محمد محمود إبراهيم عطية
Member
الثقافة في اللغة من ثقف بضم القاف وكسرها،يقال: ثقُف الرجل يثقُفُ ثقافةً وثُقوفةً ، فهو ثَقُفٌ وثقيف ؛ وثقِف يثقِفُ ثَقَفًا ، فهو ثَقِفٌ ؛ فثَقِفٌ وثَقُفٌ حاذِقٌ فَهِم ؛ قال ابن السكيت : رجل ثَقْفٌ لَقْفٌ إذا كان ضابِطًا لما يَحْوِيه قائمًا به ، ويقال : ثَقِفَ الشيءَ وهو سُرعةُ التعلم ، قال ابن دريد : ثَقِفْتُ الشيءَ حَذَقْتُه ، وثَقِفْتُه إذا ظَفِرْتَ به ، قال الله تعالى : ]فإِمَّا تَثْقَفَنَّهم في الحَرْبِ[ [ الأنفال : 57 ] ؛ وثَقُفَ الرجلُ ثَقافةً ، أي : صار حاذِقًا خفيفًا ، مثل ضَخُم فهو ضَخْمٌ ؛ وثَقِفَ - أَيضًا - ثَقَفًا مثل تَعِبَ تَعَبًا ، أَي : صار حاذِقًا فَطِنًا ، فهو ثَقِفٌ وثَقُفٌ مثل حَذِرٍ وحَذُرٍ ؛ وفي حديث الهجرة : يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ ( [1] ) ، أَي : ذو فِطْنةٍ وذَكاء ، والمراد أَنه ثابت المعرفة بما يُحتاجُ إليه ؛ وقال الزمخشري : ومن المجاز : أَدَّبَهُ وثَقَّفَهُ ؛ ولولا تثقيفك وتوقيفك لما كنتُ شيئًا ؛ وهل تهذبتُ وتثقفتُ إلا على يدك ؟ .ا.هـ ( [2] ) .
وفي ( الوسيط ) : الثقافة : العلوم والمعارف والفنون التي يُطلب الحذق فيها ( [3] ).
أما التعريف الاصطلاحي فالثقافة مصطلح حديث شاع استخدامه ، وهو كشأن المصطلحات الحديثة لا ينضبط بحد جامع مانع حتى يتصور المراد منه تصورًا حقيقيًّا ؛ فالحكم على الشيء فرع عن تصوره ؛ ولذا فقد تعددت الأقوال في تعريف الثقافة حتى زادت على المائة والخمسين .
لكنْ يمكن من خلال التعريف اللغوي السابق أن نقول : إذا كان المراد بالثقف أَنه ثابت المعرفة بما يُحتاجُ إليه ؛ فالثقافة هي : الحِذْق المعرفي لما يُحتاج في ممارسة الحياة ؛ وهي تتناول مجموع ما يحتاج إليه المرء في حياته من العلوم والفنون التي يكون حاذقا فيها ليمارس الحياة على نحو جيد .
وتنطوي الثقافة على اكتساب زاد ضخم من الاعتقاد والمعرفة ، وعلى منظومة من القيم ، ووسائل اتصال ( اللغة ، المطالعات ، الكتابات ) وأدوات عمل معينة ، وأفكار وأعمال مصاحبة ، ويمكن لكل هذا أن يكتمل ويرتقى بتربية متخصصة تدريجيًّا ، وتدريب يسمح باكتساب الخبرة والممارسة .
على ضوء ما تقدم يمكن أن يتضح المراد بثقافة الخطيب ؛ فهي : الحِذْق المعرفي لما يحتاج إليه الخطيب في ممارسة الخطابة على نحو جيد .
فالخطيب الناجح المؤثر هو الذي تأصل بالعلم الشرعي ، وفهم قضايا الإسلام ، واستوعب مقاصده ، ووقف على تاريخه ، وأَلَمَّ معرفةً بعصره ، وأحاط بقضايا ومشكلات مستمعيه ، فصاغ في خطبته المشكلة والعلاج ، من خلال هذه الثقافة الجامعة لأطراف القضية .
وهو الداعية الذي يعرف أخبار أمته فيقوم بإعدادها ، وتبسيطها ، وصياغة عرضها ، إلى خليط من الناس متفاوتي الثقافات مختلفي المشارب ؛ فهو من يدرك آلام أمته وآمالها ، فيخفف الآلام ، ويمسح الجراح ، ويشخص الداء ، ويصف الدواء ، ويبث الآمال في النفوس ، ويرتقي بها نحو آفاق رحبة عالية .
الخطيب الناجح هو لسانأمتهالمعبر،وترجمانهاالمؤثر،وقلبهاالنابض،وشريانهاالمتدفق، بل هو روح جديدة تسرى في نبضاتها وشرايينها وأبنيتها وكل مؤسساتها.
