إسماعيل المنصوري
New member
- إنضم
- 09/07/2011
- المشاركات
- 1
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
سبحانه وتعالىبِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الحَمْدُ للهِ والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ اللهِ ، أَمّا بَعْدُ :
إِنَّ النَّاظِرَ بِعَيْنِ البَصيرَةِ في حالِ أُمَّةِ الإِسْلامِ اليَوْمَ لَيَعْلَمُ عِلْمَ يَقينٍ أَنَّ أَعْظَمَ أَسْبابِ ما هُمْ فيهِ مِنْ بَلاءٍ وَغَلاءٍ وَوَباءٍ وَنَكَباتٍ وَحُروبٍ وَاخْتِلافٍ وَشِقاقٍ : الذُّنوبُ وَالمَعاصِي .
وَالذُّنوبُ وَالمَعاصِي أَعْظَمُ أَسْبابِ زَوالِ النِّعَمِ وَحُلولِ النِّقَمِ .
قالَ اللهُ سبحانه وتعالى:( وضَربَ اللهُ مثَلا قريةً كانَت آمِنَةً مُطمئِنةً يَأْتِيها رِزقُها مِن كلِّ مكانٍ فكَفَرت بأَنْعُمِ اللهِ فَأذاقَها اللهُ لِباسَ الجوعِ والخَوفِ بِما كانوا يَصنَعون )[النحل:112]
كَمْ مِنْ أُمَّةٍ كانَتْ في سَعَةٍ مِنَ الرِّزْقِ ، وَرَغَدٍ في العَيْشِ ، وَسَلامَةٍ في الأَبْدانِ ، وَأَمْنٍ في الأَوْطانِ ، فَعَصَتْ خالِقَها سُبْحانَهُ ، وَسَخَّرَتْ نِعَمَهُ في مَعاصِيهِ ، فَحَلَّ عَليها العِقابُ وَنَزَلَ بِها العَذابُ ، فَتَبَدَّلَتْ عَليها الأَحْوالُ ، وَصارَتْ مَضْرَبًا لِلأَمْثالِ .
وَصَدَقَ اللهُ سبحانه وتعالى: ( وَكَأيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِسابًا شَديدًا وَعَذَّبْناها عَذابًا نُكْرًا ، فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْرًا ، أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذابًا شَديدًا فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الأَلْبابِ الذينَ آمَنُوا ) [الطلاق:8-10]
قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذا ظَهَرَ السُّوءُ في الأَرْضِ أَنْزَلَ اللهُ بَأْسَهُ بِأَهْلِ الأَرْضِ .[1]
وَانظُرْ رَحِمَكَ اللهُ إِلى مَعْصِيَةٍ واحِدَةٍ في خَيْرِ الأَزْمانِ وَالقُرونِ وَمعَ خَيْرِ النَّاسِ، صَدَرَتْ مِنْ بَعْضِ الصَّحابَةِ – مِنَ الرُّماةِ - يَوْمَ غَزْوَةِ أُحُدٍ ، كانَتْ سَبَبًا في مَفاسِدَ كَثيرَةٍ وَقَعَتْ في غَزْوَةِ أُحُدٍ ، مِنَ التَّفَرُّقِ وَالاخْتِلافِ وَالهُروبِ وَالقَتْلِ وَالهَزيمَةِ ، بَعْدَ الاجْتِماعِ وَالائْتِلافِ وَالثَّباتِ وَالعِزِّ وَالنَّصْرِ .
