رسم المصحف من خلال ثلاثة مواقف متباينة

إنضم
05/10/2007
المشاركات
146
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
مراكش- المغرب
بسم الله الرحمن الرحيم
يطلق رسم الصحف فيراد به :"أوضاع حروف القرآن في المصحف ورسومه " مما ارتضاه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانتهى إلينا على الصورة المعروفة للمصحف التي ترجع في أصلها الى عهد النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ، ثم جمع المسلمين عليها من بعده الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وإذا كان رسم المصحف قد جاء مخالفا في بعض رسومه لما تواضع عليه علماء اللغة العربية من قواعد الهجاء والإملاء مستقلا بنفسه وفق قواعد حصرها علماء الرسم ، فإن ذلك لم يمنع من اختلاف العلماء قديما وحديثا حول مدى الالتزام بالرسم القرآني أو عدمه ، وراح كل فريق يدافع عن اختياره الذي ارتضاه ملتمسا له كل ما يستطيعه من أدلة وبراهين مما لايتسع له مثل هذا الموجز وحسبي هنا - أن أختصر المسافة عبر أيسر الطرق وأقربها الى الهدف المنشود وذلك من خلال ثلاثة مواقف متباينة واحد يقول إن رسم المصحف توقيف و آخر يقول :رسم المصحف اصطلاح وثالث يقول بالتوفيق بين المذهبين.
يتبع..
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
حياك الله أخانا الكريم وأهلا بك في الملتقى فقد لحظت أن هذه مشاركتكم الأولى فيه
وبانتظار تتمة الكلام
 
رسم المصحف توقيف

رسم المصحف توقيف

مذهب "الجمهور " أن رسم الصحف توقيفي ، ولهم على ذلك حجج وأدلة منها :
1- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له كتاب يكتبون الوحي ، وقد كتبوا القرآن كله بهذا الرسم وأقرهم عليذلك ومن حاول العبث منهم فضحه الوحي كما معلوم
2- أن كتابة القرآن على الهيئة المعروفة سر من الأسرار خص الله به كتابه الحكيم دون ساءر الكتب السماوية فهي أمور لاتدرك إلا بالفتح الرباني
3- ان الخليفة الراشد الأول أبا بكر الصديق رضي الله عنه كتب القرآن بهذا الرسم في صحف بإشراك الصحابة ورضاهم ، ولم يخالف في ذلك أحد منهم ، ثم حذا حذوه في ذلك عثمان رضي الله عنه في خلافته على ملإ من الصحابة وبرضاهم أيضا ، وسار من جاء بعدهم على منوالهم من جاء بعدهم من التابعين وتابعيهم دون أن يخالفوهم في شئ من ذلك
وحيث إن الإجماع قد انعقد على تلك الرسوم ، فلا يجوز العدول عنها إلى غيرها لأن الإجماع حجة كما هو مقرر في علم الأصول
 
رسم المصحف اصطلاح

رسم المصحف اصطلاح

ذهب عدد غير قليل من العلماء إلى أن رسم المصحف اصطلاحي ولا مانع من مخالفته وممن قال بذلك من كبار العلماء القاضي أبو بكر الباقلاني في الانتصار والإمام ابن تيمية في الفتاوي والعلامة بن خلدون في مقدمته
أما القاضي الباقلاني فيرى أن الكتابة لم يفرض الله على الأمة فيها شيء وأن الخطوط إنما هي علامات ورسوم تجري مجرى الإشارات والعقود والرموز فكل رسم دال على الكلمة مفيد لوجه قراءتها تجب صحته وتصويب الكتابة على أي صورة كانت .
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية الى أن اتباع رسم المصحف لا يجب عند أحد من المسلمين ومن ثم فإنه يجوز للمرء كتابة ألفاظ المصحف بالخط الذي اعتاده ، لكن متابعة خط المصحف أحسن
أما العلامة ابن خلدون فذهب الى أن الخط العربي لأول الإسلام كان غير بالغ إلى الغاية من الإحكام لمكان العرب من البداوة والتوحش وبعدهم عن الصنائع ومن ثم خالفت خطوط الصحابة في رسم المصحف ما اقتضته رسوم صناعة الخط عند أهله
وممن دعا إلى التخلي عن رسم المصحف من المعاصرين رجاء النقاش الذي كتب في أحد أعداد مجلة الهلال التي كان رئيس تحريرها إذ ذاك تحت عنوان "حرروا القرآن من هذه القيود " :"إن من واجبنا و لا شك أن نحتفظ بالمصحف القديم بخطه المعروف فذلك أثر عزيز من آثارنا لا يجوز أن نهمل في المحافظة عليه ولكن يجب أن تكون لدينا {الشجاعة الدينية } الكافية لكي نطبع مصحفا خاليا من هذه الحروف التي تجعل قراءته صعبة بل ومستحيلة إلا عند المتخصصين .."
 
