رؤية في تطوير البرامج الإعلامية القرآنية

محمد السيد

مدير إشراف ملتقى البرامج الإعلامية
إنضم
20/04/2003
المشاركات
59
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
الرياض
بناء على طلب العديد من الزملاء الكرام ؛ سوف أطرح عليكم - وعبر عدة حلقات - رؤية في تطوير البرامج الإعلامية القرآنية ، وهي مسألة تنمو وتزهر بإضافاتكم ونقاشاتكم ، وقد حاولت أن أجعل الأمور سهلة دون الدخول في التفاصيل التي يجيدها المختصون .
في البداية ؛ لا بد لنا حين نفكّر في أي عمل إعلامي أن نتذكر مربعاً مهماً هو : المرسل ، المستقبل ، المضمون ، الوسيلة ، وتوضيح ذلك :
- المرسل : الجهة المقدمة للبرنامج ، وقد تكون شخصاً أو عدة أشخاص ، وقد تكون جهة لا يظهر منها أحد أمام المشاهد ، لكن يظهر نتيجة عملها أو أعدادها .
وللتوضيح أقول : بعض البرامج تعتمد على شخصية مقدم أو مقدمي البرنامج ، فقد يكون مبتدئاً أو يكون نجماً معروفاً ، وبين الاثنين تفاوت لايخفى .
فالمبتديء يحتاج إلى تتم مساعدته بعوامل أخرى جاذبة في البرنامج تغطي النقص في عدم شهرته ، أما النجوم فإنهم يسوقون أنفسهم بأنفسهم ، ولا يحتاجون لهذه العوامل ، لكنهم يحتاجون لأمور أخرى سأتحدث عنها لاحقاً .
أما البرامج التي لاتعتمد على مقدمين أو نجوم كالبرامج الوثائقية وما في حكمها ، حيث يمكن تقديم مادة علمية متكاملة في أمر قرآني محدد ، يتم الاعتماد فيه على الصورة فقط ، إضافة إلى عدد من الأشخاص يشاركون في البرنامج بوصفهم ضيوف .
تتميز الأفلام الوثائقية بقدرتها على تقديم معلومات دقيقة وكبيرة بأسلوب راقٍ وطريقة عالية في تسهيل إيصال المداة اعتمادأ على الصورة والصوت وعوامل أخرى كثيرة .
وللمرسل أهداف من تقديم برامجه ؛ فإما أن يكون برنامجاً علمياً ، أو تعليمياً أو وعظياً ، أو تدريبياً أو تسويقياً لجهة أو لشيء أو لكتاب .. إلخ .
وكل نوع مما ذكرت وسيلة في التقديم تختلف عن الأخرى ، لكن لا بد أن يجتمع في كل ماذكرت أمور :
- الإعداد الجيد ، فالجمهور يفضح المتحدث إن لم يكن أعد إعداداً جيداً ، يجب ألا يتعود المتحدث على معلوماته السابقة في ذهنه .
- شخصية المتحدث وقدراته وإمكاناته ، وهذه مسألة ذات شقين :
الأولى : الإمكانات الذاتية والاستعدادات الفطرية ، وهي مسألة لا بد منها ، فليس كل الناس قادراً على التحدث والإقناع .
الثانية : التدريب على مهارات التحدث والمخاطبة في البرامج الإعلامية المختلفة ، وهذه مسألة يعقد لها دورات كثيرة ، تنمي ملكة المرء في الحديث وطريقته .
- طبيعة بعض البرامج ربما تكون مقدمة من شخص واحد فقط ، أو أكثر من شخص ، وبعضها تقدم بأسلوب حواري أو شبه حواري ، وأقصد بالأخير أن يقدم البرنامجان شخصان أعدا البرنامج بشكل جيد ، ويكون التقديم بينهما بشكل متكامل ، بحيث لا يبدو أحد المقدمَين أفضل من الآخر ، بل يتمم كل منهما ما ينقص الآخر ، وهذا يكسر بعض الجمود في المقدمين إضافة إلى الإفادة من الإمكانات الذاتية لكل مقدم .
