أبو سليمان البدراني
New member
- إنضم
- 01/02/2005
- المشاركات
- 22
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
الإخوة و المشايخ الكرام أسعدهم الله بطاعته أستأذنكم في أن أنشر مشاركة لي سبق أن نشرت قبل أشهر في ملتقى أهل الحديث ...
الحمد لله رب العالمين ، و صلى و سلم على المبعوث رحمة للعالمين ، و على آله و صحبه أجمعين ، أما بعد :
فإن تدبر القرآن هو غاية ما يحرص على تحصيله الموفقون من عباد الله منه ، و ذلك لما يترتب على تحقيقه من غايات حميدة ، و فوائد عزيزة ، و عوائد نبيلة . يجدها من سلك هذا الطريق ...
و هذه خطوات تعين – بإذن الله – على تدبر القران الكريم ، و النهل من معينه الصافي ، و هي أشارت مختصرة ، في عبارات موجزة ، أسأل الله التوفيق فيها للصواب ، و إلى الخطوات :
1- استشعار أهمية تدبر القرآن ، و أنه من أجل غايات إنزاله ، و يحصل هذا من أمور ؛ منها إدراك السر الذي لأجله جاء الحث على تدبر القرآن في غير ما موضع ، قال تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا ) : [النساء82] ، و قال : (أفلم يدبروا القول ) : [المؤمنون 68] ، و قال : (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولو الألباب ) : [ص 29] ، و قال : (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) :[محمد 24] ، و الكلام على هذه المواضع يطول ، لكن تأمل في الآية الأخيرة منها : تجد أن الله – تبارك و تعالى – حصر الناس في قسمين : إما متدبر للقرآن – على طاقته – أو أن على قلبه قفل ! و العياذ بالله . ثم انظر في الموضع الذي قبله تجد أن الله – تبارك و تعالى – علل إنزال القرآن بأمرين : أولهما تدبره ، و ثانيهما ما يحصل لأولي العقول من تذكر به ، و هو إنما ينشأ عن التدبر ، فعاد الأمر إلى التدبر .
ومما يعين على استشعار أهمية التدبر ، أن يعلم أن لا يمكن له الوقوف على كنوز القرآن إلا بسلوكه هذا الطريق ، فبقدر ما يمن الله عليه من تدبر كتابه يكون وقوفه على كنوزه ، و ظفره بها ، و أي كنوز أحق من أن يبذل في نيلها نفيس أوقات العمر من كنوز القرآن ، و ما الأمر إلا كما قال الإمام ابن القيم – رحمه الله – في المدارج : " سبحان الله ! ماذا حرم المعرضون عن نصوص الوحي واقتباس العلم من مشكاته من كنوز الذخائر ؟ وماذا فاتهم من حياة القلوب واستنارة البصائر ؟ " : [1/22] ، و من أعجب العجب أن ترى بعض المنتسبين للعلم يبذلون نفائس من أوقاتهم في تحصيل علوم أن لم تضرهم قل ما تنفعهم في حين يعرضون عن كنوز القرآن ، و ينبغي للموفق أن يسأل الله الهداية ، و يستعيذه من الحرمان ، و رحم الله ابن القيم حين قال في نونيته :
فتدبر القرآن إن رمت الهدى فالعلم تحت تدبر القرآن
فما أعظم العجب ممن يطلب العلم ، و لا يطلبه من كنوز القرآن و السنة ... ، و إذا علم الموفق عظيم ما يطلب استرخص فيه ما يبذل ... ، و تأمل هذه المعاني يتجلى لك عظيم حرمان من أعرض عن تدبر القرآن بالشكل المطلوب .
و مما يعين على إدراك أهمية التدبر أن يستشعر العبد عظيم العلوم و المعارف التي يتحصل عليها بالتدبر ، و أنت ترى هذا جلياً في العلماء الذين أولوا هذا الأمر عناية هامة ، كشيخ الإسلام – رحمه الله – و غيره .
2- بعد استشعار أهمية تدبر القرآن ؛ ينبغي لمن أراد التدبر أن يعلم أن من أعظم ما يستغل به الوقت ، و من أعظم ما ينال به العلم هو التدبر ، و من العجب أن ترى بعض طلبة العلم يظنون أن بذل الوقت في التدبر معيق عن التحصيل الجيد !
3- أن يبذل في التدبر نفيس وقته ، و من رام الوقوف على كنوز القرآن بجعله تدبر القرآن في أوقات الإرهاق و نحوها ، فقد أخطأ الطريق ، بل ينبغي أن يجعل ساعة التدبر و التأمل في القرآن في الوقت الذي ينشط فيه عقله ، و تفارقه الصوارف ، ثم يكون مستحضرا لهذا في باقي وقته ... و لهذا من جرب التأمل في القرآن في الاعتكاف لما يحصل فيه من انفراد القلب بالقرآن و خلوه عن الصوارف ؛ فإنه يقف على كنوز و علوم لم تكن تخطر على باله من قبل ، و لذلك ربما وجدت أن كثيرا من التأملات اللطيفة في القرآن التي يذكرها بعض أهل العلم حصلت لهم في أوقات الخلوة من سجنٍ ، و غيره ...
