الحسن محمد ماديك
New member
دراسة نقدية
حول أسانيد الشناقطة المغربية عن ابن نفيس (1)
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد :
فإن أسانيد الشناقطة ـ في مرحلة ما قبل 1382هـ ـ منذ أن جاء بها سيدي عبد الله بن أبي بكر التنواجيوي من المغرب من فاس لتجتمع كلها على طريق ابن نفيس سواء منها لقراءة نافع وحده أو للقراءات السبع ، ولم تكن العشر معروفة لديهم فضلا عن غيرها .
ولقد أطبقت أسانيد الشناقطة على إسناد رواية قالون كالتالي :
"عن ابن نفيس عن أبي نصر البغدادي عن أبي أحمد الفرضي عن ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون عن نافع "
ولي ملاحظاتي على هذا الإسناد أقسّمها إلى جزئين أتناول في الجزء الأول ابن نفيس وما بعده من شيوخه إلى رواة القراء السبع ، وفي الجزء الثاني أتناول فيه بالدراسة حلقات ما بيننا وبين ابن نفيس .
وابن نفيس هو المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (243) قال عنه ابن الجزري : أحمد بن سعيد بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن سليمان المعروف بابن نفيس أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري إمام ثقة كبير انتهى إليه علو الإسناد اهـ بلفظه وتوفي حوالي منتصف القرن الخامس الهجري .
ولقد ثبت لابن نفيس شيوخ تلقى منهم القراءة هم التالي بيانهم :
1. أبو عدي عبد العزيز بن عليّ المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم ( 1680) المعروف بابن الإمام
2. أبو احمد عبد الله بن الحسين بن حسنون السامري المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (1761)
3. أبو طاهر الأنطاكي محمد بن الحسن بن علي المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (2932)
4. أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون صاحب الإرشاد المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (1967)
ولقد أثبت ابن الجزري لابن نفيس القراءة عرضا على هؤلاء الأربعة .
قلت : وههنا بدأ إشكال عريض يزداد عرضا كلما حسب الباحث نفسه قد خرج منه : إذ ليس أبو نصر البغدادي الذي زعمته أسانيد الشناقطة شيخ ابن نفيس في رواية قالون أحد هؤلاء المعدودين في ترجمة ابن نفيس .
إن أبا نصر البغدادي مجهول أو مغمور من بين شيوخ ابن نفيس ومن بين تلامذة ابن أحمد الفرضي إذ لم يعرفه المحقق ابن الجزري في نشره ولا في غاية النهاية في طبقات القراء من بين هؤلاء ، فإن عني المسندون عن ابن نفاس رواية قالون صاحب كتاب المفيد أبا نصر الخباز البغدادي أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (651) فلن يتأتى لهم ذلك لأنه ليس من شيوخ ابن نفيس ولا من تلامذة أبي أحمد الفرضي .
وكذلك لم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر العراقي منصور بن أحمد المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (3650) شيخ خراسان وتلميذ ابن مهران .
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر الأنصاري الإشبيلي فتح بن محمد بن فتح المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم ( 2548) ولأنه بكل بساطة قد توفي سنة ( 574 هـ ) أي بعد ابن نفيس بمائة وعشرين سنة على الأقل .
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر البلنسي المعروف بابن أبي كبة المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (2549)
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر الإسماعيلي تلميذ أبي الفضل الخزاعي الجرجاني
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر السمرقندي الحدادي المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (483) وهو شيخ شيخ الهذلي
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر العبدي الإشبيلي المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (1480) المتأخر عن ابن نفيس بمائة وخمسين سنة
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر الكركانجي المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (2754) المشرقي
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر الأصبهاني المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (3752)
ويتبادر إلى الذهن اتصال السلسلة لو عرفنا الحلقة المفقودة بين ابن نفيس وأبي احمد الفرضي ، ويسارع قصير النفس ـ في الغوص في بحر البحث العلمي المتجرد ـ إلى اعتبار أبي الحسن الفارسي نصر بن عبد العزيز الشيرازي المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (3729) صاحب كتاب الجامع في القراءات العشر هو الحلقة المفقودة مدفوعين بدوافع ثلاثة هي :
1. أن اسمه نصر وهو قريب من أبي نصر البغدادي ولكان كلمة (أبي ) زيدت من الناسخين الأولين
2. أن أبا الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي الشيرازي هو أحد تلامذة أبي أحمد الفرضي الموجود في السلسلة الشنقيطية لرواية قالون ، ولهو كذلك أحد تلامذة الفرضي المعلومين المعدودين
3. أن نسبة فارس وشيراز قريبة من بغداد
وأقول : هيهات أن يكون الفارسي الشيرازي نصر بن عبد العزيز هو الحلقة المفقودة بين ابن نفيس وأبي أحمد الفرضي لأنه ليس من شيوخ ابن نفيس ، وابن نفيس أعظم شأنا من أن يجهل شيوخه الذين تلقى منهم القراءة ، وبغيتنا في هذا البحث تبدأ بإيجاد أحد شيوخ ابن نفيس من بين تلامذة أبي أحمد الفرضي ، وأبو أحمد الفرضي هو عبيد الله بن محمد بن مهران المرقم في غاية النهاية برقم (2043) ومن تلامذته أبو علي البغدادي الحسن بن محمد المرقم في غاية النهاية برقم (1045) مؤلف الروضة في القراءات الإحدى عشرة نزيل مصر المتصدر بها للإقراء وهو شيخ ابن شريح أحد تلامذة ابن نفيس .
