د. جمال القرش
Member
خصائص المؤمنين والعاصين (الفجار) من جزء عم
المرحلة الأولى : من النبأ إلى الانشاق
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى أله وأصحابه أجمعين ، أما بعد
إن من يتأمل خصائص المؤمنين والعاصين في هذه السور يلاحظ أن هذه السورة دارت بين الترغيب والترهيب ولكن الترهيب أشد وأكثر لمناسبة الفئة المخاطبة فهي آيات مكية ، وقد خوطب أناس أكثرهم كفار معاندون مستكبرون فكان الردع والترهيب هو الغالب والأنسب لهم، ولتخويفهم وزجرهم عن كفرهم وعنادهم .
أولا : خصائص أهل الإيمان في هذه السور
من يدقق النظر في ترتيب السور ومناسبة السياق لا يملك إلا أن يقول : إنا سمعنا قرأنا عجبا فيلاحظ أن هناك تدرج في الطرح، وتشويق وتحفيز وبداية ونهاية ، وكأن هذه السور قصة واحدة ، فسبحان من هذا كلامه ، أصدق القائلين: ({أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82)، وقال سبحانه : ({قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }الإسراء88
وكان عملي في هذا المبحث كما يلي
ولم أرغب أن أطيل في هذا المقام ، وإنما رغبت الاختصار ، وبيان الخلاصة بأسلوب ميسر بعد تأمل وتدقيق واطلاع .
سائلا الله تعالى أن يجعل ذلك في رضاه ، وأن ينفع به أهل القرآن ، فإن احسنت فمن الله وحده ، المتفضل المنعم ، وإن قصرت فمن نفسير المقصرة والشيطان ، وأخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين وكتبه أخوكم جمال القرش الرياض / غرة ذي الحجة 1437 هـ
خصائص أهل الإيمان من النبأ إلى الانشقاق
سورة النبأ
ذكرت سورة النبأ جزاء المتقين ، وأطالت السورة في ذكر الجزاء ، سؤال لماذا ؟ تابع ..
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا(31)حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا(32)وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا(33)وَكَأْسًا دِهَاقًا(34)لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا(35)جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا(36)رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا(37)
سورة النازعات
ثم بيت سورة النازعات حال المؤمنين المتقين عند الموت حيث تسل أرواحهم برفق
وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا(2)
لما كان الجزاء عن المتقين في سورة النبأ فيه إطالة وبيان ، فهذا يجعل القارئ يتشوق إليها ويتساءل عندما يقرأ هذا النعيم العظيم للمتقين في سورة النبأ ما خصائصهم؟
فتأتي سورة النازعات بعدها على الترتيب لبيان هذه الصفات صفات المتقين :
فهم أهل الخشية الذين يخافون عظمة ربهم وينهون النفس عن هواها وما حرم الله.
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى(40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى(41)
وتختم السورة بأنهم لم ينالوا ذلك إلا بالحرص على الانتفاع وحضور التذكرة
إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا(45)
سورة عبس
ثم تأتي سورة عبس بعدها لتوضح نموذجا ممن رغب في التذكرة وحرص على الانتفاع وحضر إليها، وهو عبد الله بن أم مكتوم الذي عاتبه الله بشأنه في قوله عَبَسَ وَتَوَلَّى(1)أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى(2)وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى(3)أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى(4)
ثم بينت السورة الكريمة جزاء من انتفع بالتذكرة وعمل بها في أخرها بأن وجوههم ستكون مضيئة يوم القيامة مشرقة
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ(38)ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ(39)
سورة التكوير
ثم تأتي سورة التكوير لتبين جزاء صنيعهم فلما كانوا يحرصون على التذكرة ويحضرونها فكان الجزاء من جنس العمل قربت لهم الجنة وأحضرت جزاء صنيعهم.
وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ(13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ(14)
ثم تأتي إلى نهاية سورة التكوير لتظهر السورة أن التذكرة لا ينتفع منها إلا من شاءها وحرص عليها.
إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(27)لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ(28)
سورة الانفطار
الأبرار في نعيم ، والجزاء هنا بإيجاز ودون إطالة ، سؤال لماذا ؟
إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ(13)
سورة المطففين
لم يبين في سورة الانفطار ما هو النعيم، إنما ذكر بإيجاز فهذا يجعل القارئ يتساءل ما هو هذا النعيم، فتأتي سورة المطففين بعدها لتبين ذلك النعيم بإطالة : قال تعالى : كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ(18)وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ(19)كِتَابٌ مَرْقُومٌ(20)يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ(21)إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ(22)عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ(23)تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ(24)يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ(25)خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ(27)عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ(28)
ولما كان الكافرون بضحكون من المؤمنين في الدنيا كما ذكر في السورة فكان الجزاء من جنس العمل ضحك المؤمنون من الكفار
فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ(34)عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ(35)
سورة الانشقاق
ثم جاءت سورة الانشقاق لتبين حال المؤمنين عند أخذ كتابهم ، فهم يأخذون كتابهم بيمنهم تيمنا وتبركا واستبشارا وهم في حالة السرور والفرحة والسعادة
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ(7)فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا(8)وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا(9)
ثم تختم السورة الكريمة سورة الانشقاق بأن هؤلاء المؤمنين في نعيم دائم لا ينقطع.
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ(25)ويخلص البحث في ذلك بما يلي:
1. دقة ترتيب السورة على النحو الذي هو عليه
2. التدرج في طرح الموضوعات
3. التناسق العجيب بين السور وكأنها وحدة متكاملة
4. التوافق العجيب بين السور وكأنها قصة واحدة
5. الإيجاز في سورة لأجل التشويق بعدها ثم توضيح المبهم
6. الجمع بين الترغيب والترهيب
7. أن الربط بين السور يحتاج الكثير من الجهد لإخراج هذه الكنوز ، وإظهارا لعظمة القرآن الكريم .
وهو مجال عظيم للباحثين يمكن أن ينهلوا منه ويبذلوا فيه الجهد وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
فسبحان من هذا كلامه وسبحان من جعل السور على هذا الترتيب اللهم انفعنا بالقرآن العظيم واجعله لنا شفيعا يوم الدين
من كتاب / فيض الكريم في تدبر القرآن الكريم ، جمال القرش
ومن المراجع التي استفدت منها
· فهم القرآن ومعانيه ، تأليف الحارث بن أسد المحاسبي، أبو عبد الله (المتوفى: 243هـ)
· الوجوه والنظائر لأبي هلال العسكري (معتزلي) تأليف أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)
· إعجاز القرآن للباقلاني تأليف أبو بكر الباقلاني محمد بن الطيب (المتوفى: 403هـ)
· النكت في القرآن الكريم (في معاني القرآن الكريم وإعرابه) تأليف علي بن فَضَّال بن علي بن غالب المُجَاشِعِي القيرواني، أبو الحسن (المتوفى: 479هـ)
· البرهان في توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان تأليف : محمود بن حمزة بن نصر، أبو القاسم برهان الدين الكرماني، (المتوفى: نحو 505هـ)
· (إعجاز القرآن ومعترك الأقران) تأليف عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)
· مفحمات الأقران في مبهمات القرآن ، تأليف عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911 هـ)
· الإكليل في استنباط التنزيل تأليف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)
· أسرار ترتيب القرآن تأليف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)
· بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيزتأليف مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (المتوفى: 817هـ)
· فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن تأليف: زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري، زين الدين أبو يحيى السنيكي (المتوفى: 926هـ
· الموسوعة القرآنية، خصائص السور تأليف: جعفر شرف الدين
· مناسبات الآيات والسور تأليف: أ. د. أحمد حسن فرحات
· دراسات في علوم القرآن تأليف: محمد بكر إسماعيل (المتوفى: 1426هـ
· أسرار البيان في التعبير القرآني تأليف فاضل بن صالح بن مهدي بن خليل البدري السامرائي
· لمسات بيانية، تأليف: د فاضل بن صالح بن مهدي بن خليل البدري السامرائي
· كتب التفاسير المطولة المعروفة
وكتاب بهجة القراء في حفظ القرآن على منهج السلفإشراف / د سليمان عبد الله أبا الخيل وتأليف نخبة من أعضاء هئية التدريس
· ومن البرامج المرئية والسمعية / التفسير المباشر إعداد الدكتور / عبد الرحمن الشهري ، حفظه الله، صوتيات ولقاءت الدكتور / خالد السبت ، والدكتور مساعد الطيار ، والدكتور / فاضل السمرائي حفظهم الله
المرحلة الأولى : من النبأ إلى الانشاق
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى أله وأصحابه أجمعين ، أما بعد
إن من يتأمل خصائص المؤمنين والعاصين في هذه السور يلاحظ أن هذه السورة دارت بين الترغيب والترهيب ولكن الترهيب أشد وأكثر لمناسبة الفئة المخاطبة فهي آيات مكية ، وقد خوطب أناس أكثرهم كفار معاندون مستكبرون فكان الردع والترهيب هو الغالب والأنسب لهم، ولتخويفهم وزجرهم عن كفرهم وعنادهم .
