ذكريات غانم قدوري الحمد.. (الحلقة الثانية عشرة)

إنضم
29/04/2005
المشاركات
158
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
العراق
الحلقة قبل الأخيرة
البدء بالكتابة
الاثنين 25 آب 1975م = 17 شعبان 1395هـ
مضى على وجودي في القاهرة بعد سفري إلى الأهل عقب الامتحان ما يقرب من عشرة شهور ، قضيت معظمها في جمع المادة لبحثي الذي سجلته لنيل درجة الماجستير ، وهو (الرسم المصحفي دراسة لغوية تاريخية) ، وكلما مضت الأيام ظهرت مصادر جديدة ، وأحسست أخيراً أن لا نهاية لذلك ، لكن لا بد من تحقيق قسط من العمل يتيح فهم الموضوع فهماً صحيحاً ، فلا تفريط في جنب كتاب الله العظيم ، واطلعت على أكثر من مئتين وخمسين مصدراً ومرجعاً ، مطبوعاً ومخطوطاً ، عربياً وأجنبياً ، وبدأت أشعر أن عليَّ أن أبدأ الكتابة وأن أُعَجِّلَ فقد قضيت كثيراً من الوقت ، وأنفقت كثيراً من المال والجهد ، وأسال الله تعالى أن يجعل النية خالصة له ، وأن يجعل هذا العمل من الأسباب التي تبلغني رضاه .
في صباح هذا اليوم في جو لا يخلو من التوتر هيأت بطاقات الفصل التمهيدي وأخذت أنسق وأرتب ، وقبل ذلك توضأت وصليت ركعتين ودعوت الله بما فتح به علي ، وشرعت في العمل وهو عمل غير هين ، ويصغر بجانب جمع المادة ، مع أن لكل منهما مشكلاته ، وكتبت اليوم صفحتين أو ثلاث ، على أنها بداية ، مع أني لم أتفق نهائياً مع الأستاذ المشرف على الخطة ، لأنه مسافر لمدة شهر ، ولكني بدأت ، ومن الله العون والتوفيق.
الانتهاء من كتابة الفصل الأول
السبت 6 أيلول 1975م = 1 رمضان 1395هـ
الحمد لله ! فمع إطلالة شهر رمضان مَنَّ الله تعالى عليَّ بإنجاز كتابة الفصل الأول من رسالتي ، وهو الفصل التمهيدي عن الكتابة العربية وتاريخها ، وكنت قد بدأت الكتابة فيه يوم الاثنين 25/8/1975 ، وأنجزته كتابته في المسودات أمس وراجعته قراءة هذا اليوم ، وسأنقله في نسخة جديدة لأقدمه إلى الأستاذ المشرف ، وأنا أعرف أن فيه أشياء سيجري عليها التعديل ، لكني متفائل بما يسر الله فيه من رؤية واضحة ونتائج طيبة ، ولكن تبقى الخطوة التالية ، وهي البدء بكتابة الفصول الأخرى ، ورأيت أن أتوقف عن الكتابة أياماً إذ لا تزال عندي بعض الكتب لم أقرأها أو لم أقرأ فيها موضوعات معينة ، فأردت في هذه الأيام أن أهيئ آخر ما يمكن جمعه من مادة ، وأؤمل أني سأنتهي من الفصل التالي ، وهو الفصل الأول الخاص بجمع القرآن وكتابته مع نهاية شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، وأنا متفائل أني سأكتب شيئاً يتناسب والموضوع الذي أكتب فيه ، إنه موضوع يتصل بالقرآن وجمعه وكتابته ، وأسأل الله أن يوفق الفكر والقلم للمضي في الاتجاه السديد ، وأن يظهر روعة ذلك التاريخ العظيم في ما سأكتبه ، وأن يجعل ما سأكتبه رائعاً بروعة الموضوع وعظمته ، فالقرآن مأدبة الله على الأرض وحبله المتين ، من اتصل به فقد استمسك بالعروة الوثقى.
صلاة الاستخارة
الأحد 21 أيلول 1975م = 15 رمضان 1395هـ
ما أسعد أن يكون الإنسان موصولاً بالله في كل أحواله ، إذا مسه الخير شكر نعمة الله عليه ، وإذا مسه السوء صبر على بلائه ، فأمر المؤمن - في هذه الحالة – كله خير ، أمسيت أمس كالمريض ، حتى إني لم أكد أطيق بلع لقيمات السحور ، وحين أسفر الصبح كنت قد اكتملت في ذهني صورة رسمتها في ظل تلك المشاعر ، وتذكرت صلاة الاستخارة وتوجهت إلى الله برهة أدعوه (اللهم إن كان هذا الأمر خيرا لي ... فاكتبه لي ويسره لي ... وإن) وبعدها خرجت من البيت أريد أن ابدأ بتحقيق بعض ملامح تلك الصورة ، كانت هناك أمامي عدة خطوات أو عدة احتمالات ، بدأت بالاحتمال الأول وكانت النتيجة مخيبة لكل أمل ، ورجعت أجمع الهمة لخطوة أخرى ، وأخذت الأفكار تعيد الثقة في النفس ، وأقدمت على الخطوة الثانية ، ولم تكن أحسن من الأولى ، وعدت إلى البيت ، لا يكاد يستقر لي فكر ، وفي زحمة الأفكار واضطرابها نمت نوماً عميقاً بعد الزوال ، واستيقظت لأجد نفسي قد ارتاحت بعض الشيء من ذلك العناء ، ووجدت نفسي قد أعرضت عن تلك الأمور التي أردت الإقدام عليها ، ووجدت أن الأمر يحتاج إلى التفكير والروية ، وما أمسيت حتى انقشعت كل تلك الزوابع ، وسبحان الله العظيم ، واصبر إن الله مع الصابرين(1) .
حادث مروري
الخميس 2 تشرين الأول 1975
رحت بعد صلاة العشاء يوم أمس مع الأخ محمود المشهداني ، نبحث عن شقة لنسكنها مع الأخ ليث ، بعد أن يسافر الأخ خليل إلى العراق ، فإني أتوقع أن أجد نفسي في نهاية هذا الشهر مضطراً لأن أسكن مع أحد ، ولما كان الأخ محمود قد حصل على إجازة دراسية للحصول على الماجستير في الأدب من كلية دار العلوم ، وكذلك الأخ ليث سعود جاسم ، الذي يدرس التاريخ الإسلامي للحصول على الماجستير من كلية دار العلوم ، فإن من المناسب أن نسكن سوية ، وقد وصل محمود إلى القاهرة قبل أيام ، والتقينا قبل يومين ، واتفقنا أن نبدأ البحث الجاد عن الشقة هذا اليوم الخميس ، وخرجنا من الصباح ، ولا نزال نقف أمام أبواب العمارات نسأل عن شقة للإيجار حتى جاوزت الشمس كبد السماء ومالت إلى الغروب ، وكان الصوم مما يساعد على ظهور آثار التعب والعطش ، عدنا إلى البيت بعد الظهر ، وكنا قد بحثنا في المنطقة القريبة من الشقة التي نسكنها ، ولكن بدا لنا بعد الظهر أن نذهب إلى المنيرة لنبحث عن شقة في المنطقة القريبة من الكلية ، والواقع أني لست مضطراً للسكن في تلك المنطقة ، بعد أن جمعت معظم المادة التي أحتاجها في كتابة البحث ، لكن مصلحة ليث ومحمود تقتضي ذلك ، ومن المناسب أن يكون محل السكن قريباً من الكلية ، ادخاراً لأتعاب المواصلات . وبعد أن رأينا أكثر من شقة ، وبعد أن بلغ منا الجهد والاشمئزاز من بعض ما رأينا في الشقق مبلغه ، قفلنا راجعين إلى شقتنا في (160 ش 26 يوليو) لنتناول الفطور ، وكنا نغالب شعاع الشمس قبل أن يختفي خلف الأفق حتى نصلي العصر ، وركبنا في تكسي ، وجرت بنا مسرعة ، ونحن نحلم وتختلط الأحلام في الأذهان ، قريبة وبعيدة ، حزينة وجميلة ، ووصلت السيارة حيث تستدير في الشارع الفرعي الذي يؤدي إلى الشقة ، كانت هناك استدارة عكسية في وسط الشارع العام يتحول فيها (الترولي باص) إلى الاتجاه المعاكس ، وفي أثناء ذلك كان (الترولي) يدور والسيارة التي نركبها تدور لتخرج إلى الشارع الفرعي ، وفجأة تظهر من خلف الترولي سيارة ملاكي مسرعة جداً ، ولا تبعد عن السيارة التي نركبها إلا بضعة أمتار ، وشعرنا أنها مقبلة نحونا لا