 
2/
ومما يتبقى الإشارة إليه أن على المرسل - في البرامج المرئية - أن يهتم بشكله وهندامه ، وهي مسائل مهمة في نظر المتلقي ، فلا يكفي أن تكون مادته قوية وغزيرة ، لكنها عوامل تساعد على النجاح بشكل أفضل وإيصال الرسالة بجودة عالية ، كما أود أن أشير إلى ضرورة أن يتابع المرسل بعض البرامج الناجحة ليظهر له سر نجاحها حتى يفيد من ذلك في برنامجه .
- المستقبل : من المهم تحديد طبيعة المستقبل للرسالة ، وبناء الخطاب الموجه لهم وفق طبيعتهم ، وهنا يحسن إبراز بعض المحددات في ذلك ، فربما كان المستقبل أي : المشاهد :
عرباً ، وربما كانوا غير عرب ، وربما كانوا مسلمين ، أو غير مسلمين ، وربما كانوا رجالاً أو نساءً ، أو شباباً أو أطفالاً أو كهولاً ، وربما كانوا من بلاد المشرق أو من المغرب العربي ، من الخليج أو الشام ، عوام الناس أم نخبة الناس ، أم المهتمون بهذا الفن ....
إن كل هذه العوامل يمكنها أن تؤثر في طبيعة الخطاب وبالتالي الرسالة المرسلة من خلال البرنامج ، ويجب أن تكيف هذه الرسالة وفق طبيعة هذا المشاهد .
فمن الخطأ أن تخاطب العوام كما تخاطب النخبة من طلبة العلم ، أو كما تخاطب المختصين من أهل الفن ، ومن الخطأ أن تخاطب أهل المغرب بمصطلحات لا يفهمها إلا أهل المشرق ، ومن الخطأ مخاطبة الكبار بلغة خطاب الأطفال أو العكس ، ومن الخطأ مخاطبة غير المسلم بمصطلحات ومعلومات لا يفهمها إلا المسلم ، ومن الخطأ مخاطبة غير العرب بلهجة لا يفهما إلا العرب وهكذا .
إنك قد تشاهد أو تسمع برامج كثيرة تبث لغير ما وضعت لأجله ، فلربما كانت هنك دورة أو ندوة أو محاضرة وضعت للنخبة أو المختصين ، فإذا بك تشاهدها أو تسمعها في قناة عامة ، وهذا لايمنع إذا كان الأمر مقصوداً فيه من يشاهد أو يسمع من المختصين ، لكن إن كان القصد ملء الفراغ ؛ فأن المتلقي ملول ، وسينتقل عبر الريموت إلى محطة أخرى ، وبذلك تكون قد خسرته .
ومما يترتب على ذلك لغة الخطاب ؛ فحين تخاطب عامة الناس يجب ان يكون الخطاب بلغة سهلة غير معقدة ، كما يجب التبسط مع الناس ، والبعد عن التكلف .
سمات المتلقي :
على أن مشكلة المتلقي أنه حر الاختيار ، فليس ثمة مايجبره على متابعتك ، كما أنه متقلب ولديه مزاجية تجعله يتابعك مرة ويتركك أخرى ، وفي كثير من الأحيان يتابعك وهو مشغول أو شارد الذهن ، إذ يتابعك وهو في سيارته فربما انشغل في الطريق ، أو يتابعك في بيته وربما يكون مشغولاً مع أهله أو سوى ذلك ، وهذا الانشغال أو الشرود يجعل تركيزه قليلاً إلا على مايري أنه يمثل له شيئاً مفيداً أو مهماً ، كما ان غالبية المشاهدين يبحثون عن برامج المتعة وليس عن البرامج الجادة ، وبرامج القرآن وعلومه برامج جادة ، نحتاج إلا أن نكيفها لتكون ممتعة ، لا لتتخلى عن وقارها بل لتخرج من جمودها قليلاً ، وأخيراً فإن من سمات المشاهد أنه متنوع التفاعل ، فثمة من يتفاعل ويسأل وينتقد ويشارك ويضيف ، وهذا قمة التفاعل ، وهناك من لايكترث إطلاقاً ، وبين هذا وذاك تكمن فئة ثالثة تتفاعل إلى حد ما .
وعليه ؛ فمن المهم مراعاة كل ذلك ، وأنت تعد مادة هذا البرنامج أو ذاك .
 
المضمون الذي ستقدمه البرامج الإعلامية القرآنية يتعلق بكتاب الله تعالى ، وهذا الأمر كما هو ميزة إلا أنه في الوقت نفسه تحدٍ بالغ الصعوبة ، فالمرسل بحاجة إلى أن يقدم مايتعلق بكتاب الله تعالى بشكل أنيق يساعد على المتلقي على متابعته .
