خبر يؤكد على ضرورة العمل الجماعي المؤسسي

إنضم
23/01/2007
المشاركات
1,211
مستوى التفاعل
2
النقاط
38
الإقامة
كندا
الموقع الالكتروني
www.muslimdiversity.net
رحم الله الفقيد.

وهذا الخبر ينبه، مرة أخرى، إلى ضرورة العمل الجماعي المؤسسي، التي أشير إليها في عدد من المواضيع في هذا المنتدى.
نحن في عصر لا يسمح لرجل أن يحمل همّ مشروع ضخم بمفرده. وقد تعددت مثل هذه الحالات، وأرجو أن نتعلم ونستفيد من هذه التجارب كي لا تتكرر الأخطاء أو الإحباطات.


*******

القرضاوي ينعى الفقيد ويطالب بإحياء مشروعه حول الهيئة العالمية للقرآن:
د. حسن المعايرجي.. رجل العلم والتربية والقرآن في ذمة الله
د. يوسف القرضاوي


المصدر: موقع إسلام أون لاين

انتقل إلى جوار ربه أول أمس الأربعاء 29 محرم 1429 هـ الموافق 6/2/2008، رجل العلم والتربية والدعوة والعمل في سبيل الله والغيرة على القرآن - الدكتور حسن المعايرجي رحمه الله رحمة واسعة وتقبله في الصالحين، وأسكنه الفردوس الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.

وقد جاء المعايرجي قطر منذ أكثر من نصف قرن وعمل بوزارة التربية، ثم بالجامعة، ثم أصيب بالشلل، وفقد الاتصال بما حوله ومن حوله، منذ سنوات، حتى وافاه الأجل، أسأل الله أن يجعل ذلك في ميزانه.

سمعت عن حسن المعايرجي في مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية بمصر، في أوائل الخمسينيات، وأنه من الشباب الناشطين في جماعة الإخوان المسلمين بالشرقية، ولكن لم أسعد بلقائه إلا في قطر، بعد وصولي إليها سنة 1961م.

كان حسن المعايرجي من المجموعة المصرية التي وصلت إلى قطر مبكرًا في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، حين كانت قطر تخطو خطواتها الأولى في طريق النهضة التعليمية والعمرانية، فقد جاء هو وعبد الحليم أبو شقة وعز الدين إبراهيم من الشام، ومعهم محمد الشافعي وعبد اللطيف مكي، وقد تزوج عز الدين من سوريا، كما تزوج هو من لبنان، كما جاء كمال ناجي وعلي شحاتة من السودان.

وعمل الجميع في وزارة المعارف التي كان يحمل مسئوليتها في عهد الشيخ علي بن عبد الله آل ثان، الشيخ قاسم درويش، كما حمل منصب مدير المعارف الداعية المعروف الأستاذ عبد البديع صقر رحمه الله.

وقد أصبح المعايرجي بعد ذلك مديرًا لمدرسة الدوحة الإعدادية والثانوية ووكيله عبد الحليم أبو شقة. وقد وقع معه في تلك الفترة حادث معروف وهو: أنه حطم صورة جمال عبد الناصر التي كانت معلقة في أحد الصفوف، وكان عبد الناصر موضع الإعجاب والحماس من أبناء قطر في ذلك الزمن، وكان لهذه الحادثة دويّها بمدينة قطر في ذلك الوقت كاد المعايرجي يفقد فيه عمله، ثم سويت الأمور وسار المركب كما كان.

وبعد ذلك تغير الوضع في وزارة المعارف. وتولى الوزارة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الذي سلمها لشقيقه الشيخ قاسم بن حمد، وفي ذلك الوقت عزلت الفئة السابقة من مناصبها، فتولى عبد البديع صقر مدير المعارف إدارة مكتبات حاكم قطر التي طورت بعد ذلك وسميت (دار الكتب القطرية)، وعمل البعض في مناصب إدارية، والبعض الآخر مدرسين. وبعضهم -مثل عز الدين إبراهيم- سافر إلى لندن للحصول على الدكتوراة.

ومن هذه الفئة المعزولة: من كان قويّ الارتباط بحاكم قطر في ذلك الوقت وهو الشيخ أحمد بن على آل ثاني، مثل حسن المعايرجي الذي قربه الحاكم منه؛ ليقوم بتدريس أولاده العلوم واللغة الإنجليزية وغيرها.

وكان حسن المعايرجي شخصية محببة مثقفة يتقن اللغة الإنجليزية، ويطلع على معظم المجلات العلمية العالمية التي تكتب بها، ويلمّ بالثقافة الإسلامية، بحكم انتمائه إلى الإخوان المسلمين، لهذا كان مدرسا محبباً إلى تلاميذه لانفتاح شخصيته واتساع أفقه وتنوع معلوماته وقوة تأثيره، فلم يكن يكتفي بتعليم المادة العلمية المقررة بل يعلمهم فن الحياة أيضاً.

وكنت ألتقي بالمعايرجي أنا والعسّال وعبد الحليم أبوشقة ومحمد مصطفى الأعظمي، الذي كان يعمل أمينًا عامًّا لمكتبات الحاكم، ورغم أنه هندي، فإن الدعوة إلى الإسلام كانت هي النسب الذي يضم الجميع، كما أن سجن عبد الناصر له في مصر قرب ما بيننا، ولما عاد عز الدين إبراهيم من لندن بعد أن حصل على الدكتوراة في اللغة العربية من جامعة كامبريدج: انضم إلى المجموعة التي كانت تلتقي كل أسبوع مرة، وفي الغالب كنا نطرح كل مرة موضوعًا علميًّا أو تربويًّا أو إسلاميًّا أو من واقع الحياة.

ثم سافر المعايرجي إلى ألمانيا للحصول على الدكتوراة، وهو يحمل بكالوريوس من كلية الزراعة، وقد حصل على الدكتوراة في علم البكتيريا، ولكن الذي يحتك به يدرك أن ثقافته العلمية أوسع من تخصصه. لأنه لم يحبس نفسه في دائرة تخصصه، كما يفعل كثير من الأكاديميين العلميين الذين إذا أخرجت أحدهم من تخصصه، حسبته في عداد الأميين، وهذا نتيجة التقوقع في التخصص.

