محمد محمود إبراهيم عطية
Member
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله : ولي الأمر إذا ترك إنكار المنكرات ، وإقامة الحدود عليها بمالٍ يأخذه ، كان بمنزلة مقدم الحرامية الذي يقاسم المحاربين على الأخيذة ، وبمنزلة القواد الذي يأخذ ما يأخذه ليجمع بين اثنين على فاحشة ، وكان حاله شبيها بحال عجوز السوء امرأة لوط ، التي كانت تدل الفجار على ضيفه ؛ التي قال الله تعالى فيها : { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ } [الأعراف:٨٣] ، وقال تعالى : { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ } [هود:٨١] ؛ فعذب الله عجوز السوء القوادة بمثل ما عذب قوم السوء الذين كانوا يعملون الخبائث ، وهذا لأن هذا جميعه أخذ مال للإعانة على الإثم والعدوان ؛ وولي الأمر إنما نُصِّب ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وهذا هو مقصود الولاية ؛ فإذا كان الوالي يُمَكِّن من المنكر بمال يأخذه كان قد أتى بضد المقصود ، مثل من نصبته ليعينك على عدوك ، فأعان عدوك عليك ؛ وبمنزلة من أخذ مالاً ليجاهد به في سبيل الله فقاتل به المسلمين .
( السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية ص ٦٣ )
( السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية ص ٦٣ )