم ) الى العزم المصمم وغيره )) ، وكما ردَّ القونوي على البيضاوي تفسيره ( الهم ) بالشيء قصده والعزم عليه بقوله : (( يشعر كلامه بأنه معتبر في مفهوم ( الهم ) وليس كذلك ، بل هو يطلق على خاطر النفس من غير اختيار ))( ) .
وما ذكره الرازي رحمه الله من أن ( الهمَّ ) حديث النفس وجواذب الطبيعة جميل ، ولكنه يتقاطع مع كلامه في تعديد الشواهد على تبرئة يوسف ، والتي سيأتي ذكرها في مبحث البرهان( ) ، إذ يربط فيها بين قوله : إنه من عبادنا في سورة يوسف بقوله : وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً [ سورة الفرقان ، آية 63 ] .
إذ يجعل يوسف من عباد الله المقصودين في هذه الاية ، وهو منهم فعلاً . ولكن ألا يرى الإمام الرازي أن كون يوسف من عباد الله هؤلاء يؤكد أنه لم يهمَّ بها ابتداءً .
وهذا يفسره قوله : وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون [ سورة يوسف ، آية 23 ] .
فقوله : هيت لك خطاب الجاهلين ، وقوله : معاذ الله بمثابة قوله : سلامًا ، إذن فهو ابتداءً وبمجرد إعرابها عن رغبتها كان واضعًا نصب عينيه تقوى الله وبرهانه ، فلم يقع منه الهمَّ أصلاً ، لأنه من عباد الله المخلصين . ويردُ على رأي الرازي رحمه الله ومن وافقه من أن عبارة لولا ان رأى برهان ربه تظل من دون فائدة ولا معنى ، فإذا إنها همت به وهمَّ بها مع الاختلاف بين الهمَّين ، كما ذكر أهل اللغة( ) ، فلا يبقى داعي لأن يقول : لولا أن رأى برهان ربه ، فما فائدة البرهان حينئذ وقد حصل منه الهم ؟ قالوا : نقدر ( لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما هم به ) فنقول ، كما قلنا سابقًا : لا دليل من حيث اللغة على تقدير هذا الجواب لـ ( لولا ) ، وأيضًا فذلك قادح في عصمته .
ويمكن أن يجيب الرازي عن هذا السؤال بقوله : (( إنه لو لم يوجد ( الهمَّ ) لم يبقَ لقوله : لولا أن رأى برهان ربه فائدة ، نقول : بل فيه أعظم الفوائد منها : أن ترك الهم بها ما كان لعدم رغبته في النساء ، بل لأجل أن دلائل دين الله منعته عن ذلك العمل )) ( ) .
ثالثًا : القول الذي يذهب إلى أن يوسف لم يهمَّ أصلاً وابتداءً ، وذلك لوجود البرهان . ومن القائلين به أبو حيان الأندلسي ، ومن المتأخرين ابن عاشور .
قال أبو حيان في تفسيره لقوله : ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه : طوّل المفسرون في تفسير هذه الآية ، ونسب بعضهم ليوسف ما لا يجوز نسبته إلى آحاد الفساق ، والذي أختاره أن يوسف لم يقع منه همَّ بها البتة ، بل هو منفي لوجود البرهان ، كما تقول : ( لقد فارقت لولا عصمك الله ) ، ولا نقول : إن جواب ( لولا ) متقدم عليها ، وإن كان لا يقوم دليل على امتناع ذلك ، بل صريح أدوات الشرط العاملة مختلف في جواز تقديم أجوبتها عليها ، وقد ذهب إلى ذلك الكوفيون ، ومن أعلام البصريين أبو زيد الأنصاري وأبو العباس المبرد .
بل نقول : إن جواب ( لولا ) محذوف لدلالة ما قبله عليه ، كما يقول جمهور البصريين في قول العرب : ( أنت ظالم إن فعلت ) ، فيقدرونه : إن فعلت فأنت ظالم ، ولا يدل قوله : ( أنت ظالم ) على ثبوت الظلم ، بل هو مثبت على تقدير وجود الفعل . وكذلك هنا التقدير : لولا ان رأى برهان ربه لهم بها ، فكان وجود ( الهم ) على تقدير انتفاء رؤية البرهان ، لكنَّه وُجد رؤية ( البرهان ) فانتفى ( الهمَّ ) . ولا التفات إلى قول الزجاج : ولو كان الكلام : ( ولهم بها ) كان بعيدًا ، فكيف مع سقوط اللام ؟ لأنه يوهم أن قوله : وهمَّ بها هو جواب لولا ، ونحن لم نقل بذلك ، وإنما هو دليل الجواب ، وعلى تقدير أن يكون نفس الجواب ، فاللام ) ليست بلازمة ، لجواز أن تأتي جواب ( لولا ) إذا كان بصيغة الماضي باللام وبغير اللام ، تقول : ( لولا زيد لاكرمتك ) ، و( لولا زيد أكرمتك ) ، فمن ذهب إلى أن قوله : وهم بها هو نفس الجواب لم يبعد( ) .
ولا التفات لقول ابن عطية : إن قول من قال : إن الكلام قد تمَّ في قوله : ولقد همت به ، وإن جواب ( لولا ) في قوله : وهم بها ، وإن المعنى : لولا أن رأى برهان ربه لهم بها ، فلم يهمَّ يوسف ، قال : وهذا قول يرده لسان العرب وأقوال السلف .
أما قوله : يرده لسان العرب فليس كما ذكر ، وقد استدل من ذهب إلى جواز ذلك بوجوده في لسان العرب ، قال : إن كانت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين [ سورة القصص ، آية 10 ] .
فقوله : إن كانت لتبدي به ،ِ إما أن يتخرج على أنه الجواب على ما ذهب اليه ذلك القائل ، وإما أن يتخرج على ما ذهبنا إليه من أنه دليل الجواب ، والتقدير : لولا أن ربطنا على قلبها لكادت تبدي به .
وأما أقوال السلف فنعتقد أنه لا يصح عن أحد منهم شيء في ذلك ، لأنها أقوال متكاذبة يناقض بعضها بعضًا ، مع كونها قادحة في بعض فُساق المسلمين ، فضلاً عن المقطوع لهم بالعصمة ، والذي روي عن السلف لا يساعد عليه كلام العرب ، لأنهم قدروا جواب ( لولا ) محذوفًا ، ولا يدل عليه دليل ، لأنهم لم يقدروا ( لَهَمَّ بها ) ، ولا يدل كلام العرب إلا على أن يكون المحذوف من معنى ما قبل الشرط ، لأن ما قبل الشرط دليل عليه ، ولا يحذف الشيء لغير دليل عليه … وقد طهرنا كتابنا هذا عن نقل ما في كتب التفسير مما لا يليق ذكره ، واقتصرنا على ما دل عليه لسان العرب ، وساق الآيات التي في هذه السورة مما يدل على العصمة وبراءة يوسف من كل ما يشين( ) .
وهذا الذي اختاره أبو حيان الأندلسي هو الراجح عندي ، وهو الأقرب إلى الحق والصواب .
المبحث الثاني
المرويات التي تفسر ما يتعلق بالهمَّ
المطلب الأول : الروايات التي نقلها الطبري في تفسيره
سأذكر هنا جميع الروايات التي ساقها الطبري في تفسيره لقوله : لقد همت به وهم بها لولا أن رآى برهان ربه ، وسأقتصر في هذا المطلب على روايات الطبري ، لأن أكثر المفسرين ذكروا الروايات التي ساقها الطبري ، ونقلوها عنه اعتمادًا عليه .
قال ابن جرير في تفسيره : (( القول في تأويل قوله تعالى : ولقد همت به وهم بها قال ابو جعفر : ذُكِر أن امرأة العزيز لما همت بيوسف وأرادة مراودته جعلت تذكر محاسن نفسه وتشوقه الى نفسها كما :
19013 ـ حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : حدثنا أسباط عن السدي : ولقد همت به وهم بها قال : قالت له : يا يوسف ما أحسن شعرك ؟ قال : هو أول ما ينتثر من جسدي . قالت : يا يوسف ما أجمل وجهك ؟ قال : هو للتراب يأكله ، فلم تزل حتى أطعمته ، فهمت به وهم بها ، فدخلا البيت وغلقّت الأبواب ، وذهب ليحل سراويله فإذا بصورة يعقوب قائمًا في البيت ، قد عضَّ على إصبعه يقول : يا يوسف لا تواقعها ، فإنما مثلك ما لم تواقعها مثل الطير في جو السماء لا يطاق ، ومثلك إذا واقعتها مثله إذا مات وقع على الارض لا يستطيع أن يدفع عن نفسه . ومثلك ما لم تواقعها مثل الثور الصَّعب الذي لا يعمل عليه ، ومثلك إن واقعتها مثل الثور حين يموت فيدخل النُّملُ في أصل قرنيه ، لا يستطيع أن يدفع عن نفسه ، فربط سراويله وذهب ليخرج يشتد ، فأدركته فأخذت بمؤخر قميصه من خلفه فمزقته حتى أخرجته منه ، وسقط وطرحه يوسف وأشتد نحو الباب .
19014 ـ حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال : أكبت عليه ، يعني المرأة ، تطعمه مرة وتخفيه أخرى ، وتدعوه إلى لذة من حاجة الرجال في جمالها وحسنها وملكها ، وهو شاب مستقبل يجد في شبق الرجال ما يجد الرجل ، حتى رقَّ لها مما يرى من كلفها به ، ولم يتخوف منها حتى همَّ بها وهمت به ، حتى خلوا في بعض بيوته .
ومعنى ( الهم بالشيء ) في كلام العرب : حديث المرء نفسه بموافقته ما لم يواقع ، فأما ما كان من همّ يوسف بالمرأة وهمها به ، فإن أهل العلم قالوا في ذلك ما أنا ذاكره وذلك :
19015 ـ حدثنا أبو كريب وسفيان بن وكيع وسهل بن موسى الرازي قالوا : حدثنا ابن عيينة عن عثمان بن أبي سليمان عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس : سئل عن همّ يوسف ما بلغ ؟ قال : حلَّ الهميان وجلس منها مجلس الخاتن . لفظ الحديث لأبي كريب .
19016 ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا : حدثنا ابن عيينة قال : سمع عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس في ولقد همت به وهمَّ بها قال : جلس منها مجلس الخاتن وحلَّ الهميان .
19017 ـ حدثنا زياد بن عبد الله الحساني وعمرو بن علي والحسن بن محمد قالوا : حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد ، قال : سمعت ابن عباس سئل ما بلغ من همَّ يوسف ؟ قال : حلَّ الهميان وجلس منها مجلس الخاتن .
19018 ـ حدثني زياد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن جريح عن ابن أبي ملكية ، قال : سألت ابن عباس : ما بلغ من همَّ يوسف ؟ قال : استلقت وجلس بين رجليها .
19019 ـ حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يحيى بن يمان عن ابن جريج عن ابن أبي ملكية : ولقد همت به وهمَّ به قال : استلقت له وحل ثيابه .
19020 ـ حدثني المثنى قال : حدثنا قبيصة بن عقبة قال : حدثنا سفيان عن ابن جريج عن ابن أبي ملكية عن ابن عباس : ولقد همت به وهم بها ما بلغ ؟ قال : استلقت له وجلس بين رجليها وحل ثيابه أو ثيابها .
19021 ـ حدثنا المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن ابن أبي ملكية قال : سألت ابن عباس : ما بلغ من همَّ يوسف ، قال : استلقت على قفاها وقعد بين رجليها لينزع ثيابه .
19022 ـ حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي عن نافع بن عمر عن ابن أبي ملكية قال : سئل ابن عباس عن قوله : ولقد همت به وهم بها ما بلغ من همَّ يوسف ؟ قال : حل الهميان ، يعني : السراويل .
19023 ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا : حدثنا ابن إدريس قال : سمعت الأعمش عن مجاهد في قوله : ولقد همت به وهم بها قال : حلَّ السراويل حتى إليته واستلقت له .
19024 ـ حدثنا زياد بن عبد الله الحساني قال : حدثنا مالك بن سعيد قال : حدثنا الأعمش عن مجاهد في قوله : ولقد همت به وهم بها قال : حلَّ سراويله حتى وقع على إليته .
19025 ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولقد همت به وهم بها قال : جلس منها مجلس الرجل من امرأته .
19026 ـ حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل قال : حدثني القاسم بن أبي بزة ولقد همت به وهم بها قال : أما همها به فاستلقت له ، وأما همه بها فإنه قعد بين رجليها ونزع ثيابه .
19027 ـ حدثنا الحسن بن محمد قال : حدثني حجاج بن محمد عن ابن جريج قال : أخبرني عبد الله بن أبي ملكية قال : قلت لابن عباس : ما بلغ من همَّ يوسف ؟ قال : استلقت له وجلس بين رجليها ينزع ثيابه .
19028 ـ حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا يحيى بن اليمان عن سفيان عن علي بن جذيمة عن سعيد بن جبير وعكرمة قالا : حل السراويل وجلس منها مجلس الخاتن .
19029 ـ حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عمرو بن محمد العنقزي عن شريك عن جابر عن مجاهد : ولقد همت به وهم بها قال : استلقت وحل ثيابه حتى بلغ إليته .
19030 ـ حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا قيس عن أبي حصين عن سعيد بن جبير ولقد همت به وهم بها قال : أطلق تِكَّة سراويله .
19031 ـ حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة عن عثمان بن أبي سليمان عن ابن أبي ملكية قال : شهدت ابن عباس سُئل عن هم يوسف ما بلغ ؟ قال : حل الهميان وجلس منها مجلس الخاتن . أ . هـ .
انتهت الروايات التي ساقها الطبري ، ويبدو أن الطبري شعر بأن في هذه الروايات من نسبة ( الهمَّ ) الى يوسف بشاعة ووقاحة لا تتناسب مع مقام النبوة ، فأردفها بتعليق بيّن فيه أن هذه المسألة من باب الابتلاء الذي ابْتُلِيَ به الانبياء ، إذ قال : فإن قال قائل : وكيف يجوز أن يوصف بمثل هذا وهو لله نبي ؟ قيل : إن أهل العلم اختلفوا في ذلك ، فقال بعضهم : كان من ابتلي من الأنبياء بخطيئة ، فإنما ابتلاه الله بها ، ليكون من الله على وجل إذا ذكرها ، فيجد في طاعته إشفاقًا منها ، ولا يتكل على سعة عفو الله ورحمته .
وقال آخرون : بل ابتلاهم الله بذلك ليعرِّفهم موضع نعمته عليهم بصفحه عنهم ، وتركه عقوبته عليه في الآخرة .
وقال آخرون : بل ابتلاهم بذلك ليجعلهم أئمة لأهل الذنوب في رجاء رحمة الله ، وترك الإيآس من عفوه عنهم إذا تابوا( ).
ولكن هذه الاجابات التي ذكرها الطبري تبقى مرهونة وموقوفة على صحة هذه الروايات ، وإلا فإن الأمر يبقى في حيز الاحتمال والظن ، ومثل هذه الأمور لا يجوز إثباتها عن طريق الظن ، ولا سيما إن هذه المسألة تتعلق بعرض نبي ورسول معصوم عن مثل ما شنعه عليه بروايات ولا أظنها صادقة ، وهي أوهى من بيت العنكبوت ، وإنها تحتاج الى قاطع نقليٍّ وعقليٍّ ، وكلاهما ينفيان نسبة هذا الفعل اليه . وسنرى تهافت هذه الروايات في مطلب تحقيق الروايات على ضوء قواعد علم الجرح والتعديل إن شاء الله تعالى .
المطلب الثاني : تحقيق الروايات الواردة في ذلك ومناقشتها من حيث الإسناد
إن من ينظر في هذه الروايات لأول مرة يأخذه العجب العجاب ، كيف جاز لأؤلئك الرواة أن ينقلوا لنا مثل هذه الأقوال التي لا يكاد لعاقل أن يصدقها في نسبة الفاحشة إلى نبي معصوم ، والتي يتنزه منها أفسق الناس ، ولكن إذا علمنا أن هذه الروايات قد هيَّأ الله لها من يميزها ويردها على أصحابها ويختبرها أكثر من الصيارفة الذين يميزون النقود المزيفة من غيرها ، علمنا أن الأمر هين ، وإنا بعونه سوف نتتبع هذه الروايات على ضوء قواعد علم الجرح والتعديل وننقدها بالدليل العلمي البعيد عن الهوى ، ونقد هذه الروايات من أجل الأعمال عند الله ، لأنها تصب في خدمة القرآن الكريم ، وصيانة عرض نبي مرسل ، لصق به الكاذبون من اليهود وغيرهم أبشع المنكرات .
وسوف نتبع الرواة واحدًا واحدًا الذين نقلوا هذه الروايات عن الصحابة والتابعين ، وسيكون الحكم على صحتها أو وضعها أو ضعفها ، بحسب ما يقتضيه علم نقد الروايات ، ودراسة حال كل راوٍ من الرد أو القبول ورد ذكره في سلسلة الإسناد ، وإن الحكم على كل سند هو من الدين ، وكما أن تنقية التفاسير الكبيرة عن هذه الروايات من أجل الخدمات التي يقدمها الباحث في وقت اختلطت الأخبار المكذوبة بالصحيحة . والله الهادي الى سواء السبيل .
دراسة إسناد الأثر ( 19013 ) :
1. ابن وكيع : سفيان بن وكيع ، روى عن أبيه وابن إدريس وابن نمير ويحيى القطان . وروى عنه الترمذي وابن ماجة وبقي بن مخلد وأبو جعفر بن جرير المفسر ، توفي سنة ( 247 هـ ) .
أقوال العلماء فيه
قال البخاري : يتكلمون فيه لأشياء لقنوه . وقال أبو زرعة : لا يشتغل به ، وكان يتهم بالكذب . وقال النسائي : ليس بثقة . وقال في موضع آخر : ليس بشيء . وقال الاجري : امتنع ابو داود من التحديث عنه( ) .
2. عمرو بن محمد : هو عمرو بن محمد العنقزي ، مولاهم أبو سعيد الكوفي ، وسمي بالعنقزي ، لأنه كان يبيع العنقز فنسب اليه ، روى عن عيسى ابن طهمان ويوسف بن إسحاق وأبي حنيفة وابن جريج والثوري ، وروى عنه إسحاق بن راهويه وعلي بن المديني ، توفي سنة ( 199هـ ) .
أقوال العلماء فيه
قال عنه أحمد والنسائي : ثقة . وقال ابن معين : ليس به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال العجلي : ثقة جائز الحديث( ) .
3. أسباط : هو أسباط بن نصر ، روى عن سماك بن حرب وإسماعيل السدي .
أقوال العلماء فيه
سُئل أحمد بن حنبل عن حديثه ، قال : لا أدري ، وكأنَّه ضعفه . وضعفه أبو نعيم ، وقال : عامة أحاديثه عامية سقط مقلوب الأسانيد . وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال البخاري في تاريخه : الأوسط صدوق . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال الساجي : روى أحاديث لا يتابع عليها . وقال ابن معين : ليس بشيء . وقد أنكر أبو زرعة على مسلم إخراجه لحديث أسباط . وعلق له البخاري حديثًا في الاستسقاء ، وقال عنه ابن حجر : (( وهو حديث منكر أوضحته في التعليق )) ( ) . وذكره البخاري في التاريخ الكبير( ) .
4. السدي : إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي ( الكبير ) هو أبو محمد ، لقِّب بالسدي لكونه كان يجلس في سدة باب الجامع ، روى عن أنس وابن عباس ، ورأى ابن عمر والحسن بن علي وأبا هريرة ، ويروي عنه ابن صالح ، وقد شك النقاد القدامى في تفسيره ، توفي سنة ( 127 هـ ) .
أقوال العلماء فيه
أكثر العلماء على تضعيفه . وضعفه يحيى بن معين . وقال الجوزجاني : هو كذاب شتام ، وقال في موضع آخر : (( كان بالكوفة كذابان فمات احدهما السدي والكلبي )) . وقال أبو زرعة وأبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به . وقال العجلي : ثقة عالم بالتفسير . وقال العقيلي : ضعيف يتناول الشيخين . وحكي عن أحمد أنه ليحسن الحديث ، إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به قد جعل له إسناداً واستكلفه . وقال الطبري : لا يحتج به . وعاب العلماء على مسلم إخراجه حديثه في صحيحه ، إلا أن مسلمًا يرى أن تعديل ابن مهدي له أقوى ممَّن جرَّحه بجرح غير مفسر . وقيل للشعبي : إن إسماعيل السدي ( الكبير ) قد أعطي حظًّا من علم القرآن ، فقال : قد أعطي حظًّا من جهل بالقرآن . رمي بالتشيع . ترك بعض العلماء حديثه لكونه يقع في الشيخين أبي بكر وعمر( ) .
الحكم على الأثر ( 19013 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد بصورة مفصلة ظهر أن سلسلة الإسناد ، باستثناء العنقزي الذي وثّقه العلماء ، لا تخلو من مقال يمنع من صحته ، فابن وكيع أغلب العلماء على تضعيفه ، وأما أسياط بن نصر فقد وصف ابن حجر حديثه بأنه منكر . وعلى هذا الأساس حكم العلماء على ضعف السدي الكبير . فهذا الأثر ضعيف لضعف أسباط ، ولأن تفسير السدي من جمع أسباط وروايته . هذا بغض النظر عن طعن العلماء بالسدي الكبير ، لكونه يقع في الشيخين . وإنه جمع التفسير من طرق فخلط بعضها ببعض ، فلم تتميز روايات الثقة من الضعيف ، وربما التبس بالسدي الصغير الذي كذبه العلماء ، وجعلوه سلسلة الكذب( ).
دراسة إسناد الأثر ( 19014 ) :
1. ابن حُمَيد : هو محمد بن حُمَيد الرازي الحافظ ، روى عن يعقوب القمّي وابن المبارك ، من بحور العلم ، وهو ضعيف ، ويروي عنه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد في مسنده والترمذي في صحيحه ، والراجح أنه ضعيف ، وقد أخرج ابن جرير عنه كثيرًا في تفسيره ، فهو ضعيف وليس بمتروك ( ) ، وإن ما جاء عن طريقه من تفسير ضعيف ، توفي سنة ( 248 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال ابن أبي شيبة : كثير المناكير . وقال البخاري : فيه نظر . وكذبه أبو زرعة . وقال الكوسج : أشهد أنه كذّاب . وقال صالح جزرة : كنا نتهم ابن حُمَيد في كل شيء يحدثنا ، ما رأيت أجرأ على الله منه ، وكان يأخذ أحاديث الناس فيقلب بعضه على بعض . وجاء من غير واحد أنه كان يسرق الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال في موضع آخر : كذاب . وكان ابن خزيمة إمام الأئمة لا يروي عنه . ويرى ابو زرعة أنه كان يكذب . وأجمع الحفاظ على تضعيفه في الحديث ، وأنه ضعيف جدًّا . وقيل : إنه كان يخلط الشعر بالحديث ولا يفرق بينهما ، ومن هذا يظهر أنه حاطب ليل ، يروي ويكتب ما يسمع من غير تثبت . وبجانب هؤلاء المجرِّحين ، فقد وثقه بعض العلماء منهم : أحمد وابن معين( ) .
2. سلمة : هو سلمة بن الفضل الأبرش ، قاضي الري وراوي المغازي عن ابن إسحاق ، يكنى أبا عبد الله ، روى عن حجاج بن أرطاة ، وروى عنه محمد بن حميد الرازي ، توفي سنة ( 191هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
ضعَّفه ابن راهويه . وقال البخاري : في حديثه بعض المناكير . وقال ابن معين : كتبنا عنه ، وليس في المغازي أتم من كتابه . وقال النسائي : ضعيف ، وسمع سلمة المغازي من ابن اسحاق مرتين . وقال ابن عدي : لم أجد لسلمة ما جاوز الحد في الانكار . وقال ابن المديني : ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديث سلمة . ورماه ابن معين بالتشيع ، وقال عنه : لا بأس به . ولم يحتج به بعض النقاد من أئمة الحديث أمثال : أبي زرعة وأبي حاتم . وكان أهل الري لا يرغبون فيه لسوء رأيه وظلم فيه . ضعفه البخاري . وقال ابو احمد الحاكم : ليس بالقوي عندهم( ) .
3. محمد بن إسحاق بن يسار : أبو بكر المخزومي ، رأى أنسًا وابن المسيب ، وروى عنه الحمادان وسلمة بن الأبرش ويزيد بن هارون ، وثقه غير واحد ووهاه آخرون كالدارقطني ، توفي سنة ( 151هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
ضعفه الإمام مالك ، فقد اتهمه وجرحه بأنه دجال من الدجاجلة . واتهموه بالقول بالقدر ، ولكن هذه التهمة رفضها العلماء . واتُّهِم أنه يحدث عن أهل الكتاب . وجرحه أحمد بن حنبل واتهمه بكثرة التدليس . وقال يحيى القطان : أشهد أن محمدًا بن إسحاق كذَّاب . ورجح الذهبي توثيقه ، ودافع عنه وأطال في ترجمته . ووثقه العجلي . واستشهد مسلم بخمسة أحاديث له . وقال ابن حجر : صدوق يدلس( ) .
فالذي يظهر أن ابن إسحاق حسن الحديث صالح الحال صدوق هذا ما رجحه الذهبي من حال ابن اسحاق .
الحكم على الأثر ( 19014 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد يظهر أن سلسلة الإسناد ، باستثناء ابن إسحاق المختلف في توثيقه وتضعيفه ، وإن كان ابن حجر حكم عليه بأنه صدوق يدلس . فإن باقي رجال الإسناد فيه أكثر من راوٍ ضعيف ، فأما سلمة بن الأبرش فإن أكثر العلماء على تضعيفه ، وأما ابن حُمَيد فمنهم من وصفه بالكذب وكثرة التدليس ، وعليه فإنه على أقل تقدير يكون ضعيف الرواية . وعليه فإن هذا الأثر ضعيف ، وقد يصل إلى درجة الموضوع ، لوجود من هو متهم بالكذب ، وهو ابن حُمَيد ، وعليه فلا يعول على ما جاء به من تفسير في شأن همَّ يوسف .
دراسة اسناد الاثر ( 19015 ) :
1. أبو كريب : اسمه محمد بن العلاء بن كريب الهمداني ، أبو كريب الحافظ ، روى عن عبد الله بن إدريس وابن المبارك وسفيان بن عيينة وخلق كثير . وروى عنه الجماعة ومحمد بن هارون وأبو عروبة ومحمد بن إسحاق وآخرون ، توفي سنة ( 248هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال ابن نمير : ما بالعراق أكثر حديثًا من أبي كريب ، وهو صدوق . وقال النسائي : لا بأس به . وذكره ابن حيان في الثقات . وروى عنه البخاري خمسة وسبعين حديثًا . وروى عنه مسلم خمسمائة وستة وخمسين حديثًا . وقال ابن حجر : ثقة حافظ من الطبقة العاشرة( ) .
2. سفيان بن وكيع : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19013 ) ، وهو ضعيف ضعفه البخاري .
3. سهل بن موسى الرازي ، لا يوجد بهذا الاسم من نسب إلى الرازي ، وكتب في المخطوطة ( سهل بن موسى ) ، ولعل الصواب أنه موسى بن سهل الرازي ، ونرجح أنه خطأ من الناسخ ، والصواب موسى بن سهل الرازي ، شيخ الطبري( ) وهو ضعيف ، قال ابن حجر : يوجد ممن يسمى موسى بن سهل اثنان : احدهما الراسبي شيخ لدعبل الشاعر لا يعرف ، والاخر رازي ( موسى بن سهل ) ذكره في الميزان .
أقوال العلماء فيه :
قال البرقاني : ضعيف جدًّا . وقال الخليلي : ليس بالمشهور( ) .
4. سفيان بن عيينة بن أبي عمران : أبو محمد الكوفي ، ولد سنة ( 107هـ ) ، روى عن عبد الملك بن عُمَير وأبي إسحاق السبيعي وجعفر الصادق وزيد بن أسلم والزهري وآخرين . وروى عنه الأعمش وابن جريج وشعبة والثوري ، وهم من شيوخه ، والشافعي وأحمد بن حنبل ويحيى القطان وآخرون ، وتوفي سنة ( 198هـ) .
أقوال العلماء فيه :
قال العجلي : ثقة ثبت في الحديث ، يعدُّ من حكماء الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال عنه : إنه من الحفاظ المتقنين وأهل الورع والدين . وحسبك به تزكيةً ما قاله اللالكائي : (( وهو مستغن عن التزكية )) . وقال أحمد : أخطأ ابن عيينة في نحو من عشرين حديثًا عن الزهري . وقال يحيى بن القطان : أشهد أن ابن عيينة اختلط ( سنة 197 هـ ) . ورجَّح الذهبي توثيقه مطلقًا( ) . وقال ابن حجر : ثقة حافظ إمام حجة ، إلا أنه تغيَّر بآخرة ، وكان يدلس لكن عن الثقات( ) .
5. عثمان بن أبي سليمان المكي ، روى عن عمه نافع وسعيد بن جبير ، وأرسل عن صفوان بن امية ، وروى عنه إسماعيل بن أمية وابن جريج وسفيان بن عيينة وغيرهم .
أقوال العلماء فيه :
وثَّقه أحمد بن حنبل وابن معين وابن سعد وابو حاتم . وذكره ابن حبان في الثقات . فهو ثقة من الطبقة السادسة( ) .
6. ابن أبي ملكية : هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي ملكية بن زهير بن عبد الله بن جدعان أبو بكر ، ويقال أبو محمد المكي ، روى عن العبادلة الأربعة وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وروى عنه ابنه يحيى وابن أخته عبد الرحمن بن أبي بكر وعطاء بن رباح وابن جريج وآخرون ، وقال البخاري : توفي سنة ( 117هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
وثقه أبو زرعة وابو حاتم وابن سعد والعجلي . وذكره ابن حبان في الثقات . وثقه الذهبي ووصفه بالحجة( ) .
الحكم على الأثر ( 19015 ) :
من خال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن هذا الأثر ضعيف ، لضعف ابن وكيع ، إذ ضعفه البخاري ، وكذلك لضعف موسى بن سهل الرازي شيخ الطبري ، وهو ضعيف جدًّا ، وعليه تكون رواية هذا الأثر ونسبتها الى ابن عباس ضعيفة ، لا يجوز إثبات الهمَّ الى يوسف على ضوء هذه الرواية الضعيفة .
دراسة إسناد الأثر ( 19016 ) :
1. ابو كريب : تقدم الكلام عليه في دراسة الاثار السابقة .
2. ابن وكيع : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19013 ) .
3. ابن عيينة : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
4. عبيد الله بن أبي يزيد المكي ، مولى آل قارظ بن شيبة ، روى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير والحسين بن علي بن أبي طالب ومجاهد وآخرين ، وروى عنه ابنه محمد وابن المنكدر ، وهو أكبر منه ، وابن جريج وسفيان بن عيينة وآخرون ، توفي سنة ( 86 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
وثقه ابن المديني وابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن سعد ووصفه بأنه كثير الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات ( ).
الحكم على الأثر ( 19016 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى ابن عباس في تفسير ( الهمّ ) ضعيفة ، وذلك لضعف ابن وكيع ، وقد لينه الدارقطني حينما سئل عنه( ) .
دراسة إسناد الأثر ( 19017 ) :
1. زياد بن عبد الله الحساني : لم أجد زيادًا بهذا الاسم في جميع كتب التراجم ، واعتقد وقع وهم من الناسخ . فالصواب هو : زياد بن يحيى بن زياد بن حسان الحساني أبو الخطاب النُّكري البصري . ويؤكد هذا التصويب الذي ذكرناه ، ما ذكره صاحب اللباب بأنه : (( زياد بن يحيى بن حسان الحساني البصري ، سمع محمد بن أبي عدي وبشر بن المفضل وغيرهما . وروى عنه البخاري ))( ) . روى عن المعتمر بن سليمان وأبي داود الطيالسي وسفيان بن عيينة . وروى عنه الجماعة وأبو حاتم وابن خزيمة وابن جرير ، صاحب التفسير ، وابو عروية وغيرهم ، توفي سنة (254هـ) .
أقوال العلماء فيه :
وثقه أبو حاتم والنسائي . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال ابن حجر : ثقة من الطبقة العاشرة( ) .
2. عمرو بن علي : هو عمرو بن علي بن بحر بن كثير الباهلي ، أبو حفص البصري الصيرفي الفلاس ، روى عن عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن زريع وغيرهم ، وروى عنه الجماعة والنسائي وأبو زرعة وأبو حاتم وجعفر الفريابي والدوري ومحمد بن جرير الطبري وآخرون ، توفي سنة ( 249 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال أبو حاتم : بصري صدوق . وقال حجاج بن الشاعر : عمرو بن علي لا يبالي أحدَّث من حفظه أم من كتابه . وقال النسائي : ثقة صاحب حديث . وقال أبو زرعة : كان من فرسان الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات . وعدَّه الدارقطني من الحفاظ . وهو إمام متقن أخرج له البخاري سبعة وأربعين حديثًا ، فهو ثقة من الطبقة العاشرة ( ) .
3. الحسن بن محمد : هو الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني ، أبو علي البغدادي صاحب الشافعي ، روى عن ابن عيينة ووكيع والوليد بن مسلم وأحمد بن حنبل وعلي المديني وغيرهم ، وروى عنه البخاري وأبو داود والترمذي وآخرون ، توفي سنة ( 249 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال النسائي في الكنى : ليس بالقوي . وذكره ابن حبان في الثقات . وحكم بتوثيقه ابن حجر . وقال أبو حاتم عنه : صدوق( ) .