ولكن المعايرجي كان يقرأ دائمًا خارج تخصصه، وخصوصًا ما يتعلق بالإسلام والمسلمين، فهو مركز الدائرة بالنسبة لقراءاته واهتماماته. وعلى الأخص: ما يتعلق بالقرآن الكريم، وترجمة معانيه إلى اللغات الأجنبية، فقد أمسى هذا الموضوع أكبر همّه، في المراحل الأخيرة من حياته، فقد اهتم به وتفرغ له، وأعطاه من وقته وجهده ما يستحق في نظره.

ولما رجع من ألمانيا في عهد الشيخ خليفة بن حمد، وكان هو من المحسوبين على الشيخ أحمد بن علي الذي عزل عن الحكم بعد الحركة التصحيحية التي قام بها الشيخ خليفة في 22 فبراير 1972، لم يجد المعايرجي الباب مغلقًا في وجهه، فقد كانت علاقته بالشيخ حمد بن خليفة طيبة؛ إذ كان ممن درّسه مع أبناء الشيخ أحمد بن علي، فلا غرو أن سهّل له الشيخ حمد الرجوع إلى البلاد، كما أوصى أن يفسح له المجال في جامعة قطر. وكان الأستاذ الدكتور إبراهيم كاظم مدير الجامعة يعرفه من قبل، وهذا ما مكّنه من العمل أمينًا عامًّا لمركز البحوث العلمية التطبيقية الذي أصبح له وضعه ومكانته في جامعة قطر.

وكان المعايرجي مع عمله الرسمي، يرى أن عليه واجبًا آخر هو مسئول عنه أمام الله وأمام الأمة، وهو العمل للإسلام والقرآن الذي يرى أن الأمة الإسلامية قد فرطت كثيرًا في حقه، ولم تعطِه من العناية ما هو أهل له، وهو كتاب الله الذي فصلت آياته ثم أحكمت من لدن حكيم خبير.. "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد". جعله الله منهاجًا للفرد، ودستورًا للأمة، وقانونًا للدولة، وضمن له الخلود والبقاء، "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".

ويجب على الأمة الآن أن تنقله إلى العالم، حتى تتحقق عالمية الإسلام الذي خاطب فيه رسوله فقال تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، وقال سبحانه: "تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا"، وقال عن هذا القرآن: "إن هو إلا ذكر للعالمين". فكيف يكون للعالمين، وقد نزل بلسان عربي مبين؟.. لا يكون ذلك إلا بترجمة معانيه إلى لغات العالم.

وقد فعل ذلك النصارى، فترجموا الإنجيل إلى لغات العالم الأصلية والتابعة، بل إلى لهجات العالم. مع أن دينهم في الأصل ليس دينًا عالميًّا فإنما أرسل الله الرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم إلى أقوامهم، ومنهم المسيح عيسى الذي أُرسل إلى بني إسرائيل، وهو قال في إنجيله: إنما بعثت إلى خراف بني إسرائيل الضالة!!.

فكيف بدين أعلن من أول يوم، ومنذ العهد المكي: أنه أرسل إلى الناس كافة. كما قال تعالى في سورة الأعراف: "قل يا أيها الناس إني رسول الله لكم جميعًا" "وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرًا ونذيرًا"؟؟.

عُنِي الدكتور المعايرجي بترجمات القرآن إلى لغات العالم المختلفة فتتبع تاريخها، وعرف قيمة كل منها من الدقة والأمانة والموضوعية، وجمع من الترجمات المتنوعة من شتى اللغات ما كوَّن مكتبة علمية منقطعة النظير، ومن واجب الأمة أن تحافظ على هذه المكتبة وتنتفع بها. وأولى الناس بذلك هو دولة قطر التي عاش فيها المعايرجي إلى أن لقي ربه رحمه الله.

كان القرآن وخدمة القرآن، وتبليغ دعوة القرآن إلى العالم، هو الشغل الشاغل للدكتور المعايرجي في سنينه الأخيرة، وكان لا يلقى عالمًا كبيرًا أو مفكرًا مرموقًا، أو مسئولاً ذا بال، إلا وحدثه عن القرآن، وواجبه نحو القرآن، ومسئولية الأمة عن القرآن.
وكان هناك أمر يفكر فيه باستمرار، وبات يشغله بالنهار، ويحلم به بالليل، وهو ما سماه (الهيئة العالمية للقرآن الكريم).

وكان يتعجب ويقول: إن هناك أمورًا ليس لها أهمية القرآن ولا عشر معشاره، ومع هذا أنشئت لها مؤسسات وهيئات عالمية، أفلا يبلغ القرآن وهو الآية الكبرى والمعجزة العظمى للإسلام ونبيه - مبلغ هذه الأمور؟!.

وكيف لأمة يبلغ عددها مليارًا وثلاثمائة مليون من المسلمين أو أكثر لا تعطي الاهتمام الكافي اللائق لكتابها المقدس الذي ختم الله به كتب السماء، وحفظه من كل تغيير وتحريف؟!.

وقد كتب الدكتور المعايرجي كتابه عن القرآن وترجماته المتعددة، وواجب الأمة نحوه، وحلمه في إنشاء الهيئة العالمية لخدمته والدعوة إليه، والمحافظة عليه، وجعل عنوانه (الهيئة العالمية للقرآن الكريم) وطلب إليّ أن أكتب له مقدمة، فكتبتها، استجابة لطلبه ووفاء بحقه، وتحقيقًا لأمله، وتنويهاً بمكانة هذه الهيئة التي يطلبها ويلحّ في طلبها، وهي ليست بالأمر المستحيل ولا الأمر الذي يشق تحقيقه مشقة بالغة، بل هو يسير على من يسّره الله عليه.

ولقد ظل المعايرجي يسعى حثيثًا لدى المسئولين المعنيين في قطر حول هذا الهدف المنشود، حتى تكونت لجنة برئاستي، تضم عدداً من المهتمين من الديوان الأميري ومن الجامعة، ومن الأوقاف، وقد اجتمعنا مرات عدة، وناقشنا الأمر من وجوهه المختلفة العلمية والتقنية والمالية، وما يتطلبه من قوى بشرية ومن مقدرات مالية، وكتبنا بذلك تقريرًا موقعًا عليه من أعضاء اللجنة قُدّم إلى الديوان الأميري.

ولكن للأسف لم تظهر نتيجة لهذا التقرير، وجُمد في الأدراج، برغم متابعة الدكتور له؛ إذ لم يجد أذنًا صاغية من المسئولين عن هذا الشأن في الديوان، ولم تتح فرصة لمقابلة الأمير لشرح هذا الموضوع له، وهو أهل لأن يهتم بمثله إذا اقتنع به.