وليس أبا علي البغدادي الحسن بن علي هذا من شيوخ ابن نفيس وإذن لاعتبرنا من الناسخين الأولين لسلسلة الشناقطة قد حرفوا أبا علي البغدادي إلى أبي نصر البغدادي .
وهكذا نعود إلى المربع الأول ولا نخطو خطوة واحدة إلى الأمام إلا أن أعلن الحقيقة المرة بعد دعوتي الباحثين إلى تأمل هذا الجزء من الأسانيد الشنقيطية "عن ابن نفيس عن أبي نصر البغدادي عن أبي أحمد الفرضي عن ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون عن نافع " اهـ
ولأعلن لهم أن ما تقدم من نقض إثبات أبي نصر البغدادي بين ابن نفيس وأبي أحمد الفرضي إنما هو قليل من كثير يتلخص في الكليات الثلاثة التالية :
1. أن أداء أبي أحمد الفرضي ـ من طريق المغاربة ـ لرواية قالون من طريق ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط إنما هو من طرق الفارسي والمالكي والطريثيثي ثلاثتهم عن أبي أحمد الفرضي عن ابن بويان وليست من طريق ابن نفيس عن أبي أحمد الفرضي
2. أن ليس لابن نفيس أداء لرواية قالون عبر طريق ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون .
3. أن أداء ابن نفيس لرواية قالون إنما هو من طريق القزاز عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون
وتفصيل الكلية الأولى يعني أني قد استبعدت الطرق المشرقية عن أبي أحمد الفرضي مثل طريقي أبي على العطار وأبي الحسن الخياط عن ابن سوار في المستنير ومثل طريق الكفاية الكبرى للقلانسي ومثل طرق أبي بكر الخياط من المصباح والكفاية الكبرى والكفاية في القراءات الست .
واكتفيت بالطرق المغربية ذات الصلة بابن نفيس وهكذا سنتبين طرقا إلى الفرضي عن ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون ، لتلامذة ابن نفيس غير أنها من طرق أخرى غير ابن نفيس ، وهذا موضع التحقيق وتحرير طرق القراءات :
1. طريق ابن الفحام ( وهو من تلامذة ابن نفيس ) من كتابه التجريد قرأ بها على أبي الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي وقرأ بها الفارسي على أبي أحمد الفرضي على ابن بويان على ابن الأشعث على أبي نشيط على قالون .
2. طريق ابن شريح ( وهو من تلامذة ابن نفيس ) من كتابه الكافي قرأ بها على ابن الخياط المالكي البغدادبي من الروضة له وقرأ بها المالكي البغدادي على أبي أحمد الفرضي على ابن بويان على ابن ألأشعث على أبي نشيط على قالون .
3. طريق أبي معشر الطبري ( وهو من تلامذة ابن نفيس ) قرأ بها على أبي الحسن عليّ بن الحسين بن زكريا الطريثيثي وقرأ بها الطريثيثي على أبي أحمد الفرضي على ابن بويان على ابن ألأشعث على أبي نشيط على قالون .
4. وهكذا عدل ابن الفحام عن ابن نفيس إلى الفارسي ، وعدل ابن شريح عن ابن نفيس إلى المالكي ، وعدل أبو معشر الطبري عن الرواية عن ابن نفيس إلى الطريثيثي ، ولا يخفى أن الثلاثة : الفارسي والمالكي والطريثيثي كلهم قرأوا على أبي أحمد الفرضي على ابن بويان على ابن الأشعث على أبي نشيط على قالون .
وتفصيل الكلية الثانية أن لابن بويان ثلاثا وعشرين طريقا كما في النشر (1/99-101) قد خلت كلها من طرق ابن نفيس .
وتفصيل الكلية الثالثة أن من بين طرق القزاز الإحدى عشرة طريق ابن نفيس من كتاب التجريد لابن الفحام قرأ بها ابن الفحام على شيخه ابن نفيس وقرأ ابن نفيس على أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون وقرأ أبو الطيب ابن غلبون على صالح بن إدريس الوراق وقرأ صالح بن إدريس على القزاز على ابن الأشعث على أبي نشيط على قالون كما في النشر (1/102) .