موقف توفيقي بين المذهبين

موقف توفيقي بين المذهبين

يرى أصحاب هذا الموقف الثالث أن التوفيق بين المذهبين السالفين أسلم وأنجع مثل قول العز بن عبد السلام :إن المحافظة على الرسم العثماني باعتباه أثرا من آثاره النفيسةالموروثة عن السلف الصالح أمر واجب على أن يبقى ذلك في أيدي العارفين ،أما عامة الناس فيجب أن يكتب لهم المصحف على الاصطلاحات الشائعة عندهم
وبعد فهذه بإيجاز أبرز المواقف من مسألة رسم المصحف ومن يتتبع أقوال كل فريق سيجد نفسه حائرا بينها أو مرجحا بعضا على الآخر والمطلوب ربحا للوقت والجهد المبذول في مثل هذه الأمور أن يتفضل السادة العلماء بدعم ما يرونه صوابا أو دحض ما يرونه خطأ لكن بالحجج المقنعة وبموضوعية تامة بعيدة عن كل تعصب والله ولي التوفيق
 
عرض ومناقشة مذهب ابن البناء في تعليل رسم المصحف

عرض ومناقشة مذهب ابن البناء في تعليل رسم المصحف

يعتبر أبو العباس أحمد بن البناء المراكشي {ت721هـ} من أبرز المدافعين عن توقيفية رسم المصحف وقد كان واسع المعرفة حاد الذكاء بلغ في عصره قمة صناعة التأليف كما نقل المقري في أزهار الرياض عن بعض المتأخرين أنه قال :"وانتهت صناعة التأليف في علماء المغرب على صناعة المشرق لشيخ شيوخ العلماء في وقته ابن البناء الأزدي المراكشي في جميع تصانيفه " أزهار الرياض في أخبار عياض :3 /23
وقد خص موضوع رسم المصحف بكتاب سماه "عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل " وهو عمل فريد في بابه سلك فيه ابن البناء طريقة جديدة جديدة مخالفة لما دأب العلماء عليه قبله في تعليل رسم المصحف وساعده على ما كان يمتلكه من سعة الأفق وقوة الإدراك
إنه يقف موقف المدافع عن توقيفية رسم المصحف بصورة منطقية دقيقة دون أن تغيب عنه تلك الطرق المتبعة قبله في تعليل رسم المصحف على نحو ما يعثر عليه الباحث بين الفينة والأخرى لدى المهدوي أو الجهني أو الداني أو غيرهم
يقول ابن البناء :"لما كان خط المصحف الذي هو الإمام الذي يعتمده القاريء في الوقف والتمام ولا يعدو رسومه قد خالف خط الأنام في كثير من الحروف الأعلام ولم يكن ذلك منهم كيف اتفق بل على أمر عندهم تحقق بحثت عن وجوه ذلك منهم بمقتضى الميزان وأوفى الرجحان ووقفت منه على عجائب ورأيت منه غرائب جمعت منها في هذا الجزء ما تيسر عبرة لمن يتذكر" عنوان الدليل :10-تحقيق هند شلبي
إن الرسوم إنما اختلف حالها في الخط بحسب اختلاف أحوال معاني كلماتها وهو ما تحدث عنه ابن البناء لكن بأسلوبه المعهود الذي يقول عنه :
قصدت الى الوجازة في كلامي * * * لعلمي بالصواب في الاختصار
ولم أحذر فهوما دون فهمـــــي * * * ولكن خفت إزراء الكبـــــــــار
فشأن فحولة العلماء شأنــــــي * * * وشأن البسط تعليم الصغـــــار
يتبع
 
عرض ومناقشة مذهب ابن البناء في تعليل رسم المصحف {2}

عرض ومناقشة مذهب ابن البناء في تعليل رسم المصحف {2}

لتقريب مذهب ابن البناء في تعليل رسم المصحف من الإخوة الكرام أقدمه من زاويتين :
1- مواقف العلماء من مذهب ابن البناء في تعليل المصحف : أثار كتاب "عنوان الدليل "لابن البناء المراكشي على صغر حجمه ردود فعل مختلفة من قبل العلماء مما يمكن اختزاله في موقفين بارزين:
أ- موقف مؤيد لمذهب ابن البناء ويمثله عدد من العلماء من أبرزهم الزركشي {ت794هـ}في "البرهان" والسيوطي {ت911هـ}في الإتقان ، والقسطلاني {ت923هـ "في لطائف الإشارات"
ب- موقف منتقد لهذا المذهب غير مستسيغ له ومن أبرز الممثلين لهذا الاتجاه من السابقين ابن خلدون{ت808هـ}في "المقدمة" ومن المعاصرين الدكتور صبحي الصالح رحمه الله والدكتور غانم قدوري أطال الله عمره
يتبع
 
