خاطرة على هامش ندوة القراءات القرآنية والإعجاز الدولية

إنضم
23/07/2007
المشاركات
522
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
تنبيه: ما سيتم سرده أدناه عبارة عن خاطرة شخصية تخلو من الفوائد العلمية المباشرة، فمن أحب فليكمل، أما الحارص على قيِّم وقته فأولى له الاتجاه لما يفيده.

متهالكا نهضتُ قُبيلَ الفجر، بعد ليلة قاسية ماعرفتُ هدأة الكرى فيها ولا ذقت غمضة ولا حتى سنة بل فما دونها، فالجهاز التنفسي في اضطراب شديد، والسعال المتواصل في سباق مارثوني عجيب، لا يخفف من حدته إلا استوائي جالسا، ولأني لم أنم سابقتها إلا في حدود الساعات الثلاث، فقد حاولت مرارا مباغتة حالة السعال والأرق الشديدين بانسلال وإغماض سريعين، ولكن الفشل الذريع صاحبني، ولا غرابة فقد نطقا بلسان الحال: إنَّا لك بالمرصاد. تشفعت بقلة النوم وضعف الجسم وكثرة الإجهاد بعد يومين شاقين لم يعرف الراحة إليهما سبيلا؛ دون فائدة .

شوقي الكبير للقاء أحبتي في ملتقى أهل التفسير وما أرتجيه من كبير فائدة علمية من العلماء والأساتذة الفضلاء المشاركين في الندوة، وما تزودت به من كمية لا بأس بها من أدوية مقوية ومهدئة، كل ذلك قوى عزيمتي وبعث ما تبقى من طاقتي، ورفع همتي، وبدد تثاقل خطوتي، فانطلقت وصديقي في الوقت المتفق عليه، فكان من أبكر المنغصات الناتجة عن سوء فهم صوَّغه اختلاف اللهجات، بين الأخ المعتمد عليه في معرفة الأوقات وتحديد التنقلات، والأخ الموظف في خط السكك الحديدية، وبدل أن يكون وصولنا في الوقت المحدد لمقر الندوة بالجديدة، اكتشفت أن ذلك الوقت يوصلنا لنصف الطريق أو يزيد قليلا، وزاد الطين بلة في وقت استعدادنا لا ستقلال القطار والانطلاق متوكلين؛ كعادتهم في السكك الحديدية انطلق المذياع معتذرا معلنا تأخر وصول القطار نصف ساعة وليتها كانت كذلك، حينها انقبضت نفسي، وعاد مرضي، " كأني لم أركب جوادا للذة. " ولم أقل لخيلي كري كرة بعد إجفالي"؛ إلا أن روحي مابرحت تعاود نشاطها في جميل مناقشتنا ومتعة حديثنا وكبير استفادتنا من شيخنا وأستاذنا القدير الدكتور عبد الحق حنشي، الأستاذ بشعبة الدراسات الإسلامية بكلية آداب مكناسة الزيتون، فنسيت الضغط النفسي، والإجهاد الجسدي، وسبحان الله لو تواعدنا لاختلفنا، فقد كنت عشية اليوم السابق معه وكوكبة الأساتذة الأفاضل في الشعبة في حديث عن ندوة الاجتهاد الدولية التي ينظمونها(سأفصل الحديث عنها في موضوع مستقل)، وقد شرفني أساتذتي الأفاضل بنقل سلامهم لزملائهم وأصدقائهم المنظمين لندوة القراءات القرآنية، مصطحبا معي بعض الملصقات الإشهارية للتعريف بندوة الاجتهاد، واغتنمها فرصة هنا للتوضيح أن ذهاب صوتي كانعكاس طبيعي لحالتي الصحية وما كان يظهر فيه من بحة شديدة بالكاد تفيد المطلوب، فاكتفيت بإبلاغ وتسليم الملصقات لأخي الفاضل حبيب القلوب، الأريحي طبعا، الكريم سجية، الثاقب فهما، والمتبحر علما، أستاذنا الدكتور أحمد بزوي الضاوي، الذي لا تسعف الكلمات في إعطائه حقه ومستحقه من واجب الثناء والتقدير، ويكفيك أنك:

تراه إذا ما جئته متهللا = كأنك تعطية الذي أنت سائله

صعدنا القطار المنتظر بصحبة أستاذنا حنشي بعد تذمر الجميع من تأخره أكثر من الوقت المعتذر به والمعلن عنه، خاصة أن معظم الركاب لديهم التزامات ومواعيد نظموا وقتهم وتحركاتهم عليها، فأربكها هذا التأخير الزائد عن المتحمل، ومنهم شيخنا حنشي، المرتبط بموعد مع ديوان الوزارة في العاصمة الرباط، تأسفنا كثيرا لحالنا في دولنا العربية وحسدنا الدول الغربية الآخذين بأسباب السنة الكونية، المتأصلة في تعاليم ديننا الحنيف، وسرعان ما مضى الوقت الطويل كنتيجة حتمية لما أمتعنا به أستاذنا من طيب حديث وجم فوائد.

نزل استاذنا ماض إلى عمله، وأكملنا بكآبة مسيرتنا، وكما أسلفت نزلنا في محطتنا النهائية لتبديل القطار بالدار البيضاء (كازا بلانكا كما يحب البعض تسميتها) طبعا لا بد من الانتظار لما لا يقل عن ساعة حتى وصل القطار المستبدل، وكالمعتاد الوقت الفعلي لا يطابق المعلن.

بدأ صوت صرير أسناني يعكس حالة توتري، وهممت بالمعاتبة والتبكيت لصديقي المعتمد عليه اتفاقا بيننا بضبط المواعيد، إلا أن طيبته، وما أدركته من عدم استحصال فائدة تغير الوضع، فكتمت غيضي واحتسبت صبري.

وصل القطار المرتقب يتلوى كالأفعوان الشارف، زحفت الثواني بطيئة، وخيم الضيق، وارتسمت علامات الشحوب كاسية سائر تقاسيم الوجه المريض، وبدأت الآلام تحث الخطى في سُلامى الجسد المنهك.
و
صلنا برعاية الله المحمود أولا وآخرا سبحانه؛ استحييت من الاتصال بأستاذنا الضاوي، فبأي وجه أو ما تبقى منه أعتذر، بله أطلب وفائه بالتزامه بتكليف من يستقبلنا وينقلنا إلى مقر المؤتمر، ثم هو الآن في ذروة انشغاله( هنا تفاصيل لا أثقلكم بها). عموما يسَّر الله بفضله، من علمنا رفيع نفسه ومكانته الاجتماعية، وتكرم بإيصالنا إلى المقر، ودّعناه بامتنان، حاثين الخطى يصحبنا الحياء والإعياء.
دخلنا القاعة المكتظة، فانشرح صدري، واتسعت حدقتي، وابتهج خاطري برؤية الأحباب من جهة، وإدراك القسم الأخير من حديث شيخنا الحبيب العلامة اللبيب الدكتور عبدالله المصلح، إرباك خفيف طبيعي خلقه تأخر وصولنا المصادف وحديث الشيخ الجليل، فأنصت مصغيا لدرره فور استقراري، ولاحت مني التفاتة أمامية، سمح بها موقع جلوسي الغير متوقع، فإذا بناظري يقع على المهيب طلعة، والموهوب في العلم والجسم بسطة، أخي وأستاذي الحبيب الدكتور عبدالرحمن الشهري، حدقني بنظره برهة متأملا يعصر ذاكرته، فالوجه الذي يعرفه ورآه قبل سنتين ليس هو ذا الماثل أمامه، وكأني به يحدث نفسه: أهو هو. ابتسمت في أعماقي، فانعكست بسمتي ظهورا على شفتي، وأسارير وجهي، فطمأنته أني هو، فبادلني البسمة بأحسن منها، وكأني به ينصت لخواطر نفسي الجياشة محبة، وتقديرا له، وكل عظماء ملتقى أهل التفسير.

يُتْبَعُ في أقرب سانحة مواتية، راجيا الدعاء، معتذرا عن الإطالة.
 