وكانت خيبة الدكتور المعايرجي كبيرة، وصدمته بإهماله قاسية. فقد وضع كل آماله وأحلامه في نجاح هذا المشروع، وقيام دولة قطر به، وهي أهل لذلك، ولكن قطر خيبت ظنه، وحطمت بقسوة حلم حياته، ومشروع مستقبله، فأصابه من التأسي والكدر ما أصابه، وأظلمت الدنيا في وجهه، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، وضاقت عليه نفسه، ودخل في حالة بائسة من الاكتئاب الشديد، وانقطع عن الناس، كما انقطع الناس عنه لا يزور ولا يزار، ولم يكن يخرج من البيت، بل ظل فترة طويلة لا ينزل من الدور الثاني الذي هو مقيم فيه، إلى الدور الأول من المنزل، وكأنما هو محتج على الناس في قطر وفي غير قطر، على العرب، وعلى المسلمين في كل مكان، حيث خذلوه ولم ينصروه، وأعرضوا عن دعوته، ولم يجيبوه، وانعكست كآبة نفسه على صلابة جسده، فانهار هذا الجسد تحت مطرقة الكآبة والهم والحزن.

هذا مع أن شخصيته شخصية انبساطية، مرحة منفتحة، وليست شخصية انطوائية منغلقة، وهذا دليل على ضعف الإنسان الذي وصفه الله بقوله:" خلق الإنسان ضعيفا".وما زالت به الحال حتى دخل المستشفى، وأصيب بالشلل الذي طال به، ولقي ما لقي منه من المعاناة، جعل الله ذلك نفادًا في سيئاته وزيادة في حسناته، ورفعًا لدرجاته، اللهم آمين.

وأملنا في دولة قطر المعطاءة التي أنشأت مؤسسات عديدة لتحقيق أهداف شتى: ألا تضن على مشروع المعايرجي في خدمة القرآن، وأن تنشئ هذه الهيئة العالمية التي كان ينشدها أخونا وحبيبنا رحمه الله.

فإذا لم تنهض قطر بمشروع المعايرجي ـ كما هو العهد والرجاء فيها ـ فإني أحيل الموضوع إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، وأمينها العام د.أكمل الدين إحسان أوغلو، وقد كان صديقاً للمعايرجي، وهو على علم بمشروعه وأهميته، نرجو أن تتولى المنظمة القيام على هذا المشروع، ولن تعجز الأمة الإسلامية على كبرها وسعتها، أن تقوم بمشروع يخدم كتابها العظيم:القرآن الكريم.
 
تعجبات كثيرة

تعجبات كثيرة

تعجبات كثيرة
آه , آه , آه
لا أدري من أي التعجبات أبدأ ، ولكن الله المستعان
1- أول تعجب أن حملة العلم يحاولون الاعتماد على الحكومات ، والدول ، ووآسفاه ، فإن المتأمل لحال الحكومات في الغالب يرى الاهتمام بالفنانين والفنانات الأحياء منهم والأموات ، وبلاعبي الكرة ، بل وبالصد عن سبيل الله تعالى فهل بهم يعظم الشرع الذي هم يحاربونه .
لاعب الكرة بالملايين ، والممثلة تتقاضى على الفلم ما يقارب 5 مليون دولار ، ومذيع الكرة يتقاضى على الحلقة الفارغة ما يزيد عن 10000 ريال . ومنعم الذي يتقاضى أضعاف ذلك .
2- التعجب الثاني أن هذا الدكتور الشيخ ، والشيخ القرضاوي ينتميان إلى جماعة الإخوان ، وتمتلئ بالشباب ، بل وتمتلئ بالمال الذي استثمره الدكتور (يوسف ندا ) في خارج مصر عند الكفرة ، فما كان من أولئك الكفرة أن جمدوا حساباتهم ومنها أموال كثيرة للشيخ القرضاوي وبنك التقوى .
أعود لتعجبي
الجماعة منها المفكران ، ومعها المال ، والشباب ((( تعرفوا أنه عندنا في مصر ماذا يقول الناس عن شباب الإخوان يقولون : أنهم يمنعون من القراءة من قبل المسئولين خشية أن ينفكوا عنها ويذهبوا للمذهب السلفي ، فهم يحصرونهم في قراءة كتبهم الفكرية فقط ، أما العلمية الدينية فلا وهذا ممكن أن يصدقني فيه كثير من المصريين أعضاء الملتقى هنا ، فما فعل اشباب ، لا يجد فرصة عمل ولا يجد فرصة علم
فالعمل فالشيوخ استثمروا فلوسهم ووضعوها في البنوك الأجنية ولم يشغلوا بها الشباب في مشاريع علمية أو دنيوية بل وضعوها عند الأجانب يشغلوها هم ثم يعطونهم الفائدة .
وكذلك لم يجد الشباب فرصة علم وأن تجمع هذه الكوادر الشيخ القرضاوي ولا الدكتور المعايرجي ، ولا أمثالهم . فلم يضعوهم في مشروع علمي ،وقلنا أن الشباب كثير .
فهام الشباب تائهًأ ضائعًا ، وها هو نراه .
3- في مشاركة سابقة في شأن العمل الجماعي قلت : من يريد أن يعمل عملاً جماعيًأ يرشح نفسه ، ويرشح فكرة يريد تطبيقها .
لكن سابقًا قيل : اللي اختشوا ماتوا
والآن يقال : وأهل العلم ناموا .
اكتفى بهذه التعجبات فما فائدة البكاء على الأطلال والناس قد رحلوا
 
عفا الله عنك وعني، فقد ذهبت إلى ما لم أرد لفت الانتباه إليه.

الفكرة الهامة (أو الحكمة) من نشر الموضوع هي عرض حالة أخرى من حالات (عدم تحقيق مشروع ضخم) بموت صاحبه. وهذا يلفت الانتباه إلى ضرورة العمل المؤسسي كي لا لا تضيع مثل هذه المشاريع والأفكار.

