حَاجَةُ النَّاسِ إِلَى الشَّرِيعَة

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
قَالَ ابْنُ الْقِيَمِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ وَمَنْشُورِ ولَايَة أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ.................

حَاجَةُ النَّاسِ إِلَى الشَّرِيعَة ضَرُورِيَّة فَوْقَ حَاجَتِهِم إِلَى كُلِّ شَيْءٍ وَلَا نِسْبَة لِحَاجَتِهِم إِلَى عِلْمِ الطِّبّ إِلَيْهَا إِلَّا تَرَى أَنَّ أَكْثَرَ الْعَالَمِ يَعِيشُونَ بِغَيْر طَبِيبٍ وَلَا يَكُونُ الطَّبِيبُ إِلَّا فِي بَعْضِ المُدِنِ الجَامِعَةِ - وَأمَّا أهْلُ الْبَدْوِ كُلُّهُم وَأهْلُ الكُفُورِ كُلِّهُم وَعَامَّةُ بَنِي آدَمَ فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى طَبِيبٍ - وَهُمْ أَصَحُ أَبْدَانَا وَأَقْوَى طَبِيعَةً مِمَّن هُوَ مُتَقَيِّدٌ بِالطَّبِيبِ وَلَعَلَّ أَعْمَارَهُم مُتَقَارِبَةٌ-وَقَدَ فَطَرَ اللهُ بَنِي آدَمَ عَلَى تَنَاوُلِ مَا يَنْفَعهُمْ وَاجْتنَابِ مَا يَضُرهُم, وَجَعَلَ لِكُلَّ قَوْمٍ عَادَةً وَعُرْفَا فِي اسْتِخْرَاجِ مَا يَهْجِمُ عَلَيْهِم مِنْ الأَدْوَاءِ حَتَّى أَنَّ كَثِيرَا مِنْ أُصُولِ الطِّبّ إِنَّمَا أُخِذَتْ عَنْ عَوَائِدِ النَّاسِ وَعُرْفِهِم وَتَجَارِبِهِم - وَأمَّا الشَّرِيعَةُ فَمَبْنَاهَا عَلَى تَعْرِيفِ مَوَاقِع ِ رِضَا اللهِ وَسَخَطِهِ فِي حَرَكَاتِ الْعِبَادِ الاخْتِيَارِيَّةِ - فَمَبْنَاهَا عَلَى الْوَحْيِ الْمَحْضِ ...

وَالْحَاجُة إِلَى التَّنَفُّسِ فَضْلَا عَنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يُقَدَّرُ فِي عَدَمِ التَّنَفُّسِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مَوْتُ الْبَدَنِ وَتَعَطَّلِ الرُّوحِ عَنْهُ - وَأمَّا مَا يُقَدَّرُ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرِيعَةِ فَفَسَادُ الرُّوحِ وَالْقَلْبِ جُمْلَةً وَهَلَاكُ الْأَبدَانِ- وَشَتَّانَ بَيْنَ هَذَا وَهَلَاكِ الْبَدَنِ بِالْمَوْتِ, فَلَيْسَ النَّاسُ قَطّ إِلَى شَيْء أَحْوَجَ مِنْهُم إِلَى مَعْرِفَةِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَالْقِيَامِ بِهِ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ وَالصَّبْرِ عَلَيْهِ وَجِهَادِ مَنْ خَرَجَ عَنْهُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِ وَلَيْسَ للْعَالَمِ صَلَاحٌ بِدُونِ ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْوُصُولِ إِلَى السَّعَادَةِ وَالْفَوْزِ الْأَكْبَر إِلَّا بِالعُبُورِ عَلَى هَذَا الْجِسْمِ.
 
قَالَ ابْنُ الْقِيَمِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْجَوَابِ الْكَافِي لِمَنْ سَأَلَ عَنْ الدَّوَاءِ الشَّاِفي ..

السُّنَّةُ شَقِيقَةُ الْقُرْآنِ، وَهِيَ الْوَحْيُ الثَّانِي .

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في مَجْمُوع الْفَتَاوَى........

وَحَاجَةُ الْعَبْدِ إلَى الرِّسَالَةِ أَعْظَمُ بِكَثِيرِ مِنْ حَاجَةِ الْمَرِيضِ إلَى الطِّبِّ؛ فَإِنَّ آخِرَ مَا يُقَدَّرُ بِعَدَمِ الطَّبِيبِ مَوْتُ الْأَبْدَانِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْعَبْدِ نُورُ الرِّسَالَةِ وَحَيَاتِهَا مَاتَ قَلْبُهُ مَوْتًا لَا تُرْجَى الْحَيَاةُ مَعَهُ أَبَدًا أَوْ شَقِيَ شَقَاوَةً لَا سَعَادَةَ مَعَهَا أَبَدًا.
فَالنُّفُوسُ أَحْوَجُ إلَى مَعْرِفَةِ مَا جَاءَ بِهِ وَاتِّبَاعِهِ مِنْهَا إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنَّ هَذَا إذَا فَاتَ حَصَلَ الْمَوْتُ فِي الدُّنْيَا وَذَاكَ إذَا فَاتَ حَصَلَ الْعَذَابُ.

قَالَ ابْنُ الْقِيَمِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ.............

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: وَلَوْلَا الْعِلْمُ كَانَ النَّاسُ كَالْبَهَائِمِ، وَقَالَ: النَّاسُ أَحْوَجُ إلَى الْعِلْمِ مِنْهُمْ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَالْعِلْمُ يُحْتَاجُ إلَيْهِ كُلَّ وَقْتٍ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: النَّاسُ إِلَى الْعِلْمِ أَحْوَجُ مِنْهُمْ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. لِأَنَّ الرَّجُلَ يَحْتَاجُ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ. وَحَاجَتُهُ إِلَى الْعِلْمِ بِعَدَدِ أَنْفَاسِهِ.
 
عودة
أعلى