رب فكر أورث كفراً .. الجابري يأتي بثالثة الأثافي ،ويزعم نقص القرآن وتحريفه !!

عمر المقبل

New member
إنضم
06/07/2003
المشاركات
805
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
نعوذ بالله من الخذلان ..


إذا أردت أن تمثل بانعدام التوفيق ،فإليك هذا المثال ..


رجل .. أو قل : ذكر ،ينتمي للإسلام ويزعم نقص القرآن الذي تكفل رب العالمين ـ المتكلم به ـ بحفظه ، فهل بعد هذا الخذلان والضلال شيء !!


كم أوصاني بعضهم بقراءة كتب هذا المخذول ،وخاصة كتابه الذي هو ـ عند القوم ـ من أهم الكتب الفكرية المعاصرة (نقد العقل العربي) ...


وإذا بهذا النقد يصل إلى كتاب رب العزة !!! ولم يكن نقده للعقل العربي !! إلا قنطرة لنقد نقلة هذا الكتاب العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه !!


اللهم يا مقلب القلوب ثبّت قلبي على دينك !!


إليكم المقال كما نشر في موقع العربية الذي يحفل بمثل هذه المواضيع التي تثير البلبلة والشكوك !! مع رد اثنين من علماء الأزهر على هذه الفرية الصماء !!

دبي - فراج اسماعيل

رد عالمان أزهريان على ما أثاره د. محمد عابد الجابري استاذ الفلسفة والفكر الاسلامي بجامعة محمد الخامس المغربية بخصوص سقوط سور وآيات في المصحف الموجود حاليا والذي يرجع نسخه لعهد خلافة عثمان بن عفان، وكذلك على ما اعتبره أوجها للتحريف متمثلا في التأويل والأحرف السبع والقراءات ومسألة البسملة، وعلى أن سورة الأحزاب "73 آية" كانت في البداية تعدل سورة البقرة في حجمها.

قال د. محمد المختار المهدي الأستاذ بجامعة الأزهر ورئيس الجمعية الشرعية في مصر إن المصحف الذي بين أيدينا منزه من أي نقص أو زيادة او تحريف، وأن ضوابط شديدة أحيطت بجمعه ونسخه، كما أنه وصل إلى هذه المرحلة مكتوبا من عهد النبي، موضحا ان كتاب الوحي كانوا يكتبونه فورا بمجرد النزول على الرسول، وان جبريل كان يراجعه في رمضان من كل عام، وراجعه مرتين في رمضان الأخير من حياته بحضور زيد بن ثابت.

من جهته أكد الداعية الاسلامي الشيخ خالد الجندي إن هناك فرقا بين التأويل والتحريف، مشيرا إلى أن القرآن نزل بسبع لهجات كانت سائدة في جزيرة العرب، وان القراءات السبع انتقلت الينا بالاسناد والتواتر عن الرسول.

وأوضح أن الرسول لم ينزل عليه من السماء القرآن فقط، بل الذكر المبين له والذي كان يشرحه ويفسر به الأيات وعرف بالسنة، ومن ذلك آية "الرجم" التي تقول {والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم} مؤكدا أنها ليست من النص القرآني حتى لو أطلق عليها بعض الذين نسبت إليهم من الرواة، لأن كلمة "آية" كان يطلقها الصحابة على الحديث النبوي باعتباره لا ينطق عن الهوى.

وعلق د. المهدي على ما جاء في مقال د. محمد عابد الجابري بقوله: هذه القضية قتلت بحثا في موضوع النسخ والأحرف السبعة التي نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن المعروف أن القرآن الكريم نفسه قال: "سنقرؤك فلا تنسى إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى". فحينما كانت تنزل بعض آيات من القرآن وفيها شدة في التكليف، ويريد الله عز وجل أن يخفف عن الأمة، فإنه ينسي النبي هذه الآيات ويحكم الله آياته، فالقرآن قال بنفسه "كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير" وقال "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد".




وسام حجة الوداع

وأضاف: عندنا الوسام العظيم الذي نزل على الأمة في حجة الوداع "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا". ثم ان القرآن أيضا قال "ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من احد عنه حاجزين" أليس هذا من تمام القرآن وتمام تبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم لما أنزل عليه؟.

وأوضح المهدي أنه كان عندما تنزل الآية، يستدعي النبي كتاب الوحي ويكتبون ما يمليه عليهم بعد أن يرتفع الوحي مباشرة، فقد كان يتعجل في كتابته أثناء تلقيه الوحي من سيدنا جبريل، لدرجة أن القرآن عاتبه على ذلك وقال "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيك" وطمأنه "إن علينا جمعه وقرآنه فاذا قرآناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه"، وكذلك الآية "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".




اعجاز حفظه في صدور الصحابة

ويستطرد د.المهدي: هذا يعني أن الله هو الذي حفظ القرآن، وكان باستمرار يحفظ في الصدور ويحفظ أيضا في السطور. لم يأت اطلاقا أي كتاب سماوي كتب ووثق كما وثق القرآن الكريم، فقد كان كل حرف ينزل، يكتب ويقرأ في الصلاة، ونقلت لنا السيرة أنه عندما كان المرء يتجول في شوارع المدينة المنورة، يسمع دويا كدوي النحل باعتبار أن كل صحابي يسمع آية، يظل يقرؤها لأبنائه ولأهل بيته طوال الليل.

وأشار إلى أن القرآن نزل مفرقا وليس مرة واحدة "وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا" حتى يتيسر للبشر أن يعوه ويحفظوه. أما مسألة النسخ فقد أثارها اليهود بحجة أن كتابهم آخر الكتب ونبيهم آخر الأنبياء، ولذلك لم يؤمنوا بعيسي ولا بمحمد ولا بالانجيل أو القرآن، وقالوا إن هذا يستلزم عملية (البداء) وهي التي يتكلم عنها الفلاسفة في شبهاتهم، والبداء معناه ان الله بعد أن أنزل كتابا بدا له أن ينزل كتابا آخر، فنسخ هذا وجاء بذاك.

ويفرق بين هذه النظرية وبين ما حصل في القرآن بقوله: كان يأتي بالحكم فيكون ثقيلا ليبين أن هذا هو المطلوب منك، يعني مثلا فرضت خمسين صلاة في البداية ثم خففت إلى خمس صلوات، وهذا معناه نعمة وفضل من الله ورحمة بك فلا تفرط في الخمس التي كانت خمسينا. مثلا كانت عدة المتوفى عنها زوجها سنة كاملة وبعد ذلك خففت إلى أربعة أشهر وعشرة أيام. أليس ذلك تخفيفا؟. كان يجب على الرجل أن يقف أمام عشرة من أعدائه "إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين" وبعد ذلك يقول الله "الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين.."




راجعه جبريل مرتين مع الرسول

ويشرح المهدي ذلك موضحا: هذا يعني أن النسخ الذي يتكلمون عنه ويعتبرونه شبهة هو عملية لطف من الله وتخفيف حصل بوحي من الله على نبيه، مؤكدا أن جبريل كان يراجع القرآن مع الرسول في شهر رمضان سنويا وهو ما يسمى "العارضة"، وفي رمضان الأخير قبل وفاته راجعه معه مرتين وهو القرآن الذي بين أيدينا حاليا، وقد حضر هذه العارضة زيد بن ثابت – احد كتاب الوحي وكان شابا وأثنى عليه الرسول كثيرا، وعند جمع المصحف انتدبه أبو بكر الصديق ثم انتدبه عثمان بن عفان في كتابة القرآن على الورق.