تنبيه: ما سيتم سرده أدناه عبارة عن خاطرة شخصية تخلو من الفوائد العلمية المباشرة، فمن أحب فليكمل، أما الحارص على قيِّم وقته فأولى له الاتجاه لما يفيده.​




يتبع في أقرب سانحة مواتية، راجيا الدعاء، معتذرا عن الإطالة.
سبحان الّذي وهبك هذا النّفس الّذي تمتّعنا به، عوضاً عن ذاك النّفس الّذي أخذه منك!
سائلاً إيّاه أن يبلّك من الثّاني ويزيدك من الأوّل.
قرأت تنويهك فاستفزّني؛ كما يفعل بعض الأذكياء: إذ ينبّهون: هذا موضوع خاصّ للأذكياء، فيدخل كلّ أحد.
وبعضهم يكتب: خاصّ للأشقياء، فلا يدخل إلا الفضوليّون.
فلمّا أن قرأت خاطرتك الّتي أكملتُها حتّى نهايتها؛ وأنت تزعم أنّك متعب كما تقول عن نفسك، فكيف وأنت غير متعب؟؛
بل كتابتك متعة كما أقول عن نفسك.
وما وجدت في خاطرتك إلا فهّة، وهي ألا فوائد فيها.
أأكتب الفوائد الّتي أفدتُّها أم للقارئين من غير تدخّل منّي أدعها؟!
كاتب يكتب بهذا القلم السّيّال، محال ألا يكون مقاله غير ذي بال.
إنّ المشاعر الّتي يكتبها بعض الأحبّة هنا يخرج منها نور يستقرّ في سويداء القلب، ويصيبه بقشعريرة الصّدق والوفاء والحبّ؛ بأسلوب قلّ نظيره، وزاد سعيره.
وهذه الخاطرة من تلك، فأوف لنا الكيل وتصدّق علينا فضيلة الشّيخ الأديب اللبيب الأريب؛ بإتمام سوانحكم النّديّة الّتي ننتظر على شوق طلعتها البهيّة!
عافاك الله وآجرك وشفاك، وحقّق في رضاه مناك.
وإنّا وإياكم لسوانحكم -تارة أخرى- منتظرون.​
 
رعاك الله أخي الحبيب نعيمان، ويشهد الله أنك حضرت ببالي وأنا أكتب الخاطرة، وسآتي على ذلك في حينه.
فمثلك يتفاءل به، ويستفاد منه، بل ويتفاءل حتى باسمه بتركيبه الرائع (نعيمٌ آن) .
أخي الحبيب تقبل الله دعوتكم المخلصة، وأثابكم أضعافها، شاكرا لكم مروركم الكريم، وحسن ظنكم بإخيكم المتعلم من أمثالكم، ووفق الله الجميع لكل مكرمة وخير.
 
رعاك الله أخي الحبيب نعيمان، ويشهد الله أنك حضرت ببالي وأنا أكتب الخاطرة، وسآتي على ذلك في حينه.
فمثلك يتفاءل به، ويستفاد منه، بل ويتفاءل حتى باسمه بتركيبه الرائع (نعيمٌ آن) .
أخي الحبيب تقبل الله دعوتكم المخلصة، وأثابكم أضعافها، شاكرا لكم مروركم الكريم، وحسن ظنكم بإخيكم المتعلم من أمثالكم، ووفق الله الجميع لكل مكرمة وخير.
اللهمّ آمين
استجاب الله تعالى دعاءك، ورفع عنده جنابك في الدّنيا والآخرة.
وأشكر لكم تفكيك اسمنا بتركيبته الرّائعة روعة فعلتكم رضي الله عنكم وأرضاكم.
وسبحان الّذي جعل اسمي يقفز إلى ذاكرتكم من غير سابق معرفة؛ إنّما هي الأرواح. فلا إله إلا الله.
وننتظر ما تتحفوننا به ممّا طرأ به اسمنا على خاطركم، وكذا سوانحكم. وحيّهلاً بك شيخَنا الكريم فاطوِ المراحلا.​
 
لم أستطع أن أترك هذه المشاركة حتى أعلق مبدياً شكري وإعجابي ، والحديث عن هذه الرحلة له حديث آخر بإذن الله بعد عودتي للرياض إن كان في العمر فسحة إن شاء الله .
وأحببت أن أشكر أخي محمد بن عمر الضرير على ما تفضله به هنا ، وأرجو أن يعفو عنا لعدم قدرتنا على زيارته في مكناس للانشغال الشديد في الجديدة ، وضيق الوقت الذي أصابنا بالإرهاق . فأرجو أن ييسر الله لنا زيارتكم في مكناس في وقت أوسع بإذن الله فلن يكفينا هناك يوم واحد .
مدينة الجديدة
الثالثة فجراً بتوقيت الجديدة يوم الأحد 25-5-1431
 
