ماهر الفحل
New member
- إنضم
- 25/10/2005
- المشاركات
- 450
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
ما يجب على أهل مكة تجاه حجاج بيت الله الحرام رسال من الشيخ الشنقيطي لأهل مكة بسبب موسم الحج مفرغة من شرح الزاد الشريط 153 (انشر تؤجر )
قال الشيخ وفقنا الله وإياه
أحب أن أنبه على أمر مهم جداً، وهو أنكم تعلمون أن هذه الأيام يعيش الناس فيها موسم الحج، ونظراً لما أكرمكم الله عز وجل به من جوار هذا البيت الذي شرّفه الله وكرّمه، وفضّله على سائر البقاع، وجعله مثابة للناس وأمناً، فالناس ينظرون إليكم نظرة إجلالٍ وإكبار، ومن جاور هذا البيت خليقٌ به أن يحفظ حرمته، وأن يحفظ كذلك لعماره وحجاجه حقوقهم، وأن يكون كأحسن ما يكون عليه المجاور لبيت الله الحرام، خاصة طلاب العلم، فإنهم قدوة للناس، والناس تهتدي بالأخيار، وتهتدي بالصالحين، وكم من سنن أُحْيِيَتْ، وكم من بدعٍ أُمِيْتَتْ حينما حرص الأخيار على بث الخير، والتخلق بآداب الأخيار في الأقوال والأفعال، فظهرت منهم الأقوال الحميدة، والخصال الكريمة، التي تدل على أن وراء هذه الأقوال وهذه الأفعال قلوباً تخاف الله جل جلاله، وترجو رحمته، وإن خير ما ينتظره منكم الحاج والمعتمر في بيت الله الحرام، القدوة الصالحة، وخير ما ينتظره منكم الاهتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا شك أن المسلم مطالب بأن يهتدي ويقتدي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكيف إذا كان بهذا الحال الذي يستوجب عليه الأمر أكثر.
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، والحرص على السنة، والاهتداء بهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن اهتدى برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن الله يرحمه، ويهديه ويوفقه، ولذلك قال تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:158]، فمن اتبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه من المهتدين.
وهذا الفعل منا يستوجب أموراً: أولها وأعظمها وأكرمها عند الله: الإخلاص، فعلى الإنسان المسلم أن يعامل إخوانه وهو يريد ما عند الله عز وجل، فالحجاج والمعتمرون يحتاجون إلى المعاملة الحسنة، التي يبتغي صاحبها الأجر والمثوبة من الله، فالشخص الذي يتعامل معهم وهو يستشعر أنهم ضيوفٌ على الله، وأنهم أتوا طالبين لرحمة الله، راجين لعفوه ومنِّه وكرمه.
فخليقٌ بالمسلم أن يعامل الله سبحانه وتعالى حتى يعظم أجره في ذلك، ولا يزال الرجل بخير إذا أخلص العمل لله، وأراد ما عند الله سبحانه وتعالى، وكم من عملٍ قليل عظَّمْته النية، وبارك الله فيه بإخلاص صاحبه، والكلمة التي تخرج من القلب المخلص تقع في القلوب، وتؤتي ثمارها، ويعظم أجرها، ويرضى عنها ربها.
فالكلمة التي تخرج لله وفي الله هي التي تكون في ميزان العبد، {أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} [العاديات:9 - 11].
الأمر الثاني: الحرص على الخلق الحسن: (فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، وسلموا من زلات جوارحه وأركانه، ولذلك ينبغي للمسلم دائماً أن يراقب تصرفاته وأفعاله، والله إنهم ينظرون إليكم نظرة قد لا يشعر الإنسان بقدرها، ولكنه لو تتبع مشاعر الحجاج والعمار، لوجدهم يراقبونه في كل تصرفاته، فكم من أمور يراها الحجاج ويراها المعتمرون تثبت من الخير والطاعة والبر، حببت إلى قلوبهم حينما رأوها من جيران بيت الله الحرام، وهذا شيء نعرفه من كلام الناس، ومن كثرة ما تناقلوه، فهم إذا قدموا على الحرمين ورأوا الخير من أهل الحرمين أحبوا الخير واقتدوا بهم، واهتدوا بهم، والعكس بالعكس، والأخلاق هي شيمة المسلم، إذا أراد الله أن يثقل ميزان العبد رزقه الخلق الحسن، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من شيءٍ أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من تقوى الله وحسن الخلق).
