ابراهيم ماهر
New member
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في تفسير (الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية))، الجزء(4):
قال المؤلف الشيخ العراقي عبدالله خضر حمد-وفقه الله-:
قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة: 212]، أي: والله "يرزق من يشاء من خَلْقه، ويعطيه عطاء كثيرًا جزيلا بلا حصر ولا تعداد في الدنيا والآخرة" (2).
قال الضحاك: "يعني من غير تبعة في الآخرة" (3).
قال عطاء: "سالت ابن عباس عن هذه الآية: {والله يرزق من يشاء بغير حساب}، قال: تفسيرها: ليس على الله رقيب، ولا من يحاسبه " (4).
وعن سعيد بن جبير، بغير حساب قال: "لا يحاسب الرب" (5).
وقال ميمون ابن مهران: {بغير حساب}، قال: غدقا" (6). وروى عن الوليد بن قيس (7)، نحو ذلك.
قال الصابوني: " أي والله يرزق أولياءه رزقاً واسعاً رغداً، لا فناء له ولا انقطاع" (8).
قال الطبري: " والله يعطي الذين اتقوا يوم القيامة من نعمه وكراماته وجزيل عطاياه، بغير محاسبة منه لهم على ما منّ به عليهم من كرامته" (9).
قال الشيخ ابن عثيمين: "أي يعطي من يشاء من فضله بغير محاسبة على ذلك؛ فهم يأخذون أجرهم يوم القيامة مجاناً؛ لأن العوض قد سبق؛ ويحتمل أن المعنى بغير تقدير - أي لا يقدَّر لهم ذلك -؛ بل يعطون ما تشتهيه أنفسهم، كما قال تبارك وتعالى: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون} [الانشقاق: 25] أي غير مقطوع؛ لأن رزق الله لا نهاية له لا سيما الرزق في الآخرة" (10).
ويحتمل قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة: 212]، وجهان من التفسير (11):
أحدهما: المعنى: والله يرزق هؤلاء الكفرة في الدنيا فلا تستعظموا ذلك ولا تقيسوا عليه الآخرة، فإن الرزق ليس على قدر الكفر والإيمان بأن يحسب لهذا عمله ولهذا عمله فيرزقان بحساب ذلك، بل الرزق بغير حساب الأعمال، والأعمال ومجازاتها محاسبة ومعادة إذ أجزاء الجزاء تقابل أجزاء الفعل المجازى عليه، فالمعنى أن المؤمن وإن لم يرزق في الدنيا فهو فوق يوم القيامة.
والثاني: أن يكون المعنى أن الله يرزق هؤلاء المستضعفين علو المنزلة بكونهم فوق، وما في ضمن ذلك من النعيم بغير حساب، فالآية تنبيه على عظم النعمة عليهم وجعل رزقهم بغير حساب، حيث هو دائم لا يتناهى، فهو لا ينفد.
والثالث: ويحتمل أن يكون {بِغَيْرِ حِسابٍ} صفة لرزق الله تعالى كيف تصرف، إذ هو جلت قدرته لا ينفق بعدد، ففضله كله بغير حساب. وهذا معنى قول ميمون بن مهران (1)، والوليد بن قيس (2).
والرابع: ويحتمل أن يكون المعنى في الآية من حيث لا يحتسب هذا الذي يشاؤه الله، كأنه قال بغير احتساب من المرزوقين، كما قال تعالى: {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3]، وإن اعترض معترض على هذه الآية بقوله تعالى: عَطاءً حِساباً [النبأ: 36]، فالمعنى في ذلك محسبا، وأيضا فلو كان عدا لكان الحساب في الجزاء والمثوبة لأنها معادة وغير الحساب في التفضل والإنعام.
والخامس: أن المعنى: : "ليس على الله رقيب، ولا من يحاسبه ". وهذا قول ابن عباس (3)، وروي عن سعيد بن جبير (4)، نحو ذلك.
قال الشيخ السعدي: " فالرزق الدنيوي يحصل للمؤمن والكافر، وأما رزق القلوب من العلم والإيمان، ومحبة الله وخشيته ورجائه، ونحو ذلك، فلا يعطيها إلا من يحب" (5).
وقد ذكر الرازي: أن قوله تعالى: {والله يرزق من يشاء بغير حساب} يحتمل أن يكون المراد منه ما يعطي الله المتقين في الآخرة من الثواب، ويحتمل أن يكون المراد ما يعطي في الدنيا أصناف عبيده من المؤمنين والكافرين (6).
---------
(2) تفسير ابن كثير: 1/ 568.