قالَ سبحانه وتعالى : ( حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُم في الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِنْ بَعْدِ ما أَراكُم ما تُحِبُّونَ ) [آل عمران :152]
قالَ العَلاّمَةُ الشَّيْخُ السَّعْدِيُّ – رحمه الله – في تَفْسيرِ هذِهِ الآيَةِ : فَلَمّا حَصَل مِنْكُمُ الفَشَلُ وَهُوَ الضَّعْفُ وَالخَوَرُ (وتَنازَعتُم في الأمرِ) الذي فيهِ تَرْكُ أَمْرِ اللهِ ، بِالائْتِلافِ وَعَدَمِ الاخْتِلافِ ، فَاخْتَلَفْتُم ، فَمِنْ قائِلٍ : نُقِيمُ في مَرْكَزِنا الذي جَعَلَنا فيهِ النَّبِيُّ r ، وَمِنْ قائِلٍ : ما مَقامَنا فيهِ ، وَقَدِ انْهَزَمَ العَدُوُّ ، وَلَمْ يَبْقَ مَحْذورٌ ؛ فَعَصَيْتُمُ الرَّسولَ ، وَتَرَكْتُمْ أَمْرَهُ (مِن بعد ما أراكم ما تُحِبون ) وَهُوَ انْخِذالُ أَعْدائِكُم ؛ لأَنَّ الواجِبَ عَلى مَنْ أَنْعَمَ اللهُ عَليهِ بِما أَحَبَّ ، أَعْظَم مِنْ غَيْرِهِ ، فَالواجِبُ في هذِهِ الحالِ خُصوصًا وَفي غَيْرِها عُمومًا ، امْتِثالُ أَمْرِ اللهِ وَرَسولِهِ . [2]
وَلَمّا أَذْنَبَتْ بَنُو إِسْرائيلَ وَجاهَرَتْ بِالمَعاصِي ، سَلَّطَ اللهُ عَليهِمُ الرُّومَ فَسَبَوْا نِساءَهُمْ وَسَلَبُوا أَمْوالَهُم وَسَفَكُوا دِماءَهُمْ .
وَمَرَّ الأَعْمَشُ عَلى صُنّاعِ قُدورٍ فَقالَ : هؤُلاءِ أَوْلادُ الأَنْبِياءِ ، يَوْمَ كانُوا عَلى الطّاعَةِ كانُوا أَعِزَّةً ، فَانْظُروا إِلى ما صَيَّرَتْهُمُ المَعاصِي وَالذُّنوبُ . (وأنَّ اللهَ ليسَ بظَلاّمٍ للعبيدِ ) .
جاء عنه صلى الله عليه وسلم : إنّ العبدَ لَيُحرمُ الرزقَ بالذنبِ يُصيبُه . ([3])
قال اللهُ سبحانه وتعالى : ( فَلَمَّا آسَفونا انتَقَمْنا مِنْهُم فَأَغْرَقْناهُم أَجْمَعينَ ، فَجَعَلْناهُمْ سَلَفًا وَمَثلاً لِلآخِرينَ ) [الزخرف:55-56] أَيْ أَغْضَبونا بِفِعْلِ المَعاصي جهارًا نَهارا ، فَانتقَمنا مِنْهم .
فما فيه الأُمة اليوم مِن ظُلم وذُل وقَهرٍ مِن قِبَل أعدائها ، ما هو إلاّ بسبَب ذُنوبِها ومعاصيها ، وصدقَ اللهُ العظيمُ : (وما أصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبتْ أَيْديكُم ويَعفُو عَن كَثير ) [الشورى:30] وأيُّ عُقوبَة أعظمُ مِن عُقوبةِ الذُل والهَوان التي ضُرِبت بِها هذه الأُّمَّةُ يومَ عَصَتِ اللهَ جل في عُلاه ؟!
فَفي كُلِّ يوم تُهتَك أعراضُ المسلمين هُنا وهناك ، وتُسلَبُ أموالُهم ، وتُسفَك دِماؤُهُم ، وتُدكُّ مساكِنُهُم ، ويُعبَثُ بِمُقَدَّساتِهم ، والأُمَّةُ إلاّ ما رحِمَ رَبِّي مشغولةٌ بكأسِ عالَمِها أو برَقصِها وغِنائِها ومُسلسَلاتِها !!
