دروس علم رسم المصحف الشريف. (الحلقة الثالثة)

ضيف الله الشمراني

ملتقى القراءات والتجويد
إنضم
30/11/2007
المشاركات
1,508
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
بسم1


[align=justify]
الحمد لله الذي خلق فسوّى، وقَدَّر فهدى، والصلاة والسلام على الرسول المصطفى، والخليل المجتبى، وعلى آله وأصحابه السادة النُّجَبا.
أما بعد؛ فهذا الدرس الثالث ضمن سلسلة دروس رسم المصحف الشريف، وسيكون فيه الحديث بمشيئة الله عن تعريف علم رسم المصحف، وفوائده.

- المصطلحات الدالة على استعمال القلم لرسم الحروف:
استُعملت عدة كلمات في اللغة العربية للدلالة على معنى استعمال القلم لرسم الحروف، ومن أشهر هذه الكلمات:
1. الكتابة: غير أن استعمال هذه اللفظة ظلّ أقرب إلى الاستعمال اللغوي منه إلى الدلالة الاصطلاحية.
2. الهِجاء: وعلى هذا الاستعمال جرى عمل عدد من الأئمة الأقدمين في مصنَّفاتهم، ويبدو أن ارتباط كلمة الهِجاء بالمعنى الخاص بالشِّعْر ساهم في تحوّل علماء الرسم عنها إلى غيرها.
3. الرَّسْم: وشاع استعمال هذه اللفظة في القرون المتأخرة للدلالة على علم رسم المصحف والكتب المؤلَّفة فيه.
4. الخَطّ: وغلب إطلاقها في العصور المتأخرة على الجانب الفنّي للكتابة.
وإذا كان مصطلح الرسم قد صار لقبا لفن كتابة المصحف = فإنه ظل أيضا مستعمَلا في الدلالة على قواعد الكتابة الموضوعة من قِبَل علماء العربية.

وصار الرسم قسمين:
الأول: الرسم القياسي: وهو ما طابق فيه الخَطُّ اللفظَ.
الثاني: الرسم الاصطلاحي: ويقال له: الرسم العثماني، وهو: ما كتبه الصحابة في المصاحف، وأكثره موافق لقواعد الرسم القياسي.

- تعريف علم الرسم اصطلاحًا:
وعلم رسم المصحف اصطلاحًا: علمٌ تُعرَف به مخالفة رسم المصاحف العثمانية لأصول الرسم القياسي، من حذف وزيادة وبدل وفصل ووصل، ونحو ذلك.

- فوائد دراسة علم رسم المصحف:
لدراسة علم رسم المصحف فوائد جليلة، من أهمِّها:
1. حفظ المصاحف من مخالفة رسم المصحف الإمام الذي كتبه الصحابة رضي الله عنهم.
2. حصول اليقين لدى قارئ القرآن بأن هذا الذي يقرأه كلام الله تعالى الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يتطرَّق إليه خلل بوجه من الوجوه.
3. تمييز القراءة الصحيحة من الشاذّة؛ إذ موافقة القراءة للرسم أهم أركان القراءة الصحيحة بعد ثبوتها وصحة نقلها.
4. أنه يمثِّل مرحلة من مراحل تطوّر الكتابة العربية، ويتوقّف فهم كثير من خصائصها على معرفة خصائص ذلك الرسم، الذي يحمل في طيّاته شواهد لغوية كثيرة تحكي ما كانت عليه العربية في عصر التنزيل وما يسبقه.
5. يرتبط برسم المصحف علم الضبط، الذي يُعنى بالعلامات في الكتابة العربية، ولا يمكن فهم هذا الجانب من الكتابة العربية في معزل عن علم رسم المصحف وضبطه.

- ارتباط رسم المصحف بعصر التنزيل:
إن رسم المصحف يرتبط بعصر تنزيل القرآن الكريم، فلم يتأخر تدوين القرآن عن زمن التنزيل، وإن كانت الصورة الكاملة للمصحف لم تكتمل إلا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن القرآن كُتب في زمنه مفرَّقًا في الرِّقاع، واعتنى الخلفاء الراشدون بجمعه في صحف منظمة، وتوزيع نُسَخه على الأمصار الإسلامية.

- لفتة منهجية في دراسة علم الرسم:
وعلى الدارس لرسم المصحف أن يبدأ دراسته بهذا الجانب التاريخي؛ لأمرين:
الأول: الوقوف على مراحل تدوين القرآن الكريم.
الثاني: التعرُّف على الأسس التي استند إليها كُتَّاب المصاحف في تدوينه في تلك المراحل.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

[/align]
 
عودة
أعلى