عبدالكريم سعيد باصويطين
New member
* النص القرآني الذي ورد فيه الدعاء :
قال الله تعالى { إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ( الممتحنة : 4 - 5 )
* التعريف بالداعي :
هو خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير من خلقه . كان عليه الصلاة والسلام يعيش في قوم يعبدون الكواكب ، فلم يكن يرضيه ذلك ، وأحس بفطرته أن هناك إلها أعظم حتى هداه الله واصطفاه برسالته .
وأخذ إبراهيم يدعو قومه لوحدانية الله وعبادته ولكنهم كذبوه وحاولوا إحراقه فأنجاه الله من بين أيديهم ، جعل الله الأنبياء من نسل إبراهيم فولد له إسماعيل وإسحاق .
قام إبراهيم ببناء الكعبة مع إسماعيل ، وكان من فضل الله على إبراهيم أن جعله الله إماما للناس .
وجعل في ذريته النبوة والكتاب . فكل الأنبياء من بعد إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده
حتى إذا جاء آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ، جاء تحقيقا واستجابة لدعوة إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم ( قصص الأنبياء - ابن كثير ) .
( محاور الدعاء الوارد )
يرتكز هذا الدعاء على أربعة محاور ، وهي :
1- التوكل .
2- الإنابة .
3- خوف الفتنة .
4- المغفرة .
* المحور الأول : التوكل .
قال الله تعالى { وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } ( المائدة : 23 ) .
وقال تعالى { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } ( الطلاق : 3 ) .
واختلفت عبارات السلف رحمهم الله في بيان حقيقة التوكل
- فقال سهل : التوكل الاسترسال مع الله مع ما يريد .
- وقال بشر الحافي : يقول احدهم : توكلت على الله . يكذب على الله ولو توكل على الله رضي بما يفعل الله .
- وقال ابن عطاء : التوكل أن لا يظهر فيك انزعاج إلى الأسباب مع شدة فاقتك إليها ولا تزول عن حقيقة السكون إلى الحق مع وقوفك عليها .
- وقيل : التوكل قطع علائق القلب بغير الله " .
ولنا نضبط معنى التوكل وتعريفه على ضوء ما تقدم فنقول :
أن التوكل : هو الاعتماد على الله سبحانه وتعالى في جلب المطلوب وزوال المكروه مع فعل الأسباب المأذون فيها .
وهذا أقرب تعريف ، ومن خلاله يتبين لنا انه لا بد من تحقق أمرين مهمين :
الأول : أن يكون الاعتماد على الله اعتمادا صادقا حقيقيا .
الثاني : فعل الأسباب المأذون فيها ( القول المبين في بيان منزلة التوكل في الدين ) .
قال سعيدُ بنُ جبير : التوكل جِماع الإيمان . وقال وهب بن مُنبِّه : الغاية القصوى التوكل . وقال الحسن : إنَّ توكلَ العبد على ربِّه أنْ يعلمَ أن الله هو ثقته .
واعلم أنَّ تحقيق التوكل لا يُنافي السَّعي في الأسباب التي قدَّر الله سبحانه المقدورات بها ، وجرت سُنَّته في خلقه بذلك .
فإنَّ الله تعالى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكُّل ، فالسَّعيُ في الأسباب بالجوارح طاعةٌ له ، والتوكُّلُ بالقلب عليه إيمانٌ به ، كما قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ } ( النساء : 71 ) .
وقال { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ } ( الأنفال : 60 ) .
وقال { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ } ( الممتحنة : 10 ) .
وقال سهل التُّستَرِي : من طعن في الحركة - يعني : في السعي والكسب فقد طعن في السُّنة ، ومن طعن في التوكل ، فقد طعن في الإيمان .
فالتوكل حالُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والكسب سنَّتُه ، فمن عمل على حاله ، فلا يتركنّ سنته .
ثم إنَّ الأعمال التي يعملها العبدُ ثلاثةُ أقسام :
القسم الأول : الطاعات التي أمر الله عباده بها ، وجعلها سبباً للنَّجاة مِنَ النَّار ودخولِ الجنَّة .
فهذا لابُدَّ من فعله مع التوكُّل على الله فيه ، والاستعانة به عليه ، فإنَّه لا حولَ ولا قُوَّة إلا به ، وما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فمن قصَّرَ في شيءٍ ممَّا وجب عليه من ذلك ، استحقَّ العقوبة في الدنيا والآخرة شرعاً وقدراً .
