رد على بعض شبهات الصوفية

إنضم
05/04/2012
المشاركات
26
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
43
الإقامة
فرنسا
تلقيت رسالة طويلة عريضة من بعض شيوخ الصوفية على الفيس بوك , فرددت عليه بصورة مختصرة , فأحببت ان اضع الرد بين ايديكم للتوجيه و النقد او الافادة منه .. علما اني اكتفيت بالاختصار دون الاطناب :

بارك الله فيكم سيدي الشيخ .. و اسمحوا لي بتقديم جملة من الملاحظات على مقالكم :

1/ قولكم : " ويستشعر عن قرب عظمة القدرة السارية في المخلوقات " .. ما تعنون بهذا الكلام ؟؟

2/ قولكم : " قد تمّ ملؤه علما ربانيّا فيّاضا ذا صفة وهبيّة ( واتقوا الله ويعلّمكم الله / البقرة آية / 282 ) " .. الجملة حق و صدق من حيث الإجمال و أما التفصيل ففيها نظر , أما الاستدلال بالاية عليه فلستُ أراه صوابا , لأنه لو كان الامر كذلك لجاء نظم الاي في صيغة الشرط مثل : إن تتقوا الله يعلمكم الله , فلما جاء نظمها في صيغة عطف علمنا ان الامر لا يستقيم في الاستدلال على زعم الصوفية و المتفلسفة المتأهلين على العلم الوهبي , و آية ذلك أن الآية جاءت تعليقا على حكم من أحكام الشريعة هو الدين . و ورود الامر بالتقوى تنبه على ضرورة اتقاء الله في علاقة الدائن بالمدين و و ايضا الشهود , و جاء قوله : يعلمكم الله , تنبيه على رحمة الله بالانسان إذ يعلمه ما ينفعه في تسيير شؤونه في الدنيا و ما يترتب عليها من جزاء في الاخرة , و قراءة سياق الاية مع التفسير لها يبين المقصود ..
اما العلم الوهبي فخلاصة رأيي فيه انه نتيجة لطلب العلم و العمل به بحيث لا يمكن - حسب سنن الله المعروفة - ان نجد انسانا جاهلا ينطق بحقائق العلم و بدائع الحكمة و كليات القواعد و الأصول , فطلب العلم واجب كما أمرنا الله و رسوله و يأتي العلم الوهبي فضل من الله بعد ذلك لما يشاء من عباده أما القعود دون البحث و التفتيش و مجالسة العلماء و الخبراء مباشرة او غير مباشرة فلا يستقيم مطلقا , و لا يجب الاستدلال بالنبي لانه له حكم اخر غير بقية البشر .

3/ نقلكم : فلنا من عقل العقول عقل فيا له
جوهر فريد الحسن يا حبذا عقلا
ماذا يعني هذا الكلام ؟؟ هل يعني به الحق تعالى ؟ ان قلتم نعم , فهذا خطأ محض , اذ اسماء الله و صفاته توقيفية كما هو معلوم لدى العلماء , ثم لا يليق تسمية الله بالعقل و الا لو كان هذا الاسم حسنا فقط لجاز ان يسمي الله به نفسه فكيف و الله يقرر ان له الاسماء الحسنى اي المبالغة في الحسن و الجمال ؟؟؟؟ و كذلك الامر مع اسم الجوهر لا وجود له في القران و لا في السنة , ثم هما من مصطلحات الكلاميين و الفلاسفة فكيف نجاريهم في مصطلحاتهم و نترك مصطلحات القران و السنة ؟؟؟؟

4/ قولكم : " إنّ السلوك الصوفّي النابع من صفاء القلوب وطهارتها هو كفيل بأن يحقق لك ما هو في نظرك مستحيل الوصول إليه لصعوبة ذلك إنّ التصوّف في حقيقته هو الركن الثالث من أركان الدين ألا وهو ركن الإحسان، الذي وصفه الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقوله:( أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ) " اقول : هل التصوف شئ غير الإسلام أم هو نفسه ؟؟ ان كان هو حقيقة الاسلام كما يقول الصوفية فلماذا لم يكتفووا باسم و صفة الاسلام و هو الاسم الذي رضيه الله تعالى لهذه الامة بل و لكل امة من امم انبيائه كما قال : ملَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا " [الحج78] ؟؟ و ان كان شئ غيره فهذا امر آخر ؟؟ و ان قلتم هو خلاصة الاسلام اي مقام الاحسان كما ذكرتم لاحقا , فهلا تسمى به الصوفية اقتداءا و وقوفا عند اسم وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم ؟؟؟؟

