دراسة نقدية حول تاريخ علم القراءات وطرق تحريرها ج 1

إنضم
27/12/2007
المشاركات
373
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
موريتانيا
دراسة نقدية حول تاريخ علم القراءات وتحرير طرقها ج 1

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد :
فلعل من الإنصاف تقسيم تاريخ علم القراءات إلى ست طبقات:
الطبقة الأولى : الآخذون عن الصحابة بأداء المصاحف العثمانية.
الطبقة الثانية : القراء ورواتهم
الطبقة الثالثة : المصنفون من طرق الرواة طبقات جمعت أحرف الخلاف
الطبقة الرابعة : العصر الذهبي الشاطبي وابن الجزري
الطبقة الخامسة : ما بعد ابن الجزري إلى عصرنا الحاضر .
أما الصحابة الكرام العدول وهم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه فلن نفرق بين الأداء الذي قرأوا به منذ نشأة المصاحف العثمانية وأقرأوا به تابعيهم وبين الأداء الذي تلقوه من النبي  في العرضتين الأخيرتين ، ولأن منهم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ومنهم الذين رضي الله عنهم إذ بايعوا النبي  تحت الشجرة ولأن آخر ما نبتغي من الخير أن نصبح من التابعين لهم بإحسان أي من الذين جاءوا من بعدهم ويقولون كما في قوله  ربنا اغفر لنا وإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم  الحشر 10 .
ولنبدأ بدراسة الطبقات المتأخرة لأتناول الطبقة الخامسة قبل الرابعة تعدادا تنازليا لعله أقرب إلى البيان والشرح .

الطبقة الخامسة : ما بعد ابن الجزري إلى عصرنا الحاضر

تبدأ أولى مراحل التخصص في علم القراءات بعد حفظ القرآن وقراءته عرضا على الشيخ بدراسة رسم المصاحف العثمانية ليعلم ما اجتمعت عليه واختلفت فيه من الحذف والإثبات وزيادة حرف فأكثر وترك تلك الزيادة ، فإذا علمه تجاوزه إلى دراسة وحفظ متن من متون القراءات كالشاطبية والطيبة ليضمن به ضبط ما لكل قارئ وراو في كل حرف من أحرف الخلاف المعلومة .
ولن تتأتى دراية رسم المصاحف وأحرف الخلاف لمن لم يتعلم من قبل من لسان العرب وقواعد النحو والصرف ما يؤهله للاستفادة والاستيعاب .
هذه المراحل الثلاث : مرحلة عرض القرآن ومرحلة دراسة رسم المصاحف ومرحلة حفظ ودراية متن من المتون في علم التجويد والقراءات هي أولى خطوات التخصص في علم القراءات .
وتأتي دراية واستحضار أحرف الخلاف وما لكل قارئ وراو فيها خطوة ثانية .
وتأتي دراية ما لطرق الرواة من الأوجه في أحرف الخلاف التي اختلف فيها عن الرواة خطوة ثالثة لن يقع الوصف بالتخصص في علم القراءات قبل استيعابها .
وكان استيعاب أوجه الخلاف عن الرواة ونسبتها إلى طرقهم هو تحرير طرق القراءات المتعارف عليه إلى يومنا هذا .
ولقد نبه ابن الجزري في النشر إلى مواطن متعددة تضمنها كل من حرز الأماني والتيسير ليست من طرق الكتابين المقروءة أي خرج فيها الداني عن طرق كتابه التيسير المقروءة وخرج فيها الشاطبي عن طرق كتابه حرز الأماني المقروءة أي هي من الفوائد لزيادة العلم .
مواطن حققها المحقق ابن الجزري ، يؤدي تتبعها من النشر ومن التيسير والحرز أو غيرهما إلى أن ابن الجزري قد اعتمد لطرق الكتاب على الأداء المتصل إلى الراوي والقارئ الذي قرأ به المصنف كالداني والشاطبي مثلا ، لا على التحديث بأحرف الخلاف .
تلك المنهجية حمل لواءها المحقق ابن الجزري في نشره وفي كتابه منجد المقرئين ، ولم تتضمن طيبة النشر من أحرف الخلاف أو من الأداء ما تخلف أو شذ عنها من طرق النشر الكثيرة إلا ما أحرف يسيرة خرج فيها ابن الجزري عن طرق كتابه الطيبة بينتها ما استطعت في كتابي "غاية البشر في تحرير طرق طيبة النشر والتحبير والحرز والتيسير".
وكان الضابط الأول هو الأداء الذي تلقى عن شيوخه إلى الرواة المثبتة أسانيده بالقراءة عرضا إليهم في النشر (1/99) إلى (1/190)
وكان ذلك الأداء هو طرق النشر والطيبة المقروءة دون سائر الأداء وأحرف الخلاف الذي تضمنته أمهات النشر المبينة في (1/ 58) إلى (1/98)
وأهل التخصص في هذا العصر صنفان :
1. صنف كالفروعيين لا يعلمون من الطيبة أو الشاطبية أو الدرة إلا أماني أي حفظوها وقرأوا بما فيها من غير تتبع لتحرير طرقها .
2. وصنف ثان تمسكوا بمنهج ابن الجزري في التحقيق والتحرير ولم يقصروا عن مدرسته وهم اليوم أقل ، وأقل منهم من يفقه عنهم ما هم عليه ، ولكن ـ المخففة ـ المثبطون واللاغون في جهودهم هم السواد الأعظم وأصحاب العمائم والمشبعون زورا بما لم يعلموا من التخصص في علم القراءات .
ولأني واحد من هذه الطبقة المعاصرة فقد تعلمت من تحرير طرق القراءات ابتداء لأجل تنقية الطيبة مما خرج فيه ابن الجزري عن طرقه ، ولأجل تنقية كل من الحرز والتيسير مما خرجا فيه عن طرقهما ولا يكاد ابن الجزري فمن جاء بعده من أئمة القراءات قد أبقوا منه شيئا إلا زيادة بيان وتتبعا وإيضاحا .
ولكن بعد عشرين سنة من الدراسة الميدانية في تحرير طرق القراءات تبينت والله أعلم بالصواب وبالقصد أن علم القراءات اليوم أحوج إلى تحرير القراءات نفسها قبل تحرير طرق القراءات .
إن تحرير القراءات السبع والعشر وغيرها ليؤدي إلى الهدفين الساميين التاليين :
1. تساقط القياس وطرحه
2. استعادة الأداء الذي قرأ به التابعون الذين تلقوا القرآن من الصحابة الذين رافقوا أداء المصاحف العثمانية
ومن عجائب معجزة حفظ القرآن أن الأداء الذي قرأ به الصحابة بعد ظهور المصاحف العثمانية وأقرأوا به تابعيهم هو مما تضمنته القراءات العشر المعلومة اليوم وزادت عليه من القياس واللهجات ما شاء الله كما سيأتي بيانه في دراسة الطبقة الثالثة المصنفون من طرق الرواة طبقات جمعت أحرف الخلاف .
يتواصل
الحسن محمد ماديك
 