أما ما ذهبت أنت في الحديث عنه، فهو نقد أشخاص وتجريح هيئات، واتهام بباطل لرجال من أهم من خدموا الاقتصاد الإسلامي في بلاد الغرب، ولو تعي ما تقول وتدرك حجم الظلم الذي تعرض له هذا الرجل في السنوات الأخيرة لتورعت عن قول مثل ما تقول.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
يا شيخنا الفاضل أنا لم أقصد تجريحًا أنا أتكلم وكلي أسى ، في زمن مضى نُصِحَ الإخوة بألا يضعوا أموالهم في الخارج فكيف يستأمن المحارب أصلاً ، فكانت الردود تدور حول أنها تحكم بقوانين وأنها ، وأنها فكان من لا صوت لهم مثلي يصرخون ويقولون إن القوانين ساعتها ستلغى وسيقلبون لكم ظهر المجن .
ولكن صرخات الضعفاء لم تفلح في أن تعلو على الأمل .
ومضت الأيام والسنوات
ثم كان ما تصورناه وحدث
فأصبح العزيز بلا مال ، وأصبح العملاق حبيس تحديد الإقامة
ولا نشمت بل لو أملك له قوة أو أي جهد لعملت وقد سكب قلبي من المرار الذي امتلأ به على ذلك العزيز الذي أحيط به .

وعن موضوع العلم
فأنا قلت ولا أقصد تجريحًا
قلت : الجماعة منها المفكران ، ومعها المال ، والشباب
ولم أسخر من أحد بل نعتهما بأنهما مفكران
ولكن كان تعجبي
معادلة
مفكران و مال و شباب = مفروض نتائج باهرة

لكن
مفكران و حكومات ليس لها همة = لا شيء
فحسرتي
ومنايا
أن يجمع المفكرون فيها الشباب الذي يرجو حكمة الشيوخ ثم يكللوا هذا العمل في خدمة المشاريع التي تحتاج إلى مؤسسات
فجماعة الإخوان كأنها مؤسسة ، وفيها المفكرون ( الدكتور القرضاوي وغيره ) ، وعندهم الشباب .

هذا الذي أركز عليها وأتأسف عليه . ولا يحمل قلبي غلاً لأحد والحمد لله ، وأنا منذ كذا وكذا وأنا متصدق بنفسي ولا أرجو أن يحاسب في أحد أمام الله تعالى ، بل مقدمًا أعفو والحمد لله تعالى .

أما عن العمل الجماعي
فهنا تُكلم فيه كثيرًا ، ونادى الفقير بأن يرشح كل من يرجو العمل الجماعي نفسه ويرشح مقترح
ولكن لم يهتم أحد ولم يرشح أحد نفسه لعله إلا القليل قلم أنظر إلى المشاركة من فترة
وأنا آسف إن كنت تصورت بي تجريحًا ، ولكن لعله صوت نزيفي ونحيبي
 
وأود إضافة مسألة أخرى:

جزاك الله خيرا، ولا أشك في صدق النية. وما زلت أعتبر أن كلامك كان فيه حديث عن أشخاص وهيئات، كان من الأولى تجنبه، والتركيز فقط على فكرة (العمل الجماعي المؤسسي).

وقد ذكرت في كلامك مسألة، لم أكن أرغب في التعليق عليها في تعليقي الأول، غير أنني تأملت قليلا، فخشيت أن أكون كاتما لما أراه فكرة خاطئة تتوجب البيان.

لقد تحدثت عن بلاد الكفرة، والمحارب..
1- الأرض كلها أرض الله، وجميع الأرض مسجد للمسلم. ووجود أغلبية كافرة في جزء من أرض الله تعالى لا يصيرها أرض كفر.
2- عندما يتم التركيز على مفهوم (بلاد الكفرة) كأننا نوحي بذلك إلى أن هذه البلاد هي ملك للشيطان، يجب تركها له، في مقابل أرض الله التي يجب التوجه إليها والاستقرار بها. وهذه مغالطة لا يمكن قبولها. فالشيطان ليست له أرض خاصة به. ومن واجب المسلم ألا يترك له أي جزء من ملك الله.
3- تنقل الإنسان من بلاد إلى أخرى متعلق بالبحث عن الرزق، أو الحرية، أو الأمان، أو العلم، أو العدل والهروب من ظلم أكبر (ظلم الاستضعاف). والسؤال الحقيقي: هل يجد المسلمون المهاجرون إلى الغرب ما يبحثون عنه؟
لا يمكن لغير هؤلاء المهاجرين أن يقرر ما إذا وجدوا ما يبحثون عنه أو لا. ومن لم يغادر بلده العربية يوما ما، لا يمكن معرفة واقع هؤلاء.
وأعتقد جازما، وعن تجربة سنوات طويلة من المكوث في بلاد الغرب، أن جميع ما يبحث عنه المسلم من رزق، وعلم، وأمان، وحياة طيبة، وعدل، وحرية، يجد منه في هذه البلاد أكثر مما توفره كثير مما يسمى (بلاد الإسلام).

أين تكمن المشكلة، إذن؟ أهي في حجم الفتن والتحديات التي يتعرض لها المسلمون في بلاد الغرب، وخطورة ذلك على أبناء المسلمين؟
أعتقد أن السؤال الحقيقي والأولى بالإجابة، هو التالي: هل ما يسمى بـ(بلاد الإسلام) أقل فتنة وأقل تحديات وأقل خطورة عل أبناء المسلمين؟

جوابي على هذا السؤال: كلا. والسبب بسيط: لا توجد حياة بدون فتن وبدون تحديات، ولو عشت حياتك في قلب الكعبة المشرفة: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون؟).. (لقد خلقنا الإنسان في كبد). والشيطان لم يترك للمؤمن جزءا من أرض الله حتى يترك له المؤمن جزءا من هذه الأرض.

4- أما استعمالك لمصطلح (المحارب)، فليست كل بلاد الغرب محاربة، وليست كل أجهزة الدولة الغربية محاربة. والمسلمون المتدينون الذين يعيشون في الغرب لا يشعرون بأنهم محاربون في واقعهم، وكل ما يتعرضون له يدخل في إطار سنة التدافع بين الحق والباطل، التي لا يخلو منها جزء من أجزاء الأرض. بل أزعم أن ما يتعرض له المسلمون المتدينون في عدد مما يسمى ببلاد الإسلام، أكثر فتنة واكثر محاربة مما يعيشه المسلمون في عدد من بلاد الغرب.
صحيح أن بعض دول الغرب تحارب المسلمين في بعض البلدان، غير أن هذا لا يسمح لأحد بتعميم مفهوم (المحاربة) وتوسيع (ساحة الحرب). وهذه مسألة شائكة ودقيقة تحتاج إلى تأمل كي لا تزل فيها الأفهام.

5- ما أردت قوله في ما سبق أن استمرار استخدام مثل هذه التقسيمات (دار الإسلام ودار الكفر ودار الحرب) فيه كثير من المغالطة، وتنقصه الدقة .

لذا، فأرجو عدم التسرع أو التوسع في استعماله.
 