وإنْ ناشَدوا واستَغاثوا فَبِأَعدائِهِم ، بِهَيْئَة الأُمَم أو بِما يُسمَّى بِمَجلسِ الظُلم الدَّوْلي !! فأينَ مُناشدةُ اللهِ ؟ وأين الاستغاثةُ به ؟ وأين الانطِراحُ بين يديهِ بالتضرُّعِ والبُكاء ؟ وأين صِدقُ اللَّجأِ إليهِ بالتوبة والإنابةِ والدُعاءِ ؟؟!
إذا كان المُشركون قديما يَستَغيثون باللهِ عند الشدائدِ ويَنسَوْنَه في الرَّخاءِ ، كما قال I: (فإذا ركِبوا في الفُلكِ دَعَوا اللهَ مُخلصين له الدينَ فَلَما نَجَّاهُم إلى البَرِّ إذا هُمْ يُشْرِكون )[العنكبوت:65] ، وأمّا أُمَّةُ الإسلامِ اليومَ فلا حَولَ ولا قُوةَ إِلا باللهِ ، سواء كانوا في شِدَّةٍ أَوْ رخاءٍ يَتَوَجَّهون إلى أعدائِهم بالمُناشدة والبكاءِ ، فسامَهُم أعداؤُهُم أليمَ الذُّل والهوان والعذابِ .
وأيُّ عُقوبَةٍ أعظمُ مِن هذه العُقوبة التي ضُرِبَت بِها هذهِ الأُمَّةُ في هذا الزمان ، والسبَبُ: مَعصِيتُهُم لِربِّهم جل في عُلاه .
جاء عنه صلى الله عليه وسلم : يا معشرَ قُريشٍ ، إنكم أهلُ هذا الأمر – النصرُ والتَّمْكين – ما لم تُحْدِثُوا ، فإذا غَيَّرْتُم بعَثَ اللهُ إليكُم مَن يَلْحاكُم كما يُلحَى هذا القضيبُ . ([4])
وفي رواية : إِلاّ سلَّطَ علَيكُم شِرار الخلقِ فقَطَّعوكُم كما يُقَطَّعُ هذا القَضيبُ .
وفي رواية : إلا أُذِلُّوا .
أصابنا اللهُ سبحانه بكُلِّ ما تَعْنيهِ الكلمةُ مِن الضعفِ والذُّل والهوانِ والخوف والخُذْلانِ وصدق اللهُ سبحانه وتعالى : (وإِنْ يَخْذُلكُم فَمَنْ ذا الذي يَنْصُرْكُم مِن بَعْدِهِ ) [آل عمران:160]
عند مَصائبِهم يُناشِدون الأعداءَ ، وتَركوا اللهَ العلِيَّ العزيز الجبارَ ، فوكَلَهُم إلى عَدوِّهِم فساموهُم سوءَ العذاب والذل والهَوانِ .
عوقِبَت هذه الأُمَّةُ بالخوفِ مِن أعدائِها أعظم مِن خَوفِها مِن رَبِّها سبحانه ، والسببُ : الذنوبُ والمعاصي .
كلُّ المعاصي التي عَمِلَتْها الأُمَمُ مِن قَبْلِنا عَمِلَتْها اليومَ أُمَّةُ الإسلام إلا ما رَحِم اللهُ . قال صلى الله عليه وسلم : وجُعِل الذلُّ والصَّغارُ على من خالفَ أَمْري . ([5])
قالوا : لا تَحِلُّ المَعصِيةُ بيتَ قومٍ إلا أدخَلَ اللهُ إليه الذُلَّ .
قال رسولُ صلى الله عليه وسلم : يوشِك أن تَتداعَى عليكُم الأُمَمُ كما تَتَداعى الأكلَةُ إلى قَصْعَتِها... أَمِنْ قِلَّةٍ نَحنُ يا رسولَ الله ؟ ...إلخ . ([6])
وجَدوا أَقْصى درجاتِ الذل والخوف والهوانِ ، والسبب : المعاصي والذنوبُ .
