عبد الحميد البطاوي
New member
هدية لإخواني طلاب العلم بحثي
دراسات في المكي والمدني
تحقيق القول فيما استثني من الآيات في السور
عبد الحميد محمود البطاوي
أستاذ بقسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين بالمنوفية
[h=2] الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه آمين.[/h][h=2] أما بعد:-فقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ كتابه الكريم فهو المعجزة الخالدة لخاتم المرسلين ,وتنافس العلماء في خدمته حفظا وتطبيقا, وتعلما وتعليما, وقراءة وتدريسا,وتصدوا لمن حاول أن يشكك فيه أو يحرف في تفسيره,أو يفعل أمرا لا يليق وجلالة القرآن أيا كان هذا الفعل.وبلغ من عنايتهم به وتقديسهم له أننا لا نستطيع أن نحصي المصنفات التي تتصل بهذا الكتاب المبين سواء كانت مخطوطة أو مطبوعة فما بالنا بالمفقودة والتي لم تؤلف بعد.وكان من صور العناية به معرفتهم مكان وزمان نـزول آياته البينات.[/h][h=2]قال العلامة الزركشي: قال أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابورى في كتاب التنبيه على فضل علوم القرآن: من أشرف علوم القرآن علم نـزوله وجهاته وترتيب ما نـزل بمكة ابتداء ووسطا وانتهاء وترتيب ما نـزل بالمدينة كذلك ثم ما نـزل بمكة وحكمه مدني وما نـزل بالمدينة وحكمه مكي وما نـزل بمكة في أهل المدينة وما نـزل بالمدينة في أهل مكة ثم ما يشبه نـزول المكي في المدني وما يشبه نـزول المدني في المكي ثم ما نـزل بالجحفة وما نـزل ببيت المقدس وما نـزل بالطائف وما نـزل بالحديبية ثم ما نـزل ليلا وما نـزل نهارا وما نـزل مشيعا وما نـزل مفردا ثم الآيات المدنيات في السور المكّية والآيات المكّية في السور المدنية ثم ما حمل من مكة إلى المدينة وما حمل من المدينة إلى مكة وما حمل من المدينة إلى أرض الحبشة ثم ما نـزل مجملا وما نـزل مفسرا وما نـزل مرموزا ثم ما اختلفوا فيه فقال بعضهم: مدني هذه خمسة وعشرون وجها من لم يعرفها ويميز بينها لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله تعالى[1].[/h][h=2]قلت وهذا الكلام يحتاج إلى تحقيق ودراسة وبيان.ونخص منه ما له صلة بموضوعنا الذي ذكرناه آنفا والله المستعان وعليه التكلان.فنستعين به سبحانه ونقول:[/h] ما يكتب في بداية تفسير السور في كتب التفسير وكتب علوم القرآن بل وفي طبعات بعض المصاحف الشريفة من ذكر ترتيب نـزول السور وذكر المكي والمدني وما استثنى من الآيات.لا علاقة له بتواتر القرآن الكريم بل فيه ما لا يصح ذكره. فإنها نقلت من كتب علوم القرآن والتفسير من غير تحقيق و لا دراسة فلا يُوثق بشيء من ذلك والأحرى بل الواجب كتابة المصاحف من غير أن يلحق غير القرآن الكريم به,كما أوصى بذلك السلف الصالح .ويمكن أن يكتب كل ذلك في رسالة ويوضح أنها ليست من المصحف, وللأسف فإن كثيرا من طلاب العلم يظنون أن كل ما كتب في المصحف –مثل أسماء السور وذكر المكي والمدني وترتيب النـزول- يظنون أنه من المتواتر،ولو قلت يعتقدون لم أكن مبالغا أقول هذا بعد أن سألت الطلاب بالكلية من أقسام مختلفة وفي عدة سنوات فأجابوا بأن هذا من المتواتر بلا شك!.لذا فإننا نوصي بأن يجرد المصحف مما ليس بقرآن,وذلك من باب سد الذرائع.