هو ذلك المصلح الذي يستلهم الحَدَث ليربي به تلك الجموع الغفيرة التي قدمت إليه ، وانساقت له ، ورغبت فيه ، فلا يمكن أن يمر حدث على الخطيب الناجح دون حسٍّ تربوي مؤثر ، أو موعظة بليغة ، أو ربط جيد بالآخرة ، أو استنفار وبعث بالأمل بامتداد أنفاس الحياة ، والتهوين من أمر الدنيا .
إن الخطيب الناجح المؤثر ، معلمُ حقٍّ ، ومربٍّ ناصح ، وطبيبحاذق،ومصلحنافع؛ إنه إشراقة أمل ، وفأل حسن ، وبوابة نجاة .
[1] - رواه البخاري ( 3906 ) .
[2] - انظر لسان العرب باب الفاء فصل الثاء ؛ وأساس البلاغة للزمخشري ، والنهاية في غريب الحديث مادة ( ث ق ف ) .
[3] - المعجم الوسيط - مجمع اللغة العربية ، دار المعارف ط3 ، مادة ( ث ق ف ) : 1 / 102 .
وفي ( الوسيط ) : الثقافة : العلوم والمعارف والفنون التي يُطلب الحذق فيها ( [3] ).
أما التعريف الاصطلاحي فالثقافة مصطلح حديث شاع استخدامه ، وهو كشأن المصطلحات الحديثة لا ينضبط بحد جامع مانع حتى يتصور المراد منه تصورًا حقيقيًّا ؛ فالحكم على الشيء فرع عن تصوره ؛ ولذا فقد تعددت الأقوال في تعريف الثقافة حتى زادت على المائة والخمسين .
لكنْ يمكن من خلال التعريف اللغوي السابق أن نقول : إذا كان المراد بالثقف أَنه ثابت المعرفة بما يُحتاجُ إليه ؛ فالثقافة هي : الحِذْق المعرفي لما يُحتاج في ممارسة الحياة ؛ وهي تتناول مجموع ما يحتاج إليه المرء في حياته من العلوم والفنون التي يكون حاذقا فيها ليمارس الحياة على نحو جيد .
وتنطوي الثقافة على اكتساب زاد ضخم من الاعتقاد والمعرفة ، وعلى منظومة من القيم ، ووسائل اتصال ( اللغة ، المطالعات ، الكتابات ) وأدوات عمل معينة ، وأفكار وأعمال مصاحبة ، ويمكن لكل هذا أن يكتمل ويرتقى بتربية متخصصة تدريجيًّا ، وتدريب يسمح باكتساب الخبرة والممارسة .
المراد بثقافة الخطيب
على ضوء ما تقدم يمكن أن يتضح المراد بثقافة الخطيب ؛ فهي : الحِذْق المعرفي لما يحتاج إليه الخطيب في ممارسة الخطابة على نحو جيد .
فالخطيب الناجح المؤثر هو الذي تأصل بالعلم الشرعي ، وفهم قضايا الإسلام ، واستوعب مقاصده ، ووقف على تاريخه ، وأَلَمَّ معرفةً بعصره ، وأحاط بقضايا ومشكلات مستمعيه ، فصاغ في خطبته المشكلة والعلاج ، من خلال هذه الثقافة الجامعة لأطراف القضية .
وهو الداعية الذي يعرف أخبار أمته فيقوم بإعدادها ، وتبسيطها ، وصياغة عرضها ، إلى خليط من الناس متفاوتي الثقافات مختلفي المشارب ؛ فهو من يدرك آلام أمته وآمالها ، فيخفف الآلام ، ويمسح الجراح ، ويشخص الداء ، ويصف الدواء ، ويبث الآمال في النفوس ، ويرتقي بها نحو آفاق رحبة عالية .
الخطيب الناجح هو لسانأمتهالمعبر،وترجمانهاالمؤثر،وقلبهاالنابض،وشريانهاالمتدفق، بل هو روح جديدة تسرى في نبضاتها وشرايينها وأبنيتها وكل مؤسساتها.
هو ذلك المصلح الذي يستلهم الحَدَث ليربي به تلك الجموع الغفيرة التي قدمت إليه ، وانساقت له ، ورغبت فيه ، فلا يمكن أن يمر حدث على الخطيب الناجح دون حسٍّ تربوي مؤثر ، أو موعظة بليغة ، أو ربط جيد بالآخرة ، أو استنفار وبعث بالأمل بامتداد أنفاس الحياة ، والتهوين من أمر الدنيا .
إن الخطيب الناجح المؤثر ، معلمُ حقٍّ ، ومربٍّ ناصح ، وطبيبحاذق،ومصلحنافع؛ إنه إشراقة أمل ، وفأل حسن ، وبوابة نجاة .
[1] - رواه البخاري ( 3906 ) .
[2] - انظر لسان العرب باب الفاء فصل الثاء ؛ وأساس البلاغة للزمخشري ، والنهاية في غريب الحديث مادة ( ث ق ف ) .
[3] - المعجم الوسيط - مجمع اللغة العربية ، دار المعارف ط3 ، مادة ( ث ق ف ) : 1 / 102 .