الدكتور صلاح الخالدي
New member
دمع لا يُكَفْكَفُ يا دِمشق
د. صلاح الخالدي
في النصف الأول من القرن العشرين المنصرم احتل الفرنسيون سوريا، وفرضوا عليها انتدابهم ووصايتهم، وواجههم السوريون في معركة "ميسلون" غير المُتكافئة، التي استشهد قائد المُجاهدين السوريين "يوسف العظمة" فيها، ودخل الجنرال الفرنسي الإرهابي "غورو" مدينة دمشق، وخرّب ودمر فيها، وعاث فيها فساداً.
وأنشد أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدة رائعة، أعلن فيها تعاطفه مع مأساة دمشق، ومشاعر السوريين، وقد قرأنا وحفظنا رائعته الشعرية، التي كانت في مناهجنا الدراسية، لما كنا في المرحلة الإبتدائية، في نهاية خمسينيات القرن الماضي، يوم كانت المناهج مناهج، والمدارس مدارس، وما زلت حتى الآن أحفظ الكثير من ما أخذناه في تلك المناهج، بعد مرور أكثر من نصف قرن عليها..
ومن ما قاله أحمد شوقي في مطلع رائعته الشعرية:
لقد فاقت مأساة أهلنا وأحبابنا في سوريا كل وصف وشعور وتقدير، وقد فقد أركان النظام الدموي وجنوده و "شبيحته" كل المعاني الإنسانية، بل فقدوا المعاني "الحيوانية" وإنما يتفوقوا على "نيرون" و"هولاكو" وباقي الهمج من البشر "المفترسين" فقط، وإنما تفوقوا على حيوانات الغابة المفترسة ! إن "الأسد" ـ الحيوان في الغابة ـ لا يفعل مع فرائسه ما يفعله " الأسد" الذي يظهر على الناس بجسم وملابس إنسان! لقد تفوق "الأسد" الإنسان في دمويته على الأسد الحيوان!! ويقول لنا: لا يطلق النار على شعبه إلا مجنون!!
نقول للمدينة الحبيبة دِمشق، وسائر مُدن سوريا الحبيبة، كدرعا وحمص، ما قال أحمد شوقي: سلي أيتها المُدن السورية المنكوبة بالحيوانات البشرية ـ ومعذرة للحيوانات المفترسة في الغابة من هذا التشبيه ـ : سلي من يُذبحون كل يوم العشرات من أبنائك وبناتك وعجائزك من رجالك ونسائك: أبين قلوبهم والصخر فرق؟
قلوب جُنود النظام الدموي وشبيحته ليست بقوة الصخر، ولا بصلادة الحجارة، بل هي أشد قسوة وصلادة من الصخر والحجارة، وينطبق عليهم قول الله لنبي اسرائيل مُنكراً عليهم قسوة قلوبهم. قال تعالى: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله ...} [البقرة:74]
أما أهلنا وأحبابنا في سوريا الحبيبة فهم الرجال الرجال، والشجعان الأبطال، الذين عرفوا طريقهم، وساروا فيه بخطى ثابتة، وكسروا حاجز الخوف والجُبن والصمتن وأعلنوها عالية مدوية، وكلما ازداد المفترسون الدمويون افتراساً من أبنائهم ازداد الرجال الثائرون ثورة وشجاعة، وإقداماً وتحدياً، إنهم الآن يطرقون ويدقون باب الحرية بأيديهم المضرجة بدمائهم، وسنفتح باب الحرية قريباً بإذن الله، كما فتح ذلك لإخوانهم التونسيين والمصريين والليبيين، ولقد قالها لهم أحمد شوقي قبل أكثر من ثمانين سنة:
نُخاطبكم يا أهلنا في سوريا "المخطوفة" بما خاطب به أحمد شوقي أجدادكم قبل أكثر من ثمانين عاماً، لأن التاريخ الدموي يُعيد نفسه، في صورة أكثر دموية.
ونقول لكم:
د. صلاح الخالدي
في النصف الأول من القرن العشرين المنصرم احتل الفرنسيون سوريا، وفرضوا عليها انتدابهم ووصايتهم، وواجههم السوريون في معركة "ميسلون" غير المُتكافئة، التي استشهد قائد المُجاهدين السوريين "يوسف العظمة" فيها، ودخل الجنرال الفرنسي الإرهابي "غورو" مدينة دمشق، وخرّب ودمر فيها، وعاث فيها فساداً.
وأنشد أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدة رائعة، أعلن فيها تعاطفه مع مأساة دمشق، ومشاعر السوريين، وقد قرأنا وحفظنا رائعته الشعرية، التي كانت في مناهجنا الدراسية، لما كنا في المرحلة الإبتدائية، في نهاية خمسينيات القرن الماضي، يوم كانت المناهج مناهج، والمدارس مدارس، وما زلت حتى الآن أحفظ الكثير من ما أخذناه في تلك المناهج، بعد مرور أكثر من نصف قرن عليها..