قلت وهكذا نستبدل هذا الجزءمن إجازات الشناقطة القديمة :
"عن ابن نفيس عن أبي نصر البغدادي عن أبي أحمد الفرضي عن ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون عن نافع " اهـ
بتصويبه كالتالي :
"عن ابن نفيس عن أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون عن صالح ابن إدريس عن القزاز عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون " اهـ والله الموفق
وأما إسنادهم طريق الأزرق عن ورش من طريق ابن نفيس فصحيح كالمثبت في الإسناد وهو قراءة ابن نفيس على أبي عدي عبد العزيز عن ابن سيف عن الأزرق عن ورش .
وأما إسناد رواية البزي فملفق إذ جاء في الإسناد : عن ابن نفيس عن السامري عن أبي بكر البصري عن البزي اهـ
قلت : ولن يستقيم هذا الإسناد للأسباب التالية :
1. أن البزي المرقم في غاية النهاية برقم (553) قد توفي سنة (250هـ) عن ثمانين سنة ويفصل بين وفاته وولادة أبي أحمد السامري ست وأربعون سنة ، لن أبا أحمد السامري المرقم في غاية النهاية برقم (1761) قد ولد سنة (296هـ ومات سنة 386هـ ) فلا يتصور أن يفصل بينهما شيخ واحد في الغالب .
2. أن أبا بكر البصري مجهول أو معدوم لا يعرف من بين شيوخ أبي أحمد عبد الله بن الحسين السامري ولا من بين تلامذة البزي
إن طريق ابن نفيس إلى البزي لا علاقة لها بطريقي أبي ربيعة عن البزي في النشر والطيبة أي طريق النقاش وابن الحباب عن أبي ربيعة عن البزي بل هي مما شذ عند ابن الجزري إذ لم يضمنها كتابه النشر وطيبته ، إذ أعرض ابن الجزري عن طريق ابن نفيس إلى البزي ، وهكذا خلت منها أسانيد ابن الجزري للبزي رغم تضمنها طرقا هم من تلامذة ابن نفيس مثل :
ـ ابن الفحام في التجريد لكنه أسند رواية البزي من قراءته على شيخه أبي إسحاق المالكي ومن قراءة المالكي على الحمامي عن النقاش عن أبي ربيعة عن البزي ، وأعرض ابن الفحام عن قراءته على ابن نفيس .
ـ ومثل ابن بليمة في تلخيص العبارات أسند رواية البزي من قراءته على شيخه عبد المعطي السفاقسي ومن قراءة عبد المعطي هذا على أبي علي المالكي عن الحمامي عن النقاش عن أبي ربيعة عن البزي ، وأعرض ابن بليمة عن قراءته على ابن نفيس .
ولا تكاد طريق ابن نفيس إلى البزي تعرف لخلو النشر منها وإنما عثرت عليها في كتاب الإقناع لابن الباذش المرقم في غاية النهاية برقم (376) وأسند فيه ابن الباذش رواية البزي من طرق إحداها قراءته على شيخه أبي الحسن شريح من قراءة شريح على أبيه محمد بن شريح وقرأ شرح الأب على أبي العباس بن نفيس وقرأ ابن نفيس على أبي أحمد السامري وقرأ أبو أحمد السامري على كل من شيخيه : (1) أبي الحسن بن بقرة المكي المرقم في غاية النهاية برقم (549) و(2) أبي عبد الله محمد بن الصباح المكي المرقم في غاية النهاية برقم (3137) وقرأ ابن بقرة وابن الصباح على أبي ربيعة عن البزي .
ويلاحظ أن هذا إسناد خارج طريقي النشر للبزي طريق النقاش وطريق ابن بنان كلاهما عن أبي ربيعة عن البزي .
قلت : ولئن وجد إلى اليوم من المغربة وما حولهم من الشناقطة وبلاد التكرور من يقرأ بطريق ابن نفيس للبزي فإن ذلك يعني أن من الأداء ما لا يزال متواترا متصلا خارج النشر وطيبته فاعلم أيها القارئ ذلك .
