حسين بن محمد
فريق إشراف ملتقى الكتب
- إنضم
- 08/09/2008
- المشاركات
- 934
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
- الإقامة
- القاهرة
- الموقع الالكتروني
- www.tafsir.net
تقديم/ عمر محمد ورسمة - موقع (الصومال اليوم) :
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين القائل سبحانه (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه...) ، فالقرآن الكريم كتاب الله الخاتم، المهيمن على الشرائع من قبله، وهو الذي لا تنقضي عجائبه، ولا ينضب مورده، يجد المتأمل في ثنايا خطابه على مرّ الدهور والعصور لطائف وعجائب لم تكن في الحسبان، فهو جامع العلوم والفنون، ومرجع لمن أراد أن يتفقه في مقاصد الشريعة السمحاء. ولهذا تبقى كل العلوم والفنون عالة عليه، ولا يستقيم معنى من معاني الدين إلا إذا تُوِّج بآية من الذكر الحكيم، فيطيب المقام، وتنشرح الصدور، وتتفتح المدارك، وتخشع الأفئدة لنوره المبين. ولهذا فلا غنى للمسلم عامة، وللداعية خاصة من التأمل به، وتدبّر آياته، والبحث عن أسراره، والاجتهاد في فهم الخطاب الرباني فهما واعيا.
ومن هنا فقد كانت عناية علماء الأمة بالقرآن الكريم كبيرة، حفظا وتلاوة، وتفسيرا وتأليفا، فظهرت الكتب والمؤلفات، والشروح والمطولات في شتى المباحث ذات العلاقة بالقرآن العظيم وعلومه. ومن عجائب المباحث القرآنية أنها سهلة قريبة إلى الفهم للطالب المبتدئ، والعالم المنتهي، والمتخصص وغير المتخصص على حد سواء مصداقا لقوله تعالى ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر). والصّلاة والسلام على رسوله الخاتم خير من قرأ القرآن وتدبّر به، واستنبط منه الأحكام ( صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) . وبعد :
فمن دواعي السرور والبهجة أن أقدم للقراء الكرام رسالتين نفيستين تقدم بهما الأخ الدكتور عبد الرزاق حسين أحمد المدرس بالمعهد الإسلامي السعودي بجيبوتي، حول القرآن الكريم، الأولى منهما بعنوان ( الإظهار في مقام الإضمار في القرآن الكريم ) والثانية بعنوان ( مسألة تكرار النزول في القرآن الكريم بين الإثبات والنفي). وقد نشرتا ضمن إصدارات قطاع الشؤون الثقافية بوزراة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت الشقيقة، كما تم الإعلان لهما في مجلة الوعي الكويتية.
والدكتور عبد الرزاق حسين أحمد أخ فاضل وأستاذ ناصح، تخصص بالقرآن الكريم وعلومه، وانشغل به تدريسا وتأليفا، اهتم بإثراء مباحث علوم القرآن الكريم من خلال رسائله العلمية للماجستير والدكتوراة، وبحوثه وتأليفاته التي نالت استحسان علماء القرآن والمتخصصين به، وهو معروف بجهده ونشاطه وحبه للخير وأهله، كما أنه مشهور بلطافة أسلوبه في الكتابة الذي يسحر الألباب، ويسوق القارئ إلى متابعة الكلام بابا بعد باب، كما هو الحال في كثير من كتاباتة التي تجمع بين الجزالة والإمتاع، والطرافة والإقناع، ومن أهمها كتابه الموسوم بـ(المكي والمدني في القرآن الكريم دراسة تأصيلية) الذي نال استحسان العلماء والباحثين المهتمين بالقرآن الكريم وعلومه، وقد صدرت طبعته الأولى في مجلدين عن دار ابن عفان بتاريخ 1420هـ الموافق 1999م.
أما الرسالتين الأخيرتين، فقد عنيت الأولى منها بإبراز أسلوب بلاغي رفيع من أساليب القرآن الكريم، يندرج تحت مباحث بلاغة النص القرآني، الداعية إلى فهم الخطاب القرآني بشكل متعمق، وهي بعنوان (الإظهار في مقام الإضمار في القرآن الكريم) وقد تناول الباحث موضوعه بشكل علمي رصين، مدعِّما عناصر موضوعه بنفائس ما احتوت عليه كتب العلماء من المفسرين والبلاغيين على حدّ سواء، وقد جعل بحثه في مقدمة وأربعة مباحث عالجت الموضوع بشكل علمي جذاب، عرض في ثناياه معجزات بيانية تستمتع بها الأفهام، وتستعذبها العقول، وكلما كشف لك عن سرّ بلاغي من أسراره تنتابك البهجة والإعجاب.
