ربط التفسير بالواقع في السيرة النبوية

إنضم
16/11/2009
المشاركات
1,296
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
العمر
72
الإقامة
تارودانت-المغرب
روى الألباني في السلسلة الصحيحة عن عدي بن حاتم الطائي : " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال يا عدي اطرح هذا الوثن وسمعته يقرأ في سورة براءة : ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ﴾ فقلت إنا لسنا نعبدهم قال أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكن كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه فتلك عبادتهم " .
من خلال هذا الحديث يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم اتبع نهجا تربويا يتجلى فيما يلي :
1 - رأى حالة منافية للإسلام ؛ وهي أن عديا كان يحمل في عنقه صليبا . فكان رد فعل الرسول صلى الله عليه وسلم أن قال له : يا عدي اطرح هذا الوثن .
2 – قرأ صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم ما يبطل هذا الصنيع عند النصارى .
3 – من خلال قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم للآية استوعب عدي ما جاء في القرآن الكريم اعتمادا على فهمه الخاص . فأجاب : " إنا لسنا نعبدهم " .
4 – بين الرسول صلى الله عليه وسلم ما جاء في القرآن الكريم ، بقوله : " أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكن كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه فتلك عبادتهم " .
5 – بعد البيان النبوي للقرآن الكريم يتأكد أن الحالة التي عليها عدي بن حاتم من تعليق الصليب تخالف ما جاء به القرآن الكريم .
خلاصة : يلاحظ من هذا البيان النبوي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اتبع خطوات تعليمية إجرائية توجيهية بطريقة تربوية هادئة للتوصل إلى الهدف الواضح بكل سلاسة ورفق .
يقول تعالى : ﴿ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [النحل:64] .
فصلوات الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ، والحمد لله رب العالمين .
 
في إطار المهمة الربانية للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، نجده يعيش مع القرآن سلوكا وتوجيها ؛ ففي سلوكه صلى الله عليه وسلم كان قرآنا يتحرك ؛ سئلت عائشة رضي الله عنها عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : " كان خلقه القرآن " . أما توجيهاته صلى الله عليه وسلم وهو يبين للناس ما نزِّل إليهم - وتجمعها كتب السنة الصحيحة – فهي توجيهات مستمدة من القرآن الكريم . وهي نور يسري في كيان هذه الأمة ، التي هي خير أمة أخرجت للناس .
مواكبة التفسير للواقع هي من خصائص القرآن الكريم ؛ فهذا الكتاب هو كتاب الزمان كله والمكان كله . لذلك لا يخلو زمان من التفسير والبيان ، كما لا يخلو مكان من التفسير والبيان . لذلك وكما نرى توالت التفاسير تترى الواحد تلو الآخر عبر الزمان والمكان ؛ لأن الناس الذين يعايشون القرآن يحتاجون إلى فهمه وتطبيق تعاليمه من خلال مستجدات عصورهم . لهذا السبب كانت الحاجة إلى التفسير ملحة عبر كل الأجيال إلى قيام الساعة .

والله أعلم وأحكم
 
عودة
أعلى