ولما سئل عليه الصلاة والسلام عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال: (تقوى الله وحسن الخلق).
وثبت في الحديث الصحيح أنه قال: (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم)، فالعبد إذا حسنت أخلاقه، وطابت شمائله، وكان أليفاً موطأ الكنف، فإن الله عز وجل يثقل موازين حسناته بذلك، ومن هنا قال صلى الله عليه وآله وسلم مبيّنا فضل هذه الخصلة الكريمة، والخلة الجليلة العظيمة: (ألا أنبئكم بأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون)، هؤلاء إخوانكم في الله، وإخوانكم في الإسلام، وإذا لم يتراحم المسلمون فيما بينهم، ولم يحصل بينهم الألفة والمحبة والمودة والأخوة الإسلامية، والأخوة الإيمانية، فأين تظهر؟! وإذا لم يكن جيران بيت الله الحرام يفعلون ذلك فمن الذي يفعله؟! هم ينتظرون منكم أن تفتحوا لهم صدوركم وقلوبكم بالمحبة والمودة، لا تنظروا إلى الناس بألوانهم، ولا تنظروا إلى الناس بغناهم وثرائهم، ولا تنظروا إلى الناس بمناصبهم ولا بجنسياتهم، ولكن انظروا إلى أخوة الإسلام التي بينكم وبينهم، وتنظر إلى كبيرهم كوالدٍ لك، وتحبهم وتجلهم لله وفي الله، والابتسامة التي تبتسم بها في وجه أخيك المسلم صدقة، فكيف وهم في غربة وبعدٍ عن الأوطان، مع مشقة السفر وعنائه، فإذا جاء ولقي منك الابتسامة، وهو يراك شيئاً كبيراً، كيف تقع هذه الابتسامة في قلبه، الله أعلم كم من مهموم مغموم حينما يرى أخاه المسلم مبتسماً في وجهه، تتبدد عنه أحزانه وأشجانه، الابتسامة التي تراها يسيرة، ولكنها عند الله كبيرة، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طليق)، فإذا لقيهم المسلم يلقاهم بالابتسامة، ولا يبتسم من أجل الغنى واللون والحسن والنسب، لا، ولكن لله وفي الله، ومن أكمل الناس خلقاً الذي لا تفارق الابتسامة وجهه لأصغر الناس وأكبرهم، وطالب العلم الكامل هو الذي يبتسم للناس جميعاً بالإسلام، لا بأحوالهم، ولا بصفاتهم، ولا بمراتبهم، والله يعلم منه أنه يحب الكبير كما يحب الصغير، فإذا بلغ المسلم هذه المرتبة فهذه نعمة من الله، كذلك الكلمة الطيبة؛ فقد تجد منه ما يجرحك فتقابله بالكلمة الطيبة؛ لأنك تقدر مشاعره في غربته وتعبه ونصبه وعناء السفر، كذلك أيضاً ينتظرون منك الأخلاق الحميدة في تفريج الكربات وستر العورات، ولعل الله عز وجل أن يكف عن وجهك النار بصدقة تتصدق بها على ضيفه، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (اتقوا النار ولو بشق تمرة).
وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أن امرأة دخلت على عائشة ومعها صبيتان، فاستطعمتها فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة تمرة، ثم أخذت التمرة الثالثة تريد أكلها، فلما أدنتها إلى فمها استطعمتها إحدى البنتين، فأعطتها التمرة، فعجِبت عائشة من صنيعها! فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليها أخبرته بخبرها، فنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا عائشة أتعجبين مما صنعت! إن الله حرمها على النار بتمرتها تلك).