كما جاء في الحديث: "ابن آدم، أَنْفقْ أُنْفقْ عليك"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا". [رواه الطبراني في المعجم الكبير (10/ 192) من طريق يحيى بن وثاب، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا، وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 51)].
وقال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39]، وفي الصحيح أن مَلَكين ينزلان من السماء صَبيحة كل يوم، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا. ويقول الآخر: اللهم أعط مُمْسكا تلفًا. وفي الصحيح "يقول
ابن آدم: مالي، مالي! وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، وما لَبسْتَ فأبليتَ، وما تصدقت فأمضيت؟ وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس". وفي مسند الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يَجمَعُ من لا عقل له. [المسند (6/ 71) من حديث عائشة رضي الله عنها].
(3) تفسير القرطبي: 3/ 30.
(4) تفسير ابن أبي حاتم (1978): ص 2/ 375.
(5) تفسير ابن أبي حاتم (1979): ص 2/ 375.
(6) تفسير ابن أبي حاتم (1980): ص 2/ 375.
(7) تفسير ابن أبي حاتم (1980): ص 2/ 375.
(8) صفوة التفاسير: 1/ 120.
(9) تفسير الطبري: 4/ 274.
(10) تفسير ابن عثيمين: 3/ 22.
(11) انظر: المحرر الوجيز: 1/ 285، وفتح القدير: 1/ 213.
(1) تفسير ابن أبي حاتم (1980): ص 2/ 375.
(2) تفسير ابن أبي حاتم (1980): ص 2/ 375.
(3) تفسير ابن أبي حاتم (1978): ص 2/ 375.
(4) تفسير ابن أبي حاتم (1979): ص 2/ 375.
(5) تفسير السعدي: 1/ 95.
(6) انظر: مفاتيح الغيب: 6/ 10 - 11.
ثم قال: " فإذا حملناه على رزق الآخرة احتمل وجوها:
أحدها: أنه يرزق من يشاء في الآخرة، وهم المؤمنون بغير حساب، أي رزقا واسعا رغدا لا فناء له، ولا انقطاع، وهو كقوله: {فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب} (غافر: 40) فإن كل ما دخل تحت الحساب والحصر والتقدير فهو متناه، فما لا يكون متناهيا كان لا محالة خارجا عن الحساب.
وثانيها: أن المنافع الواصلة إليهم في الجنة بعضها ثواب وبعضها تفضل كما قال: {فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله} (النساء: 173) فالفضل منه بلا حساب.
وثالثها: أنه لا يخاف نفادها عنده، فيحتاج إلى حساب ما يخرج منه، لأن المعطي إنما يحاسب ليعلم لمقدار ما يعطي وما يبقي، فلا يتجاوز في عطاياه إلى ما يجحف به، والله لا يحتاج إلى الحساب، لأنه عالم غني لا نهاية لمقدوراته.
ورابعها: أنه أراد بهذا رزق أهل الجنة، وذلك لأن الحساب إنما يحتاج إليه إذا كان بحيث إذا أعطى شيئا انتقص قدر الواجب عما كان، والثواب ليس كذلك فإنه بعد انقضاء الأدوار والأعصار يكون الثواب المستحق بحكم الوعد والفضل باقيا، فعلى هذا لا يتطرق الحساب ألبتة إلى الثواب.
وخامسها: أراد أن الذي يعطي لا نسبة له إلى ما في الخزانة لأن الذي يعطي في كل وقت يكون متناهيا لا محالة، والذي في خزانة قدرة الله غير متناه والمتناهي لا نسبة له إلى غير المتناهي فهذا هو المراد من قوله: {بغير حساب} وهو إشارة إلى أنه لا نهاية لمقدورات الله تعالى.
وسادسها: {بغير حساب} أي بغير استحقاق يقال لفلان على فلان حساب إذا كان له عليه حق، وهذا يدل على أنه لا يستحق عليه أحد شيئا، وليس لأحد معه حساب بل كل ما أعطاه فقد أعطاه بمجرد الفضل والإحسان، لا بسبب الاستحقاق.
وسابعها: {بغير حساب} أي يزيد على قدر الكفاية يقال: فلان ينفق بالحساب إذا كان لا يزيد على قدر الكفاية، فأما إذا زاد عليه فإنه يقال: ينفق بغير حساب وثامنها: {بغير حساب} أي يعطي كثيرا لأن ما دخله الحساب فهو قليل.
واعلم أن هذه الوجوه كلها محتملة وعطايا الله لها منتظمة فيجوز أن يكون المراد كلها والله أعلم. (تفسير الراي: 6/ 370 - 371).