12 ألف صحابي راجعوا القرآن

وردا على القول بأن مصحف عثمان سقطت منه أو رفعت آيات وسور عند كتابته يوضح د. محمد المختار المهدي رئيس الجمعية الشرعية بمصر إن عثمان رضي الله عنه كان ينتدب أربعة صحابة من حفظة القرآن، ثلاثة من قريش وواحد من المدينة وهو زيد بن ثابت، وأتى بالمكتوبات التي تمت في حياة الرسول وكانت موجودة لدى السيدة حفصة، وبدأ الأربعة يراجعون ما في هذه المكتوبات ويعرضونها على الصحابة الذين كانوا موجودين وعددهم 12 ألف صحابي، فيعرض الأربعة الآية عليهم فاذا اقروها وقالوا انهم سمعوها من الرسول كتبت.. فهل يوجد توثيق أكثر من ذلك؟

وحول الروايات التي يتم الاستدلال بها على أن سورة الأحزاب المكونة من 73 آية كانت في حجم سورة البقرة، أو كانت مائتي آية في رواية منسوبة للسيدة عايشة، يؤكد د. المهدي أن كل هذه روايات يجري الاستدلال بها لعمل بلبلة وفتنة، لكننا نقول إنه ممكن جدا أن آيات نزلت ثم نسخت، بدليل أن الرسول كان ينسى الآية التي لا يريدها الله في النص القرآني الأخير، اما بخصوص آية الرجم، فهناك كلام كثير عنها، ومع فرض ثبوتها فان ذلك يقدح في نص القرآن، فأسلوبها لا يتفق أو ينسجم مع أسلوبه كالقول "والشيخ والشيخة إذا زنيا" فماذا مثلا عن "الشاب والشابة إذا زنيا" والاقتصار على الشيخ والشيخة؟.




التأويل لا يعني التحريف

وبدوره يوضح الشيخ خالد الجندي: التأويل هو رد الأمر إلى أصله وايضاح الدلالة من النص بما يتناسب مع الاستقرار اللغوي، وعلى هذا فهناك فارق بين التأويل والتحريف. واللغة العربية تعرف هذا المنحى، لأنه لا توجد لغة أصيلة، فكل اللغات تأثرت ببعضها، فقد أخذت اللغة العربية من الفارسية ومن الرومية ومن الحبشية، وكذلك هذه اللغات أخذت من العربية. ومن ثم عندما نفسر القرآن بأصل المدلول اللغوي فاننا بذلك نضيع الرسالة التي أراد القرآن توصيلها إلى الناس.

ويستطرد خالد الجندي: هناك أوجه كثيرة جدا تؤيد قضية حفظ القرآن والعناية به من التحريف وهي المعجزات العلمية المذكورة فيه واعجازه البلاغي وسمو تشريعه والشواهد التاريخية والحقائق العلمية والكونية واعجاز اعداده وتناسق آياته وسوره واعجازه الاجتماعي والأثري والتاريخي والنفسي.




الأحرف السبعة هي لهجات العرب

وقال: هناك جهل شديد عند بعض الناس بمعنى الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، فالحرف في أصل اللغة معناه الطرف والجانب، وهي سبعة أوجه فصيحة من اللغات أنزل عليها القرآن، والذي يعرفه الناس أن القرآن نزل بسبع لهجات ولم ينزل بلهجة واحدة، وهي اللهجات التي كانت في البطون والقبائل بالجزيرة العربية وذلك ثابت في السنة، ويمكن ان نقول إنها سبع لغات من لسان العرب.

ويضيف الجندي: هناك فارق بين الأحرف السبعة والقراءات السبع. الأحرف السبعة تظهر في وجه الخلاف في قراءات القرآن، وهذه الأوجه الخلافية كانت في سبعة أمور، الأول: اختلاف أوزان الأسماء مثل قوله تعالى "والذين هم لأماناتهم". فطبقا لاختلاف أوزان الأسماء والتسمية والجمع والتذكير والمبالغة تقرأ أيضا "لأمانتهم". الثاني: اختلاف تصريف الأفعال نحو الماضي والمستقبل والأمر والاسناد، والثالث: وجوه الاعراب مثل "ذو العرش المجيد" فتقرأ "ذو العرش المجيد" بضم الشين والدال في العرش والمجيد، وتقرأ أيضا بكسر الشين والدال. والرابع: الزيادة والنقص "وماخلق الذكر والأنثى" فالأنثى تقرأ هنا أيضا بتحويل الثاء إلى تاء. والخامس: التقديم والتأخير "وجاءت سكرة الموت بالحق" تقرأ "وجاءت سكرة الحق بالموت". السادس: القلب والابدال: "وانظر إلى العظام كيف ننشزها" وقد قرأت "كيف ننشئها". السابع: اختلاف اللغة ذاتها مثل الترقيق والفتح والتفخيم، وهذا كله وارد في لسان العرب، ولا يقدح أبدا في قضية حفظ القرآن من التحريف.

وأشار خالد الجندي إلى أن هناك مذهبين للعلماء بخصوص الأحرف السبعة، الأول يعتمد على استقراء أوجه الخلاف في لغات العرب نفسها، والمذهب الثاني يقول إن المراد بهذه الأحرف سبعا من لغات العرب الفصيحة، وهذا يعني أن الله انزل القرآن على سبع لغات مراعيا ما بينها من فوارق لم يألفها بعض العرب.




القراءات السبع متواترة عن الرسول

ويشير إلى أن القراءات السبع عرفت بالتواتر، أي النقل بالاسناد المتواتر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الظاهرة التسجيلية للنصوص لم تتوفر لأمة أخرى. ويقول الجندي موضحا ذلك: القراءة المقبولة هي التي اتفق عليها كل علماء القراءات، وشروطها أن تكون متوافقة مع اللغة العربية ولو بوجه من الوجوه، ومع رسم المصحف الذي كتب في عهد أبو بكر ونسخ في عهد عثمان ولو على سبيل الاحتمال.

ورد خالد الجندي على القول بان هناك ما سقط من القرآن في مصحف عثمان متسائلا: ليأتوا بهذا الذي يدعون سقوطه ثم نزنه بموازين القرآن، فان انطبقت عليه تلك الموازين قبلناه، وبالتالي لا يجب أن يجهد أحد نفسه في نفي شبهة مدع، إنما على الأخير أن يثبت شبهته حتى نقبل ما يقول به.

وأفاض الحديث حول القول بسقوط آيات استدلالا بروايات منسوبة لبعض الصحابة، موضحا أن هؤلاء لا يفهمون اطلاقات كلمة "آية"، فهي تقال عن السنة الكونية وعن الآية القرآنية وعن الحديث النبوي أيضا. وكان الصحابة يطلقون كلمة "آية" قاصدين بها ما قاله النبي لأنهم يعتقدون اعتقادا جازما ونحن كذلك أنه لا ينطق عن الهوى.

وأضاف الجندي: البعض يحاول عن طريق الاستدلال بتلك الروايات اثبات أن هناك كلمات ساقطة، فمثلا في قوله تعالى "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين من أوساط ما تطعمون أهليكم او كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام" وهذه هي الآية "89" من سورة المائدة. يقول البعض أنه في مصحف ابن مسعود هناك زيادة بكلمة "متتابعات".. أي أن الآية تستكمل كالتالي " فصيام ثلاثة أيام متتابعات" وادعى هؤلاء أنه في مصحف أبي بن كعب، جاءت كلمة متتابعات هكذا "فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر متتابعات".

ويعقب: هذا مخالف لما ثبت نقله بالتواتر، فكلمة "متتابعات" جاءت في مصحف ابن مسعود، لكنها غير متواترة، وهناك فرق بين المنقول بالشهرة والمنقول بالتواتر، وبالتالي فان ما نقل عن ابي بن كعب هو عن خبر أحاد، ونحن لا نقبل في القرآن أي خبر غير متواتر.

ووجود كلمة "متتابعات" في مصحف ابن مسعود كان من قبيل الايضاح، لأن الصحابة كانوا يكتبون تفسير بعض الكلمات من فم الرسول صلى الله عليه وسلم بجانب الكلمة القرآنية نفسها.

ويشير إلى عدم صحة الروايات المنسوبة لهذين الصحابيين. فمثلا يقال إن أبي ابن كعب أسقط من المصحف دعاء كان يتلى (دعاء القنوت في ما سمي بسورتي الخلع والحفد) وهذا غير صحيح ولم يثبت أن هذا موجود في مصحف أبي بن كعب. وحتى لو افترضنا وجوده فهذا لا يعني أنه قرآن، لأن أي صحابي كان عنده مصحف كان يكتب بجانب الآيات بعض الكلمات والتفسيرات التي ليست من النص القرآني وذلك للايضاح، اضافة إلى ان كلام القنوت المروي عن أبي بن كعب يفتقد الحجة على أنه قرآن منزل، بل هو ضرب من ضروب الدعاء، لأنه لو كان قرآنا لنقل إلينا نقل القرآن.