محالة ، ولم يجد السائق ما يفعله ، ربما خفف السرعة أو حاول الإسراع ، لا أدري ما فعل ، كانت لحظة حرجة سريعة مثيرة مخيفة ، في تلك اللحظة ، السيارة المقابلة تقترب من سيارتنا بكل السرعة ، مع جلبة لا أدري إن كانت تخرج من داخل السيارة أم خارجها ، كنا نجلس في المقعد الخلفي أنا على اليمين والأخ محمود على اليسار ، ولم نجد من الفرصة للتفكير حتى نملك أنفسنا حين وقوع الصدمة ، فقد فقدنا الإحساس والشعور بما حولنا ، ومثل ما يستيقظ الإنسان من نوم عميق ويشعر ببقايا حلم بعد اليقظة ، كذلك شعرت وأنا أفتح عيني من جديد بعد غيبوبة قصيرة ، لأجد أن السيارتين قد وقفتا في منتصف الشارع وقد اقتربت إحداهما من الأخرى قليلا حتى تماستا ، لا بل حتى دخلت إحداهما في الأخرى ، ولا شك في أن ذلك قد أحدث صدمة عنيفة ، لكني لم أحس بشيء أو صوت منها ، وحين استيقظت بدأت أشعر أننا صُدِمْنَا ، وبشعور غير إرادي رحت أتحسس أطرافي لأطمئن على سلامتها ، وفجأة وجدت يدي اليسرى كأنها مشلولة ، سترك يا رب ! وأخذت أحرك أصابعها بيدي اليمنى حتى دبت فيها الحياة من جديدة ، لكني ظللت أحس بثقل في ذراعي اليسرى وكتفي ، ثم في تلك اللحظة التي تلت الحادث بثوان شعرت أن الفك الأيسر قد نالته ضربة قوية فقد كان في الحال ينبعث منه ألم شديد ، وكان إحساسي بهذه الأمور غير واضح ، وشعرت بيد تمتد نحوي ، وسائل يسأل عن رغبتي في الذهاب إلى المستشفى ، وأُنْزِلْتُ من السيارة ووقفت على قدميَّ ، وكانت الأرض تدور في عيني ، واستعنت بمنديل مبلل لإعادة بعض انتباهي ، وجلست على الأرض ، الأخ محمود كان يعاني من أحاسيس مشابهة ، السائق هو الآخر قد أصيب في ذراعه ، كان ذلك كله من التصادم الذي حدث بين السيارتين ، فقد انخسفت الجهة اليمنى من السيارة التي نركبها انخسافاً شديداً ، لكن من لطف الله بنا أن زجاج السيارة التي نركبها كان غير ظاهر ، فانكسر في داخل الأبواب.
التخلي عن البحث عن شقة
الخميس 9 تشرين الأول 1975م = 4 شوال 1395هـ
استيقظت في الصباح بعد نوم غير منتظم بسبب بقايا الآلام التي خلفها حادث اصطدام السيارة يوم الخميس الماضي ، لا تزال إلى اليوم آثار ذلك الحادث ، فأنا لا أستطيع فتح فمي كاملا إلا بصعوبة ، ولا أستطيع أن أتمدد على ظهري براحة ، ومع ذلك فبعد أسبوع من الحادث شعرت اليوم أن الآلام تخف ، وأنها ستزول إن شاء الله عما قريب ، في عصر الخميس من الأسبوع الماضي بل قبيل الغروب كنت عائداً مع الأخ محمود المشهداني بعد يوم حافل بالحركة من أجل العثور على شقة ، وحدث ما حدث ، وتعرقل أمر البحث عن شقة التي كان من المقرر أن أسكن فيها مع محمود وليث بعد سفر الأخ خليل ، وفي صباح يوم العيد (الأحد) حاولنا أن نستمتع بالعيد لكن محمود كان على عجل ، كان يريد أن يخرج من الفندق لأنه متضايق من الحياة فيه ، لكن ذلك متوقف على العثور على الشقة المناسبة ، ودخلنا هنا وخرجنا من هناك ، ودفعنا هنا خمسين وهناك أربعين ، وأوشكت الصفقة أن تتم لكن محمود رفض الشقة لأنها غير مناسبة في نظره ، حاولنا أن نرى في أماكن أخرى وأخرى ، عدنا بعد الظهر منهوكي القوى ، وقلت لزميلي في يأس أنا باقٍ هذا الشهر والذي يليه ، إن شاء الله ، في الشقة ومتى ما أمكن السكن سوية فلن أتأخر ، وشعرت أني ألقيتُ ثقلاً عن كاهلي ، وقرر هو السفر إلى العراق ، إذ لا يزال لديه متسع من الوقت قبل بدء الدراسة يقرب من شهرين .
إنجاز كتابة الفصل الثاني
الجمعة 17 تشرين الأول 1975م = 12 شوال 1395هـ
بدأت الكتابة في بحث الرسم المصحفي يوم 25/8/75 ومضى شهر تقريباً ، وكنت قد أنجزت كتابة الفصل التمهيدي ، وبدأت أكتب في الفصل التالي ، وهو الفصل الأول الخاص بكتابة القرآن العظيم وجمعه ، بدأت قبل انتهاء الشهر التاسع ، وقد أكملته اليوم ، والحمد لله ، أكملته في المسودة منذ يوم الأربعاء ، وبعد المراجعة والتدقيق انصرفت إلى كتابته في المبيضة بجد حتى أنجزته(2) ، وسأحاول تقديمه إلى الأستاذ المشرف خلال أيام ، لكن المؤسف أن الدكتور عبد الصبور لم أجد عنده من السعة في الوقت ما يغطي هذا البحث بالنظر ، ربما لأنه مشغول ، فقد مضى ما يقرب من شهر والفصل التمهيدي عنده لم يكمل قراءته ، ومع أنه – والحق يقال - لا يلقاني إلا هاشًّا باشًّا ، وهو في آخر لقاء أطرى كتابتي الفصل إطراء كبيراً ، وهي بشرى خير ، إن شاء الله ، لكني أتوجس خيفة من مستقبل متابعته للبحث ، وأنا لا أريد إلا أن يقرأ ويشير إلى الهفوات ، حتى أظل إن شاء الله على ما سرت عليه من إنجاز كل فصل في شهر تقريباً ، لعلي أنتهي من هذه الرحلة ، لقد استغرق الفصل التمهيدي قريباً من شهر : قراءة البطاقات وتصنيفها ، وكتابة المادة في المسودة ثم نقلها إلى المبيضة ، وكذلك الفصل الأول ، والمادة أغلبها متوفرة عندي ، ومع أني لم أعش الجو المثالي للذي يريد أن يكتب بهدوء ، فإني والحمد لله قد حققت عملاً جيداً.
تأجير شقة جديدة
الاثنين 27 تشرين الأول 1975م = 22 شوال 1395هـ
استيقظت صباح هذا اليوم - بحمد الله – وأنا أشعر بأوجاع وآلام لا يحسها إلا من اشتغل وعمل في تكسير صخر الجبال ، ذلك أني طوال الأيام الثلاثة الماضية كنت أخرج في الصباح مع الأخ ليث الذي وصل عن قريب من العراق للبحث عن شقة ، ومع تعب السير والدوران هناك أذى لا يقل عن ذلك بل أشد هو هذا الكلام الكثير الذي نسمعه من السماسرة والبوابين ، وكله أو معظمه كذب وتهريج ، بدأنا منذ يوم الخميس في المنطقة القريبة منا وانتقلنا الجمعة إلى منطقة المنيرة ، وبحثنا في منطقة نادي الصيد ، ثم بعد ذلك في منطقة المنيل حيث درنا كل زقاق وشارع فيه ، ومع كل ذلك لم نجد الشقة التي يمكن أن نسكنها بعد أن نكون مضطرين للخروج من الشقة التي نسكنها الآن بعد سفر الأخ خليل لأن مالكي الشقة يريدون رفع سعرها إلى أضعاف مضاعفة ، وقررنا صباح هذا اليوم أن نبحث عن شقة في ميدان لبنان ، وخرجت مع الأخ ليث في الصباح ونحن نسير في طريقنا إلى ميدان لبنان ، سألنا بعض البوابين فدلنا أحدهم على الشقة التي كان يسكنها محمد أحمد محمود والتي رأيتها قبل أيام ، لكن قيل في وقتها إنها قد أُجِّرَتْ وتبين أنها لم تؤجر بعد ، وبعد أخذ ورد اتفقنا على تأجيرها حتى منتصف تموز بخمسين جنيهاً في الشهر مضطرين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وبذلك انتهت رحلة البحث إن شاء الله.
الانتقال إلى الشقة الجديدة
الجمعة 31 تشرين الأول 1975م = 26 شوال 1395هـ
