رضا الله عن العبد في القرآن الكريم

إنضم
16/02/2013
المشاركات
8
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
soundcloud.com
بسم1
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:​
كنت قد عزمت على البدء في كتابة بحث بعنوان: (رضى الله عن العبد في القرآن الكريم –دراسة موضوعية-)، وعند البحث عن الدراسات السابقة وجدته قد بُحث ضمن بحث قُدم في جامعة الإيمان باليمن بعنوان: الرضا في القرآن الكريم -تفسير موضوعي- وكان بحثا تكميليا لنيل درجة الماجستير للباحثة: حنان أحمد محمد الجبلي، ووجدت في موقع الجامعة خطة البحث والخاتمة أنقل بعضها للفائدة، وجزى الله الباحثة خير الجزاء على هذا الجهد المبارك:

-بلغت الآيات المتعلقة بالرضا في القرآن الكريم 54 آية في 73 موضع، ذكر منها كتاب نظرة النعيم 47 آية في 53 موضع.

-أن للرضا تصريفات لغوية كثيرة وهي مجتمعة تزيد المعنى ثراءً ووضوحاً، فالرضا ضد السخط، وإذا تعدى (رضيت به) كان بمعنى الرضا بالشيء والرضا عنه، وإذا كان على وزن تفاعل (تراضٍ) كان لاشتراك الرضا بين طرفين، وإذا جاء بصيغة المبالغة (رضوان) دل على كثير الرضا.

-الرضا صفة ثابتة في حق الله سبحانه على الحقيقة، وإن إنكارها أو تأويلها نوع من الانحراف العقدي والجهل اللغوي فهو تعالى يرضى رضًا يليق بجلال وجهه لا يشبه رضا المخلوقين فالمؤمن يثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله بلا تأويل ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تشبيه.

-الرضا قسمان: رضا من العبد بالله، ورضا من الله عن العبد، وقد بين سبحانه أعمالًا يرضاها عن العبد كالإسلام والاستجابة للرسول –صلى الله عليه وسلم- والبراءة من الكفار، وطلب مرضاة الله -عز وجل- ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصدق، وغيرها ، وأما رضا العبد بالله أن يرضى به ربًا ويرضى بشرعه وحكمه.

-من الأعمال ما تكون سببًا في رضا الله كالإيمان بالله وبذل النفس في سبيله والاستغفار والمسابقة بالخير.

-من الأعمال مالا يرضاها الله عز وجل كالكفر والفسق والمجاملة في الدين وقول الزور والقعود عن الجهاد.

-الرضا خلق متعلق بالعقائد، والعبادات، والمعاملات، فهناك إثبات الرضا الله والرضا بالقضاء والقدر، وبذل النفس في سبيله، والتراضي في عقود البيع والشراء، وكافة المعاملات البشرية، كرجوع المطلقة رجعيًا لزوجها، وفطام الطفل وغيره.

-من الرضا ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم، فالمحمود كرضا الله عن العبد والرضا بما قسم الله والرسول –صلى الله عليه وسلم- والرضا عن العمل الصالح ، والرضا المذموم كالرضا بالقعود عن الجهاد ،والرضا بالدنيا، والرضا عن المنافقين ،والرضا مقابل الأخذ من الصدقات ، والرضا بالابتداع في الدين.

-أن موضوع الرضا عقدي لا يُكتفى فيه بكتب التفسير فقط. (انتهت خاتمة البحث).

وختاما حاولت جمع أصناف العباد الذين رضي الله عنهم في القرآن وهم:

-المتقون. { قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 15].

-الصادقون. {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [المائدة: 119].

-المؤمنون والمهاجرون والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم. {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ} [التوبة: 21].

-المؤمنون والمؤمنات الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر المقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة. {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [التوبة: 72].

-المهاجرون والأنصار. {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100]، وأصحاب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عموما خير القرون زكاهم الله ظاهرا وباطنا. (تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا).

-من لجأ وفر إلى الله –عزوجل- واستجاب لأوامره. { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84] فموسى –عليه السلام- ذهب لميعاد ربه شوقًا لمناجاة الله، فهو نبي يعلم أن تلك العجلة ترضي الله -عزوجل-، فهذا موضع للعجلة لا يُذم.

-من شكر الله -عزوجل- فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: 7].

-أصحاب بيعة الرضوان من الصحابة الكرام. {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18].
ومن هنا نعلم يقينا أن من أعظم أسباب النصر والتمكين هو رضى الله –عزوجل- عن عباده.

-المؤمنون الذين لا يوالون أعداء الله ورسوله مهما بلغت قرابتهم. {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22].

-النفس المطمئنة الآمنة من العذاب (نفس المؤمن عند الوفاة وقبض الروح). {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 27، 28].

-الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وصفهم الله بأنهم خير البرية. {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: 8].

ورضى الله عن العبد منزلة عظيمة لا تحتاج إلى مزيد علم ومواعظ وخطب بقدر ما تحتاج إلى إخلاص ويقين وقلب صادق بتوفيق من الله ورحمة يهيئ الله للعبد وسائل تعينه لبلوغ هذه المنزلة العظيمة، فكلنا يستطيع ذلك متى ما استشعرنا ذلك الفضل، وأبواب رضى الله كثيرة وعلى سبيل المثال هذا الحديث الصحيح الذي يعرفه معظمنا : عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله ليَرضى عن العبد أن يأكل الأَكلة، فيَحمده عليها، أو يشرب الشَّربة، فيحمده عليها))؛ رواه مسلم. فكم مرة نشرب أو نأكل في اليوم ونحمد الله بعد كل شراب وطعام مستشعرين هذا الفضل العظيم؟!

أسأل الله العلي العظيم أن يجعلنا ممن رضي واستسلم وانقاد لأمره، وما قدره وكتبه، وأن يرضى عنا، ويتجاوز عن تقصيرنا، وأن يجعل ما تعلمناه حجة لنا لا علينا.
اللهم آمين.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
عودة
أعلى