د. عبدالرحيم الشنقيطي: وجهة نظري في قضية كتاب "كنز المعاني لشعلة"

ايت عمران

New member
إنضم
17/03/2008
المشاركات
1,470
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
المغرب
بسم1​
كتب شيخي الفاضل الخلوق الدكتور/ عبد الرحيم بن عبد الله عمر الشنقيطي، بيانا حول ما أثير في الآونة الأخير عن كتاب "كنز المعاني من حرز الأماني لشعلة"، فأشار علي بعض الأفاضل بنشره على صفحات هذا الملتقى المبارك، فاستأذنت شيخي الكريم، فأذن حفظه الله وبارك في علمه.

قال وفقه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم​
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد
فهذه وجهة نظري في قضية كتاب (كنزالمعاني في شرح حرز اﻷماني لشعلة) _المنشور _من حيث اسم الكتاب ونسبته لمؤلفه.

أما اسم الكتاب فهو(كنز المعاني في شرح حرز اﻷماني)إذ سماه به مؤلفه حيث قال (وسميته [كنز]_وفي بعض النسخ_[بكنز] المعاني في شرح حرز اﻷماني)ينظرعلى سبيل المثال كنز المعاني لشعلة (1ص236) بتحقيق الدكتور المشهداني و(ص4) بتحقيقي.
وكفى بهذا معتمدا فلا أحد أدرى من المؤلف باسم كتابه.
وأما ماورد في آخر الكتاب من قول الشارح(وهذا آخر ما أردنا من إيضاح المعاني لحرز اﻷماني) ينظر على _سبيل المثال _ (كنزالمعاني ص406)بتحقيق الشيخ زكريا عميرات فلم يصدر من الشارح على سبيل التسمية للكتاب وإنما قصد منه أنه انتهى من الشرح فعبر عن الشرح باﻹيضاح ولم يرد التسمية وهذا أمرظاهر.

وأما مؤلفه فهو محمد بن أحمد الموصلي المعروف بشعلة وأهم مايدل على ذلك:
1- ورود نقول عن أئمة معتبرين في علم القراءات منسوبة لشعلة ووجود هذه النقول بنصها في هذا الشرح ينظر على سبيل المثال لطائف اﻹشارات للقسطلاني (2ص691)وشرح ملا علي القاري على الشاطبية (ص79).
2- ورود نسبة الكتاب لمحمد بن أحمد الموصلي-شعلة- في ورقة غلاف النسخ الخطية لهذا الكتاب الذي بين أيدينا في مكتبات العالم المتفرقة وفي أزمنة متعددة يستحيل معها التواطؤ على الغفلة.ومن ذلك على سبيل المثال نسخة مكتبة أزمير ملي بتركيابرقم(1173)(ينظر نماذج المخطوطات في تحقيقي)
ونسخة مكتبة اﻷوقاف العامة ببغداد رقم(2406) (ينظر نماذج المخوطات في تحقيق الدكتور المشهداني)وغيرهما من النسخ الوفيرة وليس المقام مقام استقصاء.
3- ماورد في بعض نسخ الكتاب من تصريح النساخ بكون هذا الشرح المكتوب -أعني الشرح الذي بين أيدينا- لشعلة ينظر على سبيل المثال كنزالمعاني لشعلة(2ص797)بتحقيق الدكتور المشهداني.

أما ماورد في آخر بعض نسخ الكتاب من عبارات توهم أن الشرح لغيره فالجواب عنها مايلي:
الناظر في العبارات الواردة في آخر بعض النسخ يجدها على ثلاث صيغ:
اﻷولى-( صيغة للشارح)وهي(قال الشارح روح الله بنسيم الرحمات روحه وجعل من الرحيق المختوم عبوقه وصبوحه قد وقع الفراغ من تسويد هذه اﻷوراق بإذن الله الملك الخلاق في يوم اﻷربعاء عاشر رمضان من شهور سنة سبع وأربعين وستمائة أحسن الله ختامها)ينظر على سبيل المثال كنز المعاني لشعلة (ص654)نسخة الاتحاد العام لجماعة القراء بمصر. وهي عبارة للشارح بلا إشكال لعدم تغير تاريخ النسخ فيها في النسخ اﻷخرى ولقوله فيها أحسن الله ختامها مما يدل على أن قائلها يومئذ حي.