4. ابن عيينة : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
5. عبد الله بن أبي يزيد : أبو عبد الرحمن المازني القارئ البصري ، روى عن الحسن البصري وموسى بن أنس ، وروى عنه زيد بن الحباب وعبد الصمد بن عبد الوارث وأحمد بن حنبل ، وقد ذكره محقق تفسير ابن عيينة ضمن شيوخ ابن عيينة( ) .
أقوال العلماء فيه :
ذكره ابن حبان في الثقات . وقال البخاري في تاريخه : له عند فضائل الصحابة حديث واحد . وقال ابن حجر : مقبول الرواية من الطبقة السابعة( ) .
الحكم على الأثر ( 19017 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن فيهم من يمنع من صحة إسناده ، وذلك لوجود راوٍ مختلف في توثيقه ، وهو الحسن بن محمد ، فإن النسائي قال عنه : ليس بالقوي ، وأن عبد الله بن أبي يزيد ، بحسب رواية الطبري ، سمع من ابن عباس ، إلا أنه لم تثبت المصادر لدينا أنه روى عن ابن عباس ، فتكون روايته عن ابن عباس منقطعة .
دراسة إسناد الأثر ( 19018 ) :
1. زياد بن عبد الله : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19017 ) .
2. محمد بن أبي عدي : محمد بن إبراهيم بن أبي عدي ، روى عن سليمان التيمي وحميد الطويل وابن عون وداود بن أبي هند وشعبة وابن أبي عروية وغيرهم ، وروى عنه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وابن وكيع وآخرون ، توفي سنة ( 194 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
وثقه أبو حاتم والنسائي ، وقال عنه أبو حاتم في موضع آخر : لا يحتج به . وأثنى عليه ابن مهدي . ووثقه ابن سعد . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال عنه الذهبي : ثقة جليل( ) .
3. ابن جريج : عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج مولاهم المكي ، روى عن حكيمة بنت رقيقة وأبيه عبد العزيز وعطاء بن رباح وزيد بن أسلم وآخرين ، وروى عنه ابناه عبد العزيز ومحمد والأوزاعي والليث بن سعد ويحيى بن سعيد الأنصاري وآخرون ، وهو أول من صنف الكتب ، وهو من أوعية العلم ، توفي سنة (150هـ) .
أقوال العلماء فيه :
قال احمد : إذا قال ابن جريج ، قال : فلان ، وقال : فلان ، وأخبرت جاء بالمناكير ، وإذا قال : أخبرني ، فحسبك به . وعن ابن معين ليس بشيء في الزهري. وقال : لم يسمع من مجاهد إلا حرفًا واحدًا . وقال الدارقطني : تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح ، مثل ابراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال عنه ابن حجر : ثقة فاضل ، وكان يدلس ويرسل( ) .
4. ابن ابي ملكية : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
الحكم على الأثر ( 19018 ) :
من خلال دراستنا لرجال الاسناد ظهر لنا أن فيه من هو مختلف في توثيقه ، وهو ( محمد بن ابراهيم ) مرة يقول عنه أبو حاتم : لا يحتج به ، ومرة يوثقه . أما بالنسبة إلى ابن جريج فأغلب العلماء على أنه مدلس ، وقد نص الدارقطني على تجنب تدليسه ووصفه بأنه قبيح التدليس ، وروايته عن عطاء الخراساني ضعيفة( ).
وقد رويت عن ابن جريج أجزاء كثيرة في التفسير عن ابن عباس منها الصحيح ومنها ما ليس بصحيح ، وذلك لأنه لم يقصد الصحة فيما جمع ، بل روى ما ذكر في كل آية من الصحيح والسقيم( ) ، ولم يظفر ابن جريج بإجماع العلماء على توثيقه وتثبته فيما يرويه ، وإنما اختلفت أنظارهم فيه وأحكامهم عليه ، فمنهم من وثَّقه ومنهم من ضعفه ، قال عبد الله بن أحمد : قال أبي : بعض هذه الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة ، كان ابن جريج لا يبالي من أين يأخذها( ) ، وعليه فتكون الرواية عنه في تفسير ( الهمّ ) المنسوب إلى ابن عباس ضعيفة ، لأنه لم يقصد الصحة فيما روى .
دراسة إسناد الأثر ( 19019 ) :
1. سفيان بن وكيع : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19013 ) .
2. يحيى بن يمان : أبو زكرياء الكوفي ، روى عن أبيه وهشام بن عروة والأعمش والمنهال بن خليفة والثوري وآخرين ، وروى عنه ابنه داود وأبو بكر وعثمان ابن أبي شيبة ويحيى بن معين وآخرون ، توفي سنة ( 189 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
ضعفه أحمد وقال : حدث عن الثوري بعجائب . وفي موضع آخر قال : ليس بحجة . وقال ابن معين : ليس بثبت ، كان يتوهم الحديث ، وقال في موضع آخر : ليس به بأس . وكذبه وكيع في أحاديثه عن الثوري . وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال يعقوب بن شيبة : كان صدوقًا كثير الأحاديث ، وإنما أنكر عليه أصحابنا كثرة الغلط ، وليس بحجة إذا خولف ، وقال في موضع آخر : يحيى بن يمان سريع الحفظ سريع النسيان . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة ، وهو في نفسه لا يتعمد الكذب . وقال ابن حجر : صدوق عابد يخطئ كثيرًا وقد تغير ، من كبار الطبقة التاسعة( ) .
3. ابن جريج : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19018 ) .
4. ابن ابي ملكية : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
الحكم على الأثر ( 19019 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن هذه الرواية المنسوبة إلى ابن ملكية ضعيفة ، لوجود راوٍ فيها ضعيف ، وهو يحيى بن يمان ، فقد ضعفه العلماء ، لأنه كثير النسيان وسيء الحفظ ، وأنه تغير في آخره واختلط ، فضلاً عن أن ابن وكيع
ضعيف الرواية ، وأما ابن جريج فلم يحظَ بإجماع العلماء على توثيقه ، وإنما اختلفوا فيه اختلافًا كثيرًا ، فمنهم من وثَّقه ومنهم من ضعفه ، وعليه فهذا الأثر ضعيف .
دراسة إسناد الأثر ( 19020 ) :
1. المثنى بن إبراهيم الأملي : يروي عنه الطبري كثيرًا في التفسير والتاريخ ، علمًا أن له شيخًا آخر يدعى : المثنى بن عبد الله .
أقوال العلماء فيه :
ولم أجد له في المراجع التي رجعت إليها ذكرًا ، إلا ما ذكره محمود محمد شاكر في حاشيته على تفسير الطبري فقال : إنه ثقة ، ولم يشر إلى أكثر من ذلك( ) .
2. قبيصة بن عقبة بن محمد بن سفيان بن عقبة بن ربيعة ، روى عن الثوري وشعبة ويونس بن أبي إسحاق وإسرائيل بن يونس وآخرين ، وروى عنه البخاري وأبو عبيد القاسم بن سلام وأحمد بن حنبل وأبو كريب والدوري وآخرون .
أقوال العلماء فيه :
قال أحمد كان كثير الغلط . ووثقه ابن معين وقال : ثقة في كلِّ شيء إلا في حديث سفيان ، فإنه سمع منه وهو صغير . وقال النسائي : ليس به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات . ووثقه النووي وقال : كان ثقة صدوقًا كثير الحديث عن سفيان . وروى له البخاري أربعة وأربعين حديثًا . وقال ابن حجر : صدوق ربما خالف من التاسعة( ) .
3. سفيان الثوري : هو أمير المؤمنين في الحديث .
أقوال العلماء فيه :
قال ابن المبارك كتبت عن ألف ومائة شيخ ما كتبت عن أفضل من سفيان . وكان يحيى بن معين لا يقدم عليه أحد في زمانه في الفقه الحديث والزهد . وقال الخطيب : كان إمامًا من أئمة المسلمين وعلمًا من أعلام الدين ، مجمعًا على إمامته وفضله غير واحد من الحفاظ على شعبة الذي هو أمير المؤمنين في الحديث وفضائله جمة كثيرة( ).
4. ابن جريج : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19018 ) .
5. ابن ابي ملكية : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
الحكم على الأثر ( 19020 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى ابن عباس ضعيفة ، وذلك لوجود راوٍ وصفه أحمد بأنه كثير الغلط ، وهو قبيصة بن محمد ، وضعفه ابن معين في حديثه عن سفيان ، وفيه كذلك ابن جريج فإنه قبيح التدليس كما تقدم ، والتدليس يمنع من إطلاق الصحة على الرواية ، هذا من جهة السند فقط .
دراسة الأثر ( 19021 ) :
1. المثنى بن ابراهيم : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19020 ) .
2. إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المعروف بابن راهويه ، أحد الأئمة الأعلام ، طاف البلاد ، ولد سنة ( 161هـ ) ، وروى عن ابن عيينة وابن المبارك وعبد الرزاق وآخرين ، وروى عنه الجماعة سوى ابن ماجة وبقية بن الوليد وأحمد بن حنبل وآخرين . ومات سنة ( 238 هـ ) ، وقبره مشهور يزار .
أقوال العلماء فيه :
قال أبو زرعة : ما روي أحفظ من إسحاق ، وكان يحفظ أحاديث التفسير . وقال ابن حبان في الثقات : كان إسحاق من سادات أهل زمانه فقهًا وعلمًا وحفظًا ، وصنف الكتب وفرع على السنن وذب عنها وقمع من خالفها . وهو ثقة بلا خلاف . ومن أوعية العلم وفضائله كثيرة . وقال النسائي : ثقة مأمون( ) .
3. يحيى بن سعيد الأنصاري : روى عن حريز بن عثمان والمسعودي ويحيى بن أيوب المصري وآخرين، وروى عنه إسحاق بن راهويه وحيوة بن شريح وغيرهم .
أقوال العلماء فيه :
ضعفه يحيى بن معين ، وذكر أنه أخرج كتبه ، وأنه روى أحاديث منكرة ، وقال في موضع آخر : ليس بشيء . وقال الجوزجاني والعقيلي : منكر الحديث . وقال الاجري عن أبي داود جائز الحديث . وقال ابن خزيمة : لا يحتج بحديثه . وقال الدارقطني : ضعيف . وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات لا يجوز الاحتجاج به . وقال الساجي : عنده مناكير . وقال ابن حجر : ضعيف من التاسعة( ).
4. ابن جريج : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19018 ) .
5. ابن ابي ملكية : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
الحكم على الاثر ( 19021 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى ابن عباس موضوعة لوجود راوٍ فيها يروي المناكير والموضوعات ، وهو يحيى بن سعيد الأنصاري ، كما ذكرنا ذلك من خلال أقوال علماء الجرح والتعديل ، فتكون هذه الرواية من حيث السند موضوعة .
دراسة إسناد الأثر ( 19022 ) :
1. ابو كريب : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
2. وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي أبو سفيان الكوفي حافظ . ولد سنة ( 128 هـ ) أو ( 127 هـ ) أو ( 129 هـ ) ، روى عن أبيه وإسماعيل بن أبي خالد وعكرمة بن عمار والأوزاعي ومالك ونافع بن عمر وخلق كثير ، وروى عنه أبناؤه : سفيان ومليح وشيخه الثوري وآخرون ، ومات سنة ( 196 هـ ) ، وفضائله كثيرة .
أقوال العلماء فيه :
كان أحمد يقول : الثبت عندنا بالعراق وكيع . وقال ابن سعد : ثقة مأمون عالي الحديث رفيع القدر كثير الحديث حجة . وقال العجلي : كوفي ثقة عابد صالح أديب من حفاظ الحديث . وهو أحد الأئمة الأعلام ، فهو ثقة حافظ عابد من كبار التاسعة( ) .
3. ابن وكيع : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19013 ) .
4. نافع بن عمر بن عبد الله بن جميل بن عامر ، روى عن ابن أبي ملكية وسعيد بن حسان وسعيد بن أبي هند وآخرين ، وروى عنه عبد الرحمن بن مهدي ووكيع ويحيى القطان وابن المبارك وآخرون ، توفي سنة ( 196 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
وثقه ابن معين والنسائي وأبو حاتم ، وقال : يحتج بحديثه . وكان ثقة قليل الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال ابن حجر : ثقة ثبت من كبار السابعة( ).
5. ابن ابي ملكية : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
الحكم على الاثر ( 19022 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى ابن عباس ضعيفة ، وذلك لضعف ابن وكيع . وأن متنه فيه من الكذب ما لا يجوز إلا على الإغرار السذج ، وإلى هذا يشير أبو شبهة : (( ولا أدري أي معنى يبقى للعصمة بعد أن جلس بين فخذيها وخلع سرواله ؟ وما امتناعه عن الزنا على مروياتهم المفتراة إلا وهو مقهور مغلوب ؟ )) ( ) . وإن هذا الأثر معارض للقرآن وهذه علامة كذب هذه الرواية . وقد جاء قوله بعد ذكر ( الهم ) : كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ، فهل يستحق هذا الثناء من حلَّ التكة وخلع السروال ؟ أنصدق الله تعالى أم نصدق كذبة بني إسرائيل وتخريفهم .
دراسة اسناد الاثر ( 19023 ) :
1. ابو كريب : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 019015 ) .
2. ابن وكيع : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19013 ) .
3. ابن إدريس : محمد بن إدريس الشافعي المكي نزيل مصر ، ولد سنة ( 150هـ ) ، روى عن مسلم بن خالد الزنجي ومالك بن أنس وجماعة ، وروى عنه أبو ثور وأحمد وآخرون . وتوفي سنة ( 204 هـ ) ، ثقة مأمون بالاجماع ، وفضائله كثيرة .
أقوال العلماء فيه :
وقال ابن معين : لا توجد في روايته من طعن فيها وهو من أئمة الجرح والتعديل وهو من المجددين لهذا الدين على رأس المائتين من الطبقة التاسعة( ).
4. الأعمش : سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي أبو محمد الكوفي الأعمش ، ولد بالكوفة ، روى عن أنس ، ولم يثبت له منه سماع ، وعبد الله بن أبي أوفى والشعبي والنخعي ومجاهد والثوري وغيرهم ، وروى عنه أبو إسحاق السبيعي وهو من شيوخه والسفيانان والشافعي وابن المبارك وآخرون ، وكان يسمى المصحف لصدقه ، توفي سنة ( 148 هـ )
أقوال العلماء فيه :
قال ابن عمر : ليس في المحدثين أثبت من الأعمش . وقال العجلي : ثقة ثبت في الحديث ، وكان محدث أهل الكوفة في زمانه وهو علامة الإسلام . وثقه ابن معين والنسائي . وذكره ابن حبان في ثقات التابعين . وترجم له ابن حجر وأطال في ترجمته . وقال يعقوب بن شيبة في مسنده : لم يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة . وقال ابن المبارك : إنما أفسد حديث أهل الكوفة أبو إسحاق والأعمش . وقال أحمد : في حديث الأعمش اضطراب كثير ، ورواية الأعمش عن أنس منقطعة . وقال أبو داود : روايته عن أنس ضعيفة . وقال ابن حجر : وهو يدلس ، وربما دلس عن ضعيف . وقال ابن المديني : الأعمش كان كثير الوهم في أحاديث هؤلاء الضعفاء( ) .
5. مجاهد بن جبر المكي : أبو الحجاج المخزومي المقرئ ، روى عن علي وسعد بن أبي وقاص والعبادلة الأربعة وأبي سعيد الخدري وعائشة وآخرين ، وروى عنه عطاء وعكرمة وإسحاق السبيعي وسليمان الأعمش وآخرون ، توفي سنة ( 104هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال أبو حاتم : حديثه عن عاشة مرسل ، وكان أعلمهم بالتفسير . وعرض القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة . ووثقه ابن معين وأبو زرعة . ووثقه كذلك ابن سعد والعجلي . وقال الذهبي : أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به( ) .
الحكم على الأثر ( 19023 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى مجاهد ضعيفة ، وذلك لوجود أكثر من راوٍ طعن علماء الجرح والتعديل في صحة روايته . فابن وكيع ضعفه العلماء ، وكذلك الأعمش على الرغم من جلالته ، إلا أن روايته عن مجاهد منقطعة ، وقالوا عنه : إنه مدلس . ووصفه ابن المديني بأنه كثير الوهم ، وأن بعض العلماء عاب على مجاهد كثرة نقله عن أهل الكتاب ، وربما كانت روايته هذه من الروايات التي نقلها عن بني إسرائيل .
دراسة إسناد الأثر ( 19024 ) :
1. زياد بن عبد الله ( يحيى ) الحساني : تقدم الكلام عليه في الأثر(19017 ) .
2. مالك بن سعير : بن الخمس التميمي أبو محمد ، ويقال : أبو الأحوص الكوفي ، روى عن هشام بن عروة والأعمش وابن أبي ليلى وغيرهم ، وروى عنه علي بن سلمة وأبو عبيدة بن فضيل بن عياض وأبو الخطاب زياد بن يحيى الحساني وآخرون ، توفي سنة ( 200هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال أبو زرعة وأبو حاتم : صدوق . وقال أبو داود : ضعيف ، وحديثه عند البخاري في التفسير متابعة . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال الدارقطني : صدوق . وقال الأزدي : عنده مناكير . وقال ابن حجر : لا بأس به . وقال الذهبي: صدوق( ) .
3. الأعمش : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19023 ) .
4. مجاهد بن جبر : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19023 ) .
الحكم على الأثر ( 19024 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن هذه الرواية المنسوبة إلى مجاهد ضعيفة ، لأن فيها الأعمش ، والرواية عن طريقه الى مجاهد منقطعة ، وأن مالكًا بن سعير عند بعض علماء الجرح عنده مناكير ، وضعفه أبو داود ، وأن مجاهدًا في تفسيره الذي حُقِّق لم يتعرض لآية ( الهمّ ) ، ولا وجود فيه لمثل هذه الروايات ، وعلى فرض وجودها تعدُّ من قبيل الروايات الإسرائيلية التي ابتلي بها ، فلا تكون حجة( ) .
دراسة إسناد الأثر ( 19025 ) :
1. محمد بن عبد الأعلى الصنعاني القيسي أبو عبد الله البصري ، روى عن مروان بن معاوية ومعتمر بن سليمان وآخرين ، وروى عنه مسلم وأبو داود في كتاب القدر والترمذي والنسائي وابن ماجه وآخرون ، توفي سنة ( 245 هـ ) .
وثقه أبو زرعة وأبو حاتم . وقال ابن حبان في الثقات : وأثنى عليه النسائي خيرًا ، وقال في موضع آخر : لا بأس به . وروى عنه مسلم خمسة وعشرين حديثًا . وقال ابن حجر : ثقة من العاشرة( ).
2. محمد بن ثور الصنعاني أبو عبد الله العابد ، روى عن معمر وابن جريج ويحيى بن العلاء الرازي وغيرهم ، روى عنه ابنه عبد الجبار وفضيل بن عياض وعبد الرزاق وزيد بن المبارك ومحمد بن عبد الأعلى وآخرون ، توفي سنة ( 190هـ ) أو قبلها بقليل أو بعدها بقليل .
أقوال العلماء فيه :
وثقه ابن معين والنسائي . وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي ، ما حال ابن ثور ؟ قال : الفضل والعبادة والصدق . وفضله أبو زرعة على عبد الرزاق . وذكره ابن حبان في الثقات ( ) .
3. معمر بن راشد الأزدي أبو عروة بن عمرو البصري ، شهد جنازة الحسن البصري ، روى عن ثابت اليناني وقتادة والزهري وعاصم الأحول وآخرين ، وروى عنه شيخه يحيى بن أبي كثير وأبو إسحاق السبيعي وشعبة والثوري ومحمد بن ثور وعبد الرزاق وآخرون ، توفي سنة ( 152هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال ابن معين : أثبت الناس في الزهري مالك ومعمر ، وقال في موضع آخر : معمر أثبت في الزهري من ابن عيينة . ووثقه ابن معين . وقال العجلي : بصري سكن اليمن ثقة رجل صالح . وقال ابو حاتم : ما حدث معمر بالبصرة فيه أغاليط ، وهو صالح الحديث . وقال النسائي : ثقة مأمون . وذكره ابن حبان في الثقات . وأثنى عليه الشافعي . وقال ابن حجر : ثقة ثبت فاضل ، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة ، وهذا الضرب مضطرب كثير الأوهام( ) .
4. ابن نجيح : عبد الله بن أبي نجيح أبو يسار المكي مولى الأخنس بن شريق ، روى عن أبيه وعطاء ومجاهد وعكرمة وطاووس وجماعة ، وروى عنه شعبة وأبو إسحاق والسفيانان وشبل بن عباد ، توفي سنة ( 131 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال وكيع : كان سفيان يصحح تفسير ابن أبي نجيح . وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي . وفضله أبو حاتم على خصيف في الرواية عن مجاهد ، ولكن بعض نقاد الحديث عابوا عليه القول بالقدر . ووثقه ابن سعد . ووذكره ابن حبان في الثقات ، إلا أنه روى تفسيره عن مجاهد من غير سماع . وقال العجلي : مكي ثقة . وذكره النسائي فيمن كان يدلس . وقال ابن حجر : ثقة رمي بالقدر ، وربما يدلس( ) .
5. مجاهد بن جبر المكي : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19023 ) .
الحكم على الأثر ( 19025 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى مجاهد في تفسير ( الهمّ ) ضعيفة ، لأن أبي نجيح روى التفسير عن مجاهد من غير سماع ، وإنما أخذه من القاسم بن أبي بزة قاله ابن عيينة( ) . وقد تكلم العلماء في صحة تفسيره عن ابن أبي نجيح . فقال يحيى بن سعيد : لم يسمع ابن أبي نجيح التفسير من مجاهد( ) . وقال ابن الأنباري : ولا تصح رواية ابن أبي نجيح للتفسير عن مجاهد( ) . وأنه مدلس فروايته عن مجاهد منقطعة ، فلا تكون هذه الرواية صحيحة .
دراسة إسناد الأثر ( 19026 ) :
1. المثنى بن إبراهيم : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19020 ) .
2. أبو حذيفة : موسى بن مسعود النهدي البصري ، روى عن عكرمة بن عمار والثوري وشبل بن عباد ، وروى عنه البخاري ، وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجه بواسطة الحسن بن علي الخلال ، توفي سنة ( 220هـ ) .
أقوال العلماء فيه
قال أحمد : هو من أهل الصدق . وضعفه بندار . ووثقه العجلي . وقال أبو حاتم : صدوق ، ولكنه يصحف . وقال الترمذي : يضعف في الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات وقال : يخطئ . وقال ابن خزيمة : لا يحتج به . وقال أبو أحمد الحاكم : ليس بالقوي . وقال الساجي : كان يصحف وهو لين . وأخرج له البخاري وهو كثير الوهم ، وما أخرجه البخاري عنه كان متابعة . وقال الذهبي : صدوق تكلم فيه أحمد . وقال ابن حجر : صدوق سيء الحفظ . وكان يصحف ( ) .
3. شبل : هو شبل بن عباد المكي ، يروي شبل التفسير عن ابن أبي نجيح وزيد بن أسلم وعمرو بن دينار ، وروى عنه ابنه داود بن المبارك وابن عيينة وأبو حذيفة وآخرون ، توفي سنة ( 148هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
وثقه أحمد وابن معين . وقال أبو حاتم : هو أحب إلي من ورقاء في ابن أبي نجيح . ووثقه الآجري إلا أنه يرى القدر . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال الدار قطني : ثقة . واختص ابو حذيفة برواية شبل . وقال ابن حجر : ثقة رمي بالقدر( ) .
4. القاسم بن أبي بزة : واسمه نافع ، ويقال : يسار ، ويقال : نافع بن يسار المكي ، روى عن أبي الطفيل وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وآخرين ، وروى عنه قطر بن خليفة وعمرو بن دينار وابن جريج وشعبة وآخرون ، توفي سنة ( 124هـ ) بمكة .
أقوال العلماء فيه :
وثقه ابن معين والعجلي والنسائي . وقال ابن سعد : كان ثقة قليل الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات ، ويرى أنه لم يسمع التفسير من مجاهد أحد غير القاسم ، وكل من يروي التفسير عن مجاهد فقد أخذه من كتاب القاسم . وقال ابن حجر : ثقة من الطبقة الخامسة( ) .
الحكم على الأثر ( 19026 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن هذه الرواية فيها أكثر من راوٍ طعن العلماء به . فأبو حذيفة ( موسى بن مسعود ) تكلموا في حفظه ووصف بكثرة الوهم وسوء الحفظ والتصحيف . وأما شبل فاتُّهم بمقالة القدر ، وعليه تكون الرواية المنسوبة إلى القاسم بن أبي بزة فيها مقال من جهة الإسناد يمنع من إطلاق الصحة عليه .
دراسة إسناد الأثر ( 19027 ) :
1. الحسن بن محمد الصياح الزعفراني ، تقدم الكلام عليه في الأثر(19017) .
2. حجاج بن محمد : المصيصي الأعور أبو محمد ، ترمذي الأصل ، سكن بغداد ، ثم تحول إلى المصيصية ، روى عن ابن جريج والليث وشعبة وجماعة ، وروى عنه أحمد ويحيى بن معين والدوري وآخرون ، وسمع التفسير من ابن جريج إملاء ، وقرئ عليه بقية الكتب ، توفي سنة ( 206 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
أثنى عليه أحمد . ووثقه ابن المديني والنسائي . وقال السلفي : حجاج نائمًا أوثق من عبد الرزاق يقظان . وقال ابن سعد : صدوقًا إن شاء الله ، وكان تغير في آخر عمره حين رجع بغداد . وذكره أبو العرب القيرواني في الضعفاء بسبب الاختلاط . ووثقه العجلي ومسلم . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال ابن حجر : ثقة ثبت ، لكنه اختلط آخر عمره ، لما قدم بغداد( ) .
3. ابن جريج : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19018 ) .
4. عبد الله بن أبي مليكة : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19015 ) .
الحكم على الأثر ( 19027 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى ابن عباس ضعيفة ، لضعف ابن جريج ، لأنه مدلس ، كما نص على ذلك الدار قطني ، وبعضهم وصفه بأنه حاطب ليل ، وكما أن فيها حجاج بن محمد ضعفه أبو العرب ، وقد اختلط آخر عمره ، فتكون هذه الرواية بهذا الإسناد ضعيفة ، لضعف أكثر من راوٍ فيها .
دراسة إسناد الأثر ( 19028 ) :
1. المثنى بن إبراهيم : شيخ الطبري ، تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19020 ) .
2. الحماني : هو يحيى بن عبد الحميد بن عبد الله بن ميمون بن عبد الرحمن الحماني الحافظ أبو زكرياء الكوفي ، روى عن أبيه وقيس بن الربيع وابن مبارك وابن عيينة وآخرين ، وروى عنه أبو حاتم ومحمد بن أيوب وعبد العزيز البغوي وآخرون ، توفي سنة ( 228 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال الذهلي : ما استحل الرواية عنه . وقال النسائي : ضعيف ، وقال في موضع آخر : ليس بثقة . وقال أحمد : كان يكذب جهارًا . وقال البخاري : كان أحمد وعلي المديني يتكلمان في يحيى الحماني . وقال ابن نمير : الحماني كذاب . وقال الجوزجاني : يحيى الحماني ساقط متلون تُرك حديثه . ومع ذلك فقد وثقه ابن معين . وقال ابن حجر : اتهموه بسرقة الحديث . وقال عنه الذهبي : شيعي بغيض ، ورجح الذهبي ضعفه( ) .
3. يحيى بن اليمان : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19019 ) .
4. سفيان الثوري : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19020 ) .
5. علي بن بذيمة الجزري : أبو عبد الله مولى جابر بن سمرة ، كوفي الأصل ، روى عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود والشعبي وسعيد بن جبير ومقسم ومجاهد وغيرهم ، وروى عنه الأعمش والمسعودي وشعبة والثوري وآخرون .
أقوال العلماء فيه :
قال أحمد : صالح الحديث ، ولكنه كان رأسًا في التشيع ، وقال في موضع آخر : ثقة وفيه شيء . وقال الجوزجاني : زائغ عن الحق معلن به . ووثقه كل من أبي زرعة والنسائي والعجلي . وقال ابن سعد : كان ثقة . وقال ابن حجر : ثقة رمي بالتشيع من السادسة . قال الذهبي عن أحمد : صالح الحديث ، لكنه رأس في التشيع( ) .
6. سعيد بن جبير بن هشام الأسدي ، روى عن ابن عباس وابن الزبير وابن عمر وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وغيرهم ، وروى عنه ابناه عبد الملك وعبد الله وأبو إسحاق السبيعي والأعمش وآخرون ، قتل في شعبان سنة ( 95 هـ ) ، وقال أبو الشيخ : قتله الحجاج صبرًا سنة ( 95 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال عنه عمرو بن ميمون : لقد مات سعيد بن جبير وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج الى علمه . وقال أبو القاسم الطبري : هو ثقة إمام حجة على المسلمين . وقال ابن المديني : قال يحيى بن سعيد : مرسلات سعيد بن جبير أحب إليَّ من مرسلات عطاء ومجاهد . وكان سفيان يقدم سعيدًا على إبراهيم النخعي . وكان أعلم من مجاهد وطاووس( ) .
7. عكرمة البربري : أبو عبد الله المدني مولى ابن عباس ، روى عن مولاه ابن عباس وعلي بن أبي طالب والحسن بن علي وأبي هريرة وابن عمر وخلق كثير ، وروى عنه إبراهيم النخعي وأبو الشعثاء جابر بن زيد والشعبي وقتادة وآخرون .
أقوال العلماء فيه :
وقال ابن عيينة : سمعت أيوب يقول : لو قلت لك : إن الحسن ترك كثيرًا في التفسير حين دخل علينا عكرمة البصرة ، حتى خرج منها لصدقت . وثقة يحتج به كذا قال احمد . ووقال الحاكم أبو أحمد : احتج بحديثه الأئمة القدماء ، قد أجمع عامة أهل العلم بالحديث على الاحتجاج بحديث عكرمة( ) .
الحكم على الأثر ( 19028 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن في الأثر المنسوب إلى سعيد بن جبير وعكرمة راويًا متهمًا بالكذب ، وهو ( يحيى بن عبد الحميد الحماني ) ، وكذلك فيه يحيى بن اليمان ، تكلم فيه العلماء من جهة حفظه كثير الخطأ وله أوهام ، وأن عليًّا بن بذيمة تكلم فيه أحمد ، ووصفه الجوزجاني بأنه زائغ عن الحق ، فهو لا يصلح للاحتجاج به ، فيكون في هذا الأثر أكثر من راو من طعن به ، فهو من الموضوعات على سعيد بن جبير وعكرمة ، هذا من ناحية الإسناد .
دراسة إسناد الأثر ( 19029 ) :
1. ابن وكيع : سفيان بن وكيع الجراح ، تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19013) .
2. عمرو بن محمد العنقزي القرشي مولاهم الكوفي ، تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19013 ) .
3. شريك بن عبد الله بن أبي شريك أبو عبد الله الكوفي القاضي ، ولد سنة ( 90 هـ ) ، روى عن زياد بن علاقة وأبي إسحاق السبيعي وسماك بن حرب وآخرين ، وروى عنه ابن مهدي ووكيع وحجاج بن محمد وزياد بن هارون وآخرون ، وتوفي سنة ( 117 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال ابن معين : صدوق ثقة إلا أنه إذا خالف فغيره أحب إلينا . وقال ابن شيبة : شريك صدوق ثقة سيء الحفظ . وقال الجوزجاني : سيء الحفظ مضطرب الحديث مائل( ) . وقال الحافظ ابن حجر : صدوق يخطئ كثيرًا ، تغير حفظه منذ ولي القضاء . وقال أبو حاتم : صدوق وكانت له أغاليط . وقال أبو زرعة : كان كثير الحديث صاحب وهم يغلط أحيانًا . وقد تغير في اخر امره ، فهو سيء الحفظ كثير الوهم ، وكان مشهورًا بالتدليس( ) .
4. جابر بن يزيد بن الحارث : أبو عبد الله ، ويقال : أبو يزيد الكوفي ، روى عن أبي الطفيل وأبي الضحى وعكرمة وجماعة ، وروى عنه شيبة والثوري وآخرون ، توفي سنة ( 127 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال يحيى بن يعلى : أما الجعفي فكان والله كذابًا يؤمن بالرجعة . وعن أبي حنيفة : ما لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر ، وما أتيته بشيء من رأيي إلا جاءني بأثر . وقال أحمد : تركه يحيى وعبد الرحمن . وقال النسائي : متروك الحديث ، وقال في موضع آخر : ليس بثقة ولا يكتب حديثه . وقال الحاكم أبو أحمد : ذاهب الحديث . وقال سفيان : كان يؤمن بالرجعة . وقال الجوزجاني : كذاب ، وكان يدلس . وقال العقيلي في الضعفاء : كذبه سعيد بن جبير . وقال ابن حجر : أبو عبد الله الكوفي ضعيف واقفي( ) .
5. مجاهد بن جبر المكي : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19023 ) .
الحكم على الأثر ( 19029 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن هذه الرواية المنسوبة إلى مجاهد في تفسير قوله وهمت به وهم بها موضوعة عليه ، وذلك لأن فيها أحد الكذابين ، والذي حكم أكثر العلماء على كذبه ، كما أنه من الغلاة ، وهو جابر بن يزيد الجعفي ، ثم فيه ابن وكيع وهو ضعيف ، وأن شريكًا بن عبد الله هو الآخر ضعيف الرواية ، لكثرة أوهامه ، ويخطئ كثيرًا وعنده اضطراب ، كما وصفه بذلك الجوزجاني ، فتكون هذه الرواية إلى مجاهد مكذوبة عليه أو ضعيفة على أقل تقدير .