هذا وقد ذكر الحافظ السيوطي-في الإتقان- أقوالا شتى في بيان المكي والمدني ظاهرها التعارض والتناقض ولم يرجح الراجح ولم يجمع بين ما يحتمل الجمع ولم يوضح مقصد الرواة من أقوالهم,لمثل ذلك وغيره من الأبحاث التي يكتب فيها ذلك الحافظ المجتهد.نلحظ أن غرضه الأصيل هو الجمع والتحصيل فحسب بل قد يوصف بقصر النفس في التحقيق,بل كان ذلك أحد الأسباب التي تلوح لنا من غمط العلامة الكوثري جهد الحافظ السيوطي في علوم القرآن والتفسير حيث نفى عنه علمه بهما([2]) وقد كان جوادا لا يجاري في هذين العلمين.ولكن سبب هذه الجرأة عليه أن الحافظ السيوطي يذكر كل الأقوال أو جُلها في أغلب ما يذكره من غير تمحيص في كثير من الأحيان مما يكون عُرضة للرد عليه ونقد ما يذكره وعذر السيوطي في ذلك أنه جمع فأوعى وعذر من ينتقده أنه لابد أن يبين الحق من غيره, نصيحة لله ولرسوله ولكتابه وللمسلمين.فيسريِ الرد إلى الحافظ السيوطي بقصد أو بغير قصد وهذا ما نجده في أكثر كتبه في علوم القرآن والتفسير و أحيانا في علوم السنة وهذا لا يقدح في الحافظ السيوطي و لولا فضله و أهمية ما يصنفه ما قصده أحد بنقد أو بنقض ما يقوله ولا عصمة إلا لمن عصمه الله.ذكرنا ذلك الكلام لأن ذلك البحث كأنه تحقيق لمبحث المكي والمدني من مباحث الإتقان بل وهذا ما ذكر في المصحف من ذكر المكي والمدني وما استثنى من الآيات كأنه منقول من تفسير الجلالين وأيضا بعض الروايات التي اعتمد عليها بعض العلماء نجدها في كتابه الحافل لباب النقول.
قال البيهقي في الدلائل في بعض السور التي نـزلت بمكة آيات نـزلت بالمدينة فألُحقت بها قال السيوطي:وكذا قال ابن الحصار. وكل نوع من المكي والمدني منه آيات مستثناة قال إلا أن من الناس من اعتمد في الاستثناء على الاجتهاد دون النقل[3].
ضوابط في دراسة استثناء الآيات
1-من اعتمد في الاستثناء على الاجتهاد دون النقل فإن خالف اجتهاده ما نُقل عن الصحابة أو التابعين من مروايات في أسباب النـزول,أو تحديد مكان نـزولها من نقلهم فنرجح النقل على اجتهاده لأن القول في ذلك مرده إلى النقل,لا الاجتهاد لا سيما وأن من يعتمد على هذا الأمر – نجده قد خالف الراجح.
2- وإذا كان منشأُ الاستثناءَ الاعتمادُ على سبب النـزول, فيُرد إلى معرفة عُرف السلف في بيان أسباب النـزول.قال العلامة القاسمي : إن كل نوع من المكي والمدني منه آيات مستثناة منشؤه الحيرة في المطابقة بين ظاهر ما يتبادر من المأثور في سبب النـزول وبين ما يدل عليه السياق من خلافه وبالوقوف على عُرف السلف يزول الإشكال ويتضح الحال[4].فمثلا هناك حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة فيقع في عبارات السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات,مع أن المراد أنها مما يدخل في معنى الآية, وليس معنى ذلك أننا نرجح أن السور تخلو من هذا الاستثناء وإنما غرضنا التحقيق والترجيح[5].وقال ابن تيمية: قولهم أنـزلت هذه الآية في كذا وكذا يراد به تارة سبب النـزول ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب كما نقول عُني بهذه الآية كذا...قال الزركشي: قد عُرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال نـزلت هذه الآية في كذا فإنه يريد أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نـزولها فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع إنها منه[6].
3- قد تذكر بعض الأقوال من غير سند بل من غير أن تُنسب لصاحبها,فيقال وقيل ولا يذكر مستند من نقل أو سبب اجتهاد من اجتهد, فمصيره الرد والرفض كما قال ابن الحصار
فليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلاف له حظ من النظر[7]
المكي والمدني
وللصلة الوطيدة بين موضوعنا وموضوع المكي والمدني حري بنا أن نتحدث باختصار عن أصل الموضوع أعني المكي والمدني؛كي نلم جميع جزيئيات الدراسة إن شاء الله تعالى فنقول ذكر العلماء في ضابطه ثلاثة اصطلاحات
أحدها وهو المشهور أن المكي ما نـزل قبل الهجرة وإن كان بالمدينة والمدني ما نـزل بعد الهجرة وإن كان بمكة.