أما الرسالة الثانية فهي بعنوان (مسألة تكرار النزول في القرآن الكريم بين الإثبات والنفي) وقد عنيت بمبحث مهمّ من مباحث علوم القرآن الكريم، بل هو محور لكثير من المسائل الخلافية التي تعود غالبا إلى ورود روايتين صحيحتين في سبب نزول آية من آيات القرآن الكريم. وقد سار المتحدثون عن هذه المسألة في الغالب على اتجاهين: متوسّع في إقراره، يوظف تكرار النزول في إثبات كثير من المسائل التي لا مجال لتكرار النزول فيها، ومانع ينفي وقوع تكرار النزول في القرآن مطلقا، فالتمس باحثنا طريقا وسطا بين توسّع هؤلاء، وتضييق أولئك، وقسم بحثه إلى مقدمة وخمسة مباحث وخاتمة فيها نتائج البحث وتوصياته. وقد تتبع الباحث مادته في مظانها من كتب التفسير وعلوم القرآن؛ ليعرض أمام القارى زبدة ما انتهت إليه جولة ممتعة في كتب المفسرين القدماء والمحدثين وكما يقال (النحلة تأكل مليون زهرة لكي تصنع لنا جراما واحدا من العسل) وهذا هو حال الباحث الذي لا يغلق بابه على وجه الآراء، بل يبحث عنها، ويعرضها، وبشرح مستنداتها من المنقول والمعقول، ويناقش المسألة بموضوعية ليترك القارئ يصيغ الرأي الراجح بوعيه وقناعته.
وبعد أن وقعت الرسالتين المذكورتين في يدي، وقرأتهما بشغف شديد، شعرت ضرورة عرضهما للقراء والمثقفين الصوماليين وأبناء الصحوة الإسلامية المباركة على مختلف مدارسهم؛ علّها تشحذ الهمم إلى مزاولة الكتابة والتأليف، كلٌّ في تخصصه ومجاله؛ لنترك للخلف ما يمكن أن يفخروا به، ويقتفوا أثره، و لنتجاوز الأسطورة القائلة بأن الشعب الصومالي شعب سماعي عازف عن القراءة والتأليف .
وحسبي شرفا أن أتناول القلم لأقدم هذين العملين النفيسين في أجل العلوم والمعارف، وقد كنت استأذنت الكاتب (حفظه الله) في كتابة هذه السطور التي توخيث من كتابتها إدخال السرور في قلوب الأحبة الذين يتوقون إلى معرفة المزيد من الأعمال الباعثة للتفاؤل، في ظل الأجواء القاتمة التي تحيط بأمتنا، وما عرف به علماؤنا من غزارة العلم مع الزهد عن التأليف، إما لسبب الانشغال وكثرة المهام، وإما لعدم وجود بيئة علمية مشجعة للتأليف في البلاد. فها هو الأخ المؤلف عبد الرزاق حسين أحمد يكسر هذا الطوق، ويمتّع القراء، ويثري مكتبة علوم القرآن الكريم ببحوثه ورسائله واحدة تلو الآخرى.
ولا أقول في هذين العملين الجليلين بأكثر مما وصفتهما مجلة الوعي الإسلامي الكويتية التي تشرفت بنشر عرض الرسالتين في العدد رقم (559) الصادر في ربيع الأول 1433هـ فقالت في تقديمها ( رسالتان لطيفتان تعالجان مسألتين من المسائل المهمة ، يحتاج إليهما المتأمل في القرآن الكريم .إحداهما في مسألة (الإظهار في مقام الاضمار)، والثانية في (مسألة تكرار النزول في القرآن الكريم)، والرسالتان ماتعتان لقارئهما، مفيدتان في بابيهما. وكلتاهما من تأليف الدكتور عبد الرزاق حسين أحمد الذي بذل جهدا كبيرا في تتبع مادة الرسالتين، وربط عناصرهما بمقررات المفسرين القدامي والمحدثين، فتمت له الغاية منهما والفائدة من تأليفهما) .
وفي الختام لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل والتهاني والتبريكات لأخينا في جهوده لخدمة القرآن الكريم وعلومه، سائلا المولى عز وجل أن يجعله في ميزان حسناته وأن يجعلنا جميعا من العاملين في خدمة كتابه العزيز.
المصدر .