4- أن يعلم أنه ليس من حرف في القرآن فأكثر إلا و في ذكره فائدة أدركها من أدركها ، و حرمها من حرمها ؛ فالفوائد تأخذ منه بأنواع الدلالات الثلاث : المطابقة ، و التضمن ، و الإلتزام ، و هذا لا يوجد في كلامٍ سواه ، إلا ما ثبت بحروفه من كلام النبي – صلى الله عليه و سلم – لعصمته ، و إنك لتعجب من أناس يتعمقون في فهم دلالات ألفاظ البشر تعمقاً لا يفعلونه مع القرآن الكريم ! و إذا استحضر المتدبر هذا الملحوظ انفتح له باب واسع في التدبر ...
5- أن يستشعر حال قراءته للقرآن الكريم أنه وحده المخاطب به ، وأنه وحده المعني به ، فما ظنك بمن هذه حاله حين قراءة القرآن الكريم ! لا شك أنه سيقرؤه قراءة متدبر متأمل ، و عليه فإنه سيتعظ بقصصه ، و يأتمر بأوامره ، و ينتهي عن نواهيه و يتأدب بآدابه و ينهل من معينه . و العجب كل العجب مِن مَن بين يديه كلام ملك الأملاك ثم ينشغل عنه بكلام مماليكه ! و لا شك أن من استحضر هذه النكتة سيقف على كنوز عظيمة إذا صحت له النية ...
5- أن يسجل المتدبر في دفتره نفيس ما يحصل له من استنباط من خلال تدبره ، فإنه سيغتبط به ، و عليه أن يعرضها على كلام أهل العلم ، فربما رأى من وافقه فيحمد الله على فضله ، أو يقف على من نبه على خطأ استنباطه ، فيستفيد منه ، و كذلك يذاكر بها أقرانه من المعتنين بهذا الجانب ...
و بعد فهذه إشارات على طريق التدبر أستغفر الله من ما كان بها من زلل ، و الله المستعان ، و عليه التكلان ، و الحمدلله رب العالمين
ملاحضة : المأمل من الإخوة إثراء هذا الموضوع الهام ...
الحمد لله رب العالمين ، و صلى و سلم على المبعوث رحمة للعالمين ، و على آله و صحبه أجمعين ، أما بعد :
فإن تدبر القرآن هو غاية ما يحرص على تحصيله الموفقون من عباد الله منه ، و ذلك لما يترتب على تحقيقه من غايات حميدة ، و فوائد عزيزة ، و عوائد نبيلة . يجدها من سلك هذا الطريق ...
و هذه خطوات تعين – بإذن الله – على تدبر القران الكريم ، و النهل من معينه الصافي ، و هي أشارت مختصرة ، في عبارات موجزة ، أسأل الله التوفيق فيها للصواب ، و إلى الخطوات :
1- استشعار أهمية تدبر القرآن ، و أنه من أجل غايات إنزاله ، و يحصل هذا من أمور ؛ منها إدراك السر الذي لأجله جاء الحث على تدبر القرآن في غير ما موضع ، قال تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا ) : [النساء82] ، و قال : (أفلم يدبروا القول ) : [المؤمنون 68] ، و قال : (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولو الألباب ) : [ص 29] ، و قال : (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) :[محمد 24] ، و الكلام على هذه المواضع يطول ، لكن تأمل في الآية الأخيرة منها : تجد أن الله – تبارك و تعالى – حصر الناس في قسمين : إما متدبر للقرآن – على طاقته – أو أن على قلبه قفل ! و العياذ بالله . ثم انظر في الموضع الذي قبله تجد أن الله – تبارك و تعالى – علل إنزال القرآن بأمرين : أولهما تدبره ، و ثانيهما ما يحصل لأولي العقول من تذكر به ، و هو إنما ينشأ عن التدبر ، فعاد الأمر إلى التدبر .