بتمرة واحدة حجبها الله بها عن النار، فكيف إذا جئت ووجدت أحدهم ضامئاً فسقيته الماء، فأطفأت حر ضمئه، فدعا لك دعوة تسعد بها في دينك ودنياك وآخرتك، كيف إذا رأيت من كان منهم كبير السن فتجده ضائعاً هائماً على وجهه، فتساعده كأنه والدك، وكأنه إنسان قريبٌ منك بأخوة الإسلام، فتضحي لأجله فيُكبِر هذا الشيء منك، فيدعو لك دعوة تكون سبباً في سعادتك في الدنيا والآخرة، ولربما ترى منهم المديون، وترى منهم المعسر، فتفرج كربته، وتعينه على عبادته، فهذا خير كبير وباب عظيم فتحه الله لك، وما عليك إلا أن تحتسب الأجر عند الله عز وجل، ونسأل الله العظيم أن يرزقنا وإياكم السداد والرشاد.
كذلك أيضاً مما ينبغي الحرص عليه تعليم الحجاج، فإنهم يحتاجون إلى التعليم والتوجيه، خاصة من طلاب العلم، وأهم ما ينبغي الاعتناء به: الإيمان، والتوحيد، والإخلاص؛ لأنه أساس الدين، فلابد من تعليمهم حق الله عز وجل، وأنه لا يجوز صرف حق الله لغيره كالدعاء، والاستغاثة، والاستجارة، فما الفائدة من أن يأتي يحج وهو يدعو غير الله! وما الفائدة من أن يأتي يحج وهو يستغيث بغير الله! وما الفائدة من أن يأتي ويحج وهو يذبح لغير الله! ويعتقد بغير الله، هذا أمرٌ عظيم ينبغي لطالب العلم أن ينتبه له، فالعقيدة هي أساس الدين الذي لا يمكن أن يقبل الله قول القائل، ولا عمل العامل إلا بتحقيقها، والقيام بحقوقها، وتذكيرهم بحق الله عز وجل.
كذلك أيضاً عليك أن تبين لهم صفة حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا رأيت الجاهل علّمته، وإذا رأيت المخطئ قوّمته وصوّبته، نسأل الله العظيم أن يرزقنا وإياكم الإخلاص، وأن يتقبل منا ومنكم صالح القول والعمل، والله تعالى أعلم.
قال الشيخ وفقنا الله وإياه
أحب أن أنبه على أمر مهم جداً، وهو أنكم تعلمون أن هذه الأيام يعيش الناس فيها موسم الحج، ونظراً لما أكرمكم الله عز وجل به من جوار هذا البيت الذي شرّفه الله وكرّمه، وفضّله على سائر البقاع، وجعله مثابة للناس وأمناً، فالناس ينظرون إليكم نظرة إجلالٍ وإكبار، ومن جاور هذا البيت خليقٌ به أن يحفظ حرمته، وأن يحفظ كذلك لعماره وحجاجه حقوقهم، وأن يكون كأحسن ما يكون عليه المجاور لبيت الله الحرام، خاصة طلاب العلم، فإنهم قدوة للناس، والناس تهتدي بالأخيار، وتهتدي بالصالحين، وكم من سنن أُحْيِيَتْ، وكم من بدعٍ أُمِيْتَتْ حينما حرص الأخيار على بث الخير، والتخلق بآداب الأخيار في الأقوال والأفعال، فظهرت منهم الأقوال الحميدة، والخصال الكريمة، التي تدل على أن وراء هذه الأقوال وهذه الأفعال قلوباً تخاف الله جل جلاله، وترجو رحمته، وإن خير ما ينتظره منكم الحاج والمعتمر في بيت الله الحرام، القدوة الصالحة، وخير ما ينتظره منكم الاهتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا شك أن المسلم مطالب بأن يهتدي ويقتدي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكيف إذا كان بهذا الحال الذي يستوجب عليه الأمر أكثر.
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، والحرص على السنة، والاهتداء بهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن اهتدى برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن الله يرحمه، ويهديه ويوفقه، ولذلك قال تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:158]، فمن اتبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه من المهتدين.