الثانية-(صيغة للنساخ) وهي(قد وقع الفراغ من تسويدهذه اﻷوراق بمن الملك الخلاق ... وعبارات نحوها دون نسبتها للشارح ويتغير فيها تاريخ نسخ الكتاب بحسب الناسخ فقد ورد في نسخة مكتبة يزغات (السليمانية)بتركيارقم (615) مثلا
(ضحوة اﻷربعاء الخامس والعشرين من جمادى اﻷولى سنة سبع وأربعين وثمانمائة)(ينظر نماذج المخطوطات في تحقيقي)
وفي نسخة مكتبة قجاراغب باشا بتركيابرقم(10)(ضحوة يوم اﻷحدالرابع والعشرين من شعبان سنة ثمان وستين وثمانمائة)(ينظر نماذج المخطوطات في تحقيقي) وهكذا...وهي عبارة للنساخ بلا إشكال لتغير تاريخ النسخ فيها ولعدم نسبتها للشارح.

الثالثة-(عبارة مشكلة)فتردبدون نسبة للشارح أو الناسخ أو ترد منسوبة للشارح بقول الناسخ قبلها قال الشارح رحمه الله أو قوله بعدها تم كلام الشارح رحمه الله ومنها عبارة (قد وقع الفراغ من تسويد هذه اﻷوراق بمن الملك الخلاق عشية يوم الجمعة المستهل لشعبان المعظم من أشهر حجة ست وأربعين وسبعمائة) وفي بعض النسخ تحديد لمكان الفراغ من نسخ الكتاب (ينظر -على سبيل المثال-مقال الشيخ الكفراوي المنشور في عدة ملتقيات علمية) وهذه الصيغة ظاهرها مشكل إلا أنها في جميع أحوالها لاتخلو من كونها إما غير منسوبة للشارح أو منقولة من الناسخ عن الشارح بدليل قول الناسخ فيها (رحمه الله ) وليس من العدل في شيء أن نترك صيغة نسبها القائل لنفسه وهو حيئذ حي يرزق وينطق _أعني الصيغة اﻷولى_إلى صيغة غير منسوبة ﻷحد بالكلية.كما أنه ليس من العدل في شيء أن نترك صيغة القائل التي نسبها إلى نفسه وهو حي يرزق وينطق_أعني الصيغة اﻷولى_ إلى صيغة الناقل عنه_أعني الناسخ_ فاﻷعدل منهجا اعتماد الصيغة اﻷولى على أنها صيغة الشارح التي نطق بها دون غيرها
ولايشكل على هذا تقدم النسخ التي وردت فيها الصيغة الثالثة وتأخر النسخ التي وردت فيها الصيغة اﻷولى فاعتماد مافي النسخ المتقدمة وإن كان معتبرا في الجملة إلا أنه ليس على إطلاقه فقد يكون في النسخ المتأخرة ما هو أصوب وأولى بالاعتماد وهذا أمر لايخفى على من مارس التحقيق.
وعليه فلا أثر لهذه الصيغة على نسبة هذا الكتاب لشعلة الموصلي .والذي يظهر لي في هذه الصيغة أنها من تصرف النساخ في نقلهم عن نساخ آخرين فينسبون كلام الناسخ المنقول عنه للشارح فأصل هذه الصيغة أنها من كلام الناسخ دون أن يصرح باسمه فرآها من نقل عنه من النساخ فظنها للشارح فنسبها إلى للشارح وهي للناسخ.
كما يستحيل أن يكون التاريخ الوارد في هذه الصيغة المتقدمة وهو(746)قد تم تزويره إلى (647)_وهو التاريخ الوارد في الصيغة اﻷولى فإذا كان التاريخ مزورا فلماذا لم يكتف المزور بتزوير تاريخ السنة فقط دون أن يزور اليوم وتاريخ اليوم والشهر بل ويزور اﻷسلوب أيضا فعملية التزوير متحققة بتزوير السنة فقط ؟!!!
فالتاريخ الوارد في الصيغة الثالثة(عشية يوم الجمعة المستهل لشعبان المعظم من أشهر حجة ست وأربعين وسبعمائة) والتاريخ الوارد في الصيغة اﻷولى (يوم اﻷربعاء عاشر رمضان من شهور سنة سبع وأربعين وستمائة)
ثم من الذي زور أهو المؤلف؟ فلماذا يزور وكتابه متميز بحسن التظيم والتسلسل المنطقي في العرض و دقة الاختصار اﻷمور التي تميز بها عن كل شروح الشاطبية على مر العصور أتراه يجود بنسبة كتابه المتميز لغيره؟!!!
أم زور النساخ أوالمفهرسون ؟فكيف استقام لهم أن يتآمروا على هذا التزوير مع تباعد أزمنتهم وأمكنتهم؟!!!
بل كيف خفي هذا التزوير على إمام الفن ابن الجزري رحمه الله فإنه عندما ترجم لﻹمام شعلة في كتابه غاية النهاية(2ص80_81)ذكر من وافقه في تسمية كتابه (كنز المعاني في شرح حرز اﻷماني)وهو اﻹمام الجعبري أتراه يذكر من وافق ويغفل من زور؟! أم تراه لم يطلع على التزوير وهو من هو في سعة الاطلاع ونسخ هذا الكتاب الذى بين أيدينا متوفرة بهذه الكثرة الظاهرة؟!! أم تآمر مع المزورين فكتم؟!!! حاشاه رحمه الله برحمته الواسعة.