الثاني- أن المكي ما نـزل بمكة ولو بعد الهجرة- ويدخل في مكة ضواحيها كالمنـزل بمنى وعرفات والحديبية- والمدني ما نـزل بالمدينة- ويدخل في المدينة ضواحيها كالمنـزل في بدر وأحد-.وهو اصطلاح للبعض لكنه غير جامع فلا يدخل في هذا ما نـزل في أسفار الرسول صلى الله عليه وسلم.
والثالث أن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة وهو كسابقه غير جامع فهناك من القرآن ليس فيه خطاب لأي منهما[8].
بعض علامات كل منهما
حاول بعض العلماء التمييز بين المكي والمدني من سياق السور و الآيات من غير الاعتماد على مروايات يفهم منها ذاك التمييز.فقد قال الجعبرى[9]:لمعرفة المكي والمدني طريقان: سماعي وقياسي فالسماعي ما وصل إلينا نـزوله بأحدهما.والقياسي قال علقمة عن عبد الله كل سورة فيها يأيها الناس فقط أو كلا أو أولها حروف تهجٍ سوى الزهراوين والرعد في وجه أو فيها قصة آدم وإبليس سوى البقرة فهي مكّية وكل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الخالية مكّية وكل سورة فيها فريضة أو حد فهي مدنية.وقال هشام عن أبيه كل سورة ذكرت فيها الحدود والفرائض فهي مدنية وكل ما كان فيه ذكر القرون الماضية فهي مكّية وذكر عن علقمة قال كل شيء نـزل فيه(يأيها الناس)فهو بمكة وكل شيء نـزل فيه (يأيها الذين آمنوا)فهو بالمدينة وهذا مرسل قد أُسند عن عبد الله بن مسعود...وقد نص على هذا القول جماعة من الأئمة منهم أحمد بن حنبل وغيره وبه قال كثير من المفسرين ونقل عن ابن عباس وهذا القول إن أخذ على إطلاقه ففيه نظر...وإن أراد المفسرون أن الغالب ذلك فهو صحيح ولذا قال: مكي هذا إنما هو في الأكثر وليس بعام وفى كثير من السور المكّية(يأيها الذين آمنوا) قلت:ومن الممكن أن يكون المراد بقوله إن السورة التي فيها (يأيها الذين آمنوا) وليس فيها (يأيها الناس )فهي مدنية.وإن السورة التي فيها (يأيها الناس ) وليس فيها(يأيها الذين آمنوا) فهي مكّية
مثل سورة فاطر [10].
قلت هذا لا يُعد ضابطا لمعرفة المكي والمدني بل غايته أنه علامة من علاماته قد تطرد وقد لا تطرد[11] ولعل قول القاضي أبو بكر في الانتصار إنما هذا يرجع لحفظ الصحابة وتابعيهم لعل ذلك أولى .
لذلك نقول كما قال القاضي أبو بكر:... غير أنه لم يكن من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ في ذلك قول ولا ورد عنه أنه قال: اعلموا أن قدر ما نـزل بمكة كذا وبالمدينة كذا وفصًّله لهم ولو كان ذلك منه لظهر وانتشر وإنما لم يفعله أنه لم يؤمر به ولم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة وإن وجب في بعضه على أهل العلم معرفة تاريخ الناسخ والمنسوخ ليعرف الحكم الذي تضمنهما فقد يُعرف ذلك بغير نص الرسول بعينه وقوله هذا هو الأول المكي وهذا هو الآخر المدني وكذلك الصحابة والتابعون من بعدهم لما لم يعتبروا أن من فرائض الدين تفصيل جميع المكي والمدني مما لا يسوغ الجهل به لم تتوفر الدواعي على إخبارهم به ومواصلة ذكره على أسماعهم وأخذهم بمعرفته وإذا كان كذلك ساغ أن يختلف في بعض القرآن هل هو مكي أو مدني وأن يعلموا في القول بذلك ضربا من الرأي والاجتهاد وحينئذ فلم يلزم النقل عنهم ذكر المكي والمدني ولم يجب على من دخل في الإسلام بعد الهجرة أن يعرف كل آية أنـزلت قبل إسلامه مكّية أو مدنية فيجوز أن يقف في ذلك أو يغلب على ظنه أحد الأمرين وإذا كان كذلك بطل ما توهموه من وجوب نقل هذا أو شهرته في الناس ولزوم العلم به لهم ووجوب ارتفاع الخلاف فيه [12].
