حول كتاب " زاد المسير في علم التفسير"

إنضم
28/07/2010
المشاركات
79
مستوى التفاعل
1
النقاط
8
الإقامة
مراكش - المغرب
بسم الله الرحمان الرحيم​

التعريف بالكتاب و مؤلفه:
زاد المسير في علم التفسير للعلامة أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ، يعتبر كتابا مهما و متميزا بين كتب التفسير بالمأثور ، التي جمعت أقوال السلف و أئمة التفسير - رحمهم الله تعالى - ، وهي مبثوثة في هذا الكتاب بشكل محرر و مختصر .
وابن الجوزي رحمه الله تعالى اختصر "زاد المسير" من كتابه "المغني في التفسير" ، وزاد بأن اختصر أيضا " زاد المسير " فجعله في كتاب بعنوان " تذكرة الأريب في تفسير الغريب".فزادُ المسير إذن وسط بين ثلاثة كتب في التفسير للمؤلف .
التعريف بمؤلفه :
اسمه و نسبه وولادته:
هو " الشيخ العلامة ، الحافظ المفسر ، شيخ الإسلام ، جمال الدين ، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد القرشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي الواعظ ،من أعلام القرن السادس، صاحب التصانيف ، من سلالة الصحابي الجليل : أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - ، المشهور بابن الجَوْزي ، نسبة إلى جده التاسع : جعفر الجوزي ، نسبة إلى ( جَوْزَة ) وهي : فرع من النهر ، أو شجر الجوز المعروف. ولد سنة تسع أو عشر وخمس مئة للهجرة.
مكانته العلمية :
هو أحد أفراد العلماء ، له في العلوم كلها اليد الطولى ، كان بحراً في التفسير ، علامة في السير والتاريخ ، فقيهاً ، عليماً بالإجماع والاختلاف ، له المشاركات في سائر أنواع العلوم من الحديث و الحساب والطب وغير ذلك من اللغة والنحو.حدث عن خلق كثيرين مجموعهم نيف وثمانون شيخا –كما قال الذهبي - قد خرج عنهم (مشيخة) في جزءين
وانتفع في الحديث بملازمة ابن ناصر، وفي القرآن والأدب بسبط الخياط، وابن الجواليقي، وفي الفقه بطائفة.
قال الذهبي في السير (21/367):"وكان رأسا في التذكير بلا مدافعة، يقول النظم الرائق، والنثر الفائق بديها، ويسهب، ويعجب، ويطرب، ويطنب، لم يأت قبله ولا بعده مثله، فهو حامل لواء الوعظ، والقيم بفنونه، مع الشكل الحسن، والصوت الطيب، والوقع في النفوس، وحسن السيرة، وكان بحرا في التفسير، علامة في السير والتاريخ، موصوفا بحسن الحديث، ومعرفة فنونه، فقيها، عليما بالإجماع والاختلاف، جيد المشاركة في الطب، ذا تفنن وفهم وذكاء وحفظ واستحضار، وإكباب على الجمع والتصنيف، مع التصون والتجمل، وحسن الشارة، ورشاقة العبارة، ولطف الشمائل، والأوصاف الحميدة، والحرمة الوافرة عند الخاص والعام، ما عرفت أحدا صنف ما صنف توفي أبوه وله ثلاثة أعوام، فربته عمته."
يحضر مجالس وعظه الملوك والوزراء وبعض الخلفاء والأئمة والكبراء، لا يكاد المجلس ينقص عن ألوف كثيرة، حتى قيل في بعض مجالسه: إن حزر الجمع بمئة ألف.
آثاره ومصنفاته :
جمع ابن الجوزي المصنفات الكبار والصغار ؛ نحواً من مائتين وخمسين كتاباً ، و كتب بيده نحواً من مائتي مجلد ،وقد تقدم قول الذهبي - رحمه الله تعالى - : " ما عرفت أحداً صنف ما صنف ” .
و ألف في التفسير وعلوم القرآن ، والمناقب والتراجم والتاريخ والحديث والوعظ ، و الطب والشعر ، وغيرها ،أذكر بعضها اختصارا على سبيل المثال وقد ذكرها الذهبي في سيره:
" فنون الأفنان في علوم القرآن " و " الناسخ والمنسوخ " ، و " زاد المسير في علم التفسير "و " النبعة في القراءات السبعة " ، و " تلقيح الفهوم " ، و " الموضوعات " و " الضعفاء " في الحديث ، و " تذكرة الأريب " في اللغة ، و " المنتظم في التاريخ " ، و " تلبيس إبليس" و " المدهش " في الوعظ ، و " جامع المسانيد " في الحديث و " صيد الخاطر " . "الوجوه والنظائر" ، "الحدائق" ، "نقي النقل" ، "عيون الحكايات" ، "التحقيق في مسائل الخلاف" ، "مشكل الصحاح" ، "الواهيات". "الضعفاء" ، "تلقيح الفهوم" ، "المذهب في المذهب" ، "مشهور المسائل".
