دراسة حديثية في تفسير آية ( الحلقة الأولى ) .

ماهر الفحل

New member
إنضم
25/10/2005
المشاركات
450
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
مما تعارض فيه الاتصال والانقطاع ، ورُجح الانقطاع لأن من رواه منقطعاً أثبت وأجل ما روى محمد بن عبيد الطنافسي ، عن سفيان بن سعيد ، عن أبيه ، عن أبي الضحى(1) ، عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ لكلِّ نبيٍّ وُلاةً من النبيينَ ، وإنَّ وليي أبي وخليلي إبراهيم )) ، ثم قرأ : ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ )(2) .
أخرجه : الحاكم 2/292 من طريق محمد بن عبيد الطنافسي ، بهذا الإسناد .
قال الحاكم : (( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه )) .
وهذا إسناد رجاله ثقات ، وثقة رجال الحديث توحي بصحته .
وقد توبع محمد بن عبيد على هذه الرواية الموصولة .
إذ تابعه أبو أحمد الزبـيري عند الترمذي (2995) ، والبزار (1973)
و (1981) ، والطبري في " تفسيره " (5700) ط. الفكر و5/488
ط. عالم الكتب ، والطحاوي في " شرح مشكل الآثار " (1009) وفي (تحفة الأخيار) (6433) ، والشاشي (406) ومن طريقه أخرجه : ابن عساكر في
" تاريخ دمشق" 6/216(3) من طريق أبي أحمد الزبيري ، عن الثوري ،
به(4) .
قال البزار عقيب (1973) : (( وهذا الحديث لا نعلم أحداً وصله إلا أبو أحمد عن الثوري ورواه غير أبي أحمد ، عن الثوري، عن أبيه، عن أبي الضحى ، عن عبد الله )) .
وكلام البزار هذا فيه نظر ؛ فأبو أحمد الزبيري لم ينفرد بوصله ، بل وصله محمد بن عبيد كما قدمناه .
قلت : أبو أحمد الزبيري وإن كان ثقة إلا أنه يخطئ في حديث الثوري ، إذ نقل المزي في " تهذيب الكمال " 6/370 ( 5934 ) عن الإمام أحمد قوله : (( كان كثير الخطأ في حديث سفيان )) ، وقال ابن حجر في " التقريب " (6017) : (( ثقة ثبت ، إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري ))(5) .
وقد تابعه محمد بن عمر الواقدي عند الحاكم 2/553 فرواه عن سفيان الثوري بالإسناد المتقدم موصولاً . وهذه المتابعة كسابقتها لا تصح ؛ لأنَّ محمد ابن عمر الواقدي متروك ، قال عنه البخاري في " الضعفاء الصغير" (334)
: (( متروك الحديث )) وفي " التاريخ الصغير " ، له 2/283 : (( تركوه )) ، وقال عنه النسائي في " الضعفاء والمتروكون " (531) : (( متروك الحديث )) .
وذكر ابن أبي حاتم في " العلل " (1677) متابعة أخرى لمحمد بن عبيد فذكر أنَّ روح بن عبادة قد تابع محمد بن عبيد ، وروح بن عبادة ثقة إلا أني لم أقف على من أخرجه مسنداً للتأكد من صحة الإسناد إليه .
وعلى الرغم من أن رواية محمد بن عبيد الطنافسي ظاهرها الصحة ، إلا أنَّ الحديث معلول بالانقطاع ؛ إذ روي هذا الحديث منقطعاً .
فأخرجه : أحمد 1/401 ، ومن طريقه ابن عساكر 6/216 .
وأخرجه :الترمذي ( 2995) (م2) ، وابن أبي حاتم في "تفسيره " 2/674 ( 3656 ) ، والواحدي في " أسباب النـزول " ( 122 ) بتحقيقي من طريق وكيع(6) ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن عبد الله بن مسعود ، به .
وهذا إسناد ضعيف ؛ لانقطاعه ، وأبو الضحى – هو مسلم بن صبيح – لم يدرك ابن مسعود .(7)
وتوبع وكيع على هذه الرواية المنقطعة .
فأخرجه : الترمذي ( 2995) (م1) ، والطبري في " تفسيره" (5700) ط. الفكر و5/489 ط . عالم الكتب من طريق أبي نعيم .
