دقة عبارة ابن قتيبة وإمكانية استعمالها في باب الصفات؟

إنضم
04/01/2012
المشاركات
81
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
مكة
من أصول أهل السنة في باب الأسماء والصفات أنهم يثبتون معانيها دون تكييف أو تحريف أو تعطيل.
فمثلا عند صفة الكرم لله سبحانه وتعالى هم يثبتون معناها وفق ماهو معروف في لغة العرب وذلك بأن الكرم هو: الإنعام والإسباغ.
فإن قيل لهم :إن في الناس من يوصف بالكرم وبمعناه الذي ذكرتم.
أجابوا: بأن هذا الأمر إنما هو اشتراك في الأسماء، وأما المعاني فهي مختلفة.
فليس كرم المخلوق ككرم الخالق جل وعلا.
لكن قد يعترض عليهم إشكال دقيق وهو عندما تقول أنه (اشتراك في الأسماء واختلاف في المعاني) ستكون قد وافقت مفهوم (الاشتراك) في اللغة.
وفي باب الاشتراك حينما تقول :العين. فهي قد تكون بمعنى حاسة البصر. وتارات بمعنى:محل نبع الماء.
إذن الأسماء واحدة والمعاني مختلفة.
ويتبين لنا أننا حينما فسرنا العين بمحل الماء ألغينا تماما معنى حاسة البصر.
وهذا الوصف الذي في هذا الباب يرى أنه مطابق تماما بحاله الذي هو عليها. لأننا قلنا إنما هو إشتراك في الأسماء.
إلا أن وصف (اشتراك في الأسماء والمعاني مختلفة) في باب الصفات يعرضنا لأن يحتج عليناأحد ويقول :أنكم عندما فرقتم بين المعاني وجعلتم الاشتراك فقط في الأسماء كان ذلك غير وفي بأنكم :تثبتون المعنى.
غير أني وجدت بأخرة وصفا دقيقا جدا عند ابن قتيبة رحمه الله يحق له أن يحل بدلا من ذلك الوصف الشائع المشكل.
فقد قال ابن قتيبة رحمه الله في موضع كلام له على اختلاف الأعيان التي وردت في القرآن بأنها في الجنة والنار وقد كانت هذه الأسماء في الدنيا.
فقد ذكر ذلك بهذا الكلام:" وإنما دلنا الله سبحانه على الغائب عنده بالحاضر عندنا ،فالأسماء متفقة الدلالة ،والمعاني مختلفة."(تأويل مشكل القرآن،١٢٠،تحقيق صقر)
فانظر كيف استطاع رحمه الله أن يثبت المعنى بعبارة(الدلالة) وكيف حق له أن يفرق الكيفية والقدر بعبارة (المعاني).
فأثبت دلالة اللغة وفق ماعرفوه من لغتهم،وقد أبان عن وجه الاختلاف في المعاني.
لا غرو أن بن قتيبة رحمه الله استعمل ذلك في غير باب الأسماء والصفات، ولكن ألاترون أنه هو الأدق، إذا استعملناه في إثبات معاني الصفات الفعلية،والذاتية غير الخبرية ؟!
 
بسم الله الرحمن الرحيم..الاخ الفاضل..الموضوع في العقيدة وليس في التفسير وعلوم القرآن...أخي الكريم...الاحرى بنا أن نهتم بعلوم القرآن...وجزيتم خيرا.
 
بل هذا الباب من صميم علم التفسير.
أخي الفاضل باب الصفات هو أهم باب في أصول التفسير.
والله المستعان.
 
جزاكم الله خيرا.
وعبارات العلماء متواردة على هذا المعنى، وجميعها يصب في أن المعاني معلومة مفهومة، والكيفيات مجهولة، فنثبت المعنى على ما ورد بدلالته المعروفة في لغة العرب، ونفوض الكيفية إلى من لا يحيط بعلمها سواه جل وعلا.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

لو تأملت القول بالاشتراك في الأسماء ، فإن الله تعالى له الأسماء الحسنى. ولا يمكن أن يشترك مع الله أحد في الاسم لأن أسماءه سبحانه حسنى. وأي اسم آخر فإنه ولابد ليس كمثل أسماء الله (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ).
إن من الناس من هو قوي ومن هو عادل ومن هو رحيم. و إنما جعل الله هذه الصفات و الأفعال في الخلق ليتعرف الناس على الله بتأملهم لما حولهم.
ففي الحياة ترى العدل وتعرف حسنه ، وترى الظلم وتعرف سوءه.
وترى الرحمة فتعرف حسنها ، وترى القسوة والغلظة فتعرف سوءها.
ثم تعرف أن الله تعالى هو الرحيم الذي وسعت خزائن رحمته كل شيء ،
وتعرف أن الله لا يمكن أن يظلم أحداً لأن هذا نقص وسوء. (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ)
إنك ترى الواحد فتعرف أنه لا يتجزئ ولا يشترك فيه أمثال ، فتعرف أن الله واحد لا يصح أن يكون معه أحد.

أي أن وجود شيء من هذا في الحياة هو الطريقة التي وضعها الله للناس ليتعرفوا على أسمائه الحسنى. ورغم أن الناس لا يستطيعون أن يصلوا بعقولهم إلى كمال هذه الأسماء الحسنى إلا أنهم يحتاجون إلى أن يتعرفوا إلى معناها ؛ ليعرفوا ربهم. إذ كيف يمكن أن يعبدوه دون أن يعرفوه ويعرفوا عظمته و أنه مستحق للعباده؟
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ۩)

ولا شك أن وصف الناس لشخص بأنه "الرحيم" أو "القوي" لا بأس به ، فهذا الاسم ليس اسماً حسناً كأسماء الله. والله تعالى قال عن موسى عليه السلام (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ). وقال عن عيسى عليه السلام (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ) (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ) فهذا الفعل رغم أن الله وصف به عيسى إلا أنه ليس كخلق الله.
بل يمكنك أن تقول أن كل خير ورحمة بين الناس هي رحمة من الله ، فلا يصل الجزء لكمال الكل.(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ)
و هذا خلق عيسى عليه السلام هو من خلق الله وبإذنه (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ)
وهذه قوة موسى عليه السلام لم تكن إلا بالله (مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ)
(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ) وعلم العلماء إنما هو من عند الله ومن علمه (لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ) (وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ۗ) ( ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي).

والله تعالى أعلم ،
والحمد لله رب العالمين ..
 
عودة
أعلى