ويواصل الجندي: يمكن القول أيضا باحتمال كون دعاء القنوت كلاما منزلا ثم نسخ تلاوة ونصا، فما المانع أن يكون من باب المنسوخ، وحكمة هذا الشئ هو التدرج في التشريع وفي الرأفة والرحمة من الله ونقل العباد من حالة إلى حالة أخرى، فمن حق الله أن يغير ويبدل ما أنزل وليس ملزما بأن يظل أول تشريع له ساريا على الخلق، وهنا تتجلى حكمة الناسخ والمنسوخ الذي تم في حياة الرسول بوحي من الله.




مصحف عثمان وآية الرجم

ويؤكد خالد الجندي أن مصحف عثمان الذين بين أيدينا الآن هو المصحف الكامل بغير تحريف أو نقص أو زيادة أو تغيير، وليس فيه كلمة ولا رمز مختلف عن الحالة الأولى التي جمع فيها القرآن ولو كان هذا ممكنا لبطل اعجاز القرآن الكريم، وبطلت المزية التي يتميز بها.

وقال: آية الرجم لم تنزل في القرآن الكريم، والرسول صلى الله عليه وسلم. مفرقا بين "ذكر مبين" بفتح الباء نزل على الرسول والمعني به القرآن الكريم، و"ذكرمبين" بكسرها والمعني به "السنة"، فلماذا لا تكون هذه الآية من الذكر المبين "بالكسر" وهذا الأخير لم ينتبه إليه أحد ونريد أن نؤلف فيه كتابا، والصحابة كانوا يعلمون هذا وبالتالي لم يتحرجوا أن يطلقوا كلمة "آية" على الحديث النبوي.

وأضاف الجندي: البسملة وردت مرتين في القرآن، الأولى في سورة الفاتحة، والثانية في سورة النمل "انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم" لكنها ليست من القرآن عندما تقرأ قبل كل سورة، فلم يقل أحد بذلك، وعدم قراءتها قبل سورة التوبة سنة عن الرسول، لأننا نقرأ القرآن بالتواتر، فالصحابة قلدوا الرسول في ذلك، ثم التابعون فالأئمة القراء.




ما اعتمد عليه جمع القرآن

وأوضح ان العبرة عند الصحابة كانت بالمحفوظ لا بالمكتوب، والقرآن الكريم حفظ صدرا قبل أن يحفظ سطرا، وقد حفظ في صدر الرسول وهو لا يقرأ ولا يكتب، وهذه اشارة إلى أن المعتمد في جمع القرآن هو ما في الصدر وليس ما في السطر. وكان الشرط ان يأتي الصحابي الحافظ الذي يريد أن يثبت آية من القرآن باثنين من الصحابة يشهدان على صحة ما قاله.




جبريل راجع القرآن المكتوب 24 مرة

وقد كتب القرآن في عهد الرسول، وظلت تلك المكتوبات موجودة بدون تحريف إلى أن تم جمعه في عهد أبي بكر ولكن تلك المكتوبات لم تكن حجة على ما في الصدر. وقال الجندي إن جبريل عندما كان ينزل على الرسول راجع القرآن مكتوبا أربعا، وكان يطلب منه أن يرسل إلى ابن مسعود – أحد كتاب الوحي - بأن يضع آية معينة في سورة معينة وهكذا، وقد أعيد جمع هذه المكتوبات في عهد أبي بكر على نفس الحالة التي كانت في عهد الرسول ثم كتبت في مصحف عثمان.

ويفرق خالد الجندي بين كتابة وجمع القرآن. فالكتابة حصلت في عهد الرسول، وجمع محفوظا ومكتوبا في سور في عهد أبي بكر، حيث كان يطلب شاهدين من حفظة القرآن على كل كلمة مكتوبة، ليشهدا أنهما سمعاها من فم الرسول.




أراء د. الجابري

وكان د. محمد عابد الجابري قد قال في مقال والذي نشرته "العربية.نت" نقلا عن صحيفة " الاتحاد" الاماراتية إن موضوع الزيادة والنقصان في القرآن موضوع قديم كثر فيه القيل والقال، متناولا التأويل والنقص والزيادة في الحروف أو الحركات كاختلاف القراءات، والزيادة والنقص في الآية والسورة، والاختلاف حول البسملة، هل هي من القرآن أم لا.

وأضاف الجابري: هذه الأنواع من التحريف واقعة في القرآن ومعترف بها بصورة أو أخرى من طرف علماء الإسلام تحت العناوين التالية: التأويل، الأحرف السبع، القراءات، مسألة البسملة... الخ.

وأشار إلى أن جميع علماء الاسلام من مفسرين ورواة حديث وغيرهم يعترفون بأن ثمة آيات وربما سورا قد "سقطت" أو "رفعت" ولم تدرج في نص المصحف. مواصلا بأن " ما يهمنا هنا هو ما يتصل بمسألة "جمع القرآن"، أعني ما يدخل في نطاق السؤال التالي: هل "المصحف الإمام" -الذي جمع زمن عثمان والذي بين أيدينا الآن- يضم جميع ما نزل من آيات وسور، أم أنه رفعت (أو سقطت) منه أشياء أثناء جمعه؟




http://www.alarabiya.net/Articles/2006/09/28/27851.htm
 
عمر المقبل قال:
كم أوصاني بعضهم بقراءة كتب هذا المخذول http://www.alarabiya.net/Articles/2006/09/28/27851.htm


الشيخ المكرم عمر المقبل

بارك الله فيك ونفع بما كتبت .

ونصيحة من القلب من اخيك الراية

احذر من الذين نصحوك بقراءة كتب الجابري كحذرك من الجابري نفسه.
 
أشكرك ـ أخي الراية ـ على نصيحتك ... وأبشرك أنني لم أقرأ له حرفاً واحداً ،وهذا من فضل الله عليّ .

بقي أن تعلم أن هذه النصحية جاءتني قبل ست سنوات ،وأتت من أناس أراهم اليوم أصيبوا بما أصيب به كثير من الشباب ...فآل أمرهم إلى : انحراف فكري + رقة في التدين !!


نسأل الله الثبات .
 
جزاك الله خيراً
قد كنت قرأت هذا المقال في صحيفة الإتحاد في العدد الصادر بتاريخ 26-9-2006 وتعجبت من سماح الصحيفة لهذا الزنديق بنشر مثل هذه الهرطقات والأدهى أن هذه الصحيفة يقرؤها كل من هب ودب والله المستعان
 
ليت الإخوة الأفاضل ينقلون لنا ما قاله الجابري في جريدة الاتحاد بنصه ....
ولكم الشكر ...

فلعل الرجل يشعر أنه لم يحصل على الشهرة المطلوبة التي نالها من هو أقل جهداً منه ... فأراد أن يفجر قضية تكسبه الشهرة بسهولة ويسر وذلك ببضع كلمات يطعن فيها بكتاب الله عز وجل .. سوف نعطيه نحن ما لم يحصل عليه بسنوات من العمل والكتابة
 
الدكتور محمد عابد الجابري ممن أضله الله على علم والعياذ بالله ، وله كتابات كثيرة جداً لكنها منزوعة البركة ، والمعجبون به في بعض جوانب شخصيته يزيد إعجابهم به بقدر قصورهم العلمي في علم الكتاب والسنة وليعذروني إن كان في هذا قسوة عليهم . وإلا فما أغنانا عن القراءة لمثل هذا الرجل الذي لم يهتدِ بنور الوحي لنفسه حتى تجرأ أن يقول مثل هذا الكلام في مقالاته هذه .
وهذا رابط مقالته للدكتور أحمد الطعان
http://www.alarabiya.net/Articles/2006/09/26/27781.htm
وقد بحثت عن المقالة في جريدة الاتحاد فلم أوفق للعثور عليها وهذا موقع الجريدة لمن أراد البحث بدقة عن المقالة الأصلية
http://www.alittihad.co.ae/channels.php?a=1&channel=1&journal=2006/10/06
 
المقال موجود في موقع تابع لموقع الصحيفة ولكنه خاص بصفحة وجهات نظر!!!!!!!!
وهذا هو
http://www.wajhat.com/
ومن أراد الحصول عليه فليدخل إلى الأرشيف ثم اختار تاريخ 26-9-2006
 