طلب تصحيح العنوان

طلب تصحيح العنوان

أرجو من السادة المشرفين تصحيح عنوان البحث ليصبح كالتالي :


دراسة نقدية حول تاريخ علم القراءات وتحرير طرقها
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

أخي الشيخ محمد السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد

جزاك الله خيراً على ما تثيره من المسائل والتي لا شكّ أنّها لا بدّ أن تخضع للبحث والتنقيب ، وحتّى إن جانبت الصواب فيما أعتقده لا سيما في قضية القياس إلاّ أنّ ذلك يجعلنا نقبّل الانتقاد فيما بيننا ونعيد النظر فيما كنّا نعتقده صواباً ونفتح المجال للنقاش في أيّ مسألة قابلة لذلك ونرفع الستار على بعض المسائل التي يظنّ البعض أنّها من الخطوط الحمراء التي لا يجوز تجاوزها باسم الشعارين وهما " كلّ يقرأ بما تلقاه عن شيخه ما دام شيخه قد أجازه بالسند المتصل " أو " العبرة بما هو مقروء به اليوم " بغض النظر عن اضطراب المناهج في التحقيق أو مخالفة النصوص المعتبرة أو مخالفة مناهج الأئمّة الذين لا يجتمعون على الخطأ.

أخي الشيخ أرى أنّكم متبعون لمنهجية مميّزة ، وليس في ذلك أيّ إشكال وحرج ، إلاّ أنّ المنهجية الصحيحة في نظري لا بدّ أن تخضع لبعض الأسس التي من خلالها تتجلّى مصداقيّتها خلافاً ما إذا كانت قائمة على الرأي والاجتهاد المحض فإنّها تكون مدعاة للرفض والخلاف والاعتراض كما شاهدناه في بعض ما أثرتموه من القضايا. وهذه الأسس إمّا أن تكون مستمدّة من نصوص للأئمّة المعتبرين لا سيما القدامى أو من منهجيّة انتهجها هؤلاء الأئمّة ومتأخريهم من أئمّة التحقيق كابن الجزريّ عليه رحمة الله.