دراسة إسناد الأثر ( 19030 ) :
1. الحارث : هو الحارث بن محمد بن أبي أسامة ، صاحب المسند ، سمع عليًّا بن عاصم ويزيد بن هارون ، وكان حافظًا عارفًا بالحديث عالي الإسناد بالمرة ، تكلم فيه بلا حجة ، توفي سنة ( 282 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال الدار قطني : قد اختلف فيه ، وهو عندي صدوق . وقال ابن حزم : ضعيف . ولينه بعض البغاددة لكونه يأخذ على الرواية ( ) . وثقه محمود محمد شاكر( ) .
2. عبد العزيز : هو عبد العزيز بن أبان بن محمد بن عبد الله الأموي ، روى عن قطر بن خليفة وهارون بن سليمان الفراء والسفيانين وشعبة وقيس بن الربيع وآخرين ، وروى عنه محمد بن الحسين بن زبالة وإبراهيم بن الحارث البغدادي والحارث بن محمد بن أبي أسامة وآخرون ، توفي سنة ( 207 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال أحمد : لمَّا حدث بحديث المواقيت تركته ولم أخرج عنه في المسند شيئًا . وقال ابن معين : كذاب خبيث يضع الحديث ، وقال في موضع آخر : لم يكن بشيء ، وضع أحاديث على سفيان . وقال ابن محرز عن ابن معين : ليس حديثه بشيء كان يكذب . وقال ابن حبان : سالت ابن معين عن الواقدي فقال : كان كذابًا ، قلت : فعبد العزيز بن أبان مثله ، قال : لكنه ضعيف واهٍ ليس بشيء . وقال ابن شيبة : هو عند أصحابنا جميعًا متروك كثير الخطأ كثير الغلط . وقال أبو حاتم : متروك الحديث لا يشتغل به تركوه لا يكتب حديثه . وترك أبو زرعة حديثه . وقال البخاري : تركوه . وقال النسائي : متروك الحديث . وقال ابن عدي : روى عن الثوري غير ما ذكرت من البواطيل( ) . فهو كذاب خبيث يضع الاحاديث( ) .
3. قيس بن الربيع الأسدي : أبو محمد الكوفي ، روى عن أبي إسحاق السبيعي والمقدام بن شريح وعمرو بن مرة وأبي حصين وغيرهم ، وروى عنه أبان بن تغلب وشعبة ، ومات قبله الثوري ، وهو من أقرانه وآخرون .
أقوال العلماء فيه :
وثقه حاتم بن الليث والثوري وشعبة . وقال حرب عن أحمد : روى أحاديث منكرة . وضعفه وكيع بن الجراح . وقال ابن معين : قيس ليس بشيء . وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال في موضع آخر : متروك . وضعفه أبو أحمد الحاكم والدار قطني( ) .
4. أبو حصين : هو عثمان بن عاصم بن حصين ، ويقال له : زيد بن كثير ابن مرة أبو حصين الأسدي ، روى عن جابر بن الزبير وابن عباس وأبي سعيد الخدري وسعيد بن جبير وغيرهم ، وروى عنه شعبة والثوري وقيس بن الربيع وابن عيينة وآخرون ، توفي سنة ( 127 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال أحمد عنه : صحيح الحديث . وأثنى عليه العجلي ، ووصفه بأنه صاحب سنة ، وقال في موضع آخر : كوفي ثقة ، وكان عثمانيًّا رجلاً صالحًا . وعده ابن مهدي من أثبات أهل الكوفة . وقال أحمد : كان صحيح الحديث . ووثقه ابن معين وأبو حاتم وابن شيبة والنسائي وابن خراش . وذكره ابن حبان في الثقات في أتباع التابعين . قال ابن عبد البر : اجمعوا على انه ثقة حافظ( ) .
5. سعيد بن جبير : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19028 ) .
الحكم على الأثر ( 19030 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى سعيد بن جبير رواية مكذوبة ، لوجود راوٍ كذاب ، وهو عبد العزيز بن أبان ، وقد ترك أكثر العلماء حديثه لكونه خبيثًا كذابًا ، وكذلك لوجود قيس بن الربيع فبعضهم ضعفه وبعضهم جعله من المتروكين ، وعليه فلا يمكن الاعتماد على رواية مكذوبة لتفسير القرآن ، فضلاً عن نسبة ( الهمِّ ) إلى يوسف براوٍ تكلم فيه العلماء وجرحوه ، زيادة على ما في متن الحديث من قول ينزه عنه ، حتى الفساق فضلاً عن الأنبياء الذين عصمهم الله .
دراسة إسناد الأثر ( 19031 ) :
1. الحسن بن يحيى : وهو الحسن بن يحيى بن الجعد أبو علي بن أبي الربيع الجرجاني المتوفي سنة ( 263 هـ ) ، حدث عنه ابن ماجة وأبو بكر بن أبي عاصم وابن أبي حاتم وأبو القاسم البغوي وأبو يعلى الموصلي ، وروى عن عبد الرزاق التفسير ، وعنه نقله ابن جرير الطبري في تفسيره .
وقد وهم أحمد محمد شاكر إذ ذهب إلى أن اسم الحسن هو ( الحسن بن ابي يحيى ) ، وجعله من باب التصحيف، وقال : (( من السهل على الناسخ أو الطابع سقوط كلمة ( أبي ) فهو الحسن بن أبي يحيى المقدسي ، لم أصل إلى الآن إلى معرفته ))( ) . ولكني بالرجوع إلى تاريخ الطبري لحظت أن الطبري روى عن شيخه الحسن اثنين وعشرين خبرًا فكيف يقع هذا التصحيف ، وبعد رجوعي إلى المصادر ظهر لي أن اسمه الصحيح هو ( الحسن بن يحيى ) ، لا كما ذهب إليه أحمد محمد شاكر ، فقد جاء في الجرح والتعديل ما نصه : (( الحسن بن أبي الربيع الجرجاني ، واسم أبي الربيع ( يحيى ) ، نزيل بغداد ، روى عن عبد الرزاق وإبراهيم بن الحكم وعبد الصمد بن عبد الوارث ، سئل أبي عنه فقال : شيخ ))( ) .
أقوال العلماء فيه :
وقال ابن أبي حاتم : سمعت منه مع أبي وهو صدوق . وذكره ابن حبان في الثقات( ) .
2. عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري ، مولاهم أبو بكر الصنعاني ، روى عن أبيه وعمه ومعمر وعكرمة وابن جريج وآخرين ، وروى عنه ابن عيينة ومعتمر بن سليمان وهما من شيوخه وآخرون ، وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمتهم وكتبوا عنه . فهو ثقة إلا أنهم نسبوه إلى التشيع .
أقوال العلماء فيه :
قال ابن معين : لو إرتد عبد الرزاق ما تركنا حديثه . وقال العجلي : ثقة يتشيع . وقال ابن حجر : ثقة حافظ مصنف شهير عمي في آخر عمره . وكان يتشيع من التاسعة . ووثقه غير واحد . وحديثه مخرج في الصحاح( ).
3. ابن عيينة : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19015 ) .
4. عثمان بن أبي سليمان : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19015 ) .
5. ابن أبي ملكية : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19015 ) .
الحكم على الأثر ( 19031 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن رجاله لا يوجد فيه من جرحه العلماء بجرح يوجب رد روايته ، إلا أن ابن عيينة كما نص ابن القطان أنه اختلط . وذهب ابن حجر إلى أنه تغير في آخرة عمره ، ولعل هذه الرواية رواها حين اختلط وتغيره ، هذا من جهة السند . وأما من ناحية المتن فإن هذا الأثر قد طعن به غير واحد من الحفاظ ، فقد ذكر ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام بقوله : (( وقد أنكر قوم هذا القول وقالوا : هذا لا يليق بحال الأنبياء ))( ) . وأنكرها الإمام الرازي بقوله : (( إن يوسف كان بريئًا عن العمل الباطل والهم المحرم ، وهذا قول المحققين من المفسرين والمتكلمين ، وبه نقول وعنه نذب )) ( ) .
ولا يلتفت إلى ما نقله بعض المفسرين عن الأئمة المتقدمين ، فإن الأنبياء عليهم السلام متى صدرت منهم زلة أو هفوة استعظموها واتبعوها بإظهار الندامة والتوبة ، وأما يوسف فلم يحك عنه شيء من ذلك في هذه الواقعة ، لأنه لو صدر منه شيء لأتبعه بالتوبة والاستغفار ، ولو أتى بالتوبة لحكى الله ذلك عنه في كتابه ، كما ذكر عن غيره من الأنبياء ، وإذ لم يحك عنه شيئاً علمنا براءته( ) .
وأما ما روي عن ابن عباس : ( أنه جلس منها مجلس الخاتن ) فحاش ابن عباس أن يقول مثل هذا عن يوسف ، ولعل بعض أصحاب القصص والأخبار وضعوه عن ابن عباس ، وكذلك ما روي عن مجاهد وغيره أيضًا أنه لا يكاد يصح بسند صحيح . وبطل ذلك كله( ) .
وكما أن ما جاء في هذا الأثر يتعارض مع النصوص القرآنية الدالة على عدم صدور ( الهمِّ ) منه باعتراف امرأة العزيز بأنها هي التي راودته كما نص على ذلك الرازي عند تفسيره لقوله : انه من عبادنا المخلصين بقوله : (( فوروده باسم الفاعل يدل على كونه آتيًا بالطاعات والقربات مع صفات الإخلاص ، ووروده باسم المفعول يدل على أن الله تعالى استخلصه لنفسه واصطفاه لحضرته ، على كلا الوجهين فإنه من أدل الألفاظ على كونه منزهًا عمَّا أضافوه إليه ))( ) .
وبهذا ظهر أن هذه الرواية من جهة المتن لا تصح نسبتها إلى ابن عباس ، وإنما هي من الروايات الإسرائيلية ، وسيأتي الكلام على نقد باقي الروايات من حيث المتن في المطلب الثالث .
المطلب الثالث : نقد المحققين من المفسرين لمضمون الروايات التي ساقها الطبري
ومن الإسرائيليات المكذوبة التي لا توافق عقلاً ولا نقلاً ما ذكره ابن جرير في تفسيره وصاحب ( الدر المنثور ) وغيرهما من المفسرين في قوله : ولقد همت به وهم بها فقد ذكروا في همِّ يوسف ما ينافي عصمة الأنبياء وما يخجل القلم من تسطيره . ولولا أن المقام مقام بيان وتحذير من الكذب على الله ورسوله وهو من أوجب الواجبات على أهل العلم ، فقد رووا عن ابن عباس أنه سئل عن همّ يوسف ما بلغ ؟ قال : حل الهميان ، يعني : السراويل ، وجلس منها مجلس الخاتن فَصِيحَ به : يا يوسف لا تكن كالطير له ريش ، فإذا زنى قعد ليس له ريش ، ورووا مثل هذا عن علي بن أبي طالب وعن مجاهد وعن سعيد بن جبير( ) .
إن هذه الروايات التي درسناها من جهة الإسناد وظهر لنا من خلال دراستها من جهة النظر في سلسلة الأسانيد وطرقها بأنها لم يصح منها سند واحد ، وأغلبها ضعيفة وبعضها موضوع ، وفي هذا المطلب سنتعرض لنقدها من جهة المتن أو المضمون من خلال ما قاله المحققون من المفسرين الذين لم يقبلوا هذه الروايات .
1. الزمخشري : قال الزمخشري معقبًا على تلك الروايات بقوله : (( وهذا ونحوه مما يورده أهل الحشو والجبر الذين دينهم بَهْتُ اللهِ تعالى وأنبيائه وأهل العدل والتوحيد ليسوا من مقالاتهم ورواياتهم بحمد الله بسبيل ، ولو وُجدت من يوسف أدنى زلة لنعيت عليه وذكرت توبته واستغفاره ، كما نعيت على آدم زلته ، فعلم بالقطع أنه ثبت في ذلك المقام الرحض ، وأنه جاهد نفسه مجاهدة أولي القوة والعزم ناظرًا في دليل التحريم ووجه القبح حتى استحق من الله الثناء فيما أنزل من كتب الأولين ، ثم في القرآن الذي هو حجة على سائر كتبه ومصدق لها ، ولم يقتصر على استيفاء قصته وضرب سورة كاملة عليها ، ليجعل له لسان صدق في الآخرين ، كما جعل لجده الخليل ابراهيم ، وليقتدي به الصالحون إلى آخر الدهر في العفة وطيب الأزار والتثبت في مواقف العثار ، فأخزى الله أؤلئك في إيرادهم إلى أن يكون إنزال الله السورة التي هي أحسن القصص في القرآن الكريم ، ليقتدى بنبي من أنبياء الله تعالى في القعود بين شعب الزانية ، وفي حَلِّ تكَّته للوقوع عليها ، وفي أن ينهاه الله ثلاث كرات ويصاح به عنده ثلاث صيحات بقوارع القرآن والتوبيخ … والتشبيه بالطائر الذي سقط ريشه حين سفد غير أنثاه ولا ينتهي ولا ينتبه حتى يداركه الله بجبريل وباجباره( ) ، ولو أن أوقح الزناة وأشطرهم وأجلهم وجهًا لقي أدنى ما لقي به نبي الله مما ذكروا لما بقي له عرق ينبض ولا عضو يتحرك ، فيا له من مذهب ما أفحشه ومن ضلال ما أبينه ))( ) .
إن ما ذكره الزمخشري في الرد على القائلين بنسبة ( الهم ) إليه بالفاحشة نوافقه عليه ، لكن نخالفه في نسبة هذه المقالة إلى الذين يسميهم بأهل الجبر (( ويعني بهم أهل السنة )) ، فإنهم كذبوا أصحاب هذه المقالة ، وبينوا كذب تلك الروايات المنسوبة إلى الصحابة والتابعين ، وأنها من نسج خيال الرواة الذين تأثروا بروايات أهل الكتاب ، وبينوا زيفها بالدليل الناصع .
2. القاضي أبو بكر بن العربي : بعد ان ذكر تبرئة يوسف عليه السلام قال: (( وهذا يطمس وجوه الجهلة من الناس والغفلة من العلماء في نسبتهم اليه ما لا يليق به ، واقل ما اقتحموا من ذلك انه هتك السراويل وهمَّ بالفتك فيما رأوه من تأويل . وحاشا لله ما علمت عليه من سوء بل أبرئه مما برأه الله منه )) .
ويمضي ابن العربي في رده على مقالات الجهلة على نحو ما يسميهم (( فمال هؤلاء المفسرين لا يكادون يفقهون حديثًا ، يقولون فعل فعل والله إنما قال : وهم بها لا أقالهم ولا أفاتهم الله ولا عالهم )) إلى أن يقول : (( كان بمدينة السلام إمام من أئمة الصوفية ، وأي إمام يعرف بابن عطاء ، تكلم يومًا على يوسف وأخباره حتى ذكر تبرئته من مكروه ما نسب إليه ، فقام رجل من آخر مجلسه فقال له : يا سيدي فأذن يوسف همَّ وما تم . فقال : نعم ، لأن العناية من ثمَّ . فانظر إلى حلاوة العالم والمتعلم ، وانظر إلى فطنة العامي في سؤاله وجواب العالم في اختصاره واستيفائه . ولذلك قال علماء الصوفية : إن فائدة قوله : ولما بلغ اشده اتيناه حكمًا وعلمًا أن الله أعطاه العلم والحكمة أبان غلبة الشهوة ، لتكون له سببًا للعصمة ))( ) .
3.ابن الجوزي رحمه الله تعالى : بعد أن ذكر طرفًا من تلك الروايات في مسألة ( الهمّ ) ، قال : (( ولا يصح ما يروى عن المفسرين أنه حلَّ السراويل وقعد منها مقعد الرجل ، فإنه لو كان هذا ما دل على العزم ، والأنبياء معصومون من العزم على الزنا )) ( ).
4. الإمام الرازي : بعد أن يذكر الروايات للواحدي في كتابه البسيط مشابهة لتلك التي يرويها الطبري يقول : (( ثم إن الواحدي طوّل في كلمات عديمة الفائدة في هذا الباب ، وما ذكر آية يحتج بها ولا حديثًا صحيحًا يعول عليه في تصحيح هذه المقالة ، وما أمعن النظر في تلك الكلمات العارية عن الفائدة ))( ) .
وبعد أن يذكر وجوه تبرئة يوسف يختم ذلك بقوله : (( فثبت بهذه الدلائل أن يوسف بريء عما يقوله هؤلاء الجُهال )) . وفي موضع آخر بعد أن بيّن رأيه في المسألة يعود للرد على الواحدي فيقول : (( فقد ظهر بحمد الله تعالى صحة هذا القول الذي ذهبنا إليه ، ولم يبقَ في يد الواحدي إلا مجرد التصلف وتعديد أسماء المفسرين ، ولو كان قد ذكر في تقرير ذلك القول شبهة لأجبنا عنها ، إلا أنه ما زاد على الرواية عن بعض المفسرين ))( ) .
5. الإمام النسفي رحمه الله تعالى : بعد أن ذكر مثالاً على تلك الروايات ردَّ عليها قائلاً : (( وهو باطل ويدل على بطلانه قوله : هي راودتني عن نفسي [ سورة يوسف 26 ] )) ولو كان ذلك منه أيضًا لما برأ نفسه من ذلك ، وقوله : كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء [ سورة يوسف : 24 ] )) .
ولو كان كذلك لم يكن السوء مصروفًا عنه ، وقوله : ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب [ سورة يوسف : 52 ] ولو كان كذلك لخانه بالغيب ، وقوله : ما علمنا عليه من سوء [ سورة يوسف : 51 ] ، و الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين [ سورة يوسف : 51 ] ، ولأنه لو وُجد منه ذلك لذُكرت توبته واستغفاره ، كما كان لآدم ونوح وذي النون وداود عليهم السلام ، وقد سماه الله مخلصًا ، فعُلم بالقطع أنه ثبت في ذلك المقام وجاهد نفسه مجاهدة أولي العزم ناظرًا في دلائل التحريم ، حتى استحق من الله الثناء )) ( ) .
6. أبو حيان الأندلسي رحمه الله تعالى : لم يذكر أبو حيان شيئًا من تلك الروايات ، لأنه لا يعتقد بها ويعدّها روايات باطلة ، إذ يقول : (( وقد طهرنا كتابنا هذا عن نقل ما في كتب التفسير مما لا يليق ذكره ، واقتصرنا على ما دل عليه لسان العرب ، وساق الآيات التي في السورة مما يدل على العصمة وبراءة يوسف من كل ما يشين ))( ) .
7. ابن عطية الأندلسي : قال ابن عطية بعد أن حكى طرفًا مما أورده الطبري في تفسيره رادًّا ورافضًا أياها بقوله : (( وهذا ضعيف البتة ، والذي أقول في هذه الآية: إن كون يوسف نبيًّا في وقت هذه النازلة لم يصح ولا تظاهرت به رواية ، وإذا كان ذلك فهو مؤمن قد أوتي حكمًا وعلمًا ، ويجوز عليه الهمُّ الذي هو إرادة الشيء دون مواقعته ، وأن يستصحب الخاطر الرديء على ما في ذلك من الخطيئة ، وإن فرضناه نبيًّا في ذلك الوقت ، فلا يجوز عليه عندي إلا الهمّ الذي هو الخاطر ، ولا يصح عليه شيء مما ذكر من حلّ تكته ونحو ذلك ، لأن العصمة مع النبوة ، وما روي من أنه قيل له : تكون في ديوان الأنبياء وتفعل فعل السفهاء ، فإنما معناه العدة بالنبوة فيما بعد . والهمّ بالشيء مرتبتان ، فالواحدة الاولى تجوز عليه مع النبوة ، والثانية الكبرى لا تقع إلا من غير نبي ، لأن استصحاب خاطر المعصية والتلذذ به معصية تكتب ، وقول النبي : ( إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به نفسها ما لم تنطق به أو تعمل ) ، معناه من الخواطر ، وأما استصحاب الخاطر فمحال أن يكون مباحًا ))( ) .
8. الثعالبي : يذكر رحمه الله رأيه في تفسير الآية ، ويفترض نبوة يوسف وعدمها في وقت تلك الحادثة ، رادًّا على تلك الروايات في الحالتين ، فيقول : (( والذي أقول به في هذه الآية : إن كون يوسف نبيًّا في وقت هذه النازلة لم يصح ولا تظاهرت به رواية ، وما ذكره الثعالبي فيه نظر ، لأن قوله تعالى : واوحينا اليه يدل على نبوته ، وذكر نفس الكلام الذي ذكره ابن عطية( ) ، إلا أنه قال : والهم بالشيء مرتبتان : فالخاطر المجرد دون استصحاب يجوز عليه ، ومع استصحاب لا يجوز عليه ، إذ الاجماع منعقد أن الهم بالمعصية واستصحاب التلذذ بها غير جائز ، ولا داخل في التجاوزات ، قال القاضي عياض : والصحيح إن شاء الله تنزيههم أيضًا قبل النبوة من كل عيب ، وعصمتهم من كل ما يوجب الريب ))( ) .
9. أبو السعود : بعد أن ذكر أمثلة من تلك الروايات ، ردَّ عليها وعلى من ذكرها ردًّا عنيفًا من غير تصريح باسم أحد منهم ، فقال بعبارات مقتضبة : (( وإن كل ذلك إلا خرافات وأباطيل تمجها الآذان ، وتردها العقول والأذهان ، وبل لمن لاكها ولفظها أو سمعها وصدقها ))( ) .
10. الآلوسي : بعد ذكره لأقوال كثير من العلماء ، وذكره لبعض تلك الروايات ، وفي معرض الرد عليها ينقل قولاً للطيبي رحمه الله فيقول : (( وقد ذكر الطيبي طيب الله ثراه بعد أن نقل ما حكاه محيي السنة عن بعض أهل الحقائق من أن الهمَّ همَّان :
الأول : همُّ ثابت ، وهو ما كان معه عزم وعقد ورضا ، مثل همِّ إمرأة العزيز .
الثاني : همُّ عارض ، وهو الخطرة وحديث النفس من غير اختيار ولا عزم ، مثل همِّ يوسف ، إن هذا التفسير هو الذي يجب أن نذهب إليه ونتخذه مذهبًا ، وإن نقل المفسرون ما نقلوا ، لأن متابعة النص القاطع وبراءة يوسف المعصوم عن تلك الرذيلة وإحالة التقصير على الرواة أولى بالمصير إليه ، على أن أساطين النقل المتقنين لم يرووا في ذلك شيئًا مرفوعًا في كتبهم ، وجلّ تلك الروايات بل كلها مأخوذ من مسألة أهل الكتاب ))( ) .
نعم قد صحح الحاكم بعضًا من تلك الروايات التي استند إليها ، من نسب تلك الشنيعة إليه ، لكن تصحيح الحاكم محكوم عليه بعدم الاعتبار عند ذوي الاعتبار )) .
ويفصح الآلوسي عن رأيه في تلك الروايات فيقول : (( وبالجملة لا ينبغي التعويل على ما شاع في الأخبار والعدول عمَّا ذهب إليه المحققون الأخيار ، إياك والهمّ بنسبة تلك الشنيعة إلى ذلك الجناب ، بعد أن كشف الله سبحانه عن بصر بصيرتك ، فرأيت برهان ربك بلا حجاب ))( ) .
هذا مجمل ما قاله المفسرون في نقد تلك الروايات التي نسبت إلى النبي يوسف مما يخدش بمقام النبوة ، ومن الواضح من مجموع كلامهم أنهم لا يعتقدون بصحتها ولا بنسبتها إلى أحد من السلف ، لأنها تتعارض مع عقيدة العصمة الثابتة للأنبياء عليهم السلام ، وكذلك لأن تلك الروايات تخالف ظاهر سياق الآيات للقصة المذكورة .
وإن الروايات التي ساقها الطبري تتعارض مع القرآن والعقل ، وإن جلّ هذه الروايات توجه الاتهام إلى نبي الله يوسف بأنه جلس بين شعبها الأربع ، وفي بعضها نزع ثيابه فهو بحسب ظاهرها توجه إلى يوسف أنه وقع في الحرام أو حام حوله ، وعليه فلا يمكن تصديق مثل هذه الروايات من الوقاحة التي تطعن عرض نبي معصوم ، فلا يمكن نقلها فضلاً عن التصديق بها ، وقد بينت ضعف إسناد الروايات المتقدمة ، وأما متنها فإن فيها من التناقض والكذب ما أشرنا إليه ، ولقد أصاب كبد الحقيقة ابن عاشور إذ قال : (( وبذلك يظهر أن يوسف لم يخالطه همّ بامرأة العزيز ، لأن الله عصمه من الهمِّ بالمعصية ، بما أراه من البرهان ))( ) . وقد فرق ابن عاشور بين همّها وهمّه في قوله : (( ولقد همت به جملة مستأنفة استئنافًا ابتدائيًّا ، والمقصود أنها كانت جادة فيما راودته لا مختبرة ، والمقصود من ذكر همِّها به التمهيد إلى ذكر انتفاء همه بها ، لبيان الفرق بين حاليهما في الدين ، فإنه معصوم ))( ) .
ومن الذين نقدوا متن هذه الروايات محمد رشيد رضا إذ يقول : (( ولم يستح بعضهم أن يروي أخبار اهتياجه وتهوكه فيه ووصف انهماكه واسرافه في تنفيذه وتهتك المرأة في تبذلها بين يديه ما لا يقع إلا من أوقح الفساق المسرفين ))( ) . ولئن كان عقلاء المفسرين أنكروا هذه الروايات الإسرائيلية ، إلا أنها تركت أسوء الآثار في أنفسهم ، مما جعل البعض يسلم بأن ( الهم ) من الجانبين كان بمعنى : العزم على الفاحشة .
ويمضي صاحب المنار في رد الروايات المكذوبة على نبي الله يوسف : ولا يغرنك إسناد تلك الروايات إلى بعض الصحابة والتابعين ، فلو لم يكن لنا من الأدلة على وضعها عليهم أو تصديقهم لقول بعض اليهود فيها ، إلا بطلان موضوعها في نفسه ، وكونه من علم الغيب في القصة التي لم يعلم رسول الله منها غير ما قصه الله تعالى عليه في هذه السورة ، كما صرح به في الآية( ) ، ثم ذكر عدة أدلة من القرآن والسنة لمعنى ( الهم ) منها :
1. حكى الله عن المنافقين أنهم هموا بما لم ينالوا [ سورة التوبة : 74 ] إذ حاولوا أن يشردوا به عند منصرفه من غزوة تبوك فلم ينالوا مرادهم .
2. حكى الله عن المشركين أنهم هموا بإخراج الرسول [ سورة التوبة : 13 ] من بلده مكة ، لكنهم لم يفعلوا ، لأنهم خافوا أن يستجيب له غيرهم من العرب فيقوى أمره .
3. في السنة أن النبي ( همَّ أن يأمر رجلاً يصلي بالناس ، ثم يأمر من يحرق على المتخلفين عن صلاة الجمعة بيوتهم ) ، لكنه امتنع ترجيحًا للمانع على المقتضي( ) . ثم ذكر في موضع آخر . وعليه فلا يصح تفسير ولقد همت به بهذا المعنى المتقدم من شواهد الكتاب والسنة إلا بما قررناه . وإن ما قاله الجمهور باطل لمخالفته له ، بل للغة القرآن وهدايته ، وإنما خدعتهم الروايات الباطلة ، واستدل صاحب المنار لقوله بما يأتي :
1. إن ( الهمّ ) لا يكون إلا بفعل لـ ( الهام ) ، والوقاع ليس من أفعال المرأة فتهم به ، وإنما نصيبها منه بقبوله ممن يطلبه منها بتمكينه منه .
2. إن يوسف لم يطلب من امرأة العزيز هذا الفعل ، فيسمي قبولها لطلبه ورضاها بتمكينه منه همًّا لها ، فإن نصوص الآيات قبل هذه الآية وبعدها تبرئه من ذلك بل من وسائله ومقدماته .
3. لو أن ذلك وقع لكان الواجب في التعبير أن يقال : ( ولقد هم بها وهمت به ) ، لأن الأول هو المقدم بالطبع والوضع هو الهم الحقيقي ، والهم الثاني متوقف عليه لا يتحقق بدونه .
4. إنه قد علم من القصة أن هذه المرأة كانت عازمة على ما طلبته طلبًا جازمًا مصرة عليه ، ليس عندها أدنى تردد فيه ، ولا مانع منه يعارض المقتضي له ، فأذن لا يصح أن يقال : إنها همت به مطلقًا( ) .
وينفي أبو عبيد القاسم بن سلام ما نسبه الرواة إلى ابن عباس بقوله : (( وابن عباس ومن دونه لا يختلفون في أنه همّ بها ، وهم أعلم بالله وبتأويل كتابه ، وأشد تعظيمًا للأنبياء من أن يتكلموا فيهم بغير علم ))( ) .
وكما أن المفسر القرطبي يرد تلك الروايات التي نسبت الهم المحرم إلى يوسف عند تفسيره لقوله : ولما بلغ اشده أتيناه حكماً وعلماً [ سورة يوسف : 33 ] بقوله : (( على ما تقدم بيانه وخبر الله صدق ، ووصفه صحيح وكلامه حق ، فقد عمل يوسف بما عمله الله من تحريم الزنى ، ومقدماته ، وخيانة السيد والجار والأجنبي في أهله ، فما تعرض لامرأة العزيز ، ولا أجاب إلى المراودة بل أدبر عنها وفرَّ منها ، حكمة خُص بها وعملاً بمقتضى ما عمله الله )) ( ).
وبهذا ظهر زيف الروايات التي تعلق بها الواحدي وغيره من المفسرين الذين نقلوا الأخبار المكذوبة على ابن عباس وغيره من التابعين في نسبة الفعل المحرم إلى نبي عصمه الله من كل سوء .
وينكر المرحوم سيد قطب على المفسرين الروايات التي ساقوها في تفاسيرهم لقوله : وهمت به وهم بها وعدَّها من الإسرائيليات بقوله : (( فأما الذين ساروا وراء الإسرائيليات فقد رووا أساطير كثيرة يصورون فيها يوسف هائج الغريزة مندفعًا شقيًّا ، والله يدافعه ببراهين كثيرة فلا يندفع ))( ) .
ويرجح سيد قطب أن همَّ يوسف بأنه حديث النفس ، وذلك لما تعرض له من صراع داخلي بين المقاومة والضعف ، ثم الاعتصام بالله في النهاية والنجاة( ) . وهذا معناه أنه لم يحصل الفعل منه بالذي صوره أغلب المفسرين القدامى ، وهو تصوير بشع لا يليق مع مقام هذا النبي الثابت على عقيدته والملتزم بعفته وطهارته ، وفي النهاية نستطيع أن نقول في هذه الاية : ولقد همت به وهم بها أنها تدل على أنه لديه شهوة ولكن الله عصمه بالنبوة فلم يهم بها ، وهمت به بغريزتها ولم يهم بها لغريزته ، وذلك لوجود البرهان ، والبرهان هنا يمكن أن يكون النبوة على ما ذهب إليه جعفر الصادق ، وهو تفسير له وجاهته وعليه حشمة ووقار ، وهو الذي يوافق ما دلَّ عليه الفعل من عصمة الأنبياء( ) .
الخاتمة
وبعد هذه الجولة المباركة في كنوز العلم والمعرفة والوقوف على كلام أهل التأويل في هذه الآية التي عقدنا البحث عنها ، والتي شكلت اهتمام المفسرين قديمًا ، وكما شغلتهم حديثًا نصل إلى أهم النتائج في ذلك منها ما يأتي :
أولاً : إن الكثرة الكاثرة من المفسرين القدامى قد سودوا صفحات تفاسيرهم بما يخدش مقام النبوة ، ونسبوا إليه أفظع فعل يتنزه عنه أفسق الناس .
ثانياً : إن أغلب الروايات التي اعتمدوا عليها وعدوها رأياً للمفسرين من السلف وجمهورهم ، ما هي بالحقيقة إلا روايات مكذوبة أو ضعيفة ، إذ لا نكاد نقع على سند واحد منها صحيح ، وأن متونها هي الأخرى لم تسلم من النقد أو الطعن .
ثالثًا : إن أكثر المحققين من المفسرين واللغويين ردوا علىهذه الروايات وفندوها ، أمثال الزمخشري وابن عطية وابن العربي والرازي وأبو حيان الأندلسي والقرطبي والآلوسي وأبي السعود ومحمد رشيد رضا ، ومن المحدثين ابن عاشور وسيد قطب وغيرهم .
رابعًا : إن هذه الروايات واضح فيها الأثر اليهودي ، وتشم منها رائحة الأخبار الإسرائيلية المكذوبة والمفتعلة على الصحابة والتابعين ، لأن ثقتنا بالصحابة ـ وهم أعلم الناس بمقام الأنبياء ـ أن لا يتكلموا بمثل هذه الروايات التي تنسب فعل قبيح إلى نبي صديق مخلص لدينه بشهادة رب العالمين ، وقد دل القرآن على كذب تلك الروايات فلا مجال لتصديقها .
خامسًا : إن القرآن الكريم بمنطوقه ومفهومه وهديه دل على كذب هذه الروايات ، وإن الله جعل نبيه يوسف الصديق قدوة في العفة والطهارة ، وأثنى عليه في غير موضع من القصة التي قصها علينا ، إلا أن الذين أُغرموا بالإسرائيليات جعلوه قدوة للعالمين في الجلوس بين شعب النساء وحل السروال وهذا ينفي عنه العصمة .