من الموافقات الغريبة ، أن يكون هذا الجابري مقتفياً أثر رجل في عصر ابن الأنباري ـ كما نقله عنه الإمام المفسر القرطبي ، فسبحان الله ! (تشابهت قلوبهم) ،وإليك ما ذكره القرطبي في أوائل تفسيره :

قال الإمام أبو بكر محمد بن القام بن بشار بن محمد الأنباري: ولم يزل أهل الفضل والعقل يعرفون من شرف القرآن وعلو منزلته، ما يوجبه الحق والإنصاف والديانة، وينفون عنه قول المبطلين، وتمويه الملحدين وتحريف الزائغين، حتى نبع في زماننا هذا زائغ زاغ عن الملة وهجم على الأئمة بما يحاول به إبطال الشريعة التي لا يزال الله يؤيدها، ويثبت أسها، وينمي فروعها، ويحرسها من معايب أولى الجنف والجور، ومكايد أهل العداوة والكفر.
فزعم أن المصحف الذي جمعة عثمان رضى اله عنه - باتفاق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على تصويبه فيما فعل - لا يشتمل على جمع القرآن، إذ كان قد سقط منه خمسمائة حرف، قد قرأت ببعضها وسأقرأ ببقيتها، فمنها: " والعصر ونوائب الدهر " فقد سقط من القرآن على جماعة المسلمين " ونوائب الدهر ".
ومنها: " حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس وما كان الله ليهلكها إلا بذنوب أهلها ".
فادعى هذا الإنسان أنه سقط على أهل الأسلام من القرآن: " وما كان الله ليهلكها الإبذنوب أهلها "، وذكر مما يدعى حروفا كثيرة.
وادعى أن عثمان والصحابة رضى الله عنهم زادوا في القرآن ما ليس فيه، فقرأ في صلاة الفرض والناس يسمعون: " الله الواحد الصمد " فأسقط من القرآن " قل هو " وغير لفظ " أحد " وادعى أن هذا هو الصواب عليه الناس هو الباطل والمحال، وقرأ في صلاة الفرض " قل للذين كفروا لاأعبد ما تعبدون " وطعن في قراءة المسلمين.
وادعى أن المصحف الذي ف يأيدينا اشتمل على تصحيف حروف مفسدة مغيرة، منها: " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم (1) " فادعى أن الحكمة والعزة لايشاكلان المغفرة، وأن الصواب: " وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم ".
وترامى به الغى في هذا وأشكاله حتى ادعى أن المسلمين يصحفون: " وكان عند الله وجيها " والصواب
الذي لم يغير عنده: " وكان عبدا لله وجيها "، وحتى قرأ في صلاة مفترضة على ما أخبرنا جماعة سمعوه وشهدوه: " لا تحرك به لسانك أن علينا جمعه وقراءته فإذا قرأناه فاتبع قراءته ثم إن علينا نبأ به ".
وحكى لنا آخرون عن آخرين أنهم سمعوه يقرأ: " ولقد نصركم الله ببدر بسيف علي وأنتم أذلة ".
وروى هولاء أيضا لنا عنه قال: " هذا صراط على مستقيم ".
وأخبرونا أنه أدخل في آية من القرآن مالا يضاهى فصاحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يدخل في لسان قومه الذين قال الله عزوجل فيهم: " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه " فقرأ: " أليس قلت للناس " في موضع: " أأنت قلت للناس " وهذا لايعرف في نحو المعربين، ولا يحمل على مذاهب النحويين، لأن العرب لم تقل: ليس قمت، فأما: لست قمت، بالتاء فشاذ قبيح خبيث ردئ، لأن ليس لا تجحد الفعل الماضي، ولم يوجد مثل هذا إلا في قولهم: أليس قد خلق الله مثلهم، وهو لغة شاذة لا يحمل كتاب الله عليها.....

ثم ساق شيئاً كثيراً من هذيانه ، ثم قال :
قال أبو بكر: وفي قوله تعالى " أنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " دلالة على كفر هذا الإنسان، لأن الله عزوجل قد حفظ القرآن من التغيير والتبديل، والزيادة والنقصان، فإذا قرأ قارئ: " تبت يدا أبي لهب وقد تب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب ومريته حمالة الحطب في جيدها حبل من ليف " فقد كذب على الله جل وعلا وقوله ما لم يقل، وبدل كتابه وحرفه، وحاول ما قد حفظه منه ومنع من اختلاطه به، وفي هذا الذي أتاه توطئة الطريق لأهل الإلحاد، ليدخلوا في القرآن مايحلون به عر الإسلام، وينسبونه إلى قوم كهولاء القوم الذين أحالوا هذا بالأباطيل عليهم.
وفيه إبطال الإجماع الذى به يحرس الإسلام، وبثباتة تقام الصوات، وتؤدي الزكوات وتتحرى المتعبدات.
وفي قول الله تعالى: " الر كتاب أحكمت آياته " دلالة على بدعة هذا الإنسان وخروجه إلى الكفر، لأن معنى " أحكمت آياته ": منع الخلق من القدرة على أن يزيدوا فيها، أو ينقصوا منها أو يعارضوها بمثلها، وقد وجدنا هذا الإنسان زاد فيها: وكفى الله المؤمنين القتال بعلى وكان الله قويا عزيزا.
فقال في القرآن هجرا، وذكر عليا في مكان لو سمعه يذكره فيه لأمضى عليه الحد، وحكم عليه بالقتل.
وأسقط من كلام الله " قل هو " وغير " أحد " فقرأ: الله الواحد الصمد. ... ـ إلى أن قال ـ :


ويقال لهذا الإنسان ومن ينتحل نصرته: أخبرونا عن القرآن الذي نقرؤه ولا نعرف نحن ولامن كان قبلنا من أسلافنا سواه، هل هو مشتمل على جميع القرآن من أوله إلى آخره، صحيح الألفاظ والمعاني عار عن الفساد والخلل ؟ أم هو واقع على بعض القرآن والبعض الآخر غائب عنا كما غاب عن أسلافنا والمتقدمين من أهل ملتنا ؟ فإن أجابوا بأن القرآن الذي معنا مشتمل على جميع القرآن لا يسقط منه شئ، صحيح اللفظ والمعاني، سليمها من كل زلل وخلل، فقد قضوا على أنفسهم بالكفر حين زادوا فيه " فليس له اليوم هاهنا حميم وليس له شراب إلا من غسلين من عين تجري من تحت الجحيم " فأي زيادة في القرآن أوضح من هذه، وكيف تخلط بالقرآن وقد حرسه الله منها ومنع كل مفتر ومبطل من أن يلحق به مثلها، وإذا تؤملت وبحث عن معناها وجدت فاسدة غير صحيحة، لا تشاكل كلام الباري تعالى ولا تخلط به، ولا توافق معناه، وذلك أن بعدها " لا يأكله إلاالخاطئون " فكيف يؤكل الشراب، والذي أتى به قبلها: فليس له اليوم هاهنا حميم وليس له شراب إلا من غسلين من عين تجري من تحت الجحيم لا يأكله إلا الخاطئون يؤكل.

انتهى المقصود من ذلك ...

نعوذ بالله من الخذلان ،ونسأله أن يميتنا معظمين لكتابه ،وشرعه .

 
أحسنت بارك الله فيك أبا عبدالله ، والأمر في شأن الشبهات كما تفضلتم يكرر اللاحق قول السابق بنصه أو بمعناه ، ولذلك فالرد على اللاحق كالرد على السابق سواء ، وتحضرني مقولة جميلة للجاحظ في كتابه في الرد على النظام وقوله بالصرفة ، حيث قال :(فكتبت لك كتابا أجهدت فيه نفسي وبلغت منه أقصى ما يمكن مثلي في الاحتجاج للقرآن والرد على كل طعان فلم أدع فيه مسألة لرافضي ولا لحديثي ولا لحشوي ولا لكافر مباد ولا لمنافق مقموع ولا لأصحاب النظام ولمن نجم بعد النظام ممن يزعم أن القرآن خلق وليس تأليفه بحجة وأنه تنزيل وليس ببرهان ولا دلالة" الرسائل : خلق القرآن (1/287). ففي معنى قوله (ولمن نجم بعد النظام) أنهم يكررون شبهات من قبلهم ، والرد عليهم جميعاً برد واحد . وأجمل منه عبارة الرافعي في أول كتابه (تحت راية القرآن) فقد ذكر كلاماً قريباً من هذا لعلي أتذكر نقله في وقت لاحق ، أو يتفضل أحد الأعضاء بذلك مشكوراً .