قال يوسف بنُ أسباط : كان يُقال : اعمل عمل رجل لا يُنجيه إلا عملُه ، وتوكَّلْ توكُّلَ رجلٍ لا يُصيبه إلا ما كُتِبَ له .
القسم الثاني : ما أجرى الله العادة به في الدُّنيا ، وأمر عباده بتعاطيه .
كالأكلِ عندَ الجوعِ ، والشُّرب عندَ العطشِ ، والاستظلال من الحرِّ ، والتدفؤ من البرد ونحو ذلك ، فهذا أيضاً واجب على المرء تعاطي أسبابه ، ومن قَصَّر فيه حتى تضرَّر بتركه مع القُدرة على استعماله ، فهو مُفرِّطٌ يستحقُّ العقوبة .
لكن الله سبحانه قد يقوِّي بعضَ عباده من ذلك على مالا يَقوى عليه غيرُه ، فإذا عَمِلَ بمقتضى قوَّته التي اختص بها عن غيره ، فلا حرجَ عليه ، ولهذا كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُواصلُ في صيامه ، وينهى عَنْ ذلك أصحابه ، ويقول لهم : ( إنِّي لستُ كهيئتكم ، إني أُطْعَمُ وأُسقى ) رواه مسلم .
القسم الثالث : ما أجرى الله العادة به في الدنيا في الأعمِّ الأغلب ، وقد يخرِقُ العادة في ذلك لمن يشاء من عباده .
وهو أنواع :
- منها : ما يخرقه كثيراً ، ويغني عنه كثيراً من خلقه كالأدوية بالنسبة إلى كثيرٍ من البلدان وسكان البوادي ونحوها
- ومنها : ما يَخرِقُهُ لِقليلٍ من العامة ، كحصول الرِّزق لمن ترك السعي في
طلبه ، فمن رزقه الله صدق يقين وتوكل ، وعَلِمَ من الله أنَّه يَخرِقُ له العوائد ، ولا يُحوجه إلى الأسباب المعتادة في طلب الرزق ونحوه ، جاز له تَركُ الأسباب ، ولم يُنكر عليه ذلك ( جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم ) .
* المحور الثاني : الإنابة .
قال الله تعالى { وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ } ( الزمر : 54 ) .
وقال { فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب } ( ص : 24 ) .
وقال { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } ( هود : 88 ) .
وقال { واتبع سبيل من أناب إليَّ } ( لقمان : 15 ) .
والإنابة : هي الرجوع إلى الله تعالى بالقيام بطاعته واجتناب معصيته ( أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة ) .
والتوكل نصف الدين والنصف الثاني الإنابة فإن الدين استعانة وعبادة ، فالتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة .
ومنزلته أوسع المنازل واجمعها ولا تزال معمورة بالنازلين لسعة متعلق التوكل وكثرة حوائج العالمين وعموم التوكل ووقوعه من المؤمنين والكفار والإبرار والفجار والطير والوحش والبهائم فأهل السموات والأرض المكلفون وغيرهم في مقام التوكل وان تباين متعلق توكلهم ( القول المبين في بيان منزلة التوكل في الدين ) .
* المحور الثالث : خوف الفتنة .
الفِتْنَةُ : المحنة والابتلاء والجمع " فِتَنٌ " وأصل " الفِتْنَةِ " من قولك " فَتَنْتُ " الذهب والفضة إذا أحرقته بالنار ؛ ليبين الجيد من الرديء ( المصباح المنير ) .
والفتن أنواع ، منها :
1- فتنة المال والأولاد : قال تعالى { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ } ( التغابن : 15 ) .
2- فتنة النساء : لحديث ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) رواه البخاري ومسلم ، وهذا لفظ البخاري .
3- فتنة القبر : لحديث ( وأعوذ بك من فتنة القبر ) رواه البخاري ومسلم ، وهذا لفظ البخاري .
4- فتنة الجاه والسلطان : ( قصة ذو القرنين ) .
5- فتنة العلم : ( قصة موسى مع الخضر ) .
6- فتنة الدين : ( قصة أصحاب الكهف ) .
7- فتنة الدنيا : لحديث ( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم . يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ... يبيع دينه بعرض من الدنيا ) رواه مسلم .
8- فتنة المسيح الدجال : لحديث ( وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ) رواه البخاري ومسلم ، وهذا لفظ البخاري .
9- فتنة يأجوج ومأجوج : لحديث ( ويل للعرب من شر ما اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا ) وحلق بإصبعه وبالتي تليها [ رواه البخاري ] .
* المحور الرابع : المغفرة .
وقد تقدم الكلام عليه في دعاء آدم عليه السلام ،، فليرجع إليه .