5/ قولكم عن أهل الصفة : " و كان جلّهم من كبار الصحابة رضوان الله عليهم " هذا غير ثابت في التاريخ كما هو معلوم و ان كان هذا لا بنفي فضلهم و عظم منزلتهم ..

7/ قولكم : " يمجّون ذكر الكرامات الصلاحيّة للأولياء " ليس كل ما قيل عنه كرامة فهو كذلك اذ شرط الكرامة هو الاتباع للقران و السنة و خير دليل انظروا في كتاب " جامع كرامات الاولياء " للنبهاني لتصابوا بالصدمة العنيفة جراء الخليط الذي حشا به كتابه و سماه كرامة و كذلك مفترقات كتب الصوفية و انتم اعلم بها .

8/ قولكم : " التصوّف ليس ثمرة لثقافة كسبيّة، وإنّما الوسيلة إليه هي العمل " ان قلنا التصوف هو الاحسان المعلوم من دين الاسلام فليس يصح مقام الاحسان لاحد الا بامرين : العلم " القران و السنة " و العمل شرطه : الاخلاص و الاتباع . و بهذا كما سبق انفا لابد من العلم اولا ثم العمل به ثانيا و الا فان مجرد العمل دونما التزام باحد شرطيه " الاخلاص و الاتباع لا قيمة له عند الله بل بالحري ان يكون وبالا على صاحبه . و انما غر الصوفية و المتفلسفة المتألهين في هذه المسألة تلك النتف الشاردة التي يجدونها جراء المجاهدة النفسية , و ليس فيها دليل إذ عباد الوثنيين و غيرهم قد يجدون مثل هذه الامور اثناء المجاهدة و انما العبرة هي الالتزام بتعاليم الاسلام قرانا و سنة كما اتفق عليه العلماء .

9/ قولكم : " والعامل الرئيسي في ذلك هو السلوك بطريق ذكر الله على مصطلح الأولياء الكمّل من المربين ممّن أقامهم الله للأخذ بأيدي العباد إلى معرفة الله سبحانه " القاعدة العامة تقول : كل أمر ليس عليه أمرنا فهو رد على صاحبه , و هي حديث نبوي .. اذن لا عبرة باصطلاح قوم على شئ مهما لم يلتزموا تعاليم القران و السنة حسب الاصول و القواعد المعلومة لدى العلماء , و الله تعالى سد كل باب دونه الا باب السنة فمن جاء منه وصل و دخل و من جاء من غيره انقطع و طرد و لو اخلص النية في المجاهدة .. و قولكم : أقامهم الله .. ما الدليل على ان فلانا اقامه الله ؟ و الامر غيب , و الا لجاز لكل انسان ينتحل ملامح الصلاح ان يقول او يقال عنه : لقد اقامني الله , و معلوم ان هذا يعني الخضوع التام له بلا نقاش و لا جدال لانه بحسب هذا القول معصوم و معلوم ان العصمة للانبياء فقط ..