أمضيت آخر يوم أمس وصباح اليوم في شد الأمتعة وحزمها استعداداً لنقلها إلى السكن الجديد الذي تم الاتفاق على تأجيره اعتباراً من يوم غد ، وبعد صلاة الجمعة أجرنا عربة (بايسكل) فحملت الحقائب وصناديق الكارتون المملوءة بالكتب إلى الشقة الجديدة التي لا تبعد كثيراً عن شقتنا التي كنا نسكنها منذ ما يقرب من سنتين ، الشقة الجديدة تقع في مدينة الأوقاف في عمارة تتكون من خمسة أدوار ، وكل دور فيه شقتان ، وتقع شقتنا في الدور الأول فوق الأرضي ، وهي ليست بمنأى عن صخب الشارع الذي يكاد يخلو من السيارات طيلة اليوم ، إلا أن هناك مدرسة ابتدائية قريبة من العمارة تسبب بضجيج أطفالها وصياح الباعة الذين يقفون ينتظرون خروج الأطفال ليأخذوا ما ابتزه الأطفال من أهليهم من قروش – إزعاجات كثيرة ، لكن ربما تكون محتملة ، الشقة تتكون من غرفتي نوم وصالة ، فيها أربعة كراسي (قنفات) ، وغرفة أخرى فيها منضدة وأربعة كراسي يمكن أن تكون للدراسة أو للطعام ، نزل الأخ ليث(3) في غرفة وأنا نزلت في الأخرى ، وقضينا المساء وجانباً من الليل في حل الأمتعة وترتيبها ، إن انتقالي من الشقة القديمة جاء بعد مضي ما يقرب من سنتين قضيتهما مع الأخ خليل الذي يوشك على السفر قريباً ، إن شاء الله ، وهو كذلك بداية مرحلة أخرى آمل أن تنتهي بسفري وعودتي بعد إكمال الماجستير ، إن شاء الله .
مناقشة رسالة الأخ خليل الحديثي
الخميس 20 تشرين الثاني 1975م = 16 ذو القعدة 1395هـ
الحمد لله ربنا على ما أنعمت ، نوقشت مساء اليوم رسالة الأخ خليل إسماعيل الحديثي عن (المعاهدات غير المتكافئة) لنيل درجة الماجستير ، وقد اشترك في المناقشة الدكتور حافظ غانم والدكتور محمد طلعت الغنيمي والدكتور عز الدين فودة وهو المشرف ، وقد حصل على الماجستير بدرجة ممتاز ، وهي درجة لم تمنح في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية إلا في النادر ، فقد خليل بذل من الجهد الكثير مع متابعة المشرف ، والحقيقة أن تلك الرسالة وصاحبها تربطني بهما روابط ستظل مستمرة ونامية إن شاء الله ، فقد التقيت لأول مرة بالأخ خليل هنا في القاهرة يوم أن سافرنا من العراق على طائرة واحدة يوم 28/11/1973 ، وأجرنا شقة في 160 من 26 يوليو يوم 4/12/1973 ، واستمررنا في السكن ، كنت أنا في التمهيدية وهو يجمع المادة عن الموضوع ، حتى بدأ الكتابة يوم 10/7/74 ، وفرغ من الكتابة في الصيف ، وطبع قبل شهر تقريباً ، وقد كنت آمل أن أظل معه في الشقة حتى يوم سفره إلا أني كنت قد اضطررت إلى التأجير مبكراً مع الأخ ليث ، وانتقلت مع بداية الشهر ، وقد يسر الله - اليوم – خاتمة مفرحة لجهد سنوات بذلها الأخ خليل ، فهنيئا له بهذا النجاح ، مع كل الأماني والتوفيق والنجاح دائماً ، وإذا كانت تلك السنتان اللتان عشنا فيهما سوية قد حدث فيهما ما حدث فإن الجميل والعزيز منهما سيظل هو الرابطة الأقوى ، وما أنتجته مشاكل الحياة من انفعالات مؤقتة سينقطع ذكرها من القلوب ، لتظل بيننا رابطة الحب في الله هي الدائمة ، إن شاء الله(4).
ليلة يوم عرفة
الخميس 11 كانون الأول 1975م = 8 ذو الحجة 1395هـ
يا ربي لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، لا يكاد الإنسان المسلم يقدر على قول شيء أو كتابة شيء ، فقد عظم الخطب وتشعبت أطرافه ، وكثرت مظاهره ، لا يكاد يلتفت إلى جانب حتى يجذبه جانب ، كثيرة هي بلايا الأمة في كل الأصعدة وفي كل البلدان ، لم أجد الفرصة أن أقف هذه الوقفة القصيرة منذ أيام كثيرة مضت بسبب انشغالي فعلياً في البحث ، فأنا إن لم أكن جالساً أمام الأوراق فإنها معي في وجداني وفكري ، هي أنيسي بعد الله سبحانه في خلوتي ووحشتي ، لكن مناسبة اليوم عظيمة ، ليلة مباركة حين يلتقي الألوف بل مئات الألوف على صعيد واحد في المكان الذي وقف عليه نبينا صلى الله عليه وسلم ويؤدون الشعائر كما أداها ، ويَدْعُونَ بما دعا به هو ، وكل ذلك نرجو أن يبعث في الأمة روحاً جديدة توصلها إلى موسم آخر ، وقد تقدمتْ إلى الأمام وتجاوزت بعض ما تعاني منه أو بعض ما يكاد يقضي على كثير من حيويتها ، فقد انتشرت بين أفراد الأمة أمراض اجتماعية وفكرية خبيثة ملحدة ، لا يكاد في تلك الجلبة والفوضى يسمع داع لمجيب ، وبعد ذلك وفوقه الشيطان ، وإلى النار ، ومن ورائهم دول الكفر تسعى إلى تقطيع جسد الأمة التي ظنت يوماً أنها ماتت حين قطعت جسد الخلافة الإسلامية في إسلامبول ، أبعث شوقي في هذه الليلة وأهدي تحياتي خفية للأهل هناك ، وشوقاً آخر لكل أخ وحبيب قام يدعو الله ويدعو إليه، وأملاً في لقاء قريب هنا أو هناك ، اللهم ارض عنا واهدنا واغفر لنا في ليلة عرفة.
أحداث العام
الأحد 28 كانون الأول 1975م = 25 ذو الحجة 1395هـ
كثر الحديث في هذه الأيام في الصحف والإذاعات عن أحداث العام باقتراب نهايته ، منذ فترة طويلة لم أجد هذه الفرصة لأكتب هذه السطور ، وقد مرت أحداث جسام يشيب لها الشباب ، وكنت مشغولاً في أمور أهم بالنسبة لي في هذه الفترة من غيرها ، لكن مع انتهاء ورقات هذه المفكرة لا بد من أن أملأ الصفحات الأخيرة ، لكن شيئاً واحداً لا أجد سواه يلح في أن يجري على شباة القلم ، ذلك هو هذه الهواية التي أخذ الناس يمارسونها في العالم أجمع : إنها هواية القتل ، والقتل بلا رحمة لبني البشر ، هناك مناطق كثيرة جرى فيها قتل جماعات وأفراد ، إلا أن مكاناً واحداً كان يشد أنظار الناس في المنطقة ويشد أنظار المسلمين أيضاً ، إنه القتل في لبنان الذي ظل مستمراً منذ شهر نيسان الماضي حرب ضروس ضد المسلمين يأججها حزب الكتائب الماروني المسيحي ، ورغم الأسماء التي تطلق على الحرب الدائرة في بيروت ومدن لبنان فإنه ليس لها إلا اسم واحد يعبر عن حقيقتها وهو (الصليبية) ، من جديد تحاول أن تسيطر على ساحل البحر ، اليهود سيطروا على فلسطين والمسيحيون يسيطرون في الشمال على لبنان ، ولا يدرى ما وراء لبنان ، الكل يمد المسيحيين ، أما المسلمون فنصيب رجالهم القتل ونصيب نسائهم الإهانة وهتك العرض ، أما آن للمسلمين أن ينتبهوا من السبات العميق والغفلة القاتلة ، ويلجؤوا إلى الله ، ويخلصوا النية له ، ويقاتلوا في سبيله لا في سبيل طواغيت مصطنعة ، وسمعنا أخيراً أن القتل قد أخذ يلاحق الأبرياء قريباً من دارنا ، والله خير حافظاً.
مجموع ما كتبتُ من بطاقات البحث
31 كانون الأول 1975م = 28 ذو الحجة 1395هـ
2000 بطاقة جلبتها من العراق
960 عملتها في مصر
640 مرة أخرى في مصر
960 مرة أخرى في مصر