وهذا الفعل منا يستوجب أموراً: أولها وأعظمها وأكرمها عند الله: الإخلاص، فعلى الإنسان المسلم أن يعامل إخوانه وهو يريد ما عند الله عز وجل، فالحجاج والمعتمرون يحتاجون إلى المعاملة الحسنة، التي يبتغي صاحبها الأجر والمثوبة من الله، فالشخص الذي يتعامل معهم وهو يستشعر أنهم ضيوفٌ على الله، وأنهم أتوا طالبين لرحمة الله، راجين لعفوه ومنِّه وكرمه.
فخليقٌ بالمسلم أن يعامل الله سبحانه وتعالى حتى يعظم أجره في ذلك، ولا يزال الرجل بخير إذا أخلص العمل لله، وأراد ما عند الله سبحانه وتعالى، وكم من عملٍ قليل عظَّمْته النية، وبارك الله فيه بإخلاص صاحبه، والكلمة التي تخرج من القلب المخلص تقع في القلوب، وتؤتي ثمارها، ويعظم أجرها، ويرضى عنها ربها.
فالكلمة التي تخرج لله وفي الله هي التي تكون في ميزان العبد، {أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} [العاديات:9 - 11].
الأمر الثاني: الحرص على الخلق الحسن: (فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، وسلموا من زلات جوارحه وأركانه، ولذلك ينبغي للمسلم دائماً أن يراقب تصرفاته وأفعاله، والله إنهم ينظرون إليكم نظرة قد لا يشعر الإنسان بقدرها، ولكنه لو تتبع مشاعر الحجاج والعمار، لوجدهم يراقبونه في كل تصرفاته، فكم من أمور يراها الحجاج ويراها المعتمرون تثبت من الخير والطاعة والبر، حببت إلى قلوبهم حينما رأوها من جيران بيت الله الحرام، وهذا شيء نعرفه من كلام الناس، ومن كثرة ما تناقلوه، فهم إذا قدموا على الحرمين ورأوا الخير من أهل الحرمين أحبوا الخير واقتدوا بهم، واهتدوا بهم، والعكس بالعكس، والأخلاق هي شيمة المسلم، إذا أراد الله أن يثقل ميزان العبد رزقه الخلق الحسن، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من شيءٍ أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من تقوى الله وحسن الخلق).
ولما سئل عليه الصلاة والسلام عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال: (تقوى الله وحسن الخلق).
وثبت في الحديث الصحيح أنه قال: (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم)، فالعبد إذا حسنت أخلاقه، وطابت شمائله، وكان أليفاً موطأ الكنف، فإن الله عز وجل يثقل موازين حسناته بذلك، ومن هنا قال صلى الله عليه وآله وسلم مبيّنا فضل هذه الخصلة الكريمة، والخلة الجليلة العظيمة: (ألا أنبئكم بأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون)، هؤلاء إخوانكم في الله، وإخوانكم في الإسلام، وإذا لم يتراحم المسلمون فيما بينهم، ولم يحصل بينهم الألفة والمحبة والمودة والأخوة الإسلامية، والأخوة الإيمانية، فأين تظهر؟! وإذا لم يكن جيران بيت الله الحرام يفعلون ذلك فمن الذي يفعله؟! هم ينتظرون منكم أن تفتحوا لهم صدوركم وقلوبكم بالمحبة والمودة، لا تنظروا إلى الناس بألوانهم، ولا تنظروا إلى الناس بغناهم وثرائهم، ولا تنظروا إلى الناس بمناصبهم ولا بجنسياتهم، ولكن انظروا إلى أخوة الإسلام التي بينكم وبينهم، وتنظر إلى كبيرهم كوالدٍ لك، وتحبهم وتجلهم لله وفي الله، والابتسامة التي تبتسم بها في وجه أخيك المسلم صدقة، فكيف وهم في غربة وبعدٍ عن الأوطان، مع مشقة السفر وعنائه، فإذا جاء ولقي منك الابتسامة، وهو يراك شيئاً كبيراً، كيف تقع هذه الابتسامة في قلبه، الله أعلم كم من مهموم مغموم حينما