ومما يعين على استشعار أهمية التدبر ، أن يعلم أن لا يمكن له الوقوف على كنوز القرآن إلا بسلوكه هذا الطريق ، فبقدر ما يمن الله عليه من تدبر كتابه يكون وقوفه على كنوزه ، و ظفره بها ، و أي كنوز أحق من أن يبذل في نيلها نفيس أوقات العمر من كنوز القرآن ، و ما الأمر إلا كما قال الإمام ابن القيم – رحمه الله – في المدارج : " سبحان الله ! ماذا حرم المعرضون عن نصوص الوحي واقتباس العلم من مشكاته من كنوز الذخائر ؟ وماذا فاتهم من حياة القلوب واستنارة البصائر ؟ " : [1/22] ، و من أعجب العجب أن ترى بعض المنتسبين للعلم يبذلون نفائس من أوقاتهم في تحصيل علوم أن لم تضرهم قل ما تنفعهم في حين يعرضون عن كنوز القرآن ، و ينبغي للموفق أن يسأل الله الهداية ، و يستعيذه من الحرمان ، و رحم الله ابن القيم حين قال في نونيته :
فتدبر القرآن إن رمت الهدى فالعلم تحت تدبر القرآن
فما أعظم العجب ممن يطلب العلم ، و لا يطلبه من كنوز القرآن و السنة ... ، و إذا علم الموفق عظيم ما يطلب استرخص فيه ما يبذل ... ، و تأمل هذه المعاني يتجلى لك عظيم حرمان من أعرض عن تدبر القرآن بالشكل المطلوب .
و مما يعين على إدراك أهمية التدبر أن يستشعر العبد عظيم العلوم و المعارف التي يتحصل عليها بالتدبر ، و أنت ترى هذا جلياً في العلماء الذين أولوا هذا الأمر عناية هامة ، كشيخ الإسلام – رحمه الله – و غيره .
2- بعد استشعار أهمية تدبر القرآن ؛ ينبغي لمن أراد التدبر أن يعلم أن من أعظم ما يستغل به الوقت ، و من أعظم ما ينال به العلم هو التدبر ، و من العجب أن ترى بعض طلبة العلم يظنون أن بذل الوقت في التدبر معيق عن التحصيل الجيد !
3- أن يبذل في التدبر نفيس وقته ، و من رام الوقوف على كنوز القرآن بجعله تدبر القرآن في أوقات الإرهاق و نحوها ، فقد أخطأ الطريق ، بل ينبغي أن يجعل ساعة التدبر و التأمل في القرآن في الوقت الذي ينشط فيه عقله ، و تفارقه الصوارف ، ثم يكون مستحضرا لهذا في باقي وقته ... و لهذا من جرب التأمل في القرآن في الاعتكاف لما يحصل فيه من انفراد القلب بالقرآن و خلوه عن الصوارف ؛ فإنه يقف على كنوز و علوم لم تكن تخطر على باله من قبل ، و لذلك ربما وجدت أن كثيرا من التأملات اللطيفة في القرآن التي يذكرها بعض أهل العلم حصلت لهم في أوقات الخلوة من سجنٍ ، و غيره ...
4- أن يعلم أنه ليس من حرف في القرآن فأكثر إلا و في ذكره فائدة أدركها من أدركها ، و حرمها من حرمها ؛ فالفوائد تأخذ منه بأنواع الدلالات الثلاث : المطابقة ، و التضمن ، و الإلتزام ، و هذا لا يوجد في كلامٍ سواه ، إلا ما ثبت بحروفه من كلام النبي – صلى الله عليه و سلم – لعصمته ، و إنك لتعجب من أناس يتعمقون في فهم دلالات ألفاظ البشر تعمقاً لا يفعلونه مع القرآن الكريم ! و إذا استحضر المتدبر هذا الملحوظ انفتح له باب واسع في التدبر ...
5- أن يستشعر حال قراءته للقرآن الكريم أنه وحده المخاطب به ، وأنه وحده المعني به ، فما ظنك بمن هذه حاله حين قراءة القرآن الكريم ! لا شك أنه سيقرؤه قراءة متدبر متأمل ، و عليه فإنه سيتعظ بقصصه ، و يأتمر بأوامره ، و ينتهي عن نواهيه و يتأدب بآدابه و ينهل من معينه . و العجب كل العجب مِن مَن بين يديه كلام ملك الأملاك ثم ينشغل عنه بكلام مماليكه ! و لا شك أن من استحضر هذه النكتة سيقف على كنوز عظيمة إذا صحت له النية ...
5- أن يسجل المتدبر في دفتره نفيس ما يحصل له من استنباط من خلال تدبره ، فإنه سيغتبط به ، و عليه أن يعرضها على كلام أهل العلم ، فربما رأى من وافقه فيحمد الله على فضله ، أو يقف على من نبه على خطأ استنباطه ، فيستفيد منه ، و كذلك يذاكر بها أقرانه من المعتنين بهذا الجانب ...
و بعد فهذه إشارات على طريق التدبر أستغفر الله من ما كان بها من زلل ، و الله المستعان ، و عليه التكلان ، و الحمدلله رب العالمين
ملاحضة : المأمل من الإخوة إثراء هذا الموضوع الهام ...