كتب الدكتور صلاح الخالدي: تدمير السفارة واجتثاث الشجرة الخبيثة
تابعتُ بفرحٍ وسرور المشاهد الرائعة التي نقلت الأحداث العظيمة في القاهرة ليلة السبت (10-9) وفجره، والتي قامت فيها جماهير من الشعب المصري الثائر بإقتحام "السفارة الإسرائيلية" في القاهرة. وكم كنت مسروراً وأنا أرى تحطيم جِدار السفارة، بحيوية واندفاع لقد كان الجدار متيناً وسميكاً وقوياً، ولكنه سرعان ما تهاوى، وتساقطت أجزاؤه وقطعه وحجارته أمام سواعد الشعب الحي، وواصل الشباب الثائر جهاده، ودخل السفارة الممسوخة، التي "هرب" موظفوها وحراسها، و"طار" السفير اليهودي في الطائرة، و"جاس" الشباب خلال أدوار السفارة ومكاتبها، وألقو ما فيها من أوراق خطيرة عبر نوافذها وشبابيكها، وأنزلوا علم الشيطان عنها، وانتهى كل شيئ في لحظات، وأعجبني تعليق أحد الشباب: "سنذهب إلى غزة، وسنذهب إلى تل أبيب، وسنحارب اليهود بسواعدنا!.
وأُعجبت بكلمة تلك المرأة التي قالت: "ما فيش حاجة اسمها اسرائيل!!" كما أعجبت بتلك المرة المحجبة المنقبة التي كانت تضرب جدار السفارة بشاكوشها!!
وكنت أثناء متابعتي لهذه المناظر الرائعة عبر الشاشة أتلو قوله تعالى:" فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوههم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علو تتبيرا." [ الإسراء: 7] فكما ساءت حماس في حرب الفرقان وجوه اليهود، ها هو الشباب المصري يسوء وجوههم في القاهرة، وكما "تبّرت" صواريخ القسام ما بناه اليهود في جنوب فلسطين، كذلك "تبّرت" سواعد وأرجل الشباب المصري ما بناه اليهود عبر سفارتهم في القاهرة!.
كذلك كنت أثناء متابعتي أتلو قوله تعالى : "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار [ابراهيم : 26]، وأعتبر معاهدة السلام مع مصر_ ومع الأردن فيما بعد _كلمة خبيثة، وهي كشجرة خبيثة سامة، زرعت في القاهرة _وفي عمان_ لكن هذه الشجرة الخبيثة شاذة نشاز، سرعان ما رفضتها التربة الطيبة الأصيلة في القاهرة، _وفي عمان_ وها هي تُجتث ليلة السبت (10_9) من القاهرة، ويطوح بها من على أسطح تلك العمارة، وإن شاء الله تجتث قريباً من تربة عمان الطاهرة على أيدي الشعب الأردني الأصيل النّظيف.
وكُنت أيضا أتلو قوله تعالى :" كذلك يضرب الله الحق والباطل، فأما الزبد فيذهب جُفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكثُ في الأرض.." [الرعد: 17] وأعتبر كيان اليهود على أرض فلسطين زبداً، سيذهب جفاء قريباً إن شاء الله، وكل ما يتعلق بذلك الباطل الزائف "فقاقيع" زبد فارغة، سرعان ما "يُنَفِّسها" ويزيلها الشعب الثائر في عالمنا العربي والإسلامي.
إخواني وأخواتي وأبنائي وبناتي: كثيرة هي دروس اجتثاث السفارة الخبيثة في القاهرة وأدعوكم إلى الإلتفات إلى تلك الدروس، وإلى إطالة الوقوف أمام الآيات الثلاث في هذه الكلمة، وإلى "تنزيلها" على واقعنا المعاصر، وتسجيل أبعادها الواقعية، وحبذا لو ذكرتم ذلك لي، عبر تواصلكم معي من خلال البريد أو الفيسبوك.