وأخرجه : الحاكم 2/553 من طريق أبي نعيم ، عن سفيان(8)، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، أظنه عن مسروق(9) ، عن عبد الله . هكذا على الشك في زيادة مسروق .
وأخرجه : أحمد 1/429-430 ، ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " 6/216 .
وأخرجه : ابن أبي حاتم في" تفسيره " 2/674 (3656) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق "6/216 من طريق عبد الرحمان بن مهدي .
وأخرجه : أحمد 1/429-430 ومن طريقه ابن عساكر 6/216 من طريق يحيى .
ثلاثتهم : ( أبو نعيم ، وعبد الرحمان بن مهدي ، ويحيى القطان ) رووه عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن عبد الله منقطعاً بمثل رواية وكيع .
وقد رجح الرواية المنقطعة على الرواية الموصولة الترمذي ، فقال عقيب حديث (2995) (م1) : (( هذا أصح من حديث أبي الضحى عن مسروق )) يعني : رواية محمد بن عبيد .
وقال ابن أبي حاتم في " العلل" (1677) : (( وسألت أبي وأبا زرعة ، عن حديث رواه أبو أحمد الزبيري، وروح بن عبادة، عن سفيان الثوري ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، عن النبيِّ ... الحديث ، فقالا جميعاً : هذا خطأ ؛ رواه المتقنون من أصحاب الثوري ، عن الثوري ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن عبد الله ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، بلا مسروق )) .
وهذا هو الصواب ، فإذا قارنّا بين من رواه موصولاً ومن رواه منقطعاً ، وجدنا أنَّ من رواه منقطعاً هم الثقات الأثبات من أصحاب سفيان . فاتضح بذلك أنَّ الصواب عن الثوري ما روي منقطعاً .
ولقائل أن يقول : قد قدمتم أن سفيانَ رواه عنه أربعةٌ من الرواة فذكروا في أسانيدهم مسروقاً ، وخالفهم ثلاثة من الرواة فلم يذكروا مسروقاً فهل
يجعل هذا الاضطراب على سفيان على اعتبار عدم إمكانية الجمع بين
الروايتين ؟
فنقول : قد تقدم أن الروايات التي فيها ذكر مسروق عامتها ضعيفة وإن اختلفت أسباب الضعف ، أما الروايات التي لم يذكر فيها مسروق فعامتها صحيحة ، وأصحابها أجلة هذا العلم وعليهم المعول في معرفة الصحيح من السقيم ، وهم أوثق الناس في سفيان فلو كان ذكر مسروق فيه صحيحاً لكان هؤلاء هم أولى بحفظه من نظرائهم فلا شك في ترجيح روايات عبد الرحمان بن
مهدي ومن وافقه على روايات مخالفيهم ، زد على ذلك ترجيح الأئمة
لرواياتهم ، والله أعلم .
ووقفت على طريق آخر يرويه سعيد بن منصور ( 501 ) ( التفسير ) قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سعيد بن مسروق ، عن أبي الضحى ، عن
مسروق ، عن ابن مسعود ، به(10) .
وظاهر هذا الإسناد الصحة ، فرجاله ثقات ، وهو بهذه الصورة يكون متابعاً جيداً لحديث محمد بن عبيد الطنافسي ومن تابعه ، إلا أنَّ محقق كتاب "سنن سعيد بن منصور" ذكر أنَّ عبارة ( عن مسروق ) ليست في أصل المخطوط التي اعتمدها في التحقيق وأنه ذكرها لوجود الحديث بهذا الإسناد عند ابن كثير في " تفسيره " : 373 .
والذي يظهر لي والله أعلم أنَّ لفظة : (( عن مسروق )) ليست في حديث سعيد بن منصور لعدم وجودها في النسخة المحققة ، كما أنَّ العلماء المتقدمين قد حكموا على حديث سفيان المنقطع بالصحة ، ولو كان حديث سعيد بن منصور ثابتاً عندهم بنحو ما ذكره ابن كثير في " تفسيره " لما أغفلوه ولا اعتبروا به حين الترجيح بين الروايات .
وقد اغترّ الشيخ أحمد محمد شاكر بطريق أبي الأحوص هذا فرجح من خلاله ما روي عن سفيان الثوري متصلاً باعتبار رواية سعيد بن منصور عن أبي