وأضرب على ذلك مثلاً : وهي مسألة الاعتماد على الأسانيد التي رُوي منها حروفف الخلاف دون التلاوة والأداء. السؤال : كيف تعامل أئمّتنا مع هذه الأسانيد ؟ كيف تعامل معها ابن الجزري ؟ لماذا أدرجها في نشره ؟ وما هي الشروط والأسباب التي جعلته يعتمد عليها ؟ وما هي منزلتها وحكمها من حيث الدلالة والاحتجاج ؟

أقول : أن اتضح كلّ ذلك بالدليل والبرهان مع اعتمادك على ذلك في تقرير المسألة فلا شكّ أنّ ما ستثيره من المسائل سيؤتي ثماره بإذن الله تعالى.

فالعلم الصحيح هو ما ثبت بالدليل والرهان والحجة والبيان لا غير. ومن تأمّل في مناهج المحررين يجد أنّه يرتكز على مذهبين :

المذهب الأوّل هو الاعتماد على ظاهر النشر
المذهب الثاني يرتكز على أصول النشر


ولا يمكننا أن نقطع بأنّ الأزميري رحمه الله تعالى قد اعتمد على جميع مصادر النشر جزئية جزئية ، وأنّ ما في بدائع البرهان يوافق جميع ما في المصادر وسبب ذلك هو احتوائه على بعض المسائل التي اعتمد فيها على أصول النشر التي بحوزته ، وفي بعضها اعتمد على ظاهر النشر عند عدم المصدر وفي بعضها اعتمده على أقوال وأداء شيوخه وفي بعضها اعتمد على من سبقه من المحققين كالشيخ سلطان مزاحي والقسطلاني في لطائفه وغيرهما، وفي بعضها اعتمد على اجتهاده عند غموض النصّ وغير ذلك. وهذا كلّه يدفعنا إلى التحفظ وعدم الاعتماد الكامل لما يقرره المحررون إلاّ بعد البحث والتنقيب ، ونحن نعلم جيّداً أنّ العلامة المتولّي والضباع عليهما رحمة الله اعتمدا على بدائع البرهان في معظم المسائل لا سيما عند انعدام الكثير من المصادر، خلافاً لواقعنا الحالي فإنّ المخطوطات تطبع والمخطوط متوافر عموماً ، فما بقي للمتخصصين إلاّ إعادة النظر فيما حرّر من قبل على ضوء ما بحوزتهم من المطبوع والمخطوط ، وهذا أولى من التقليد الذي قد يستوي فيه العالم بمن دونه.
ومن ذلك أيضاً زيادة العلامة الأزميري عليه رحمة الله تعالى لبعض الطرق على كتاب النشر كما فعل في زيادة طريق روضة المعدّل لحفص. فالسؤال إن كان مضمون كتاب النشر محصوراً بما اختاره المؤلّف من الأسانيد والمصادر فعلى أيّ أساس يضيف الأزميري طرقاُ أخرى ، ولماذا بالذات ذلك الطريق ؟ أهو استدراك على ما في النشر ؟ الاستدراك على النشر لا يكون بحصر الأسانيد التي توافق شرط ابن الجزري كما فعل الحاكم في مستدركه على الصحيحين حيث نقل ما وصله من الأحاديث التي رءاها على شرطهما ، وإنّما الاستدراك على النشر يكون في إطار الأسانيد والمصادر المحصورة التي اعتمد عليها المؤلّف لا غير ولا ينبغي الخروج عن ذلك الإطار حفاظاً على اتصال السند.

وعلى هذا الأساس لا بدّ من منهجية واضحة في تحرير الطرق والأوجهها ، ومن ذلك بيان :
- هل الاعتماد يكون على الطريق الذي رُويَ فيه أوجه الخلاف فقط دون الرواية بالتلاوة والأداء ؟
- متى يُعتمد على مصادر النشر خاصّة إذا خالف ظاهر وأداء ابن الجزري في نشره
- إن دخل احتمال على مضمون النصوص أنأخذ بظاهر النشر أم على قوّة احتمال نصّ المصدر,
- حصر طرق الشاطبية : فقد بيّنت في بحث أنّ طرق الشاطبية ليست مضبوطة ومحصورة ، فمنهم من يرى أنّها تنحصر فيما رواه الداني دون غيره ، ومنهم من يرى أنّها تنحصر فيما أسنده الشاطبيّ ونقله تلميذه السخاوي في فتح الوصيد ، ومنهم من يرى أنها تنحصر على ما رواه الشاطبيّ عن طريق الداني وغيره مما ذكر في النشر فقط ، ومنهم من اشترط التلاوة والأداء دون التحديث بأوجه الخلاف.