وكتاب ابن الأنباري هذا الذي نقل منه القرطبي كلامه في تفسيره عنوانه : الرد على من خالف مصحف عثمان ، وهو من كتب ابن الأنباري المفقودة ، وقد قام بجمع النصوص المتوافرة منه الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد في بحث نشره في مجلة الحكمة في عددها التاسع من ص 223- ص 240 ، وقد بسط البحث في هذا الموضوع في أربعة مباحث :
الأول : المقصود بمصحف عثمان.
الثاني : قصة مخالفة مصحف عثمان.
الثالث : جهود ابن الأنباري في علوم القرآن ، مع اعتناء خاص بكتاب (الرد على من خالف مصحف عثمان).
الرابع : نصوص من كتاب (الرد على من خالف مصحف عثمان) عرض وتحليل.
والعودة إليه نافعة إن شاء الله ، وبحسبي هنا الإشارة ، وقد ذكر الدكتور غانم أن تفسير القرطبي هو المصدر الذي عول عليه في تجميع متفرقات نصوص هذا الكتاب المفقود ، وقد سبق في مشاركة أخرى بعنوان :

أن كتاب المباني هذا من المصادر الجيدة التي اشتملت على كثير من نصوص كتاب ابن الأنباري هذا فلعله يظهر لنا بعد تحقيقه ما يسد هذا النقص في كتاب ابن الأنباري بإذن الله .
 
وأجمل منه عبارة الرافعي في أول كتابه (تحت راية القرآن) فقد ذكر كلاماً قريباً من هذا لعلي أتذكر نقله في وقت لاحق .

يقول الرافعي في تنبيه بين يدي كتابه البديع (تحت راية القرآن) :
نلفت القراء إلى أننا في هذا الكتاب إنما نعمل على إسقاط فكرةٍ خطرة ، وإذا هي قامت اليوم بفلان الذي نعرفه فقد تكون غداً فيمن لا نعرفه ، ونحن نرُدُّ على هذا وعلى هذا بردٍّ سواء ، لا جهلُنا من نجهله يُلطِّف منه ، ولا معرفتنا من نعرفه تبالغ فيه .
والفكرة لا تُسمَّى بأسماء الناس ، وقد تكون لألف سنةٍ خلت ثم تعود بعد ألف سنة تأتي ، فما توصف من بعدُ إلا كما وصفت من قبلُ ما دام موقعها في النفس لم يتغير ، ولا نظنه سيأتي يوم يذكر فيه إبليس فيقال : رضي الله عنه .
ونحن مستيقنون أَنْ ليس في جدال من نجادلهم عائدةٌ على أنفسهم ، إذ هم لا يضلون إلا بعلمٍ وعلى بينة !
فمن ثم نزعنا في أسلوب الكتاب إلى منحى بياني نديره على سياسة من الكلام بعينها ، فإن كان فيه من الشدة أو العنف أو القول المؤلم أو التهكم ، فما ذلك أردنا ، ولكنا كالذي يصف الرجل الضال ليمنع المهتدي أن يضل ، فما به زجرَ الأول بل عظة الثاني ، ولهذا في مناحي البيان أسلوب ولذلك أسلوب غيره)


رحمه الله وغفر له ما أبلغه ، وما أوقعه على دقيق المعاني ، وإنه لإمام من أئمة البيان في العربية لم ار له نظيراً في القديم ولا الحديث ، وقد نفع الله بكتبه في زمانه وبعد زمانه نفعاً كبيراً ، فسبحان الله المعطي .
 