وأما طريق ابن نفيس إلى قنبل فصحيح كالمثبت في الأسانيد المذكورة وهي قراءة ابن نفيس على السامري عن ابن مجاهد عن قنبل والله الموفق
وأما إسنادهم رواية دوري أبي عمرو فعن ابن نفيس عن السامري عن الباهلي عن الدوري
قلت : والباهلي هذا هو المرقم في غاية النهاية برقم (3419) وهو أبو الحسن الباهلي محمد بن محمد بن بدر النفاح البغدادي نزيل مصر المتوفى بها سنة 314هـ قال ابن الجزري : ثقة مشهور محث صالح " اهـ ونقل ابن الجزري عن ابن يونس قوله : كان ثقة ثبتا صاحب حديث متقللا من الدنيا اهـ
قلت : ولئن وجد إلى اليوم من المغاربة وما حولهم من الشناقطة وبلاد التكرور من يقرأ بطريق الباهلي عن دوري أبي عمرو فإن ذلك يعني أن من الأداء ما لا يزال متواترا متصلا خارج النشر وطيبته فاعلم أيها القارئ ذلك .
ولقد أثبت النشر لابن نفيس طريقين لدوري أبي عمرو كلاهما عن أبي الزعراء عنه :
الأولى : عن ابن نفيس عن السامري عن ابن مجاهد عن أبي الزعراء عن الدوري
والثانية : عن ابن نفيس عن السامري عن ابن المعدل عن أبي الزعراء عن الدوري
ولكن الذي في سلسلة المغاربة والشناقطة عن ابن نفيس طريق أخرى كما تقدم ليست عن أبي الزعراء ولا عن ابن فرح كلاهما عن دوري أبي عمرو .
وأما إسنادهم رواية السوسي عن ابن نفيس عن السامري عن أبي عمران موسى ابن جرير عن السوسي فصحيح .
وأما إسنادهم رواية هشام عن ابن نفيس عن السامري عن مجاهد عن أحمد الحلواني عن هشام .
قلت : ولا شك أن الناسخين الأولين قد حرّفوا ابن مجاهد إلى مجاهد لأن السامري إنما قرأ على ابن مجاهد صاحب كتاب السبعة .
ولا يخفى أن الإسناد المذكور ملفق تلفيقا وأدلتي كالتالي :
1. أن أبا بكر بن مجاهد صاحب كتاب السبعة والمرقم في غاية النهاية برقم (663) ليس من تلامذة الحلواني وليس أبو الحسن الحلواني المرقم في غاية النهاية برقم (697) من شيوخ ابن مجاهد ، وتوفي الحلواني في الخمسين ومائتين للهجرة وكان ابن مجاهد يومئذ ابن خمس سنين أو حواليها إذ ولد ابن مجاهد سنة (245هـ )
2. أن طريق ابن مجاهد في سبعته إلى هشام كما في النشر (1/137) هي أخذه الحروف دون القراءة على الأزرق الجمال وقرأ الأزرق الجمال على الحلواني وقرأ الحلواني على هشام
3. أن ابن الجزري في النشر (1135-136) أثبت طريق ابن نفيس إلى هشام من عشر طرق لابن نفيس من قراءة ابن نفيس على أبي أحمد السامري وقراءة السامري على ابن عبدان وقراءة ابن عبدان على الحلواني وقراءة الحلواني على هشام ، وقال ابن الجزري (1/136) : وهو الصواب في هذا الإسناد وإن كان بعضهم أسندها عن السامري عن ابن مجاهد عن البكراوي عن هشام كصاحب الكافي وغيره فإن ذالك من جهة السماع وهذا إسناد تلاوة وكأنهم قصدوا الاختصار والله أعلم " اهـ ، قلت : يعني أن الصواب هو قراءة السامري على ابن عبدان عن الحلواني لا قراءة السامري على ابن مجاهد عن البكراوي عن هشام لأنها كما حقق المحقق ابن الجزري من جهة السماع لا التلاوة ، ولأنها ـ كما لا يخفى ـ رواية ثالثة عن هشام غير روايتي هشام وابن ذكوان ، قلت : والبكراوي هو أبو العباس أحمد بن محمد بن بكر البكراوي المرقم في غاية النهاية برقم (496) روى القراءة سماعا عن هشام ورواها عنه ابن مجاهد .
4. أن ابن الباذش في الإقناع في القراءات السبع (ص 31) قد أسند رواية هشام من طريق ابن نفيس تماما كما أسندها ابن الجزري في النشر وتقدم آنفا بيانه ، وإسناد ابن الباذش في الإقناع هو قراءته على أبي الحسن ابن شريح على أبيه على ابن نفيس عن السامري عن ابن عبدان عن الحلواني عن هشام .
وهكذا نستبدل الإسناد القديم للمغاربة والشناقطة وما حولهم :
ـ عن ابن نفيس عن السامري عن مجاهد عن أحمد الحلواني عن هشام .
بالإسناد الصحيح التالي :
ـ عن ابن نفيس عن السامري عن ابن عبدان عن الحلواني عن هشام .