ومن ما قاله أحمد شوقي في مطلع رائعته الشعرية:
سلام من صبا بردى أرق **** ودمع لا يُكَفكَفُ يا دمشق
ومعذرة اليراعة والقوافي **** جلال الرزء عن وصف يدف
إلى أن قال فيها: سلي من راع غيرك بعد وَهْنٍ **** أبين فؤاده والصخر فرق
ولعل أروع بيت في رائعة شوقي قوله: وللحرية الحمراء باب **** بكل يد مضرجة يُدقُّ
وفي هذه الأيام " الحمراء"، التي يُعاني فيها أهلنا وأحبابنا في سوريا وأساتذتهم مع النظام الطائفي الدموي الإرهابي، التي لم تمر بهم عبر تاريخهم الماضي كله عبر مئات وآلاف قرونه، في هذه الأيام كنت أجد نفسي أردد أبياتاً من رائعة أحمد شوقي المُشار إليها، وبخاصة عندما أُشاهد عبر الفضائيات المُختلفة مشاهد الدما تُسفك، والأطراف تُقطع، والجُثث تُسحب. لقد فاقت مأساة أهلنا وأحبابنا في سوريا كل وصف وشعور وتقدير، وقد فقد أركان النظام الدموي وجنوده و "شبيحته" كل المعاني الإنسانية، بل فقدوا المعاني "الحيوانية" وإنما يتفوقوا على "نيرون" و"هولاكو" وباقي الهمج من البشر "المفترسين" فقط، وإنما تفوقوا على حيوانات الغابة المفترسة ! إن "الأسد" ـ الحيوان في الغابة ـ لا يفعل مع فرائسه ما يفعله " الأسد" الذي يظهر على الناس بجسم وملابس إنسان! لقد تفوق "الأسد" الإنسان في دمويته على الأسد الحيوان!! ويقول لنا: لا يطلق النار على شعبه إلا مجنون!!
نقول للمدينة الحبيبة دِمشق، وسائر مُدن سوريا الحبيبة، كدرعا وحمص، ما قال أحمد شوقي: سلي أيتها المُدن السورية المنكوبة بالحيوانات البشرية ـ ومعذرة للحيوانات المفترسة في الغابة من هذا التشبيه ـ : سلي من يُذبحون كل يوم العشرات من أبنائك وبناتك وعجائزك من رجالك ونسائك: أبين قلوبهم والصخر فرق؟
قلوب جُنود النظام الدموي وشبيحته ليست بقوة الصخر، ولا بصلادة الحجارة، بل هي أشد قسوة وصلادة من الصخر والحجارة، وينطبق عليهم قول الله لنبي اسرائيل مُنكراً عليهم قسوة قلوبهم. قال تعالى: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله ...} [البقرة:74]
أما أهلنا وأحبابنا في سوريا الحبيبة فهم الرجال الرجال، والشجعان الأبطال، الذين عرفوا طريقهم، وساروا فيه بخطى ثابتة، وكسروا حاجز الخوف والجُبن والصمتن وأعلنوها عالية مدوية، وكلما ازداد المفترسون الدمويون افتراساً من أبنائهم ازداد الرجال الثائرون ثورة وشجاعة، وإقداماً وتحدياً، إنهم الآن يطرقون ويدقون باب الحرية بأيديهم المضرجة بدمائهم، وسنفتح باب الحرية قريباً بإذن الله، كما فتح ذلك لإخوانهم التونسيين والمصريين والليبيين، ولقد قالها لهم أحمد شوقي قبل أكثر من ثمانين سنة:
وللحرية الحمراء بابٌ **** بكل يد مضرجة تدقُّ
أما نحن المراقبون والمُتابعون، والمتألمون والثكالى والمحزونون‘ فإن دماء قلوبنا تنزف حزناً وألماً على مُصابكم يا أهلنا في سوريا، وكلما افترس الحيوانات أناساً أعزة منكم كلما زاد نزيف قلوبنا، ورُشت الأملاح الحارقة على جروح قُلوبنا المُتفجرة، وما آلم الجراح ترش عليها الأملاح!! نُخاطبكم يا أهلنا في سوريا "المخطوفة" بما خاطب به أحمد شوقي أجدادكم قبل أكثر من ثمانين عاماً، لأن التاريخ الدموي يُعيد نفسه، في صورة أكثر دموية.
ونقول لكم:
سلام من صبا بردى أرق **** ودمع لا يكفكف يا دمشق