بسم الله
والحمد لله
دلالة يصنعون :
قال الشوكاني في تفسيره لآية سورة المائدة :
"لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ ٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ ٱلإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ "
ثم وبخ علماءهم في تركهم لنهيهم فقال: { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } وهذا فيه زيادة على قوله: { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } لأن العمل لا يبلغ درجة الصنع حتى يتدرّب فيه صاحبه، ولهذا تقول العرب: سيف صنيع إذا جوّد عامله عمله فالصنع هو العمل الجيد لا مطلق العمل، فوبخ سبحانه الخاصة، وهم العلماء التاركون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بما هو أغلظ وأشدّ من توبيخ فاعل المعاصي . اه
إذن الصنع هو عمل وصل مرحلة الإتقان
والإتقان يحصل بسببين :
- مزاولة شديدة
- عناية فائقة به وهذه العناية ناشئة من غلبة إرادة معينة .
الآيات :
الآية الأولى :
قوله تعالى :
جاء الأمر في الآية بغض البصر وحفظ الفروج وخلافه نقيصتان تنقص كمال الإيمان وتجرح المروءة لذلك هما مما يُخفى عادة ، بل ويُحرص أشد الحرص على إخفائها لذا :
- جاء باسم الخبير -جل جلاله- المختص بعلم بواطن الأمور
- وجاء بفعل ( يصنعون ) الذي يدل على عناية فائقة للإخفاء
وعلل البقاعي رحمه الله لذلك بالحياء والحياء من الإيمان لذلك خوطبوا بهذا في أول الآية:
جاء في نظم الدرر :
ولما كان المقام صعباً لميل النفوس إلى الدنايا واتباعها للشهوات، علل هذا الأمر مرغباً ومرهباً بقوله: { إن الله } أي الذي لا يخفى عليه شيء لما له من الإحاطة الكاملة { خبير } ولما كان وازع الحياء مع ذلك مانعاً عظيماً فلا يخالف إلا بمعالجة وتدرب، عبر بالصنعة فقال: { بما يصنعون } أي وإن تناهوا في إخفائه، ودققوا في تدبير المكر فيه.اه
*****************
الآية الثانية :
لكن جاء الحق -جل جلاله- باسمه ( العليم ) مع ( يصنعون) في سورة فاطر :
قال تعالى :
" أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ " [فاطر : 8]
وتوجيه ذلك :
أولاً : أن المشركين كانوا يجاهرون بعداوة النبي عليه الصلاة والسلام فجاء باسمه العليم -جل في علاه -.
ثانياً : جاء بلفظ يصنعون دون غيره لأن الفئة الضالة المخاطبة في أول الآية تعتقد أنها على الحق- " زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً " - ومن كان هذا حاله كان سعيه أشد .
والحمد لله
دلالة يصنعون :
قال الشوكاني في تفسيره لآية سورة المائدة :
"لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ ٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ ٱلإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ ٱلسُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ "
ثم وبخ علماءهم في تركهم لنهيهم فقال: { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } وهذا فيه زيادة على قوله: { لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } لأن العمل لا يبلغ درجة الصنع حتى يتدرّب فيه صاحبه، ولهذا تقول العرب: سيف صنيع إذا جوّد عامله عمله فالصنع هو العمل الجيد لا مطلق العمل، فوبخ سبحانه الخاصة، وهم العلماء التاركون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بما هو أغلظ وأشدّ من توبيخ فاعل المعاصي . اه
إذن الصنع هو عمل وصل مرحلة الإتقان
والإتقان يحصل بسببين :
- مزاولة شديدة
- عناية فائقة به وهذه العناية ناشئة من غلبة إرادة معينة .
الآيات :
الآية الأولى :
قوله تعالى :
" قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ " [النور : 30]
لم يجتمع " خبير " مع " يصنعون " إلا في هذا الموضع من القرآن فهي من أفراده جاء الأمر في الآية بغض البصر وحفظ الفروج وخلافه نقيصتان تنقص كمال الإيمان وتجرح المروءة لذلك هما مما يُخفى عادة ، بل ويُحرص أشد الحرص على إخفائها لذا :
- جاء باسم الخبير -جل جلاله- المختص بعلم بواطن الأمور
- وجاء بفعل ( يصنعون ) الذي يدل على عناية فائقة للإخفاء
وعلل البقاعي رحمه الله لذلك بالحياء والحياء من الإيمان لذلك خوطبوا بهذا في أول الآية:
جاء في نظم الدرر :
ولما كان المقام صعباً لميل النفوس إلى الدنايا واتباعها للشهوات، علل هذا الأمر مرغباً ومرهباً بقوله: { إن الله } أي الذي لا يخفى عليه شيء لما له من الإحاطة الكاملة { خبير } ولما كان وازع الحياء مع ذلك مانعاً عظيماً فلا يخالف إلا بمعالجة وتدرب، عبر بالصنعة فقال: { بما يصنعون } أي وإن تناهوا في إخفائه، ودققوا في تدبير المكر فيه.اه
*****************
الآية الثانية :
لكن جاء الحق -جل جلاله- باسمه ( العليم ) مع ( يصنعون) في سورة فاطر :
قال تعالى :
" أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ " [فاطر : 8]
وتوجيه ذلك :
أولاً : أن المشركين كانوا يجاهرون بعداوة النبي عليه الصلاة والسلام فجاء باسمه العليم -جل في علاه -.