تحقيق نفيس لولي الله الدهلوي يُعلم منه سبب استثناء بعض الآيات من السور أو ذكر تعدد النـزول:
فقد قال:والذي يظهر من استقراء كلام الصحابة والتابعين أنهم لا يستعملون ( نـزلت في كذا) لمحض قصة كانت في زمنه وهي سبب نـزول الآية بل ربما يذكرون بعض ما صدقت عليه الآية مما كان في زمنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ أو بعده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ ويقولون (نـزلت في كذا) ولا يلزم هناك انطباقُ جميع القيود بل يكفي انطباق أصل الحكم فقط وقد يقررون حادثة تحققت في تلك الأيام المباركة واستنبط النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ حكمها من آية وتلاها في ذلك الباب فيقولون ( نـزلت في كذا ) وربما يقولون:في هذه الصورة: فأنـزل الله قوله كذا فكأنه إشارة إلى استنباطه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ وإلقاؤها في تلك الساعة بخاطره المبارك أيضا نوع من الوحي والنفث في الرُّوع فلذلك يمكن أن يقال : فأنـزلت ، ويمكن أن يعبر في هذه الصورة بتكرار النـزول .. [13]
كما قال -رحمه الله-: وقد تحقق عند الفقير أن الصحابة والتابعين كثيرا ما كانوا يقولون : ( نـزلت الآية في كذا وكذا ) وكان غرضُهم تصوير ما صدقت عليه الآية وذِكر بعض الحوادث التي تشملها الآية بعمومها سواء تقدمت القصة أو تأخرت إسرائيليا كان ذلك أو جاهليا أو إسلاميا استوعبت جميع قيود الآية أو بعضها والله أعلم [14].
[1] البرهان في علوم القرآن 1/192 تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم مكتبة دار التراث القاهرة
[2] فقد كان العلامة الكوثري والعلامة محمد سعيد العرفي رحمهما الله تعالى لا يعترفان للحافظ السيوطي إلا بإتقان علم العربية دون سائر العلوم التي كتب فيها مؤلفات قيمة,يعتبرانها ملخصة من كتب غيره قال المحدث الغماري:وهذا غلو في التعصب ضده... قلت الذي حملهما على ذلك أنهما وجدا المستشرقين ينقلون من كتب السيوطي ثم يذكرون الشبه التي يريدون أن يذيعوها فينسبون القول للسيوطي فذهبا هذان الإمامان إلى أن السبب في ذلك هو السيوطي الذي لم يرد على الأقوال الشاذة الردودة ...*الإحسان في تعقيب الإتقان"لأبي الفضل عبد الله صديق الغماري صـ3-5 الناشر مكتبة القاهرة
[3] دلائل النبوة للبيهقي 7/144, الإتقان 1/38
[4] محاسن التأويل:17/6092 شرح طيبة النشر 6/104
[5] التحرير والتنوير 1/49
( [6] ) البرهان 1/31 ,32 الإتقان 1/86مقدمة محاسن التأويل : 1 / 27
[7] الإتقان 1/29
( [8] ) الإتقان 1 / 23 محاسن التأويل 6 /1788 مناهل العرفان 11/193
[9] الإمام برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري له تقريب المأمول في ترتيب النـزول توفي سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة (كشف الظنون من أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة مصطفى بن عبد الله دار الكتب العلمية بيروت 1/76 طبقات المفسرين للأدنروي 1/440
[10] الاتقان1/22, 48 والبرهان 1/187-189
[11]ومن مساوئ لمستشرقين ومن يستظل بظلهم أنهم قالوا إن نفسية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ قد تغيرت لما هاجر إلى المدينة ويرددون نحو ما ذكرناه - الذي هو مجرد علامات ونرد عليهم بأن القرآن كله من عند الله غاية الأمر أن المكي راعى حال المخاطبين,فتميز بتثبيت العقيدة والترغيب والترهيب ونحو ذلك والمدني تميز بالتشريع ووو ومع ذلك ففي المدني قصص و
