حول: (يا أيها الذين ءامَنوا ءامِنوا)

بدر عرابي

New member
إنضم
07/02/2009
المشاركات
186
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
مصر
الموقع الالكتروني
www.linkedin.com
السادة الأفاضل الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

توقفت مع قول الله تعالى في سورة النساء: ( يأيها الذين ءامنوا ءامنوا بالله ورسوله .... الآية)؛ حيث وجدت الله قد أمر الذين آمنوا أن يؤمنوا، وقد علمنا أن الإيمان هو أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، كما ورد في حديث الإيمان والإسلام والإحسان.

فما الحكمة في أن يشهد الله لهم بالإيمان إذ خاطبهم بالذين آمنوا، ثم يأمرهم بأن يؤمنوا؟؟

وجزاكم الله خيرا
 
كيف يقول الحق في صدر هذه الآية منادياً المؤمنين بالإيمان فقال: ﴿آمَنُواْ﴾، وبعد ذلك يطالبهم بأن يؤمنوا؟
نقول: نرى في بعض الأحيان رجلاً يجري كلمة الإيمان على لسانه ويعلم الله أن قلبه غير مصدق لما يقول، فتكون كلمة الإيمان هي حق صحيح، ولكن بالنسبة لمطابقتها لقلبه ليست حقاً. كما قال الحق:
﴿إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: 1]
 
على تعريف أهل السنة والجماعة للإيمان لا إشكال في الآية حيث أن الإيمان يزيد وينقص ؛ فيكون قوله تعالى "آمنوا" بكسر الميم على الأمر لهم إما بأن يزيدوا إيمانهم بالطاعات أو أن يثبتوا على ما هم عليه من الإيمان .
والله تعالى أعلم .
 
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } [النساء : 136]

الأية دعوة للمؤمنين بالإيمان بالله: وهذا يتطلب معرفة خاصة بالله ذاتا وصفات وأسماء وأفعالأ وما يجوز في حقه وما يستحيل فضلا عما يقتضي ذلك من الأداب، ومقتضى ذلك :
1- صدق الذمة مع الله يوم أن أعلن المرء إسلامه لله بمطابقة باطن اعتقاده لظاهر إسلامه، قولا وفعلا بمراقبة الله في السر والعلن، وطلب الاستقامة والدوام عليها؛ إذ نعمة القيام في حدود الله أكبر كرامة يمنّ بها الجليل على من شاء من عباده
2- صدق الهمة في ابتغاء وجه ربه الأعلى في كل عمل يقوم به؛
3- صدق الإقبال على الله بالاعتماد عليه والتوكل عليه والاستنصار به، والالتجاء إليه في كل صغير أمر وكبيره.فلله العزة جميعا، ومن هنا تسرب الشرك للقلوب بابتغاء العزة عند فلان الأمريكي؛ والاستنصار بعلان الأنجليزي؛فإن أكبر مصيبة العصر هي الشرك السياسي والتبعية السياسية، والشرك أن تشرك بالله ما لم ينزل به علينا سلطانا.
والناس في إيمانهم درجات {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} [يوسف : 106] لهذا جاء النداء ليقيم حجة الله على المؤمنين، فضلا عن الجاحدين، وصدق الله العظيم {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [التوبة : 115].؛
ويطول الكلام في باقي النقاط، وفيما سلف آية وعظ ودعوة يقظة لمن ألهمه الله التذكر والتدبر {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ } [غافر : 13]
 
أشكر الإخوة الأعضاء - بارك الله لهم في علمه وزادهم من فضله - للتفاعل مع الموضوع، ويمكن أن نحصر مشاركاتهم كالتالي:
= الإيمان يمكن أن يكون ظاهريا فقط وبالباطن كفر، وهذا ما أشار إليه الأخ رضوان سلمان بالنفاق.
= الإيمان يزيد وينقص؛ يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، وهذا ما أشار إليه الأخ إبراهيم الحسني.
= الإيمان يتطلب العلم والمعرفة ليكون على الطريقة الصحيحة والمنهج القويم، وهذا ما أشار إليه الأخ محمد جابري.