كل ما حصل من الفتن و المظاهرات و التدمير و الخروج على ولي الأمر سواء في مصر أو غيره من البلاد العربية مخالف لشرع الله المطهر, بعيد عن الصلاح و الإصلاح, إذ الإصلاح له طرقه الشرعية و ضوابطه المعروفة عند أهل السنة و الجماعة.
و هذه بعض فتاوى العلماء في شأن المظاهرات, و الله الهادي إلى سواء السبيل.
فتوى سماحة الشيخ الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله:
قال رحمه الله: "فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق، والأسلوب السيء العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق، وعدم قبوله، أو إشارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات، ويحلق بهذا الباب ما يفعله بعض الناس من المظاهرات التي تسبب شراً عظيماً على الدعاة، فالمسيرات في الشوارع والهتافات، ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة، فالطريق الصحيح بالزيادة والمكاتبات بالتي هي أحسن، فتنصح الرئيس والأمير وشيخ القبيلة بهذه الطريقة، لا بالعنف والمظاهرة، فالنبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة سنة، لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات، ولم يهدد الناس بتخريب أموالهم، واغتيالهم، ولاشك أن هذا الأسلوب يضر بالدعوة والدعاة، ويمنع انتشارها، ويحمل الرؤساء والكبار على معاداتها، ومضادتها بكل ممكن، فهم يريدون الخير بهذا الأسلوب، لكن يحصل به ضده، فكون الداعي إلى الله يسلك مسلك الرسل وأتباعهم ولو طالت المدة، أولى من عمل يضر بالدعوة ويضايقها، أو يقضي عليها، ولا حول ولا قوة إلا بالله. (مجلة البحوث الإسلامية، العدد 38، ص 310)
وسئل رحمه الله هل المظاهرات الرجالية والنسائية ضد الحكام والولاة تعتبر وسيلة من وسائل الدعوة؟
وهل من يموت فيها يعتبر شهيداً في سبيل الله؟
فأجاب رحمه الله: "لا أرى المظاهرات النسائية والرجالية من العلاج، ولكنها من أسباب الفتن، ومن أسباب الشرور، ومن أسباب ظلم بعض الناس، والتعدي على بعض الناس بغير حق، ولكن الأسباب الشرعية المكاتبة والنصيحة والدعوة إلى الخير بالطرق السلمية، هكذا سلك أهل العلم، وهكذا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، بالمكاتبة، والمشافهة مع المخطئين، ومع الأمير ومع السلطان، بالاتصال به ومناصحته والمكاتبة له، دون التشهير في المنابر وغيرها، بأنه فعل كذا وصار منه كذا، والله المستعان". (نقلاً عن شريط بعنوان "مقتطفات من أقوا العلماء")
فتوى الشيخ العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله:
سئل رحمه الله تعالى هذا السؤال: هل تعتبر المظاهرات وسيلة من وسائل الدعوة المشروعة؟
فقال رحمه الله: "الحمدلله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن المظاهرات أمر حادث لم يكن معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين، ولاعهد الصحابة رضي الله عنهم ثم إن فيه من الفوضى والشغب ما يجعله أمراً ممنوعاً، حيث يحصل فيه تكسير الزجاج والأبواب وغيرها، ويحصل فيه أيضاً اختلاط الرجال بالنساء والشباب بالشيوخ، وما أشبه من المفاسد والمنكرات، وأما مسألة الضغط على الحكومة فهي إن كانت مسلمة فيكفيها واعظاً كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا خير ما يعرض على المسلم، وإن كانت كافرة فإنها لا تبالي بهؤلاء المتظاهرين وسوف تجاملهم ظاهراً، وهي ما هي عليه من الشر في الباطن، لذلك نرى أن المظاهرات أمر منكر، وأما قولهم إن هذه المظاهرات سلمية، فهي قد تكون سلمية في أول الأمر أو في أول مرة، ثم تكون تخريبية وأنصح الشباب أن يتبعوا سبيل من سلف، فإن الله سبحانه وتعالى أثنى على المهاجرين والأنصار، وأثنى على الذين اتبعوهم بإحسان. (الجواب الأبهر لفؤاد سراج، ص 75 )