سادسًا : إن القول الراجح من رأي المفسرين أن ( الهم ) لم يحصل أصلاً ، وهو معصوم من كل ما سوّد به المفسرون صفحة دعوته البيضاء الى الله بشهادة رب العالمين وكل من له تعلق بالقصة ، فهو من عباد الله المخلصين ، وبذلك تسقط أقوال الواحدي والطبري وغيره ، فيما نسبوا إلى نبي يوسف الصديق من الفعل القبيح الذي لا يليق بآحاد الناس ، فضلاً عن نبي عصمه الله تعالى من كل الدنايا وأثنى عليه ، بمحكم التنزيل إنه من عبادنا المخلصين .
سابعًا : ينبغي على أهل العلم تنقية هذه التفاسير من تلك الأكاذيب والخرافات والبشاعات عن أنبياء الله تعالى ، والتنبيه عليها في طبعات لاحقة لهذه التفاسير ، فإن وجودها يضع الشك لدى العامة والخاصة بمقام الأنبياء أجمعين . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وأرجو أن أكون قد قمت بواجبي تجاه نبي صبر لما تعرض إليه من فتنة قلَّ من يتعرض لمثلها ، لولا أن ربط الله على قلبه ، ليكون قدوة للعالمين في الابتلاء والثبات على أمر الله .
هوامش البحث
) ينظر : تفسير المنار ـ محمد رشيد رضا 12 / 278 ، ( والكلمة لأينة الخص ) اعتذرت بها عن نفسها بعد أن فتنت ، فقيل لها : لِمَ … وأنت سيدة قومك ؟ فقالتها فأرسلتها مثلاً .
( ) التفسير الكبير ـ للإمام الرازي 18 / 117 .
( ) ينظر : نظرات في تفسير آيات القرآن الكريم ـ د . محسن عبد الحميد 129 .
( ) أي في قوله : لولا أن رأى برهان ربه .
( ) لسان العرب ـ لبن منظور الأفريقي 6 / 4703 .
( ) ينظر : زاد المسير في علم التفسير ـ لابن الجوزي 4 / 203 .
( ) المصدر نفسه 4 / 204 .
( ) الكشاف ـ للزمخشري 2 / 356 .
( ) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ـ أبو عبد الله القرطبي 9 / 166 ، ولسان العرب 6 / 4703 .
( ) ينظر : الصحاح ـ للجوهري 5 / 2061 .
( ) أخرجه مسلم في صحيحه بشرح النووي 2 / 147 ـ 148 .
( ) تفسير المنار ـ لمحمد رشيد رضا 12 / 284 .
( ) زاد المسير في علم التفسير ـ لابن الجوزي 4 / 204 .
( ) ينظر : جامع البيان في تفسير آي القرآن 16 / 38 .
( ) المصدر نفسه 16 / 35 ـ 38 .
( ) ينظر : زاد المسير في علم التفسير ـ لابن الجوزي 4 / 205 .
( ) المصدر نفسه 4 / 206 .
( ) المصدر نفسه 4 / 206 .
( ) تفسير الطبري 16 / 39 .
( ) ينظر : زاد المسير في علم التفسير ـ لابن الجوزي 4 / 207 .
( ) المصدر نفسه 4 / 207 .
( ) ينظر : تفسير الطبري 16 / 38 ـ 39 .
( ) ينظر : زاد المسير في علم التفسير ـ لابن الجوزي 4 / 203 ، والفخر الرازي 18 / 121 ـ 122 ، وفتح الفدير ـ للشوكاني 3 / 17 .
( ) ينظر : البحر المحيط ـ لأبي حيان الأندلسي 5 / 295 .
( ) تفسير الطبري 16 / 38 .
( ) المصدر نفسه 16 / 38 ـ 39 .
( ) المصدر نفسه 16 / 38 .
( ) المصدر نفسه 16 / 39 .
( ) المصدر نفسه 16 / 39 .
( ) ينظر : تفسير الرازي 18 / 123 .
( ) ينظر : التحرير والتنوير ـ لابن عاشور 12 / 47 .
( ) ينظر : تفسير الرازي 18 / 123 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 18 / 122 ـ 123 .
( ) المصدر نفسه 18 / 122 .
( ) حاشية القونوي على تفسير البيضاوي 10 / 293 .
( ) سنفرد لتفسير ( البرهان ) بحثًا مستقلاً إن شاء الله .
( ) ينظر : زاد المسير في علم التفسير ـ لابن الجوزي 4 / 204 .
( ) ينظر : تفسير الرازي 18 / 120 .
( ) ينظر : البحر المحيط ـ لأبي حيان الأندلسي 5 / 295 .
( ) المصدر نفسه 5 / 295 .
( ) تفسير الطبري 16 / 33 ـ 39 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب ـ لابن حجر العسقلاني 4 / 109 ـ 110 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 7 / 87 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 1 / 185 ـ 186 ، وميزان الاعتدال ـ للذهبي 1 / 175 .
( ) ينظر : التاريخ الكبير ـ للبخاري 2 / 1 / 53 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب ـ لابن حجر العسقلاني 1 / 314 .
( ) ينظر : الاتقان ـ للسيوطي 2 / 188 ـ 189 ، والاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ـ محمد أبو شهبة 214 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب ـ لابن حجر العسقلاني 9 / 111 ـ 115 .
( ) ينظر : تقريب التهذيب 2 / 156 ، والتهذيب 9 / 112 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب ـ لابن حجر العسقلاني 4 / 135 ـ 139 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 9 / 34 ـ 38 ، والتقريب ـ لابن حجر 2 / 144 ، وميزان الاعتدال ـ للذهبي 3 / 475 .
( ) ينظر : المصدران نفسهما 9 / 342 ، 2 / 197 .
( ) ينظر : حاشية الطبري ـ لأحمد محمد شاكر 1 / 174 .
( ) تهذيب التهذيب ـ لابن حجر 10 / 310 .
( ) ينظر : ميزان الاعتدال ـ للذهبي 2 / 171 ، وتهذيب التهذيب 4 / 106 .
( ) ينظر : تقريب التهذيب ـ لابن حجر 1 / 312 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 7 / 111 ، وتقريب التهذيب 2 / 9 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 5 / 268 ، وتذكرة الحفاظ ـ للذهبي 1 / 101 .
( ) المصدر نفسه 7 / 52 .
( ) ينظر : سؤلات أبي عبد الرحمن السلمي للدار القطني 190 .
( ) ينظر : اللباب في تهذيب الأنساب ـ لابن الأثير 1 / 364 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 3 / 334 ، وتقريب التهذيب 1 / 270 .
( ) ينظر : المصدران نفسهما 8 / 70 ، 2 / 75 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 2 / 252 ، وتقريب التهذيب 1 / 170 ، والجرح والتعديل ، لابن أبي حاتم 3 / 36 .
( ) ينظر : حاشية أحمد صالح محايري على تفسير ابن عيينة 168 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 6 / 77 ، والتقريب 1 / 462 ، والجرح والتعديل 5 / 201 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 9 / 12 ـ 13 ، وميزان الاعتدال 3 / 647 .
( ) المصدر نفسه 6 / 359 ـ 360 ، والتقريب ، لابن حجر 1 / 530 .
( ) المصدر نفسه 6 / 359 .
( ) ينظر : الاتقان ـ للسيوطي 2 / 188 ، والاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ـ محمد أبو شهبة 148 .
( ) ينظر : ميزان الاعتدال ـ الذهبي 3 / 359 .
( ) ينظر : التهذيب 11 / 268 ، والتقريب 2 / 361 .
( ) ينظر : حاشية محمود محمد شاكر على تفسير الطبري 1 / 176 .
( ) ينظر : التهذيب 8 / 313 ، والتقريب 2 / 122 .
( ) ينظر : المصدر السابق 4 / 99 ـ 104 .
( ) ينظر : المصدر السابق 1 / 192 ، وميزان الاعتدال 1 / 183 .
( ) ينظر : المصدر السابق نفسه 11 / 193 ـ 194 ، والتقريب 2 / 348 .
( ) ينظر : ميزان الاعتدال 4 / 335 ، والتهذيب 11 / 109 ـ 114 ، والتقريب 2 / 331 .
( ) ينظر : التهذيب ، لابن حجر 11 / 367 ، والتقريب 2 / 216 .
( ) الاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير 310 .
( ) ينظر : التهذيب 9 / 28 ، والتقريب 2 / 143 .
( ) ينظر : التهذيب ، لابن حجر 4 / 195 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 10 / 40 ، والتقريب 2 / 229 .
( ) ينظر : المصدران أنفسهما 10 / 16 ، 2 / 225 ، وميزان الاعتدال 3 / 426 .
( ) ينظر : طبقات ابن سعد 5 / 467 .
( ) ينظر : التهذيب 9 / 257 ، والتقريب 2 / 182 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 9 / 76 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 10 / 219 ، والتقريب لابن حجر 2 / 266 .
( ) ينظر : المصدران أنفسهما 6 / 55 ، 1 / 456 .
( ) ينظر : جامع التحصيل ـ للعلائي 218 .
( ) ينظر : التهذيب 6 / 54 .
( ) ينظر : تفسير سورة الاخلاص ـ لابن تيمية 930 .
( ) ينظر : التهذيب 10 / 329 ـ 330 ، وميزان الاعتدال 4 / 221 ، والتقريب 2 / 288 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 4 / 68 ، والتقريب 1 / 346 .
( ) المصدران أنفسهما 8 / 278 ، 2 / 115 .
( ) ينظر : المصدران أنفسهما 2 / 180 ، 1 / 154 ، والميزان للذهبي 1 / 464 .
( ) ينظر : المصدران أنفسهما 11 / 213 ، 2 / 352 ، وميزان الاعتدال 4 / 392 .
( ) ينظر : المصادر أنفسها 7 / 252 ، 2 / 32 ، 3 / 115 .
( ) ينظر : التهذيب 4 / 11 ـ 12 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 7 / 234 ـ 241 .
( ) ينظر : احوال الرجال ، للجوزجاني 92 .
( ) ينظر : التقريب 1 / 351 ، والتهذيب 4 / 296 .
( ) ينظر : التهذيب 2 / 43 ، والتقريب 1 / 143 .
( ) ينظر : ميزان الاعتدال 1 / 442 .
( ) ينظر : حاشية محمود محمد شاكر 16 / 526 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 6 / 294 ـ 295 .
( ) ينظر : حاشية محمود محمد شاكر على الطبري 16 / 526 .
( )ينظر : تهذيب التهذيب 8 / 350 ـ 353 .
( ) ينظر : التهذيب لابن حجر 7 / 116 .
( ) حاشية أحمد محمد شاكر على الطبري 7 / 387 .
( ) الجرح والتعديل ـ لأبي حاتم 3 / 4 ، وفهرس الاعلام لتاريخ الطبري 10 / 224 .
( ) ينظر : المنتظم في تاريخ الملوك والامم ـ لابن الجوزي 5 / 44 ، والبداية والنهاية ـ لابن كثير 11 / 6 ، والجرح والتعديل ـ لابن أبي حاتم 3 / 44 ، وترتيب الثقات لابن حيان 8 / 180 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 6 / 278 ، والتقريب لابن حجر 1 / 504 .
( ) ينظر : تفسير البغوي 3 / 223 .
( ) تفسير الرازي 18 / 118 ، وتفسير الخازن 3 / 423 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 18 / 118 .
( ) ينظر : تفسير الخازن 3 / 225 ، وتفسير الرازي 18 / 119 .
( ) تفسير الرازي 18 / 119 ، وينظر : تفسير الخازن 3 / 225 .
( ) الاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير لابي شهبة 308 .
( ) ما اشار اليه الزمخشري من نزول جبريل عليه السلام ولم يذكره الطبري في مروياته .
( ) تفسير الزمخشري 2 / 312 .
( ) احكام القرآن ـ لابن العربي 1 / 439 .
( ) زاد المسير في علم التفسير 4 / 205 .
( ) تفسير الرازي 18 / 118 .
( ) المصدر نفسه 18 / 122 .
( ) تفسير النسفي 2 / 184 .
( ) البحر المحيط ـ لأبي حيان الاندلسي 5 / 295 .
( ) ابن عطية 3 / 34 ، والحديث اخرجه مسلم في صحيحه 2 / 147 .
( ) ينظر : تفسير القرطبي 9 / 168 .
( ) الجواهر الحسان في تفسير القرآن ـ الثعالبي 2 / 231 .
( ) ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم 4 / 67 .
( ) روح المعاني ـ للالوسي 12 / 215 .
( ) المصدر نفسه 12 / 216 .
( ) التحرير والتنوير ـ لابن عاشور 12 / 47 ـ 48 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 12 / 47 .
( ) تفسير المنار ـ محمد رشيد رضا 12 / 280 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 12 / 284 .
( ) المصدر نفسه 12 / 285 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 12 / 286 .
( ) الجامع لاحكام القرآن ـ القرطبي 9 / 167 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 9 / 167 .
( ) في ظلال القرآن ـ سيد قطب 12 / 711 .
( ) المصدر نفسه 12 / 711 .
( ) ينظر : الاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير 337 .
مصادر البحث ومراجعه
ـ القرآن الكريم
1. الإتقان في علوم القرآن ـ للحافظ جلال الدين السيوطي ( ت 911 هـ ) ـ دار الندوة الجديدة ـ بيروت ـ لبنان .
2. إرشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم ـ قاضي القضاة الامام ابو السعود محمد بن محمد العمادي ( ت 951 هـ ) ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت .
3. احكام القرآن ـ لأبي بكر محمد بن عبد الله المعروف بأبن العربي ـ تحقيق : علي محمد البجاوي ـ مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه ـ الطبعة الثانية ـ 1968م .
4. احوال الرجال ـ لأبي اسحاق ابراهيم بن يعقوب الجوزجاني ( ت 259 هـ ) ـ تحقيق : السيد صبحي البدري السامرائي ـ مؤسسة الرسالة ـ الطبعة الاولى ـ 1985 .
5. الاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ـ محمد بن محمد ابو شهبة ـ الهيئة العامة للشؤون المطابع الاميرية ـ القاهرة سنة 1973 .
6. البحر المحيط ـ محمد بن يوسف الشهير ( بأبي حيان ) الاندلسي الغرناطي ( ت 754 هـ ) ـ دار الفكر ـ بيروت ـ الطبعة الثانية 1978 م .
7. البداية والنهاية ـ للحافظ أبي النداء ابن كثير ـ مكتبة المعارف ـ بيروت ـ لبنان سنة 1988 م .
8. التاريخ الكبير ـ لأبي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري ـ مكتبة دار التراث بالقاهرة ـ الطبعة الاولى .
9. التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور التنوسي ـ الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور ـ مؤسسة التاريخ ـ الطبعة الاولى ـ سنة 2000 .
10. تذكرة الحفاظ ـ للحافظ ابو عبد الله شمس الدين الذهبي ( ت 748 هـ ) ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان .
11. ترتيب ثقات ابن حيان ـ لنور الدين الهيثمي ـ مخطوط ـ دار الكتب المصرية.
12. تفسير البغوي المسمى ( بمعالم التنزيل ) ـ أبي محمد الحسين بن الفراء البغوي ( ت 516 هـ ) ـ المكتبة التجارية الكبرى بمصر .
13. تفسير الخازن المسمى ( بلباب التأويل في معاني التنزيل ) ـ علاء الدين علي بن محمد بن ابراهيم البغدادي الصوفي المعروف بالخازن ـ المكتبة التجارية الكبرى بمصر .
14. التفسير الكبير ومفاتيح الغيب المشهور ( بتفسير الفخر الرازي ) ـ للامام محمد الرازي فخر الدين ابن العلامة ضياء الدين عمر المشتهر بخطيب الريّ ( ت 604هـ ) ـ دار الفكر بيروت ـ الطبعة الثالثة 1985 .
15. تفسير المنار ـ محمد رشيد رضا ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان ـ الطبعة الثانية .
16. تفسير النسفي المسمى ( مدارك التنزيل وحقائق التأويل ) ـ ابو البركات عبد الله بن احمد بن محمود ( ت 710 هـ ) تحقيق : صفوان عدنان داوودي ـ دار القلم ـ بيروت ـ الطبعة الاولى 1415 هـ .
17. تفسير سورة الاخلاص ـ لأبي العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم المعروف بابن تيمية الحراني ـ طبع بالمطبعة الحسينية سنة 1323 م .
18. تقريب التهذيب ـ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ ) المكتبة العلمية بالمدينة المنورة .
19. تهذيب التهذيب ـ للحافظ شهاب الدين احمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ ) ـ دار الفكر ـ بيروت .
20. جامع البيان من تأويل أي القرآن ـ لابي جعفر محمد بن جرير الطبري ( ت 310 هـ ) ـ تحقيق : محمود محمد شاكر ـ دار المعارف بمصر .
21. جامع التحصيل في احكام المراسيل ـ للحافظ صلاح الدين ابي سعيد بن خليل العلائي ـ حققه حمدي عبد المجيد السلفي ـ عالم الكتب ـ مكتبة النهضة العربية 1986 .
22. الجامع لاحكام القرآن ـ لابي عبد الله محمد بن احمد الأنصاري القرطبي ـ دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ـ القاهرة 1967 .
23. الجرح والتعديل ـ للامام الحافظ شيخ الاسلام أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان .
24. الجواهر الحسان في تفسير القرآن ـ عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الملقب بالثعالبي ( ت 875 هـ ) ـ مؤسسة الاعلمي للمطبوعات ـ بيروت .
25. حاشية احمد صالح محايري على تفسير ابن عيينة المطبوعة ضمن تفسير ابن عيينة ـ المكتب الاسلامي ـ الطبعة الاولى سنة 1983 م .
26. حاشية احمد ومحمود ومحمد شاكر على تفسير الطبري المطبوعة ضمن تفسير الطبري ـ دار المعارف بمصر .
27. حاشية القونوي على تفسير البيضاوي ـ عصام الدين اسماعيل بن محمد الحنفي ( ت 1195 هـ ) ـ دار الكتب العلمية بيروت ـ لبنان ـ الطبعة الاولى ـ 2001 م .
28. روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني ـ العلامة ابو الفضل شهاب الدين السيد محمود الالوسي البغدادي ( ت 1270 هـ ) ـ دار الفكر بيروت .
29. زاد المسير في علم التفسير ـ لأبي الفرج عبد الرحمن بن محمد الجوزي ( ت 597 هـ ) ـ المكتب الاسلامي للطباعة والنشر ـ الطبعة الاولى ـ سنة 1965 م .
30. سؤلات أبي عبد الرحمن السلمي ـ للدارقطني في الجرح والتعديل ـ تحقيق : د . سليمان اتش ـ دار العلوم للطباعة والنشر سنة 1988 م .
31. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ـ اسماعيل بن حماد الجوهري ـ تحقيق : احمد عبد الغفور عطار ـ دار العلم للملايين بيروت ـ الطبعة الثانية 1979 م .
32. صحيح مسلم بشرح الامام النووي ـ للامام مسلم بن الحجاج ـ دار الفكر سنة 1969 م .
33. الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ دار صادر للطباعة والنشر ـ بيروت ـ سنة 1957 م .
34. فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ـ محمد بن علي بن محمد الشوكاني ( ت 1250هـ ) دار ابن كثير دمشق ـ بيروت ـ الطبعة الثانية سنة 1980 م .
35. فهرس الاعلام لتاريخ الطبري المطبوع ضمن تاريخ الرسل والملوك ـ لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري ـ تحقيق : ابو الفضل ابراهيم ـ دار المعارف ـ القاهرة .
36. في ظلال القرآن ـ سيد قطب ـ مطبعة دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان ـ الطبعة الخامسة ـ سنة 1967 م .
37. الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الاقاويل في وجوه التأويل ـ ابو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري ( ت 538 هـ ) ـ دار المعرفة بيروت .
38. اللباب في تهذيب الانساب ـ عز الدين بن الاثير الجزري ـ دار صادر بيروت ـ الطبعة الاولى ـ سنة 1972 م .
39. لسان العرب ـ جمال الدين ابو الفضل محمد بن مكرم بن علي بن احمد بن منظور (ت 711 هـ) ـ تحقيق : عبد الله علي الكبير ـ دار المعارف ـ القاهرة.
40. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ـ لأبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية ( ت 546 هـ ) ـ تحقيق : عبد السلام عبد الشافي محمد ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ط1 / 2001 م .
41. مقدمة تفسير عبد الرزاق الصنعاني ـ د . عبد المعطي امين قلعجي ـ دار المعرفة بيروت ـ لبنان ـ الطبعة الاولى ـ 1991 م .
42. المنتظم في تاريخ الملوك والامم ـ لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ـ الدار الوطنية بغداد 1990 م .
43. ميزان الاعتدال في نقد الرجال ـ شمس الدين الذهبي ـ تحقيق : علي محمد البجاوي ـ مطبعة دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي ـ الطبعة الاولى سنة 1382 هـ .
44. نظرات في تفسير آيات من القرآن الكريم ـ د . محسن عبد الحميد ـ دار الانبار ـ بغداد ـ شارع المتنبي ـ 1997 م .
رَفْعُ الإيهامِ
عَن يوسفَ
وهو بحث في تفسير قوله :
وَهَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا
إعداد أ.م.د.عبد المجيد محمد أحمد الدوري
جامعة تكريت ـ كلية التربية / سامراء
المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على من ختم به عقد الأولين والآخرين ، وجعل رسالته خاتمة الرسالات ، وخصَّه الله بأرقى الكمالات ، وجعل دينه المهيمن على سائر الأديان ، سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين .
وبعد : فإن خير ما تصرف لأجله الهمم ، وتشدُّ إليه الرحال ، وتمتطى في سبيله الركاب ، هو النظر في آية محكمة أو سنَّة متبعة . فهذا البحث محاولة جادة يسلط الضوء على قبس من أقباس القرآن ، نلتقي به مع نبي صديق ورسول ابتلاه الله فصبر على ابتلائه ، وثبت على دينه وإيمانه بالله ، فلم تغيِّره المغيِّريات ، ولن تثنيه التهديدات من لدن امرأة تملك السلطان والمال والجمال ، وكان أثبت من الراسيات . فكانت نعمة الجمال التي أنعم الله بها عليه عرضته لفتنته ، قلَّ أن تمرَّ بأحد فيخرج منها معافى سليماً ثابت الجنان . وبحثنا هذا معقود لإماطة اللثام عن قوله : وَهَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَولا أن رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ ، وإزالة الأوهام التي تعلق بها أهل الروايات المكذوبة ، والأخبار الإسرائيلية ، والحكايات المنتحلة في نسبة ( الهمّ ) بالفعل المشين الى نبي عصمه الله من الدنايا ، وصان عرضه من كل قولٍ وسوء .
لقد تعرض هذا النبي الصديق الى أشد أنواع الابتلاء ، فعاش زمن العبودية وهو النبي الحر المدلل عند أبيه ، فشاءت الأقدار أن يشتريه العزيز بثمن بخسٍ ، ويكون عبدًا لامرأة حسناء بارعة الجمال ، تملك من كل مغريات الحياة ومتعها ، فهي سيدة القصر الذي عاش فيه النبي المستعبد ، وكانت تنظر الى جماله منذ نعومة أظفاره فعشقته وهامت بحبه الى درجة الجنون ، فذات يوم من الأيام ، وهو في بيتها ، استولى عليها سلطان الشهوة فأسرها ، فأخذت ترسل التلميحات والإشارات ، فلم تجد لها موضعًا عند من أحبته ، فلما عجزت تلك الاشارات ، وخابت في التعريض له بالمغازلة والمهازلة ، تنزلت الى المكاشفة والمصارحة ، ومن شأن النساء أن المرأة تكون مطلوبة لا طالبة ، ومراوَدة عن نفسها لا مراوِدة ، حتى إن حماة الأنوف من كبراء الرجال ليطأطئون الروؤس لفقيرات الحسان ربات الجمال ، بل إن الملوك ليذلون أنفسهم لمملوكاتهم وإزواجهم ، ولا يأبون أن يسموا أنفسهم عبيدًا لهنَّ ، ولكن هذا النبي ( العبد العبراني ) الخارق للطبيعة البشرية في حسنه وجماله ، وفي جلاله ، قد عكس القضية وأسس سلوكًا وناموسًا جديدًا في عالم المغريات ، وجعل كل ما في الدنيا ومغرياتها لا يساوي طرفة عين تنتهك فيه المحرمات وتهاون فيه المقدسات ، وخرق نظام الطبيعة ، فأخرج المرأة من طبع أنوثتها وتمنعها ، وهبط بالسيدة المالكة من عزة سيادتها وسلطانها الى امرأة ذليلة لشهوتها وعبدها وخادمها ، بما هونه عليها قرب الوساد وطول السواد( ) ، ثم تصارحه بالدعوة إلى نفسها ، فيزداد تمسكًا بما حباه الله من غرس الإيمان وصلابة على الأمر الذي اختاره الله ليكون داعية إليه على نور وبصيرة ، ومن أجل دينه اختار السجن على المعصية ، وعدم الوقوع في وحل الرذيلة ، هذا هو النبي الكريم يوسف الذي نلتقي معه في جزئية من جزئيات جهاده ، ودعوته إلى الله في بحثنا هذا .
وهذه الآية التي هي سبب بحثنا تعد من الآيات التي أشكل معناها على كثير من المفسرين ، بل قد أشار الرازي إلى أنها : (( من المهمات التي يجب الاعتناء بالبحث عنها ))( ) ، وقد عدَّها الدكتور محسن عبد الحميد من المشكلات في التفسير( ) ، فهذا الكلام من الرازي هو الذي دفعني للكتابة عنها ، ولكي أقف على حقيقة تفسيرها حاولت استقصاء أكثر كتب التفسير التي تناولت هذه الاية ، وحاولت أن أجعل بحثي منصبًّا على تفسير ( الهمّ ) تاركًا الكلام على ( البرهان )( ) ، لأنه يحتاج الى بحث مستقل .
والأمر الآخر : ذكرت الروايات كما هي عند الطبري ، ثم أتبعتها بعد ذلك بتحقيق أسانيدها من كتب الجرح والتعديل ، وجعلت أرقامها كما هي مثبتة في النسخة التي حققها الأستاذ محمود محمد شاكر لتفسير الطبري ، ودرست كل أثر برجاله ، مترجمًا لكل واحد من الرواة ، مع بيان حاله من الصحة والضعف ، وبعدها أحكم على كل أثر ورد بحسب ما تقتضيه طبيعة البحث .
ومن أهم المشاكل التي واجهتني في بحثي هذا ، موضوع الرواة ، فإن الطبري في كثير من الأحيان يذكر الاسم مجردًا عن اسم ابيه وجده ، فلا أدري من هو المطلوب ، وأن تفسير الطبري مليء بالأعلام المبهمة ، والتي تجعل الوصول إلى تعيين المراد من أصعب الأمور وأعقدها .
وقد وجدت أن الروايات التي ساقها الطبري في تفسيره لقوله : وهمت به وهم بها ، كلها تتفق على معنى واحد ، وهو نسبة ( الهم ) إلى يوسف لفعل الفاحشة لولا رؤية البرهان ، وإن في هذه الروايات تجاسرًا على مقام النبوة ، وأغلب ظني أن هذه الروايات يظهر فيها بوضوح الأثر اليهودي ، لأنه معلوم أن اليهود يصفون أنبياءهم بأقبح الصفات وأبشع الأعمال التي لا تتفق أن تصدر من أقبح الفساق ، ورأيت كثرة الروايات الإسرائيلية التي أُلصِقَت بتفسير هذه الاية ، وتتبعت هذه الروايات من حيث الإسناد فلم يصح فيها سند صحيح ، ولم يذكر هذه الروايات أصحاب الكتب الستة ، فكلها أسانيد ضعيفة أو موضوعة ، أما من حيث المتن فأغلب المحققين من المفسرين على نقدها وردها .
وقد جعلت بحثي في مقدمة ومبحثين وخاتمة .
فأما ( المقدمة ) فذكرت فيها الباعث لكتابة البحث والجامع الذي يجمع الروايات التي ساقها الطبري .
أما ( المبحث الأول ) : فتكلمت فيه على بيان ( الهمّ ) عند أهل اللغة والتفسير .
وتكلمت في ( المبحث الثاني ) على المرويات التي تفسر ما يتعلق بـ ( الهمّ ) ، وقسمته على ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : تناولت فيه الروايات التي نقلها الطبري في تفسيره .
المطلب الثاني : تناولت فيه تحقيق الروايات في ذلك من حيث الإسناد .
المطلب الثالث : تناولت فيه نقد المحققين من المفسرين لمضمون الروايات التي ساقها الطبري .
أما ( الخاتمة ) فذكرت أهم ما توصلت إليه من نتائج .
المبحث الأول
بيان معنى ( الهمّ ) عند أهل اللغة والتفسير
قال : ولقد همت به وهم بها ، هذه الآية الكريمة من الآيات المشكلة من حيث إنها نسبت ( الهم ) في الظاهر إلى يوسف ، ومن أجل الوقوف على صرفة الآية على الوجه الصحيح ، لا بد لنا من الوقوف على معناها عند أهل اللغة .
جاء في لسان العرب : (( و( همَّ بالشيء يهمُّ همًّا ) : نواه وأراده وعزم عليه ، و( الهمُّ ) : ما همَّ به في نفسه . تقول : ( أهمني هذا الامر ) ، و( الهَمَّة والهِمَّة ) : ما همّ به من أمر ليفعله ، وتقول : ( إنه لعظيم الهمِّ ) ، و( إنه لصغير الهمة ) ، و( إنه لبعيد الهِمَّة ) ، و( الهَمَّة ) ، بالفتح ))( ) .
و( الهُّم بالشيء ) في كلام العرب : حديث المرء نفسه بمواقعته ما لم يواقع( ) . وقال ابن قتيبة : لا يجوز في اللغة : ( همت بفلان ) ، و( همَّ بي ) ، وأنت تريد اختلاف الهمَّين ، واحتج من نصر هذا القول بأنه مذهب الأكثرين من السلف والعلماء الاكابر( ) .
قال الزمخشري : (( ( همَّ بالامر ) اذا قصده وعزم عليه ))( ) .
قال ابو حاتم : (( كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة ، فلما أتيت على قوله تعالى : ولقد همت به وهم بها ، قال أبو عبيدة : هذا على التقديم والتأخير ، كأنه أراد : ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لَهَمَّ بها ))( ) .
قال الجوهري : (( ( الهمُّ ) : الحزن ، والجمع : ( هموم ) ، و( أهمني الأمر ) إذا أقلقك وحزنك ، ويقال : ( همَّك ما أهمك ) … و( الهمّة ) واحدة : ( الهِمَم ) ، يقال: ( فلان بعيد الهِمَّة ) أيضًا بالفتح ، و( همت بالشيء أهم ) إذا أردته )) ( ) .
من هذا العرض لمادة ( همَّ ) يظهر أن معناها هو : القصد والإرادة لفعل ما ، فلا يمكن إسناد الفعل الى ( الهمِّ ) ، لأن الإنسان قد يحدث نفسه بشيء ثم لا يفعله ، وإنما يكون الفعل حيدما يدخل حيز التنفيذ ، وهذا لم يحصل ليوسف ، والسنة النبوية تؤيد ذلك . ومن رحمة الله بخلقه أنه من همَّ بحسنة ليفعلها ولم يفعلها كتبت له حسنة ، كما جاء ذلك في الحديث الذي يرويه أبو هريرة ، قال : قال رسول الله : ( قال الله : إذا أهمَّ عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه ، فإن عملها فاكتبوها سيئة ، واذا أهم بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة ، فإذا عملها فاكتبوها عشرًا ))( ) . فهذا الذي ذكره الحديث القدسي من معنى ( الهمَّ ) هو الموافق للغة . قال محمد رشيد رضا : (( أجمع أهل اللغة على أن ( الهمَّ ) إنما يكون بالأعمال لا بالشخوص والاعيان ، وتحقيق معناه أنه مقاربة لفعل تعارض فيه المانع والمقتضي ، فلم يقع لرجحان المانع ، وهو الموافق لقول علماء الأصول في التعارض الأعم ))( ).
هذا بالنسبة إلى معنى ( الهمَّ ) عند اهل اللغة . أما معناه عند أهل التفسير : فإن أقوالهم في بيان معنى ( الهمِّ ) متقاربة ، فبعضهم ينسب ( الهمّ ) إلى يوسف من حيث الظاهر ، والقسم الاخر : ينزهه من ذلك ، وذكروا في ذلك عدة أقوال نجملها فيما يأتي :
القول الأول : إنه كان من جنس همِّها ، لولا أن الله عصمه الفعل ، وهذا قول الحسن البصري وسعيد بن جبير والضحاك والسدي ، وهو قول عامة المفسرين المتقدمين . واختاره جماعة منهم : ابن جرير الطبري وابن الأنباري ، وأيدوا قولهم هذا بقول ابن قتيبة : (( لا يجوز في اللغة : ( همت بفلان ) ، و( همَّ بي ) ، وأنت تريد اختلاف الهمّين ))( ) ، واحتج من نصر هذا القول بأنه مذهب الأكثرين من السلف والعلماء الأكابر ، وعدَّه ابن جرير رأي السلف ، وما عَدَاه من الآراء رأي من يتأول القرآن بآرائهم( ) .
القول الثاني : إنها همّت به أن يفترشها ، وهمَّ بها بأن جلس مجلس الرجل من زوجته فحلَّ السراويل . وهذا رأي الطبري اعتمادًا على ما رواه عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة( ) . وبعض المفسرين يرى أن همّه بها كان على معنى التمني لأن تكون له زوجة . رواه الضحاك عن ابن عباس( ) . وسنناقش هذه الروايات وأمثالها في مواضعها .