اقرأ ... وتأمل

اقرأ ... وتأمل

من أحسن ما كُتِب عن هذا الرجل بعلم وعدل هذه المقالة:
مراجعات
العقل العربي بين الواقع والأمل ..
قراءة في فكر د/ محمد عابد الجابري
عبدالعزيز بن محمد الوهيبي​
هل يمكن بناء نهضة بعقل غير ناهض .. عقل لم يقم بمراجعة شاملة لآلياته ، ومفاهيمه ، وتصوراته ، ورُآه .. ؟ ! ثم لماذا لم تتطور أدوات المعرفة (مفاهيم ، مناهج ، رُؤى .. ) في الثقافة العربية (الإسلامية) خلال نهضتها في « القرون الوسطى » إلى ما يجعلها قادرة على إنجاز نهضة فكرية وعلمية مطردة التقدم ، على غرار ما حدث في أوربا ابتداءً من القرن الخامس عشر (الميلادي) . !
تلك هي الإشكالية التي شغلت ذهن المفكر المغربي د/ محمد عابد الجابري ، ودفعته إلى إصدار دراساته المتنوعة حول كثير من قضايا الفكر الإسلامي التي منها : « نحن والتراث » صدر عام 1980م و « الخطاب العربي المعاصر » صدر عام 1982م و « نقد العقل العربي » الذي بدأ صدور أجزائه عام 1986م . ولعل أهم هذه الدراسات وأكثرها ثراءً ، الدراسة الأخيرة التي جاءت في ثلاثة أجزاء ، كان الأول منها عن « تكوين العقل العربي » والجزء الثاني عن « بنية العقل العربي » والجزء الثالث عن « العقل السياسي » .
والجزء الأول والثاني ، أكثر أهمية في نظري من الجزء الثالث الذي درس نشأة الدولة في الإسلام ، وتطورها ... وحاول المؤلف فيه إبراز ما أسماه المحددات التي بقيت تحكم هذه الدولة في مختلف مراحل مسيرتها الطويلة هذه المحددات حصرها المؤلف من وجهة نظره في ثلاثة جوانب لا تتجاوزها وهي : العقيدة ، والقبيلة ، والغنيمة ... وأحسب أنه لايزال في هذا الموضوع العقل السياسي زيادة لمستزيد ولم يكن تناول المؤلف لهذا الموضوع كافياً ولا شافياً .
لاحظ الجابري ، عندما درس « بنية العقل العربي » أن التصنيف الشائع القديم للعلوم الإسلامية بتقسيمها إلى علوم نقلية وأخرى عقلية ، أو علوم دين وعلوم لغة ، أو علوم العرب وعلوم العجم ، لاحظ أن هذه التصنيفات لا تقوم إلا على اعتبار المظاهر الخارجية وحدها ، والتي تذكرنا بالتصنيف القديم للحيوانات حسب مظاهرها الخارجية وحدها : إلى حيوانات برية ومائية وبرمائية ، لكننا بحاجة إلى تصنيف جديد للعلوم الإسلامية كما ظهر التصنيف الجديد للحيوانات إلى فقريات ولا فقريات ؛ الأمر الذي فتح أمام علم البيولوجيا آفاقا جديدة خصبة وعميقةً .
لقد كان عمل الجابري في هذا البحث « نقد العقل العربي » محاولة للكشف عن هذا التصنيف الجديد ، محاولة لدراسة البنية الداخلية للفكر الإسلامي ، وإعادة التصنيف على أساس لا يؤخذ فيه بعين الاعتبار سوى البنية الداخلية للمعرفة : آلياتها ووسائلها ومفاهيمها الأساسية . من هذا المنطلق جاء التقسيم الجديد عند المؤلف للعلوم الإسلامية وتيارات التفكير الإسلامي إلى ثلاثة علوم أساسية هي :
علوم البيان : وتشمل الفقه وأصوله وعلم الكلام وعلوم اللغة .
علوم البرهان : وتشمل الفلسفة وخصوصاً فلسفة أرسطو !
علوم العرفان : وتشمل التشيع والتصوف والفلسفة الإشراقية .
كان الإمام الشافعي هو المؤسس للمنهج في العلوم البيانية ، وكتابه « الرسالة» يعتبر « قواعد المنهج » للفكر الإسلامي ، كما وضع ديكارت « قواعد المنهج » للفكر الفرنسي والأوروبي الحديث ، وقد لخص رحمه الله تلك القواعد بقوله : « ليس لأحد أبداً أن يقول في شيء حل ولا حرم إلا من جهة العلم ، وجهة العلم: الخبر في الكتاب أو السنة ، أو الإجماع ، أو القياس (الرسالة : 39) فجهة العلم بناء على هذا النص محصورة في أحد سبيلين : النص (من كتاب أو سنة أو إجماع) أو القياس (الذي هو إلحاق فرع بأصل لاتحادهما في العلة) فقياس التمثيل إذن هو الآلية المفضلة عند الفقهاء ، وهو الأسلوب الذي يحكم منهجهم في التفكير .. وعن الفقهاء انتقل المنهج إلى المتكلمين وعلوم النحو والبلاغة مُشَكّلاً بذلك مدرسة البيانيين .
أما علوم العرفان وهي العلوم التي يقدم فيها العقل استقالته فتبدأ مع بداية الترجمة ، عندما أمر خالد بن يزيد بن معاوية (ت 85 ه) بترجمة كتب الكيمياء ، والتنجيم ، وكتب الطب اليونانية والقبطية ، تلك الكتب التي تقدم رؤية هرمسية غنوصية للكون والإنسان ، ثم كان لجابر بن حيان دور في نشر هذه النظرة الهرمسية ، وشاركه في مثل هذا الدور الطبيب الرازي ،
أما في المجال العقائدي فقد كان الشيعة أول من تهرمس في الإسلام ، ولم تسلم الجهمية هي الأخرى من هذا التلوث وكذا الصوفية ، ثم جاء بعد ذلك دور التيارات الباطنية ممثلة في إخوان الصفا وفلسفة ابن سينا ، التي تزعمت التيارات الباطنية الإشراقية ، ثم غدت بعد ذلك طابعاً عاماً لكثير من التيارات المنحرفة التي كان مدار التفكير فيها والمنهج المفضل للوصول إلى المعرفة قائماً على أساس الكشف والعرفان والإشراق الذوقي الباطني ، وبخلاف كثير من الباحثين يرى المؤلف أن هذا الاتجاه لم يكن رد فعل ضد تشدد الفقهاء ، ولا ضد جفاف الاتجاه العقلي عند المتكلمين ، كلا ، لقد ظهر هذا النظام قبل أن تتطور تشريعات الفقهاء ، ونظريات المتكلمين إلى ما يستوجب قيام رد فعل من هذا القبيل ، لقد كان هذا التيار نتيجة لمحاولة عناصر معادية للفكر الإسلامي وللدولة الإسلامية قادته عناصر من الزنادقة وأتباع الديانات الوثنية ؛ من أجل تقويض البناء الفكري والسياسي للدولة الإسلامية .
هذا عن البيان والعرفان ... أما عن البرهان فيذكر المؤلف تبعاً لما يراه المستشرق كارل بروكلمان أن المأمون (198-218 هـ) إنما أمر بترجمة الفلسفة اليونانية لمواجهة العرفان المانوي الغنوصي الذي اعتمده الشيعة والزنادقة لمواجهة الدولة الإسلامية ، لقد كان الكندي (185-252 هـ) هو أول فيلسوف عربي حيث أكد على أن المعرفة إنما تكون حسية أو عقلية أو إلهية أداتها الرسل المبلغة عن الله ، وهو بذلك يرفض العرفان الشيعي الصوفي ، ثم جاء بعده الفارابي (260- 339 هـ) الذي حاول « الجمع بين الحكيمين » ، أرسطو وأفلاطون محاولا « التوفيق » بين تيارت الفلسفة اليونانية المختلفة ، متوصلاً بذلك إلى أن العرفان إنما هو ثمرة للبرهان .
لقد بقيت مدرسة بغداد كما يرى المؤلف من المأمون وحتى الخليفة القادر (381-22 هـ) مركزاً علمياً مخلصاً لاستراتيجية المأمون الثقافية القائمة على الارتكاز على أرسطو ، ومنطقه وعلومه في الحرب ضد الإسماعيلية العرفانية الهرمسية ، ثم تسلم بعد ذلك ابن رشد الراية عنهم ، وهو المفكر الذي احتفظ بصورة فلسفة أرسطو نقية كما جاءت عنه ، رافضاً إضافات الفارابي وابن سينا إلى هذه الفلسفة . هكذا تشكلت الدوائر الثلاث البيانية والعرفانية والبرهانية في الفكر الإسلامي ، لكنها لم تدم مستقلة بعضها عن بعض طوال الوقت ، لقد حصل تدريجيا تداخل بين هذه التيارات ... فلقد حاول ابن سينا تأسيس « العرفان » على « البرهان »، وذلك بالبحث في الفلسفة عن أسانيد للرؤية الهرمسية للكون والإنسان وعلاقتهما بالإله . كما حاول الغزالي تأسيس « البيان » على « العرفان » ، وذلك بالتشكيك في كل قيمة للمعرفة الحسية والتجريبية والعقلية ، متوصلاً بذلك إلى تفضيل طريقة « الكشف » والإلهام باعتبارها طريق اليقين الوحيد . بينما حاول ابن حزم تأسيس « البيان » على « البرهان » وذلك برفض قياس الفقهاء التمثيلي ، ومحاولة اعتماد البرهان المنطقي الأرسطي المبني على مقدمتين ينتج عنهما نتيجة ضرورية يقينية ، وتابعه على ذلك الشاطبي بعض المتابعة في محاولته لتأسيس فقه المقاصد . أما ابن رشد ، فقد سن محاولات الخلط بين هذه الحقول ، ورأى أن الشريعة صنو الحكمة وأختها الرضيعة ، وأن لا سبيل للبرهنة من أحدهما على الأخرى ... وهي نتيجة توصل إليها أبو سليمان المنطقي من قبل ، لكن كان لابن رشد فضل بلورتها وتوضيحها .