ويتراوح المضمون الذي سوف اتحدث عنه بين المعلومات التي يمكن تقديمها في موضوع ما ، كالمعلومات المتعلقة بتفسير القرآن أو علوم القرآن ، أو طبقات المفسرين أو نحو ذلك من العلوم المتعلقة بالقرآن .
كما ويمكن تقديم الأفكار والآراء والاجتهادات التي ربما تكون موضع نقد ونقض في قضية قديمة أو حديثة ، أو موضع تجديد وتطوير لقضايا درست أو نحو ذلك .
وإضافة إلى ذلك ؛ يمكن تقديم بعض المهارات التي تُعنى بطريقة التعامل مع كتاب الله تعالى أو تفسيره أو علوم القرآن ، أو ماسوى ذلك من المهارات التي تؤسس لتعامل صحيح من هذا النص الخالد .
ويتميز هذا المضمون المذكور بأنه متنوع المجالات ، ولا يمكن حصره في جانبٍ معينٍ ، فحيثما يممت وجهك في مسائل القرآن وعلومه ستجد قضايا وموضوعات بعضها قتل بحثاً ، وبعضها لا يزال بحاجة إلى مبضع الجراح ليعالجها بأناة وعلم وتعقل ، وبعضها بحاجة إلى إعادة الطرح والتجديد في ذلك .
كما يتميز هذا المضمون بأنه سريع التبخر ، خاصة في خضم هذا الكم الهائل من البث والمشغلات عن البرامج الجادة والعلمية ، وهذا يعني الحاجة إلى مراعاة طرق تثبيت المعلومة والتجديد في ذلك .
وثمة ميزة ثالثة لهذا المضمون أنه متعدد الوظائف ، فلربما نستفيد منه في أكثر من شيء ولا نتوقف عند نقطة محددة أو موضوع معين ، فأنت تدرس جانباً علمياً من أكثر من جانب ، وتقدمه للمتلقي ليفيد منه على أكثر من صعيد .
وإذا كنا نتحدث عن أهمية المضمون ؛ فإن هذا يعني ضرورة التخطيط لهذا العمل الإعلامي بشكل جيد ، حتى يؤتي البرنامج القرآني أكله التي يرجوها مقدمه أو الجهة التي تأتي من ورائه ، وسوف يكون لذلك حديث تفصيلي إن شاء الله .
غير أن مما يساعد على نجاح أي برنامج قرآني الإعداد الجيد له ، وهذا الإعداد يتسق مع عدد من النقاط المذكورة آنفاً ، كما يجب أن يتسق مع عدد من النقاط التي سوف يأتي الحديث عنها .
وأقصد بالإعداد مفهومه العام ، والذي يشمل الطريقة المثلى لتقديم المضمون الجيد ، والتي تعطي جرعة متميزة في قالب إعلامي معاصر ومناسب للمتلقين .
بقي أخيراً من المربع الإعلامي الوسيلة التي سوف يتم تقديم هذا المضمون من خلالها ، فقد تكون هذه الوسيلة مطبوعة كأن تكون جريدة أو مجلة علمية او عامة ، فلهذه الوسيلة قراؤها وجمهورها وطريقة خطابها .
وربما كانت الوسيلة مسموعة عبر الإذاعة أو الأشرطة أو الأقراص ، ولهذه الوسيلة أيضاً طريقة في الخطاب تختلف عن سابقتها ، حيث يتم مراعاة الصوت ونبراته ، وعدم مشاهدة المتلقي للمتحدث ، وغير ذلك من المهارات .
وهناك الوسائل المرئية التلفازية التي ملكت الناس الناس الآن ، واستولت على عقولهم ، وهي مختلفة عن سابقتها تماماً ، وأكثر سقطات مقدمي البرامج الدينية والقرآنية منها ، تحدث في هذا النوع من البرامج ، فأنت تشاهد البرنامج التلفازي لكنك لو أخفيت الصورة وأبقيت على الصوت لما تغير شيء ، ولما اختل البرنامج ، وهذا إشكال كبير .