والله الموفق
يتواصل
طالب العلم
الحسن ولد ماديك
انواكشوط فاتح ذي الحجة 1430 هـ
حول أسانيد الشناقطة المغربية عن ابن نفيس (1)
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد :
فإن أسانيد الشناقطة ـ في مرحلة ما قبل 1382هـ ـ منذ أن جاء بها سيدي عبد الله بن أبي بكر التنواجيوي من المغرب من فاس لتجتمع كلها على طريق ابن نفيس سواء منها لقراءة نافع وحده أو للقراءات السبع ، ولم تكن العشر معروفة لديهم فضلا عن غيرها .
ولقد أطبقت أسانيد الشناقطة على إسناد رواية قالون كالتالي :
"عن ابن نفيس عن أبي نصر البغدادي عن أبي أحمد الفرضي عن ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون عن نافع "
ولي ملاحظاتي على هذا الإسناد أقسّمها إلى جزئين أتناول في الجزء الأول ابن نفيس وما بعده من شيوخه إلى رواة القراء السبع ، وفي الجزء الثاني أتناول فيه بالدراسة حلقات ما بيننا وبين ابن نفيس .
وابن نفيس هو المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (243) قال عنه ابن الجزري : أحمد بن سعيد بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن سليمان المعروف بابن نفيس أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري إمام ثقة كبير انتهى إليه علو الإسناد اهـ بلفظه وتوفي حوالي منتصف القرن الخامس الهجري .
ولقد ثبت لابن نفيس شيوخ تلقى منهم القراءة هم التالي بيانهم :
1. أبو عدي عبد العزيز بن عليّ المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم ( 1680) المعروف بابن الإمام
2. أبو احمد عبد الله بن الحسين بن حسنون السامري المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (1761)
3. أبو طاهر الأنطاكي محمد بن الحسن بن علي المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (2932)
4. أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون صاحب الإرشاد المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (1967)
ولقد أثبت ابن الجزري لابن نفيس القراءة عرضا على هؤلاء الأربعة .
قلت : وههنا بدأ إشكال عريض يزداد عرضا كلما حسب الباحث نفسه قد خرج منه : إذ ليس أبو نصر البغدادي الذي زعمته أسانيد الشناقطة شيخ ابن نفيس في رواية قالون أحد هؤلاء المعدودين في ترجمة ابن نفيس .
إن أبا نصر البغدادي مجهول أو مغمور من بين شيوخ ابن نفيس ومن بين تلامذة ابن أحمد الفرضي إذ لم يعرفه المحقق ابن الجزري في نشره ولا في غاية النهاية في طبقات القراء من بين هؤلاء ، فإن عني المسندون عن ابن نفاس رواية قالون صاحب كتاب المفيد أبا نصر الخباز البغدادي أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (651) فلن يتأتى لهم ذلك لأنه ليس من شيوخ ابن نفيس ولا من تلامذة أبي أحمد الفرضي .
وكذلك لم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر العراقي منصور بن أحمد المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (3650) شيخ خراسان وتلميذ ابن مهران .
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر الأنصاري الإشبيلي فتح بن محمد بن فتح المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم ( 2548) ولأنه بكل بساطة قد توفي سنة ( 574 هـ ) أي بعد ابن نفيس بمائة وعشرين سنة على الأقل .
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر البلنسي المعروف بابن أبي كبة المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (2549)
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر الإسماعيلي تلميذ أبي الفضل الخزاعي الجرجاني
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر السمرقندي الحدادي المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (483) وهو شيخ شيخ الهذلي
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر العبدي الإشبيلي المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (1480) المتأخر عن ابن نفيس بمائة وخمسين سنة
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر الكركانجي المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (2754) المشرقي
ولم يكن ابن نفيس أحد تلامذة أبي نصر الأصبهاني المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (3752)
ويتبادر إلى الذهن اتصال السلسلة لو عرفنا الحلقة المفقودة بين ابن نفيس وأبي احمد الفرضي ، ويسارع قصير النفس ـ في الغوص في بحر البحث العلمي المتجرد ـ إلى اعتبار أبي الحسن الفارسي نصر بن عبد العزيز الشيرازي المرقم في غاية النهاية في طبقات القراء برقم (3729) صاحب كتاب الجامع في القراءات العشر هو الحلقة المفقودة مدفوعين بدوافع ثلاثة هي :
1. أن اسمه نصر وهو قريب من أبي نصر البغدادي ولكان كلمة (أبي ) زيدت من الناسخين الأولين
2. أن أبا الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي الشيرازي هو أحد تلامذة أبي أحمد الفرضي الموجود في السلسلة الشنقيطية لرواية قالون ، ولهو كذلك أحد تلامذة الفرضي المعلومين المعدودين
3. أن نسبة فارس وشيراز قريبة من بغداد
وأقول : هيهات أن يكون الفارسي الشيرازي نصر بن عبد العزيز هو الحلقة المفقودة بين ابن نفيس وأبي أحمد الفرضي لأنه ليس من شيوخ ابن نفيس ، وابن نفيس أعظم شأنا من أن يجهل شيوخه الذين تلقى منهم القراءة ، وبغيتنا في هذا البحث تبدأ بإيجاد أحد شيوخ ابن نفيس من بين تلامذة أبي أحمد الفرضي ، وأبو أحمد الفرضي هو عبيد الله بن محمد بن مهران المرقم في غاية النهاية برقم (2043) ومن تلامذته أبو علي البغدادي الحسن بن محمد المرقم في غاية النهاية برقم (1045) مؤلف الروضة في القراءات الإحدى عشرة نزيل مصر المتصدر بها للإقراء وهو شيخ ابن شريح أحد تلامذة ابن نفيس .