المؤسف كما يرى الجابري أن محاولة ابن رشد جاءت متأخرة فلم تلق أُذناً صاغية ممن جاء بعده من المفكرين ، بل كان النصر « للعقل المستقيل » في الحركة الصوفية والشيعية ، كما كان النصر حليفاً لاختلاط الأنهر عند المتكلمين الذي ظهر بظهور الرازي حيث قام تلميذه (الإيجي) بعد ذلك بوضع الصورة النهائية لعلم الكلام في كتابه « المواقف » حيث يختلط فيه « البيان » بـ « البرهان » بـ« العرفان » وبذلك ظهرت أزمة الأسس في الفكر الإسلامي ، وتشفي الحقيقة ثم ساد بعد ذلك الجمود والتقليد ، وتحريم الاجتهاد والنظر العقلي .
*** هذا عرض سريع لموضوع كتابي « بنية العقل العربي » و « تكوين العقل العربي » نأتي بعده إلى سؤال مهم :
تُرَى ما هي المدرسة التي يتبناها الجابري بين هذه المدارس المختلفة ، والتي يبشر بها ويدعو إليها ؟ !
ثم ما هو المقياس الذي اعتمده في قبول أو رفض هذه التيارات ، وما هي الخلفيات الفكرية والاعتقادية التي كانت تحكم نظرته نحو مختلف المدارس الفكرية .. ؟ !
قبل الشروع في الإجابة على هذه الأسئلة ، لابد من الإشارة إلى ظاهرة لا تخفى على القارئ لمختلف الإصدارات التي كتبها الجابري ؛ ألا وهي رغبته الدائمة في عدم الكشف عن توجهاته الفكرية بشكل سافر ... اتضح هذا جلياً في حواره مع « حسن حنفي » في كتاب « حوار المشرق والمغرب » حيث سود صفحات في بيان رغبة القراء في كشف القناع عن الخلفيات الأيديولوجية التي تحكم من يقرؤن له ، ومع ذلك فلم يحدد توجهاته بوضوح ... ! ! الذي يظهر لي أن حرص الكاتب على عدم إظهار توجهه الفكري يرجع إلى أحد سببين هما :
*إما أنه لا يزال في مرحلة التأمل والبحث والنظر ، فلم يحدد بعد توجهاته الفكرية .
*أو أن الباحث يرغب في نشر إنتاجه الفكري بين مختلف الأوساط دون عوائق تصنيفية تلحق به الضرر عند من لا يوافق على توجهه الفكري .
على أي حال ، فإنه يمكن من خلال التتبع لمختلف دراساته تَبَيّنَ خطوط رئيسة في خياراته الفكرية نشير إلى شيء منها ها هنا : بادئ ذي بدء ، لا يخفي الكاتب انحيازه للعقلانية حيث يقول : « ... نحن نصدر عن موقف نقدي ينشد التغيير ، من التحرك من موقع أيديولوجي واعٍ ، أي لا بد من الصدور عن موقف تاريخاني ( ؟ ) ، موقف يطمح ليس فقط في اكتساب معرفة صحيحة بما كان ، بل أيضاً إلى المساهمة في صنع ما يتبقى أن يكون ، وهو بالنسبة للمجال الذي نتحرك فيه : الدفع بالفكر العربي في اتجاه العقلنة ، اتجاه تصفية الحساب مع ركام ولا نقول رواسب اللامعقول في بنيته. (تكوين العقل العربي : ص 52) ... « لأن موضوعنا هو العقل ، ولأن قضيتنا التي ننحاز لها هي العقلانية » (التكوين : ص 7) . تبني العقلانية ، والدفاع عنها ، والتنويه برموزها كان هدف الجابري الذي لا يخفيه في عامة دراساته التي أصدرها ... لكن العقلانية بأي معنى .. ؟ ! انه لا يوجد صراحة من يعلن الحرب على العقل والعقلانية [1] لكن الاختلاف يظهر عندما يتحدد المقصود بالعقلانية ... فما هي يا ترى العقلانية التي يدعو إليها الباحث ، وينافح عنها .. ؟
من خلال الرموز الذين دافع عنهم الجابري يمكن تلمس ملامح تلك العقلانية ، وسماتها الأساسية . لقد عرض الباحث فكر أرسطو في « بنية العقل العربي » (ص 384) دون أن يتحفظ على شيء مما جاء فيه ، كما اعتبر الفارابي الذي يسمى « المعلم الثاني » اعتبره هو الذي أعاد تأسيس العقلانية في الإسلام ؛ نظراً لكونه أول من درس المنطق الصوري كاملاً ، وقد تغافل الباحث عن الجوانب الغنوصية في فكره ولم يعطها وزنها الذي تستحقه ، نظراً لأنه كما يقول جعل « العرفان » ينتج عن « البرهان » ، كما تبنى هجوم ابن حزم على القياس باعتباره منهجاً في البحث لا يفضي إلى اليقين ، واعتبر المنهجية الظاهرية الحزمية في الأصول أمتن من منهجية البيانيين وأقوم ، وكذا أعجب بمنهجية الشاطبي في الموافقات ، حيث بنى الأصول على المقاصد التي تعرف باستقراء أدلة الشرع ... لكن الشخصية الإسلامية التي تحتل قيمة لا منازع لها عند الجابري هي شخصية ابن رشد ... إن الخطاب الرشدي يبنى كله على النظر إلى الدين والفلسفة كبناءين مستقلين ، يجب أن يبحث عن الصدق فيهما داخل كل منهما وليس خارجه ، والصدق المطلوب هو صدق الاستدلال ، وليس صدق المقدمات ، ذلك أن المقدمات في الدين كما في الفلسفة ، أصول موضوعة يجب التسليم بها دون برهان : فإذا كانت الصنائع البرهانية ، في مبادئها المصادرات والأصول الموضوعة ، فكم بالحري أن يكون ذلك في الشرائع المأخوذة من الوحي والعقل . (تهافت التهافت 2/ 869) ، ولذلك « فإن الحكماء من الفلاسفة لا يجوز عندهم التكلم ولا الجدال في مبادئ الشرائع ، وذلك أنه لما كانت لكل صناعة مبادئ ، وواجب على الناظر في تلك الصناعة أن يسلم لمبادئها ، ولا يتعرض لها بنفي ولا إبطال ؛ كانت الصناعة العملية الشرعية أحرى بذلك ... » (التهافت 2/791) .
علامَ تدل هذه الكلمات ؟ ! اعتبار الشريعة نسقاً مغلقاً لا يمكن الاستدلال عليه من خارجه ؛ ألا يعني هذا أن الدين تسليم دون استدلال ؟ ! وإذا صح هذا فكيف يمكن التمييز بين الدين الصحيح والزائف ؟ ! ألا تحمل هذه الكلمات بذوراً علمانية خطيرة ؟ !
يعلق الجابري على منهج ابن رشد بقوله : « كانت الرشدية قادرة على طرق آفاق جديدة تماماً ، وهذا ما حدث بالفعل ، ولكن في أوروبا حيث انتقلت وليس في العالم العربي حيث اختنقت في مهدها ، ولم يتردد لصيحتها الأولى صيحة الميلاد أي صدى إلى اليوم .. » بنية العقل العربي : ص 323) أي صدى تردد في أوروبا ، إنه الصدى الذي تبنى العلمانية منهاجاً ، وجعل من الدين مواضعات اجتماعية وأخلاقية خاصة ، فمن تبنى العلمانية منهاجاً وجعل من الدين مواضعات اجتماعية وأخلاقية خاصة ، فمن شاء أن يلتزم بها فله ذلك ومن لم يشأ فلا جناح عليه ! ! أما أن يتدخل الدين في صياغة المنهج السياسي أو الاقتصادي ، أو العلاقات الخارجية ، فكلا ، ليس ذلك للدين وإنما هو للعقل البشري المجرد .. ! ! هل يريد الجابري هذه النتيجة .. ؟ ! من العدل أن نقول إنه لم يصرح بهذا في هذه الكتب ... لكن القارئ بسوء نية يمكنه أن يفهم ذلك .
** ملاحظات ومراجعات :
رغم الجهد الضخم الذي بذله الجابري في إعداد هذا المشروع الفكري مستفيداً في ذلك ممن سبقه من الباحثين ، مسلمين كانوا أو مستشرقين أو ماركسيين .. إلخ ؛ فإن المرء لا يسعه إلا أن يتبنى موقفاً مغايراً لما تبناه المؤلف في كثير من المواضع في تلك الكتابات ، نقف في هذا العرض عند بعض منها :
*من الملفت للنظر في هذا المشروع النقدي ، أنه في غمرة حماسته للفلسفة الأرسطية ، قد غض الطرف عن النقد الجوهري المتين الموجه قديماً وحديثاً لهذه الفلسفة ، سواء أكان ذلك في المنطق الذي يحكمها أو في النتائج والرؤية التي تنتج عنها ، حتى أن العلم الحديث لم يتمكن من تحقيق فتوحاته العظيمة حتى تحرر من أسرها ، والمؤلف خبير بالمنهج العلمي الحديث في البحث والتفكير ، حيث وضع فيه كتاباً في جزأين تحت عنوان « فلسفة العلوم » ، ظهر له من خلالهما البون الشاسع بين التفكير العلمي الحديث والمنهج الأرسطي القاصر فلماذا يا تُرَى جعل الباحث المنهج الأرسطي معياراً للحكم على فكر هذا العالم أو ذاك بالتقدم أو التخلف ، بالعقلانية أو عدمها ؟ ! حقيقةً .. لا يظهر لي سبب واضح وراء هذه الحماسة والاندفاع .