((منقول))
جاء في تفسير (الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية))، الجزء(4):
قال المؤلف الشيخ العراقي عبدالله خضر حمد-وفقه الله-:
قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة: 212]، أي: والله "يرزق من يشاء من خَلْقه، ويعطيه عطاء كثيرًا جزيلا بلا حصر ولا تعداد في الدنيا والآخرة" (2).
قال الضحاك: "يعني من غير تبعة في الآخرة" (3).
قال عطاء: "سالت ابن عباس عن هذه الآية: {والله يرزق من يشاء بغير حساب}، قال: تفسيرها: ليس على الله رقيب، ولا من يحاسبه " (4).
وعن سعيد بن جبير، بغير حساب قال: "لا يحاسب الرب" (5).
وقال ميمون ابن مهران: {بغير حساب}، قال: غدقا" (6). وروى عن الوليد بن قيس (7)، نحو ذلك.
قال الصابوني: " أي والله يرزق أولياءه رزقاً واسعاً رغداً، لا فناء له ولا انقطاع" (8).
قال الطبري: " والله يعطي الذين اتقوا يوم القيامة من نعمه وكراماته وجزيل عطاياه، بغير محاسبة منه لهم على ما منّ به عليهم من كرامته" (9).
قال الشيخ ابن عثيمين: "أي يعطي من يشاء من فضله بغير محاسبة على ذلك؛ فهم يأخذون أجرهم يوم القيامة مجاناً؛ لأن العوض قد سبق؛ ويحتمل أن المعنى بغير تقدير - أي لا يقدَّر لهم ذلك -؛ بل يعطون ما تشتهيه أنفسهم، كما قال تبارك وتعالى: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون} [الانشقاق: 25] أي غير مقطوع؛ لأن رزق الله لا نهاية له لا سيما الرزق في الآخرة" (10).
ويحتمل قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [البقرة: 212]، وجهان من التفسير (11):
أحدهما: المعنى: والله يرزق هؤلاء الكفرة في الدنيا فلا تستعظموا ذلك ولا تقيسوا عليه الآخرة، فإن الرزق ليس على قدر الكفر والإيمان بأن يحسب لهذا عمله ولهذا عمله فيرزقان بحساب ذلك، بل الرزق بغير حساب الأعمال، والأعمال ومجازاتها محاسبة ومعادة إذ أجزاء الجزاء تقابل أجزاء الفعل المجازى عليه، فالمعنى أن المؤمن وإن لم يرزق في الدنيا فهو فوق يوم القيامة.
والثاني: أن يكون المعنى أن الله يرزق هؤلاء المستضعفين علو المنزلة بكونهم فوق، وما في ضمن ذلك من النعيم بغير حساب، فالآية تنبيه على عظم النعمة عليهم وجعل رزقهم بغير حساب، حيث هو دائم لا يتناهى، فهو لا ينفد.
والثالث: ويحتمل أن يكون {بِغَيْرِ حِسابٍ} صفة لرزق الله تعالى كيف تصرف، إذ هو جلت قدرته لا ينفق بعدد، ففضله كله بغير حساب. وهذا معنى قول ميمون بن مهران (1)، والوليد بن قيس (2).
والرابع: ويحتمل أن يكون المعنى في الآية من حيث لا يحتسب هذا الذي يشاؤه الله، كأنه قال بغير احتساب من المرزوقين، كما قال تعالى: {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 3]، وإن اعترض معترض على هذه الآية بقوله تعالى: عَطاءً حِساباً [النبأ: 36]، فالمعنى في ذلك محسبا، وأيضا فلو كان عدا لكان الحساب في الجزاء والمثوبة لأنها معادة وغير الحساب في التفضل والإنعام.
والخامس: أن المعنى: : "ليس على الله رقيب، ولا من يحاسبه ". وهذا قول ابن عباس (3)، وروي عن سعيد بن جبير (4)، نحو ذلك.
قال الشيخ السعدي: " فالرزق الدنيوي يحصل للمؤمن والكافر، وأما رزق القلوب من العلم والإيمان، ومحبة الله وخشيته ورجائه، ونحو ذلك، فلا يعطيها إلا من يحب" (5).
وقد ذكر الرازي: أن قوله تعالى: {والله يرزق من يشاء بغير حساب} يحتمل أن يكون المراد منه ما يعطي الله المتقين في الآخرة من الثواب، ويحتمل أن يكون المراد ما يعطي في الدنيا أصناف عبيده من المؤمنين والكافرين (6).
---------
(2) تفسير ابن كثير: 1/ 568.
