محمود عبد الصمد الجيار
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
دور الأديب العربي
[مقالة نشرت بمجلة «ثقافة وأدب» ضمن مقالات أخرى تحت عنوان(من أجل مد مزيد من الجسور الثقافية بين أرجاء الوطن العربي)، السبت 2- 6- 1990 م]
القاهرة - مكتب السياسة:نحن في مرحلة تعد جديدة شكلاً ومضمونا، فالمناخ العام مهيأ أكثر من أي وقت لمد مزيد من الجسور الثقافية بين أرجاء الوطن العربي، من أجل مزيد من التلاحم بين الفكر ولمّ الشتات العربية لحمايتها من التيارات الوافدة، أو منع أي محاولات أخرى للتعامل معها كأجزاء متناثرة، ولا شك أن المهرجانات والمؤتمرات الأدبية العربية قد ساعدت بشكل أو بآخر على وجود مناخ ثقافي عربي يقرب المسافات، ويصب في بؤرة الهدف الواحد المشترك، وهو استعادة ملامح الهوية العربية بعيدا عن النظر إلى مصريتنا، أو سعوديتنا، أو كويتنا، أو سوريتنا نظرة قاصرة.. فالنظرة لابد أن تنبع من إقليمنا، لكنها تعبر إلى شاطئ العروبة، لأن العالم الخارجي يتعامل معنا كوحدة لا كفرد أو إقليم منفصل.
في ظل هذا المناخ وهذه القضايا المتشابكة العديدة المثارة يفرض السؤال نفسه: ما دور المبدع على مستوى الوطن العربي؟.. وفي ظل اضطراب السفينة وهذه المخاطر والأزمات المحفوفة بنا يقول الدكتور عبده الراجحي:
ينبغي أن نعترف بأن المبدعين في الأدب العربي على الأقل في الربع قرن الأخير لم يكن لهم إسهام في دفع حركة العالم العربي للإمام.. أي إن الإسهام الحقيقي فيه شك كبير، وهذا أمر مفهوم، لأن العالم العربي تعرض لتيارات كثيرة ولا يزال يتعرض لموجات متلاطمة من حوله، وأظن أن السفينة الآن لن تستقر في المستقبل المنظور...
ويضيف:
ولكن هنا تبرز أهمية الأشياء وبإنجازها في مثل هذا الوقت وليس في وقت الاستقرار؛ لأن أهمية هذا الدور في أوقات البحث عن الشاطئ البحث عن الأمان حتى فكرة الهوية التي اختلطت على كثير من الناس أظن أن هذا هو الدور الحقيقي الذي يمكن أن ينهض به الأديب العربي...
ويضيف ملفتا إلى أن الإبداع العربي الذي أسهم لحد ما في إنشاء نوع من البلبلة في تصور الذات العربية. مثلاً هناك خلاف الآن حول شكل الإبداع العربي بوجه عام وهناك صراعات كبيرة بين من يسمون بأصحاب رفض القديم وإدخال الجديد بأسسه المذهبية الوافدة، وهناك أيضا زعم التمسك بالقديم على غير فهم لهذا القديم، فهناك مشكلة حقيقة، وأود أن أشير إلى نقطة تبدو أساسية وهي أن هناك إبداعات بالفصحى تبدو غريبة حقيقة على الذات العربية، وأنا أرى أن المناخ الثقافي العربي حاليا هو أكثر تخلفا عما كان عليه منذ ثلاثين عاما في الوقف الذي لم تكن هناك طرق اتصال حديثة ولا يوجد إعلام فعال وسريع كما هو الآن.. كان العالم العربي في الثلاثينيات يجتمع كي يؤمر أحمد شوقي في الشعر.. كان هناك نوع من التوحيد العجيب حتى مع وجود الصراعات في ذلك الوقت.
لذلك فالأديب الحق هو الذي ينبغي أن يؤسس أدبه على فكر عربي وعلى ذات عربية وهؤلاء الذين ننتظر منهم الدور..
ويجب أن يكون النضال ليس بالإشعار وإنما أن نعرف ذاتنا حق المعرفة.. وأنا أشك في وضوح الذات العربية في الأجيال العربية المعاصرة وأتصور دور الأديب العربي الحقيقي هو أن يصل إلى عمق الذات العربية وأن يشعر بها كل فرد في العالم العربي..