4560 المجموع لغاية يوم 20/8/1975
320 إضافة جديدة

4880 مجموع البطاقات التي استخدمتها في جمع مادة البحث

يوميات سنة 1976
الشوق إلى الأيام الجميلة
الخميس1 كانون الثاني 1976م = 29 ذو الحجة 1395هـ
كان شعوري بمرور الزمن في الأشهر الأخيرة قد أصبح غير واضح , تمر الأيام والليالي من غير أن أجد ساعة أقف فيها خالياً أتأمل دوران عجلة الزمن التي يتصورها الناس مقياساً لتقدم الحياة , تشرق الشمس وتظل مشرقة وتغيب وتظل غائبة لكن أهل الأرض يقتسمون ذلك , وقد جعل الله ذلك آية : تتابع الليل والنهار ، ولنعلم عدد السنين والحساب , مرت أيام طويلة لكنها مرت ولا أجد آثار مرورها إلا في أوراق أنجزت كتابتها خلال تلك الفترة , وقد وقفت فجأة عند نهاية عام كامل ، ولم أجد فرصة للحساب والمراجعة ، لكن الذي تذكرته هو بداية العمل الذي كانت بدايته في الشهر الحادي عشر من سنة 1974 عند تسجيل الموضوع ، والمشاعر القلقلة في تلك الأيام الأولى ، ولكن مضت الأيام وأنا مشغول بجمع المادة ، مضت عشرة شهور ثم بدأت أكتب في 25/8/1975 ، وأنا اليوم عند مرحلة متقدمة في البحث , ولا أجد مع هذا التيسير الذي هيأه الله إلا أن أحمد الله كثيراً وأدعوه أن يحفظني من الوقوع في الخطأ ، وأن يعينني في المضي إلى آخر الشوط ، وأن يجعل ذلك مما يرضاه ويقربنا إلى رضاه , ومع بداية العام الجديد الهجري والشمسي خفق القلب خفقات ثقيلة وئيدة ، ونطقت النفس متسائلة بحزن , لماذا ؟ فأجاب القلب إنها الذكرى والشوق إلى الأيام الجميلة , سنة وشهران مضت ولا أرى ولا أسمع منهم إلا حروفاً جامدة على الورق , أما حرارة القرب وقبلات الوالدة التي طرزتها على عنقي يوم الفراق فمحروم منها , رؤية الأهل والأحبة , اللهم عَجِّلْ لقاءً ترضاه لنا في ظل الحب والرحمة .
الفصل الذي استطال
السبت 3 كانون الثاني 1976م = 2 محرم 1396هـ
انتقلت من الشقة القديمة رقم 13 في 160ش 26 يوليو في أول شهر 11 من سنة 1975 , كنت حتى ذلك التاريخ قد كتبت فصلين : الفصل التمهيدي عن تاريخ الكتابة العربية ، والفصل الثاني وهو الأول في الاسم عن تاريخ القرآن جمعه وكتابته , وكنت حين انتقالنا إلى الشقة رقم 2 في 10 ش علي حسن عطية ، بمدينة الأوقاف ، قد هيأت بطاقات الفصل التالي , فبدأت أكتب من أول يوم نزلنا فيه , لكن الكتابة لا يمكن أن تستمر يوماً بعد يوم فكانت هناك فترات توقف يقتضيها البحث أو لأسباب خارجة عن متطلبات البحث , لكن الفصل التالي قد استطال بشكل لم أكن أتوقعه أبداً , بدا لي أولا أن أقسمه فصلين ، وفعلت ، وكتبت الفصل الأول الذي صار رقمه 2 بعد التمهيدي ، وكان عن مصادر الرسم وموقف علماء السلف من ظواهره , وبدأت أكتب في الفصل الآخر الذي تولد من الفصل الثاني , وهو لا شك أساس البحث ويحمل الجديد إن كان في البحث جديد , وكان مقسماً على أربعة مباحث ، ويبدو أنها ستصير خمسة : الأول عن رموز الصوامت ، والثاني عن رموز الحركات ، والثالث عن رمز الهمزة ، والرابع عن الكلمة ( الفصل والوصل ) ، أما المبحث الخامس فيكون المقدمة التي تسبق هذه المباحث وسيكون عنوانه ( أسس الدراسة ) , وإلى الآن انتهيت من كتابة مبحث الهمزة وما يسبقه , مع نهاية السنة , أي بقي مبحث الكلمة , وآمل أن أنجزه خلال أيام , والغريب أن هذا الفصل صار ضعف الفصول الثلاثة التي سبقته , إلى نهاية بحث الهمزة كتبت ( 160 ) صفحة ، وربما أضيف إليه ( 10 ) صفحات أخرى والحمد لله أولاً وآخراً .
متابعة أعمال
الأحد 4 كانون الثاني 1976م = 3 محرم 1396هـ
خرجت هذا اليوم في وقت مبكر صباحاً , إذ في النية إنجاز مجموعة من الأعمال , وأنا الآن نادراً ما أخرج إلى أبعد من المسجد القريب من المنزل , ذهبت إلى مكتبة معهد الدراسات العربية , لأبحث عن تعريف ( الكلمة ) عند النحاة ومراجعة بعض الأفكار , ثم بعدها ذهبت إلى كلية دار العلوم لمعرفة نتيجة طلب الأخ عادل عمر للقبول في قسم الماجستير , لكن النتيجة كانت مخيبة للأمل إذ لم يوافق على قبوله , بعدها أرسلت رسالة في بريد القصر العيني , ركبت إلى جامعة القاهرة , والساعة تقارب الواحدة بعد الظهر , وإلى هذا الوقت وأنا أتمتع ببعض نشاط الصباح , لكن الأمور في كلية الهندسـة عكرت صفو اليوم كله , كنت أراجع الكلية لاستخراج وثيقة قبول الأخ مولود في قسم ماجستير الكهرباء , وهو كان قد قَدَّمَ أوراقه في الصيف لكن الإجراءات الإدارية استمرت إلى الآن , وقد وافق مجلس القسم ووافقت الكلية كذلك على قبوله , لكن موافقة الجامعة لم تتم إلى الآن ، وهم يرفضون إعطاء تصديق كامل قبل أن تتم موافقة الجامعة , والأخ مولود محتاج إلى مثل تلك الورقة , حتى تتاح له فرصة السفر والالتحاق بالدراسة , قابلت عميد الكلية قبل أيام وقابلت اليوم عميد الدراسات العليا , وكان أكثر تفهماً للموقف ووافق في الحال على ذلك , لكن مراقب عام الدراسات العليا لم يوافق وعاد فأقنعه على إعطاء ورقة بصيغة غير كاملة أو تامة كالتي كنت أخذتها من قبل حيث ينصون فيها أن الموافقة لم تتم , ولم أظفر بنتيجة ، وعدت إلى البيت خائر القوى مهموماً , وقد ذهب الوقت هباء دون نتيجة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله(5).
معرض الكتاب من جديد
الثلاثاء 27 كانون الثاني 1976م = 26 محرم 1396هـ
نزعتُ نفسي اليوم من بين الأوراق وألقيت بالقلم جانباً ورحت أشهد ذلك الاجتماع العلمي والظاهرة الثقافية , معرض الكتاب الدولي الذي يقام في القاهرة كل عام , وهذه هي المرة الثالثة التي أشهد فيها معرض القاهرة للكتاب حيث يعرض الناشرون كتبهم ، ورأيت بعضهم من خارج مصر من شرق الأرض ومغربها ، كتباً في مختلف أنواع العلوم وبلغات متعددة , ومثل هذا المعرض فرصة طيبة حيث تبسط أمامك الكتب ، وقد تعثر على كتاب لا يخطر بالبال أو لم تره أو تسمع عنه , وكثيراً ما حَدَّثْتُ نفسي بشراء بعض الكتب ، فأقول أشتريها من المعرض , وهناك حالة نفسية تعتريني حول شراء الكتب عددها ونوعها وأثمانها، أحياناً أحدث نفسي بشراء عدد محدود منها , لكن حين أجد نفسي أمام كتاب لا أملكه اندفع فأشتريه ، أدخل المعرض ومعي عشرات الجنيهات فلا أخرج إلا وقد نفدت ، ويدي مثقلة برزم من الكتب , وحدث في السنوات الماضية أني أقرر شراء كتاب وأرجئ الدفع أو أؤخره إلى يوم قادم ، ولكني حين أعود أجده قد بيع ، حدث ذلك في السنة الماضية مع كتاب الدكتور تمام حسان مناهج البحث في اللغة الطبعة الثانية ، وحدث ذلك اليوم فقد كان هناك في معرض الجزائر كتاب عن علم اللغة النفسي ، وحين عدت لأشتريه وجدته قد نفد أو فقد أو انتهى أمره , ويلاحظ ارتفاع الأسعار هذه السنة ، ويبدو أنها لا تخضع لمعيار ولا رقيب ولا حسيب ، فإنهم يبيعون كيف يشاءون .