يرى أخاه المسلم مبتسماً في وجهه، تتبدد عنه أحزانه وأشجانه، الابتسامة التي تراها يسيرة، ولكنها عند الله كبيرة، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طليق)، فإذا لقيهم المسلم يلقاهم بالابتسامة، ولا يبتسم من أجل الغنى واللون والحسن والنسب، لا، ولكن لله وفي الله، ومن أكمل الناس خلقاً الذي لا تفارق الابتسامة وجهه لأصغر الناس وأكبرهم، وطالب العلم الكامل هو الذي يبتسم للناس جميعاً بالإسلام، لا بأحوالهم، ولا بصفاتهم، ولا بمراتبهم، والله يعلم منه أنه يحب الكبير كما يحب الصغير، فإذا بلغ المسلم هذه المرتبة فهذه نعمة من الله، كذلك الكلمة الطيبة؛ فقد تجد منه ما يجرحك فتقابله بالكلمة الطيبة؛ لأنك تقدر مشاعره في غربته وتعبه ونصبه وعناء السفر، كذلك أيضاً ينتظرون منك الأخلاق الحميدة في تفريج الكربات وستر العورات، ولعل الله عز وجل أن يكف عن وجهك النار بصدقة تتصدق بها على ضيفه، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (اتقوا النار ولو بشق تمرة).
وفي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أن امرأة دخلت على عائشة ومعها صبيتان، فاستطعمتها فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة تمرة، ثم أخذت التمرة الثالثة تريد أكلها، فلما أدنتها إلى فمها استطعمتها إحدى البنتين، فأعطتها التمرة، فعجِبت عائشة من صنيعها! فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليها أخبرته بخبرها، فنزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا عائشة أتعجبين مما صنعت! إن الله حرمها على النار بتمرتها تلك).
بتمرة واحدة حجبها الله بها عن النار، فكيف إذا جئت ووجدت أحدهم ضامئاً فسقيته الماء، فأطفأت حر ضمئه، فدعا لك دعوة تسعد بها في دينك ودنياك وآخرتك، كيف إذا رأيت من كان منهم كبير السن فتجده ضائعاً هائماً على وجهه، فتساعده كأنه والدك، وكأنه إنسان قريبٌ منك بأخوة الإسلام، فتضحي لأجله فيُكبِر هذا الشيء منك، فيدعو لك دعوة تكون سبباً في سعادتك في الدنيا والآخرة، ولربما ترى منهم المديون، وترى منهم المعسر، فتفرج كربته، وتعينه على عبادته، فهذا خير كبير وباب عظيم فتحه الله لك، وما عليك إلا أن تحتسب الأجر عند الله عز وجل، ونسأل الله العظيم أن يرزقنا وإياكم السداد والرشاد.
كذلك أيضاً مما ينبغي الحرص عليه تعليم الحجاج، فإنهم يحتاجون إلى التعليم والتوجيه، خاصة من طلاب العلم، وأهم ما ينبغي الاعتناء به: الإيمان، والتوحيد، والإخلاص؛ لأنه أساس الدين، فلابد من تعليمهم حق الله عز وجل، وأنه لا يجوز صرف حق الله لغيره كالدعاء، والاستغاثة، والاستجارة، فما الفائدة من أن يأتي يحج وهو يدعو غير الله! وما الفائدة من أن يأتي يحج وهو يستغيث بغير الله! وما الفائدة من أن يأتي ويحج وهو يذبح لغير الله! ويعتقد بغير الله، هذا أمرٌ عظيم ينبغي لطالب العلم أن ينتبه له، فالعقيدة هي أساس الدين الذي لا يمكن أن يقبل الله قول القائل، ولا عمل العامل إلا بتحقيقها، والقيام بحقوقها، وتذكيرهم بحق الله عز وجل.
كذلك أيضاً عليك أن تبين لهم صفة حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا رأيت الجاهل علّمته، وإذا رأيت المخطئ قوّمته وصوّبته، نسأل الله العظيم أن يرزقنا وإياكم الإخلاص، وأن يتقبل منا ومنكم صالح القول والعمل، والله تعالى أعلم.