خروج النفس وخروج الروح !

إنضم
08/09/2017
المشاركات
614
مستوى التفاعل
5
النقاط
18
الإقامة
السودان
بسم الله الرحمن الرحيم

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ ۗ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ، الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ -93- الأنعام


من الآية أعلاه نعلم أن (النفس) هى محط الإختبار والإختيار ومحط الحساب، (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها)، فالنفس فى هذه الآية فى غمرات الموت رأت ما ينتظرها من عذاب فتأخرت أو أجفلت أو راوغت أو هربت من الخروج من الجسد ، كما الآية (َيوم تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ، وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ).

أما (الروح) فهناك آيتان أخريان تحدثتا عن خروجها فى سكرات الموت (فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون) والآية (حتى إذا بلغت التراقى)، فهى تخرج بأمر من رب العالمين، ولا يملك الفرد إيقافها أو تثبيتها أو تأخيرها وليست لها قدرة على المراوغة.

فالروح هى أشبه بـ(الكهرباء) فبها يعمل جسد الإنسان المادى وكل أعضائه، وبها تعمل النفس أيضا، وبخروج الروح يفسد الجسد وتخرج النفس نهائيا ولا تعود للجسد إلا عند يوم القيامة، فالموت هو خروج الروح والنفس .

وتوقف (القلب عن الخفقان) هو العلامة الأهم لخروج الروح، فقد لا تعمل بعض أعضاء الإنسان - مع وجود الروح – فقد يكون الإنسان مشلولا شللا كاملا أو لا تعمل كليتاه أو كبده أو قد يكون ميت سريريا، ولكن يعد حيّا بما أن قلبه ما زال يدق، (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) .

وهذه الروح الشبيهة لحد ما بال(الكهرباء) موجودة بالجسد فى اليقظة والنوم بطبيعة الحال، فأعضاء الجسد تعمل بها، ويقبض الله تعالى (النفس) أثناء النوم، (الله يتوفى الأنفس عند موتها والتى لم تمت فى منامها، فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى الى أجل مسمى)، أى أن النفس تقبض من الجسد أثناء النوم وترسل إليه عند يقظته، وقوله تعالى (ويرسل الأخرى الى أجل مسمى) ولم يقل (وينزل الأخرى الى أجل مسمى) أى أن النفس عند النوم لا تقبض فى السماء بل تكون فى مكان ما أو فى "بعد ما" ، وقد ترى ما فى اللوح المحفوظ مما يخبئه المستقبل كما فى الرؤى المنامية،
وقد تذهب النفس الى البرزخ وتلتقى ب( أنفس الموتى) كما فى الكثير من الرؤى المنامية، وتعرف أحوال الموتى هناك، وتقول بعض التفاسير أنها تلتقى "بأرواح الموتى" ، ولكن النفس طبيعتها غير الروح، أى أن النفس تلتقى بالنفس، إضافة الى أن النفس هى التى تجزى على عملها وليست الروح لذا هى تلتقى أنفس الموتى فى البرزخ، وإنما قيل أنها تلتقى (بأرواح) الموتى، ذلك لأن المعروف أن خروج الروح هو موت الإنسان .

والنفس عند الإحتضار تختلف عن حالها فى وفاتها أو قبضها عند النوم ، فهى ترى وتعلم مآلها ولذا تخاف وترتعد ( فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد)،

ويوم القيامة يقول عنه الله تعالى فى سورة التكوير (وإذا النفوس زوّجت)
ويكون الحذف البلاغى (إذا النفوس مع -الأرواح- زوّجت)، أى إلتقت النفس مع الروح مرة أخرى على مكان الجسد المقبور حتى ولو تلاشى، ثم يبعث بعدها الإنسان بعثا ماديا،

ونعود الى الآية أعلاه (وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ)
أن أظلم النفوس هى التى افترت الكذب على الله، وإدّعت النبوة، أو الإستهزاء بأنها ستنزل مثل ما أنزل الله، لما فيها من كذب بيّن من النفس، وأيضا أنها ستكون سببا فى جرّ الكثير من البشر عن الصراط المستقيم وتكون سببا فى ضلالهم، ومن ثم يتوارثون الضلال والكفر لأجيال وأجيال.

وما أعظم الفرق بين حالة تلك النفس الخبيثة (المفزوعة) ومراوغتها من الخروج أثناء الإحتضار، وبين (النفس المطمئنة) أثناء غمرات الموت، فهى مطمئنة مطيعة ترجع الى ربها بكل يسر .

(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة، ا
رْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِى )-30- الفجر
صدق الله العظيم
 
تصحيح :
قد تكون النفس (مقبوضة) فى السماء
فهناك آية عن الإرسال من السماء،

فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون ( 162 )

أى ليس الإنزال فقط من السماء،

إذا الآية (للَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42)

قد تعنى أن النفس أرسلت مرة أخرى من السماء للنائمين حين يستيقظوا.

والله تعالى أعلم
 
عودة
أعلى