وترغيب وترهيب و ما يعين على تثبيت العقيدة وكذا المكي فيه بعض آيات التشريع ( الشبه والرد عليها في مناهل العرفان للزرقاني 1/206-215)
[12] البرهان 1/191،192
( [13] ) مقدمة محاسن التأويل للقاسمي 1 / 27
( [14] ) السابق 1 / 29 ، 30
دراسات في المكي والمدني
تحقيق القول فيما استثني من الآيات في السور
عبد الحميد محمود البطاوي
أستاذ بقسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين بالمنوفية
[h=2] الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه آمين.[/h][h=2] أما بعد:-فقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ كتابه الكريم فهو المعجزة الخالدة لخاتم المرسلين ,وتنافس العلماء في خدمته حفظا وتطبيقا, وتعلما وتعليما, وقراءة وتدريسا,وتصدوا لمن حاول أن يشكك فيه أو يحرف في تفسيره,أو يفعل أمرا لا يليق وجلالة القرآن أيا كان هذا الفعل.وبلغ من عنايتهم به وتقديسهم له أننا لا نستطيع أن نحصي المصنفات التي تتصل بهذا الكتاب المبين سواء كانت مخطوطة أو مطبوعة فما بالنا بالمفقودة والتي لم تؤلف بعد.وكان من صور العناية به معرفتهم مكان وزمان نـزول آياته البينات.[/h][h=2]قال العلامة الزركشي: قال أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابورى في كتاب التنبيه على فضل علوم القرآن: من أشرف علوم القرآن علم نـزوله وجهاته وترتيب ما نـزل بمكة ابتداء ووسطا وانتهاء وترتيب ما نـزل بالمدينة كذلك ثم ما نـزل بمكة وحكمه مدني وما نـزل بالمدينة وحكمه مكي وما نـزل بمكة في أهل المدينة وما نـزل بالمدينة في أهل مكة ثم ما يشبه نـزول المكي في المدني وما يشبه نـزول المدني في المكي ثم ما نـزل بالجحفة وما نـزل ببيت المقدس وما نـزل بالطائف وما نـزل بالحديبية ثم ما نـزل ليلا وما نـزل نهارا وما نـزل مشيعا وما نـزل مفردا ثم الآيات المدنيات في السور المكّية والآيات المكّية في السور المدنية ثم ما حمل من مكة إلى المدينة وما حمل من المدينة إلى مكة وما حمل من المدينة إلى أرض الحبشة ثم ما نـزل مجملا وما نـزل مفسرا وما نـزل مرموزا ثم ما اختلفوا فيه فقال بعضهم: مدني هذه خمسة وعشرون وجها من لم يعرفها ويميز بينها لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله تعالى[1].[/h][h=2]قلت وهذا الكلام يحتاج إلى تحقيق ودراسة وبيان.ونخص منه ما له صلة بموضوعنا الذي ذكرناه آنفا والله المستعان وعليه التكلان.فنستعين به سبحانه ونقول:[/h] ما يكتب في بداية تفسير السور في كتب التفسير وكتب علوم القرآن بل وفي طبعات بعض المصاحف الشريفة من ذكر ترتيب نـزول السور وذكر المكي والمدني وما استثنى من الآيات.لا علاقة له بتواتر القرآن الكريم بل فيه ما لا يصح ذكره. فإنها نقلت من كتب علوم القرآن والتفسير من غير تحقيق و لا دراسة فلا يُوثق بشيء من ذلك والأحرى بل الواجب كتابة المصاحف من غير أن يلحق غير القرآن الكريم به,كما أوصى بذلك السلف الصالح .ويمكن أن يكتب كل ذلك في رسالة ويوضح أنها ليست من المصحف, وللأسف فإن كثيرا من طلاب العلم يظنون أن كل ما كتب في المصحف –مثل أسماء السور وذكر المكي والمدني وترتيب النـزول- يظنون أنه من المتواتر،ولو قلت يعتقدون لم أكن مبالغا أقول هذا بعد أن سألت الطلاب بالكلية من أقسام مختلفة وفي عدة سنوات فأجابوا بأن هذا من المتواتر بلا شك!.لذا فإننا نوصي بأن يجرد المصحف مما ليس بقرآن,وذلك من باب سد الذرائع.