وليس أبا علي البغدادي الحسن بن علي هذا من شيوخ ابن نفيس وإذن لاعتبرنا من الناسخين الأولين لسلسلة الشناقطة قد حرفوا أبا علي البغدادي إلى أبي نصر البغدادي .
وهكذا نعود إلى المربع الأول ولا نخطو خطوة واحدة إلى الأمام إلا أن أعلن الحقيقة المرة بعد دعوتي الباحثين إلى تأمل هذا الجزء من الأسانيد الشنقيطية "عن ابن نفيس عن أبي نصر البغدادي عن أبي أحمد الفرضي عن ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون عن نافع " اهـ
ولأعلن لهم أن ما تقدم من نقض إثبات أبي نصر البغدادي بين ابن نفيس وأبي أحمد الفرضي إنما هو قليل من كثير يتلخص في الكليات الثلاثة التالية :
1. أن أداء أبي أحمد الفرضي ـ من طريق المغاربة ـ لرواية قالون من طريق ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط إنما هو من طرق الفارسي والمالكي والطريثيثي ثلاثتهم عن أبي أحمد الفرضي عن ابن بويان وليست من طريق ابن نفيس عن أبي أحمد الفرضي
2. أن ليس لابن نفيس أداء لرواية قالون عبر طريق ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون .
3. أن أداء ابن نفيس لرواية قالون إنما هو من طريق القزاز عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون
وتفصيل الكلية الأولى يعني أني قد استبعدت الطرق المشرقية عن أبي أحمد الفرضي مثل طريقي أبي على العطار وأبي الحسن الخياط عن ابن سوار في المستنير ومثل طريق الكفاية الكبرى للقلانسي ومثل طرق أبي بكر الخياط من المصباح والكفاية الكبرى والكفاية في القراءات الست .
واكتفيت بالطرق المغربية ذات الصلة بابن نفيس وهكذا سنتبين طرقا إلى الفرضي عن ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون ، لتلامذة ابن نفيس غير أنها من طرق أخرى غير ابن نفيس ، وهذا موضع التحقيق وتحرير طرق القراءات :
1. طريق ابن الفحام ( وهو من تلامذة ابن نفيس ) من كتابه التجريد قرأ بها على أبي الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي وقرأ بها الفارسي على أبي أحمد الفرضي على ابن بويان على ابن الأشعث على أبي نشيط على قالون .
2. طريق ابن شريح ( وهو من تلامذة ابن نفيس ) من كتابه الكافي قرأ بها على ابن الخياط المالكي البغدادبي من الروضة له وقرأ بها المالكي البغدادي على أبي أحمد الفرضي على ابن بويان على ابن ألأشعث على أبي نشيط على قالون .
3. طريق أبي معشر الطبري ( وهو من تلامذة ابن نفيس ) قرأ بها على أبي الحسن عليّ بن الحسين بن زكريا الطريثيثي وقرأ بها الطريثيثي على أبي أحمد الفرضي على ابن بويان على ابن ألأشعث على أبي نشيط على قالون .
4. وهكذا عدل ابن الفحام عن ابن نفيس إلى الفارسي ، وعدل ابن شريح عن ابن نفيس إلى المالكي ، وعدل أبو معشر الطبري عن الرواية عن ابن نفيس إلى الطريثيثي ، ولا يخفى أن الثلاثة : الفارسي والمالكي والطريثيثي كلهم قرأوا على أبي أحمد الفرضي على ابن بويان على ابن الأشعث على أبي نشيط على قالون .
وتفصيل الكلية الثانية أن لابن بويان ثلاثا وعشرين طريقا كما في النشر (1/99-101) قد خلت كلها من طرق ابن نفيس .
وتفصيل الكلية الثالثة أن من بين طرق القزاز الإحدى عشرة طريق ابن نفيس من كتاب التجريد لابن الفحام قرأ بها ابن الفحام على شيخه ابن نفيس وقرأ ابن نفيس على أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون وقرأ أبو الطيب ابن غلبون على صالح بن إدريس الوراق وقرأ صالح بن إدريس على القزاز على ابن الأشعث على أبي نشيط على قالون كما في النشر (1/102) .