10/ قولكم : " يقول الأستاذ رينيه جينو الفيلسوف الفرنسيّ المعروف:( إذا لا بدّ في التصوّف من شرط جوهري وهو - التأثير الروحي - أو بتعبير أدق البركة - وهي لا تتأتى إلاّ بواسطة شيخ ومن هنا كانت الطــرق، ومن هنا كانت السلسلة، وهل السلسلة إلاّ بركات تنتقل من شيخ إلى مريد يوشك أن يصبح شيخا فيؤثّر بدوره في مريد أو مريدين ) .. اين هذا الشرط في السلوك في القرأن او السنة ؟؟ و نحن انما امرنا الله بالاقتداء بالرسول صلى الله عليه و سلم و عند الاخنلاف ان نرد الامر الى القران و السنة لنتبين الحق و الصواب فلو رغب الله في هذا القول منكم و رضيه لقال لنا ردوا الامر الى الله و رسوله و العلماء فلما نفى الرد الى العلماء و هم الخبراء بقواعد الشريعة و تعاليم الديانة علمنا ان الرد الي غيرهم منتف بطريق الاولى و الاحرى .. و قولكم : " وهو يعني بالبركة ( السرّ) الذي ينتقل من الشيخ إلى المريد حينما تلتقي يد المريد بيد شيخه معاهدا إيّاه على الاستقامة." هذا القول فيه شبهة من شبه القائلين بتناسخ الارواح , و الا قد سئل علي رضي الله عنه هل عندكم شيء مما ليس في القرآن فقال والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهما يعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة قلت وما في الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر " ثم قد قال الرسول صلى الله عليه و سلم نفسه : رب حامل فقه الى من هو افقه منه . فهل عجزت روح الصحابي ان تنتقل الى التابعي و لم تعجز روح الشيخ الصوفي ؟؟؟؟ ثم اي سر هذا الذي يرثه المريد من شيخه ؟؟ ان كان من علوم القرآن فقد ضل الشيخ اذ كتم العلم عن الامة و اعطاه شخصا واحدا ؟ و ان كان شيئا اخر , فما هو حتى يوضع تحت مجهر الشريعة لتحكم عليه او له ؟؟ ثم هاهي كتب الصوفية على كثرتها ليت شعري ماذا قدمت للعقل المسلم ليزداد بصيرة في القران و السنة ؟؟ كلها احاجي و معميات لا تليق بشخص ينتحل الولاية و مقام الاحسان و المفروض ان يجب عليه تبليغ رسالات الله الى الناس و قد قالت العلماء : كل مسألة ليس تحتها عمل فهي من التكلف الذي نهينا عنا , و ايضا نقول : كل مسألة ليس لها اصل معتبر في القران و السنة كما تقتضيه اللغة و قواعد الاصول فهي لغو باطل و ان زعم صاحبها انها لباب الحكمة و السر المكنون ..

12/ قولكم : " بهذا فإنّ مهمّة الشيخ تبقى مستمرّة إلى أن يرتبط السالك بالسماء حتّى يشرف عليه الملاء الأعلى، ويحصل له التمكّن في المجال الروحيّ. " سؤال : هل يعلم الشيخ الغيب و مكنونات القلوب ؟ و هل يأتيه الوحي من الله ان فلانا المريد انسان صالح قد ارتبط بالسماء حقا و صدقا و ان الملا الاعلى يشرفون عليه ؟؟؟؟؟؟؟؟ و قد وجدنا ان بعض ما عاصر النبي صلى الله عليه و سلم و خالطه قد تولى القهقرى بل الصحابي الذي مات فقالت له امه : هنئيا لك الجنة فقال لها الرسول صلى الله و سلم : و ما يدريك ؟ اني رسول الله و ما ادري ما يفعل بي ؟؟ فكيف يستقيم قولكم ؟؟؟؟

13/ قولكم : " يقول الشيخ أحمد بن مصطفى بن عليوة رضي الله عنه، معبرا عن التصوّف بقوله:( التصوّف هو أن يرقى المرء بروحه إلى ما فوق مستوى ذاته " هذا كلام انشائي لا حقيقة له بل هو مخالف للعقل و الفطرة و الطبيعة و القران و السنة , فمن سنن الله تعالى في الوجود ان الكائنات لا تنقلب الى كائنات غيرها , و القول فوق مستوى ذاته معناه انه انسلخ عن حقيقة الانسانية الى حقيقة اخرى و هذا باطل بالضرورة , و انما غر الذي يقولون هذا القول وجدانهم بعض المعاني التي عجزوا سابقا عن تفهمها بمنطق العقل المجرد فحسبوا ان هناك مستوى يمكن للانسان ان يرتقي اليه بحيث يعتبر منسلخا عن ذاته البشرية و هذا باطل لان هذا الروح اعماق شتى و مستويات شتى و لكن كل هذه المستويات التي يتدرج فيها الانسان لا تخرج عن : الروح الانساني او العقل الانساني .. و الا اذا كان يوم القيامة كم يا ترى سيحاسب الله في الشخص الواحد هي عقله ام قلبه ام روحه ام نفسه ؟؟ هذه كلها كلمات للتعبير عن مستويات مختلفة في الروح البشري , و لهذا كان الروح سر من اسرار الله لا يدركه كنهه لا ملك مقرب و لا نبي مرسل و ان كانت المعارف حوله تتفاوت من شخص لاخر و من الانسان للملك ...