هذا وقد ذكر الحافظ السيوطي-في الإتقان- أقوالا شتى في بيان المكي والمدني ظاهرها التعارض والتناقض ولم يرجح الراجح ولم يجمع بين ما يحتمل الجمع ولم يوضح مقصد الرواة من أقوالهم,لمثل ذلك وغيره من الأبحاث التي يكتب فيها ذلك الحافظ المجتهد.نلحظ أن غرضه الأصيل هو الجمع والتحصيل فحسب بل قد يوصف بقصر النفس في التحقيق,بل كان ذلك أحد الأسباب التي تلوح لنا من غمط العلامة الكوثري جهد الحافظ السيوطي في علوم القرآن والتفسير حيث نفى عنه علمه بهما([2]) وقد كان جوادا لا يجاري في هذين العلمين.ولكن سبب هذه الجرأة عليه أن الحافظ السيوطي يذكر كل الأقوال أو جُلها في أغلب ما يذكره من غير تمحيص في كثير من الأحيان مما يكون عُرضة للرد عليه ونقد ما يذكره وعذر السيوطي في ذلك أنه جمع فأوعى وعذر من ينتقده أنه لابد أن يبين الحق من غيره, نصيحة لله ولرسوله ولكتابه وللمسلمين.فيسريِ الرد إلى الحافظ السيوطي بقصد أو بغير قصد وهذا ما نجده في أكثر كتبه في علوم القرآن والتفسير و أحيانا في علوم السنة وهذا لا يقدح في الحافظ السيوطي و لولا فضله و أهمية ما يصنفه ما قصده أحد بنقد أو بنقض ما يقوله ولا عصمة إلا لمن عصمه الله.ذكرنا ذلك الكلام لأن ذلك البحث كأنه تحقيق لمبحث المكي والمدني من مباحث الإتقان بل وهذا ما ذكر في المصحف من ذكر المكي والمدني وما استثنى من الآيات كأنه منقول من تفسير الجلالين وأيضا بعض الروايات التي اعتمد عليها بعض العلماء نجدها في كتابه الحافل لباب النقول.
قال البيهقي في الدلائل في بعض السور التي نـزلت بمكة آيات نـزلت بالمدينة فألُحقت بها قال السيوطي:وكذا قال ابن الحصار. وكل نوع من المكي والمدني منه آيات مستثناة قال إلا أن من الناس من اعتمد في الاستثناء على الاجتهاد دون النقل[3].
ضوابط في دراسة استثناء الآيات
1-من اعتمد في الاستثناء على الاجتهاد دون النقل فإن خالف اجتهاده ما نُقل عن الصحابة أو التابعين من مروايات في أسباب النـزول,أو تحديد مكان نـزولها من نقلهم فنرجح النقل على اجتهاده لأن القول في ذلك مرده إلى النقل,لا الاجتهاد لا سيما وأن من يعتمد على هذا الأمر – نجده قد خالف الراجح.
2- وإذا كان منشأُ الاستثناءَ الاعتمادُ على سبب النـزول, فيُرد إلى معرفة عُرف السلف في بيان أسباب النـزول.قال العلامة القاسمي : إن كل نوع من المكي والمدني منه آيات مستثناة منشؤه الحيرة في المطابقة بين ظاهر ما يتبادر من المأثور في سبب النـزول وبين ما يدل عليه السياق من خلافه وبالوقوف على عُرف السلف يزول الإشكال ويتضح الحال[4].فمثلا هناك حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة فيقع في عبارات السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات,مع أن المراد أنها مما يدخل في معنى الآية, وليس معنى ذلك أننا نرجح أن السور تخلو من هذا الاستثناء وإنما غرضنا التحقيق والترجيح[5].وقال ابن تيمية: قولهم أنـزلت هذه الآية في كذا وكذا يراد به تارة سبب النـزول ويراد به تارة أن ذلك داخل في الآية وإن لم يكن السبب كما نقول عُني بهذه الآية كذا...قال الزركشي: قد عُرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال نـزلت هذه الآية في كذا فإنه يريد أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نـزولها فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع إنها منه[6].
3- قد تذكر بعض الأقوال من غير سند بل من غير أن تُنسب لصاحبها,فيقال وقيل ولا يذكر مستند من نقل أو سبب اجتهاد من اجتهد, فمصيره الرد والرفض كما قال ابن الحصار
فليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلاف له حظ من النظر[7]
المكي والمدني
وللصلة الوطيدة بين موضوعنا وموضوع المكي والمدني حري بنا أن نتحدث باختصار عن أصل الموضوع أعني المكي والمدني؛كي نلم جميع جزيئيات الدراسة إن شاء الله تعالى فنقول ذكر العلماء في ضابطه ثلاثة اصطلاحات
أحدها وهو المشهور أن المكي ما نـزل قبل الهجرة وإن كان بالمدينة والمدني ما نـزل بعد الهجرة وإن كان بمكة.