ثانياً : جاء بلفظ يصنعون دون غيره لأن الفئة الضالة المخاطبة في أول الآية تعتقد أنها على الحق- " زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً " - ومن كان هذا حاله كان سعيه أشد .
قال البقاعي رحمه الله :
{ بما يصنعون } أي مما مرنوا عليه وانطبعوا فيه من ذلك حتى صار لهم خلقاً يبعد كل البعد انفكاكهم عنه.اه
وقال الطاهر بن عاشور رحمه الله :
وعبر بـ " يصنعون " دون : يعملون ، للإشارة إلى أنهم يدبرون مكائد للنبيء - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين .اه
والمكائد تحتاج إلى تدبير وتخطيط ما لا يحتاج إليه العمل الظاهر .
{ بما يصنعون } أي مما مرنوا عليه وانطبعوا فيه من ذلك حتى صار لهم خلقاً يبعد كل البعد انفكاكهم عنه.اه
وقال الطاهر بن عاشور رحمه الله :
وعبر بـ " يصنعون " دون : يعملون ، للإشارة إلى أنهم يدبرون مكائد للنبيء - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين .اه
والمكائد تحتاج إلى تدبير وتخطيط ما لا يحتاج إليه العمل الظاهر .
********************
الآية الثالثة :
الرحمة العظيمة
﴿ وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ﴾ النحل
فلم يعذبهم حتى جعلوا كفر النعم صناعة :
﴿ وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ﴾ النحل
فلم يعذبهم حتى جعلوا كفر النعم صناعة :
جاء في إرشاد العقل السليم :
وفي صيغة الصنعة إيذانٌ بأن كفرانَ النعمة صار صنعةً راسخةً لهم وسنةً مسلوكة.اه
وفي صيغة الصنعة إيذانٌ بأن كفرانَ النعمة صار صنعةً راسخةً لهم وسنةً مسلوكة.اه
وقريب من ذلك قوله تعالى :
"وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ " [الرعد : 31]
قال أبو السعود رحمه الله :
{ وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أهل مكةَ { تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ } أي بسبب ما صنعوه من الكفر والتمادي فيه، وعدمُ بـيانه إما للقصد إلى تهويله أو استهجانه وهو تصريحٌ بما أَشعر به بناءُ الحكم على الموصول من علّية الصلةِ له مع مافي صيغة الصنعِ من الإيذان برسوخهم في ذلك .
وقال :
وفيه دِلالةٌ على أن ما يصيبهم عند ذلك من العذاب في غاية الشدةِ وأن ما ذكر سابقةُ نفحةٍ يسيرة بالنسبة إليه .اه
والجزاء من جنس العمل .
"وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ " [الرعد : 31]
قال أبو السعود رحمه الله :
{ وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } من أهل مكةَ { تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ } أي بسبب ما صنعوه من الكفر والتمادي فيه، وعدمُ بـيانه إما للقصد إلى تهويله أو استهجانه وهو تصريحٌ بما أَشعر به بناءُ الحكم على الموصول من علّية الصلةِ له مع مافي صيغة الصنعِ من الإيذان برسوخهم في ذلك .
وقال :
وفيه دِلالةٌ على أن ما يصيبهم عند ذلك من العذاب في غاية الشدةِ وأن ما ذكر سابقةُ نفحةٍ يسيرة بالنسبة إليه .اه
والجزاء من جنس العمل .
وقريب منه أيضاً قوله تعالى :
" وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ "[الأعراف : 137]
فإذا كان " النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ " فإن الهلاك والدمار مع صناعة الكفر
جاء في تفسير الدر المنثور للسيوطي رحمه الله:
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة { ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه } قال: إن الله تعالى لا يملي للكافر إلا قليلاً حتى يوبقه بعمله.اه
مع أن عامة المفسرين جعلوا يصنعون ويعرشون بمعانٍ متقاربة .
" وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ "[الأعراف : 137]
فإذا كان " النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ " فإن الهلاك والدمار مع صناعة الكفر
جاء في تفسير الدر المنثور للسيوطي رحمه الله:
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة { ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه } قال: إن الله تعالى لا يملي للكافر إلا قليلاً حتى يوبقه بعمله.اه
مع أن عامة المفسرين جعلوا يصنعون ويعرشون بمعانٍ متقاربة .
في ختام هذا :
إذا كان الصنع يطلق على مزاولة الكفر مزاولة شديدة فهل يطلق على العكس
أي على إتقان العبادة
هذا ما يتبين بإذن الله من الآيات القادمة
إذا كان الصنع يطلق على مزاولة الكفر مزاولة شديدة فهل يطلق على العكس
أي على إتقان العبادة
هذا ما يتبين بإذن الله من الآيات القادمة
والله تعالى أجل وأعلم