عيسى السعدي
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
دعوى الاستغناء عن الوحي سنّة أعداء الرّسل على مدى الدّهر ، قال تعالى : ]فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ[[ غافر : 83 ] ؛ فأعرضوا عن آيات الرّسل استغناءً بما عندهم من العلم ، حتَّى لو كان مجرّد شبه داحضة ، ودعاوى زائفة ، ومعتقدات موروثة ، وعلوم جاهليّة ، وحكمة محدودة مغلوطة ؛ كعلم الفلسفة الَّذي استغنى به أسلاف الفلاسفة ، حتَّى قال سقراط : نحن قوم مهذّبون لا حاجة لنا بالهجرة لموسى ليهذّبنا !!وقد تبنى هذه الدعوى كثير ممّن ينتسب للإسلام حتَّى وصل بهم الضّلال إلى الاستغناء بالفلسفة الهنديّة أو الإغريقيّة ، واعتبار ما جاء به النَّبيّ صلى الله عليه وسلم من كتاب وحكمة مجرّد دلالات لفظيّة لا تفيد يقينًا يبنى عليه معتقد ، أو مجرّد تخييل لاستصلاح العامّة لا يفيد علمًا ولا يقتضي لزوم العبادة بعد العلم بالفلسفة الأولى ؛ لأنّ العبادة في نظرهم مجرّد وسيلة لترويض النّفس لمعرفة العلم الإلهي فإذا حصل المقصود لم يبق للتألّه فائدة !!
وقد ورث روح هذه الدّعوى الآثمة في العصر الحديث لفيفٌ من الشّيوعيين والعلمانيين وغيرهم ؛ فزعموا أنّ فيما توصّل إليه البشر في العصر الحديث من تقدّم علميّ ورقيّ حضاري ما يغني ويكفي عن الوحي والدِّين ! وقد أقيمت على هذه الدّعوى الآثمة كثير من الدّول والمؤسّسات الَّتي تعادي الدِّين وأهله ، وتغذّي الإلحاد ، وترعى الفساد ، حتَّى انتهوا بكثير من المجتمعات إلى حياة بهيميّة بائسة لا أثر فيها لنور الوحي ولا مكان لتأثير القيم !