الثاني- أن المكي ما نـزل بمكة ولو بعد الهجرة- ويدخل في مكة ضواحيها كالمنـزل بمنى وعرفات والحديبية- والمدني ما نـزل بالمدينة- ويدخل في المدينة ضواحيها كالمنـزل في بدر وأحد-.وهو اصطلاح للبعض لكنه غير جامع فلا يدخل في هذا ما نـزل في أسفار الرسول صلى الله عليه وسلم.
والثالث أن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة وهو كسابقه غير جامع فهناك من القرآن ليس فيه خطاب لأي منهما[8].
بعض علامات كل منهما
حاول بعض العلماء التمييز بين المكي والمدني من سياق السور و الآيات من غير الاعتماد على مروايات يفهم منها ذاك التمييز.فقد قال الجعبرى[9]:لمعرفة المكي والمدني طريقان: سماعي وقياسي فالسماعي ما وصل إلينا نـزوله بأحدهما.والقياسي قال علقمة عن عبد الله كل سورة فيها يأيها الناس فقط أو كلا أو أولها حروف تهجٍ سوى الزهراوين والرعد في وجه أو فيها قصة آدم وإبليس سوى البقرة فهي مكّية وكل سورة فيها قصص الأنبياء والأمم الخالية مكّية وكل سورة فيها فريضة أو حد فهي مدنية.وقال هشام عن أبيه كل سورة ذكرت فيها الحدود والفرائض فهي مدنية وكل ما كان فيه ذكر القرون الماضية فهي مكّية وذكر عن علقمة قال كل شيء نـزل فيه(يأيها الناس)فهو بمكة وكل شيء نـزل فيه (يأيها الذين آمنوا)فهو بالمدينة وهذا مرسل قد أُسند عن عبد الله بن مسعود...وقد نص على هذا القول جماعة من الأئمة منهم أحمد بن حنبل وغيره وبه قال كثير من المفسرين ونقل عن ابن عباس وهذا القول إن أخذ على إطلاقه ففيه نظر...وإن أراد المفسرون أن الغالب ذلك فهو صحيح ولذا قال: مكي هذا إنما هو في الأكثر وليس بعام وفى كثير من السور المكّية(يأيها الذين آمنوا) قلت:ومن الممكن أن يكون المراد بقوله إن السورة التي فيها (يأيها الذين آمنوا) وليس فيها (يأيها الناس )فهي مدنية.وإن السورة التي فيها (يأيها الناس ) وليس فيها(يأيها الذين آمنوا) فهي مكّية
مثل سورة فاطر [10].
قلت هذا لا يُعد ضابطا لمعرفة المكي والمدني بل غايته أنه علامة من علاماته قد تطرد وقد لا تطرد[11] ولعل قول القاضي أبو بكر في الانتصار إنما هذا يرجع لحفظ الصحابة وتابعيهم لعل ذلك أولى .
لذلك نقول كما قال القاضي أبو بكر:... غير أنه لم يكن من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ في ذلك قول ولا ورد عنه أنه قال: اعلموا أن قدر ما نـزل بمكة كذا وبالمدينة كذا وفصًّله لهم ولو كان ذلك منه لظهر وانتشر وإنما لم يفعله أنه لم يؤمر به ولم يجعل الله علم ذلك من فرائض الأمة وإن وجب في بعضه على أهل العلم معرفة تاريخ الناسخ والمنسوخ ليعرف الحكم الذي تضمنهما فقد يُعرف ذلك بغير نص الرسول بعينه وقوله هذا هو الأول المكي وهذا هو الآخر المدني وكذلك الصحابة والتابعون من بعدهم لما لم يعتبروا أن من فرائض الدين تفصيل جميع المكي والمدني مما لا يسوغ الجهل به لم تتوفر الدواعي على إخبارهم به ومواصلة ذكره على أسماعهم وأخذهم بمعرفته وإذا كان كذلك ساغ أن يختلف في بعض القرآن هل هو مكي أو مدني وأن يعلموا في القول بذلك ضربا من الرأي والاجتهاد وحينئذ فلم يلزم النقل عنهم ذكر المكي والمدني ولم يجب على من دخل في الإسلام بعد الهجرة أن يعرف كل آية أنـزلت قبل إسلامه مكّية أو مدنية فيجوز أن يقف في ذلك أو يغلب على ظنه أحد الأمرين وإذا كان كذلك بطل ما توهموه من وجوب نقل هذا أو شهرته في الناس ولزوم العلم به لهم ووجوب ارتفاع الخلاف فيه [12].