إنجاز أهم فصول البحث
السبت 31 كانون الثاني 1976م = 30 محرم 1396هـ
كأني ألقيت عن كاهلي حِمْلاً ثقيلاً كنت أدور به في دروب طويلة ملتوية , ولكنه إلقاء وامق , فذلك الحِمْل عزيز على القلب حبيب إلى النفس , أرجو أن أنال رحمة به من الله سبحانه بقدر ما بذلت فيه , والله يضاعف لمن يشاء ، فقد انتهيت اليوم من كتابة الفصل الخاص بدراسة ظواهر الرسم العثماني دراسة لغوية ، وهو الفصل الرابع وقد بنيته من خمسة مباحث : الأول في أسس الدراسة ، والثاني في رموز الصوامت في الرسم العثماني ، والثالث في رموز الحركات ، والرابع في الهمزة ، والخامس في تعريف الكلمة من وجه نظر الرسم , وقد سلمته اليوم للأستاذ المشرف , وهذا الفصل الذي كتبته وسلمته اليوم جاء وحده يعادل رسالة ماجستير من حيث الحجم والمادة أيضاً ، إن لم أكن مبالغاً ، فقد جاء في (200 ) صفحة على التمام , وناقش موضوعاً لم تطرق أبوابه من قبل ، وعالج قضايا ، وقدم حلولاً يرجى أن تكون صحيحة في أكثرها , ومع ذلك فهو فصل من بحث مكوَّن من سبعة فصول , كتبت إلى الآن أربعة , الفصل التمهيدي , والفصل الخاص بالكتابة العربية قبل الرسم ، والفصل الخاص بتاريخ القرآن وجمعه وكتابه , لكن الفصول الثلاثة هذه كانت صفحاتها لا تزيد على ( 150 ) صفحة بينما هذا الفصل استغرق ( 200 ) وبقيت ثلاثة فصول ، أدعو الله تعالى أن ييسر لي إنجاز كتابتها ، فقد طالت بنا الأيام في بلاد عزيزة بعيدة عن أهل وإخوه أعزة , وفراقهم شديد .
الدكتور منذر كمال
الاثنين 22 آذار 1976م = 21 ربيع الأول 1396هـ
كنت مستلقياً عصر هذا اليوم أستريح من بعض أتعاب النهار ، وطُرِقَ الباب , فكانت مفاجأة سارة والحمد لله ، فإذا بالأخ منذر كمال مع صديق له , الأخ منذر من أهل بيجي وأخ حبيب قضيت معه ساعات شيقة أيام زمان , وصل القاهرة ظهر هذا اليوم ، ونزل مع صديقه مؤقتاً ، وجاءوا للزيارة والبحث عن شقة ينزل فيها الأخ منذر , وبعد استراحة خفيفة أتاحت لي السؤال عن الأهل والأصحاب والبلاد , سعينا في البحث عن شقة ، ولكن حل الليل ولم نجد الشقة ، وقد كنت اقترحت على الأخ منذر أن ينزل معنا في أول الأمر ، لكنه كان يرغب أولاً بتأجير شقة ، و بعد ما رأينا من صعوبة ذلك وافق على النزول معنا ، وهو حضر إلى القاهرة ليقضي شهراً يبحث خلاله عن مصادر لبحثه عن السياسة الجنائية إذ إنه يُعِدُّ رسالة ماجستير في جامعة بغداد , وكان قد تخرج مـن كليـة الشرطة ، ثم درس في كلية الحقوق في الجامعة المستنصرية (6).
إذن بطبع الرسالة
الثلاثاء 25 مايس 1976م = 26 جمادى الأولى 1396هـ
اتصلت عصر أمس بالأستاذ المشرف بالهاتف , فطلب مني الحضور عصر هذا اليوم لمناقشة بعض الملاحظات التي وجدها أثناء قراءته في البحث , فحملت آخر ما كتبته من البحث ، وهو المقدمة والخاتمة وملخص الانجليزية , وذهبت على ضيق مني لأني لا أجد بيت المشرف مكاناً مناسباً لمناقشة الموضوعات المتعلقة بالرسالة , رغم أن الدكتور عبد الصبور يوسع صدره وبيته للزائرين , ووجدت أنه لم يقرأ الفصلين الأخيرين بعد , فدار الكلام حول الفصول الأربعة الأولى , وكانت له ملاحظات على أول هذه الفصول لكنها لم تتجاوز تصحيح غلط نحوي أو إملائي ، وقد تقل تلك الملاحظات فلا أكاد أجد ملاحظة في عشر صفحات أو أكثر , لكن أشد ملاحظاته هو طلب حذف خمسين صفحة تقريباً من بحث ( رمز الهمزة ) أو اختصاره , ولكني وجدت ذلك أمراً صعباً , فمع الجهد الذي بذلته في كتابة ذلك الجزء فإني لم أورده إلا لغرض , وهو أنني جعلت دراسة الهمزة صوتياً ، ودراسة رمزها في الكتابات السامية ، ثم دراسة موقف القبائل والقراء منها ، جعلت ذلك وسيلة للكشف عن طريقة كتابة الهمزة في المصحف ، بحيث يمكن فهم الموضوع بطريقة أوضح , وحجته في طلبه أن ما ورد في تلك الصفحات كلام معاد وأنه ذكره في دراسته في كتاب القراءات القرآنية ! ولم أجد بُدًّا من الموافقة على التعديل , وقد أذن لي بالطبع بعد تعديل الملاحظات ، وأنا بانتظار الفصلين الأخيرين , وأرجو ألا أنتهي من طبع الجزء الذي معي إلا وقد انتهى من قراءتهما .
مكتب الطباعة
الخميس 27 مايس 1976م = 28 جمادى الأولى 1396هـ
اتفقت عصر اليوم مع صاحب مكتب الاشتراكي للطباعة 95 ش طلعت حرب في إمبابة لطبع الرسالة .
انتظار!
السبت 5 حزيران 1976م = 7 جمادى الآخرة 1396هـ
في يوم الثلاثاء 25/5/1976 ذهبت إلى المشرف وأعطاني قسماً من البحث ووعدني بأنه سينتهي من قراءة البقية خلال عشرة أيام , ومضت الأيام العشرة ، وقلت لأتصل به بالهاتف اليوم , وفي المساء بعد أن عدت من مكتب الطبع الذي اتفقت معه على طبع البحث استطعت أن أكلم المشرف بالهاتف , ورد بصوت خافت ( مَعْلِيش ) و ( كل شيء في أوانه ) , وأخيراً تبين أنه لم يقرأ شيئاً من البقية الباقية من البحث ، وليس في نيته أن يكمله الآن , بدأ كلامه بأن الامتحانات في الكلية قد بدأت وأن لديه الآن أكثر من ألف ورقة إجابة عليه أن يفحصها , ومن ثم فإنه لن يستطيع أن يقرأ بقية البحث الآن حتى ينتهي من تصحيح أوراق امتحان طلبة الكلية في مادته , وذكر أنه لن ينتهي من ذلك العمل قبل 20 أو 25/6 وذابت الكلمات بيني وبينه وخفت الصوت عبر الأسلاك ببرود.
لم أكن أتوقع ذلك أبداً , كان أقصى ما توقعته أن يؤخر البقية خمسة أيام ، أما أن يؤخرها عشرين يوما فهذا ما لم يخطر على البال ، خاصة أنه كان يؤكد لي أنه سينتهي من قراءتها في أقرب فرصة , وكان قد أكد المواثيق والعهود لكني أشك في ذلك من خلال موقفه من مواعيده السابقة , وأقولها بألم لأنه يمثل وجها إسلامياً مشهوراً يظهر على شاشة التلفزيون , وقصة هذا البحث المسكين وقصتي مريرة مع الدكتور عبد الصبور شاهين , هدانا الله وإياه إلى الصواب .
شفاعة
السبت 12 حزيران 1976م = 14 جمادى الآخرة 1396هـ
كنت قد اتصلت بالدكتور أمين السيد يوم الأربعاء الماضي , وحدثته عما بيني وبين المشرف وعما وصل إليه أمر البحث , فوعد بأن يكلم المشرف حول الأمر , لكني طلبت منه ألا يشعر المشرف بأني قد أخبرته عن الأمر ، حتى لا يصف ذلك بأنه ( مطاردة ) أو شبه مطاردة , كما وصف تكليم الدكتور أمين السيد له حول موضوعي من قبل , وعدني أنه سوف يلتقي به يوم الخميس , فقلت ليمر يوم أو يومان ثم اتصل به , واتصلت به اليوم ، وكان قد التقى بالمشرف فعلاً وجرى بينهما كلام حول الموضوع , لكن المفاجأة التي لم تكن تخطر على بال أحد هي أن المشرف أخبره أنه سوف يسافر إلى تونس لمدة نصف شهر ، وأنه سوف يرد بقية البحث بعد عودته , كان في يوم لقائي معه في 25/5/ 1976 قد ذكر أنه لا يستطيع أن يردها إلا بعد أن ينتهي من تصحيح أوراق الأجوبة , وظهر اليوم أنه يريد أن يسافر ، والله المستعان ...(7).