أما ما أورد من كون مؤلف الكتاب لم يورد من مصادره إلا القليل ولم ينسب من اﻷقوال إلا قليلا وهذا أمر يقدح في صلاحه وقد عرف شعلة بالصلاح وعليه فليس هذا الكتاب لشعلة
فالجواب عنه أن إيراد المصادر قلة وكثرة ونسبة اﻷقوال أمر منهجي بحت فلكل مؤلف نهجه في ذلك ولا علاقة لذلك بالصلاح.

وأما ما أورد من كون المؤلف لم يورد من الشواهد الشعرية إلا اليسير و أنه لم يستدرك على الشاطبي في بيت واحد فيعدله كما فعل معاصروه من شراح الشاطبية وهذا أمر يبعد أن يصدر من شعلة ذي الذهن الثاقب وعليه فليس الكتاب لشعلة
فالجواب عنه أن المؤلف ذكر في أول كتابه أنه سلك فيه مسلك الوسط دون تطويل ممل أو إيجاز مخل ومن سار على هذا النهج فمظنة قلة إيراد الشواهد وعدم الاستدراك في بعض الجوانب منه واردة ولا إشكال قال رحمه الله في أول كتابه(فدار في الخلد شرح ينشأ بالوجود الذهني مما وقع في الطرفين فإن خيراﻷمور مايتوسط بين بين فشرحت له كما ألقي في الروع شرحا أسلك فيه القصد المشروع مخرجا للكتاب عن قبيل اﻷلغاز موضحا توضيح من يهدر بين اﻹطناب واﻹيجاز)ينظر (كنز المعاني لشعلة ص4)بتحقيقي

وأما ما أورد من إيراد المؤلف بيتين في باب المد والقصر لم ينظمها هو بل نظمها غيره وشعلة معروف بالقدرة العالية على النظم وعليه فليس الكتاب لشعلة
فالجواب عنه أنه لايلزم من إيراده بيتين لغيره عجزه عن النظم ولا يلزم من كونه نظاما عدم نقله عن غيره.
كما أنه لايشكل عليه كونه نقله عن معاصره فتلك وجهة نظره ينقل عن من يراه أهلا للنقل.
على أن هذه اﻷمور تدرج في قائمة المآخذ على الكتاب_مع كونها لاتسلم_ لا في أدلة نقض نسبة الكتاب لمؤلفه .

وأما ما أورد من نقل الإمام يوسف بن أسد الخلاطي في شرحه على الشاطبية نصوصا عديدة عن شعلة وهذه النصوص غير موجودة في الشرح الذي بين أيدينا وهي موجودة بنصها في كتاب آخر لا زال مخطوطا وعليه فليس هذا الكتاب الذي بين أيدينا لشعلة وإنما كتاب شعلة هو الكتاب الذي وردت فيه تلك النصوص.
فالجواب عنه أن الإمام الخلاطي نسب هذه النصوص إلى شمس الدين (محمد بن علي الموصلي) المعروف بشعلة هكذا ورد في شرحه (اللوحة1أ)
و اسم اﻹمام شعلة ( محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين)الموصلي فليس (علي)أبا له ولاجدا في كافة المصادر التي ترجمت له.
فهل التبس محمد بن علي الموصلي _ولعله ابن الوراق الحنبلي(ينظر غاية النهاية (2ص206)أو غيره_ على الخلاطي فظنه شعلة وعليه فلاتصح نسبة النصوص لشعلة. أم تصحف اسم (أحمد)إلى (علي) أو هناك أدلة أخرى تؤكد نسبة هذا الكتاب المخطوط لشعلة فيكون شرحا آخرلشعلة غير كنز المعاني ربما يكون اﻷمر كذلك فهو أمر وارد عقلا وواقعا كما وقع من أبي شامة المقدسي(ينظر غاية النهاية1ص365)
وهذا أمر مرتهن بخروج هذا الكتاب المخطوط على عيون اﻷشهاد.

هذا ما ظهر لي في هذه القضية والله تعالى أعلم بالصواب والحمد لله رب العالمين.


كتبه الفقير إلى عفو ربه /عبد الرحيم بن عبد الله بن عمر الشنقيطي
عضوهيئة التدريس بقسم القراءات بكلية القرآن الكريم بالجامعة اﻹسلامية بالمدينة.
 
عودة
أعلى