القول الثالث : أن في الكلام تقديمًا وتأخيرًا . تقديره : ولقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهمَّ بها )) ، فلما رأى البرهان لم يقع منه الهم ، فقدم جواب ( لولا ) عليها . كما يقال : ( قد كنت من الهالكين لولا أن فلانًا خلصك لكنت من الهالكين ) ، ومنه قول الشاعر :
فلا يدْعُني قومي صريماً لحُرة لئن كنت مفتولاً وتسلم عامر( )
أراد الشاعر : لئن كنت مقتولاً وتسلم عامر فلا يدعني قوم ، فقدم الجواب ، والى هذا القول ذهب قطرب ، وأنكره قوم منهم ابن الانباري ، وقالوا : تقديم جواب ( لولا ) عليها شاذ مستكره لا يوجد في فصيح كلام العرب( ) ، وأنكره كذلك الطبري بقوله : (( إن العرب لا تقدم جواب ( لولا ) قبلها )) ( ) .
القول الرابع : أنه همَّ أن يضربها ويدفعها عن نفسه ، فكان البرهان الذي رآه من ربه أن الله أوقع في نفسه أنه إن ضربها كان ضربه إياها حجة عليه ، لأنها تقول : راودني فضربني . ذكره ابن الانباري( ) .
القول الخامس : أنه همَّ بالفرار منها . حكاه الثعلبي ، وهو قول مرذول افتراه . أراد الفرار منها فلما رأى البرهان أقام عندها( ) .
القول السادس : لقد همّت المرأة بيوسف وهمَّ يوسف بالمرأة ، غير أن همّهما كان تمييلاً منهما بين الفعل والترك لا عزمًا ولا إرادة . قالوا : ولا حرج في حديث النفس في ذكر القلب ، إذا لم يكن معهما عزم ولا فعل( ) .
القول السابع : أن المراد بهمَّ يوسف بها خاطرٌ قلبيٌّ صرفه عنه وازع التقوى . وهذا لا معصية فيه ، إذا فعله المكلف ، وذلك مثل ميل الصائم بطبعه إلى الماء البارد ، مع أن تقواه تمنعه من الشرب وهو صائم . فهذا ( الهمَّ ) مما لا يؤاخذ به العبد ، وهذا هو الذي صدر من يوسف ، صرفه عنه نظره في دليل التحريم أو برهان آخر رآه ، فمنعه من الوقوع فيما همَّ به( ) .
القول الثامن : قال أبو حيان الأندلسي : والذي أختاره أن يوسف لم يقع منه همُّ بها البتة ، بل هو منفي لوجود المانع ، وهو البرهان الذي رآه( ) . وهذا أعدل الأقوال في تفسير الآية ، وأخرتُهُ عن بقية الأقوال ، لأنه الراجح ، وسأذكر فيما بعد أدلة ترجيح هذا القول .
هذه هي أهم الأقوال الواردة في مسألة ( الهمَّ ) ، وسأضرب لكل واحد منها مثالاً من أقوال المفسرين ، مع مناقشة تلك الأقوال .
أولاً : من المفسرين الذين رجحوا القول الاول عمدة المفسرين ابن جرير الطبري . وقد جمع روايات كثيرة أوصل سندها الى بعض الصحابة والتابعين ، وقد جاء بأقوال المخالفين لمذهبه ورد عليها فقال : (( وأما آخرون ممن خالف أقوال السلف ، وتأولوا القرآن بآرائهم ، فإنهم قالوا في ذلك أقوالاً مختلفة )) ( ) .
وعدَّ الطبري الأقوال الأخرى كلها مخالفة لقول السلف وظاهر القرآن ، ووصفها بأنها من قبيل الرأي المخالف لظاهر النص ، فقال بعضهم : معناه : (( ولقد همت المرأة بيوسف ، وهم بها أن يضربها أو ينالها بمكروه ، لهمها به بما أرادته من المكروه ، لولا أن يوسف رأى برهان ربه وكفه ذلك بما همَّ به من أذاها ، لأنها ارتدعت من قبل نفسها ، قالوا : والشاهد على صحة ذلك قوله تعالى : كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ، قالوا : فالسوء هو ما كان همَّ به من أذاها وهو غير الفحشاء )) ( ) .
وقال آخرون منهم : (( معنى الكلام : ولقد همت به فتتناهى الخبر عنها ، ثم ابتدأ الخبر عن يوسف ، فقيل : وهمَّ بها لولا أن رأى برهان ربه )) ( ) . وضعف الطبري هذين القولين بقوله : (( ويفسد هذين القولين أن العرب لا تقدم جواب ( لولا ) قبلها ، فلا تقول : ( لقد قمت لولا زيد ) ، وهي تريد : لولا زيد لقد قمت ، هذا مع خلافهما جميع أهل العلم بتأويل القرآن الذين عنهم يؤخذ تأويله ))( ) .
وقال آخرون : (( بل قد همت المرأة بيوسف وهمَّ يوسف بالمرأة ، غير أن همَّها كان تمييلاً منهما بين الفعل والترك ، لا عزمًا ولا إرادة ، قالوا : ولا حرج في حديث النفس ولا في ذكر القلب ، إذا لم يكن معهما عزم ولا فعل ))( ) أ . هـ كلام الطبري .
أما ردّه رحمه الله على القول الأول الذي ذكره فإنه يمكن أن يكون القول به بعيد عن الظاهر ، ولا دليل عليه ، يقول فخر الدين الرازي في معرض رده على الطبري : (( سلمنا أن ( الهمَّ ) قد حصل ، إلا أنا نقول ( وهمَّ بها ) لا يمكن حمله على ظاهره ، ، لأن تعليق ( الهمَّ ) بذات المرأة محال ، لأن ( الهمَّ ) من جنس القصد ، والقصد لا يتعلق بالذوات الباقية ، فثبت لا بدَّ من تقدير فعل مضمر يغاير ما ذكروه . فيوسف كان يدفعها عن نفسه ومنعها عن ذلك القبيح ، فوجب أن يحمل في حق كل أحد على قصده ، فاللائق بالمرأة القصد إلى تحصيل اللذة ، واللائق بالرسول المبعوث إلى الخلق القصد إلى زجر العاصي عن معصيته ))( ) .
أما ردّ الطبري على القول الثاني ، فإن ما ذكره الطبري فيه نظر ، لأن من العرب من يجيز تقديم جواب ( لولا ) عليها . وهذا ما عليه الكوفيون وبعض البصريين . كما سيأتي لاحقًا . وأما الثاني الذي ضربه وهو ( لقد قمت لولا زيد ) وقدَّر بقوله : ( لولا زيد لقد قمت ) ، فمثاله هذا يختلف عن قوله : ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ، فالآية يتوسطها حرف عطف وهو ( الواو ) ، وهو عاطف لجملة ( هم بها لولا أن رأى برهان ربه ) على جملة ( ولقد همت به ) ( وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ) كما صوَّره الطبري . وعلى هذا تكون جملة ( وهم بها لولا أن رأى برهان ربه ) مختصة بيوسف وليست معطوفة على الجملة التي تختص بـ( هَمِّ المرأة ) )) ( ).
وأما ردّه على أن هذين القولين يخالفان جميع أهل العلم بتأويل القرآن إشارة منه إلى الروايات التي ساقها فهذا فيه نظر ، لأننا لا نعتقد بصحة تلك الأخبار عمَّن نقلت عنهم ، حتى وإن صحَّ بعضها فهي منقولة عن بعض أهل الكتاب ، علمًا أن الطبري قد رجّح القول : إن ( الهمَّ ) قد صدر منه ، لولا أن الله عصمه ، فثبت القول بما هو الظاهر ، وسلم للروايات التي تطعن بالنبي يوسف . ووصف من خالفها بأنها من قبيل الرأي ، ويترتب على رأي الطبري ومن وافقه أن تبقى جملة ( لولا أن رأى برهان ربه ) من دون فائدة ، فإذا كان ( الهمَّ ) قد حصل منها ومنه ، كلّ واحد منهما بالآخر ، وجلس منها مجلسه الذي ذكروه فما معنى : ( لولا أن رأى ) .
مناقشة الرازي للطبري :
أما تفسيرهم لكلمة ( السوء ) على أنها تشير إلى ما همَّ به من إيذائها ، فذلك فيه نظر ، لأن ( السوء ) جناية اليد ، و( الفحشاء ) هو الزنا ، وكما أن السوء مقدمات الفاحشة ، وقالوا : صرف الله عنه مقدمات الزنا وهو السوء ، وصرف عنه الزنا وهو الفحشاء ، وقد فسرها آخرون بتفسيرات أخرى غير ذلك( ) ، وقالوا : نقدر جوابًا لـ ( لولا ) فنقول : ( لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما همَّ به ) .
نقول : إن اللغة لا تسعفكم على هذا التقدير ، لأنه لا دليل على الجواب المحذوف الذي قدمتموه ، وأيضًا فإن تقديركم قادح بمقام النبوة ليوسف ، فتقديركم معناه : إنه لولا وجود البرهان في تلك اللحظة ، لارتكب الفاحشة ، مما يدل على أنه كان مصرًّا عليها ( وحاشاه ) ، بل إن هذا المعنى تؤكده بعض رواياتكم ، إذ تروي أنه سمع مناديًا من السماء يزجره فلم يصغِ إليه حتى رأى صورة أبيه … فهذه الروايات التي تنسب الى يوسف ( الهمَّ ) المحرم ، تنسب إليه التمادي وعدم الانصياع إلى صوت أبيه لا تليق بالفسقة ، فضلاً عمَّن زينه الله بالنبوة ، وعصمه من كل عمل شائن .
وهذه الروايات التي ساقها الواحدي ، وصفها الرازي (( بأنها تصلف وتجاوز على مقام النبوة . ولو أن الواحدي وصفها بقوله : ( هذا الذي ذكرناه قول أئمة التفسير الذي أخذوا التأويل عمَّن شاهدوا التنزيل ) ، إلا أنها أقوال تفتقر إلى الحجة والدليل ))( ) .
ثانيًا : من المفسرين الذين رجَّحوا أن ( الهمَّ ) هوعبارة عن أمر جبلي الإمام فخر الدين الرازي ، فبعد أن ذكر الأوجه التي فُسِّر بها ( الهمَّ ) ، يرى أن ( الهمَّ ) هنا الهم الجبلي وحديث النفس ، فيقول : (( والثالث : أن يفسر ( الهمَّ ) بحديث النفس ، وذلك لأن المرأة الفائقة في الحسن والجمال إذا تزينت وتهيأت للرجل الشاب القوي ، فلا بد وأن يقع هناك بين الحكمة والشهوة الطبيعة وبين النفس والعقل مجاذبات ومنازعات ، فتارة تقوى داعية الطبيعة والشهوة ، وتارة تقوى داعية العقل والحكمة ، فـ ( الهمّ ) عبارة عن جواذب الطبيعة ، ورؤية ( البرهان ) عبارة عن جواذب العبودية . ومثال ذلك أن الرجل الصالح الصائم في الصيف إذا رآى الجلاب المبرد بالثلج فإن طبيعته تحمله على شربه ، إلا أن دينه يمنعه منه ، فهذا لا يدل على حصول الذنب ، بل كلما كانت هذه الحالة أشد كانت القوة في القيام بلوازم العبودية أكمل ، فقد ظهر بحمد الله تعالى صحة هذا القول الذي ذهبنا إليه ، ولم يبقَ في يد الواحدي إلا مجرد التصلف وتعديد أسماء المفسرين )) ( ) .
وهذا المعنى الذي ذكره الرازي مال إليه القونوي في حاشيته على تفسير البيضاوي وضعف قول البيضاوي الذي يرى استعمال ( الهمَّ ) في غير العزم المصمم مجازًا بقوله : (( وهذا غير ظاهر ، فالأَوْلى تعميم ( الهم ) الى العزم المصمم وغيره )) ، وكما ردَّ القونوي على البيضاوي تفسيره ( الهم ) بالشيء قصده والعزم عليه بقوله : (( يشعر كلامه بأنه معتبر في مفهوم ( الهم ) وليس كذلك ، بل هو يطلق على خاطر النفس من غير اختيار ))( ) .
وما ذكره الرازي رحمه الله من أن ( الهمَّ ) حديث النفس وجواذب الطبيعة جميل ، ولكنه يتقاطع مع كلامه في تعديد الشواهد على تبرئة يوسف ، والتي سيأتي ذكرها في مبحث البرهان( ) ، إذ يربط فيها بين قوله : إنه من عبادنا في سورة يوسف بقوله : وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً [ سورة الفرقان ، آية 63 ] .
إذ يجعل يوسف من عباد الله المقصودين في هذه الاية ، وهو منهم فعلاً . ولكن ألا يرى الإمام الرازي أن كون يوسف من عباد الله هؤلاء يؤكد أنه لم يهمَّ بها ابتداءً .
وهذا يفسره قوله : وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون [ سورة يوسف ، آية 23 ] .
فقوله : هيت لك خطاب الجاهلين ، وقوله : معاذ الله بمثابة قوله : سلامًا ، إذن فهو ابتداءً وبمجرد إعرابها عن رغبتها كان واضعًا نصب عينيه تقوى الله وبرهانه ، فلم يقع منه الهمَّ أصلاً ، لأنه من عباد الله المخلصين . ويردُ على رأي الرازي رحمه الله ومن وافقه من أن عبارة لولا ان رأى برهان ربه تظل من دون فائدة ولا معنى ، فإذا إنها همت به وهمَّ بها مع الاختلاف بين الهمَّين ، كما ذكر أهل اللغة( ) ، فلا يبقى داعي لأن يقول : لولا أن رأى برهان ربه ، فما فائدة البرهان حينئذ وقد حصل منه الهم ؟ قالوا : نقدر ( لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما هم به ) فنقول ، كما قلنا سابقًا : لا دليل من حيث اللغة على تقدير هذا الجواب لـ ( لولا ) ، وأيضًا فذلك قادح في عصمته .
ويمكن أن يجيب الرازي عن هذا السؤال بقوله : (( إنه لو لم يوجد ( الهمَّ ) لم يبقَ لقوله : لولا أن رأى برهان ربه فائدة ، نقول : بل فيه أعظم الفوائد منها : أن ترك الهم بها ما كان لعدم رغبته في النساء ، بل لأجل أن دلائل دين الله منعته عن ذلك العمل )) ( ) .
ثالثًا : القول الذي يذهب إلى أن يوسف لم يهمَّ أصلاً وابتداءً ، وذلك لوجود البرهان . ومن القائلين به أبو حيان الأندلسي ، ومن المتأخرين ابن عاشور .
قال أبو حيان في تفسيره لقوله : ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه : طوّل المفسرون في تفسير هذه الآية ، ونسب بعضهم ليوسف ما لا يجوز نسبته إلى آحاد الفساق ، والذي أختاره أن يوسف لم يقع منه همَّ بها البتة ، بل هو منفي لوجود البرهان ، كما تقول : ( لقد فارقت لولا عصمك الله ) ، ولا نقول : إن جواب ( لولا ) متقدم عليها ، وإن كان لا يقوم دليل على امتناع ذلك ، بل صريح أدوات الشرط العاملة مختلف في جواز تقديم أجوبتها عليها ، وقد ذهب إلى ذلك الكوفيون ، ومن أعلام البصريين أبو زيد الأنصاري وأبو العباس المبرد .
بل نقول : إن جواب ( لولا ) محذوف لدلالة ما قبله عليه ، كما يقول جمهور البصريين في قول العرب : ( أنت ظالم إن فعلت ) ، فيقدرونه : إن فعلت فأنت ظالم ، ولا يدل قوله : ( أنت ظالم ) على ثبوت الظلم ، بل هو مثبت على تقدير وجود الفعل . وكذلك هنا التقدير : لولا ان رأى برهان ربه لهم بها ، فكان وجود ( الهم ) على تقدير انتفاء رؤية البرهان ، لكنَّه وُجد رؤية ( البرهان ) فانتفى ( الهمَّ ) . ولا التفات إلى قول الزجاج : ولو كان الكلام : ( ولهم بها ) كان بعيدًا ، فكيف مع سقوط اللام ؟ لأنه يوهم أن قوله : وهمَّ بها هو جواب لولا ، ونحن لم نقل بذلك ، وإنما هو دليل الجواب ، وعلى تقدير أن يكون نفس الجواب ، فاللام ) ليست بلازمة ، لجواز أن تأتي جواب ( لولا ) إذا كان بصيغة الماضي باللام وبغير اللام ، تقول : ( لولا زيد لاكرمتك ) ، و( لولا زيد أكرمتك ) ، فمن ذهب إلى أن قوله : وهم بها هو نفس الجواب لم يبعد( ) .
ولا التفات لقول ابن عطية : إن قول من قال : إن الكلام قد تمَّ في قوله : ولقد همت به ، وإن جواب ( لولا ) في قوله : وهم بها ، وإن المعنى : لولا أن رأى برهان ربه لهم بها ، فلم يهمَّ يوسف ، قال : وهذا قول يرده لسان العرب وأقوال السلف .
أما قوله : يرده لسان العرب فليس كما ذكر ، وقد استدل من ذهب إلى جواز ذلك بوجوده في لسان العرب ، قال : إن كانت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين [ سورة القصص ، آية 10 ] .
فقوله : إن كانت لتبدي به ،ِ إما أن يتخرج على أنه الجواب على ما ذهب اليه ذلك القائل ، وإما أن يتخرج على ما ذهبنا إليه من أنه دليل الجواب ، والتقدير : لولا أن ربطنا على قلبها لكادت تبدي به .
وأما أقوال السلف فنعتقد أنه لا يصح عن أحد منهم شيء في ذلك ، لأنها أقوال متكاذبة يناقض بعضها بعضًا ، مع كونها قادحة في بعض فُساق المسلمين ، فضلاً عن المقطوع لهم بالعصمة ، والذي روي عن السلف لا يساعد عليه كلام العرب ، لأنهم قدروا جواب ( لولا ) محذوفًا ، ولا يدل عليه دليل ، لأنهم لم يقدروا ( لَهَمَّ بها ) ، ولا يدل كلام العرب إلا على أن يكون المحذوف من معنى ما قبل الشرط ، لأن ما قبل الشرط دليل عليه ، ولا يحذف الشيء لغير دليل عليه … وقد طهرنا كتابنا هذا عن نقل ما في كتب التفسير مما لا يليق ذكره ، واقتصرنا على ما دل عليه لسان العرب ، وساق الآيات التي في هذه السورة مما يدل على العصمة وبراءة يوسف من كل ما يشين( ) .
وهذا الذي اختاره أبو حيان الأندلسي هو الراجح عندي ، وهو الأقرب إلى الحق والصواب .
المبحث الثاني
المرويات التي تفسر ما يتعلق بالهمَّ
المطلب الأول : الروايات التي نقلها الطبري في تفسيره
سأذكر هنا جميع الروايات التي ساقها الطبري في تفسيره لقوله : لقد همت به وهم بها لولا أن رآى برهان ربه ، وسأقتصر في هذا المطلب على روايات الطبري ، لأن أكثر المفسرين ذكروا الروايات التي ساقها الطبري ، ونقلوها عنه اعتمادًا عليه .
قال ابن جرير في تفسيره : (( القول في تأويل قوله تعالى : ولقد همت به وهم بها قال ابو جعفر : ذُكِر أن امرأة العزيز لما همت بيوسف وأرادة مراودته جعلت تذكر محاسن نفسه وتشوقه الى نفسها كما :
19013 ـ حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : حدثنا أسباط عن السدي : ولقد همت به وهم بها قال : قالت له : يا يوسف ما أحسن شعرك ؟ قال : هو أول ما ينتثر من جسدي . قالت : يا يوسف ما أجمل وجهك ؟ قال : هو للتراب يأكله ، فلم تزل حتى أطعمته ، فهمت به وهم بها ، فدخلا البيت وغلقّت الأبواب ، وذهب ليحل سراويله فإذا بصورة يعقوب قائمًا في البيت ، قد عضَّ على إصبعه يقول : يا يوسف لا تواقعها ، فإنما مثلك ما لم تواقعها مثل الطير في جو السماء لا يطاق ، ومثلك إذا واقعتها مثله إذا مات وقع على الارض لا يستطيع أن يدفع عن نفسه . ومثلك ما لم تواقعها مثل الثور الصَّعب الذي لا يعمل عليه ، ومثلك إن واقعتها مثل الثور حين يموت فيدخل النُّملُ في أصل قرنيه ، لا يستطيع أن يدفع عن نفسه ، فربط سراويله وذهب ليخرج يشتد ، فأدركته فأخذت بمؤخر قميصه من خلفه فمزقته حتى أخرجته منه ، وسقط وطرحه يوسف وأشتد نحو الباب .
19014 ـ حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال : أكبت عليه ، يعني المرأة ، تطعمه مرة وتخفيه أخرى ، وتدعوه إلى لذة من حاجة الرجال في جمالها وحسنها وملكها ، وهو شاب مستقبل يجد في شبق الرجال ما يجد الرجل ، حتى رقَّ لها مما يرى من كلفها به ، ولم يتخوف منها حتى همَّ بها وهمت به ، حتى خلوا في بعض بيوته .
ومعنى ( الهم بالشيء ) في كلام العرب : حديث المرء نفسه بموافقته ما لم يواقع ، فأما ما كان من همّ يوسف بالمرأة وهمها به ، فإن أهل العلم قالوا في ذلك ما أنا ذاكره وذلك :
19015 ـ حدثنا أبو كريب وسفيان بن وكيع وسهل بن موسى الرازي قالوا : حدثنا ابن عيينة عن عثمان بن أبي سليمان عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس : سئل عن همّ يوسف ما بلغ ؟ قال : حلَّ الهميان وجلس منها مجلس الخاتن . لفظ الحديث لأبي كريب .
19016 ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا : حدثنا ابن عيينة قال : سمع عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس في ولقد همت به وهمَّ بها قال : جلس منها مجلس الخاتن وحلَّ الهميان .
19017 ـ حدثنا زياد بن عبد الله الحساني وعمرو بن علي والحسن بن محمد قالوا : حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي يزيد ، قال : سمعت ابن عباس سئل ما بلغ من همَّ يوسف ؟ قال : حلَّ الهميان وجلس منها مجلس الخاتن .
19018 ـ حدثني زياد بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن جريح عن ابن أبي ملكية ، قال : سألت ابن عباس : ما بلغ من همَّ يوسف ؟ قال : استلقت وجلس بين رجليها .
19019 ـ حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يحيى بن يمان عن ابن جريج عن ابن أبي ملكية : ولقد همت به وهمَّ به قال : استلقت له وحل ثيابه .
19020 ـ حدثني المثنى قال : حدثنا قبيصة بن عقبة قال : حدثنا سفيان عن ابن جريج عن ابن أبي ملكية عن ابن عباس : ولقد همت به وهم بها ما بلغ ؟ قال : استلقت له وجلس بين رجليها وحل ثيابه أو ثيابها .
19021 ـ حدثنا المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن ابن أبي ملكية قال : سألت ابن عباس : ما بلغ من همَّ يوسف ، قال : استلقت على قفاها وقعد بين رجليها لينزع ثيابه .
19022 ـ حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي عن نافع بن عمر عن ابن أبي ملكية قال : سئل ابن عباس عن قوله : ولقد همت به وهم بها ما بلغ من همَّ يوسف ؟ قال : حل الهميان ، يعني : السراويل .
19023 ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع قالا : حدثنا ابن إدريس قال : سمعت الأعمش عن مجاهد في قوله : ولقد همت به وهم بها قال : حلَّ السراويل حتى إليته واستلقت له .
19024 ـ حدثنا زياد بن عبد الله الحساني قال : حدثنا مالك بن سعيد قال : حدثنا الأعمش عن مجاهد في قوله : ولقد همت به وهم بها قال : حلَّ سراويله حتى وقع على إليته .
19025 ـ حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولقد همت به وهم بها قال : جلس منها مجلس الرجل من امرأته .
19026 ـ حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل قال : حدثني القاسم بن أبي بزة ولقد همت به وهم بها قال : أما همها به فاستلقت له ، وأما همه بها فإنه قعد بين رجليها ونزع ثيابه .
19027 ـ حدثنا الحسن بن محمد قال : حدثني حجاج بن محمد عن ابن جريج قال : أخبرني عبد الله بن أبي ملكية قال : قلت لابن عباس : ما بلغ من همَّ يوسف ؟ قال : استلقت له وجلس بين رجليها ينزع ثيابه .
19028 ـ حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا يحيى بن اليمان عن سفيان عن علي بن جذيمة عن سعيد بن جبير وعكرمة قالا : حل السراويل وجلس منها مجلس الخاتن .
19029 ـ حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عمرو بن محمد العنقزي عن شريك عن جابر عن مجاهد : ولقد همت به وهم بها قال : استلقت وحل ثيابه حتى بلغ إليته .
19030 ـ حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا قيس عن أبي حصين عن سعيد بن جبير ولقد همت به وهم بها قال : أطلق تِكَّة سراويله .
19031 ـ حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة عن عثمان بن أبي سليمان عن ابن أبي ملكية قال : شهدت ابن عباس سُئل عن هم يوسف ما بلغ ؟ قال : حل الهميان وجلس منها مجلس الخاتن . أ . هـ .
انتهت الروايات التي ساقها الطبري ، ويبدو أن الطبري شعر بأن في هذه الروايات من نسبة ( الهمَّ ) الى يوسف بشاعة ووقاحة لا تتناسب مع مقام النبوة ، فأردفها بتعليق بيّن فيه أن هذه المسألة من باب الابتلاء الذي ابْتُلِيَ به الانبياء ، إذ قال : فإن قال قائل : وكيف يجوز أن يوصف بمثل هذا وهو لله نبي ؟ قيل : إن أهل العلم اختلفوا في ذلك ، فقال بعضهم : كان من ابتلي من الأنبياء بخطيئة ، فإنما ابتلاه الله بها ، ليكون من الله على وجل إذا ذكرها ، فيجد في طاعته إشفاقًا منها ، ولا يتكل على سعة عفو الله ورحمته .
وقال آخرون : بل ابتلاهم الله بذلك ليعرِّفهم موضع نعمته عليهم بصفحه عنهم ، وتركه عقوبته عليه في الآخرة .
وقال آخرون : بل ابتلاهم بذلك ليجعلهم أئمة لأهل الذنوب في رجاء رحمة الله ، وترك الإيآس من عفوه عنهم إذا تابوا( ).
ولكن هذه الاجابات التي ذكرها الطبري تبقى مرهونة وموقوفة على صحة هذه الروايات ، وإلا فإن الأمر يبقى في حيز الاحتمال والظن ، ومثل هذه الأمور لا يجوز إثباتها عن طريق الظن ، ولا سيما إن هذه المسألة تتعلق بعرض نبي ورسول معصوم عن مثل ما شنعه عليه بروايات ولا أظنها صادقة ، وهي أوهى من بيت العنكبوت ، وإنها تحتاج الى قاطع نقليٍّ وعقليٍّ ، وكلاهما ينفيان نسبة هذا الفعل اليه . وسنرى تهافت هذه الروايات في مطلب تحقيق الروايات على ضوء قواعد علم الجرح والتعديل إن شاء الله تعالى .
المطلب الثاني : تحقيق الروايات الواردة في ذلك ومناقشتها من حيث الإسناد
إن من ينظر في هذه الروايات لأول مرة يأخذه العجب العجاب ، كيف جاز لأؤلئك الرواة أن ينقلوا لنا مثل هذه الأقوال التي لا يكاد لعاقل أن يصدقها في نسبة الفاحشة إلى نبي معصوم ، والتي يتنزه منها أفسق الناس ، ولكن إذا علمنا أن هذه الروايات قد هيَّأ الله لها من يميزها ويردها على أصحابها ويختبرها أكثر من الصيارفة الذين يميزون النقود المزيفة من غيرها ، علمنا أن الأمر هين ، وإنا بعونه سوف نتتبع هذه الروايات على ضوء قواعد علم الجرح والتعديل وننقدها بالدليل العلمي البعيد عن الهوى ، ونقد هذه الروايات من أجل الأعمال عند الله ، لأنها تصب في خدمة القرآن الكريم ، وصيانة عرض نبي مرسل ، لصق به الكاذبون من اليهود وغيرهم أبشع المنكرات .
وسوف نتبع الرواة واحدًا واحدًا الذين نقلوا هذه الروايات عن الصحابة والتابعين ، وسيكون الحكم على صحتها أو وضعها أو ضعفها ، بحسب ما يقتضيه علم نقد الروايات ، ودراسة حال كل راوٍ من الرد أو القبول ورد ذكره في سلسلة الإسناد ، وإن الحكم على كل سند هو من الدين ، وكما أن تنقية التفاسير الكبيرة عن هذه الروايات من أجل الخدمات التي يقدمها الباحث في وقت اختلطت الأخبار المكذوبة بالصحيحة . والله الهادي الى سواء السبيل .
دراسة إسناد الأثر ( 19013 ) :
1. ابن وكيع : سفيان بن وكيع ، روى عن أبيه وابن إدريس وابن نمير ويحيى القطان . وروى عنه الترمذي وابن ماجة وبقي بن مخلد وأبو جعفر بن جرير المفسر ، توفي سنة ( 247 هـ ) .
أقوال العلماء فيه
قال البخاري : يتكلمون فيه لأشياء لقنوه . وقال أبو زرعة : لا يشتغل به ، وكان يتهم بالكذب . وقال النسائي : ليس بثقة . وقال في موضع آخر : ليس بشيء . وقال الاجري : امتنع ابو داود من التحديث عنه( ) .
2. عمرو بن محمد : هو عمرو بن محمد العنقزي ، مولاهم أبو سعيد الكوفي ، وسمي بالعنقزي ، لأنه كان يبيع العنقز فنسب اليه ، روى عن عيسى ابن طهمان ويوسف بن إسحاق وأبي حنيفة وابن جريج والثوري ، وروى عنه إسحاق بن راهويه وعلي بن المديني ، توفي سنة ( 199هـ ) .
أقوال العلماء فيه
قال عنه أحمد والنسائي : ثقة . وقال ابن معين : ليس به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال العجلي : ثقة جائز الحديث( ) .
3. أسباط : هو أسباط بن نصر ، روى عن سماك بن حرب وإسماعيل السدي .
أقوال العلماء فيه
سُئل أحمد بن حنبل عن حديثه ، قال : لا أدري ، وكأنَّه ضعفه . وضعفه أبو نعيم ، وقال : عامة أحاديثه عامية سقط مقلوب الأسانيد . وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال البخاري في تاريخه : الأوسط صدوق . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال الساجي : روى أحاديث لا يتابع عليها . وقال ابن معين : ليس بشيء . وقد أنكر أبو زرعة على مسلم إخراجه لحديث أسباط . وعلق له البخاري حديثًا في الاستسقاء ، وقال عنه ابن حجر : (( وهو حديث منكر أوضحته في التعليق )) ( ) . وذكره البخاري في التاريخ الكبير( ) .
4. السدي : إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي ( الكبير ) هو أبو محمد ، لقِّب بالسدي لكونه كان يجلس في سدة باب الجامع ، روى عن أنس وابن عباس ، ورأى ابن عمر والحسن بن علي وأبا هريرة ، ويروي عنه ابن صالح ، وقد شك النقاد القدامى في تفسيره ، توفي سنة ( 127 هـ ) .
أقوال العلماء فيه
أكثر العلماء على تضعيفه . وضعفه يحيى بن معين . وقال الجوزجاني : هو كذاب شتام ، وقال في موضع آخر : (( كان بالكوفة كذابان فمات احدهما السدي والكلبي )) . وقال أبو زرعة وأبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به . وقال العجلي : ثقة عالم بالتفسير . وقال العقيلي : ضعيف يتناول الشيخين . وحكي عن أحمد أنه ليحسن الحديث ، إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به قد جعل له إسناداً واستكلفه . وقال الطبري : لا يحتج به . وعاب العلماء على مسلم إخراجه حديثه في صحيحه ، إلا أن مسلمًا يرى أن تعديل ابن مهدي له أقوى ممَّن جرَّحه بجرح غير مفسر . وقيل للشعبي : إن إسماعيل السدي ( الكبير ) قد أعطي حظًّا من علم القرآن ، فقال : قد أعطي حظًّا من جهل بالقرآن . رمي بالتشيع . ترك بعض العلماء حديثه لكونه يقع في الشيخين أبي بكر وعمر( ) .
الحكم على الأثر ( 19013 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد بصورة مفصلة ظهر أن سلسلة الإسناد ، باستثناء العنقزي الذي وثّقه العلماء ، لا تخلو من مقال يمنع من صحته ، فابن وكيع أغلب العلماء على تضعيفه ، وأما أسياط بن نصر فقد وصف ابن حجر حديثه بأنه منكر . وعلى هذا الأساس حكم العلماء على ضعف السدي الكبير . فهذا الأثر ضعيف لضعف أسباط ، ولأن تفسير السدي من جمع أسباط وروايته . هذا بغض النظر عن طعن العلماء بالسدي الكبير ، لكونه يقع في الشيخين . وإنه جمع التفسير من طرق فخلط بعضها ببعض ، فلم تتميز روايات الثقة من الضعيف ، وربما التبس بالسدي الصغير الذي كذبه العلماء ، وجعلوه سلسلة الكذب( ).