مواعيد الطباع
الأربعاء 16 حزيران 1976م = 18 جمادى الآخرة 1396هـ
كان الإخوة الذين أسكن معهم في الشقة قد رغبوا في الخروج للفسحة مغرب هذا اليوم , فرجوت أن نؤجل ذلك إلى ما بعد صلاة العشاء خشية أن يصدق الطباع ويحضر هذا المغرب , كنت قد ذهبت إلى مكتب الطبع يوم الأحد الماضي وأخذت ما تم إنجازه , ووعد صاحب المكتب بأن يُحْضِرَ البقية يوم الثلاثاء إلى الشقة هو بنفسه ، فقلت له أحضرها يوم الأربعاء حتى لا تظل لك حجة , وكنت أتوقع أنه سوف يحضر فعلاً هذا المساء ، لكنه لم يخرق القاعدة وصَدَّقَ القول , كان في كل مرة يعدني بإحضار شيء مما تم كتابته يكذب ويخلف الموعد , مرة اعتذر بأن إصبع رجله قد أصيب , ومرة أخرى اعتذر بأن ضيوفاً قد حضروا له شغلوه , ولا أدري ماذا سيعتذر هذا المرة , ولا أدري إن كان المانع أمراً طبيعياً أم أنه كعادة كثير الناس في هذا البلد لا يفون بعهد ولا وعد ... هكذا تعوَّدَ الناس على هذه الحياة الكاذبة , إلا قلة قليلة ممن عصمهم الله بدينهم , كَثَّرَهُمُ الله .
مرض
الخميس 24 حزيران 1976م = 26 جمادى الآخرة 1396هـ
هناك حقيقة كبرى قد غفل عنها الناس – عامة – ولا يكادون يذكرونها إلا لحظة مواجهتهم لأحد مظاهرها , ثم ينسون ويرجعون إلى جريهم في هذه الحياة , حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون , ولا شك أن المسلم أكثر إدراكاً لهذه الحقيقة واستحضاراً لها من غيره , فهو ذاكر للموت , راضٍ بقدر الله وقضائه فيه ، تلك الحقيقة هي أن الموت يحدث من غير أسباب ظاهرة , ويحدث من دون مقدمات , ويحدث للإنسان وهو في ذروة الشباب , ولا تموت نفس إلا في الموعد الذي حدده العليم الخبير ، وأكثر الناس لا يترقبون أبداً ذلك اليوم , غافلون عنه حتى يَفْجَأهم , لكن الإنسان العاقل هو من ذكر الموت وعمل لما بعده .
كنت في مساء الخميس الماضي ليلة الجمعة معافى , لا أشعر بألم سوى أني عندما أويت إلى الفراش أحسست بألم خفيف في البلعوم مع رغبة في الاستلقاء من تعب شديد , وفي الصباح , صباح الجمعة , استيقظت وأنا أحاول أن أعمل ما كنت أعمله كل يوم وأتحرك حركة السليم الصحيح البدن , لكن وجدت قواي تخونني , وما لبثت أن عدت إلى السرير لأستلقي استلقاءه ثقيلة , ولم أخرج إلا لصلاة الجمعة , وعدت ولم ألبث أن عدت إلى السرير , وقد بلغ الألم مداه يوم الأحد , وجع في الرأس والعينين وفي الرقبة , والجسم كله مسترخي العضلات مع ألم في المفاصل وارتفاع درجة الحرارة , حتى إني في مساء ذلك اليوم وجدتني أشعر أن نور المصابيح خافت لأني لا أكاد أبصره بوضوح ونمت وأنا أنتظر الموت ! ولا حول ولا قوة إلا بالله , ثم خفت الآلام تدريجياً بفضل الله , وخرجت عصر اليوم في نزهة مع الإخوة , وصدق قول القائل:
كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله
(وما تدري نفس ماذا تكسب غداً ، وما تدري نفس بأي أرضٍ تموت) [ لقمان ٣٤] .
عودة الطيور المهاجرة!
الاثنين 9 آب 1976م = 13 شعبان 1396هـ
كل الطيور عادت إلى أوطانها إلا طيراً واحداً لا يزال يكابد وسط العاصفة , لكن أملاً بالوصول لا يزال يقود خطاه , التي أخذت تثقل كلما مرت الأيام ، والتي غدت هي الأخرى طويلة حزينة , كانت الشقة التي أنزل فيها تعج بالحركة كأنها خلية نحل , كنا أربعة ثم حضر الأخ سالم زائراً , كانت الأيام تمر خفيفة لا تكاد تدرك المساء حتى يدركك الصباح , وقد انتهى الإخوة نجم الدين ومحمود من الامتحان وسافرا يوم 5/8 , وسافر ليث يوم 8/8 ، وقضيت الليلة الماضية مع الأخ سالم الذي سافر مساء هذا اليوم , وعدت إلى الشقة بعد أن ودعته فكانت هادئة تبعث الحزن في أعماق النفس ، حضر أبو وسام(8) منذ شهر على أمل أن نرجع معا بعد أن تتم مناقشة رسالتي ، لكن الأمور جرت على غير ما توقعت، فالمناقشة لن تتم قبل منتصف الشهر التاسع , فلا معنى لبقاء الأخ سالم فترة أطول خاصة أن عليه أن يحضر للدوام في أول التاسع , وكان وصوله تجديداً لذكرى الأسرة كلها , وهو يحدثني عن الصغير والكبير , ولكن هذه الذكرى الحلوة مرت بسرعة كأنها حلم ، ودعته مساء هذا اليوم , وعدت إلى الشقة وأنا أُنْصِتُ أتسمع الأصوات التي كانت تملؤها ، لكنها بدت ساكنة فقد رحل أهلها , فهي حزينة عليهم , وأويت إلى الفراش وأنا أدعو الله أن يعينني حتى أنجز البحث ، وأسافر إلى الأحبة والإخوة .. كانت الأمطار شحيحة في القاهرة إلا في هذا المساء الذي انهمرت فيه بغزارة !!!
تشكيل لجنة المناقشة
الخميس 2 أيلول 1976م = 7 رمضان 1396هـ
عاد المشرف الدكتور عبد الصبور مساء الثلاثاء – أول أمس – من رحلة الاصطياف , وذلك يعني بالنسبة لي مرحلة جديدة من الكفاح من أجل تعيين العضو الثالث لمناقشة رسالتي للماجستير , وتعيين موعد المناقشة , وقد أرجأت الاتصال بالمشرف حتى صباح أمس , حتى لا ينزعج ، وقد أخبرني أنه سيحضر إلى الكلية صباح هذا اليوم ، وأن أمر اختيار العضو الثالث قد تم بعد أن وافق الدكتور إبراهيم أنيس على المشاركة في المناقشة ، حمدت الله , رغم أن مشاركة الدكتور أنيس تعني تأخيراً للمناقشة , على ما أتوقع ، المهم بالنسبة لي أن ترسو الأمور على جهة , وذهبت صباح هذا اليوم , وصلت الكلية بعد أن قضيت في الطريق قريباً من ساعة أو أكثر , لشدة الزحام في الشوارع , وجلست في الكلية أستظل ببقايا شجرة قد عجزت وتساقط معظم ورقها , ولم يحضر المشرف حتى الساعة الحادية عشرة والثلث , وبعد الاستقبال والتحيات والذهاب هنا والجري هناك , انعقد مجلس قسم فقه اللغة أو علم اللغة كما يسمونه , وبدأ بإنهاء تشكيل أمر لجنة المناقشة لي ولطالب أردني- فلسطيني آخر , وبعد مضي ساعة أو ساعتين من الحوار والجدل عُدِلَ عن إشراك الدكتور إبراهيم أنيس في مناقشة رسالتي(9) , ووقع الاختيار على الدكتور عبده الراجحي الأستاذ في جامعة الإسكندرية ، إلى جانب الدكتور عبد الله درويش ، وفي حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر ، والعطش قد بلغ منا مبلغه ونحن في شهر رمضان ، أعطاني المشرف رسالة شخصية إلى الدكتور عبده الراجحي ليشترك في المناقشة , وعليَّ أن أسافر إلى الإسكندرية لتسليم الرسالة إليه ، أعني نسخة البحث , مع رسالة الدكتور عبد الصبور شاهين ، ولا بأس بذلك , ولعله خير ، إن شاء الله.



