و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
آمين، نعم أخطأت عندما قلت المصطلح القرآني و الأحرى قول كلمة.
أخي الكريم صالح ما دمت تعرف كثيرا، لماذا لا تنشر لنا موضوعا تعلمنا مما تعلمت لعلنا نستفيد منك بدل من البحث عن المصطلحات الدخيلة و هكذا لا تتعب نفسك كثيرا..و يكون لك أجر عند الله بإذن الله
أما بالنسبة لكتاب للشيخ مساعد الطيار فقد أشار إلى الفرق بين الآية و المعجزة و أترك بعض المقتطفات من كتابه...
https://quranpedia.net/ar/book/478/1/8
★
لذا فإن الأصوب أن يقال: إن مقام النظر أن تكون الآية مما يدركها قوم النبي عليه السلام؛ سواء برعوا فيها أو لم يبرعوا، تحدَّى بها النبي عليه السلام أو لم يتحدَّ بها، عارضها قومه أو لم يعارضوها، كانت ابتداءً أو كانت بطلب من القوم.
وقد شاع تسمية آيات الأنبياء عليهم السلام بالمعجزات، حتى غلب لفظ المعجزة على لفظ الآية في آيات الأنبياء، والوارد في القرآن تسميتها بالآية والبرهان والسلطان والبيِّنة.
ومنه قوله تعالى: ﴿
وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى﴾، وقوله تعالى: ﴿اسْلُكْ
يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿
قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَاتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ *قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأَتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾
وقوله تعالى: ﴿
وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَاكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَاخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾.
والآية: العلامة الدالة على صدق الرسول بأنه مُرسل من ربه، وهذا المصطلح هو الغالب في القرآن والسُّنَّة من بين المصطلحات الأخرى التي جاءت فيهما، وبقي هذا المصطلح في كلام الصحابة
والتابعين وأتباعهم
(١)، حتى إذا برز أهل الجدل من المعتزلة، ودخلوا في جدالهم فيما بينهم
(٢) أو مع بعض الزنادقة الذين يطعنون في الإسلام، وقد ينتسبون إليهم أحياناً
(٣)؛ لما برز هؤلاء ظهر عندهم الحديث عن (المعجزة)
(٤)، وكانت كشأن غيرها من المصطلحات الحادثة البعيدة عن
_________
(١) يرد سؤال في محلِّه، وهو: لماذا لم يتكلم الصحابة والتابعون وأتباعهم عن (المعجزة وإعجاز القرآن = الآية) كما هو الحال عند من بعدهم؟
الذي يظهر لي ـ والله أعلم ـ أن الأمر مرتبط بالحاجة، فإعجاز القرآن كان مستقرّاً في أذهانهم، ولم يكن في عصرهم من يشكُّ في هذا أو يتكلم فيه؛ لذا لم تقع الحاجة إلى الكلام المسهب فيه، واقتصر الأمر على تفسير الآيات المتعلقة بالمعجزات من جهة بيان المعاني فحسب.
(٢) قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (ص: ٦٤):
«وسأل آخرٌ آخرَ عن العلم فقال له: أتقول إن سميعاً في معنى عليم؟ قال: نعم. قال: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ﴾ هل سمعه حين قالوه؟ قال: نعم. قال: فهل سمعه قبل أن يقولوا؟ قال: لا. قال: فهل علِمه قبل أن يقولوه؟ قال: نعم. قال له: فأرى في سميع معنى غير معنى عليم. فلم يجب!
قال أبو محمد: قلت له وللأول: قد لزمتكما الحجة، فلم لا تنتقلان عما تعتقدان إلى ما ألزمتكما الحجة؟ فقال أحدهما: لو فعلنا ذلك لانتقلنا في كل يوم مرات! وكفى بذلك حيرة! قلت: فإذا كان الحق إنما يعرف بالقياس والحجة وكنت لا تنقاد لها بالاتباع كما تنقاد بالانقطاع فما تصنع بهما؟ التقليد أربح لك، والمقام على أثر الرسول صلّى الله عليه وسلّم أولى بك».
(٣) ومن هؤلاء ثمامة بن الأشرس، وهو منسوب للمعتزلة، قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث:
«ثم نصير إلى ثمامة فنجده من رقة الدين وتنقص الإسلام والاستهزاء به وإرساله لسانه على ما لا يكون على مثله رجل يعرف الله تعالى ويؤمن به. ومن المحفوظ عنه المشهور أنه رأى قوماً يتعادون يوم الجمعة إلى المسجد لخوفهم فوت الصلاة فقال: انظروا إلى البقر! انظروا إلى الحمير! ثم قال لرجل من إخوانه: ما صنع هذا العربي بالناس؟!».
(٤) لقد كنت أتأمل سبب ظهور الحديث عن المعجزة عند المعتزلة، فبان لي أمرٌ أرجو أن أكون قد وُفِّقت فيه، وهو أن المعتزلة كانوا بحاجة إلى القول بالإعجاز بشرطي خرق العادة والتحدي لضعف قولهم في القرآن، فالقرآن عندهم (مخلوق)، لذا فالإعجاز لن يكون ذاتياً فيه، بل سيكون مخلوقاً فيه أيضاً، فاضطروا إلى النظر في الإعجاز لأجل هذا، والله أعلم