دراسة إسناد الأثر ( 19014 ) :
1. ابن حُمَيد : هو محمد بن حُمَيد الرازي الحافظ ، روى عن يعقوب القمّي وابن المبارك ، من بحور العلم ، وهو ضعيف ، ويروي عنه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد في مسنده والترمذي في صحيحه ، والراجح أنه ضعيف ، وقد أخرج ابن جرير عنه كثيرًا في تفسيره ، فهو ضعيف وليس بمتروك ( ) ، وإن ما جاء عن طريقه من تفسير ضعيف ، توفي سنة ( 248 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال ابن أبي شيبة : كثير المناكير . وقال البخاري : فيه نظر . وكذبه أبو زرعة . وقال الكوسج : أشهد أنه كذّاب . وقال صالح جزرة : كنا نتهم ابن حُمَيد في كل شيء يحدثنا ، ما رأيت أجرأ على الله منه ، وكان يأخذ أحاديث الناس فيقلب بعضه على بعض . وجاء من غير واحد أنه كان يسرق الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال في موضع آخر : كذاب . وكان ابن خزيمة إمام الأئمة لا يروي عنه . ويرى ابو زرعة أنه كان يكذب . وأجمع الحفاظ على تضعيفه في الحديث ، وأنه ضعيف جدًّا . وقيل : إنه كان يخلط الشعر بالحديث ولا يفرق بينهما ، ومن هذا يظهر أنه حاطب ليل ، يروي ويكتب ما يسمع من غير تثبت . وبجانب هؤلاء المجرِّحين ، فقد وثقه بعض العلماء منهم : أحمد وابن معين( ) .
2. سلمة : هو سلمة بن الفضل الأبرش ، قاضي الري وراوي المغازي عن ابن إسحاق ، يكنى أبا عبد الله ، روى عن حجاج بن أرطاة ، وروى عنه محمد بن حميد الرازي ، توفي سنة ( 191هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
ضعَّفه ابن راهويه . وقال البخاري : في حديثه بعض المناكير . وقال ابن معين : كتبنا عنه ، وليس في المغازي أتم من كتابه . وقال النسائي : ضعيف ، وسمع سلمة المغازي من ابن اسحاق مرتين . وقال ابن عدي : لم أجد لسلمة ما جاوز الحد في الانكار . وقال ابن المديني : ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديث سلمة . ورماه ابن معين بالتشيع ، وقال عنه : لا بأس به . ولم يحتج به بعض النقاد من أئمة الحديث أمثال : أبي زرعة وأبي حاتم . وكان أهل الري لا يرغبون فيه لسوء رأيه وظلم فيه . ضعفه البخاري . وقال ابو احمد الحاكم : ليس بالقوي عندهم( ) .
3. محمد بن إسحاق بن يسار : أبو بكر المخزومي ، رأى أنسًا وابن المسيب ، وروى عنه الحمادان وسلمة بن الأبرش ويزيد بن هارون ، وثقه غير واحد ووهاه آخرون كالدارقطني ، توفي سنة ( 151هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
ضعفه الإمام مالك ، فقد اتهمه وجرحه بأنه دجال من الدجاجلة . واتهموه بالقول بالقدر ، ولكن هذه التهمة رفضها العلماء . واتُّهِم أنه يحدث عن أهل الكتاب . وجرحه أحمد بن حنبل واتهمه بكثرة التدليس . وقال يحيى القطان : أشهد أن محمدًا بن إسحاق كذَّاب . ورجح الذهبي توثيقه ، ودافع عنه وأطال في ترجمته . ووثقه العجلي . واستشهد مسلم بخمسة أحاديث له . وقال ابن حجر : صدوق يدلس( ) .
فالذي يظهر أن ابن إسحاق حسن الحديث صالح الحال صدوق هذا ما رجحه الذهبي من حال ابن اسحاق .
الحكم على الأثر ( 19014 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد يظهر أن سلسلة الإسناد ، باستثناء ابن إسحاق المختلف في توثيقه وتضعيفه ، وإن كان ابن حجر حكم عليه بأنه صدوق يدلس . فإن باقي رجال الإسناد فيه أكثر من راوٍ ضعيف ، فأما سلمة بن الأبرش فإن أكثر العلماء على تضعيفه ، وأما ابن حُمَيد فمنهم من وصفه بالكذب وكثرة التدليس ، وعليه فإنه على أقل تقدير يكون ضعيف الرواية . وعليه فإن هذا الأثر ضعيف ، وقد يصل إلى درجة الموضوع ، لوجود من هو متهم بالكذب ، وهو ابن حُمَيد ، وعليه فلا يعول على ما جاء به من تفسير في شأن همَّ يوسف .
دراسة اسناد الاثر ( 19015 ) :
1. أبو كريب : اسمه محمد بن العلاء بن كريب الهمداني ، أبو كريب الحافظ ، روى عن عبد الله بن إدريس وابن المبارك وسفيان بن عيينة وخلق كثير . وروى عنه الجماعة ومحمد بن هارون وأبو عروبة ومحمد بن إسحاق وآخرون ، توفي سنة ( 248هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال ابن نمير : ما بالعراق أكثر حديثًا من أبي كريب ، وهو صدوق . وقال النسائي : لا بأس به . وذكره ابن حيان في الثقات . وروى عنه البخاري خمسة وسبعين حديثًا . وروى عنه مسلم خمسمائة وستة وخمسين حديثًا . وقال ابن حجر : ثقة حافظ من الطبقة العاشرة( ) .
2. سفيان بن وكيع : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19013 ) ، وهو ضعيف ضعفه البخاري .
3. سهل بن موسى الرازي ، لا يوجد بهذا الاسم من نسب إلى الرازي ، وكتب في المخطوطة ( سهل بن موسى ) ، ولعل الصواب أنه موسى بن سهل الرازي ، ونرجح أنه خطأ من الناسخ ، والصواب موسى بن سهل الرازي ، شيخ الطبري( ) وهو ضعيف ، قال ابن حجر : يوجد ممن يسمى موسى بن سهل اثنان : احدهما الراسبي شيخ لدعبل الشاعر لا يعرف ، والاخر رازي ( موسى بن سهل ) ذكره في الميزان .
أقوال العلماء فيه :
قال البرقاني : ضعيف جدًّا . وقال الخليلي : ليس بالمشهور( ) .
4. سفيان بن عيينة بن أبي عمران : أبو محمد الكوفي ، ولد سنة ( 107هـ ) ، روى عن عبد الملك بن عُمَير وأبي إسحاق السبيعي وجعفر الصادق وزيد بن أسلم والزهري وآخرين . وروى عنه الأعمش وابن جريج وشعبة والثوري ، وهم من شيوخه ، والشافعي وأحمد بن حنبل ويحيى القطان وآخرون ، وتوفي سنة ( 198هـ) .
أقوال العلماء فيه :
قال العجلي : ثقة ثبت في الحديث ، يعدُّ من حكماء الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال عنه : إنه من الحفاظ المتقنين وأهل الورع والدين . وحسبك به تزكيةً ما قاله اللالكائي : (( وهو مستغن عن التزكية )) . وقال أحمد : أخطأ ابن عيينة في نحو من عشرين حديثًا عن الزهري . وقال يحيى بن القطان : أشهد أن ابن عيينة اختلط ( سنة 197 هـ ) . ورجَّح الذهبي توثيقه مطلقًا( ) . وقال ابن حجر : ثقة حافظ إمام حجة ، إلا أنه تغيَّر بآخرة ، وكان يدلس لكن عن الثقات( ) .
5. عثمان بن أبي سليمان المكي ، روى عن عمه نافع وسعيد بن جبير ، وأرسل عن صفوان بن امية ، وروى عنه إسماعيل بن أمية وابن جريج وسفيان بن عيينة وغيرهم .
أقوال العلماء فيه :
وثَّقه أحمد بن حنبل وابن معين وابن سعد وابو حاتم . وذكره ابن حبان في الثقات . فهو ثقة من الطبقة السادسة( ) .
6. ابن أبي ملكية : هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي ملكية بن زهير بن عبد الله بن جدعان أبو بكر ، ويقال أبو محمد المكي ، روى عن العبادلة الأربعة وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وروى عنه ابنه يحيى وابن أخته عبد الرحمن بن أبي بكر وعطاء بن رباح وابن جريج وآخرون ، وقال البخاري : توفي سنة ( 117هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
وثقه أبو زرعة وابو حاتم وابن سعد والعجلي . وذكره ابن حبان في الثقات . وثقه الذهبي ووصفه بالحجة( ) .
الحكم على الأثر ( 19015 ) :
من خال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن هذا الأثر ضعيف ، لضعف ابن وكيع ، إذ ضعفه البخاري ، وكذلك لضعف موسى بن سهل الرازي شيخ الطبري ، وهو ضعيف جدًّا ، وعليه تكون رواية هذا الأثر ونسبتها الى ابن عباس ضعيفة ، لا يجوز إثبات الهمَّ الى يوسف على ضوء هذه الرواية الضعيفة .
دراسة إسناد الأثر ( 19016 ) :
1. ابو كريب : تقدم الكلام عليه في دراسة الاثار السابقة .
2. ابن وكيع : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19013 ) .
3. ابن عيينة : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
4. عبيد الله بن أبي يزيد المكي ، مولى آل قارظ بن شيبة ، روى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير والحسين بن علي بن أبي طالب ومجاهد وآخرين ، وروى عنه ابنه محمد وابن المنكدر ، وهو أكبر منه ، وابن جريج وسفيان بن عيينة وآخرون ، توفي سنة ( 86 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
وثقه ابن المديني وابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن سعد ووصفه بأنه كثير الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات ( ).
الحكم على الأثر ( 19016 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى ابن عباس في تفسير ( الهمّ ) ضعيفة ، وذلك لضعف ابن وكيع ، وقد لينه الدارقطني حينما سئل عنه( ) .
دراسة إسناد الأثر ( 19017 ) :
1. زياد بن عبد الله الحساني : لم أجد زيادًا بهذا الاسم في جميع كتب التراجم ، واعتقد وقع وهم من الناسخ . فالصواب هو : زياد بن يحيى بن زياد بن حسان الحساني أبو الخطاب النُّكري البصري . ويؤكد هذا التصويب الذي ذكرناه ، ما ذكره صاحب اللباب بأنه : (( زياد بن يحيى بن حسان الحساني البصري ، سمع محمد بن أبي عدي وبشر بن المفضل وغيرهما . وروى عنه البخاري ))( ) . روى عن المعتمر بن سليمان وأبي داود الطيالسي وسفيان بن عيينة . وروى عنه الجماعة وأبو حاتم وابن خزيمة وابن جرير ، صاحب التفسير ، وابو عروية وغيرهم ، توفي سنة (254هـ) .
أقوال العلماء فيه :
وثقه أبو حاتم والنسائي . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال ابن حجر : ثقة من الطبقة العاشرة( ) .
2. عمرو بن علي : هو عمرو بن علي بن بحر بن كثير الباهلي ، أبو حفص البصري الصيرفي الفلاس ، روى عن عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن زريع وغيرهم ، وروى عنه الجماعة والنسائي وأبو زرعة وأبو حاتم وجعفر الفريابي والدوري ومحمد بن جرير الطبري وآخرون ، توفي سنة ( 249 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال أبو حاتم : بصري صدوق . وقال حجاج بن الشاعر : عمرو بن علي لا يبالي أحدَّث من حفظه أم من كتابه . وقال النسائي : ثقة صاحب حديث . وقال أبو زرعة : كان من فرسان الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات . وعدَّه الدارقطني من الحفاظ . وهو إمام متقن أخرج له البخاري سبعة وأربعين حديثًا ، فهو ثقة من الطبقة العاشرة ( ) .
3. الحسن بن محمد : هو الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني ، أبو علي البغدادي صاحب الشافعي ، روى عن ابن عيينة ووكيع والوليد بن مسلم وأحمد بن حنبل وعلي المديني وغيرهم ، وروى عنه البخاري وأبو داود والترمذي وآخرون ، توفي سنة ( 249 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال النسائي في الكنى : ليس بالقوي . وذكره ابن حبان في الثقات . وحكم بتوثيقه ابن حجر . وقال أبو حاتم عنه : صدوق( ) .
4. ابن عيينة : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
5. عبد الله بن أبي يزيد : أبو عبد الرحمن المازني القارئ البصري ، روى عن الحسن البصري وموسى بن أنس ، وروى عنه زيد بن الحباب وعبد الصمد بن عبد الوارث وأحمد بن حنبل ، وقد ذكره محقق تفسير ابن عيينة ضمن شيوخ ابن عيينة( ) .
أقوال العلماء فيه :
ذكره ابن حبان في الثقات . وقال البخاري في تاريخه : له عند فضائل الصحابة حديث واحد . وقال ابن حجر : مقبول الرواية من الطبقة السابعة( ) .
الحكم على الأثر ( 19017 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن فيهم من يمنع من صحة إسناده ، وذلك لوجود راوٍ مختلف في توثيقه ، وهو الحسن بن محمد ، فإن النسائي قال عنه : ليس بالقوي ، وأن عبد الله بن أبي يزيد ، بحسب رواية الطبري ، سمع من ابن عباس ، إلا أنه لم تثبت المصادر لدينا أنه روى عن ابن عباس ، فتكون روايته عن ابن عباس منقطعة .
دراسة إسناد الأثر ( 19018 ) :
1. زياد بن عبد الله : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19017 ) .
2. محمد بن أبي عدي : محمد بن إبراهيم بن أبي عدي ، روى عن سليمان التيمي وحميد الطويل وابن عون وداود بن أبي هند وشعبة وابن أبي عروية وغيرهم ، وروى عنه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وابن وكيع وآخرون ، توفي سنة ( 194 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
وثقه أبو حاتم والنسائي ، وقال عنه أبو حاتم في موضع آخر : لا يحتج به . وأثنى عليه ابن مهدي . ووثقه ابن سعد . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال عنه الذهبي : ثقة جليل( ) .
3. ابن جريج : عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج مولاهم المكي ، روى عن حكيمة بنت رقيقة وأبيه عبد العزيز وعطاء بن رباح وزيد بن أسلم وآخرين ، وروى عنه ابناه عبد العزيز ومحمد والأوزاعي والليث بن سعد ويحيى بن سعيد الأنصاري وآخرون ، وهو أول من صنف الكتب ، وهو من أوعية العلم ، توفي سنة (150هـ) .
أقوال العلماء فيه :
قال احمد : إذا قال ابن جريج ، قال : فلان ، وقال : فلان ، وأخبرت جاء بالمناكير ، وإذا قال : أخبرني ، فحسبك به . وعن ابن معين ليس بشيء في الزهري. وقال : لم يسمع من مجاهد إلا حرفًا واحدًا . وقال الدارقطني : تجنب تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح ، مثل ابراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال عنه ابن حجر : ثقة فاضل ، وكان يدلس ويرسل( ) .
4. ابن ابي ملكية : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
الحكم على الأثر ( 19018 ) :
من خلال دراستنا لرجال الاسناد ظهر لنا أن فيه من هو مختلف في توثيقه ، وهو ( محمد بن ابراهيم ) مرة يقول عنه أبو حاتم : لا يحتج به ، ومرة يوثقه . أما بالنسبة إلى ابن جريج فأغلب العلماء على أنه مدلس ، وقد نص الدارقطني على تجنب تدليسه ووصفه بأنه قبيح التدليس ، وروايته عن عطاء الخراساني ضعيفة( ).
وقد رويت عن ابن جريج أجزاء كثيرة في التفسير عن ابن عباس منها الصحيح ومنها ما ليس بصحيح ، وذلك لأنه لم يقصد الصحة فيما جمع ، بل روى ما ذكر في كل آية من الصحيح والسقيم( ) ، ولم يظفر ابن جريج بإجماع العلماء على توثيقه وتثبته فيما يرويه ، وإنما اختلفت أنظارهم فيه وأحكامهم عليه ، فمنهم من وثَّقه ومنهم من ضعفه ، قال عبد الله بن أحمد : قال أبي : بعض هذه الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج أحاديث موضوعة ، كان ابن جريج لا يبالي من أين يأخذها( ) ، وعليه فتكون الرواية عنه في تفسير ( الهمّ ) المنسوب إلى ابن عباس ضعيفة ، لأنه لم يقصد الصحة فيما روى .
دراسة إسناد الأثر ( 19019 ) :
1. سفيان بن وكيع : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19013 ) .
2. يحيى بن يمان : أبو زكرياء الكوفي ، روى عن أبيه وهشام بن عروة والأعمش والمنهال بن خليفة والثوري وآخرين ، وروى عنه ابنه داود وأبو بكر وعثمان ابن أبي شيبة ويحيى بن معين وآخرون ، توفي سنة ( 189 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
ضعفه أحمد وقال : حدث عن الثوري بعجائب . وفي موضع آخر قال : ليس بحجة . وقال ابن معين : ليس بثبت ، كان يتوهم الحديث ، وقال في موضع آخر : ليس به بأس . وكذبه وكيع في أحاديثه عن الثوري . وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال يعقوب بن شيبة : كان صدوقًا كثير الأحاديث ، وإنما أنكر عليه أصحابنا كثرة الغلط ، وليس بحجة إذا خولف ، وقال في موضع آخر : يحيى بن يمان سريع الحفظ سريع النسيان . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة ، وهو في نفسه لا يتعمد الكذب . وقال ابن حجر : صدوق عابد يخطئ كثيرًا وقد تغير ، من كبار الطبقة التاسعة( ) .
3. ابن جريج : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19018 ) .
4. ابن ابي ملكية : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
الحكم على الأثر ( 19019 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن هذه الرواية المنسوبة إلى ابن ملكية ضعيفة ، لوجود راوٍ فيها ضعيف ، وهو يحيى بن يمان ، فقد ضعفه العلماء ، لأنه كثير النسيان وسيء الحفظ ، وأنه تغير في آخره واختلط ، فضلاً عن أن ابن وكيع
ضعيف الرواية ، وأما ابن جريج فلم يحظَ بإجماع العلماء على توثيقه ، وإنما اختلفوا فيه اختلافًا كثيرًا ، فمنهم من وثَّقه ومنهم من ضعفه ، وعليه فهذا الأثر ضعيف .
دراسة إسناد الأثر ( 19020 ) :
1. المثنى بن إبراهيم الأملي : يروي عنه الطبري كثيرًا في التفسير والتاريخ ، علمًا أن له شيخًا آخر يدعى : المثنى بن عبد الله .
أقوال العلماء فيه :
ولم أجد له في المراجع التي رجعت إليها ذكرًا ، إلا ما ذكره محمود محمد شاكر في حاشيته على تفسير الطبري فقال : إنه ثقة ، ولم يشر إلى أكثر من ذلك( ) .
2. قبيصة بن عقبة بن محمد بن سفيان بن عقبة بن ربيعة ، روى عن الثوري وشعبة ويونس بن أبي إسحاق وإسرائيل بن يونس وآخرين ، وروى عنه البخاري وأبو عبيد القاسم بن سلام وأحمد بن حنبل وأبو كريب والدوري وآخرون .
أقوال العلماء فيه :
قال أحمد كان كثير الغلط . ووثقه ابن معين وقال : ثقة في كلِّ شيء إلا في حديث سفيان ، فإنه سمع منه وهو صغير . وقال النسائي : ليس به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات . ووثقه النووي وقال : كان ثقة صدوقًا كثير الحديث عن سفيان . وروى له البخاري أربعة وأربعين حديثًا . وقال ابن حجر : صدوق ربما خالف من التاسعة( ) .
3. سفيان الثوري : هو أمير المؤمنين في الحديث .
أقوال العلماء فيه :
قال ابن المبارك كتبت عن ألف ومائة شيخ ما كتبت عن أفضل من سفيان . وكان يحيى بن معين لا يقدم عليه أحد في زمانه في الفقه الحديث والزهد . وقال الخطيب : كان إمامًا من أئمة المسلمين وعلمًا من أعلام الدين ، مجمعًا على إمامته وفضله غير واحد من الحفاظ على شعبة الذي هو أمير المؤمنين في الحديث وفضائله جمة كثيرة( ).
4. ابن جريج : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19018 ) .
5. ابن ابي ملكية : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
الحكم على الأثر ( 19020 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى ابن عباس ضعيفة ، وذلك لوجود راوٍ وصفه أحمد بأنه كثير الغلط ، وهو قبيصة بن محمد ، وضعفه ابن معين في حديثه عن سفيان ، وفيه كذلك ابن جريج فإنه قبيح التدليس كما تقدم ، والتدليس يمنع من إطلاق الصحة على الرواية ، هذا من جهة السند فقط .
دراسة الأثر ( 19021 ) :
1. المثنى بن ابراهيم : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19020 ) .
2. إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المعروف بابن راهويه ، أحد الأئمة الأعلام ، طاف البلاد ، ولد سنة ( 161هـ ) ، وروى عن ابن عيينة وابن المبارك وعبد الرزاق وآخرين ، وروى عنه الجماعة سوى ابن ماجة وبقية بن الوليد وأحمد بن حنبل وآخرين . ومات سنة ( 238 هـ ) ، وقبره مشهور يزار .
أقوال العلماء فيه :
قال أبو زرعة : ما روي أحفظ من إسحاق ، وكان يحفظ أحاديث التفسير . وقال ابن حبان في الثقات : كان إسحاق من سادات أهل زمانه فقهًا وعلمًا وحفظًا ، وصنف الكتب وفرع على السنن وذب عنها وقمع من خالفها . وهو ثقة بلا خلاف . ومن أوعية العلم وفضائله كثيرة . وقال النسائي : ثقة مأمون( ) .
3. يحيى بن سعيد الأنصاري : روى عن حريز بن عثمان والمسعودي ويحيى بن أيوب المصري وآخرين، وروى عنه إسحاق بن راهويه وحيوة بن شريح وغيرهم .
أقوال العلماء فيه :
ضعفه يحيى بن معين ، وذكر أنه أخرج كتبه ، وأنه روى أحاديث منكرة ، وقال في موضع آخر : ليس بشيء . وقال الجوزجاني والعقيلي : منكر الحديث . وقال الاجري عن أبي داود جائز الحديث . وقال ابن خزيمة : لا يحتج بحديثه . وقال الدارقطني : ضعيف . وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات لا يجوز الاحتجاج به . وقال الساجي : عنده مناكير . وقال ابن حجر : ضعيف من التاسعة( ).
4. ابن جريج : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19018 ) .
5. ابن ابي ملكية : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
الحكم على الاثر ( 19021 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى ابن عباس موضوعة لوجود راوٍ فيها يروي المناكير والموضوعات ، وهو يحيى بن سعيد الأنصاري ، كما ذكرنا ذلك من خلال أقوال علماء الجرح والتعديل ، فتكون هذه الرواية من حيث السند موضوعة .
دراسة إسناد الأثر ( 19022 ) :
1. ابو كريب : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
2. وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي أبو سفيان الكوفي حافظ . ولد سنة ( 128 هـ ) أو ( 127 هـ ) أو ( 129 هـ ) ، روى عن أبيه وإسماعيل بن أبي خالد وعكرمة بن عمار والأوزاعي ومالك ونافع بن عمر وخلق كثير ، وروى عنه أبناؤه : سفيان ومليح وشيخه الثوري وآخرون ، ومات سنة ( 196 هـ ) ، وفضائله كثيرة .
أقوال العلماء فيه :
كان أحمد يقول : الثبت عندنا بالعراق وكيع . وقال ابن سعد : ثقة مأمون عالي الحديث رفيع القدر كثير الحديث حجة . وقال العجلي : كوفي ثقة عابد صالح أديب من حفاظ الحديث . وهو أحد الأئمة الأعلام ، فهو ثقة حافظ عابد من كبار التاسعة( ) .
3. ابن وكيع : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19013 ) .
4. نافع بن عمر بن عبد الله بن جميل بن عامر ، روى عن ابن أبي ملكية وسعيد بن حسان وسعيد بن أبي هند وآخرين ، وروى عنه عبد الرحمن بن مهدي ووكيع ويحيى القطان وابن المبارك وآخرون ، توفي سنة ( 196 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
وثقه ابن معين والنسائي وأبو حاتم ، وقال : يحتج بحديثه . وكان ثقة قليل الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال ابن حجر : ثقة ثبت من كبار السابعة( ).
5. ابن ابي ملكية : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19015 ) .
الحكم على الاثر ( 19022 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى ابن عباس ضعيفة ، وذلك لضعف ابن وكيع . وأن متنه فيه من الكذب ما لا يجوز إلا على الإغرار السذج ، وإلى هذا يشير أبو شبهة : (( ولا أدري أي معنى يبقى للعصمة بعد أن جلس بين فخذيها وخلع سرواله ؟ وما امتناعه عن الزنا على مروياتهم المفتراة إلا وهو مقهور مغلوب ؟ )) ( ) . وإن هذا الأثر معارض للقرآن وهذه علامة كذب هذه الرواية . وقد جاء قوله بعد ذكر ( الهم ) : كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ، فهل يستحق هذا الثناء من حلَّ التكة وخلع السروال ؟ أنصدق الله تعالى أم نصدق كذبة بني إسرائيل وتخريفهم .
دراسة اسناد الاثر ( 19023 ) :
1. ابو كريب : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 019015 ) .
2. ابن وكيع : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19013 ) .
3. ابن إدريس : محمد بن إدريس الشافعي المكي نزيل مصر ، ولد سنة ( 150هـ ) ، روى عن مسلم بن خالد الزنجي ومالك بن أنس وجماعة ، وروى عنه أبو ثور وأحمد وآخرون . وتوفي سنة ( 204 هـ ) ، ثقة مأمون بالاجماع ، وفضائله كثيرة .
أقوال العلماء فيه :
وقال ابن معين : لا توجد في روايته من طعن فيها وهو من أئمة الجرح والتعديل وهو من المجددين لهذا الدين على رأس المائتين من الطبقة التاسعة( ).
4. الأعمش : سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي أبو محمد الكوفي الأعمش ، ولد بالكوفة ، روى عن أنس ، ولم يثبت له منه سماع ، وعبد الله بن أبي أوفى والشعبي والنخعي ومجاهد والثوري وغيرهم ، وروى عنه أبو إسحاق السبيعي وهو من شيوخه والسفيانان والشافعي وابن المبارك وآخرون ، وكان يسمى المصحف لصدقه ، توفي سنة ( 148 هـ )
أقوال العلماء فيه :
قال ابن عمر : ليس في المحدثين أثبت من الأعمش . وقال العجلي : ثقة ثبت في الحديث ، وكان محدث أهل الكوفة في زمانه وهو علامة الإسلام . وثقه ابن معين والنسائي . وذكره ابن حبان في ثقات التابعين . وترجم له ابن حجر وأطال في ترجمته . وقال يعقوب بن شيبة في مسنده : لم يصح للأعمش عن مجاهد إلا أحاديث يسيرة . وقال ابن المبارك : إنما أفسد حديث أهل الكوفة أبو إسحاق والأعمش . وقال أحمد : في حديث الأعمش اضطراب كثير ، ورواية الأعمش عن أنس منقطعة . وقال أبو داود : روايته عن أنس ضعيفة . وقال ابن حجر : وهو يدلس ، وربما دلس عن ضعيف . وقال ابن المديني : الأعمش كان كثير الوهم في أحاديث هؤلاء الضعفاء( ) .
5. مجاهد بن جبر المكي : أبو الحجاج المخزومي المقرئ ، روى عن علي وسعد بن أبي وقاص والعبادلة الأربعة وأبي سعيد الخدري وعائشة وآخرين ، وروى عنه عطاء وعكرمة وإسحاق السبيعي وسليمان الأعمش وآخرون ، توفي سنة ( 104هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال أبو حاتم : حديثه عن عاشة مرسل ، وكان أعلمهم بالتفسير . وعرض القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة . ووثقه ابن معين وأبو زرعة . ووثقه كذلك ابن سعد والعجلي . وقال الذهبي : أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به( ) .
الحكم على الأثر ( 19023 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى مجاهد ضعيفة ، وذلك لوجود أكثر من راوٍ طعن علماء الجرح والتعديل في صحة روايته . فابن وكيع ضعفه العلماء ، وكذلك الأعمش على الرغم من جلالته ، إلا أن روايته عن مجاهد منقطعة ، وقالوا عنه : إنه مدلس . ووصفه ابن المديني بأنه كثير الوهم ، وأن بعض العلماء عاب على مجاهد كثرة نقله عن أهل الكتاب ، وربما كانت روايته هذه من الروايات التي نقلها عن بني إسرائيل .
دراسة إسناد الأثر ( 19024 ) :
1. زياد بن عبد الله ( يحيى ) الحساني : تقدم الكلام عليه في الأثر(19017 ) .
2. مالك بن سعير : بن الخمس التميمي أبو محمد ، ويقال : أبو الأحوص الكوفي ، روى عن هشام بن عروة والأعمش وابن أبي ليلى وغيرهم ، وروى عنه علي بن سلمة وأبو عبيدة بن فضيل بن عياض وأبو الخطاب زياد بن يحيى الحساني وآخرون ، توفي سنة ( 200هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال أبو زرعة وأبو حاتم : صدوق . وقال أبو داود : ضعيف ، وحديثه عند البخاري في التفسير متابعة . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال الدارقطني : صدوق . وقال الأزدي : عنده مناكير . وقال ابن حجر : لا بأس به . وقال الذهبي: صدوق( ) .
3. الأعمش : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19023 ) .
4. مجاهد بن جبر : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19023 ) .
الحكم على الأثر ( 19024 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن هذه الرواية المنسوبة إلى مجاهد ضعيفة ، لأن فيها الأعمش ، والرواية عن طريقه الى مجاهد منقطعة ، وأن مالكًا بن سعير عند بعض علماء الجرح عنده مناكير ، وضعفه أبو داود ، وأن مجاهدًا في تفسيره الذي حُقِّق لم يتعرض لآية ( الهمّ ) ، ولا وجود فيه لمثل هذه الروايات ، وعلى فرض وجودها تعدُّ من قبيل الروايات الإسرائيلية التي ابتلي بها ، فلا تكون حجة( ) .
دراسة إسناد الأثر ( 19025 ) :
1. محمد بن عبد الأعلى الصنعاني القيسي أبو عبد الله البصري ، روى عن مروان بن معاوية ومعتمر بن سليمان وآخرين ، وروى عنه مسلم وأبو داود في كتاب القدر والترمذي والنسائي وابن ماجه وآخرون ، توفي سنة ( 245 هـ ) .
وثقه أبو زرعة وأبو حاتم . وقال ابن حبان في الثقات : وأثنى عليه النسائي خيرًا ، وقال في موضع آخر : لا بأس به . وروى عنه مسلم خمسة وعشرين حديثًا . وقال ابن حجر : ثقة من العاشرة( ).
2. محمد بن ثور الصنعاني أبو عبد الله العابد ، روى عن معمر وابن جريج ويحيى بن العلاء الرازي وغيرهم ، روى عنه ابنه عبد الجبار وفضيل بن عياض وعبد الرزاق وزيد بن المبارك ومحمد بن عبد الأعلى وآخرون ، توفي سنة ( 190هـ ) أو قبلها بقليل أو بعدها بقليل .
أقوال العلماء فيه :
وثقه ابن معين والنسائي . وقال ابن أبي حاتم : سألت أبي ، ما حال ابن ثور ؟ قال : الفضل والعبادة والصدق . وفضله أبو زرعة على عبد الرزاق . وذكره ابن حبان في الثقات ( ) .
3. معمر بن راشد الأزدي أبو عروة بن عمرو البصري ، شهد جنازة الحسن البصري ، روى عن ثابت اليناني وقتادة والزهري وعاصم الأحول وآخرين ، وروى عنه شيخه يحيى بن أبي كثير وأبو إسحاق السبيعي وشعبة والثوري ومحمد بن ثور وعبد الرزاق وآخرون ، توفي سنة ( 152هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال ابن معين : أثبت الناس في الزهري مالك ومعمر ، وقال في موضع آخر : معمر أثبت في الزهري من ابن عيينة . ووثقه ابن معين . وقال العجلي : بصري سكن اليمن ثقة رجل صالح . وقال ابو حاتم : ما حدث معمر بالبصرة فيه أغاليط ، وهو صالح الحديث . وقال النسائي : ثقة مأمون . وذكره ابن حبان في الثقات . وأثنى عليه الشافعي . وقال ابن حجر : ثقة ثبت فاضل ، إلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة ، وهذا الضرب مضطرب كثير الأوهام( ) .
4. ابن نجيح : عبد الله بن أبي نجيح أبو يسار المكي مولى الأخنس بن شريق ، روى عن أبيه وعطاء ومجاهد وعكرمة وطاووس وجماعة ، وروى عنه شعبة وأبو إسحاق والسفيانان وشبل بن عباد ، توفي سنة ( 131 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال وكيع : كان سفيان يصحح تفسير ابن أبي نجيح . وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي . وفضله أبو حاتم على خصيف في الرواية عن مجاهد ، ولكن بعض نقاد الحديث عابوا عليه القول بالقدر . ووثقه ابن سعد . ووذكره ابن حبان في الثقات ، إلا أنه روى تفسيره عن مجاهد من غير سماع . وقال العجلي : مكي ثقة . وذكره النسائي فيمن كان يدلس . وقال ابن حجر : ثقة رمي بالقدر ، وربما يدلس( ) .
5. مجاهد بن جبر المكي : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19023 ) .
