ردودٌ تفسيريةٌ ناجحةٌ

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
قال تعالى في سورة البقرة :{ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ .. (25)}
قال في المحرر الوجيز :
وفي قوله تعالى : { أعدت } رد على من قال : إن النار لم تخلق حتى الآن ، وهو القول الذي سقط فيه منذر بن سعيد البلوطي الأندلسي ، وذهب بعض المتأولين إلى أن هذه النار المخصصة بالحجارة هي نار الكافرين خاصة ، وأن غيرها هي للعصاة .وفي قوله تعالى : { وعملوا الصالحات } رد على من يقول إن لفظة الإيمان بمجردها تقتضي الطاعات لأنه لو كان ذلك ما أعادها .
قال القرطبي رحمه الله :
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْإِيمَانَ بِمُجَرَّدِهِ يَقْتَضِي الطَّاعَاتِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَا أَعَادَهَا، فَالْجَنَّةُ تُنَالُ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.
قال أبو السعود رحمه الله :
{ وَعَمِلُواْ الصالحات } الصالحة كالحسنة في الجريان مَجرى الاسم ، وهي كلُّ ما استقام من الأعمال بدليل العقلِ والنقلِ ، واللام للجنس ، والجمعُ لإفادة أن المرادَ بها جملةٌ من الأعمال الصالحة التي أشير إلى أمهاتها في مطلع السورةِ الكريمة ، وطائفةٌ منها متفاوتةٌ حسبَ تفاوتِ حال المكلفين في مواجب التكليف ، وفي عطف العملِ على الإيمان دلالةٌ على تغايرهما وإشعارٌ بأن مدار استحقاقِ البشارةِ مجموعُ الأمرين ، فإن الإيمان أساسٌ والعملُ الصالح كالبناء عليه ولا غَناءَ بأساس لا بناءَ به .
 
قال في فتح القدير:
وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّ الْإِيمَانَ بِمُجَرَّدِهِ يَكْفِي، فَالْجَنَّةُ تُنَالُ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.
قال في التحرير والتنوير في سورة العصر:
وَالتَّعْرِيفُ فِي قَوْلِهِ: الصَّالِحاتِ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ مُرَادٌ بِهِ الِاسْتِغْرَاقُ، أَيْ عَمِلُوا جَمِيعَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي أُمِرُوا بِعَمَلِهَا بِأَمْرِ الدِّينِ وَعَمَلُ الصَّالِحَاتِ يَشْمَلُ تَرْكَ السَّيِّئَاتِ. وَقَدْ أَفَادَ اسْتِثْنَاءُ الْمُتَّصِفِينَ بِمَضْمُونِ الصِّلَةِ وَمَعْطُوفِهَا إِيمَاءً إِلَى عِلَّةِ حُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ نَقِيضُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا فِي خُسْرٍ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.
وَقَدْ دَلَّ اسْتِثْنَاءُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ أَنْ يَكُونُوا فِي خُسْرٍ عَلَى أَنَّ سَبَبَ كَوْنِ بَقِيَّةِ الْإِنْسَانِ فِي خُسْرٍ هُوَ عَدَمُ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ بِدَلَالَةِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ. وَعُلِمَ مِنَ الْمَوْصُولِ أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ هُمَا سَبَبُ انْتِفَاءِ إِحَاطَةِ الْخُسْرِ بِالْإِنْسَانِ.
وَعُطِفَ عَلَى عَمَلِ الصَّالِحَاتِ التَّوَاصِي بِالْحَقِّ وَالتَّوَاصِي بِالصَّبْرِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ الصَّالِحَاتِ، عَطْفَ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ، يُظَنُّ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ هُوَ مَا أَثَرُهُ عَمَلُ الْمَرْءِ فِي خَاصَّتِهِ، فَوَقَعَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مِنَ الْعَمَلِ الْمَأْمُورِ بِهِ إِرْشَادَ الْمُسْلِمِ غَيْرَهُ وَدَعْوَتَهُ إِلَى الْحَقِّ، فَالتَّوَاصِي بِالْحَقِّ يَشْمَلُ تَعْلِيمَ حَقَائِقِ الْهَدْيِ وَعَقَائِدِ الصَّوَابِ وَإِرَاضَةِ النَّفْسِ عَلَى فَهْمِهَا بِفِعْلِ الْمَعْرُوفِ وَتَرْكِ الْمُنْكَرِ.
 
عودة
أعلى