دلالة الفعل المضارع وقيد التفسير 2

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
بسم1​
قوله تعالى في سورة يوسف :{ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}
قال أبو السعود رحمه الله :قوله تعالى :{ إِنِّي أَرَانِي} أى رأيتنى والتعبير بالمضارع لاستحضار الصورة الماضية-
قال تعالى في سورة الأنفال :{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)}
قال في التحرير والتنوير :
وَالْإِتْيَانُ بِالْمُضَارِعِ فِي مَوْضِعِ الْمَاضِي الَّذِي هُوَ الْغَالِبُ مَعَ إِذْ اسْتِحْضَارٌ لِلْحَالَةِ الَّتِي دَبَّرُوا فِيهَا الْمَكْرَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً } فاطر
قال تعالى في سورة الأنفال :{ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50)}
قال في التحرير والتنوير :
فَالْإِتْيَانُ بِالْمُضَارِعِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَكَانَ الْمَاضِي لِقَصْدِ اسْتِحْضَارِ تِلْكَ الْحَالَةِ الْعَجِيبَةِ، وَهِيَ حَالَةُ ضَرْبِ الْوُجُوهِ وَالْأَدْبَارِ، لِيُخَيَّلَ لِلسَّامِعِ أَنَّهُ يُشَاهِدُ تِلْكَ الْحَالَةَ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُمَا كَانُوا كَانَ التَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ عَلَى مُقْتَضَى الظَّاهِرِ.
قال تعالى في سورة ص :{مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69)}
قال في التحرير والتنوير :
فَتَكُونُ جُمْلَةُ{ مَا كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى} إِلَى قَوْلِهِ:{ نَذِيرٌ مُبِينٌ }اسْتِئْنَافًا لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى صِدْقِ النَّبَأِ بِأَنَّهُ وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ وَلَوْلَا أَنَّهُ وَحْيٌ لَمَا كَانَ للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلٌ بِمَعْرِفَةِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ }، وَنَظَائِرُ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ.
وَتَكُونُ جُمْلَةُ {إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً} إِلَى آخِرِهِ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا.
وَعَلَى هَذَا فَضَمِيرُ {يَخْتَصِمُونَ }عَائِدٌ إِلَى أَهْلِ النَّارِ مِنْ قَوْلِهِ:{ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} إِذْ لَا تَخَاصُمَ بَيْنَ أَهْلِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى. وَالْمَعْنَى: مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِعَالَمِ الْغَيْبِ وَمَا يَجْرِي فِيهِ مِنَ الْإِخْبَارِ بِمَا سَيَكُونُ إِذْ يَخْتَصِمُ أَهْلُ النَّارِ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَعَلَى كِلَا التَّفْسِيرَيْنِ فَمَعْنَى أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ، أَنَّهُمْ غَافِلُونَ عَنِ الْعِلْمِ بِهِ فَقَدْ أُعْلِمُوا بِالنَّبَأِ بِمَعْنَاهُ الْأَوَّلِ وَسَيَعْلَمُونَ قَرِيبًا بِالنَّبَأِ بِمَعْنَاهُ الثَّانِي.
وَالْمَلَأُ: الْجَمَاعَةُ ذَاتُ الشَّأْنِ، وَوَصْفُهُ بِ الْأَعْلى لِأَنَّ الْمُرَادَ مَلَأُ السَّمَاوَاتِ وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَلَهُمْ عُلُوٌّ حَقِيقِيٌّ وَعُلُوٌّ مَجَازِيٌّ بِمَعْنَى الشَّرَفِ.
وإِذْ يَخْتَصِمُونَ ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ مَا كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ أَيْ حِينَ يَخْتَصِمُ أَهْلُ الْمَلَأِ الْأَعْلَى عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ، أَيْ فِي حِينِ تَنَازُعِ الْمَلَائِكَةِ وَإِبْلِيسَ فِي السَّمَاءِ. وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ فِي مَوْضِعِ الْمُضِيِّ لِقَصْدِ اسْتِحْضَارِ الْحَالَةِ، أَوْ حِينَ يَخْتَصِمُ الطَّاغُونَ وَأَتْبَاعُهُمْ فِي النَّارِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى، أَيْ مَلَائِكَةِ النَّارِ أَوْ مَلَائِكَةُ الْمَحْشَرِ، وَالْمُضَارِعُ عَلَى أَصْلِهِ مِنَ الِاسْتِقْبَالِ.
 
السلام عليكم
بدايةً ... الحوار ليس للجدل ولكن للتعلم ، فالقارئ المتدبر يقرأ الآية على وجهها ،ولا يخطر على باله هذه الوجوه التفسيرية ، بل إن قرأ هذه الوجوه لا يستوعبها ، وتضيع الدلالة الحقيقية منه.!
ولذلك احاول أن أقول ما الداعى لهذا الافتراض !!
إن رؤية أن المضارع أُتي به مكان الماضى رؤية تفسيرية قد تقبل وقد لا
وكل ماسيق من أدلة على هذه الرؤية يمكن أن يفسر على وجه أنه الأصح أن يكون مضارعا كما جاء
آية "إِنِّي أَرَانِي "قد يقصد الرائي أنه يرى كل ليلة ... فيجب أن يأتى الفعل مضارعا .
آية "
وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ .." هذا المكر حال مستمر منهم، ولم أستوعب منه وجه أن يكون ماضيا
آية فاطر"
وَٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ .." الآية تتكلم عن سنة كونية كما هو الحال فى السورة ... والأفعال فيها متفقة مع مايحدث فعليا
آية "
وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ "الآية لم تحدد مجموعة معينة أو فصيل معين من الذين كفروا بل كل الذين كفروا على مختلف الأزمنة والأماكن ،والأصل أن حدث توفى الذين كفروا كثير ومتجدد ولا وجه للتعبير عنه بالماضى وإلا لقلنا إنهم لن يموتوا بعد نزول الآية ،كما أنه إن أُتي بالفعل " ترى " والفعل " يتوفى " ماضيين لامتنع كون الرائى رأى فى الماضى فقط ، ولم يمتنع أن يرى فى الحال والاستقبال ، أما وقد أُتي بالفعليين على ماهما عليه فإن الآية تخبر أنه لم يرى ولن يرى هذا الأمر .. ولن يراه أحد ، لكن اخبار الله به كأننا نراه حقا ،مثلها مثل " وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ .." فإنه صلى الله عليه وسلم لن يرى النار ولن يراهم وهم قد وُقفوا عليها ... هكذا يفيد حرف الامتناع " لو " .
 
عودة
أعلى