فتوى فضيلة الشيخ العلامة صالح بن غصون رحمه الله تعالى:
سئل رحمه الله تعالى هذا السؤال: في السنتين الماضيتين نسمع بعض الدعاة يدندنون حول مسألة وسائل الدعوة، وإنكار المنكر، ويدخلون فيها المظاهرات والاغتيالات والمسيرات، وربما أدخلها بعضهم في باب الجهاد:
أ-فنرجو منكم بيان ما إذا كانت هذه الأمور من الوسائل الشرعية؟ أم تدخل في نطاق البدع المذمومة، والوسائل الممنوعة؟
ب-نرجو توضيح المعاملة الشرعية لمن يدعو إلى هذه الأعمال، ومن يقوم بها ويدعو إليها؟
فأجاب رحمه الله: "الحمدلله، معروف أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة والإرشاد من أصل دين الله عز وجل ولكن الله جل وعلا، قال في محكم كتابه العزيز: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]
ولما أرسل عز وجل موسى وهارون إلى فرعون قال: {فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44]
والنبي صلى الله عليه وسلم جاء بالحكمة وأمر بأن يسلك الداعية الحكمة وأن يتحلى بالصبر، هذا في القرآن العزيز في سورة العصر:
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَالْعَصْرِ{1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر].
فالداعي إلى الله عز وجل والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عليه أن يتحلى بالصبر، وعليه أن يحتسب الأجر والثواب وعليه أيضاً أن يتحمل ما قد يسمع أو قد يناله في سبيل دعوته، وأما أن الإنسان يسلك مسلك العنف، أو أن يسلك مسلك والعياذ بالله أذى الناس أو مسلك التشويش، أو مسلك الخلافات والنزاعات وتفريق الكلمة، فهذه أمور شيطانية، وهي أصل دعوة الخوارج، هذه أصل دعوة الخوارج، هم الذين ينكرون المنكر بالسلاح، وينكرون الأمور التي لا يرونها وتخالف معتقداتهم بالقتال، ويسفك الدماء، وبتكفير الناس وما إلى ذلك من أمور.
ففرق بين دعوة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح، وبين دعوة الخوارج، ومن نهج منهجهم وجرى مجراهم، دعوة الصحابة بالحكمة وبالموعظة وببيان الحق وبالصبر وبالتحلي واحتساب الأجر والثواب، ودعوة الخواج بقتال الناس، وسفك دمائهم، وتكفيرهم، وتفريق الكلمة وتمزيق صفوف المسلمين هذه أعمال خبيثة وأعمال محدثة، والأولى الذين يدعون إلى هذه الأمور يُجانبون ويبعد عنهم ويساء بهم الظن، هؤلاء فرقوا كلمة المسلمين، الجماعة رحمة والفرقة نقمة وعذاب والعياذ بالله ولو اجتمع أهل بلد واحد على الخير، واجتمعوا على كلمة واحدة لكان لهم مكانة وكانت لهم هيبة، لكن أهل البلد الآن أحزاب وتشيع تمزقوا واختلفوا، ودخل عليهم الأعداء من أنفسهم ومن بعضهم على بعض، هذا مسلك خبيث ومسلك مثلما تقدم أن جاء عن طريق الذين شقوا العصا، والذين قاتلوا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ومن معه من الصحابة وأهل بيعة الرضوان، قاتلوه يريدون الإصلاح!!
وهم رأس الفساد، ورأس البدعة، ورأس الشقاق فهم الذين فرقوا كلمة المسلمين، وأضعفوا جانب المسلمين، وهكذا أيضاً حتى الذين يقول بها ويتبناها ويحسنها، فهذا سيء المعتقد ويجب أن يُبتعد عنه.