الأحوص متابعة لحديث سفيان المتصل .
وللحديث طريق آخر :
أخرجه : وكيع في " تفسيره " كما في " تفسير ابن كثير " : 373 قال : حدثنا سفيان ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكره .
وهذا الطريق وهمٌ أو خطأ من النساخ يدل على ذلك أن ابن المنذر أخرج هذا الحديث في " تفسيره " (583) من طريق وكيع ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن عبد الله ، به .
وأخرجه : ابن المنذر في " تفسيره " (582) قال : أخبرنا علي بن
عبد العزيز ، قال : حدثنا إبراهيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي الضحى ، عن عبد الله ، قال : أراه قال : عن النبي صلى الله عليه وسلم ، به .
انظر : " تحفة الأشراف " 6/429 (9581) و 6/431 (9588) ،
و " أطراف المسند " 4/224 (5759) ، و " إتحاف المهرة "10/474 (13219) و 10/520 (13328) .


...............................................
(1) في مستدرك الحاكم : (( وعن أبي الضحى )) وهو خطأ ، والتصويب من"الإتحاف" 10/474
( 13219 ) وقد تكرر هذا الخطأ في طبعة علوش 3/8 .
(2) آل عمران : 63 .
(3) سقط من مطبوع " تاريخ دمشق " : (( مسروق )) والذي يدل على ثبوته في السند أن ابن عساكر أخرجه من طريق الشاشي ، وعند رجوعي إلى المسند له وجدته في السند المذكور .
(4) الروايات مختلفة الألفاظ .
(5) تعقب صاحبا " التحرير " ابن حجر بقولهما : (( قوله : إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري أخذه من قول أحمد الذي تفرّد به حنبل بن إسحاق عنه : كان كثير الخطأ في حديث سفيان وهو قول فيه نظر لأمرين ، الأول : أنّ أبا بكر الأعين قال : سمعت أحمد بن حنبل ، وسألته عن أصحاب سفيان ، قلت له : الزبيري ومعاوية بن هشام أيهما أحب إليك ؟ قال : الزبيري ، قلت له : زيد ابن حباب أو الزبيري ؟ قال : الزبيري .
والثاني : أنّ الشيخين أخرجا له من روايته عن سفيان )) .
قلت : هذا كلام مُعتَرض عليه ، وأنا أتعقبهما من ثلاثة أوجه :
الأول : إنَّ الحافظ لم يقل فيه : (( يخطئ )) بل قلل ذلك فقال : (( قد يخطئ )) ومعلوم أنَّ ( قد ) تفيد التقليل ، ثم إنه أردف هذه الجملة بعد أن قال : (( ثقة ثبت )) فنسبة ما أخطأ فيه مع كثرة روايته قليلة جداً ، ثم إنَّ الحافظ لم يأت بهذا من كيسه ، بل من إمام معتبر عالم بالجرح
والتعديل ، وهو إمام أهل السنة والجماعة أبو عبد الله أحمد بن حنبل .
الثاني : إن الخطأ ثابت في رواية الزبيري عن سفيان ، وإلا لما قال الإمام أحمد ذلك .