لم أستطع أن أترك هذه المشاركة حتى أعلق مبدياً شكري وإعجابي ، والحديث عن هذه الرحلة له حديث آخر بإذن الله بعد عودتي للرياض إن كان في العمر فسحة إن شاء الله .
وأحببت أن أشكر أخي محمد بن عمر الضرير على ما تفضله به هنا ، وأرجو أن يعفو عنا لعدم قدرتنا على زيارته في مكناس للانشغال الشديد في الجديدة ، وضيق الوقت الذي أصابنا بالإرهاق . فأرجو أن ييسر الله لنا زيارتكم في مكناس في وقت أوسع بإذن الله فلن يكفينا هناك يوم واحد .
مدينة الجديدة
الثالثة فجراً بتوقيت الجديدة يوم الأحد 25-5-1431

رعاك الله شيخي الحبيب، شاكرا مرورك الكريم هنا، منتظرا بلهفة ما تجود به قريحتك المتميزة من انطباعات عن هذه الرحلة التي جمعت كوكبة من أفضل وأنبل أعضاء الملتقى رعاهم الله جميعا.
وأغتنمها فرصة لأعتذر للجميع ممن لم أتمكن من توديعهم والسلام عليهم قبل انصرافي، وذلك لأسباب صحية، وخشية فوات القطار الذي لم يبقى على آخر رحلة من الجديدة له سوى ساعه، ولأن مكان تواجدنا وإلقاء الأساتذة لبحوثهم لا يسمح لي بالمرور على الجميع واستئذانهم، إلا أن كريم خلقهم وطيب أصلهم ونفيس معدنهم، يطمعني في كريم تفهمهم وجميل عفوهم. وأسأل الله أن نجتمع بهم وسائر إخوتنا في الملتقى في مناسبات دائمة.
أما بالنسبة لك يا أبا عبدالله فما طلبته أعلاه لم أره إلا بعد أن كتبت لك على بريدك الخاص رسالة ساخنه جدا، ولا شك أن وقعها على عالم وشاعر مثلك ستحرق قلبه وتلهب وجدانه، فسامحني فقد خرج الكلام من القلب، وصادق الحب يملي صادق الكلم كما قال ابن الحسين، وبالنسبة للعفو فإنه سيبقى معلقا حتى تفي بتعويضه ( ابتسامه).
 
شُغلنا في الرضى والغضبي، فالمسامحة أحبتي.
ولقد مضى وقت طويل، أنهك الذاكرة، وأرهق الفكرة، وأمات السانحة.
ولكن آنى لي الفرار مما التزمت، وكيف لي بالرواغ مما وعدت.

وأخص أخي الحبيب، اللبيب الأديب، اللطيف الظريف، نعيمان، فوعدي له بسانحة يطوقني، وجميله يأسرني.
ومن ثم استسمحه وكل إخوتي في قبول مابقي في دهاليز الذاكرة، فالهم يخترم الجسيمَ نحافةً -على رأي المتنبي-، فما بالكم بالنحيف أصلا.

وإن أنسى، لا أنسى تلك الوجوه النيرة، والعقول المستنيرة، التي رسمت لهم في البال صورا مهيبة، وفي القلب مكانة عظيمة، من الزملاء في الملتقى، فسعدت برؤية الدكتور. أحمد بزوي الضاوي، الدكتور. عبدالعزيز بن حميد الجهني، الدكتور. يحيى الغوثاني، الدكتور. فهد بن مبارك الوهبي، الدكتور. حاتم القرشي، الدكتور.أحمد خالد شكري، الدكتور. السالم الجكني الشنقيطي، الدكتور. أحمد العمراني، الشيخ الحسن محمد ماديك، الدكتور. أحمد السديس، الدكتور. عبدالله بن حماد القرشي، الدكتور. محمد بن سريع السريع ، الدكتور. سالم بن غرم الله الزهراني، الدكتور. بدر البدر، الدكتور. ناصر القثامي، وطبعا لا أغفل ذكر من قد رأيتهم قبلا كمشرفنا الحبيب، أو عالمنا الجهبذ المصلح، وغيرهم ممن أرجوهم أن يغفروا لي غياب أسمائهم.