واعلم والعياذ بالله أن شخص ضار لأمته ولجلساته ولمن هو من بينهم وكلمة الحق أن يكون المسلم عامل بناء، وداعي للخير، وملتمس للخير تماماً، ويقول الحق، ويدعو بالتي هي أحسن، وباللين ويحسن الظن بإخوانه ويعلم أن الكمال منال صعب، وأن المعصوم هو النبي صلى الله عليه وسلم، وأن لو ذهب هؤلاء لم يأتي أحسن منهم، فلو ذهب هؤلاء الناس الموجودين سواء منهم الحكام أو المسؤولين أو طلبة العلم أو الشعب، لو ذهب هذا كله، شعب أي بلد، لجاء أسوأ منه!
فإنه لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه، فالذي يريد من الناس أن يصلوا إلى درجة الكمال أو أن يكونوا معصومين من الأخطاء والسيئات، هذا إنسان ضال، هؤلاء هم الخوارج هؤلاء هم الذين فرقوا كلمة الناس وآذوهم هذه مقاصد المناوئين، لأهل السنة والجماعة بالبدع من الرافضة والخوارج والمعتزلة، وسائر ألوان أهل الشر والبدع. (مجلة "سفينة النجاة"، العدد الثاني - يناير 1997)
كلام فضيلة الشيخ العلامة أحمد النحمي حفظه الله تعالى:
قال حفظه الله في معرض ملاحظاته على جماعة (الإخوان المسلمين) الملاحظة الثالثة والعشرون: "تنظيم المسيرات والتظاهرات، والإسلام لا يعترف بهذا الصنيع، ولا يقره، بل هو محدث، من عمل الكفار، وقد انتقل من عندهم إلينا، أفكلما عمل الكفار عمل جاريناهم فيه وتابعناهم عليه!!
إن الإسلام لا ينتصر بالمسيرات والتظاهرات ولكن ينتصر بالجهاد الذي يكون مبنياً على العقيدة الصحيحة، والطريق التي سنها محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ولقد ابتلى الرسل وأتباعهم بأنواع من الابتلاءات فلم يؤمروا إلا بالصبر، فهذا موسى عليه السلام يقول لبني إسرائيل رغم ما كانوا يلاقونه من فرعون وقومه من تقتيل الذكور من المواليد واستحياء الإناث، يقول لهم ما أخبر الله عز وجل به عنه، قال موسى لقومه: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128].
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لبعض أصحابه لما شكوا ما يلقونه من المشركين:
«إن من كان قبلكم كان يؤتى بالرجل منهم فيوضع المنشار في مفرقه حتى يشق ما بين رجليه ما يصده ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الرجل من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون» فهو لم يأمر أصحابه يمظاهرات". ("المورد العذب الزلال"، طبعة الفرقان، ص 228)
أسأل الله تعالى أن يصلح الأمة و أن يجنبها الفتن، إن ربي سميع مجيب.
السلام عليكم
ردا على الأخ إبراهيم قوانيش الذي لم أسمع صوته منكِرا على قمع الأحرار وسجن الدعاة وتكميم الأفواه وسرقة النواطير لقوت الشعوب وتمكين اليهود من بيت المقدس وأكنافه وتعطيل حكم الله في بلاد المسلمين والترويج لأهل الفجور والفساد والتسهيل لقوافل الناهبين لثروات الأمة والحيلولة دون قيام كيان موحد لأمة الإسلام الواحدة .. لم أسمع صوته ينقل فتاوى أهل العلم في حكم تنصيب الغرب لراعي تابع لهم على كل بضعة ملايين من المسلمين .. حتى صار هؤلاء الموظفون ولاة أمر تجب طاعتهم في عرفه وقواعده !! لم أسمع صوته ـ إذا أراد تطبيق حق الطاعة ـ لم أسمع صوته في حديث : ( إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما ) !! إذا كان هؤلاء ولاة أمر تجب طاعتهم فيجب تطبيق الحديث إذا .