نشرت هذه الحلقة يوم الجمعة 9/5/1431هـ

ــ الحواشي ـــ
(1) لم تعد الذاكرة تسعفني بقصة هذه الخاطرة الغريبة !​

(2) كنت أكتب أولاً بقلم الرصاص ، حتى أتمكن من المحو والتعديل ، ثم أنقل المكتوب بعد المراجعة بقلم الحبر إلى المبيضة ، ومن ثم فإني كتبت رسالة الماجستير مرتين ، ولا أزال أحتفظ بتلك المدونات الأولى للرسالة ، ولكني في أطروحة الدكتوراه اكتفيت بكتابة نسخة واحدة مباشرة ، والآن كثير من طلبة الدراسات العليا يقدمون بحوثهم للمشرفين مطبوعة بالحاسبة مباشرة.

(3) الأخ الدكتور ليث سعود جاسم ، كان يدرس في دار العلوم للحصول على شهادة الماجستير ، في تخصص التاريخ الإسلامي ، وقد سعدت بالعيش معه أكثر من سنة ، وغادرت القاهرة وبقي فيها بعدي سنين حتى حصل على شهادة الدكتوراه ، واستمر التواصل بيننا مدة طويلة ، وهو يعمل الآن في الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا ، حفظه الله ووفقه لكل خير .

(4) كانت علاقتنا بعد عودتي إلى العراق مع الأخ خليل كما توقعت ، بل أكثر مما توقعت ، فقد سكنا في منطقة واحدة في بغداد ، هي حي العدل في جانب الكرخ ، وكانت اللقاءات بيننا مستمرة ، وتوثقت علاقة أسرتينا ، وظلت علاقتنا مستمرة بعد انتقالي من بغداد إلى تكريت ، وكان أخي سفر على تواصل مع الأخ خليل من بعدي ، وكنت أزور الأخ خليل حين أقام في عمان في الأردن ، للعمل في جامعة الزرقاء ، كلما مررت بها ، حتى أدركه الأجل وهو مقيم في عمان في حادث مروري ، الله أعلم بحقيقته ، وقد تمكنت من الذهاب إلى بغداد أنا وأم عبد الله لتعزية عائلته في الأيام التي تصاعد فيها العنف الطائفي ببغداد، رحم الله أبا حارث وأسكنه فسيح جناته .
وكنت قد كتبت في مفكرة 2006م في يوم الأحد 23 نيسان ما يأتي :
علمت مساء هذا اليوم بوفاة الدكتور خليل الحديثي في عمان بالأردن في حادث سير، والدكتور خليل صديق قديم لي، حين سكنا في القاهرة في شقة واحدة لمدة سنتين، وذلك في وقت إقامتنا هناك للدراسة، وحين سكنت في بغداد لم تنقطع علاقتنا، وبعد أن انتقلت إلى تكريت بقيت تلك العلاقة، لاسيما أنه كان يسكن في حي العدل قريباً من بيت أخي أبي عمر رحمه الله، وكان يعمل في كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد، ثم ذهب للعمل في جامعة الزرقاء الأهلية في عمان قبل الاحتلال، ثم استمر هناك حتى توفاه الله تعالى اليوم ، اللهم اغفر لخليل وألهم أهله الصبر على المصاب.