14/ قولكم : " ممثّلا لكلّ ما تبقى من صوفيّة أجداده إبراهيم وإسماعيل، وبقي على حالته تلك حتى نزل عليه الوحيّ وكان يبلغ من العمر آنذاك أربعين عاما. " هذا لا يليق في حق الانبياء و الا لجاز لنا ان نقول عنهم فلاسفة باعتبار انهم كانوا يمارسون التأمل في الأنفس و الآفاق و هذا ما يفعله الفلاسفة ايضا ...
16/ قولكم : " ويمثّلان على التوالي الفناء في الله والبقاء الأبديّ فيه سبحانه وتعالى، فكما أنّ المسيح كان يخاطب الملأ بالأحاجي، كذلك تجد القرآن الكريم يعبّر عن أسرار عظمى مستخدما لغة الأمثال التي بفضل استتارها وإضمارها لا تؤذي المشاعر " هذا كلام غير صواب و لا يليق في حق النبي عيسى و لا في حق القران .. اولا مسألة الفناء و البقاء ان عنتيم بها الفناء اهواء النفس و شبهات العقل و البقاء بامر الله و تعاليم الشريعة فهذا حق و ان عنيتم ما يعني غلاة الصوفية منهما فهذا باطل محض .. ثانيا جل مقام عيسى ان يخاطب الناس بالاحاجي و النبي مهمته البيان للناس و هدايتهم الى الصواب فاذا كان كلامه احاجي و الغاز فكيف تقام عليهم الحجة عند الله ؟؟؟ و ايضا ما قلتم عن القران فهذا الكتاب الذي سمته الروعة الفائقة لغة و حقائق كيف يقال عنه انه يفضل اخفاء حقائق لكي لا تؤذي المشاعر , و ما قيمته حينها ؟ و اين البيان المقصود من نزوله و الذي امر النبي صلى الله عليه و سلم بتبليغه لنا ؟؟؟

18/ " ومن هنا كانت نشأة الطرق الصوفيّة التي لولاها لما أتيح لمرتبة الإحسان أن تستمر عبر القرون." صحيح ان الصوفية الصادقين ساهموا في نشر الاسلام في ارجاء الارض و لكن ان يقال ان هذه الفرقة هي التي حفظت مرتبة الاحسان في الوجود فاتصور ان هذه مبالغة غير علمية ..

19/ قولكم :" لأنّ الفنّ المقدّس هو تعبير عن الأسرار الإلهيّة لأنّه ينبع رأسا من أعمق أغوار الدين، وإليك نبذة توضيحية تتميما للفائدة، إنّ الفنّ الإسلاميّ فنّ تجريدي وهو شاعريّ لطيف " اين هي الفنون الاسلامية التي عبرت عن الاسرار الالهية ؟؟ هل هي العمارة ؟؟ فانظر للبذخ فيها و قد نهينا عنه ؟ هل هو الشعر فالشعر كلام ما وافق حقائق القران و السنة فمقبول و ما خالف فباطل , و جل اشعار الصوفية خاصة الغلاة منهم فيه اساءة فظيعة للذات الالهية حتى و ان زعم زاعم انها رموز و اشارات و المراد باطنها فقد امرنا بالكلام الحسن و التعبير السليم و استخدام المصطلخات الصالحة فيما بيننا فكيف مع الله تعالى ؟؟

هذه جملة من الملاحظات بصورة عامة دون الخوض في التفاصيل , و لكم سيدي الشيخ فسحة النظرة فيها ثم اخذها او ردها

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
 
عودة
أعلى