ثم يا أخا الإسلام هب أن شخصا لقي مجموعة عمال في صحراء وفرض نفسه بقوة السلاح عليهم ونصّب نفسه رئيسا عليهم هل وجبت طاعته ولو كان راسه كأنه زبيبة !!؟
من هو صاحب الحق في الطاعة برأيك ؟ هل عشرات الرؤساء والأمراء كلهم تجب طاعتهم وفق قواعدك التي تظن أنها مستنبطة من نصوص الكتاب والسنة ؟
أخي الكريم أتلاحظ أنك ثارت حفيظتك عندما فرح أحد الدعاة لسقوط بنيان دولة الكيان الصهيوني في بلد من بلاد الإسلام ؟! وهو لم يشارك ولم يوعز ولم يفعل سوى أنه عبر عن فرحته .. أتستكثر عليه الإحساس بالفرح لموقف كهذا ؟ ثم تقحم ثلة من أهل العلم في الأمر وتنقل كلامهم مدعيا أنه يدل على صدق دعواك وأن فرحه هذا مخالف للسنة !!
اسمح لي بأن أقول لك :
1 ـ يا ليت غيرتك وجهودك في البحث سخرتها للدفاع عن المسلمين المظلومين والمروَّعين والمضطهدين بدلا من الدفاع عن الظلمة والمستبدين والقتلة واللصوص ..
2 ـ إن الفتاوى التي نقلتَها لا تمت للموضوع الذي سقتها دليلا عليه بأدنى صلة .
3 ـ إن بنيان الباطل والظلم منهار لا محالة ولن تجد لسنة الله تبديلا .
4 ـ الدنيا مهما جمعنا منها من أموال السلاطين وترقياتهم وتربيتهم على أكتافنا لن تدوم ، وسيواجه المرء منا مصيره يوم القيامة .
5 ـ وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأدواته لا يمكن حصرها وتحديدها ، الإسلام صالح لكل زمان ومكان وما دامت أشكال المنكر وقنواته وصوره متجددة فيمكن ابتكار صور تفصيلية وجزئية لمواجهة هذا المنكر في ظل الأطر الشرعية والأصول العامة المعتبرة.
6 ـ للعلم الشعوب الثائرة انتظرت النخب من العلماء والفضلاء من أمثالك ليصنعوا لها مجدا في ظل دينها ورفعة تحت راية إسلامها .. ولكن للأسف رضيتم بالمناصب في أنظمة من سميتموهم ولاة الأمر وقبلتم الرواتب الهائلة وتركتم الشعوب الضعيفة المشردة المظلومة .. لم توحدوا صفوفها ، ولم تردوا قدسها ، ولم تحموا ثرواتها ، ولم تشعر بالأمن ولا الكرامة ... منحتكم عشرات السنين .. ولكن ماذا قدمتم لها ؟!!!!
إن هذه الشعوب أمسكت الزمام بيدها ، وخلفتكم في مؤخرة الركب ولم تنتظر إذنا من أحد وقدمت أبناءها مقبلة غير مدبرة واستطاعت أن تُسقِط أصنام اليوم كما أسقط نبيها وقائدهاـ صلى الله عليه وسلم ـ أصنام الأمس ولسان حالها يقول : ( وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهزقا )
أخي إذا لم تُرِد أن تكون مع الأحرار فلا تكن مع الذي يلقون الحجارة في طريقهم ..
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل
أخي الكريم ،
هل يعتبر الإمام إماما بمجرد غصبه حرية فئة من الناس والاستقواء عليهم بقوة المستعمر وسطوته وتسخير الناس ومقدراتهم لمصالحه مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لم تحصل له بيعة ولم يدع ولاية على منهج الإسلام .. بل يعلن أنه حاكم بنظام ديمقراطي ولا يخفى عليك أنه نظام لا علاقة له بحكم الله ..