ولنا عِبرةٌ فيما جرى في الأُمم قَبلَنا مِن الذل والخوف والعذابِ ، يوم خالطوا المعاصي والآثام ، فعمَّهُم اللهُ بالعقابِ والعذابِ .
قالت زينبُ بنتُ جَحشٍ: فقلتُ يا رسولَ الله أَنهلِك وفينا الصالحون ؟ قال: نعم ، إِذا كَثُرَ الخَبَثُ . ([7])
وعلى سبيل المثال :
ما فعلَه هولاكو التَّتَري بأهل بغداد ، فقد ذكرَ ابنُ كثير في البداية والنهاية شيئا من ذلك ، وأنا أنقُلُه لك مُختصَرا وبتصرفٍ يسير للعِبرَةِ والعِظَة :
يوم دخل التتارُ بغداد صادَروا الأموالَ ، وهَتكوا الأعراضَ ، وسَفكوا الدماءَ ، وأسَروا ألفَ بِكْرٍ من دار الخلافةِ ، للعَبثِ بِهِنّ وإذلالِهِنّ .
قَتلوا خلقًا كثيرا مِن الرجال والنساء والشيوخِ والأطفال ، وقَتلوا القضاةَ والعلماءَ .
اختبَأَ الناسُ في الخاناتِ والمساجدِ ، فدخلَ عليهِمُ التَّترُ فذَبَحوهُم كالشِّياةِ حتى سالتِ الدماءُ مِن الميازيبِ ، وأحرَقوا المساجدَ ، وعمَّتِ العقوبةُ .
عادت بغدادُ بعد الأُنسِ والأمْنِ والأمانِ ورغدِ العَيش والاجتماعِ والحياةِ إلى حُزنٍ وخوف وجوعٍ ومَرضٍ ومَوت ، عَمَّتِ العُقوبةُ .
تعطَّلتِ الجُمَعُ والجَماعاتُ في بغدادَ شُهورا ، لم يُسمع فيها أذانٌ ولا إقامةٌ ولا صلاةٌ، وامتلأتِ الجُثثُ في الطُرُقات ، فخرجَ مَن كانوا في المزابلِ والحُشوشِ مُختَبئِين بعدَ خُروج التَّترِ ، وإذا بريحِ جُثَثِ الموتى تُصِيبُهم فماتوا عَن آخِرِهم .
في أقلَّ مِن أربعين يوما قُتِل مِن أهلِ بغداد أكثر مِن مَليوني إنسان .
فاجتمعَ على الناس الغلاءُ والوباءُ والمرضُ والخوف والموتُ والبكاءُ ، عَمَّتِ العُقوبةُ ، والسببُ الرئيسي : الذنوبُ والمعاصِي .
وفي زمَنِنا هذا كَثُرت بما يُسمَّى بالكوارث الطبيعيةِ كالزلازل والفياضاناتِ والسيولِ المُهلِكةِ ، وما نَنْتَهي مِن بَلِية إلا وتَبِعتْها بلايا أُخرى أشَد مِن سابِقتِها ، وهذا مِصداقُ ما أخبر عنه المُصطفى صلى الله عليه وسلم يوم قال : بين يديِ الساعةِ مُوتانٌ شديدٌ ، وبعدَه سنواتُ الزلازلِ . ([8])
والسؤال : ما أسبابُ كثرةِ ما يُسمَّى بالكوارث الطبيعيةِ ، إضافة إلى بَلايا الغَلاءِ والوباء والحروب والخوفِ وكثرة الفتنِ ؟
السببُ الأعظم في ذلك كُله : الذنوبُ والمعاصي ، وصدق اللهُ I:( وما أصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبما كَسَبَتْ أَيْديكُم وَيَعفو عَنْ كَثير ) [الشورى:30]