وأخيراً تأتي الوسائل الإليكترونية ، وعلى رأسها الإعلام الجديد ، ( الفيسبوك ، تويتر ...) ، وهذا له مهاراته التي يجب على مقدمي هذه البرامج إتقانها ليحقق الفائدة المطلوبة للمتابعين .
خلاصة القول إن لكل شيء آلته ؛ وهذا يعني أهمية التدريب على هذه الآلة حتى نقدم برنامجاً مميزاً ، وأما ماسوى ذلك ؛ فسيكون برنامجاً في مصاف البرامج القائمة التي لا يؤبه لها .
 
4/
بناء على ماسبق ؛ نحتاج إلى إلى تحديد دورية هذه الرسالة الإعلامية التي سوف نرسلها للمتلقي ، وهذه الدورية تختلف من مكان لآخر أو وقت لآخر :
- فيمكن أن تكون دورية الرسالة يومية ، وهذا يعني ان تكون سريعة ، وتعلق على الأحداث بشكل يومي ، وربما تتجاوز الأحداث لكنها تظل في إطار متسارع ، يعطي المتلقي جرعة يومية .
- ويمكن أن تكون أسبوعية ، ولا شك أنها دورية متوسطة ، وتعمل بوتيرة أبطأ من الأولى ، ولكنها ربما كانت قادرة على تقديم معلومة ومنتج أكثر هدوءاً وإتقاناً من الاولى .
- ويمكن أن تكون شهرية ، وهذه أغلب ماتكون في المسائل المعمقة التي تحتاج إلى مزيد بحث وتدقيق وتأصيل ، وإنتاج فيه حهد علمي وفني واضح .
لكن من المهم أن نلفت التظر هنا إلى أن أي دورية من هذه الدوريات لا بد أن يتم الإعداد لها بشكل جيد ، وأن يتم الإعداد من خلال تجهيز عدد حلقات دفعة واحدة ، حتى يتم البدء بالمشروع ، ومن ثم يتم الاستمرار على هذا النسق ، لكن حين يتم إعداد حلقة واحدة فقط ؛ يصبح البرنامج - ربما - عرضة للتاخر أحياناً ، وللضعف أحياناً اخرى نتيجة عدم الإعداد الجيد له .
وإذا تاملنا في وسائل الإعلام الحالية ؛ نجد أن الإعلام المرئي التلفازي والإعلام الجديد أصبحا يتربعان على أنواع الإعلام الأخرى ، كما اقتطعا قطعة كبيرة من كعكة الإعلام التقليدي ، وهو ما نشاهد نموه اليومي .
إن هذا الإعلام يتميز بأنه متاح للمتلقي دائماً ، في بيته أو مكتبه أو شاشة حاسبه المحمول ، وحتى الأجهزة الكفية ، وهذه التقنيات أصبحت الآن في متناول الجميع ، ولم تعد مقتصرة على فئة دون أخرى ، وبالتالي فلايحتاج المتابع لبرنامج أن يبذل جهداً كبيراً في الوصول إلى مايريد أو متابعته .
وإضافة إلى ذلك ؛ سيجد كل إنسان بغيته ؛ فمن يتابع الأمور الجادة سيجدها وبكثرة ، ومن يتابع الترفيه سيجد وبكثرة ، وسوف يندرج تحت هذين الصنفين عدد هائل لايحصى من البرامج .
كما تتميز هذه البرامج بكونها سريعة التطور في الشكل والمضمون ، وتطورها هذا مرتبط بتطور التقنيات والتجهيزات التي أصبحت تتغير بشكل سريع ومريع .
وأخيراً ؛ أصبح لهذه الوسائل الإعلامية قدراً هائلاً من التاُير لا يمكن الاستهانة به أو تجاهله ، وأصبحت تدير سياسات أو تغيرها ، بل أصبحت تقود التغيير في العالم .
وإذا كنا ندرك ذلك ؛ فهذا يجعلنا نبدأ من حيث انتهى الآخرون ، من خلال تملك أدوات ذلك حتى لا يسبقنا العصر ، فنشعر عندها بأننا نحوال اللحاق بالركب فقط .
والبرامج الإعلامية القرآنية ليست بمعزل عما سبق ، إذا لم توضع في الإطار المذكور ، لتكون انطلاقتها مواكبة لهذا التطور .