وكتب الأستاذ عبد السلام بسيوني عن الدكتور حسن المعايرجي مقالا جاء فيه (وقضية حسن المعايرجي الكبرى كانت : القرآن الكريم ، رغم أنه ليس أستاذًا في كلية الشريعة ، ولا متخصصـًا في علوم القرآن - بمعناها المعروف - بل هو أستاذ أكاديمي في الأحياء الدقيقة " الميكروبيولوجي " أدمن التعامل مع الفطريات والميكروبات والفيروسات وما شابه .. ولكن الله تعالى ابتلاه بفضول وغيرة إسلامية ، دفعاه ليسأل نفسه حين كان يدرس الدكتوراه في ألمانيا :

كيف نوصل القرآن الكريم لغير الناطقين بالعربية ؟
ولما حاول البحث عن هذا السؤال وجد نفسه أمام متاهات وأحجيات ، وعراقيل ومشكلات ، وأمورٍ تحير الحليم : مئات الترجمات الحقيرة لكتاب الله تعالى ، بمئات الطبعات ومئات اللغات ، بمئات الأشكال والأحجام " اقترفها " قساوسة وحاخامون ، ودجاجلة ومستشرقون ، وخمورجية وحشاشون ، وجواسيس وصيادون في الماء العكر ، كلهم " يعكّ " شيئـًا يسميه ترجمة ، مرةً تحت اسم " قرآن محمد " ومرة " أحاديث محمد على المائدة " وثالثة " مختصر القرآن " ورابعة أهم عشر سور ، وخامسة القرآن مرتبـًا على طريقة " عجرة بكرة " ، أو " واحد اثنين عم حسين " ..

جرأة رهيبة ، وإهانات بشعة ضد القرآن الذي هان بهوان أصحابه ، ولا من منتبه ، ولا من غيور ، ولا رقيب ولا حسيب .

انتبه المعايرجي قبل أربعين سنة ، وبدأ يصرخ ويستغيث ، عبر الصحف والمجلات العربية وغير العربية ، وبدأ بجمع الترجمات ويوصّفها ، ويؤلف الببليوغرافيات ، ويكتب المقالات ، وينشر في الدوريات ، ويراسل المهتمين من أقاصي المعمورة ، ليحصل بأية طريقة على ترجمات لكتاب الله تعالى صحيحة أو محرفة ، ثم يحاول - ما وسعته المحاولة - أن يقف في وجه التيار ، فيتصيد بعض الترجمات المقبولة ، ويجتهد في إيصالها إلى من يقرأ بلغتها ، فيبدأ في الطباعة والتوزيع ، يساعده في ذلك بعض المحسنين القطريين ، ممن أدركوا أهمية عمق وحجم الجرح الذي يحاول علاجه ، وتصل الترجمات بجهد فردي - تقريبـًا - إلى بقاع كان من المستحيل أن تسمح بمرور نملة تقول لا إله إلا الله محمد رسول الله .. دخلت إلى الصين الشيوعية ، والاتحاد السوفييتي ، وأفغانستان ، ويوغوسلافيا ، وإلى أفريقيا ، وأوروبا ، بلغات عديدة ، وطبعات نادرة فريدة في الثمانينيات والتسعينيات .

باتت قضية الترجمات المحرفة هاجسـًا يستولي عليه ، ويحركه ، حتى إنه " جهز الشوالي قبل اللبن " كما يقول المثل المصري ، فحلم في يقظته بقيام مؤسسة عالمية لخدمة كتاب الله عز وجل : طباعة وتفسيرًا وترجمة ورصدًا ودفاعـًا .

وخطط لقيام هذه الهيئة من الفرّاش إلى رئيس مجلس الإدارة ، وحدد أقسامها ولجانها ، ومسؤولياتها ، وحجمها المادي والمعنوي ، ودورها في الخدمة الشاملة ؛ بعد أن لاحظ وجود هيئات إسلامية تتبع منظمة المؤتمر الإسلامي لكل شيء ، حتى للكرة .. اللهم إلا القرآن وحده ، فهو الذي لا كيان له يدافع عنه ، ويغار له .

رسم الفكرة وبلورها وحده ، أعانه على ذلك ربه عز وجل ، ثم جَلدُه ودأبه الفائقان ، واستفادته من معرفته بلغات أوروبية ، وبالكمبيوتر ، وبعمله السابق أمينـًا لمركز البحوث العلمية والتطبيقية بجامعة قطر ، فحصّل ما لا يقدر على تحصيله عشرات غيره ، حتى إنني أزعم أنه رائدٌ مستكشف لفرع جديد من فروع علوم القرآن ينبغي أن يهتم له المختصون ، ويستفيدوا منه ، ويبنوا عليه ، فإذا كان الدارسون لعلوم القرآن الكريم يتحدثون عن الناسخ والمنسوخ ، والمكي والمدني ، والمحكم والمتشابه ، وأسباب النزول ، ومناهج المفسرين وما شابه ، فإن المعايرجي قد فتح بابـًا جديدًا حاول بعض السابقين أن يطرقوه لكن لم يجترئوا على اقتحامه كما اجترأ هو : باحثـًا ومؤصّلاً وجامعـًا ومحللاً ، ثم منبهـًا ومحذرًا ، وواضعـًا علامات على الطريق ، وإشارات هامة لمن يسلكه بعده ، تتمثل في كتابين - بالعربية والإنجليزية - عن الترجمات وتاريخها ومدارسها ونماذجها ، وخريطة شديدة الأهمية والاستيعاب لحركة الترجمة منذ سنة 1143م ، ثم مكتبة نادرة وشديدة الثراء ، فيها مئات من الترجمات والطبعات باللغات العالمية والمحلية ، الحية والمنقرضة .

وأتمنى على الله تعالى أن تهتم بهذه المكتبة - وأصحابها - مؤسسة دعوية أو أكاديمية كوزارة الأوقاف أو جامعة قطر أو دار الكتب ، لأنها كنـز ، أظن أنه ليس موجودًا في كبريات المكتبات العامة والخاصة .. وحرام أن يبقى دفيـنـًا أو مجهولاً .

وكانت آفة الدكتور المعايرجي أنه ظل بعيد كثيرًا عن الأضواء ، لا تعرفه الصحافة ، ولا يأبه له التلفاز ، ولا يحس به المحررون الذين يفتشون عن الرجل " اللي بيسمّع " و " يموتون " في الإثارة والفرقعة بغضّ النظر عن المصداقية والموضوعية والجدوى ، ولو كان يملك بعض مواهب التسويق والبهلوانية لكان له ولموضوعه ولمكتبته شأن آخر .