والبلاءُ إذا نزلَ فإنه لا يَنْزِل غالِبا إلا في ظُلماتِ الليل والناسُ غافِلون آمِنُون ، ودليلُ هذا ما ذَكر اللهُ سبحانه : (أفأَمِنَ أهلُ القُرى أن يأتِيَهُم بأْسُنا بَياتاً وهُم نائِمون ، أَوَ أَمِنَ أَهلُ القُرى أنْ يَأْتِيَهُم بَأْسُنا ضَحَى وهُم يَلعبون ، أَفَأَمِنُوا مَكرَ اللهِ فلا يَأْمَنُ مَرَ اللهِ إِلا القومُ الخاسِرونَ )[الأعراف:97-99]
والبلاءُ لا يَنْزِلُ غالِبا إلا والناسُ في غَمْرَةِ الأمْنِ والسَّعادَةِ والسُّرورِ ، فيُبَدِّلُ السعادةَ حُزْنا ، والأمْنَ خَوْفا ، والرَّغَدَ جوعا وعطَشا ، قال اللهُ سبحانه : ( فلمّا نَسُوا ما ذُكِّروا بهِ فَتَحنا عَلَيهِمْ أَبوابَ كُلِّ شَيءٍ حتَّى إِذا فَرِحوا بِما أُوتُوا أخَذْناهُم بَغْتَةً فَإِذا هُم مُبْلِسونَ ) [الأنعام: 44]
قال المُفسِّرُ السَّعْديُّ : يُؤخَذُوا على غِرَّةٍ وغَفْلَةٍ وطُمأنينةٍ ، ليكونَ أشَدَّ لِعُقوبتِهم ، وأعظمَ لِمُصيبَتِهم . ([9])
ولنا عبرةٌ : أُصِبنا ببَلايا ونكَباتٍ ، لو كانت القلوبُ تَعقلُ لكَفَتْنا بَلِيَّةٌ واحِدة ، فكيف وهي مُجتَمِعةٌ !
في الأثَر : إذا رأيتَ العبدَ يُعطَى على مَعاصيه فإنما هو استِدراجٌ قد مُكِر به .
وفي أثَر آخرَ : إذا أرادَ اللهُ بقومٍ عذابا فتحَ عليهِمُ الدنيا . ( فُتِح لقارون الدنيا ، ولكن أُخِذ في كامِل زينتِه وأَمْنِه وسُرورِه وغِناهُ ) .
والعذابُ إذا حَلَّ فإنه لرُبَّما يكونُ في يوم عيدٍ وفرَحٍ والناسُ آمِنون مُطمئِنّون فَرِحون ! بركانُ جزيرة الطّيْر في الحُدَيْدَة في اليمنِ ، كان في العشر الأواخرِ من رمضان ، أي قبل العيد بأيام يسيرةٍ ، انفجرَ البركانُ مِن جَبل في وسَطِ البحر ، فاختلط نارُ البركان بِماء البحر، ووَاللهِ ما استطاعت أقْوَى القُوى مِن القُرْبِ مِن النار فضلا عن إطفائِها ، وهذا في نارِ دُنيا فكيف بنار الآخِرة والتي فَضِّلت عن نار الدنيا بتسعةٍ وسِتين جُزءا !!.
انْهِيارُ صَخْرٍ في قَريَةِ بَنِي مَطَر في صنعاءَ كان في العشر الأوائِل من ذي الحِجة ، أيْ قبل العيد بأيام يسيرةٍ ، انْهار جُزءٌ مِن صَخْرِ جَبلٍ على بُيوتِ الناسِ في ظُلْمَةِ الليلِ فمات مَن ماتَ مَدفونا تَحتَ الأنقاضِ ، وبَقِيَ منْ بَقِي بلا بيتٍ ولا مَأْوَى ولا طَعام أو كِساءٍ ، فَقَدوا الأولادَ والأحبابَ في طَرفةِ عَيْن ، ولقَد أتَوْا إليَّ في العِيادة بامرَأةٍ فقدَتِ النُّطْقَ بسببِ أنَّها رأَتِ الانْهِيارَ أثناءَ وُقوعِه والصُّخورُ تسقُط على بيتِها وفيه أطفالُها وماتوا جَميعا أمام عينِها .