أقول : إن كان المحررون ما ضبطوا طرق الشاطبية فكيف بطرق الطيّبة ؟

أعتقد أنّ طرق الشاطبية أصعب من طرق الطيّية في عزو الوجه إلى أصله ، وسببه أنّ المحررين اعتبروا الشاطبية مصدراً مستقلاً بمثابة كتاب التيسير دون حصر طرقها ومصادرها إلى أصولها ، خلافاً للمصادر الأخرى التي مصدرها واضح وجليّ ، فمن حيث عزو الطرق فالشاطبية أصعب ومن حيث الكثرة والكميّة تتجلّى صعوبة الطيّبة على الشاطبية. فطول البدل مع الفتح لم يُنقل عن الداني بل هو طريق مكي قيسي ولا نستطيع أن نقطع بأنّ كتاب التبصرة من طرق الشاطبية مع أنّه يحتوي على بعض الأوجه التي ما رواها الإمام الشاطبيّ كتمكين البدل في نحو ّ { ايت} وغير ذلك. ومع أنّ الشيخ سلطان مزاحي نفى أن يكون مكي القيسي من طرق الحرز. اللهمّ إلاّ إذا اعتبرنا أنّ إسناد مكي القيسي يلتقي بإسناد الداني عند عبد المنعم ابن غلبون صاحب الإرشاد بالمتابعة وهذا فيه نظر لسببين :

أوّلاً : قد يُقرئ عبد المنعم مكي القيسي بغير ما أقرأ به ابنه طاهر ابن غلبون شيخ الداني فيختلف أداء مكي القيسي عن أداء الداني ، وعلى هذا فلا يمكن إذن تطبيق قاعدة المتابعة كما هو الحال عند المحدّثين.

ثانياً : نحن نعلم أنّ شيخ الداني وهو طاهر ابن غلبون وهو قرأ على أبيه عبد المنعم بقصر البدل خلافاً لمكي القيسي الذي روى الطول في البدل على الصحيح من أقوال المحققين وبه قرأ بن الجزريّ من طريقه
ثالثاً : إسناد مكي القيسي ليس مقتصراً على ما رواه عن عبد المنعم بن غلبون بل له رواية عن أبي عديّ عبد العزيز بن الفرج وله رواية عن أبي بكر محمد بن علي الأذفوي الخشاب فيحتمل أن يكون قد قرأ بطول البدل مع الفتح على غير عبد المنعم شيخ شيخ الداني لا سيما أنّ المحررين ذكروا وجه القصر في البدل عن عبد المنعم صاحب الإرشاد وهو قول الشيخ سلطان مزاحي وبه قرأ الأزميري على به شيوخه وبه أخذ عنه ابنه طاهر ابن غلبون.

ثالثاً : ورود بعض الأوجه من التبصرة التي ما رواها الشاطبيّ والتي قد تكون من غير طريق عبد المنعم والعلم عند الله تعالى.

هذا نموذج ومثال بسيط لنعلم أنّ تحرير الطرق من الشاطبية ليس بالسهل كما يتوقعه الكثير فضلاً عن طرق الطيّبة لكثرتها وكثرة أوجهها ، ولأجل هذا فلا بدّ أن تنبني هذه التحريرات على أصول ومنهجية متينة ولو على أصول عامّة تنبني تحتها بقيّة الأصول.


وفي الأخير اعتذر لأخي الشيخ محمد إن رأى أنّي خرجت عن الموضوع ، وما ذكرته ليس اعتراضاً على الشيخ وإنّما هو إتمام لما رأيته مناسباً.

وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لخدمة القرءان وأهله والسلام عليكم

محمد يحيى شريف الجزائري.
 
أخي الكريم محمد يحيى شريف الجزائري سلمك الله
لقد أثلجت صدري بمداخلتك القيمة والتي يستأنس بها كل باحث متجرد بل يفخر بها
ولقد وجدت أخيرا من يناقشني نقاشا علميا أتمنى على الله أن يوفقنا ويهدينا للصواب ويبعدنا عن الخطإ والخلل
أخي الكريم
أعدك أن أجيب على تساؤلاتك القيمة والتي استفدت منها كثيرا في الحلقات القادمة القريبة من هذه الدراسة النقدية
أخوك طالب العلم
الحسن محمد ماديك
 
عودة
أعلى