*رغم أن الجابري لم يبد عداءً نحو منهج البيانيين (فقهاء وأصوليين ولغويين) فهو في ذات الوقت لم يحدد موقفاً واضحاً من القضايا التي أثاروها ولم يبد انحيازاً مع تلك الطروحات أو ضدها ، وهو موقف غريب غير مبرر . ومن المسائل ذات الدلالة في هذا الموضوع أن ابن تيمية رغم مساهمته الثرية والعميقة في كل القضايا التي أثارها المؤلف في كتاباته ، لم يلق أي اهتمام يستحق الذكر مقارنةً بغيره من الشخصيات التي برزت في علم الأصول أو علم الكلام أو الفلسفة ... إلخ . ورغم عدم تحيزنا للأشخاص ، فإنه يمكن اعتبار هذه الظاهرة ذات دلالة لا تخفى ، حيث أن ابن تيمية يشكل ربما الصورة الأخرى لابن رشد ... فرغم اطلاعه الواسع على الفلسفة بمختلف تياراتها ، ودخوله في جدل عميق مع مختلف طروحاتها ، إلا أنه ظل على إيمان عميق لا يتزعزع بأن العقل لا يعارض النقل ولا يُضادّه ، وأن أكمل مناهج التفكير العقلي ، إنما هي تلك التي دعى إليها النقل وحث عليها . فهو بخلاف ابن رشد يؤمن بأن مبادئ الشرائع يمكن فحصها والاستدلال لها بالعقل ، كما أن مقدمات الفلسفة هي الأخرى تخضع للفحص العقلي والنقلي ؛ وذلك هو الموقف العلمي الصحيح ، وإلا كيف لمسلم أن يتورط بالقول بأزلية العالم ؟ ، وذلك مخالف لمسلمة قطعية من مسلمات الدين وهي الاعتقاد بأن هذا العالم مخلوق بعد أن لم يكن ! ! كيف لمفكر يحترم نفسه أن يسلم بالرؤية الفلكية الأرسطية ، ويبقى في ذات الوقت محترماً للنص الشرعي مؤمناً بما فيه ، بحجة أن هذه مقدمة فلسفية وتلك مقدمة كلامية شرعية ؟ ! أليس في ذلك تغييباً مقصوداً للوعي ؟ ! وعودة لا تخفى إلى التناقض ؟ !
*أشار المؤلف إلى أن منهجية البيانيين المفضلة هي الاستدلال بالشاهد على الغائب ، وهي دعوى غير مسلم بها ، فلقد كان للأصوليين المتقدمين كلام في الاستحسان ، والمصالح ، والاستقراء ، والاستنباط ، وهي طرائق في الفهم والاستدلال مغايرة لقياس الشاهد على الغائب . كما أن للعلماء المسلمين في مجال العلوم الطبيعية ، منهجاً تجريبيا متقدماً حتى إن المسلمين يعتبرون بحق وبشهادة الباحثين الغربيين أنفسهم سبّاقين إلى اكتشاف المنهج التجريبي ، وعنهم أخذته أوروبا في عصر النهضة ، وهي قضية لم يعطها الكاتب حقها من الاهتمام والتقدير الكافيين. هذه مسألة ... والمسألة الأخرى في هذا الصدد حول قيمة المنهج في الوصول إلى الحقيقة ... إن التقدم العلمي الهائل الذي تشهده العلوم التجريبية المعاصرة ، ليس في الحقيقة ناتجاً عن تقدم المنهج إطلاقاً ... إنما هو في الواقع ناتج عن الإمكانات الهائلة التي أودعها الله في هذا الكون ... إنها عظمة الله تتبدى في عظمة خلقه ، وليس ذلك ناجماً عن عظمة المناهج البشرية إن العلم يكتشف الطبيعة (الخلق) وقوانينها (السنن) ولا يخلقها من عدم ... بل إن لبعض علماء الفيزياء المرموقين المعاصرين وهو بول ديفيس البريطاني كتاباً سماه « ضد الطريقة - Against Method » يذكر فيه أن المنهج لم يكن في يوم من الأيام رائداً للبحث العلمي ، بل كان دوماً متخلفاً وتابعاً للبحث العلمي ! ! فالدور الضخم الذي يعطيه الجابري للمنهج يحتاج إلى مراجعة وتدقيق .
*في حديث المؤلف عن مرحلة التدوين في العصر العباسي ، أشار إلى ما كتبه ابن المقفع في رسالته التي سماها « رسالة الصحابة » حيث يرى فيها كما يرى محمد أركون إنها ذات نفس علماني واضح ... ! وحجتهم الوحيدة على ذلك : هو أنه لم يستشهد في هذه الرسالة بالقرآن ، ولا بالحديث ولا بأي عنصر آخر من الموروث الإسلامي .. ! والحقيقة أن القارئ لهذه الرسالة لا يجد ذلك النفس العلماني المزعوم ، وإنما غرض ابن المقفع الدعوة لتنظيم الدولة ، وتوحيد القضاء ، منعاً للاختلاط والاضطراب ، وذلك باستخدام سلطة الخليفة دون أي دعوة ظاهرة أو خفية إلى تنحية الشريعة ، أو تقديم بديل عنها ، وهو مطلب لا يوجد أي غبار عليه ، ولا يعتبر مطعناً في صاحبه ! .
*يركز الجابري في دراساته المختلفة على البعد العربي لمناهج التفكير والمدارس التي يحلل إنتاجها ، وهو بعد ليس له مبرر ، ذلك أن هذا التراث شاركت في بنائه وتكوينه عقول مختلفة من شتى الشعوب الإسلامية ، ولم ينفرد العرب في تكوينه ولا تدوينه ، وإنما هو ثمرة لتضافر جهود آلاف من الباحثين المسلمين في شتى التخصصات ، فلعل الكاتب خشي من سوء الفهم عند نقد العقل المسلم ، إذ يفهم بعضهم ذلك بأنه نقد « للمنهج الإسلامي » وليس لمناهج « المفكرين المسلمين » والفرق بعيد بين الأمرين . ورغم وجاهة هذا الاحتمال ، فإنه لا يكفي مبرراً لإضفاء صفة « قومية » على التراث الإسلامي ، ويمكن تلافي مثل هذه المخاطر بالتنبيه عليها في مطلع أو خاتمة مثل هذه الدراسة .
*وأخيراً ... رغم النجاح الواضح الذي حالف المؤلف في تعرية تيارات الغنوص ، والعرفان الرافضي والباطني والفلسفي والصوفي ، وكذلك في الكشف عن مناطق الضعف والخلل عند بعض التيارات الأخرى ، إلا أنه في ذات الوقت لم يبلور للقارئ الملامح النهائية للمشروع النهضوي المنشود الذي تتبناه هذه الدراسة وتدعو إليه ... فظاهر أن المؤلف لا يقف موقف الموتور المعادي للموروث الإسلامي ، لكنه في ذات الوقت لم يبشر به ، ويعتبره المخرج مما نعانيه من أزمة على شتى الصُعُد ..
إن الحلول التي قدمها المؤلف في نهاية كتابه عن العقل السياسي وهي :
«1- تحويل القبيلة : إلى تنظيم مدني سياسي اجتماعي : لأحزاب أو نقابات ... الخ ، وفتح الباب لقيام مجال سياسي حقيقي ، تمارس فيه السياسة ويصل بين سلطة الحاكم وامتثال المحكوم .
2- تحويل الغنيمة : إلى اقتصاد ضريبة في إطار اقتصادي إقليمي جهدي وفي إطار سوق عربية مشتركة تفسح المجال لقيام وحدة اقتصادية عربية تنموية .
3- تحويل العقيدة : إلى مجال يسمح بحرية التفكير وحق الاختلاف والتحرر من سلطة الجماعة المغلقة والتحرر من سلطة عقل الطائفة والتعامل مع عقل اجتهادي نقدي » (العقل السياسي : ص 37) .
هذه الحلول لا تمثل برنامجاً كافياً مبلوراً للخروج من أزمة التخلف والتبعية والتشرذم ... ولذلك فإنني أدعو الباحث وغيره من الجادين في الرغبة بنهوض هذه الأمة ، ومحاولة استئناف مسيرتها القيادية لذاتها وللناس أدعوهم إلى مراجعة موقفهم من الحل الإسلامي ، واتخاذ موقف أكثر علمية من الموقف الهلامي الذي يتخذه كثير منهم ... لابد لهم لكي يكونوا واقعيين مع أنفسهم أن ينحازوا للخيار الذي لا تقبل الأمة عنه بديلاً ... ألا وهو رفع شعار الحل الإسلامي ، والتبشير به والدعوة إليه والسير الحثيث والفعلي لإنجازه ... {عسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}(المائدة : 25) ... {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون }(البقرة : 138) ... {ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم وتكونوا شهداء على الناس }(الحج : 78) . والحمد لله رب العالمين .
________________________
(1) مما يؤسف له حقاً أن من بين المتمسكين بالنص في الإسلام من يتصور أن الإسلام ضد العقلانية، وأن مقتضى الوفاء للنص يعني الحرب والعداء للعقل ، ولذلك يصفون المخالفين لهم بالعقلانيين ، وهذا خطأ مركب ، فعلماء السلف لم يكونوا يسمون أهل البدع إلا بأهل الأهواء لا أهل العقول ، ولم يكونوا يحاربون العقل أبداً كيف والله تعالى يبين في كتابه الكريم أن هلاك الهالكين إنما كان بسبب ترك النص والعقل ] وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير [ ، وهذه العجالة لا تكفي لتوفية هذا الموضوع حقه .
(**) وفي رأينا أن ذلك الرأي ليس لسيء النية فقط وإنما يفهمه أيضاً حسن النية .


- البيان – عدد 71, ص:74, رجب 1414هـ.
 
عودة
أعلى