عرض ومناقشة مذهب ابن البناء في تعليل رسم الصحف {3}

عرض ومناقشة مذهب ابن البناء في تعليل رسم الصحف {3}

نلقي الضوء -هنا - بإيجاز على بعض ما قاله المنتقدون لهذا المذهب وذلك على النحو التالي :
1- ابن خلدون : يقول في المقدمة :" ولا تلتفتن في ذلك الى ما يزعمه بعض المغفلين من أنهم - أي الصحابة - كانوا محكمين لصناعة الخط وأن ما يتخيل من مخالفة خطوطهم لأصول الرسم ليس كما يتخيل ، بل لكل منها وجه
يقولون في مثل زيادة الألف في{لأاذبحنه } تنبيه على أن الذبح لم يقع وفي زيادة الياء في {بأييد} إنه تنبيه على كمال القدرة الربانية وأمثال ذلك مما لا أصل له إلا التحكم المحض وما حملهم على ذلك إلا اعتقادهم أن في ذلك تنزيها للصحابة عن توهم النقص في قلة إجادة الخط وحسبوا أن الخط كمال فنزهوهم عن نقصه ونسبوا إليهم الكمال بإجادته وطلبوا تعليل ما خالف الإجادة من رسمه وليس ذلك بصحيح "
إنه على الرغم من أن ابن خلدون لم يصرح باسم ابن البناء إلا أن كلامه ينطبق تماما على مذهبه في تعليل رسم المصحف فهو الذي يقول إن الصحابة لم يكن ذلك منهم كيف اتفق بل على أمر عندهم قد تحقق وهو الحق الذي لا شك فيه لا تنزيها للصحابة عن توهم النقص في قلة إجادة الخط بل تنزيها لكتاب الله أن يكون في رسمه الخطأ
وعن قوله تعالى :{ لأاذبحنه } يقول ابن البناء : إن الزيادة في أول الكلمة يكون باعتبار معنى زائد بالنسبة الى ما قبله في الوجود والألف هنا زيدت تنبيها على أن المؤخر أشد وأثقل في الوجود من المقدم عليه لفظا فالذبح أشد من العذاب {لأعذبنه عذابا شديدا أو لأاذبحنه }
يتبع
 
شكر ودعاء

شكر ودعاء

شكر الله لكم أخي الفاضل الكريم عنايتكم وحسن ظنكم بأخيكم الفقير الى عون ربه وبارك فيكم وجعل أعمالنا جميعا خالصة لوجه الله
 
البقية تاتي

البقية تاتي

البقية تاتي إن شاء الله كل ما في الأمر انني مازلت في انتظار تلبية رجائي من الإخوة المشرفين بحذف مشاركتي الأخيرة المكررة
 
على غرار ابن خلدون في انتقاد مذهب ابن البناء في تعليل رسم المصحف - لكن بشكل أخف - تصدى للموضوع بعض المعاصرين مثل الدكتور صبحي الصالح رحمه الله والدكتور غانم قدوري مد الله في عمره
يقول الأول : "ولا ريب أن هذا غلو في تقديس الرسم العثماني وتكلف في الفهم ما بعده تكلف "
" ومن هذا الغلو والتكلف ما ينقله الزركشي في " البرهان " عن أبي العباس المراكشي الشهير بابن البناء في كتابه "عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل "
ويقول الدكتور قدوري حذرا:"ورغم الصورة المنطقيةالتي يعرض فيها المراكشي مذهبه ، فإن هذا الاتجاه بعيد كل البعد عن طبيعة الموضوع )...) فلم يكن منهج أبي العباس المراكشي إذن قائما على أساس من حقائق العلم ومعرفة التاريخ بل إن كل ما قاله هو نتيجة تأمل ذاتي غامض عبرعنه بمصطلحات صوفية وفلسفية هي الأخرى غامضة وإن نتيجة واحدة صحيحة يقود إليها الدليل العلمي الواضح خير وأجدى في فهم المشكلة من كل ما قاله المراكشي ورددته من ورائه أجيال من العلماء والدارسين
إن هذا الكلام كالذي قبله حكم على مذهب ابن البناء من خلال نقول متفرقة عنه في بعض كتب علوم القرآن دون الوقوف على كتاب ابن البناء "عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل " وغيره من رسائله وكتبه للخروج بحكم علمي شامل يسجل السلبيات والإيجابيات جميعا
يتبع
 
أخي الفاضل محمد المعيار
قمت بحذف المشاركة المكررة بناء على إشارتكم
ويسرني متابعة الاطلاع على بحثكم القيم
زادكم الله من فضله العظيم
 
أخي الفاضل محمد المعيار
قمت بحذف المشاركة المكررة بناء على إشارتكم
ويسرني متابعة الاطلاع على بحثكم القيم
زادكم الله من فضله العظيم

ونحن بانتظار الجديد في هذه المسألة ..
فحتى الآن لم يخرج البحث القيم عن طرح ما قيل في مسألة الرسم العثماني .. والذي هو في رأيي " توقيفي ""
وهو مرتبط بإعجاز الترتيب القرآني .
 
عودة
أعلى