خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
من أهم أعمال يوم القيامة ....
قوله تعالى في سورة الواقعة :{ إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3)}

قال الطبري رحمه الله في تفسيره:
قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ} وَ {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ} وَ {الْوَاقِعَةُ} وَ {الطَّامَّةُ} وَ {الصَّاخَّةُ} قَالَ : هَذَا كُلُّهُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ السَّاعَةُ ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ : {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} وَالْخَافِضَةُ مِنْ هَؤُلاَءِ أَيْضًا خَفَضَتْ أَهْلَ النَّارِ ، وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا أَخْفَضَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَلاَ أَذَلَّ وَلاَ أَخْزَى ؛ وَرَفَعَتْ أَهْلَ الْجَنَّةِ ، وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا أَشْرَفَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلاَ أَكْرَمَ.

قال القرطبي رحمه الله :
قَالَ قَتَادَةُ: خَفَضَتْ أَقْوَامًا فِي عَذَابِ اللَّهِ، وَرَفَعَتْ أَقْوَامًا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: خَفَضَتْ أَعْدَاءَ اللَّهِ فِي النَّارِ، وَرَفَعَتْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: خَفَضَتْ أَقْوَامًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا مَرْفُوعِينَ، وَرَفَعَتْ أَقْوَامًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا مَخْفُوضِينَ. وَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: خَفَضَتْ أَقْوَامًا بِالْعَدْلِ، وَرَفَعَتْ آخَرِينَ بِالْفَضْلِ.
 
قال أبو السعود رحمه الله "

وقوله تعالى : { خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ } خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ أيْ هيَ خافضةٌ لأقوامٍ رافعةٌ لآخرينَ وهو تقريرٌ لعظمتِها وتهويلٌ لأمرِها ، فإنَّ الوقائعَ العظامِ شأنُها كذلكَ ، أو بيانٌ لمَا يكونُ يومئذٍ من حطِّ الأشقياءِ إلى الدركاتِ ، ورفعِ السعداءِ إلى الدرجاتِ ، ومن زلزلةِ الأشياءِ وإزالةِ الأجرامِ عن مقارِّها بنثرِ الكواكبِ وإسقاطِ السماءِ كسفاً وتسييرِ الجبالِ في الجوِّ كالسحابِ . وتقديمُ الخفضِ على الرفعِ للتشديدِ في التهويل .
 
قال العثيمين رحمه الله :
ولكن من الذي يُرفع؟ قال الله - عز وجل -: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}
فأهل العلم والإيمان هم الذين لهم الرفعة في الدنيا والآخرة، ومن سواهم فإنهم موضوعون بحسب بعدهم عن الإيمان والعلم، وتخفض أهل الجهل والعصيان، وكم من إنسان في الدنيا رفيع الجاه، معظم عند الناس يكون يوم القيامة من أحقر عباد الله، والجبارون المتكبرون يحشرون يوم القيامة كأمثال الذر يطؤهم الناس بأقدامهم ، مع أنهم في الدنيا متبخترون مستكبرون عالون على عباد الله، لكنهم يوم القيامة موضوعون مهينون قد أخزاهم الله - عز وجل .
 
قال في التحرير والتنوير :
أَيْ هِيَ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ، أَيْ يَحْصُلُ عِنْدَهَا خَفْضُ أَقْوَامٍ كَانُوا مُرْتَفِعِينَ وَرَفْعُ أَقْوَامٍ كَانُوا مُنْخَفَضَيْنِ وَذَلِكَ بِخَفْضِ الْجَبَابِرَةِ وَالْمُفْسِدِينَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا فِي رِفْعَةٍ وَسِيَادَةٍ، وَبِرَفْعِ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا لَا يعبأون بِأَكْثَرِهِمْ، وَهِيَ أَيْضًا خَافِضَةُ جِهَاتٍ كَانَتْ مُرْتَفِعَةً كَالْجِبَالِ وَالصَّوَامِعِ، رَافِعَةُ مَا كَانَ مُنْخَفِضًا بِسَبَبِ الْاِنْقِلَابِ بِالرَّجَّاتِ الْأَرْضِيَّةِ.
 
وبعد هذا العرض :
يجب أن يخاف كل مُرتفع في غير حق على نفسه ...وأن ينتظرَ الرفعةَ كلُ مخفوض في الدنيا طالما قد أدى ما عليه .......
 
قال ابن القيم رحمه الله في عدة الصابرين –في مسألة الصبر والشكر – وهي لفتة عزيزة :

والتحقيق أن يقال أفضلهما أتقاهما لله تعالى - فإن فرض استوائهما فى التقوى استويا في الفضل- فإن الله سبحانه لم يُفضل بالفقر والغِنى كما لم يُفضل بالعافية والبلاء, وإنما فضَّل بالتقوى كما قال تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وقد قال عليه الصلاة والسلام :{ لا فضلَ لعربي على عجمي ولا فضل لعجمي على عربي إلا بالتقوى الناس من آدم وآدم من تراب }.
والتقوى مَبنيه على أصلين الصبر والشكر وكل من الغَنى والفقير لا بد له منهما فمن كان صبرُه وشكرُه أتم كان أفضل.
فإن قيل فاذا كان صبرُ الفقير أتم وشكر الغنى أتم فأيهما أفضل؟.
قيل أتقاهما لله في وظيفته ومقتضى حاله ولا يصح التفضيل بغير هذا ألبته - فإن الغَنى قد يكون أتقى لله في شكره من الفقير في صبره ,وقد يكون الفقيرُ أتقى لله في صبره من الغنى في شكره - فلا يصح أن يُقال هذا بغناه أفضل ولا هذا بفقره أفضل , ولا يصح أن يقال هذا بالشكر أفضل من هذا بالصبر ولا بالعكس - لأنهما مطيتانِ للإيمان لا بد منهما - بل الواجب أن يُقال أقومهما بالواجب والمندوب هو الافضل فإن التفضيلَ تابعٌ لهذين الأمرين.
 
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: «إِن الله يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» . رَوَاهُ مُسلم
قال الطبري رحمه الله في تفسيره:
قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ} وَ {الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ} وَ {الْوَاقِعَةُ} وَ {الطَّامَّةُ} وَ {الصَّاخَّةُ} قَالَ : هَذَا كُلُّهُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ السَّاعَةُ ، وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ : {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} وَالْخَافِضَةُ مِنْ هَؤُلاَءِ أَيْضًا خَفَضَتْ أَهْلَ النَّارِ ، وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا أَخْفَضَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَلاَ أَذَلَّ وَلاَ أَخْزَى ؛ وَرَفَعَتْ أَهْلَ الْجَنَّةِ ، وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا أَشْرَفَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَلاَ أَكْرَمَ.
 
عودة
أعلى