هل هذا الحاكم يأخذ حكم الأمير الذي أمرنا بطاعته والسمع والطاعة وإن جلد الظهر وأخذ المال وسفك الدماء ؟
هل أنت يا صاحب العلم ــ وأنا المندفع بالعاطفة ــ تعتبر من ينادي علنا بعودة الدولة الفاطمية ويعمل على استرجاع مجدها ــ أقصد القذافي ــ تعتبره وليا مطاعا ؟ وهل هذا الشخص وفق الروايات التي سقتها بأسانيدها تستعرض بها الشاشة مع احترامي وإجلالي للمتون والأسانيد طبعا ولكن طريقة عرضها لتوحي بالهالة والتأصيل .. هل هذا الشخص ( القذافي ) الذي أسقط السنة عن بكرة أبيها وحرف القرآن الكريم ــ كما لا يخفى عليك طبعا ــ هل هذا أمير دلت النصوص الصحيحة على وجوب طاعته ؟
أخي الكريم ،
المشكلة ليست في استحضار الأدلة ، ولكنها في الاستدلال وفي توجيهها ، الأمراء المقصودون هم الأمراء الشرعيون المبايعون أو من ولاهم الأئمة المبايعون .. فهؤلاء بايعهم المسلمون ، والبيعة عقد واجب النفاذ ، ولا ينقضة فسق أو ظلم أو جلد ظهر صدر من الولاة المعتبرين ..
وإلا فأين أنت من حديث ( ...فاقتلوا الآخر منهما ) لم غفلت عن هذا الحديث ؟ أليس حديثا صحيحا ؟
ثم دعني أوافقك جدلا .. هل ينطبق كلامك وأدلتك على قضية السفارة الصهيونية في مصر ؟
وهل تعتبر الصهاينة آمنين وفق العهود التي أبرمت معهم وصار من حقهم الصول والجول في بلادنا وهم القتلة والمجرمون ؟
ثم هب أنهم كذلك ( آمنون ) والشعب المصري اعتدى على المعاهدين !!!!!! هل تجد نفسك مصيبا وأنت تنتصر لهم في حين أنك لم تحرك ساكنا ــ حسب علمي ــ عندما قتلوا المسلمين في غزة وفي جنين وفي كل فلسطين ..بل في كل مكان ؟؟
اللهم اهدنا إلى ما فيه رضاك وبصرنا بالحق وارزقنا اتباعه وحل بيننا وبين الباطل ..
اللهم أهلك الظالمين والطواغيت أجمعين .. اللهم عجل بخلاص الأمة منهم ومن شرورهم .. ووحد صفوف الأمة واجمع شملها وول أمرها من يرضيك حكمه ويرضيه حكمك إنك سميع مجيب
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الكلام الذي يجول في خاطري كثير و مع ذلك فلن أسترسل في الحديث فلا المقام يسمح و لا هذا الموضوع هو المطروح للنقاش.
ولكن من باب النصيحة لنفسي و إخواني حتى لا تختلط الأمور وننسب للدين شئ هو ليس منه في شئ .
أقول..
خطير هو شأن الكلام.. ويكون شأنه أخطر إذا نسب لله و رسوله صلى الله عليه وسلم أو قيل إنه حكمهما في مسألة ما .
أقولها بحق سبحان الله ...
يخبر تعالى أن الصحابة الكرام يفرحون بنصر الروم وهم كفار على الفرس الذين هم كفار أيضا لأجل أن الروم من أهل الكتاب بل قال تعالى (..وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) )
والأخ الكريم يسوق كل هذا الكلام ردا أو معارضة لمن فرح بحصول خزي ليهود ويأمل في المزيد من الخزي لهم والنصرة للمؤمنين و العز للدين .
أليس هذا الفرح من صميم الولاء الواجب لله ورسوله والمؤمنين والبراءة من الكفر و الكافرين .
و بالنسبة للكلام الذي ساقه الأخ الكريم -وأنا حقيقة لا أدري ما صلته بالموضوع -
ألا يفرح المسلم بزوال الذين كانوا يصدون عن سبيل الله ويعذبون أولياءه و يوالون أعداءه و لا يحكمون بشرعه وظلموا العباد و نشروا الفساد...؟
أليس هذا الفرح من الدين ؟
ثم أي ولاة أمر هؤلاء و قد فعلوا ما فعلوا ؟
بل منهم من حكم عليه العلماء الكبار كابن باز و غيره بالكفر أو الردة عينا مثل الأسد و القذافي و ابن علي ...
أومن حسن ظنك بالله تعالى أن يجعل لمثل هؤلاء على عباده و أوليائه سمعا و طاعة و إمرة ؟
بل لن يجعل الله لهم على المؤمنين سبيلا .