الحكم على الأثر ( 19025 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى مجاهد في تفسير ( الهمّ ) ضعيفة ، لأن أبي نجيح روى التفسير عن مجاهد من غير سماع ، وإنما أخذه من القاسم بن أبي بزة قاله ابن عيينة( ) . وقد تكلم العلماء في صحة تفسيره عن ابن أبي نجيح . فقال يحيى بن سعيد : لم يسمع ابن أبي نجيح التفسير من مجاهد( ) . وقال ابن الأنباري : ولا تصح رواية ابن أبي نجيح للتفسير عن مجاهد( ) . وأنه مدلس فروايته عن مجاهد منقطعة ، فلا تكون هذه الرواية صحيحة .
دراسة إسناد الأثر ( 19026 ) :
1. المثنى بن إبراهيم : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19020 ) .
2. أبو حذيفة : موسى بن مسعود النهدي البصري ، روى عن عكرمة بن عمار والثوري وشبل بن عباد ، وروى عنه البخاري ، وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجه بواسطة الحسن بن علي الخلال ، توفي سنة ( 220هـ ) .
أقوال العلماء فيه
قال أحمد : هو من أهل الصدق . وضعفه بندار . ووثقه العجلي . وقال أبو حاتم : صدوق ، ولكنه يصحف . وقال الترمذي : يضعف في الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات وقال : يخطئ . وقال ابن خزيمة : لا يحتج به . وقال أبو أحمد الحاكم : ليس بالقوي . وقال الساجي : كان يصحف وهو لين . وأخرج له البخاري وهو كثير الوهم ، وما أخرجه البخاري عنه كان متابعة . وقال الذهبي : صدوق تكلم فيه أحمد . وقال ابن حجر : صدوق سيء الحفظ . وكان يصحف ( ) .
3. شبل : هو شبل بن عباد المكي ، يروي شبل التفسير عن ابن أبي نجيح وزيد بن أسلم وعمرو بن دينار ، وروى عنه ابنه داود بن المبارك وابن عيينة وأبو حذيفة وآخرون ، توفي سنة ( 148هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
وثقه أحمد وابن معين . وقال أبو حاتم : هو أحب إلي من ورقاء في ابن أبي نجيح . ووثقه الآجري إلا أنه يرى القدر . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال الدار قطني : ثقة . واختص ابو حذيفة برواية شبل . وقال ابن حجر : ثقة رمي بالقدر( ) .
4. القاسم بن أبي بزة : واسمه نافع ، ويقال : يسار ، ويقال : نافع بن يسار المكي ، روى عن أبي الطفيل وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وآخرين ، وروى عنه قطر بن خليفة وعمرو بن دينار وابن جريج وشعبة وآخرون ، توفي سنة ( 124هـ ) بمكة .
أقوال العلماء فيه :
وثقه ابن معين والعجلي والنسائي . وقال ابن سعد : كان ثقة قليل الحديث . وذكره ابن حبان في الثقات ، ويرى أنه لم يسمع التفسير من مجاهد أحد غير القاسم ، وكل من يروي التفسير عن مجاهد فقد أخذه من كتاب القاسم . وقال ابن حجر : ثقة من الطبقة الخامسة( ) .
الحكم على الأثر ( 19026 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن هذه الرواية فيها أكثر من راوٍ طعن العلماء به . فأبو حذيفة ( موسى بن مسعود ) تكلموا في حفظه ووصف بكثرة الوهم وسوء الحفظ والتصحيف . وأما شبل فاتُّهم بمقالة القدر ، وعليه تكون الرواية المنسوبة إلى القاسم بن أبي بزة فيها مقال من جهة الإسناد يمنع من إطلاق الصحة عليه .
دراسة إسناد الأثر ( 19027 ) :
1. الحسن بن محمد الصياح الزعفراني ، تقدم الكلام عليه في الأثر(19017) .
2. حجاج بن محمد : المصيصي الأعور أبو محمد ، ترمذي الأصل ، سكن بغداد ، ثم تحول إلى المصيصية ، روى عن ابن جريج والليث وشعبة وجماعة ، وروى عنه أحمد ويحيى بن معين والدوري وآخرون ، وسمع التفسير من ابن جريج إملاء ، وقرئ عليه بقية الكتب ، توفي سنة ( 206 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
أثنى عليه أحمد . ووثقه ابن المديني والنسائي . وقال السلفي : حجاج نائمًا أوثق من عبد الرزاق يقظان . وقال ابن سعد : صدوقًا إن شاء الله ، وكان تغير في آخر عمره حين رجع بغداد . وذكره أبو العرب القيرواني في الضعفاء بسبب الاختلاط . ووثقه العجلي ومسلم . وذكره ابن حبان في الثقات . وقال ابن حجر : ثقة ثبت ، لكنه اختلط آخر عمره ، لما قدم بغداد( ) .
3. ابن جريج : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19018 ) .
4. عبد الله بن أبي مليكة : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19015 ) .
الحكم على الأثر ( 19027 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى ابن عباس ضعيفة ، لضعف ابن جريج ، لأنه مدلس ، كما نص على ذلك الدار قطني ، وبعضهم وصفه بأنه حاطب ليل ، وكما أن فيها حجاج بن محمد ضعفه أبو العرب ، وقد اختلط آخر عمره ، فتكون هذه الرواية بهذا الإسناد ضعيفة ، لضعف أكثر من راوٍ فيها .
دراسة إسناد الأثر ( 19028 ) :
1. المثنى بن إبراهيم : شيخ الطبري ، تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19020 ) .
2. الحماني : هو يحيى بن عبد الحميد بن عبد الله بن ميمون بن عبد الرحمن الحماني الحافظ أبو زكرياء الكوفي ، روى عن أبيه وقيس بن الربيع وابن مبارك وابن عيينة وآخرين ، وروى عنه أبو حاتم ومحمد بن أيوب وعبد العزيز البغوي وآخرون ، توفي سنة ( 228 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال الذهلي : ما استحل الرواية عنه . وقال النسائي : ضعيف ، وقال في موضع آخر : ليس بثقة . وقال أحمد : كان يكذب جهارًا . وقال البخاري : كان أحمد وعلي المديني يتكلمان في يحيى الحماني . وقال ابن نمير : الحماني كذاب . وقال الجوزجاني : يحيى الحماني ساقط متلون تُرك حديثه . ومع ذلك فقد وثقه ابن معين . وقال ابن حجر : اتهموه بسرقة الحديث . وقال عنه الذهبي : شيعي بغيض ، ورجح الذهبي ضعفه( ) .
3. يحيى بن اليمان : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19019 ) .
4. سفيان الثوري : تقدم الكلام عليه في الاثر ( 19020 ) .
5. علي بن بذيمة الجزري : أبو عبد الله مولى جابر بن سمرة ، كوفي الأصل ، روى عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود والشعبي وسعيد بن جبير ومقسم ومجاهد وغيرهم ، وروى عنه الأعمش والمسعودي وشعبة والثوري وآخرون .
أقوال العلماء فيه :
قال أحمد : صالح الحديث ، ولكنه كان رأسًا في التشيع ، وقال في موضع آخر : ثقة وفيه شيء . وقال الجوزجاني : زائغ عن الحق معلن به . ووثقه كل من أبي زرعة والنسائي والعجلي . وقال ابن سعد : كان ثقة . وقال ابن حجر : ثقة رمي بالتشيع من السادسة . قال الذهبي عن أحمد : صالح الحديث ، لكنه رأس في التشيع( ) .
6. سعيد بن جبير بن هشام الأسدي ، روى عن ابن عباس وابن الزبير وابن عمر وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وغيرهم ، وروى عنه ابناه عبد الملك وعبد الله وأبو إسحاق السبيعي والأعمش وآخرون ، قتل في شعبان سنة ( 95 هـ ) ، وقال أبو الشيخ : قتله الحجاج صبرًا سنة ( 95 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال عنه عمرو بن ميمون : لقد مات سعيد بن جبير وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج الى علمه . وقال أبو القاسم الطبري : هو ثقة إمام حجة على المسلمين . وقال ابن المديني : قال يحيى بن سعيد : مرسلات سعيد بن جبير أحب إليَّ من مرسلات عطاء ومجاهد . وكان سفيان يقدم سعيدًا على إبراهيم النخعي . وكان أعلم من مجاهد وطاووس( ) .
7. عكرمة البربري : أبو عبد الله المدني مولى ابن عباس ، روى عن مولاه ابن عباس وعلي بن أبي طالب والحسن بن علي وأبي هريرة وابن عمر وخلق كثير ، وروى عنه إبراهيم النخعي وأبو الشعثاء جابر بن زيد والشعبي وقتادة وآخرون .
أقوال العلماء فيه :
وقال ابن عيينة : سمعت أيوب يقول : لو قلت لك : إن الحسن ترك كثيرًا في التفسير حين دخل علينا عكرمة البصرة ، حتى خرج منها لصدقت . وثقة يحتج به كذا قال احمد . ووقال الحاكم أبو أحمد : احتج بحديثه الأئمة القدماء ، قد أجمع عامة أهل العلم بالحديث على الاحتجاج بحديث عكرمة( ) .
الحكم على الأثر ( 19028 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن في الأثر المنسوب إلى سعيد بن جبير وعكرمة راويًا متهمًا بالكذب ، وهو ( يحيى بن عبد الحميد الحماني ) ، وكذلك فيه يحيى بن اليمان ، تكلم فيه العلماء من جهة حفظه كثير الخطأ وله أوهام ، وأن عليًّا بن بذيمة تكلم فيه أحمد ، ووصفه الجوزجاني بأنه زائغ عن الحق ، فهو لا يصلح للاحتجاج به ، فيكون في هذا الأثر أكثر من راو من طعن به ، فهو من الموضوعات على سعيد بن جبير وعكرمة ، هذا من ناحية الإسناد .
دراسة إسناد الأثر ( 19029 ) :
1. ابن وكيع : سفيان بن وكيع الجراح ، تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19013) .
2. عمرو بن محمد العنقزي القرشي مولاهم الكوفي ، تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19013 ) .
3. شريك بن عبد الله بن أبي شريك أبو عبد الله الكوفي القاضي ، ولد سنة ( 90 هـ ) ، روى عن زياد بن علاقة وأبي إسحاق السبيعي وسماك بن حرب وآخرين ، وروى عنه ابن مهدي ووكيع وحجاج بن محمد وزياد بن هارون وآخرون ، وتوفي سنة ( 117 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال ابن معين : صدوق ثقة إلا أنه إذا خالف فغيره أحب إلينا . وقال ابن شيبة : شريك صدوق ثقة سيء الحفظ . وقال الجوزجاني : سيء الحفظ مضطرب الحديث مائل( ) . وقال الحافظ ابن حجر : صدوق يخطئ كثيرًا ، تغير حفظه منذ ولي القضاء . وقال أبو حاتم : صدوق وكانت له أغاليط . وقال أبو زرعة : كان كثير الحديث صاحب وهم يغلط أحيانًا . وقد تغير في اخر امره ، فهو سيء الحفظ كثير الوهم ، وكان مشهورًا بالتدليس( ) .
4. جابر بن يزيد بن الحارث : أبو عبد الله ، ويقال : أبو يزيد الكوفي ، روى عن أبي الطفيل وأبي الضحى وعكرمة وجماعة ، وروى عنه شيبة والثوري وآخرون ، توفي سنة ( 127 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال يحيى بن يعلى : أما الجعفي فكان والله كذابًا يؤمن بالرجعة . وعن أبي حنيفة : ما لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر ، وما أتيته بشيء من رأيي إلا جاءني بأثر . وقال أحمد : تركه يحيى وعبد الرحمن . وقال النسائي : متروك الحديث ، وقال في موضع آخر : ليس بثقة ولا يكتب حديثه . وقال الحاكم أبو أحمد : ذاهب الحديث . وقال سفيان : كان يؤمن بالرجعة . وقال الجوزجاني : كذاب ، وكان يدلس . وقال العقيلي في الضعفاء : كذبه سعيد بن جبير . وقال ابن حجر : أبو عبد الله الكوفي ضعيف واقفي( ) .
5. مجاهد بن جبر المكي : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19023 ) .
الحكم على الأثر ( 19029 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن هذه الرواية المنسوبة إلى مجاهد في تفسير قوله وهمت به وهم بها موضوعة عليه ، وذلك لأن فيها أحد الكذابين ، والذي حكم أكثر العلماء على كذبه ، كما أنه من الغلاة ، وهو جابر بن يزيد الجعفي ، ثم فيه ابن وكيع وهو ضعيف ، وأن شريكًا بن عبد الله هو الآخر ضعيف الرواية ، لكثرة أوهامه ، ويخطئ كثيرًا وعنده اضطراب ، كما وصفه بذلك الجوزجاني ، فتكون هذه الرواية إلى مجاهد مكذوبة عليه أو ضعيفة على أقل تقدير .
دراسة إسناد الأثر ( 19030 ) :
1. الحارث : هو الحارث بن محمد بن أبي أسامة ، صاحب المسند ، سمع عليًّا بن عاصم ويزيد بن هارون ، وكان حافظًا عارفًا بالحديث عالي الإسناد بالمرة ، تكلم فيه بلا حجة ، توفي سنة ( 282 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال الدار قطني : قد اختلف فيه ، وهو عندي صدوق . وقال ابن حزم : ضعيف . ولينه بعض البغاددة لكونه يأخذ على الرواية ( ) . وثقه محمود محمد شاكر( ) .
2. عبد العزيز : هو عبد العزيز بن أبان بن محمد بن عبد الله الأموي ، روى عن قطر بن خليفة وهارون بن سليمان الفراء والسفيانين وشعبة وقيس بن الربيع وآخرين ، وروى عنه محمد بن الحسين بن زبالة وإبراهيم بن الحارث البغدادي والحارث بن محمد بن أبي أسامة وآخرون ، توفي سنة ( 207 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال أحمد : لمَّا حدث بحديث المواقيت تركته ولم أخرج عنه في المسند شيئًا . وقال ابن معين : كذاب خبيث يضع الحديث ، وقال في موضع آخر : لم يكن بشيء ، وضع أحاديث على سفيان . وقال ابن محرز عن ابن معين : ليس حديثه بشيء كان يكذب . وقال ابن حبان : سالت ابن معين عن الواقدي فقال : كان كذابًا ، قلت : فعبد العزيز بن أبان مثله ، قال : لكنه ضعيف واهٍ ليس بشيء . وقال ابن شيبة : هو عند أصحابنا جميعًا متروك كثير الخطأ كثير الغلط . وقال أبو حاتم : متروك الحديث لا يشتغل به تركوه لا يكتب حديثه . وترك أبو زرعة حديثه . وقال البخاري : تركوه . وقال النسائي : متروك الحديث . وقال ابن عدي : روى عن الثوري غير ما ذكرت من البواطيل( ) . فهو كذاب خبيث يضع الاحاديث( ) .
3. قيس بن الربيع الأسدي : أبو محمد الكوفي ، روى عن أبي إسحاق السبيعي والمقدام بن شريح وعمرو بن مرة وأبي حصين وغيرهم ، وروى عنه أبان بن تغلب وشعبة ، ومات قبله الثوري ، وهو من أقرانه وآخرون .
أقوال العلماء فيه :
وثقه حاتم بن الليث والثوري وشعبة . وقال حرب عن أحمد : روى أحاديث منكرة . وضعفه وكيع بن الجراح . وقال ابن معين : قيس ليس بشيء . وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال في موضع آخر : متروك . وضعفه أبو أحمد الحاكم والدار قطني( ) .
4. أبو حصين : هو عثمان بن عاصم بن حصين ، ويقال له : زيد بن كثير ابن مرة أبو حصين الأسدي ، روى عن جابر بن الزبير وابن عباس وأبي سعيد الخدري وسعيد بن جبير وغيرهم ، وروى عنه شعبة والثوري وقيس بن الربيع وابن عيينة وآخرون ، توفي سنة ( 127 هـ ) .
أقوال العلماء فيه :
قال أحمد عنه : صحيح الحديث . وأثنى عليه العجلي ، ووصفه بأنه صاحب سنة ، وقال في موضع آخر : كوفي ثقة ، وكان عثمانيًّا رجلاً صالحًا . وعده ابن مهدي من أثبات أهل الكوفة . وقال أحمد : كان صحيح الحديث . ووثقه ابن معين وأبو حاتم وابن شيبة والنسائي وابن خراش . وذكره ابن حبان في الثقات في أتباع التابعين . قال ابن عبد البر : اجمعوا على انه ثقة حافظ( ) .
5. سعيد بن جبير : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19028 ) .
الحكم على الأثر ( 19030 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن الرواية المنسوبة إلى سعيد بن جبير رواية مكذوبة ، لوجود راوٍ كذاب ، وهو عبد العزيز بن أبان ، وقد ترك أكثر العلماء حديثه لكونه خبيثًا كذابًا ، وكذلك لوجود قيس بن الربيع فبعضهم ضعفه وبعضهم جعله من المتروكين ، وعليه فلا يمكن الاعتماد على رواية مكذوبة لتفسير القرآن ، فضلاً عن نسبة ( الهمِّ ) إلى يوسف براوٍ تكلم فيه العلماء وجرحوه ، زيادة على ما في متن الحديث من قول ينزه عنه ، حتى الفساق فضلاً عن الأنبياء الذين عصمهم الله .
دراسة إسناد الأثر ( 19031 ) :
1. الحسن بن يحيى : وهو الحسن بن يحيى بن الجعد أبو علي بن أبي الربيع الجرجاني المتوفي سنة ( 263 هـ ) ، حدث عنه ابن ماجة وأبو بكر بن أبي عاصم وابن أبي حاتم وأبو القاسم البغوي وأبو يعلى الموصلي ، وروى عن عبد الرزاق التفسير ، وعنه نقله ابن جرير الطبري في تفسيره .
وقد وهم أحمد محمد شاكر إذ ذهب إلى أن اسم الحسن هو ( الحسن بن ابي يحيى ) ، وجعله من باب التصحيف، وقال : (( من السهل على الناسخ أو الطابع سقوط كلمة ( أبي ) فهو الحسن بن أبي يحيى المقدسي ، لم أصل إلى الآن إلى معرفته ))( ) . ولكني بالرجوع إلى تاريخ الطبري لحظت أن الطبري روى عن شيخه الحسن اثنين وعشرين خبرًا فكيف يقع هذا التصحيف ، وبعد رجوعي إلى المصادر ظهر لي أن اسمه الصحيح هو ( الحسن بن يحيى ) ، لا كما ذهب إليه أحمد محمد شاكر ، فقد جاء في الجرح والتعديل ما نصه : (( الحسن بن أبي الربيع الجرجاني ، واسم أبي الربيع ( يحيى ) ، نزيل بغداد ، روى عن عبد الرزاق وإبراهيم بن الحكم وعبد الصمد بن عبد الوارث ، سئل أبي عنه فقال : شيخ ))( ) .
أقوال العلماء فيه :
وقال ابن أبي حاتم : سمعت منه مع أبي وهو صدوق . وذكره ابن حبان في الثقات( ) .
2. عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري ، مولاهم أبو بكر الصنعاني ، روى عن أبيه وعمه ومعمر وعكرمة وابن جريج وآخرين ، وروى عنه ابن عيينة ومعتمر بن سليمان وهما من شيوخه وآخرون ، وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمتهم وكتبوا عنه . فهو ثقة إلا أنهم نسبوه إلى التشيع .
أقوال العلماء فيه :
قال ابن معين : لو إرتد عبد الرزاق ما تركنا حديثه . وقال العجلي : ثقة يتشيع . وقال ابن حجر : ثقة حافظ مصنف شهير عمي في آخر عمره . وكان يتشيع من التاسعة . ووثقه غير واحد . وحديثه مخرج في الصحاح( ).
3. ابن عيينة : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19015 ) .
4. عثمان بن أبي سليمان : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19015 ) .
5. ابن أبي ملكية : تقدم الكلام عليه في الأثر ( 19015 ) .
الحكم على الأثر ( 19031 ) :
من خلال دراستنا لرجال الإسناد ظهر لنا أن رجاله لا يوجد فيه من جرحه العلماء بجرح يوجب رد روايته ، إلا أن ابن عيينة كما نص ابن القطان أنه اختلط . وذهب ابن حجر إلى أنه تغير في آخرة عمره ، ولعل هذه الرواية رواها حين اختلط وتغيره ، هذا من جهة السند . وأما من ناحية المتن فإن هذا الأثر قد طعن به غير واحد من الحفاظ ، فقد ذكر ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام بقوله : (( وقد أنكر قوم هذا القول وقالوا : هذا لا يليق بحال الأنبياء ))( ) . وأنكرها الإمام الرازي بقوله : (( إن يوسف كان بريئًا عن العمل الباطل والهم المحرم ، وهذا قول المحققين من المفسرين والمتكلمين ، وبه نقول وعنه نذب )) ( ) .
ولا يلتفت إلى ما نقله بعض المفسرين عن الأئمة المتقدمين ، فإن الأنبياء عليهم السلام متى صدرت منهم زلة أو هفوة استعظموها واتبعوها بإظهار الندامة والتوبة ، وأما يوسف فلم يحك عنه شيء من ذلك في هذه الواقعة ، لأنه لو صدر منه شيء لأتبعه بالتوبة والاستغفار ، ولو أتى بالتوبة لحكى الله ذلك عنه في كتابه ، كما ذكر عن غيره من الأنبياء ، وإذ لم يحك عنه شيئاً علمنا براءته( ) .
وأما ما روي عن ابن عباس : ( أنه جلس منها مجلس الخاتن ) فحاش ابن عباس أن يقول مثل هذا عن يوسف ، ولعل بعض أصحاب القصص والأخبار وضعوه عن ابن عباس ، وكذلك ما روي عن مجاهد وغيره أيضًا أنه لا يكاد يصح بسند صحيح . وبطل ذلك كله( ) .
وكما أن ما جاء في هذا الأثر يتعارض مع النصوص القرآنية الدالة على عدم صدور ( الهمِّ ) منه باعتراف امرأة العزيز بأنها هي التي راودته كما نص على ذلك الرازي عند تفسيره لقوله : انه من عبادنا المخلصين بقوله : (( فوروده باسم الفاعل يدل على كونه آتيًا بالطاعات والقربات مع صفات الإخلاص ، ووروده باسم المفعول يدل على أن الله تعالى استخلصه لنفسه واصطفاه لحضرته ، على كلا الوجهين فإنه من أدل الألفاظ على كونه منزهًا عمَّا أضافوه إليه ))( ) .
وبهذا ظهر أن هذه الرواية من جهة المتن لا تصح نسبتها إلى ابن عباس ، وإنما هي من الروايات الإسرائيلية ، وسيأتي الكلام على نقد باقي الروايات من حيث المتن في المطلب الثالث .
المطلب الثالث : نقد المحققين من المفسرين لمضمون الروايات التي ساقها الطبري
ومن الإسرائيليات المكذوبة التي لا توافق عقلاً ولا نقلاً ما ذكره ابن جرير في تفسيره وصاحب ( الدر المنثور ) وغيرهما من المفسرين في قوله : ولقد همت به وهم بها فقد ذكروا في همِّ يوسف ما ينافي عصمة الأنبياء وما يخجل القلم من تسطيره . ولولا أن المقام مقام بيان وتحذير من الكذب على الله ورسوله وهو من أوجب الواجبات على أهل العلم ، فقد رووا عن ابن عباس أنه سئل عن همّ يوسف ما بلغ ؟ قال : حل الهميان ، يعني : السراويل ، وجلس منها مجلس الخاتن فَصِيحَ به : يا يوسف لا تكن كالطير له ريش ، فإذا زنى قعد ليس له ريش ، ورووا مثل هذا عن علي بن أبي طالب وعن مجاهد وعن سعيد بن جبير( ) .
إن هذه الروايات التي درسناها من جهة الإسناد وظهر لنا من خلال دراستها من جهة النظر في سلسلة الأسانيد وطرقها بأنها لم يصح منها سند واحد ، وأغلبها ضعيفة وبعضها موضوع ، وفي هذا المطلب سنتعرض لنقدها من جهة المتن أو المضمون من خلال ما قاله المحققون من المفسرين الذين لم يقبلوا هذه الروايات .
1. الزمخشري : قال الزمخشري معقبًا على تلك الروايات بقوله : (( وهذا ونحوه مما يورده أهل الحشو والجبر الذين دينهم بَهْتُ اللهِ تعالى وأنبيائه وأهل العدل والتوحيد ليسوا من مقالاتهم ورواياتهم بحمد الله بسبيل ، ولو وُجدت من يوسف أدنى زلة لنعيت عليه وذكرت توبته واستغفاره ، كما نعيت على آدم زلته ، فعلم بالقطع أنه ثبت في ذلك المقام الرحض ، وأنه جاهد نفسه مجاهدة أولي القوة والعزم ناظرًا في دليل التحريم ووجه القبح حتى استحق من الله الثناء فيما أنزل من كتب الأولين ، ثم في القرآن الذي هو حجة على سائر كتبه ومصدق لها ، ولم يقتصر على استيفاء قصته وضرب سورة كاملة عليها ، ليجعل له لسان صدق في الآخرين ، كما جعل لجده الخليل ابراهيم ، وليقتدي به الصالحون إلى آخر الدهر في العفة وطيب الأزار والتثبت في مواقف العثار ، فأخزى الله أؤلئك في إيرادهم إلى أن يكون إنزال الله السورة التي هي أحسن القصص في القرآن الكريم ، ليقتدى بنبي من أنبياء الله تعالى في القعود بين شعب الزانية ، وفي حَلِّ تكَّته للوقوع عليها ، وفي أن ينهاه الله ثلاث كرات ويصاح به عنده ثلاث صيحات بقوارع القرآن والتوبيخ … والتشبيه بالطائر الذي سقط ريشه حين سفد غير أنثاه ولا ينتهي ولا ينتبه حتى يداركه الله بجبريل وباجباره( ) ، ولو أن أوقح الزناة وأشطرهم وأجلهم وجهًا لقي أدنى ما لقي به نبي الله مما ذكروا لما بقي له عرق ينبض ولا عضو يتحرك ، فيا له من مذهب ما أفحشه ومن ضلال ما أبينه ))( ) .
إن ما ذكره الزمخشري في الرد على القائلين بنسبة ( الهم ) إليه بالفاحشة نوافقه عليه ، لكن نخالفه في نسبة هذه المقالة إلى الذين يسميهم بأهل الجبر (( ويعني بهم أهل السنة )) ، فإنهم كذبوا أصحاب هذه المقالة ، وبينوا كذب تلك الروايات المنسوبة إلى الصحابة والتابعين ، وأنها من نسج خيال الرواة الذين تأثروا بروايات أهل الكتاب ، وبينوا زيفها بالدليل الناصع .
2. القاضي أبو بكر بن العربي : بعد ان ذكر تبرئة يوسف عليه السلام قال: (( وهذا يطمس وجوه الجهلة من الناس والغفلة من العلماء في نسبتهم اليه ما لا يليق به ، واقل ما اقتحموا من ذلك انه هتك السراويل وهمَّ بالفتك فيما رأوه من تأويل . وحاشا لله ما علمت عليه من سوء بل أبرئه مما برأه الله منه )) .
ويمضي ابن العربي في رده على مقالات الجهلة على نحو ما يسميهم (( فمال هؤلاء المفسرين لا يكادون يفقهون حديثًا ، يقولون فعل فعل والله إنما قال : وهم بها لا أقالهم ولا أفاتهم الله ولا عالهم )) إلى أن يقول : (( كان بمدينة السلام إمام من أئمة الصوفية ، وأي إمام يعرف بابن عطاء ، تكلم يومًا على يوسف وأخباره حتى ذكر تبرئته من مكروه ما نسب إليه ، فقام رجل من آخر مجلسه فقال له : يا سيدي فأذن يوسف همَّ وما تم . فقال : نعم ، لأن العناية من ثمَّ . فانظر إلى حلاوة العالم والمتعلم ، وانظر إلى فطنة العامي في سؤاله وجواب العالم في اختصاره واستيفائه . ولذلك قال علماء الصوفية : إن فائدة قوله : ولما بلغ اشده اتيناه حكمًا وعلمًا أن الله أعطاه العلم والحكمة أبان غلبة الشهوة ، لتكون له سببًا للعصمة ))( ) .
3.ابن الجوزي رحمه الله تعالى : بعد أن ذكر طرفًا من تلك الروايات في مسألة ( الهمّ ) ، قال : (( ولا يصح ما يروى عن المفسرين أنه حلَّ السراويل وقعد منها مقعد الرجل ، فإنه لو كان هذا ما دل على العزم ، والأنبياء معصومون من العزم على الزنا )) ( ).
4. الإمام الرازي : بعد أن يذكر الروايات للواحدي في كتابه البسيط مشابهة لتلك التي يرويها الطبري يقول : (( ثم إن الواحدي طوّل في كلمات عديمة الفائدة في هذا الباب ، وما ذكر آية يحتج بها ولا حديثًا صحيحًا يعول عليه في تصحيح هذه المقالة ، وما أمعن النظر في تلك الكلمات العارية عن الفائدة ))( ) .
وبعد أن يذكر وجوه تبرئة يوسف يختم ذلك بقوله : (( فثبت بهذه الدلائل أن يوسف بريء عما يقوله هؤلاء الجُهال )) . وفي موضع آخر بعد أن بيّن رأيه في المسألة يعود للرد على الواحدي فيقول : (( فقد ظهر بحمد الله تعالى صحة هذا القول الذي ذهبنا إليه ، ولم يبقَ في يد الواحدي إلا مجرد التصلف وتعديد أسماء المفسرين ، ولو كان قد ذكر في تقرير ذلك القول شبهة لأجبنا عنها ، إلا أنه ما زاد على الرواية عن بعض المفسرين ))( ) .
5. الإمام النسفي رحمه الله تعالى : بعد أن ذكر مثالاً على تلك الروايات ردَّ عليها قائلاً : (( وهو باطل ويدل على بطلانه قوله : هي راودتني عن نفسي [ سورة يوسف 26 ] )) ولو كان ذلك منه أيضًا لما برأ نفسه من ذلك ، وقوله : كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء [ سورة يوسف : 24 ] )) .
ولو كان كذلك لم يكن السوء مصروفًا عنه ، وقوله : ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب [ سورة يوسف : 52 ] ولو كان كذلك لخانه بالغيب ، وقوله : ما علمنا عليه من سوء [ سورة يوسف : 51 ] ، و الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين [ سورة يوسف : 51 ] ، ولأنه لو وُجد منه ذلك لذُكرت توبته واستغفاره ، كما كان لآدم ونوح وذي النون وداود عليهم السلام ، وقد سماه الله مخلصًا ، فعُلم بالقطع أنه ثبت في ذلك المقام وجاهد نفسه مجاهدة أولي العزم ناظرًا في دلائل التحريم ، حتى استحق من الله الثناء )) ( ) .
6. أبو حيان الأندلسي رحمه الله تعالى : لم يذكر أبو حيان شيئًا من تلك الروايات ، لأنه لا يعتقد بها ويعدّها روايات باطلة ، إذ يقول : (( وقد طهرنا كتابنا هذا عن نقل ما في كتب التفسير مما لا يليق ذكره ، واقتصرنا على ما دل عليه لسان العرب ، وساق الآيات التي في السورة مما يدل على العصمة وبراءة يوسف من كل ما يشين ))( ) .
7. ابن عطية الأندلسي : قال ابن عطية بعد أن حكى طرفًا مما أورده الطبري في تفسيره رادًّا ورافضًا أياها بقوله : (( وهذا ضعيف البتة ، والذي أقول في هذه الآية: إن كون يوسف نبيًّا في وقت هذه النازلة لم يصح ولا تظاهرت به رواية ، وإذا كان ذلك فهو مؤمن قد أوتي حكمًا وعلمًا ، ويجوز عليه الهمُّ الذي هو إرادة الشيء دون مواقعته ، وأن يستصحب الخاطر الرديء على ما في ذلك من الخطيئة ، وإن فرضناه نبيًّا في ذلك الوقت ، فلا يجوز عليه عندي إلا الهمّ الذي هو الخاطر ، ولا يصح عليه شيء مما ذكر من حلّ تكته ونحو ذلك ، لأن العصمة مع النبوة ، وما روي من أنه قيل له : تكون في ديوان الأنبياء وتفعل فعل السفهاء ، فإنما معناه العدة بالنبوة فيما بعد . والهمّ بالشيء مرتبتان ، فالواحدة الاولى تجوز عليه مع النبوة ، والثانية الكبرى لا تقع إلا من غير نبي ، لأن استصحاب خاطر المعصية والتلذذ به معصية تكتب ، وقول النبي : ( إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به نفسها ما لم تنطق به أو تعمل ) ، معناه من الخواطر ، وأما استصحاب الخاطر فمحال أن يكون مباحًا ))( ) .
8. الثعالبي : يذكر رحمه الله رأيه في تفسير الآية ، ويفترض نبوة يوسف وعدمها في وقت تلك الحادثة ، رادًّا على تلك الروايات في الحالتين ، فيقول : (( والذي أقول به في هذه الآية : إن كون يوسف نبيًّا في وقت هذه النازلة لم يصح ولا تظاهرت به رواية ، وما ذكره الثعالبي فيه نظر ، لأن قوله تعالى : واوحينا اليه يدل على نبوته ، وذكر نفس الكلام الذي ذكره ابن عطية( ) ، إلا أنه قال : والهم بالشيء مرتبتان : فالخاطر المجرد دون استصحاب يجوز عليه ، ومع استصحاب لا يجوز عليه ، إذ الاجماع منعقد أن الهم بالمعصية واستصحاب التلذذ بها غير جائز ، ولا داخل في التجاوزات ، قال القاضي عياض : والصحيح إن شاء الله تنزيههم أيضًا قبل النبوة من كل عيب ، وعصمتهم من كل ما يوجب الريب ))( ) .