قلت وهكذا نستبدل هذا الجزءمن إجازات الشناقطة القديمة :
"عن ابن نفيس عن أبي نصر البغدادي عن أبي أحمد الفرضي عن ابن بويان عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون عن نافع " اهـ
بتصويبه كالتالي :
"عن ابن نفيس عن أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون عن صالح ابن إدريس عن القزاز عن ابن الأشعث عن أبي نشيط عن قالون " اهـ والله الموفق
وأما إسنادهم طريق الأزرق عن ورش من طريق ابن نفيس فصحيح كالمثبت في الإسناد وهو قراءة ابن نفيس على أبي عدي عبد العزيز عن ابن سيف عن الأزرق عن ورش .
وأما إسناد رواية البزي فملفق إذ جاء في الإسناد : عن ابن نفيس عن السامري عن أبي بكر البصري عن البزي اهـ
قلت : ولن يستقيم هذا الإسناد للأسباب التالية :
1. أن البزي المرقم في غاية النهاية برقم (553) قد توفي سنة (250هـ) عن ثمانين سنة ويفصل بين وفاته وولادة أبي أحمد السامري ست وأربعون سنة ، لن أبا أحمد السامري المرقم في غاية النهاية برقم (1761) قد ولد سنة (296هـ ومات سنة 386هـ ) فلا يتصور أن يفصل بينهما شيخ واحد في الغالب .
2. أن أبا بكر البصري مجهول أو معدوم لا يعرف من بين شيوخ أبي أحمد عبد الله بن الحسين السامري ولا من بين تلامذة البزي
إن طريق ابن نفيس إلى البزي لا علاقة لها بطريقي أبي ربيعة عن البزي في النشر والطيبة أي طريق النقاش وابن الحباب عن أبي ربيعة عن البزي بل هي مما شذ عند ابن الجزري إذ لم يضمنها كتابه النشر وطيبته ، إذ أعرض ابن الجزري عن طريق ابن نفيس إلى البزي ، وهكذا خلت منها أسانيد ابن الجزري للبزي رغم تضمنها طرقا هم من تلامذة ابن نفيس مثل :
ـ ابن الفحام في التجريد لكنه أسند رواية البزي من قراءته على شيخه أبي إسحاق المالكي ومن قراءة المالكي على الحمامي عن النقاش عن أبي ربيعة عن البزي ، وأعرض ابن الفحام عن قراءته على ابن نفيس .
ـ ومثل ابن بليمة في تلخيص العبارات أسند رواية البزي من قراءته على شيخه عبد المعطي السفاقسي ومن قراءة عبد المعطي هذا على أبي علي المالكي عن الحمامي عن النقاش عن أبي ربيعة عن البزي ، وأعرض ابن بليمة عن قراءته على ابن نفيس .
ولا تكاد طريق ابن نفيس إلى البزي تعرف لخلو النشر منها وإنما عثرت عليها في كتاب الإقناع لابن الباذش المرقم في غاية النهاية برقم (376) وأسند فيه ابن الباذش رواية البزي من طرق إحداها قراءته على شيخه أبي الحسن شريح من قراءة شريح على أبيه محمد بن شريح وقرأ شرح الأب على أبي العباس بن نفيس وقرأ ابن نفيس على أبي أحمد السامري وقرأ أبو أحمد السامري على كل من شيخيه : (1) أبي الحسن بن بقرة المكي المرقم في غاية النهاية برقم (549) و(2) أبي عبد الله محمد بن الصباح المكي المرقم في غاية النهاية برقم (3137) وقرأ ابن بقرة وابن الصباح على أبي ربيعة عن البزي .
ويلاحظ أن هذا إسناد خارج طريقي النشر للبزي طريق النقاش وطريق ابن بنان كلاهما عن أبي ربيعة عن البزي .
قلت : ولئن وجد إلى اليوم من المغربة وما حولهم من الشناقطة وبلاد التكرور من يقرأ بطريق ابن نفيس للبزي فإن ذلك يعني أن من الأداء ما لا يزال متواترا متصلا خارج النشر وطيبته فاعلم أيها القارئ ذلك .