سيلُ مدينة جِدَّةَ كان يومَ عرفةَ أي قبل العيد بيومٍ ، ارتفعَ السيلُ لعشراتِ الأمتارِ ودهَم البيوتَ وجرفَ كلَّ شيءٍ كان أمامَه ، فصاروا مَفقُودين بعد أن كانوا مَوْجودين وباكين بعد أن كانوا ضاحِكين ، ماتوا على فُرُشِهم ليلةَ عيدِهم قبل لُبْسِ جَديدِهم ، وفي صباحِ العيد يَبحَثون بين الأنقاضِ عن الآباءِ والأُمهات والأطفال والأحبابِ في المياهِ بين الرُّكام والدَّمار !
أمَّلوا الفرحَ والسُّرور والبقاءَ ، ولكن قُدِّر عليهِم الدَّمارُ والفناء مع البُكاء .
في طرفة عَين إذا هم يَبكون ، إذا هم مَحرومون ، لا بيت ولا طعام ولا كِساء ، وخسارات بالمِليارات . والسعيدُ من اعتَبَر بغيرِه .
كان من دُعائِه صلى الله عليه وسلم : اللهُم إني أعوذُ بك من زَوال نِعمتِك ، وفُجاءَةِ نِقْمَتِك ، وجَميعِ سَخطِك . ([10])
إِسماعيلُ بنُ عَلي المَنْصوري ( أَبو سَلْمانَ ) .
مُؤَلِّفٌ وَكاتِبٌ وَباحِثٌ في المَسائِلِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَخَطِيبُ مَسْجِدٍ ( وَزارَةِ الأَوْقافِ ) ، وَداعِيَةٌ إِلى اللهِ في صَنْعاءَ اليَمَنِ ، وَمُحاضِرٌ في المساجد - قِسْمِ الرَّقائِقِ وَالإيِمانِيَّاتِ - ، وَمُدَرِّسٌ لِمادَّةِ القُرْآنِ الكَريمِ ، وَمُعالِجٌ بِالقُرْآنِ الكَريمِ وَالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ ( الطِّبِّ البَديلِ ) في أَوَّلِ مَرْكَزٍ لِلعِلاجِ بِالقُرْآنِ الكَريمِ في اليَمَنِ ، وَمَسْؤُولُ اللَّجْنَةِ العِلْمِيَّةِ وَالرَّقابَةِ الشَّرْعِيَّةِ في نَفْسِ المَرْكَزِ .
ت / 711672619 - 733931091
البريد الإلكتروني /ISM.ALI.1430HGMAIL.COM - [email protected]
[1] السلسلة الصحيحة للألباني رقم (1372، وصحيح الجامع رقم (680) .
[2] تيسير الكريم الرحمن (ص170) نشر جمعية إحياء التراث الإسلامي .
[3] جامع العلوم والحكم (1/438) ، ومسند الإمام أحمد (5/282) .
[4] فتح الباري ابن حجر (13/116) .
[5] قال شيخ الإسلام الإمام ابن تيمية في الاقتضاء 1/236- بعد أن ساق سند هذا الحديث-:وهذا إسناد جيد. وقال الحافظ ابن حجر- رحمه الله- في الفتح 6/98: وله شاهد مرسل بإسناد حسن أخرجه ابن أبي شيبة من طريق الأوزاعي عن سعيد بن جبلة عن النبي- صلى الله عليه وسلم- اهـ .
[6] معجم الطبراني الكبير (2/102) .
[7] صحيح البخاري ، باب قصة يأجوج ومأجوج (3/1220) .
[8] سنن الدارمي (1/29) ، ومسند الشاميين (1/397) .
[9] تفسير الكريم الرحمن (ص318) .
[10] قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1291 في صحيح الجامع .