آفته أنه " دقة قديمة " فهو دقيق جادّ تراثي ، لا يزال يحب الخط الكلاسيكي ، ويهتم بلوحات الثلث " العفيّة " التي يكتبها حامد الآمدي وحسن جلبي وغيرهما .. ولا يعرف جلا جلا ..ولا يخرج من قبعته أرانب ، لذلك فإن قضيته خافتة ، حتى عن المعنيين بعلوم القرآن ودراساته !!

إنه يا سادتي - أساتذة علوم القرآن قد امتلك - فعلاً - ما لا تملكون ، وأكمل نقصـًا أنتم في حاجة إليه .. أعانته على ذلك معرفته باللغات الأوروبية ، ثم العشق المستبد لهذه القضية .

لقد قامت دول بطبع القرآن الكريم - وبعض الترجمات - تبركـًا أو استعراضـًا أو إثبات حالة ، وبعضها - كالمملكة العربية السعودية - أقامت مشروعـًا ضخمـًا كمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، الذي يصفه الدكتور المعايرجي بأنه أعظم مشروع دعوي في القرن العشرين ( طبع منه نحو مائتي مليون نسخة من المصحف حتى الآن بحسب تقديراتي ) ..

فهل تعجز دولة إسلامية أن تتبنى المشروع الذي عاش المعايرجي عمره من أجله ؟
ثم أليس أولى الناس بذلك قطر التي أعطاها من عمره إحدى وأربعين سنة ، منذ دخلها شابـًا نحو سنة 1956م - وهو في مقتبل شبابه - حتى بارك الله في حياته فجاوز السبعين ؟!

إنها دعوة لوزارة الأوقاف ألا تُفلت من يدها مشروع الهيئة العالمية للقرآن الكريم ، وألا تفلت مكتبة المعايرجي النادرة .

ودعوة للمتخصصين في القرآن الكريم وعلومه أن ينتبهوا قليلاً لهذا الجهد الذي دام ثلاثة عقود ، غير مسبوق ولا مشكور .

ودعوة للأمة العربية أن تقدر أعلامها - الجادين - وتكرمهم ، وترعى جهدهم ، خصوصـًا أولئك الذين عملوا في هدوء ، وحرصوا على أن يفعلوا أكثر مما يقولون ، ويعطوا أكثر مما يأخذون ، ويصمتوا أكثر مما يضجون .

يا عميد كلية الشريعة .. يا وزارة الأوقاف .. يأيها المعنيون بالعلم الشرعي .. يا مجمع الملك فهد ، يا فنار : ترحموا عليه ولا تهملوا مكتبته فإنكم أحوج ما تكونون إليها .

ألا هل بلغت ؟ اللهم فاشهد .
 
هذا الموضوع ينبغي أن يطرق كثيراً حتى تصل الرسالة المرادة منه

وأحب أن أذكر من يعنيه الأمر ببعض النقاط كتبتها على عجالة، وهي خلاصة عصارة الذهن من تجربة دامت قريباً أو أكثر من عشر سنوات في العمل العلمي المؤسسي، ووراء كل جملة ما وراءها.

1: استشعار شباب الأمة لأهمية العمل المؤسسي مؤشر إيجابي كنا نفتقده من زمن.

2: العمل المؤسسي الجماعي مهم جداً، وحاجة الأمة له ماسة فالأعمال الفردية لم تعد وافية باحتياجات الأمة.

3: الأعمال المؤسسية التي تحتاجها الأمة كثيرة ومتنوعة.

4: من المشكلات التي يواجهها من يضطلع بالعمل المؤسسي أنه يجد التشجيع والإعجاب والثناء بادئ الأمر وكذلك الوعد بالمؤازرة والمناصرة مما يزيد من قناعته بمشروعه فيحمِّلُ نفسه ما لا تطيق، ثم يخذله أصحاب تلك الوعود، فيبقى يكافح سنوات عدة حتى يستعيد توازنه أو ربما يصيبه ما أصاب أخونا رحمه الله وكتب له أجر ما نوى وزاده من فضله وبركاته.
ومنهم: من يجد التثبيط والتحطيم والاحتقار حسداً وبغياً ممن حوله حتى يشككونه في مشروعه ويوحون له بقلة نفعه وجدواه، فإنْ تأثر بما يقولون انقطع وسقط في أول اختبار، وإن بدأ على قناعة تامة، ولم يجد من يعينه لم يتمكن من تنفيذ مشروعه.

وأذكر أبياتاً لي قديمة أول ما بدأت العمل المؤسسي قلت فيها:

[poem= font="Simplified Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أرقت وحُقَّ لمثلي الأرَقْ = وهل يطعم النومَ جفن خفقْ
وهل طائب عيش ذي همة = يظل يكابد فيها الحُرَقْ
يرى كل يوم له مسلكاً = إذا حثَّ فيه المطايا افترقْ
وفي كل فنٍّ له مطلبٌ = حقيقٌ بأن يُشترى بالعُلَقْ
ودون الذي يرتجي لُجَّةٌ = يخاف إذا ما أتاها الغرقْ
فأعيا وحارَ لها قلبُه = كما حارَ في الجفنِ ماءُ الحَدَقْ
ومن رام أمراً بلا بلغةٍ = تفتَّقَ من أمرِهِ ما رَتَقْ
ولكن رجائي بفضل إلهي = عظيم يفلق هامَ الفَرَقْ
ومن كان ربي معيناً له = كفاه وأغناه عمَّّن خَلَقْ
وبوَّأهُ صِدْقَ موعودِه = كذلك يعطى المنى من صدق[/poem]
5: فلذلك فإني أوصي من أحب أن يضطلع بعمل مؤسسي أن يبدأ بما يستطيع وينظم عمله وأن يستشير من يثق بهم من أهل الود والنصح والخبرة حتى لا يؤتى من قِبَل عدم نضج الفكرة، وليقسم عمله على مراحل، ولا يبدأنَّ بمرحلة وهو غير مستعد لها استعداداً تاماً.

6: وإياك أن تغتر بكثرة المادحين والقادحين، وليكن لديك معيار تميز به بين ما ينبغي أن تقدم عليه، وما ينبغي أن تحجم عنه.
ولتستشر أهل الفضل والنصح والمعرفة حتى تكون على يقين من المسلك الذي تسلكه وفقاً للمؤثرات المحيطة بك وبمشروعك.