9. أبو السعود : بعد أن ذكر أمثلة من تلك الروايات ، ردَّ عليها وعلى من ذكرها ردًّا عنيفًا من غير تصريح باسم أحد منهم ، فقال بعبارات مقتضبة : (( وإن كل ذلك إلا خرافات وأباطيل تمجها الآذان ، وتردها العقول والأذهان ، وبل لمن لاكها ولفظها أو سمعها وصدقها ))( ) .
10. الآلوسي : بعد ذكره لأقوال كثير من العلماء ، وذكره لبعض تلك الروايات ، وفي معرض الرد عليها ينقل قولاً للطيبي رحمه الله فيقول : (( وقد ذكر الطيبي طيب الله ثراه بعد أن نقل ما حكاه محيي السنة عن بعض أهل الحقائق من أن الهمَّ همَّان :
الأول : همُّ ثابت ، وهو ما كان معه عزم وعقد ورضا ، مثل همِّ إمرأة العزيز .
الثاني : همُّ عارض ، وهو الخطرة وحديث النفس من غير اختيار ولا عزم ، مثل همِّ يوسف ، إن هذا التفسير هو الذي يجب أن نذهب إليه ونتخذه مذهبًا ، وإن نقل المفسرون ما نقلوا ، لأن متابعة النص القاطع وبراءة يوسف المعصوم عن تلك الرذيلة وإحالة التقصير على الرواة أولى بالمصير إليه ، على أن أساطين النقل المتقنين لم يرووا في ذلك شيئًا مرفوعًا في كتبهم ، وجلّ تلك الروايات بل كلها مأخوذ من مسألة أهل الكتاب ))( ) .
نعم قد صحح الحاكم بعضًا من تلك الروايات التي استند إليها ، من نسب تلك الشنيعة إليه ، لكن تصحيح الحاكم محكوم عليه بعدم الاعتبار عند ذوي الاعتبار )) .
ويفصح الآلوسي عن رأيه في تلك الروايات فيقول : (( وبالجملة لا ينبغي التعويل على ما شاع في الأخبار والعدول عمَّا ذهب إليه المحققون الأخيار ، إياك والهمّ بنسبة تلك الشنيعة إلى ذلك الجناب ، بعد أن كشف الله سبحانه عن بصر بصيرتك ، فرأيت برهان ربك بلا حجاب ))( ) .
هذا مجمل ما قاله المفسرون في نقد تلك الروايات التي نسبت إلى النبي يوسف مما يخدش بمقام النبوة ، ومن الواضح من مجموع كلامهم أنهم لا يعتقدون بصحتها ولا بنسبتها إلى أحد من السلف ، لأنها تتعارض مع عقيدة العصمة الثابتة للأنبياء عليهم السلام ، وكذلك لأن تلك الروايات تخالف ظاهر سياق الآيات للقصة المذكورة .
وإن الروايات التي ساقها الطبري تتعارض مع القرآن والعقل ، وإن جلّ هذه الروايات توجه الاتهام إلى نبي الله يوسف بأنه جلس بين شعبها الأربع ، وفي بعضها نزع ثيابه فهو بحسب ظاهرها توجه إلى يوسف أنه وقع في الحرام أو حام حوله ، وعليه فلا يمكن تصديق مثل هذه الروايات من الوقاحة التي تطعن عرض نبي معصوم ، فلا يمكن نقلها فضلاً عن التصديق بها ، وقد بينت ضعف إسناد الروايات المتقدمة ، وأما متنها فإن فيها من التناقض والكذب ما أشرنا إليه ، ولقد أصاب كبد الحقيقة ابن عاشور إذ قال : (( وبذلك يظهر أن يوسف لم يخالطه همّ بامرأة العزيز ، لأن الله عصمه من الهمِّ بالمعصية ، بما أراه من البرهان ))( ) . وقد فرق ابن عاشور بين همّها وهمّه في قوله : (( ولقد همت به جملة مستأنفة استئنافًا ابتدائيًّا ، والمقصود أنها كانت جادة فيما راودته لا مختبرة ، والمقصود من ذكر همِّها به التمهيد إلى ذكر انتفاء همه بها ، لبيان الفرق بين حاليهما في الدين ، فإنه معصوم ))( ) .
ومن الذين نقدوا متن هذه الروايات محمد رشيد رضا إذ يقول : (( ولم يستح بعضهم أن يروي أخبار اهتياجه وتهوكه فيه ووصف انهماكه واسرافه في تنفيذه وتهتك المرأة في تبذلها بين يديه ما لا يقع إلا من أوقح الفساق المسرفين ))( ) . ولئن كان عقلاء المفسرين أنكروا هذه الروايات الإسرائيلية ، إلا أنها تركت أسوء الآثار في أنفسهم ، مما جعل البعض يسلم بأن ( الهم ) من الجانبين كان بمعنى : العزم على الفاحشة .
ويمضي صاحب المنار في رد الروايات المكذوبة على نبي الله يوسف : ولا يغرنك إسناد تلك الروايات إلى بعض الصحابة والتابعين ، فلو لم يكن لنا من الأدلة على وضعها عليهم أو تصديقهم لقول بعض اليهود فيها ، إلا بطلان موضوعها في نفسه ، وكونه من علم الغيب في القصة التي لم يعلم رسول الله منها غير ما قصه الله تعالى عليه في هذه السورة ، كما صرح به في الآية( ) ، ثم ذكر عدة أدلة من القرآن والسنة لمعنى ( الهم ) منها :
1. حكى الله عن المنافقين أنهم هموا بما لم ينالوا [ سورة التوبة : 74 ] إذ حاولوا أن يشردوا به عند منصرفه من غزوة تبوك فلم ينالوا مرادهم .
2. حكى الله عن المشركين أنهم هموا بإخراج الرسول [ سورة التوبة : 13 ] من بلده مكة ، لكنهم لم يفعلوا ، لأنهم خافوا أن يستجيب له غيرهم من العرب فيقوى أمره .
3. في السنة أن النبي ( همَّ أن يأمر رجلاً يصلي بالناس ، ثم يأمر من يحرق على المتخلفين عن صلاة الجمعة بيوتهم ) ، لكنه امتنع ترجيحًا للمانع على المقتضي( ) . ثم ذكر في موضع آخر . وعليه فلا يصح تفسير ولقد همت به بهذا المعنى المتقدم من شواهد الكتاب والسنة إلا بما قررناه . وإن ما قاله الجمهور باطل لمخالفته له ، بل للغة القرآن وهدايته ، وإنما خدعتهم الروايات الباطلة ، واستدل صاحب المنار لقوله بما يأتي :
1. إن ( الهمّ ) لا يكون إلا بفعل لـ ( الهام ) ، والوقاع ليس من أفعال المرأة فتهم به ، وإنما نصيبها منه بقبوله ممن يطلبه منها بتمكينه منه .
2. إن يوسف لم يطلب من امرأة العزيز هذا الفعل ، فيسمي قبولها لطلبه ورضاها بتمكينه منه همًّا لها ، فإن نصوص الآيات قبل هذه الآية وبعدها تبرئه من ذلك بل من وسائله ومقدماته .
3. لو أن ذلك وقع لكان الواجب في التعبير أن يقال : ( ولقد هم بها وهمت به ) ، لأن الأول هو المقدم بالطبع والوضع هو الهم الحقيقي ، والهم الثاني متوقف عليه لا يتحقق بدونه .
4. إنه قد علم من القصة أن هذه المرأة كانت عازمة على ما طلبته طلبًا جازمًا مصرة عليه ، ليس عندها أدنى تردد فيه ، ولا مانع منه يعارض المقتضي له ، فأذن لا يصح أن يقال : إنها همت به مطلقًا( ) .
وينفي أبو عبيد القاسم بن سلام ما نسبه الرواة إلى ابن عباس بقوله : (( وابن عباس ومن دونه لا يختلفون في أنه همّ بها ، وهم أعلم بالله وبتأويل كتابه ، وأشد تعظيمًا للأنبياء من أن يتكلموا فيهم بغير علم ))( ) .
وكما أن المفسر القرطبي يرد تلك الروايات التي نسبت الهم المحرم إلى يوسف عند تفسيره لقوله : ولما بلغ اشده أتيناه حكماً وعلماً [ سورة يوسف : 33 ] بقوله : (( على ما تقدم بيانه وخبر الله صدق ، ووصفه صحيح وكلامه حق ، فقد عمل يوسف بما عمله الله من تحريم الزنى ، ومقدماته ، وخيانة السيد والجار والأجنبي في أهله ، فما تعرض لامرأة العزيز ، ولا أجاب إلى المراودة بل أدبر عنها وفرَّ منها ، حكمة خُص بها وعملاً بمقتضى ما عمله الله )) ( ).
وبهذا ظهر زيف الروايات التي تعلق بها الواحدي وغيره من المفسرين الذين نقلوا الأخبار المكذوبة على ابن عباس وغيره من التابعين في نسبة الفعل المحرم إلى نبي عصمه الله من كل سوء .
وينكر المرحوم سيد قطب على المفسرين الروايات التي ساقوها في تفاسيرهم لقوله : وهمت به وهم بها وعدَّها من الإسرائيليات بقوله : (( فأما الذين ساروا وراء الإسرائيليات فقد رووا أساطير كثيرة يصورون فيها يوسف هائج الغريزة مندفعًا شقيًّا ، والله يدافعه ببراهين كثيرة فلا يندفع ))( ) .
ويرجح سيد قطب أن همَّ يوسف بأنه حديث النفس ، وذلك لما تعرض له من صراع داخلي بين المقاومة والضعف ، ثم الاعتصام بالله في النهاية والنجاة( ) . وهذا معناه أنه لم يحصل الفعل منه بالذي صوره أغلب المفسرين القدامى ، وهو تصوير بشع لا يليق مع مقام هذا النبي الثابت على عقيدته والملتزم بعفته وطهارته ، وفي النهاية نستطيع أن نقول في هذه الاية : ولقد همت به وهم بها أنها تدل على أنه لديه شهوة ولكن الله عصمه بالنبوة فلم يهم بها ، وهمت به بغريزتها ولم يهم بها لغريزته ، وذلك لوجود البرهان ، والبرهان هنا يمكن أن يكون النبوة على ما ذهب إليه جعفر الصادق ، وهو تفسير له وجاهته وعليه حشمة ووقار ، وهو الذي يوافق ما دلَّ عليه الفعل من عصمة الأنبياء( ) .
الخاتمة
وبعد هذه الجولة المباركة في كنوز العلم والمعرفة والوقوف على كلام أهل التأويل في هذه الآية التي عقدنا البحث عنها ، والتي شكلت اهتمام المفسرين قديمًا ، وكما شغلتهم حديثًا نصل إلى أهم النتائج في ذلك منها ما يأتي :
أولاً : إن الكثرة الكاثرة من المفسرين القدامى قد سودوا صفحات تفاسيرهم بما يخدش مقام النبوة ، ونسبوا إليه أفظع فعل يتنزه عنه أفسق الناس .
ثانياً : إن أغلب الروايات التي اعتمدوا عليها وعدوها رأياً للمفسرين من السلف وجمهورهم ، ما هي بالحقيقة إلا روايات مكذوبة أو ضعيفة ، إذ لا نكاد نقع على سند واحد منها صحيح ، وأن متونها هي الأخرى لم تسلم من النقد أو الطعن .
ثالثًا : إن أكثر المحققين من المفسرين واللغويين ردوا علىهذه الروايات وفندوها ، أمثال الزمخشري وابن عطية وابن العربي والرازي وأبو حيان الأندلسي والقرطبي والآلوسي وأبي السعود ومحمد رشيد رضا ، ومن المحدثين ابن عاشور وسيد قطب وغيرهم .
رابعًا : إن هذه الروايات واضح فيها الأثر اليهودي ، وتشم منها رائحة الأخبار الإسرائيلية المكذوبة والمفتعلة على الصحابة والتابعين ، لأن ثقتنا بالصحابة ـ وهم أعلم الناس بمقام الأنبياء ـ أن لا يتكلموا بمثل هذه الروايات التي تنسب فعل قبيح إلى نبي صديق مخلص لدينه بشهادة رب العالمين ، وقد دل القرآن على كذب تلك الروايات فلا مجال لتصديقها .
خامسًا : إن القرآن الكريم بمنطوقه ومفهومه وهديه دل على كذب هذه الروايات ، وإن الله جعل نبيه يوسف الصديق قدوة في العفة والطهارة ، وأثنى عليه في غير موضع من القصة التي قصها علينا ، إلا أن الذين أُغرموا بالإسرائيليات جعلوه قدوة للعالمين في الجلوس بين شعب النساء وحل السروال وهذا ينفي عنه العصمة .
سادسًا : إن القول الراجح من رأي المفسرين أن ( الهم ) لم يحصل أصلاً ، وهو معصوم من كل ما سوّد به المفسرون صفحة دعوته البيضاء الى الله بشهادة رب العالمين وكل من له تعلق بالقصة ، فهو من عباد الله المخلصين ، وبذلك تسقط أقوال الواحدي والطبري وغيره ، فيما نسبوا إلى نبي يوسف الصديق من الفعل القبيح الذي لا يليق بآحاد الناس ، فضلاً عن نبي عصمه الله تعالى من كل الدنايا وأثنى عليه ، بمحكم التنزيل إنه من عبادنا المخلصين .
سابعًا : ينبغي على أهل العلم تنقية هذه التفاسير من تلك الأكاذيب والخرافات والبشاعات عن أنبياء الله تعالى ، والتنبيه عليها في طبعات لاحقة لهذه التفاسير ، فإن وجودها يضع الشك لدى العامة والخاصة بمقام الأنبياء أجمعين . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
وأرجو أن أكون قد قمت بواجبي تجاه نبي صبر لما تعرض إليه من فتنة قلَّ من يتعرض لمثلها ، لولا أن ربط الله على قلبه ، ليكون قدوة للعالمين في الابتلاء والثبات على أمر الله .
هوامش البحث
) ينظر : تفسير المنار ـ محمد رشيد رضا 12 / 278 ، ( والكلمة لأينة الخص ) اعتذرت بها عن نفسها بعد أن فتنت ، فقيل لها : لِمَ … وأنت سيدة قومك ؟ فقالتها فأرسلتها مثلاً .
( ) التفسير الكبير ـ للإمام الرازي 18 / 117 .
( ) ينظر : نظرات في تفسير آيات القرآن الكريم ـ د . محسن عبد الحميد 129 .
( ) أي في قوله : لولا أن رأى برهان ربه .
( ) لسان العرب ـ لبن منظور الأفريقي 6 / 4703 .
( ) ينظر : زاد المسير في علم التفسير ـ لابن الجوزي 4 / 203 .
( ) المصدر نفسه 4 / 204 .
( ) الكشاف ـ للزمخشري 2 / 356 .
( ) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ـ أبو عبد الله القرطبي 9 / 166 ، ولسان العرب 6 / 4703 .
( ) ينظر : الصحاح ـ للجوهري 5 / 2061 .
( ) أخرجه مسلم في صحيحه بشرح النووي 2 / 147 ـ 148 .
( ) تفسير المنار ـ لمحمد رشيد رضا 12 / 284 .
( ) زاد المسير في علم التفسير ـ لابن الجوزي 4 / 204 .
( ) ينظر : جامع البيان في تفسير آي القرآن 16 / 38 .
( ) المصدر نفسه 16 / 35 ـ 38 .
( ) ينظر : زاد المسير في علم التفسير ـ لابن الجوزي 4 / 205 .
( ) المصدر نفسه 4 / 206 .
( ) المصدر نفسه 4 / 206 .
( ) تفسير الطبري 16 / 39 .
( ) ينظر : زاد المسير في علم التفسير ـ لابن الجوزي 4 / 207 .
( ) المصدر نفسه 4 / 207 .
( ) ينظر : تفسير الطبري 16 / 38 ـ 39 .
( ) ينظر : زاد المسير في علم التفسير ـ لابن الجوزي 4 / 203 ، والفخر الرازي 18 / 121 ـ 122 ، وفتح الفدير ـ للشوكاني 3 / 17 .
( ) ينظر : البحر المحيط ـ لأبي حيان الأندلسي 5 / 295 .
( ) تفسير الطبري 16 / 38 .
( ) المصدر نفسه 16 / 38 ـ 39 .
( ) المصدر نفسه 16 / 38 .
( ) المصدر نفسه 16 / 39 .
( ) المصدر نفسه 16 / 39 .
( ) ينظر : تفسير الرازي 18 / 123 .
( ) ينظر : التحرير والتنوير ـ لابن عاشور 12 / 47 .
( ) ينظر : تفسير الرازي 18 / 123 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 18 / 122 ـ 123 .
( ) المصدر نفسه 18 / 122 .
( ) حاشية القونوي على تفسير البيضاوي 10 / 293 .
( ) سنفرد لتفسير ( البرهان ) بحثًا مستقلاً إن شاء الله .
( ) ينظر : زاد المسير في علم التفسير ـ لابن الجوزي 4 / 204 .
( ) ينظر : تفسير الرازي 18 / 120 .
( ) ينظر : البحر المحيط ـ لأبي حيان الأندلسي 5 / 295 .
( ) المصدر نفسه 5 / 295 .
( ) تفسير الطبري 16 / 33 ـ 39 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب ـ لابن حجر العسقلاني 4 / 109 ـ 110 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 7 / 87 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 1 / 185 ـ 186 ، وميزان الاعتدال ـ للذهبي 1 / 175 .
( ) ينظر : التاريخ الكبير ـ للبخاري 2 / 1 / 53 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب ـ لابن حجر العسقلاني 1 / 314 .
( ) ينظر : الاتقان ـ للسيوطي 2 / 188 ـ 189 ، والاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ـ محمد أبو شهبة 214 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب ـ لابن حجر العسقلاني 9 / 111 ـ 115 .
( ) ينظر : تقريب التهذيب 2 / 156 ، والتهذيب 9 / 112 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب ـ لابن حجر العسقلاني 4 / 135 ـ 139 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 9 / 34 ـ 38 ، والتقريب ـ لابن حجر 2 / 144 ، وميزان الاعتدال ـ للذهبي 3 / 475 .
( ) ينظر : المصدران نفسهما 9 / 342 ، 2 / 197 .
( ) ينظر : حاشية الطبري ـ لأحمد محمد شاكر 1 / 174 .
( ) تهذيب التهذيب ـ لابن حجر 10 / 310 .
( ) ينظر : ميزان الاعتدال ـ للذهبي 2 / 171 ، وتهذيب التهذيب 4 / 106 .
( ) ينظر : تقريب التهذيب ـ لابن حجر 1 / 312 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 7 / 111 ، وتقريب التهذيب 2 / 9 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 5 / 268 ، وتذكرة الحفاظ ـ للذهبي 1 / 101 .
( ) المصدر نفسه 7 / 52 .
( ) ينظر : سؤلات أبي عبد الرحمن السلمي للدار القطني 190 .
( ) ينظر : اللباب في تهذيب الأنساب ـ لابن الأثير 1 / 364 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 3 / 334 ، وتقريب التهذيب 1 / 270 .
( ) ينظر : المصدران نفسهما 8 / 70 ، 2 / 75 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 2 / 252 ، وتقريب التهذيب 1 / 170 ، والجرح والتعديل ، لابن أبي حاتم 3 / 36 .
( ) ينظر : حاشية أحمد صالح محايري على تفسير ابن عيينة 168 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 6 / 77 ، والتقريب 1 / 462 ، والجرح والتعديل 5 / 201 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 9 / 12 ـ 13 ، وميزان الاعتدال 3 / 647 .
( ) المصدر نفسه 6 / 359 ـ 360 ، والتقريب ، لابن حجر 1 / 530 .
( ) المصدر نفسه 6 / 359 .
( ) ينظر : الاتقان ـ للسيوطي 2 / 188 ، والاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ـ محمد أبو شهبة 148 .
( ) ينظر : ميزان الاعتدال ـ الذهبي 3 / 359 .
( ) ينظر : التهذيب 11 / 268 ، والتقريب 2 / 361 .
( ) ينظر : حاشية محمود محمد شاكر على تفسير الطبري 1 / 176 .
( ) ينظر : التهذيب 8 / 313 ، والتقريب 2 / 122 .
( ) ينظر : المصدر السابق 4 / 99 ـ 104 .
( ) ينظر : المصدر السابق 1 / 192 ، وميزان الاعتدال 1 / 183 .
( ) ينظر : المصدر السابق نفسه 11 / 193 ـ 194 ، والتقريب 2 / 348 .
( ) ينظر : ميزان الاعتدال 4 / 335 ، والتهذيب 11 / 109 ـ 114 ، والتقريب 2 / 331 .
( ) ينظر : التهذيب ، لابن حجر 11 / 367 ، والتقريب 2 / 216 .
( ) الاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير 310 .
( ) ينظر : التهذيب 9 / 28 ، والتقريب 2 / 143 .
( ) ينظر : التهذيب ، لابن حجر 4 / 195 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 10 / 40 ، والتقريب 2 / 229 .
( ) ينظر : المصدران أنفسهما 10 / 16 ، 2 / 225 ، وميزان الاعتدال 3 / 426 .
( ) ينظر : طبقات ابن سعد 5 / 467 .
( ) ينظر : التهذيب 9 / 257 ، والتقريب 2 / 182 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 9 / 76 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 10 / 219 ، والتقريب لابن حجر 2 / 266 .
( ) ينظر : المصدران أنفسهما 6 / 55 ، 1 / 456 .
( ) ينظر : جامع التحصيل ـ للعلائي 218 .
( ) ينظر : التهذيب 6 / 54 .
( ) ينظر : تفسير سورة الاخلاص ـ لابن تيمية 930 .
( ) ينظر : التهذيب 10 / 329 ـ 330 ، وميزان الاعتدال 4 / 221 ، والتقريب 2 / 288 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 4 / 68 ، والتقريب 1 / 346 .
( ) المصدران أنفسهما 8 / 278 ، 2 / 115 .
( ) ينظر : المصدران أنفسهما 2 / 180 ، 1 / 154 ، والميزان للذهبي 1 / 464 .
( ) ينظر : المصدران أنفسهما 11 / 213 ، 2 / 352 ، وميزان الاعتدال 4 / 392 .
( ) ينظر : المصادر أنفسها 7 / 252 ، 2 / 32 ، 3 / 115 .
( ) ينظر : التهذيب 4 / 11 ـ 12 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 7 / 234 ـ 241 .
( ) ينظر : احوال الرجال ، للجوزجاني 92 .
( ) ينظر : التقريب 1 / 351 ، والتهذيب 4 / 296 .
( ) ينظر : التهذيب 2 / 43 ، والتقريب 1 / 143 .
( ) ينظر : ميزان الاعتدال 1 / 442 .
( ) ينظر : حاشية محمود محمد شاكر 16 / 526 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 6 / 294 ـ 295 .
( ) ينظر : حاشية محمود محمد شاكر على الطبري 16 / 526 .
( )ينظر : تهذيب التهذيب 8 / 350 ـ 353 .
( ) ينظر : التهذيب لابن حجر 7 / 116 .
( ) حاشية أحمد محمد شاكر على الطبري 7 / 387 .
( ) الجرح والتعديل ـ لأبي حاتم 3 / 4 ، وفهرس الاعلام لتاريخ الطبري 10 / 224 .
( ) ينظر : المنتظم في تاريخ الملوك والامم ـ لابن الجوزي 5 / 44 ، والبداية والنهاية ـ لابن كثير 11 / 6 ، والجرح والتعديل ـ لابن أبي حاتم 3 / 44 ، وترتيب الثقات لابن حيان 8 / 180 .
( ) ينظر : تهذيب التهذيب 6 / 278 ، والتقريب لابن حجر 1 / 504 .
( ) ينظر : تفسير البغوي 3 / 223 .
( ) تفسير الرازي 18 / 118 ، وتفسير الخازن 3 / 423 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 18 / 118 .
( ) ينظر : تفسير الخازن 3 / 225 ، وتفسير الرازي 18 / 119 .
( ) تفسير الرازي 18 / 119 ، وينظر : تفسير الخازن 3 / 225 .
( ) الاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير لابي شهبة 308 .
( ) ما اشار اليه الزمخشري من نزول جبريل عليه السلام ولم يذكره الطبري في مروياته .
( ) تفسير الزمخشري 2 / 312 .
( ) احكام القرآن ـ لابن العربي 1 / 439 .
( ) زاد المسير في علم التفسير 4 / 205 .
( ) تفسير الرازي 18 / 118 .
( ) المصدر نفسه 18 / 122 .
( ) تفسير النسفي 2 / 184 .
( ) البحر المحيط ـ لأبي حيان الاندلسي 5 / 295 .
( ) ابن عطية 3 / 34 ، والحديث اخرجه مسلم في صحيحه 2 / 147 .
( ) ينظر : تفسير القرطبي 9 / 168 .
( ) الجواهر الحسان في تفسير القرآن ـ الثعالبي 2 / 231 .
( ) ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم 4 / 67 .
( ) روح المعاني ـ للالوسي 12 / 215 .
( ) المصدر نفسه 12 / 216 .
( ) التحرير والتنوير ـ لابن عاشور 12 / 47 ـ 48 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 12 / 47 .
( ) تفسير المنار ـ محمد رشيد رضا 12 / 280 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 12 / 284 .
( ) المصدر نفسه 12 / 285 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 12 / 286 .
( ) الجامع لاحكام القرآن ـ القرطبي 9 / 167 .
( ) ينظر : المصدر نفسه 9 / 167 .
( ) في ظلال القرآن ـ سيد قطب 12 / 711 .
( ) المصدر نفسه 12 / 711 .
( ) ينظر : الاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير 337 .
مصادر البحث ومراجعه
ـ القرآن الكريم
1. الإتقان في علوم القرآن ـ للحافظ جلال الدين السيوطي ( ت 911 هـ ) ـ دار الندوة الجديدة ـ بيروت ـ لبنان .
2. إرشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم ـ قاضي القضاة الامام ابو السعود محمد بن محمد العمادي ( ت 951 هـ ) ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت .
3. احكام القرآن ـ لأبي بكر محمد بن عبد الله المعروف بأبن العربي ـ تحقيق : علي محمد البجاوي ـ مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه ـ الطبعة الثانية ـ 1968م .
4. احوال الرجال ـ لأبي اسحاق ابراهيم بن يعقوب الجوزجاني ( ت 259 هـ ) ـ تحقيق : السيد صبحي البدري السامرائي ـ مؤسسة الرسالة ـ الطبعة الاولى ـ 1985 .
5. الاسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير ـ محمد بن محمد ابو شهبة ـ الهيئة العامة للشؤون المطابع الاميرية ـ القاهرة سنة 1973 .
6. البحر المحيط ـ محمد بن يوسف الشهير ( بأبي حيان ) الاندلسي الغرناطي ( ت 754 هـ ) ـ دار الفكر ـ بيروت ـ الطبعة الثانية 1978 م .
7. البداية والنهاية ـ للحافظ أبي النداء ابن كثير ـ مكتبة المعارف ـ بيروت ـ لبنان سنة 1988 م .
8. التاريخ الكبير ـ لأبي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري ـ مكتبة دار التراث بالقاهرة ـ الطبعة الاولى .
9. التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور التنوسي ـ الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور ـ مؤسسة التاريخ ـ الطبعة الاولى ـ سنة 2000 .
10. تذكرة الحفاظ ـ للحافظ ابو عبد الله شمس الدين الذهبي ( ت 748 هـ ) ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان .
11. ترتيب ثقات ابن حيان ـ لنور الدين الهيثمي ـ مخطوط ـ دار الكتب المصرية.
12. تفسير البغوي المسمى ( بمعالم التنزيل ) ـ أبي محمد الحسين بن الفراء البغوي ( ت 516 هـ ) ـ المكتبة التجارية الكبرى بمصر .
13. تفسير الخازن المسمى ( بلباب التأويل في معاني التنزيل ) ـ علاء الدين علي بن محمد بن ابراهيم البغدادي الصوفي المعروف بالخازن ـ المكتبة التجارية الكبرى بمصر .
14. التفسير الكبير ومفاتيح الغيب المشهور ( بتفسير الفخر الرازي ) ـ للامام محمد الرازي فخر الدين ابن العلامة ضياء الدين عمر المشتهر بخطيب الريّ ( ت 604هـ ) ـ دار الفكر بيروت ـ الطبعة الثالثة 1985 .
15. تفسير المنار ـ محمد رشيد رضا ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ لبنان ـ الطبعة الثانية .
16. تفسير النسفي المسمى ( مدارك التنزيل وحقائق التأويل ) ـ ابو البركات عبد الله بن احمد بن محمود ( ت 710 هـ ) تحقيق : صفوان عدنان داوودي ـ دار القلم ـ بيروت ـ الطبعة الاولى 1415 هـ .
17. تفسير سورة الاخلاص ـ لأبي العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم المعروف بابن تيمية الحراني ـ طبع بالمطبعة الحسينية سنة 1323 م .
18. تقريب التهذيب ـ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ ) المكتبة العلمية بالمدينة المنورة .
19. تهذيب التهذيب ـ للحافظ شهاب الدين احمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ ) ـ دار الفكر ـ بيروت .
20. جامع البيان من تأويل أي القرآن ـ لابي جعفر محمد بن جرير الطبري ( ت 310 هـ ) ـ تحقيق : محمود محمد شاكر ـ دار المعارف بمصر .
21. جامع التحصيل في احكام المراسيل ـ للحافظ صلاح الدين ابي سعيد بن خليل العلائي ـ حققه حمدي عبد المجيد السلفي ـ عالم الكتب ـ مكتبة النهضة العربية 1986 .
22. الجامع لاحكام القرآن ـ لابي عبد الله محمد بن احمد الأنصاري القرطبي ـ دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ـ القاهرة 1967 .
23. الجرح والتعديل ـ للامام الحافظ شيخ الاسلام أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان .
24. الجواهر الحسان في تفسير القرآن ـ عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الملقب بالثعالبي ( ت 875 هـ ) ـ مؤسسة الاعلمي للمطبوعات ـ بيروت .
25. حاشية احمد صالح محايري على تفسير ابن عيينة المطبوعة ضمن تفسير ابن عيينة ـ المكتب الاسلامي ـ الطبعة الاولى سنة 1983 م .
26. حاشية احمد ومحمود ومحمد شاكر على تفسير الطبري المطبوعة ضمن تفسير الطبري ـ دار المعارف بمصر .
27. حاشية القونوي على تفسير البيضاوي ـ عصام الدين اسماعيل بن محمد الحنفي ( ت 1195 هـ ) ـ دار الكتب العلمية بيروت ـ لبنان ـ الطبعة الاولى ـ 2001 م .
28. روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني ـ العلامة ابو الفضل شهاب الدين السيد محمود الالوسي البغدادي ( ت 1270 هـ ) ـ دار الفكر بيروت .
29. زاد المسير في علم التفسير ـ لأبي الفرج عبد الرحمن بن محمد الجوزي ( ت 597 هـ ) ـ المكتب الاسلامي للطباعة والنشر ـ الطبعة الاولى ـ سنة 1965 م .
30. سؤلات أبي عبد الرحمن السلمي ـ للدارقطني في الجرح والتعديل ـ تحقيق : د . سليمان اتش ـ دار العلوم للطباعة والنشر سنة 1988 م .
31. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية ـ اسماعيل بن حماد الجوهري ـ تحقيق : احمد عبد الغفور عطار ـ دار العلم للملايين بيروت ـ الطبعة الثانية 1979 م .
32. صحيح مسلم بشرح الامام النووي ـ للامام مسلم بن الحجاج ـ دار الفكر سنة 1969 م .
33. الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ دار صادر للطباعة والنشر ـ بيروت ـ سنة 1957 م .
34. فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ـ محمد بن علي بن محمد الشوكاني ( ت 1250هـ ) دار ابن كثير دمشق ـ بيروت ـ الطبعة الثانية سنة 1980 م .
35. فهرس الاعلام لتاريخ الطبري المطبوع ضمن تاريخ الرسل والملوك ـ لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري ـ تحقيق : ابو الفضل ابراهيم ـ دار المعارف ـ القاهرة .
36. في ظلال القرآن ـ سيد قطب ـ مطبعة دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ لبنان ـ الطبعة الخامسة ـ سنة 1967 م .
37. الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الاقاويل في وجوه التأويل ـ ابو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري ( ت 538 هـ ) ـ دار المعرفة بيروت .
38. اللباب في تهذيب الانساب ـ عز الدين بن الاثير الجزري ـ دار صادر بيروت ـ الطبعة الاولى ـ سنة 1972 م .
39. لسان العرب ـ جمال الدين ابو الفضل محمد بن مكرم بن علي بن احمد بن منظور (ت 711 هـ) ـ تحقيق : عبد الله علي الكبير ـ دار المعارف ـ القاهرة.
40. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ـ لأبي محمد عبد الحق بن غالب بن عطية ( ت 546 هـ ) ـ تحقيق : عبد السلام عبد الشافي محمد ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ط1 / 2001 م .
41. مقدمة تفسير عبد الرزاق الصنعاني ـ د . عبد المعطي امين قلعجي ـ دار المعرفة بيروت ـ لبنان ـ الطبعة الاولى ـ 1991 م .
42. المنتظم في تاريخ الملوك والامم ـ لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ـ الدار الوطنية بغداد 1990 م .
43. ميزان الاعتدال في نقد الرجال ـ شمس الدين الذهبي ـ تحقيق : علي محمد البجاوي ـ مطبعة دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي ـ الطبعة الاولى سنة 1382 هـ .
44. نظرات في تفسير آيات من القرآن الكريم ـ د . محسن عبد الحميد ـ دار الانبار ـ بغداد ـ شارع المتنبي ـ 1997 م .