ولكني ألمح معنى في هذا الخطاب، لا أدري مدى قربه من المراد، فالله تعالى يخاطب الذين آمنوا، وهو إذ يفعل فهو يخاطبهم على قدر علمهم؛ أي أن الله جل وعلا يخاطب من يظنون أنفسهم مؤمنين، وبالتالي يخرج منهم من يبطن الكفر؛ إذ إنه لم يؤمن أصلا بل أظهر الإيمان وفي باطنه كفر صراح.
وهو إذ يخاطبهم يوجههم إلى ضوابط الإيمان وأطره العامة، والتي لا يكتمل الإيمان إلا بها، بل لنقل لا يكون الإيمان إلا بها، فيبين سبحانه وتعالى أن الإيمان حدوده هي الإيمان بالله وبالرسول وبالقرآن وبما أنزل الله من كتب سابقة كالتوراة والإنجيل.
فلو قال قائل: أومن بما أنزل على محمد ولا أومن بالتوراة، ما آمن.
ولو قال قائل: نؤمن بك يا محمد ولكن نحتكم إلى التوراة ولا نؤمن بما جئت به، ما آمن.
ولكن ....
ولو قال قائل: أومن بكل ما سبق ولكن لا وجود للملائكة، ما وضعه ؟؟
ولو قال قائل: أومن بمحمد وأكفر بعيسى، ما وضعه ؟؟
هنا يختم الله الآية بأن أعاد الجمع بين ما سبق وبين ما لم يذكره حتى يبين كل أركان الإيمان دفعة واحدة، فقال عز من قائل:" وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً ".

لا أقول ذلك تفسيرا لكلام الله حسب مراده، حاشا لله، ولكن حسب ما فهمته من الآية، آملا أن يكون صوابا، راجيا ممن يقرأ أن يردني برفق إن أخطأت.

بارك الله لكم جميعا.
 
وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)
 
أخي الكريم بدر : عندما رجعت لأقوال أهل التفسير في الآية وجدتهم ذكروا خمسة أوجه لتأويل الأمر بالإيمان بعد الوصف به .
ولعل تلك الأوجه تجمع ما ذهب إليه المشاركون وتزيد عليه.
وأما توجيهك للآية فهو جميل وموفق إن شاء الله تعالى ولكن يمكن أن يعترض عليه بأن الإيمان بالقدر لم يرد ذكره في الآية وهو من أركان الإيمان .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله :
((يعني بذلك جل ثناؤه:"يا أيها الذين آمنوا"، بمن قبل محمد من الأنبياء والرسل، وصدَّقوا بما جاؤوهم به من عند الله="آمِنوا بالله ورسوله"، يقول: صدّقوا بالله وبمحمد رسوله، أنه لله رسولٌ، مرسل إليكم وإلى سائر الأمم قبلكم="والكتاب الذي نزل على رسوله"، يقول: وصدّقوا بما جاءكم به محمد من الكتاب الذي نزله الله عليه، وذلك القرآن="والكتاب الذي أنزل من قبل"، يقول: وآمنوا بالكتاب الذي أنزل الله من قبل الكتاب الذي نزله على محمد صلى الله عليه وسلم، وهو التوراة والإنجيل.
* * *
فإن قال قائل: وما وجه دعاء هؤلاء إلى الإيمان بالله ورسوله وكتبه، وقد سماهم"مؤمنين"؟
قيل: إنه جل ثناؤه لم يسمِّهم"مؤمنين"، وإنما وصفهم بأنهم"آمنوا"، وذلك وصف لهم بخصوصٍ من التصديق. وذلك أنهم كانوا صنفين: أهل توراة مصدّقين بها وبمن جاء بها، وهم مكذبون بالإنجيل والقرآن وعيسى ومحمد صلوات الله عليهما= وصنف أهل إنجيل، وهم مصدّقون به وبالتوراة وسائر الكتب، مكذِّبون بمحمد صلى الله عليه وسلم والفرقان، فقال جل ثناؤه لهم:"يا أيها الذين آمنوا"، يعني: بما هم به مؤمنون من الكتب والرسل= "آمنوا بالله ورسوله" محمد صلى الله عليه وسلم= "والكتاب الذي نزل على رسوله"، فإنكم قد علمتم أن محمدًا رسول الله، تجدون صفته في كتبكم= وبالكتاب الذي أنزل من قبلُ الذي تزعمون أنكم به مؤمنون، فإنكم لن تكونوا به مؤمنين وأنتم بمحمد مكذبون، لأن كتابكم يأمركم بالتصديق به وبما جاءكم به، فآمنوا بكتابكم في اتّباعكم محمدًا، وإلا فأنتم به كافرون. فهذا وجه أمرهم بالإيمان بما أمرهم بالإيمان به، بعد أن وصفهم بما وصفهم بقوله:"يا أيها الذين آمنوا".
انتهى كلامه رحمه الله

وأما الإمام ابن كثير فقال: ((يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بالدخول في جميع شرائع الإيمان وشعبه وأركانه ودعائمه، وليس هذا من باب تحصيل الحاصل، بل من باب تكميل الكامل وتقريره وتثبيته والاستمرار عليه. كما يقول المؤمن في كل صلاة: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } [الفاتحة: 6] أي: بَصِّرنا فيه، وزدنا هدى، وثبتنا عليه. فأمرهم بالإيمان به وبرسوله، كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ } [الحديد: 28]. انتهى كلامه رحمه الله
وقد سبق بعض الإخوة بذكر هذا القول
والله الموفق
 
عودة
أعلى