7: صاحب الهمة غالباً ما يظن أنه قادر على تحقيق عدد كبير من الأعمال المتزامنة لكنَّه ما إن يلج في لجة العمل حتى يتبين له صعوبة الجمع بينها، فيضطر إلى إعادة التخطيط لها، وتنظيمها.
لذلك فإن معرفة قدر النفس، ومعرفة قدرات من يعمل معك من أسباب تجنب بعض الآفات المودية ببعض المشاريع المؤسسية.

8: الذين يجيدون التنظير وافتراض الحلول ومناقشة أزمات الأمة واحتياجاتها كثير،
ولكن العاملين الذين يضطلعون بأعمال مؤسسية كبيرة قليل في الأمة.

9: من أهم عوائق المشاريع المؤسسية: التمويل، والأمة بعمومها لديها من الثروات ما يكفي لتنفيذ أعمال مؤسسية كثيرة جداً.
وهذا الهم ديدن كثير من أصحاب تلك المشاريع، وهم من جهة لا يلامون على ذلك،
وقد نسب ابن رشيق القيرواني إلى الشافعي قوله:
وأحق خلق الله بالهمِّ امرؤ = ذو همة يُبلى برزق ضيق
ولربما عرضت لنفسي فكرة = فأود منها أنني لم أخلق

ولكنَّ كثيراً منهم يظنون أنهم إذا حلوا عقدة التمويل تحقق لهم ما أرادوا ونفذوا مشاريعهم، فوجَّهوا عنايتهم لهذا الأمر، واجتهدوا في تحصيل المال فاعترضتهم آفات كثيرة:
فمنهم من تفرقت به السبل.
ومنهم من رجع وانقطع.
وقليل منهم من ينجو ويسلم.

فإياك ثم إياك أن تقول: لو وجدت تمويلاً لمشروعي فإني سأنفذه وفق ما خططت له، فإنك لا تدري ما يعرض لك من الآفات:
فقد تكون آفتك من نفسك.
وقد تكون ممن يعمل معك.
وقد تكون ممن تأمل نصرهم ونفعهم.
ناهيك عن مبغضيك وحسادك من تعلم منهم ومن لا تعلم، والمتغيرات من حولك.

وقد اجتمعت الأسباب المادية لقيام عدد من المشاريع ثم لم تقم.
وبُدئت بعض المشاريع ثم لم تتم.
وتمت بعض المشاريع ثم لم ينتفع بها كما ظُنَّ.

وهذا كلام أقوله عن علم وخبرة في هذا المجال، ولا أقصد به تثبيط القائمين بالأعمال المؤسسية أو من أرادوا القيام بها.
ولكني أردت تذكيرهم بأهمية الحذر من الآفات التي فشلت بسببها عدد من المشاريع، وضعفت ثمار بعضها.

* هذا الباب قد ولجه من يريد الدنيا ومن يريد الآخرة، والابتلاء سنة إلهية يميز الله بها الطيب من الخبيث، والصادق من الكاذب، ومن يريد حظ نفسه وشهوتها، ومن يريد ما عند الله.

* كثير ممن يرى فشل بعض المشاريع العلمية أو توقفها أو ضعفها يسارع بإلقاء اللائمة على ضعف إدارتها، ويظن أنه لو كان مكانهم لما فشلت تلك المشاريع، وهذا التسرع قصور في النظر وتزكية للنفس.
فالفشل والتوقف والضعف له أسباب متعددة، ولعل نقطة القوة لديهم حسن الإدارة التي حافظت على بعض الثمرات، وخففت من آثار الآفات العظيمة التي اعترضتهم.

* من واقع تجربة شخصية أسندت بعض الأعمال لبعض المتحمسين المنتقدين وأبديت له استعدادي بإعانته بما أستطيع، فذهب وكله حماس وجدية لتنفيذ تلك الأعمال وفَرَحٌ بطريقته الشخصية في الإدارة فلما واجهته العقبات وعاين الصعوبات رجع إليَّ بغير الوجه الذي جاءني به أول مرة.
وهو صادق مخلص فيما أحسب ولا أزكي على الله أحدا، ولكنه أُتي من قبل الاعتداد بالرأي وقلة الصبر.
وقد تكرر هذا مع غيره في صور شتى وفي أعمال متعددة، أحرز بعضها بعض النجاح، وفشل بعضها.

* نحن لا نعيش في مجتمع مثالي، ولا نستطيع القيام بمشاريعنا بمعزل عن هذا المجتمع، ومجتمعنا قد عبثت به آفات كثيرة يعلم كل ذي لبٍّ وبصيرة أن تلك الآفات لا بد أن تغزوا القائمين بتلك المشاريع
فمجتعنا قد دب إليه داء الأمم من قبلنا، ووسد الأمر فيه إلى غير أهله، وائتمن الخائن، وخون الأمين، وأعجب كل ذي رأي برأيه، ونطقت الرويبضة، وأُسكت العالم.
ولو تأملت الآفات التي في الأوساط العلمية وحدها لهالك الأمر، ولعلمت أن المشروع الذي يسلم من تلك الآفات هو المشروع المؤيد بحفظ الله.


* لكثرة ما أرى من الآفات وتنوعها وفتكها بالأمة والأعمال المؤسسية حتى العبادات الفردية أيقنت أن السلامة لا يعدلها شيء، وأن المعصوم من عصمه الله، وأن الإنسان لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله، وأنه بما يقوم به إنما يتعرض لنفحات الله ويعمل بأسباب التوفيق، ومن ظن أنه رب العمل وأنه هو الذي ينجحه فانع عليه نفسه وجهده.

ورحم الله القائل:
[poem= font="Simplified Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
إذا لم يكن عون من الله للفتى = فأول ما يجني عليه اجتهاده [/poem]
وقد أعجبني هذا البيت فأجزته بهذه الأبيات:

[poem= font="Simplified Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
فكن مستعيناً بالإله فإنه = قريب مجيب عالم ما تكاده
ولا تعجزنْ عن فعل ما تستطيعه = فقد ينفع العبدَ المُجِدَّ جِلادُه
ولا تيأسنْ من روح ربك إنه = كريم ينجِّي من عليه اعتمادُه
فكم فرج الرحمن كرباً تعذبت = به النفس حيناً أو براها اشتدادُه
فكان بتفريج الإله كأنما = تَجَلَّى عن القلب المعنَّى اسودادُه
حَيَا بعدما خارَتْ قُواهُ وآنست = به بعد إيحاشٍ عليه بلادُه[/poem]
وخير من هذه الأبيات قول نبيِّنا الذي أوتي جوامع الكلم -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل لو فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: (قدَّر اللهُ وما شاء فعل)؛ فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان)) رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

* كثرة الآفات لا تبرر ترك العمل، بل تفيد أهمية الجدية في تلك الأعمال والأخذ بوسائل السلامة من تلك الآفات.

