د محمد الجبالي
Well-known member
خلق..
فطر..
جعل..
ما الفرق بينها؟
بعد بحث طويل ونظر وجدتُ اختلافا واسعا في التفريق بين معاني وتأويل هذه الأفعال الثلاثة.
وأرى أن السبب في اختلاف وجهات النظر في تفسير هذه الأفعال يرجع إلى اتساع معاني بعضها بحيث يمكن أن يحل محل الآخر؛
حيث إن (خلق) يمكن أن تحل محل: (فطر، وجعل).
و(فطر) يمكن أن تحل محل: (خلق)
أما (جعل) فلا يصح أن تحل محل: (خلق أو فطر).
وإليكم وجهة نظري في بيان الفرق بين معاني الأفعال الثلاثة:
(خلق): بمعنى إيجاد الشيء.
وهو فعل خاص بالله عز وجل، فلا يُسْنَدُ إلى بَشَر، ولا يُنْسَبُ لغير الله.
وقال البعض: الخلق هو إيجاد شيء مَعدوم من شيء موجود، مثل قول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ).
وأرى أن هذا القول مَردود؛ لأن (خَلَقَ) في قول الله تعالى: (خَلَقَ السَّمَواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ) تعنى إيجاد شيء مَعدوم من عَدَم، لأن السموات خُلِقَت من عَدَم، وهذا يَرُدُّ قول القائلين بأن الخلق: إيجاد معدوم من موجود.
(فَطَر): فطر الشيء أي أَوْجَدَه ابتداء.
قال الله تعالى: (ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوَ اتِ وَٱلۡأَرۡضِ)[سورة فاطر1]
وقد تأتي (خَلَق) بمعنى (فَطَر)
يصح ذلك في حالة واحدة، وهي إذا كانت (خَلَقَ) بمعنى إيجاد الشيء من عدم ابتداء.
كما في قول الله تعالى: (ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ اتِ وَٱلۡأَرۡضَ)
[سورة الأنعام1]
أما (جعل): فهذا الفعل يأتي بعد الخلق، فهو يقع في شيء موجود، ويكون أثره في هيئة الشيء ووظيفته.
مثل قول الله تعالى: (أَلَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ عَیۡنَیۡنِ، وَلِسَانࣰا وَشَفَتَیۡنِ).
وقوله تعالى: (وَهُوَ ٱلَّذِی خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَاۤءِ بَشَرࣰا فَجَعَلَهُۥ نَسَبࣰا وَصِهۡرࣰاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِیرࣰا)[الفرقان 54]
فالجَعْل يكون في الهيئة والوظيفة، والجَعْلُ يُعَدُّ جزءا من الخلق فهو بعضه.
وقد تأتي (خَلَقَ) بمعنى (جَعَلَ)
ويظهر ذلك جَلِيّا في قول الله تعالى:
(خُلِقَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مِنۡ عَجَلࣲۚ) [الأنبياء37]
العَجَل صفة وطبيعة في الإنسان أي هو عَجُول أي أنه جُعِلَ كذلك، فهو لم يُخْلَق من عَجَلّ، بل إن العَجَلَ وقِلَّةَ الصبر صفة مُرَكَّبَة في الإنسان، والعرب تقول لمن يكثر فيه طَبْعٌ ما: خُلِقَ منه.
ومثل ذلك قول الله تعالى: (إِنَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا)[المعارج19]
والله أعلم
د. محمد الجبالي
فطر..
جعل..
ما الفرق بينها؟
بعد بحث طويل ونظر وجدتُ اختلافا واسعا في التفريق بين معاني وتأويل هذه الأفعال الثلاثة.
وأرى أن السبب في اختلاف وجهات النظر في تفسير هذه الأفعال يرجع إلى اتساع معاني بعضها بحيث يمكن أن يحل محل الآخر؛
حيث إن (خلق) يمكن أن تحل محل: (فطر، وجعل).
و(فطر) يمكن أن تحل محل: (خلق)
أما (جعل) فلا يصح أن تحل محل: (خلق أو فطر).
وإليكم وجهة نظري في بيان الفرق بين معاني الأفعال الثلاثة:
(خلق): بمعنى إيجاد الشيء.
وهو فعل خاص بالله عز وجل، فلا يُسْنَدُ إلى بَشَر، ولا يُنْسَبُ لغير الله.
وقال البعض: الخلق هو إيجاد شيء مَعدوم من شيء موجود، مثل قول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ).
وأرى أن هذا القول مَردود؛ لأن (خَلَقَ) في قول الله تعالى: (خَلَقَ السَّمَواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ) تعنى إيجاد شيء مَعدوم من عَدَم، لأن السموات خُلِقَت من عَدَم، وهذا يَرُدُّ قول القائلين بأن الخلق: إيجاد معدوم من موجود.
(فَطَر): فطر الشيء أي أَوْجَدَه ابتداء.
قال الله تعالى: (ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوَ اتِ وَٱلۡأَرۡضِ)[سورة فاطر1]
وقد تأتي (خَلَق) بمعنى (فَطَر)
يصح ذلك في حالة واحدة، وهي إذا كانت (خَلَقَ) بمعنى إيجاد الشيء من عدم ابتداء.
كما في قول الله تعالى: (ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ اتِ وَٱلۡأَرۡضَ)
[سورة الأنعام1]
أما (جعل): فهذا الفعل يأتي بعد الخلق، فهو يقع في شيء موجود، ويكون أثره في هيئة الشيء ووظيفته.
مثل قول الله تعالى: (أَلَمۡ نَجۡعَل لَّهُۥ عَیۡنَیۡنِ، وَلِسَانࣰا وَشَفَتَیۡنِ).
وقوله تعالى: (وَهُوَ ٱلَّذِی خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَاۤءِ بَشَرࣰا فَجَعَلَهُۥ نَسَبࣰا وَصِهۡرࣰاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِیرࣰا)[الفرقان 54]
فالجَعْل يكون في الهيئة والوظيفة، والجَعْلُ يُعَدُّ جزءا من الخلق فهو بعضه.
وقد تأتي (خَلَقَ) بمعنى (جَعَلَ)
ويظهر ذلك جَلِيّا في قول الله تعالى:
(خُلِقَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مِنۡ عَجَلࣲۚ) [الأنبياء37]
العَجَل صفة وطبيعة في الإنسان أي هو عَجُول أي أنه جُعِلَ كذلك، فهو لم يُخْلَق من عَجَلّ، بل إن العَجَلَ وقِلَّةَ الصبر صفة مُرَكَّبَة في الإنسان، والعرب تقول لمن يكثر فيه طَبْعٌ ما: خُلِقَ منه.
ومثل ذلك قول الله تعالى: (إِنَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا)[المعارج19]
والله أعلم
د. محمد الجبالي