أولا : خصائص أهل الإيمان في هذه السور
من يدقق النظر في ترتيب السور ومناسبة السياق لا يملك إلا أن يقول : إنا سمعنا قرأنا عجبا فيلاحظ أن هناك تدرج في الطرح، وتشويق وتحفيز وبداية ونهاية ، وكأن هذه السور قصة واحدة ، فسبحان من هذا كلامه ، أصدق القائلين: ({أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82)، وقال سبحانه : ({قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }الإسراء88
وكان عملي في هذا المبحث كما يلي
- تفسير السورة المذكورة من كتب التفاسير المطولة
- دراسة المناسبات بين السور المذكورة
- دراسة الرابط بين أخر السورة وأولها
- دراسة المناسبة بين أخر السورة وما بعدها
- دراسة المناسبة بين أخر الوحدات الموضوعية وما بعدها
- دراسة المناسبات بين القسم وجوابه
- حصر الآيات التي تخص المؤمنين
- حصر الآيات التي تخص العصاة الفجار
- دراسة المناسبات بين كل فريق وعلاقة كل موضع بالأخر
- وكان المرجع في ذلك كتب التفاسير المطولة المعروفة، وعلم المناسبات وترتيب السورة ، وعلوم القرآن ، وبعض البرامج الفضائية كالتفسير المباشر للفاضل الدكتور عبد الرحمن الشهري، والدكتور مساعد الطيار ، وغيرهم ودروس الدكتور / خالد السبت، ود ، فاضل السمرائي، وكتاب بهجة القراء في حفظ القرآن على منهج السلف إشراف / د سليمان عبد الله أبا الخيل وتأليف نخبة من أعضاء هئية التدريس وغيرهم.
ولم أرغب أن أطيل في هذا المقام ، وإنما رغبت الاختصار ، وبيان الخلاصة بأسلوب ميسر بعد تأمل وتدقيق واطلاع .
سائلا الله تعالى أن يجعل ذلك في رضاه ، وأن ينفع به أهل القرآن ، فإن احسنت فمن الله وحده ، المتفضل المنعم ، وإن قصرت فمن نفسير المقصرة والشيطان ، وأخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين وكتبه أخوكم جمال القرش الرياض / غرة ذي الحجة 1437 هـ
خصائص أهل الإيمان من النبأ إلى الانشقاق
سورة النبأ
ذكرت سورة النبأ جزاء المتقين ، وأطالت السورة في ذكر الجزاء ، سؤال لماذا ؟ تابع ..
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا(31)حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا(32)وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا(33)وَكَأْسًا دِهَاقًا(34)لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا(35)جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا(36)رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا(37)
سورة النازعات
ثم بيت سورة النازعات حال المؤمنين المتقين عند الموت حيث تسل أرواحهم برفق
وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا(2)
لما كان الجزاء عن المتقين في سورة النبأ فيه إطالة وبيان ، فهذا يجعل القارئ يتشوق إليها ويتساءل عندما يقرأ هذا النعيم العظيم للمتقين في سورة النبأ ما خصائصهم؟
فتأتي سورة النازعات بعدها على الترتيب لبيان هذه الصفات صفات المتقين :
فهم أهل الخشية الذين يخافون عظمة ربهم وينهون النفس عن هواها وما حرم الله.
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى(40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى(41)
وتختم السورة بأنهم لم ينالوا ذلك إلا بالحرص على الانتفاع وحضور التذكرة
إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا(45)
سورة عبس
ثم تأتي سورة عبس بعدها لتوضح نموذجا ممن رغب في التذكرة وحرص على الانتفاع وحضر إليها، وهو عبد الله بن أم مكتوم الذي عاتبه الله بشأنه في قوله عَبَسَ وَتَوَلَّى(1)أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى(2)وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى(3)أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى(4)
ثم بينت السورة الكريمة جزاء من انتفع بالتذكرة وعمل بها في أخرها بأن وجوههم ستكون مضيئة يوم القيامة مشرقة
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ(38)ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ(39)
سورة التكوير
ثم تأتي سورة التكوير لتبين جزاء صنيعهم فلما كانوا يحرصون على التذكرة ويحضرونها فكان الجزاء من جنس العمل قربت لهم الجنة وأحضرت جزاء صنيعهم.
وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ(13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ(14)
ثم تأتي إلى نهاية سورة التكوير لتظهر السورة أن التذكرة لا ينتفع منها إلا من شاءها وحرص عليها.
إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ(27)لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ(28)
سورة الانفطار
الأبرار في نعيم ، والجزاء هنا بإيجاز ودون إطالة ، سؤال لماذا ؟
إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ(13)
سورة المطففين
لم يبين في سورة الانفطار ما هو النعيم، إنما ذكر بإيجاز فهذا يجعل القارئ يتساءل ما هو هذا النعيم، فتأتي سورة المطففين بعدها لتبين ذلك النعيم بإطالة : قال تعالى : كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ(18)وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ(19)كِتَابٌ مَرْقُومٌ(20)يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ(21)إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ(22)عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ(23)تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ(24)يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ(25)خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ(27)عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ(28)
ولما كان الكافرون بضحكون من المؤمنين في الدنيا كما ذكر في السورة فكان الجزاء من جنس العمل ضحك المؤمنون من الكفار
فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ(34)عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ(35)
سورة الانشقاق
ثم جاءت سورة الانشقاق لتبين حال المؤمنين عند أخذ كتابهم ، فهم يأخذون كتابهم بيمنهم تيمنا وتبركا واستبشارا وهم في حالة السرور والفرحة والسعادة
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ(7)فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا(8)وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا(9)
ثم تختم السورة الكريمة سورة الانشقاق بأن هؤلاء المؤمنين في نعيم دائم لا ينقطع.
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ(25)ويخلص البحث في ذلك بما يلي:
1. دقة ترتيب السورة على النحو الذي هو عليه
2. التدرج في طرح الموضوعات
3. التناسق العجيب بين السور وكأنها وحدة متكاملة
4. التوافق العجيب بين السور وكأنها قصة واحدة
5. الإيجاز في سورة لأجل التشويق بعدها ثم توضيح المبهم
6. الجمع بين الترغيب والترهيب
7. أن الربط بين السور يحتاج الكثير من الجهد لإخراج هذه الكنوز ، وإظهارا لعظمة القرآن الكريم .
وهو مجال عظيم للباحثين يمكن أن ينهلوا منه ويبذلوا فيه الجهد وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
فسبحان من هذا كلامه وسبحان من جعل السور على هذا الترتيب اللهم انفعنا بالقرآن العظيم واجعله لنا شفيعا يوم الدين
من كتاب / فيض الكريم في تدبر القرآن الكريم ، جمال القرش
ومن المراجع التي استفدت منها
· فهم القرآن ومعانيه ، تأليف الحارث بن أسد المحاسبي، أبو عبد الله (المتوفى: 243هـ)
· الوجوه والنظائر لأبي هلال العسكري (معتزلي) تأليف أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)
· إعجاز القرآن للباقلاني تأليف أبو بكر الباقلاني محمد بن الطيب (المتوفى: 403هـ)
· النكت في القرآن الكريم (في معاني القرآن الكريم وإعرابه) تأليف علي بن فَضَّال بن علي بن غالب المُجَاشِعِي القيرواني، أبو الحسن (المتوفى: 479هـ)
· البرهان في توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان تأليف : محمود بن حمزة بن نصر، أبو القاسم برهان الدين الكرماني، (المتوفى: نحو 505هـ)
· (إعجاز القرآن ومعترك الأقران) تأليف عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)
· مفحمات الأقران في مبهمات القرآن ، تأليف عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911 هـ)
· الإكليل في استنباط التنزيل تأليف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)
· أسرار ترتيب القرآن تأليف: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)
· بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيزتأليف مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (المتوفى: 817هـ)
· فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن تأليف: زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري، زين الدين أبو يحيى السنيكي (المتوفى: 926هـ
· الموسوعة القرآنية، خصائص السور تأليف: جعفر شرف الدين
· مناسبات الآيات والسور تأليف: أ. د. أحمد حسن فرحات
· دراسات في علوم القرآن تأليف: محمد بكر إسماعيل (المتوفى: 1426هـ
· أسرار البيان في التعبير القرآني تأليف فاضل بن صالح بن مهدي بن خليل البدري السامرائي
· لمسات بيانية، تأليف: د فاضل بن صالح بن مهدي بن خليل البدري السامرائي
· كتب التفاسير المطولة المعروفة
وكتاب بهجة القراء في حفظ القرآن على منهج السلفإشراف / د سليمان عبد الله أبا الخيل وتأليف نخبة من أعضاء هئية التدريس
· ومن البرامج المرئية والسمعية / التفسير المباشر إعداد الدكتور / عبد الرحمن الشهري ، حفظه الله، صوتيات ولقاءت الدكتور / خالد السبت ، والدكتور مساعد الطيار ، والدكتور / فاضل السمرائي حفظهم الله