رحمك الله شيخي.. عبدالحكيم..

محمد سيف

New member
إنضم
05/03/2009
المشاركات
102
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
40
الإقامة
المدينة المنورة
رحمك الله شيخي.. عبدالحكيم..

شيخي..
ها أنذا في هذا المكان المبارك، في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمام خوخة أبي بكر الصديق، إلى جانب باب الرحمة..

ها أنذا جالس حيث تجلسون، حيث تغمرونني وطلابكم من بحر علمكم، حيث الأدب وحسن الحديث تهدونه إلى من حولكم، هل بالفعل قد ترحلتم عن هذه الديار؟! لا زالت آثاركم هنا، أنظر يمنة فأجد الشيخ إبراهيم أحد طلابكم، وأنظر يسرة فأجد الشيخ محمد عوض، أنظر من حولي فأرى محبيكم..

هنا، حيث كان الطلاب يهفون إليكم، يحدوهم الأمل في أن يحظوا بقراءة كتاب الله عليكم؛ ليصطفوا في ركب أهل الله وخاصته..

هنا، حيث كانت آيات الله تتلى، ونعم الله تترا، وسحائب الإيمان تهمي بالغيث فيجري في القلوب نهرا..

هنا، حيث المشاعر لا توصف، والمصاب يعتصر القلب، فمن كان يعمر هذا المكان علماً وتقوى قد ترحل ولم تبق إلا الذكرى الطيبة يذكرها كل من في هذا المكان..

هنا، أرى طلابكم ومحبيكم وأنا معهم غدونا كأننا يتامى، فقد غاب من كان يسقي هذا المكان بمعين علمه وخلقه الكريم..

مضيتم شيخنا، مضيتم إلى جوار رب عظيم، مضيتم مع ركب الصالحين الراحلين، المؤمنين القانتين، مضيتم شيخنا عبدالحكيم، إلى جنات النعيم، بإذن ربنا الكريم..

هنا، حيث أعيش مواقف محفورة في القلب، تعلمت منها الكثير، كانت بالفعل مدرسة في العلم والخلق..

لا أنسى ذلك الموقف..
عندما مر بكم أحد الصالحين في هذا المكان، وقد أصابته إعاقة في رجله، وسلّم عليكم فذكرتم لي من خصاله الحسنة، وما حصل له مؤخرا من أمر سبب له الإعاقة، فقلت لكم: لعله تكفير للذنوب، فعلمتموني كيف يكون الحديث عن الصالحين بقولكم لي: "ما هكذا تتكلم عن الصالحين، بل قل: لعله رفعة في درجاتهم عند الله"، إنه الأدب الجم والخلق الرفيع مع الصالحين، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا من كان منهم..

لا أنسى تلك الليالي..
عندما كنت آتي معي ببنيتي رامة عندما أقرأ عليكم، فتتلطفون في الحديث معها، وتغدقون عليها من الحلويات، فكانت تلحّ عليّ كل يوم بالذهاب معي.. كان هذا دوماً ديدنكم مع الصغار..

لا أنسى ذلك الكلام..
عندما ذكرت لكم ما يقوله بعض الناس عن قراءة أحد المشايخ وانتقادهم لها دون علم وبصيرة، فما كان منكم إلا أن انبريتم دفاعاً عن الشيخ وقراءته، وأنه لا يُلتفت إلى من يتحدث في المشايخ وينتقص من قدرهم، وأنه ينبغي على طلاب العلم والقراء أن يحفظوا حق بعضهم ويتركوا الكلام الذي لا ينفع المسلم بل يضره في دينه..

شيخي..
كم هي المواقف الجميلة والدروس التي استفدتها منكم في هذا المكان المبارك..

على مدى خمس سنوات، كانت من أجمل أيام حياتي، عشتها معكم، وكانت نقلة في الحياة كبيرة، وفترة من العمر طويلة قصيرة، طويلة بما نلت فيها منكم من الخيرات الغزيرة، قصيرة لمرور أيام وليالي الخير والبر مرور البرهة الصغيرة..

تغمدكم الله برحماته، وأسكنكم فسيح جناته، ووهبكم من واسع فضله وكريم نفحاته، وجزاكم عني وعن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خيراً على ما علمتم من تلاوة القرآن وقراءاته..

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد من علمنا الكتاب والحكمة وتلا علينا آياته..


كتبه:
محمد بن إبراهيم سيف.
أحد المجازين من الشيخ عبدالحكيم خاطر بالقراءات العشر الصغرى.
28/ 10/ 1434 هـ
عشية وفاة الشيخ رحمه الله ورضي عنه.
 
ربااااه ، هل نحرم الأفاضل والعلماء وأولياءك بذنوبنا ومعاصينا، أم أنها سنتك في أرضك أن لكل أجل كتاب؟!!!
رباااه إن كانت ذنوبنا قد حرمتنا أئمتنا وعلماءنا فاللهم تب علينا لكي نتوب، واغفر لنا زلاتنا ومعاصينا
وإن كانت الأخرى فاللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر اللهم لنا ولهم، وعوضنا في فقدانهم خيرا، وارزق هذه الأمة أئمة وعلماء يجددون لها أمر دينها، اللهم لا تحرمنا الخير بفقد هؤلاء الأئمة
اللهم ارحم الشيخ عبد الحكيم ومشايخنا أجمعين
 
رحمك الله يا شيخنا الحبيب، وسحّ عليك شآبيب رحمته، وعاملك برحمته ولطفه، وجعلك من أهله وخاصته، وجمعنا وإياكم في نعيم جناته، مع أنبيائه وأوليائه.
لقد عرفتُ الشيخ - رحمه الله - منذ أكثر من عشر سنين، في ذلك المكان الطاهر المبارك، بالمسجد النبوي الشريف، بالقرب من خوخة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أين تشرفتُ بالتلقي عنه، فقرأتُ عليه ختمة كاملة لقراءة عاصم بروايتيه من طريق الشاطبية، فكان مثالا للشيخ الحافظ المتقن المحرر، زين ذلك كله خلق كريم، وشفقة بالطلاب، وصبر عليهم، فجزاه الله عنا وعن طلابه خير الجزاء وأوفره، آمين.
 
عودة
أعلى