ومما أخطأ فيه أبو أحمد الزبيري هذا الحديث الذي نحن بصدده الآن فقد خالف الحفاظ المتقنين ، فليس من المعقول أن يخطئ هؤلاء الحفاظ الجهابذة ويصيب أبو أحمد الزبيري ، لذا نجد أبا حاتم وأبا زرعة الرازيين رجحا رواية الجمع وأشارا إلى خطأ رواية أبي أحمد الزبيري . ومن العجب !! أنّ الدكتور بشاراً في تعليقه على جامع الترمذي رجح ما ذهب إليه أبو حاتم وأبو زرعة والترمذي ، وهو تخطئة أبي أحمد ، فما له في التحرير انتقد ابن حجر في مضمون
ذلك ؟ .
الثالث : قولهما : (( إن الشيخين أخرجا له من روايته عن سفيان )) فيه نظر شديد ، وقد قال الحافظ ابن حجر ، وهو الخبير بصحيح البخاري : (( وما أظنُّ البخاري أخرج له شيئاً من أفراده عن سفيان )) . انظر : " هدي الساري " : 440 – أي أنه لم يخرج له عن سفيان إلا ما توبع عليه على سفيان .
(6) جاء في رواية ابن عساكر مقروناً بـ : (( يحيى وعبد الرحمان )) .
(7) انظر : " تحفة الأشراف " 6/430 قبيل حديث ( 9587 ) .
(8) سقط من المطبوع وأثبتناه من " إتحاف المهرة " 10/474 ( 13219 ) .
(9) وما يدحض هذا الظن أن الترمذي رحمه الله ، قال عقب رواية أبي نعيم : (( ولم يقل فيه ، عن مسروق )) .
(10) وجاء في مطبوع " التفسير " لابن أبي حاتم إسنادٌ آخر هكذا ( ح ) وحدثنا أحمد بن عصام ، عن مسروق ، عن عبد الله . أما أحمد بن عصام ، فقال عنه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 2/23 (119) : (( كتبنا عنه وهو ثقة صدوق )) غير أني لم أقف على روايته عن مسروق والسند عال جداً ، فقد يكون فيه سقط .​
 
هذه الدراسة حسنة لكن من قال ان هذا الحديث هو في تفسير هذه الاية وهل كون النبي صلى الله عليه وسلم قرا الاية بعده يعني انه تفسير لها؟
قضية تحتاج الى نظر
 
بارك الله فيكم يا دكتور ماهر ، وليت هذه الحلقات تستمر .
وأرجو النظر في سلسلة الأخ د. يحيى بن عبدالله على هذا الرابط والتعقيب بما تراه
علل أحاديث التفسير (8)
وما قبلها من حلقات تظهر في توقيع د. يحيى
وفقكم الله لكل خير .​
 
هذه الدراسة حسنة لكن من قال ان هذا الحديث هو في تفسير هذه الاية وهل كون النبي صلى الله عليه وسلم قرا الاية بعده يعني انه تفسير لها؟
قضية تحتاج الى نظر
إذا صح الحديث
(( إنَّ لكلِّ نبيٍّ وُلاةً من النبيينَ ، وإنَّ وليي أبي وخليلي إبراهيم ))
فالذي نفهم منه أن النبي صلى الله عليه وسلم يستشهد بالآية على توكيد ما أخبر به
وليس تفسيرا للآية​
 
هذه الدراسة حسنة لكن من قال ان هذا الحديث هو في تفسير هذه الاية وهل كون النبي صلى الله عليه وسلم قرا الاية بعده يعني انه تفسير لها؟
قضية تحتاج الى نظر
العلماء يعدون هذا تفسيراً , ويستعينون به في بيان المعنى , سواء كان نصاً أو دونه , وكتبهم مليئة بهذا النوع من الاستشهاد .
 
عودة
أعلى