 
5/
كل ماسبق يؤسس لأمر لا بد من الإشارة إليه وهو أهمية التخطيط لأي برنامج إعلامي قرآني بشكل جيد ، والتخطيط جزء من عملية أساس من عمليات الإدارة ، يكملها التنظيم والتوجيه والرقابة .
وعليه ؛ فإن التخطيط يجب ألا يكون معزولاً عن رؤية ورسالة الشخص أو الجهة التي ترغب في تطوير البرنامج القرآني ، واهدافهم العامة ووظائفهم الرئيسة ، في ضوء الموارد المتاحة والسياسات العامة ، ووضع السوق والجمهور المستهدف .
إن هذه الضوابط الخاصة بتعريف التخطيط ليست جديدة ، لكن التذكير بها مهم ، لئلا تخرج أي مؤسسة قرآنية عن المسار الذي رسمته لنفسها ، تحت ضغط الواقع والحاجة لتغطية بعض الثغرات الموجودة هنا او هناك ، فتضطر للدخول في اماكن ليست ضمن أولوياتها ، ولا اختصاصاتها .
كما أنها في المقابل قد يكون الأمر ضمن اختصاصها وخططها لكنها قد تتجاوز الموارد المتاحة لها ، فيكون الأمر عبئاً عليها لا تستطيع الوفاء به أو التصدي له .
وثمة من يعمل على إنتاج برامج قرآنية بمعزل عن السوق ، فهو لم يقم بحصر البرامج الموجودة لمعرفة الجيد منها والأقل جودة ، ولم يبحث عن البرامج التي تسد الفراغات أو النقص في هذا المجال ، كما لم يكلف نفسه سؤال المختصين عن آلية طرح البرامج وكيفية عمل السوق ، إضافة إلى كونه يعمل بمعزل عن جمهور المستفيدن من برامجه - كما قد أشرت في حلقة سابقة - ، فيقدم لهم شيئاً ليس ضمن أولوياتهم بل هو ضمن أولوياته هو ، أو يقدم شيئاً تجاوزه الناس .
قصارى بعض مقدمي البرامج أنهم يقدمون مايريدون هم بمعزل عن كل الظروف المحيطة بهم وببرامجهم ، والواجب أن ينأوا بانفسهم عن ذلك ويوائموا بين مايقدمون وما يحتاجه الناس ضمن المعطيات الإعلامية القائمة .
إنك إذا خططت للبرنامج بشكل جيد ؛ استفدت عدداً من الفوائد ، ومن أبرزها تجنب التكرار في البرامج ، وهي آفة يكاد لا يخلو منها برنامج - إلا مارحم الله - وتجنب التكرار في الموضوع ، حيث تجد البعض يكرر نفسه وإن اختلفت البرامج التي يقدمها ، فلو جمعتها وأعدت الاطلاع عليها من جديد ؛ وجدت الكلام يتكرر بقوالب وأشكال مختلفة .
كما أن للتخطيط فائدة أخرى وهي تنسيق أدوار المشاركين في البرنامج ، بحيث يناط بكل أحد الدور الذي يمكنه من القيام به ، فلاتصبح جميع الأدوار منوطة بشخص واحد ، تنجح بنجاحه وتفشل بفشله وتتأخر بتأخره وتتقدم بتقدمه .
من جانب ثالث يمكن للتخطيط الجيد توزيع الموارد البشرية والفنية والمالية بحسب الأولويات ، فلايهدر مورد على حسب آخر ذي أهمية ، ولا يعظّم مورد على حساب آخر أكثر أهمية ، وهذا يعني الاستغلال الأمثل لكل الموارد .
أيضاً يتيح التخطيط الجيد وقراءة السوق وجمهور المستفيدين تقديم برامج تنطلق من مشكلاتهم ، وترصد التحديات القائمة ، فتحاول تقديم حلول لهذه التحديات بقالب مناسب ، بعيد عن المثالية أو التقليدية ، وهذا يجعل البرنامج قريباً من هموم الناس وحاجاتهم أياً كانت ، بما فيها الحاجات الروحية .
ويبقى أخيراً ؛ أن التخطيط للبرامج يعينك على تقويم أدائك واعمالك فيه من كل الجوانب ، فتستطيع اكتشاف الأخطاء لتتخلص منها ، وتستثمر الإيجابيات فتعظّمها وتنميها ، وهو طريق إلى نجاح آخر في برامج أخرى
 
عودة
أعلى