تحقيق نفيس لولي الله الدهلوي يُعلم منه سبب استثناء بعض الآيات من السور أو ذكر تعدد النـزول:
فقد قال:والذي يظهر من استقراء كلام الصحابة والتابعين أنهم لا يستعملون ( نـزلت في كذا) لمحض قصة كانت في زمنه وهي سبب نـزول الآية بل ربما يذكرون بعض ما صدقت عليه الآية مما كان في زمنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ أو بعده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ ويقولون (نـزلت في كذا) ولا يلزم هناك انطباقُ جميع القيود بل يكفي انطباق أصل الحكم فقط وقد يقررون حادثة تحققت في تلك الأيام المباركة واستنبط النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ حكمها من آية وتلاها في ذلك الباب فيقولون ( نـزلت في كذا ) وربما يقولون:في هذه الصورة: فأنـزل الله قوله كذا فكأنه إشارة إلى استنباطه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ وإلقاؤها في تلك الساعة بخاطره المبارك أيضا نوع من الوحي والنفث في الرُّوع فلذلك يمكن أن يقال : فأنـزلت ، ويمكن أن يعبر في هذه الصورة بتكرار النـزول .. [13]
كما قال -رحمه الله-: وقد تحقق عند الفقير أن الصحابة والتابعين كثيرا ما كانوا يقولون : ( نـزلت الآية في كذا وكذا ) وكان غرضُهم تصوير ما صدقت عليه الآية وذِكر بعض الحوادث التي تشملها الآية بعمومها سواء تقدمت القصة أو تأخرت إسرائيليا كان ذلك أو جاهليا أو إسلاميا استوعبت جميع قيود الآية أو بعضها والله أعلم [14].
[1] البرهان في علوم القرآن 1/192 تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم مكتبة دار التراث القاهرة
[2] فقد كان العلامة الكوثري والعلامة محمد سعيد العرفي رحمهما الله تعالى لا يعترفان للحافظ السيوطي إلا بإتقان علم العربية دون سائر العلوم التي كتب فيها مؤلفات قيمة,يعتبرانها ملخصة من كتب غيره قال المحدث الغماري:وهذا غلو في التعصب ضده... قلت الذي حملهما على ذلك أنهما وجدا المستشرقين ينقلون من كتب السيوطي ثم يذكرون الشبه التي يريدون أن يذيعوها فينسبون القول للسيوطي فذهبا هذان الإمامان إلى أن السبب في ذلك هو السيوطي الذي لم يرد على الأقوال الشاذة الردودة ...*الإحسان في تعقيب الإتقان"لأبي الفضل عبد الله صديق الغماري صـ3-5 الناشر مكتبة القاهرة
[3] دلائل النبوة للبيهقي 7/144, الإتقان 1/38
[4] محاسن التأويل:17/6092 شرح طيبة النشر 6/104
[5] التحرير والتنوير 1/49
( [6] ) البرهان 1/31 ,32 الإتقان 1/86مقدمة محاسن التأويل : 1 / 27
[7] الإتقان 1/29
( [8] ) الإتقان 1 / 23 محاسن التأويل 6 /1788 مناهل العرفان 11/193
[9] الإمام برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري له تقريب المأمول في ترتيب النـزول توفي سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة (كشف الظنون من أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة مصطفى بن عبد الله دار الكتب العلمية بيروت 1/76 طبقات المفسرين للأدنروي 1/440
[10] الاتقان1/22, 48 والبرهان 1/187-189
[11]ومن مساوئ لمستشرقين ومن يستظل بظلهم أنهم قالوا إن نفسية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ قد تغيرت لما هاجر إلى المدينة ويرددون نحو ما ذكرناه - الذي هو مجرد علامات ونرد عليهم بأن القرآن كله من عند الله غاية الأمر أن المكي راعى حال المخاطبين,فتميز بتثبيت العقيدة والترغيب والترهيب ونحو ذلك والمدني تميز بالتشريع ووو ومع ذلك ففي المدني قصص و
وترغيب وترهيب و ما يعين على تثبيت العقيدة وكذا المكي فيه بعض آيات التشريع ( الشبه والرد عليها في مناهل العرفان للزرقاني 1/206-215)
[12] البرهان 1/191،192
( [13] ) مقدمة محاسن التأويل للقاسمي 1 / 27
( [14] ) السابق 1 / 29 ، 30