وأما طريق ابن نفيس إلى قنبل فصحيح كالمثبت في الأسانيد المذكورة وهي قراءة ابن نفيس على السامري عن ابن مجاهد عن قنبل والله الموفق
وأما إسنادهم رواية دوري أبي عمرو فعن ابن نفيس عن السامري عن الباهلي عن الدوري
قلت : والباهلي هذا هو المرقم في غاية النهاية برقم (3419) وهو أبو الحسن الباهلي محمد بن محمد بن بدر النفاح البغدادي نزيل مصر المتوفى بها سنة 314هـ قال ابن الجزري : ثقة مشهور محث صالح " اهـ ونقل ابن الجزري عن ابن يونس قوله : كان ثقة ثبتا صاحب حديث متقللا من الدنيا اهـ
قلت : ولئن وجد إلى اليوم من المغاربة وما حولهم من الشناقطة وبلاد التكرور من يقرأ بطريق الباهلي عن دوري أبي عمرو فإن ذلك يعني أن من الأداء ما لا يزال متواترا متصلا خارج النشر وطيبته فاعلم أيها القارئ ذلك .
ولقد أثبت النشر لابن نفيس طريقين لدوري أبي عمرو كلاهما عن أبي الزعراء عنه :
الأولى : عن ابن نفيس عن السامري عن ابن مجاهد عن أبي الزعراء عن الدوري
والثانية : عن ابن نفيس عن السامري عن ابن المعدل عن أبي الزعراء عن الدوري
ولكن الذي في سلسلة المغاربة والشناقطة عن ابن نفيس طريق أخرى كما تقدم ليست عن أبي الزعراء ولا عن ابن فرح كلاهما عن دوري أبي عمرو .
وأما إسنادهم رواية السوسي عن ابن نفيس عن السامري عن أبي عمران موسى ابن جرير عن السوسي فصحيح .
وأما إسنادهم رواية هشام عن ابن نفيس عن السامري عن مجاهد عن أحمد الحلواني عن هشام .
قلت : ولا شك أن الناسخين الأولين قد حرّفوا ابن مجاهد إلى مجاهد لأن السامري إنما قرأ على ابن مجاهد صاحب كتاب السبعة .
ولا يخفى أن الإسناد المذكور ملفق تلفيقا وأدلتي كالتالي :
1. أن أبا بكر بن مجاهد صاحب كتاب السبعة والمرقم في غاية النهاية برقم (663) ليس من تلامذة الحلواني وليس أبو الحسن الحلواني المرقم في غاية النهاية برقم (697) من شيوخ ابن مجاهد ، وتوفي الحلواني في الخمسين ومائتين للهجرة وكان ابن مجاهد يومئذ ابن خمس سنين أو حواليها إذ ولد ابن مجاهد سنة (245هـ )
2. أن طريق ابن مجاهد في سبعته إلى هشام كما في النشر (1/137) هي أخذه الحروف دون القراءة على الأزرق الجمال وقرأ الأزرق الجمال على الحلواني وقرأ الحلواني على هشام
3. أن ابن الجزري في النشر (1135-136) أثبت طريق ابن نفيس إلى هشام من عشر طرق لابن نفيس من قراءة ابن نفيس على أبي أحمد السامري وقراءة السامري على ابن عبدان وقراءة ابن عبدان على الحلواني وقراءة الحلواني على هشام ، وقال ابن الجزري (1/136) : وهو الصواب في هذا الإسناد وإن كان بعضهم أسندها عن السامري عن ابن مجاهد عن البكراوي عن هشام كصاحب الكافي وغيره فإن ذالك من جهة السماع وهذا إسناد تلاوة وكأنهم قصدوا الاختصار والله أعلم " اهـ ، قلت : يعني أن الصواب هو قراءة السامري على ابن عبدان عن الحلواني لا قراءة السامري على ابن مجاهد عن البكراوي عن هشام لأنها كما حقق المحقق ابن الجزري من جهة السماع لا التلاوة ، ولأنها ـ كما لا يخفى ـ رواية ثالثة عن هشام غير روايتي هشام وابن ذكوان ، قلت : والبكراوي هو أبو العباس أحمد بن محمد بن بكر البكراوي المرقم في غاية النهاية برقم (496) روى القراءة سماعا عن هشام ورواها عنه ابن مجاهد .
4. أن ابن الباذش في الإقناع في القراءات السبع (ص 31) قد أسند رواية هشام من طريق ابن نفيس تماما كما أسندها ابن الجزري في النشر وتقدم آنفا بيانه ، وإسناد ابن الباذش في الإقناع هو قراءته على أبي الحسن ابن شريح على أبيه على ابن نفيس عن السامري عن ابن عبدان عن الحلواني عن هشام .
وهكذا نستبدل الإسناد القديم للمغاربة والشناقطة وما حولهم :
ـ عن ابن نفيس عن السامري عن مجاهد عن أحمد الحلواني عن هشام .
بالإسناد الصحيح التالي :
ـ عن ابن نفيس عن السامري عن ابن عبدان عن الحلواني عن هشام .
والله الموفق
يتواصل
طالب العلم
الحسن ولد ماديك
انواكشوط فاتح ذي الحجة 1430 هـ