كما جاء في الحديث: "ابن آدم، أَنْفقْ أُنْفقْ عليك"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا". [رواه الطبراني في المعجم الكبير (10/ 192) من طريق يحيى بن وثاب، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا، وحسنه المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 51)].
وقال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39]، وفي الصحيح أن مَلَكين ينزلان من السماء صَبيحة كل يوم، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا. ويقول الآخر: اللهم أعط مُمْسكا تلفًا. وفي الصحيح "يقول
ابن آدم: مالي، مالي! وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، وما لَبسْتَ فأبليتَ، وما تصدقت فأمضيت؟ وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس". وفي مسند الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يَجمَعُ من لا عقل له. [المسند (6/ 71) من حديث عائشة رضي الله عنها].
(3) تفسير القرطبي: 3/ 30.
(4) تفسير ابن أبي حاتم (1978): ص 2/ 375.
(5) تفسير ابن أبي حاتم (1979): ص 2/ 375.
(6) تفسير ابن أبي حاتم (1980): ص 2/ 375.
(7) تفسير ابن أبي حاتم (1980): ص 2/ 375.
(8) صفوة التفاسير: 1/ 120.
(9) تفسير الطبري: 4/ 274.
(10) تفسير ابن عثيمين: 3/ 22.
(11) انظر: المحرر الوجيز: 1/ 285، وفتح القدير: 1/ 213.
(1) تفسير ابن أبي حاتم (1980): ص 2/ 375.
(2) تفسير ابن أبي حاتم (1980): ص 2/ 375.
(3) تفسير ابن أبي حاتم (1978): ص 2/ 375.
(4) تفسير ابن أبي حاتم (1979): ص 2/ 375.
(5) تفسير السعدي: 1/ 95.
(6) انظر: مفاتيح الغيب: 6/ 10 - 11.
ثم قال: " فإذا حملناه على رزق الآخرة احتمل وجوها:
أحدها: أنه يرزق من يشاء في الآخرة، وهم المؤمنون بغير حساب، أي رزقا واسعا رغدا لا فناء له، ولا انقطاع، وهو كقوله: {فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب} (غافر: 40) فإن كل ما دخل تحت الحساب والحصر والتقدير فهو متناه، فما لا يكون متناهيا كان لا محالة خارجا عن الحساب.
وثانيها: أن المنافع الواصلة إليهم في الجنة بعضها ثواب وبعضها تفضل كما قال: {فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله} (النساء: 173) فالفضل منه بلا حساب.
وثالثها: أنه لا يخاف نفادها عنده، فيحتاج إلى حساب ما يخرج منه، لأن المعطي إنما يحاسب ليعلم لمقدار ما يعطي وما يبقي، فلا يتجاوز في عطاياه إلى ما يجحف به، والله لا يحتاج إلى الحساب، لأنه عالم غني لا نهاية لمقدوراته.
ورابعها: أنه أراد بهذا رزق أهل الجنة، وذلك لأن الحساب إنما يحتاج إليه إذا كان بحيث إذا أعطى شيئا انتقص قدر الواجب عما كان، والثواب ليس كذلك فإنه بعد انقضاء الأدوار والأعصار يكون الثواب المستحق بحكم الوعد والفضل باقيا، فعلى هذا لا يتطرق الحساب ألبتة إلى الثواب.
وخامسها: أراد أن الذي يعطي لا نسبة له إلى ما في الخزانة لأن الذي يعطي في كل وقت يكون متناهيا لا محالة، والذي في خزانة قدرة الله غير متناه والمتناهي لا نسبة له إلى غير المتناهي فهذا هو المراد من قوله: {بغير حساب} وهو إشارة إلى أنه لا نهاية لمقدورات الله تعالى.
وسادسها: {بغير حساب} أي بغير استحقاق يقال لفلان على فلان حساب إذا كان له عليه حق، وهذا يدل على أنه لا يستحق عليه أحد شيئا، وليس لأحد معه حساب بل كل ما أعطاه فقد أعطاه بمجرد الفضل والإحسان، لا بسبب الاستحقاق.
وسابعها: {بغير حساب} أي يزيد على قدر الكفاية يقال: فلان ينفق بالحساب إذا كان لا يزيد على قدر الكفاية، فأما إذا زاد عليه فإنه يقال: ينفق بغير حساب وثامنها: {بغير حساب} أي يعطي كثيرا لأن ما دخله الحساب فهو قليل.
واعلم أن هذه الوجوه كلها محتملة وعطايا الله لها منتظمة فيجوز أن يكون المراد كلها والله أعلم. (تفسير الراي: 6/ 370 - 371).
((منقول))