[/CENTER]قال الله تعالى { إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ( الممتحنة : 4 - 5 )
* التعريف بالداعي :
هو خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير من خلقه . كان عليه الصلاة والسلام يعيش في قوم يعبدون الكواكب ، فلم يكن يرضيه ذلك ، وأحس بفطرته أن هناك إلها أعظم حتى هداه الله واصطفاه برسالته .
وأخذ إبراهيم يدعو قومه لوحدانية الله وعبادته ولكنهم كذبوه وحاولوا إحراقه فأنجاه الله من بين أيديهم ، جعل الله الأنبياء من نسل إبراهيم فولد له إسماعيل وإسحاق .
قام إبراهيم ببناء الكعبة مع إسماعيل ، وكان من فضل الله على إبراهيم أن جعله الله إماما للناس .
وجعل في ذريته النبوة والكتاب . فكل الأنبياء من بعد إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده
حتى إذا جاء آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ، جاء تحقيقا واستجابة لدعوة إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم ( قصص الأنبياء - ابن كثير ) .
( محاور الدعاء الوارد )
يرتكز هذا الدعاء على أربعة محاور ، وهي :
1- التوكل .
2- الإنابة .
3- خوف الفتنة .
4- المغفرة .
* المحور الأول : التوكل .
قال الله تعالى { وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } ( المائدة : 23 ) .
وقال تعالى { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } ( الطلاق : 3 ) .
واختلفت عبارات السلف رحمهم الله في بيان حقيقة التوكل
- فقال سهل : التوكل الاسترسال مع الله مع ما يريد .
- وقال بشر الحافي : يقول احدهم : توكلت على الله . يكذب على الله ولو توكل على الله رضي بما يفعل الله .
- وقال ابن عطاء : التوكل أن لا يظهر فيك انزعاج إلى الأسباب مع شدة فاقتك إليها ولا تزول عن حقيقة السكون إلى الحق مع وقوفك عليها .
- وقيل : التوكل قطع علائق القلب بغير الله " .
ولنا نضبط معنى التوكل وتعريفه على ضوء ما تقدم فنقول :
أن التوكل : هو الاعتماد على الله سبحانه وتعالى في جلب المطلوب وزوال المكروه مع فعل الأسباب المأذون فيها .
وهذا أقرب تعريف ، ومن خلاله يتبين لنا انه لا بد من تحقق أمرين مهمين :
الأول : أن يكون الاعتماد على الله اعتمادا صادقا حقيقيا .
الثاني : فعل الأسباب المأذون فيها ( القول المبين في بيان منزلة التوكل في الدين ) .
قال سعيدُ بنُ جبير : التوكل جِماع الإيمان . وقال وهب بن مُنبِّه : الغاية القصوى التوكل . وقال الحسن : إنَّ توكلَ العبد على ربِّه أنْ يعلمَ أن الله هو ثقته .
واعلم أنَّ تحقيق التوكل لا يُنافي السَّعي في الأسباب التي قدَّر الله سبحانه المقدورات بها ، وجرت سُنَّته في خلقه بذلك .
فإنَّ الله تعالى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكُّل ، فالسَّعيُ في الأسباب بالجوارح طاعةٌ له ، والتوكُّلُ بالقلب عليه إيمانٌ به ، كما قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ } ( النساء : 71 ) .
وقال { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ } ( الأنفال : 60 ) .
وقال { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ } ( الممتحنة : 10 ) .
وقال سهل التُّستَرِي : من طعن في الحركة - يعني : في السعي والكسب فقد طعن في السُّنة ، ومن طعن في التوكل ، فقد طعن في الإيمان .
فالتوكل حالُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والكسب سنَّتُه ، فمن عمل على حاله ، فلا يتركنّ سنته .
ثم إنَّ الأعمال التي يعملها العبدُ ثلاثةُ أقسام :
القسم الأول : الطاعات التي أمر الله عباده بها ، وجعلها سبباً للنَّجاة مِنَ النَّار ودخولِ الجنَّة .
فهذا لابُدَّ من فعله مع التوكُّل على الله فيه ، والاستعانة به عليه ، فإنَّه لا حولَ ولا قُوَّة إلا به ، وما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فمن قصَّرَ في شيءٍ ممَّا وجب عليه من ذلك ، استحقَّ العقوبة في الدنيا والآخرة شرعاً وقدراً .
قال يوسف بنُ أسباط : كان يُقال : اعمل عمل رجل لا يُنجيه إلا عملُه ، وتوكَّلْ توكُّلَ رجلٍ لا يُصيبه إلا ما كُتِبَ له .