فكان أول تعارف، بعد التسليم على الشيخ المصلح، بالحبيب الخلوق الدكتور الجهني، وما حييت لن تغيب عن ذاكرتي، تلك الإبتسامة الندية، ومشاعر الإخاء الصادق، وهكذا بمزيج من الفرح توالى التعارف على بعضنا البعض، كلما سنحت فرصة في القاعة، أو خارجها.

أما ما يتعلق بمرور أخي نعيمان على خاطري، فسببه تعليقاته الظريفة على مؤتمر التفسير الموضوعي في موضوع سابق، إذ علقت في ذهني بعض المواقف الطريفة في المؤتمر، أذكر منها: حين الغداء، وبعد أن تكرم المضيفون – حفظهم الله- بالتنسيق والاعداد البديع مادة ومكان، وخرجنا على الشريط الساحلي للمدينة، وصولا الى مقر الغداء، الذي تأخر نسبيا بسبب ظروف المؤتمر، ولكم تصور مقدار الجوع حال تأخر الوجبة للجميع، المهم قدم الطعام الشهي من المشمر والمحمر، وكان الهجوم كاسحا، فضربات الجوع بلغت مداها، فكان لا بد من هجوم مضاد يعين على التصدي والمقاومة، ابتسمت، لما أعلمه من عادة الشعب المغربي في عادة تقديم وجبات المناسبات، والتفت الى الأخ الغامدي بجانبي، وهمست له، أبقي متسعا كبيرا، للطبق الأهم، فكان يأخذ من قولي ويدع، الجوع يرغمه على الإقدام، ونصحي يدعوه إلى التريث، وأظن أنه وثق فيَّ، وأبقى ما يكفي لما سيأتي، شبع البعض، وبدأ يتنفس بعمق وهو يحمد الله بعد....، فرفع الصحن الضخم من أمامنا، وبعد لحظات جاء آخر، وكانت المفاجأة، صحن ضخم مليء باللحم والبرقوق واللوز و و، ندم البعض أن لا يجد مكانا لهذه الأكلة التي يسيل لمنظرها ورائحتها اللعاب، وغامر البعض الآخر وأقدم مخاطرا ولعله يسأل الله أن يكون في عون معدته، إلتفت للأخ الغامدي، وقلت له: هاه تيقنت الآن، رد ضاحكا بالايجاب، فالتفت القوم إلينا، فأعلمهم الخبر، وأنني أخبرته أن من عادة الشعب المغربي في هذه المناسبات أن يقدموا الوجبة على ثلاث مراحل، أولها الدجاج المحمر والمشروبات، ثم بعده يأتي الصحن الرئيسي وهو صحن اللحم بالبرقوق، ثم يختم بالفواكه والحلويات، ويبسق كل ذلك ابتداء الحلوى والشاي، وهنا نظر البعض شزرا للغامدي وصاح لِمَ لَمْ تنبهنا، فأشار إلي، وابتسمنا منشغلين بإكمال الطعام.

وهنالك تفاصيل كثيرة، أحرص على ثمين وقتكم من سردها، وأهم ما ميز الجلسات بما فيها جلست الطعام، أنه ما من لحظة إلا وتجد كل أحد يتناقش مع زميله، أو مع مجموعته كما هو الحال أثناء الغداء في الجلوس فرقا على الطاولات، وما سقط نظري على مجموعة إلا ووجدت النقاشات العلمية، والحديث الجدي في قضايا القرآن، والدين، والعلم عموما، حتى أنه كان من حظنا أن جلس في طاولتنا الدكتور الغوثاني وأمتعنا بالكثير من الفوائد العلمية في عدة علوم منها مجال الميتافزيقيا والباراسيكلوجي.

حقيقة لا يتسع المجال لسرد جم الفوائد التي يستفيدها طالب العلم مع كوكبة كمثل هؤلاء الأعلام، ناهيك عن السعادة التي تغمره وهو يطوف بصحبة العلم وحسن السلوك، وجميل الفكاهة، وكمال الأدب.
أعتذر أحبتي إن أطلت أو تأخرت، وتالله إنها للحظات طيبة مفيدة، أن تصحب أهل القرآن.
 
عودة
أعلى