(5) ذهب الأخ مولود مصطفى الحمد في بعثة إلى إحدى جامعات إنكلترا ، وتخصص في الهندسة الكهربائية (تكنولوجيا النبضات) ، وعاد إلى العراق سنة 1982 بعد حصوله على الدكتوراه ، وعمل في عدد من المؤسسات ، وتقلبت به الحياة ، وقد أحيل على التقاعد في السنة الماضية ، وفقه الله.

(6) أكمل الأخ منذر كمال دراسة الدكتوراه في القانون ، واشتغل في المحاماة في مدينة بيجي وتكريت ، بعد إحالته على التقاعد ، هو وأولاده ، الذين تخرجوا من كليات الحقوق ، وقد أكمل ولده براء دراسته في القانون وحصل على شهادة الدكتوراه ، ويعمل الآن في كلية القانون في جامعة تكريت .

(7) هذا شعور طالب متعجل لا يعرف ظروف أستاذه المشرف ، وأنا أعتذر إلى أستاذي الدكتور عبد الصبور شاهين من ذلك، مد الله في عمره ، ومتعه بالعافية .

(8) كنية أخي سالم في تلك السنة ، وحذيفة ابنه البكر توفاه الله صغيراً ، وجاء وسام ثم توفاه الله صغيراً ، وتوفيت نَعَم وأختها ، ثم بارك الله له في محمود الذي تزوج وأنجب ، ثم جاء إخوة محمود : محمد وأحمد ، وأختاهما ، بعد زواج أخي الدكتور سالم الثاني ، بارك الله له في أولاده وأهله .​

(9) فوجئت بقراءة هذه السطور ، فلم يبق في ذاكرتي أني رأيت الدكتور أنيس في الكلية أو خارجها ، في فترة إقامتي في القاهرة ، وهو إما أن يكون في إعارة خارج مصر أو أنه كان معتكفاً في بيته ، ولا أدري لِمَ لم أزره وألتقي به ، فهو شيخ شيوخي ، بل هو شيخ الدراسات اللغوية العربية الحديثة ، رحمه الله .





الحلقات السابقة :
1- ذكريات غانم قدوري الحمد........ (الحلقة الأولى)
2- ذكريات غانم قدوري الحمد........ (الحلقة الثانية)
3- ذكريات غانم قدوري الحمد........ (الحلقة الثالثة)
4- ذكريات غانم قدوري الحمد........ (الحلقة الرابعة)
5- ذكريات غانم قدوري الحمد........ (الحلقة الخامسة)
6- ذكريات غانم قدوري الحمد........ (الحلقة السادسة)
7- ذكريات غانم قدوري الحمد........ (الحلقة السابعة)
8- ذكريات غانم قدوري الحمد........ (الحلقة الثامنة)
9- ذكريات غانم قدوري الحمد........ (الحلقة التاسعة)
10- ذكريات غانم قدوري الحمد........ (الحلقة العاشرة)

11- ذكريات غانم قدوري الحمد........ (الحلقة الحادية عشرة)


 
جزاك الله خيراً أستاذنا الفاضل على هذه المذكرات المليئة بالعبر والتي تدفعنا لشكر الله تعالى على ما أنعم علينا نحن المتأخرون في دراساتنا لأننا لم نعاني كل هذه المعاناة في الكتابة والبحث بوجود الحاسب الآلي والمكتبات الإلكترونية التي تسهل على الباحث عمله وطباعة ما يريد وتنقيحه وتعديله بيسر وسهولة.
قلّبت علي المواجع يا دكتور عندما ذكرت الحرب الأهلية في لبنان لأن عائلتي من أولى العائلات التي أصيبت بنارها فالتاريخ الذي ذكرته هو الذي اختطف فيه عمي رحمه الله تعالى على يد حزب الكتائب وعُذِّب وشوِّه حتى بالكاد تعرفنا عليه! لا أعاد الله تلك الأيام ورحم عمي وكل الأبرياء الذين قضوا في تلك الحرب اللعينة.
بانتظار الحلقة القادمة لكم خالص التقدير والشكر
 
شكرا لأستاذنا الجليل الدكتور غانم قدوري الحمد على هذه الذكريات الجميلة المفيدة الممتعة، وأسأل الله أن يطيل عمره، ويحسن عمله، ويجزل أجره، ويعلي ذكره، ويزيده صحة ونشاطا، وقوة وشبابا، وينفعني والمسلمين بعلومه الغزيرة، وبحوثه الكثيرة.
ونحن ـ شيخنا الجليل ـ في شوق لمؤلفاتكم الجديدة، وتحقيقاتكم الدقيقة، لا سيما ما كان متعلقا بالإمام أبي عمرو الداني ـ رحمه الله ـ والتي أشرتم إليها في بعض الكتابات والجلسات، ولكم من محبكم وافر الشكر، وأطيب التحيات.
 
لله درك يا دكتور غانم ،
ذكرياتٌ تبعث في القلب الهمة والعزيمة .
تنقلنا من دروسٍ في الصبر وتحمل المشاق ، إلى دروسٍ في صادق العزم في بلوغ المقصود .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي يسر للدكتور الفاضل غانم هذا العمل الذي من خلاله استفاد كثير من طلبة العلم بإن الله تعالى.
وقد ذكرني كلامة بأستاذي والشيء بالشيء يذكر ، فقد كان أستاذي بمثابة الوالد ويحكي لي عن الصعاب التي مر بها لتشجيعي على قهر الصعاب ومنها ،
أن مشرفه في مصر ترك رسالته في درج مكتبه بعد أن أذن له بالطبع وطبع وبقيت المراجعة النهائية سنة ، وهذا في نفس الوقت والسنوات التي درس فيها الدكتور غانم في مصر ، هذا مع أن أستاذي قد رزق بالأسرة والأولاد مبكرا ، وكانت تحدث لهم بعض الظروف التي تحتم عليه الرجوع لبلاده كرب أسرة ولكنه لا يستطيع خوفا من أن يقرر المشرف المناقشة ، وبعض الأساتذة يعذب طلبته كما عذبه أساتذته ولكن أستاذي حفطه الله أسرع بمناقشتي بعد أن أكملت البحث وقال لي ليس عندك ما تضيفينه جزاه الله عني كل خير .

وهناك أمر في الحلقة السابقة ذكر الكتور فقرة مهمة جدا وهي :
"وقد تبين لي من هذه الرحلة ضخامة العمل الذي قام به الصحابة وعلى رأسهم زيد - رضي الله عنهم - حين كتبوا المصحف في ذلك الوقت ، بما تيسر لهم من وسائل وأدوات ، ومع أن تركيزي كان موجهاً إلى الرسم فإني كنت ألاحظ المعاني ، وخرجت بضرورة دراستي للقرآن دراسة جادة عميقة في أقرب وقت ، إن شاء الله ."
أتمنى أن أعرف في أي كتبه وضح هذه النقطة بشكل واضح .
جزاكم الله خيرا
 
عودة
أعلى