القسم الثاني : ما أجرى الله العادة به في الدُّنيا ، وأمر عباده بتعاطيه .
كالأكلِ عندَ الجوعِ ، والشُّرب عندَ العطشِ ، والاستظلال من الحرِّ ، والتدفؤ من البرد ونحو ذلك ، فهذا أيضاً واجب على المرء تعاطي أسبابه ، ومن قَصَّر فيه حتى تضرَّر بتركه مع القُدرة على استعماله ، فهو مُفرِّطٌ يستحقُّ العقوبة .
لكن الله سبحانه قد يقوِّي بعضَ عباده من ذلك على مالا يَقوى عليه غيرُه ، فإذا عَمِلَ بمقتضى قوَّته التي اختص بها عن غيره ، فلا حرجَ عليه ، ولهذا كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُواصلُ في صيامه ، وينهى عَنْ ذلك أصحابه ، ويقول لهم : ( إنِّي لستُ كهيئتكم ، إني أُطْعَمُ وأُسقى ) رواه مسلم .
القسم الثالث : ما أجرى الله العادة به في الدنيا في الأعمِّ الأغلب ، وقد يخرِقُ العادة في ذلك لمن يشاء من عباده .
وهو أنواع :
- منها : ما يخرقه كثيراً ، ويغني عنه كثيراً من خلقه كالأدوية بالنسبة إلى كثيرٍ من البلدان وسكان البوادي ونحوها
- ومنها : ما يَخرِقُهُ لِقليلٍ من العامة ، كحصول الرِّزق لمن ترك السعي في
طلبه ، فمن رزقه الله صدق يقين وتوكل ، وعَلِمَ من الله أنَّه يَخرِقُ له العوائد ، ولا يُحوجه إلى الأسباب المعتادة في طلب الرزق ونحوه ، جاز له تَركُ الأسباب ، ولم يُنكر عليه ذلك ( جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم ) .
* المحور الثاني : الإنابة .
قال الله تعالى { وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ } ( الزمر : 54 ) .
وقال { فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب } ( ص : 24 ) .
وقال { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } ( هود : 88 ) .
وقال { واتبع سبيل من أناب إليَّ } ( لقمان : 15 ) .
والإنابة : هي الرجوع إلى الله تعالى بالقيام بطاعته واجتناب معصيته ( أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة ) .
والتوكل نصف الدين والنصف الثاني الإنابة فإن الدين استعانة وعبادة ، فالتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة .
ومنزلته أوسع المنازل واجمعها ولا تزال معمورة بالنازلين لسعة متعلق التوكل وكثرة حوائج العالمين وعموم التوكل ووقوعه من المؤمنين والكفار والإبرار والفجار والطير والوحش والبهائم فأهل السموات والأرض المكلفون وغيرهم في مقام التوكل وان تباين متعلق توكلهم ( القول المبين في بيان منزلة التوكل في الدين ) .
* المحور الثالث : خوف الفتنة .
الفِتْنَةُ : المحنة والابتلاء والجمع " فِتَنٌ " وأصل " الفِتْنَةِ " من قولك " فَتَنْتُ " الذهب والفضة إذا أحرقته بالنار ؛ ليبين الجيد من الرديء ( المصباح المنير ) .
والفتن أنواع ، منها :
1- فتنة المال والأولاد : قال تعالى { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ } ( التغابن : 15 ) .
2- فتنة النساء : لحديث ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) رواه البخاري ومسلم ، وهذا لفظ البخاري .
3- فتنة القبر : لحديث ( وأعوذ بك من فتنة القبر ) رواه البخاري ومسلم ، وهذا لفظ البخاري .
4- فتنة الجاه والسلطان : ( قصة ذو القرنين ) .
5- فتنة العلم : ( قصة موسى مع الخضر ) .
6- فتنة الدين : ( قصة أصحاب الكهف ) .
7- فتنة الدنيا : لحديث ( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم . يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ... يبيع دينه بعرض من الدنيا ) رواه مسلم .
8- فتنة المسيح الدجال : لحديث ( وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ) رواه البخاري ومسلم ، وهذا لفظ البخاري .
9- فتنة يأجوج ومأجوج : لحديث ( ويل للعرب من شر ما اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا ) وحلق بإصبعه وبالتي تليها [ رواه البخاري ] .
* المحور الرابع : المغفرة .
وقد تقدم الكلام عليه في دعاء آدم عليه السلام ،، فليرجع إليه .