* ينبغي أن تستمر النداءات بأهمية تلك الأعمال المؤسسية.

* ينبغي أن نعمل بما أمرنا الله به من التعاون على البر والتقوى.

* ينبغي أن نعرف لمن قاموا بهذه المشاريع حقهم في الإسلام، فهم رجال الإسلام على الحقيقة، وهم عدة الأمة.

* من التعاون على البر والتقوى السعي في تتميم أعمال العلماء الذين شهد لها بالإتقان وماتوا ولم يتموها، وكان هذا دأب عدد من العلماء ولذلك كثرة التتمات والتذييلات على بعض أعمالهم، فينبغي أن تكون هذه السنة متنامية مع الأمة بتنامي إمكاناتها وقدراتها.

* أن تقوم بعمل واحد ينفع الله به، خير من أن تقترح على الناس ألف مرة أن يقوموا به، وإن تصدق اللهَ يصدقك.
 
جزاكم الله خيراً لقد أمتعتم وأفدتم وبينتم .... فهل من مجيب ؟
الدواء بين أيدينا لكن أين من يشربه ؟
 
للأهمية ................
و لاقتراب وضع التصور العام للموسوعة القصصية
icon7.gif
 
رحم الله الدكتور حسن المعايرجي وتقبل أعماله بقبول حسن، وجزى الله أخي محمد بن جماعة خيراً، والزملاء الذين علقوا وأضافوا إضافات قيمة جداً وخاصة أخي عبدالعزيز الداخل.
ولم أتنبه لهذا الموضوع إلا الآن بعد إثارة أخي خلوصي وفقه الله له مرة أخرى.
وهو موضوع مهم جداً، وكثرة التنبيه عليه تنفع إن شاء الله .
وسوف أتتبع ما آلت إليه مكتبة الدكتور حسن المعايرجي ومشروعه وآتيكم عنها بِخَبَرٍ يقين إن شاء الله، فمثل هذا العمل مِمَّا يُتقرَّبُ إلى الله بالمشاركة في بعثه وإقامته.
 
رحم الله الدكتور حسن المعايرجي وتقبل أعماله بقبول حسن، وجزى الله أخي محمد بن جماعة خيراً، والزملاء الذين علقوا وأضافوا إضافات قيمة جداً وخاصة أخي عبدالعزيز الداخل. ولم أتنبه لهذا الموضوع إلا الآن بعد إثارة أخي خلوصي وفقه الله له مرة أخرى.
وهو موضوع مهم جداً، وكثرة التنبيه عليه تنفع إن شاء الله .
وسوف أتتبع ما آلت إليه مكتبة الدكتور حسن المعايرجي ومشروعه وآتيكم عنها بِخَبَرٍ يقين إن شاء الله، فمثل هذا العمل مِمَّا يُتقرَّبُ إلى الله بالمشاركة في بعثه وإقامته.
جزاكم الله خيراً أخانا الحبيب الدّكتور عبد الرّحمن على هذا الوعد بالتّتبّع.، وجزى الله أخانا الحبيب خلوصيّ الّذي يمتّعنا بتتبّعاته واستخراجاته ومزاحاته اللّطيفة الّتي يلطّف بها أيّة مشاركة يشارك فيها. ويوقّع على كثير منها شاكراً جزاه الله خيراً. وكلّ الإخوة الّذي علّقوا أو شكروا أو صاحب الموضوع الّذي غاب عنّا منذ توقّف الملتقى مؤقّتاً فيما أذكر؛ الكاتب الموفّق محمّد بن جماعة حمدته الأرض والسّماء وجمعنا به في مقعد صدق.
ثمّ اقتراح يا فضيلة المشرف العامّ -حفظكم الله ورعاكم وسدّدكم-:
ماذا -ما دمتم رضي الله عنكم وأرضاكم تغيب عنكم بعض الموضوعات المهمّة للانشغال- لو خصّصتم أحد الإخوة فيكون مسؤولاً عن ملفّ؛ يستخرج فيه مشاركات الإخوة المهمّة جدّاً والّتي لا تقبل التّأجيل أو يحتاج بعضها إلى متابعة، وبعضها الآخر إلى اختيار المتخصّصين وإرسال رسائل لهم ليشاركوا في موضوع ما تعليقاً أو متابعة أو أخذ رأي، وخلاف ذلك.
وأنا أقترح ثلاثة أسماء -من غير المشرفين-: الإخوة الأحبّة النّشطاء- انتبهوا من لفظ النّشطاء فهي لفظة تكاد تكون إرهابيّة وربّنا يستر-:
خلوصي، وأبو سعد الغامديّ، وتيسير الغول؛ مع حفظ الألقاب، والتّقدير للآخرين.​
 
قمت ولله الحمد بعد قراءة الموضوع بالتواصل مع الأستاذ الفاضل عبدالسلام البسيوني في قطر برسالة إلكترونية، ثم هاتفته بالهاتف بعدها مباشرة ووعدني خيراً بالتعاون في بعث هذا المشروع الرائع الذي كان يسعى إلى تحقيقه الدكتور حسن المعايرجي رحمه الله، وأخبرني الأستاذ عبدالسلام بسيوني بأن الدكتور حسن قد تبرع بمكتبته كلها بما فيها من مصاحف وترجمات وكتب لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة النبوية ، ولعلي أبحث أين وضعت هذه المكتبة في المجمع وهل يمكن الاطلاع عليها للباحثين أم أنها - وهذا ظني - محفوظة في قسم الترجمات للاستفادة منها في العمل داخل القسم فحسب.
وأرجو أن نسمع أخباراً طيبة حول هذا المشروع.
وأما مقترحك يا دكتور نعيمان فأبشر سننظر في الأمر، والتنظيم الجديد للإشراف كفيل بعدم غياب مثل هذه المشروعات العلميَّة بهدوء .
 
وأما مقترحك يا دكتور نعيمان فأبشر سننظر في الأمر، والتنظيم الجديد للإشراف كفيل بعدم غياب مثل هذه المشروعات العلميَّة بهدوء .
بشّركم الله والأحبّة بالفردوس الأعلى من الجنّة.​
 
عودة
أعلى