وذكر محقق السير أن الأستاذ عبدا لحميد العلوجي ألف كتابا في مصنفاته طبع ببغداد سنة 1965 وتتبع أسماءها ونسخها والمطبوع منها ورتبها على حروف المعجم ووضع لكل كتاب رقما،
وفاته رحمه الله :
كانت وفاته - رحمه الله تعالى ، عام 597 هـ ، وله من العمر سبع و ثمانون سنة.
منهجه في التفسير :
ولا أحد أعلم بالكتاب من صاحبه وكما يقال :"أهل مكة أدرى بشعابها."يقول
ابن الجوزي - رحمه الله تعالى – مبينا منهجه : " لما رأيت جمهور كتب المفسرين لا يكاد الكتاب منها يفي بالمقصود كشفه حتى ينظر للآية الواحدة في كتب ؛ فرب تفسير أُخِلَّ فيه بعلم الناسخ والمنسوخ أو ببعضه ، فإن وجد فيه لم يوجد أسباب النزول أو أكثرها ، فإن وجد لم يوجد بيان المكي من المدني ، و إن وجد ذلك لم توجد الإشارة إلى حكم الآية ، فإن وجد لم يوجد جواب إشكال يقع في الآية ، إلى غير ذلك من الفنون المطلوبة .
وقد أدرجت في هذا الكتاب - من هذه الفنون المذكورة مع ما لم أذكره - مما لا يستغني التفسير عنه ما أرجوا به وقوع الغناء بهذا الكتاب عن أكثر ما يجانسه .
وقد حذرت من إعادة تفسير كلمة متقدمة إلا على وجه الإشارة ، ولم أغادر من الأقوال التي أحطت بها إلا ما تبعد صحته مع الاختصار البالغ ، فإذا رأيتَ في فرش الآيات ما لم يذكر تفسيره فهو لا يخلو من أمرين : إما أن يكون قد سبق ، و إما أن يكون ظاهراً لا يحتاج إلى تفسير .
وقد انتقى كتابنا هذا أنقى التفاسير ، فأخذ منها الأصح و الأحسن و الأصون ، فنظمه في عبارة الاختصار ، وهذا حين شروعنا فيما ابتدأنا له ، والله الموفق
ومن خلال الاطلاع على بعض النماذج من تفسيره تبين أنه : يورد مقطعاً من الآيات ، ثم يتناول كل جملة منها ببيان معناها الإجمالي ، وما يحتاج من مفرداته إلى بيان بين معناه المراد دون ذكر معناها اللغوي غالباً ، مع ذكر بعض ما يتعلق بذلك من أقوال السلف أحياناً ، ومع بيان القراءات الواردة فيها .
وما ورد فيه أقوال بين عددها أولاً ثم أتبع ذلك ببيانها مع عزو كل قول لقائله ، دون ترجيح أو تعليق .
وما سبق أن فسره أشار إلى أنه فسره ، دون تكراره ، و يشير إلى موضع تفسيره غالباً.
وعند التفصيل
* يذكر ابن الجوزي عند بدء السورة كونها مكية أو مدنية .
* يورد شيئاً مما يتعلق بالآية من أثر دون إيراد أسانيدها ، وقد يورد بعض ما يفسرها من آيات .أي تفسير القرآن بالقرآن.
* يذكر القراءات العشر باختصار ، مع ذكر الشاذ منها أحيانا .
* يورد المعنى الإجمالي للجمل القرآنية ، مع بيانه للاشتقاقات اللغوية للمفردات في الغالب.
* يستشهد بالشعر أحياناً .
* يذكر الأقوال إجمالاً مع نسبتها إلى أصحابها ، ولا يذكر أدلتها ولا يناقشها ، ويرجح منها أحياناً ، خصوصاً إذا لم يمكن الجمع بينها .
* يعتني بالجانب الوعظي في الآيات .
* يورد بعض الفوائد النفيسة .
*يذكر الإسرائيليات ، دون تعقيب عليها .
*يذكر أسباب النزول .
* " يذكر مذاهب العلماء الفقهية في معنى الآية دون إسهاب ، و لا يرجح إلا نادراً ، خصوصا في بعض آيات الأحكام .
*يتسم تفسيره عموما بالاختصار .
قيمته العلمية :
* يعتبر من التفاسير التي تتناول التفسير بالمأثور وتعتني به.
* جمع الصحيح من أقوال مَن قبله مِن السلف و أئمة التفسير مع تحريرها ، و قل أن يوجد ذلك في غيره .
*وتظهر أيضا قيمته العلمية في أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد استفاد منه في بعض الآيات التي تناولها بالتفسير .
* أن ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - ألَّف تفسيره " على قواعد المنهج الأثري النظري في التفسير ، و جمع فيه بين المأثور والرأي ، وبين المنقول والمعقول .
* أن هذا الكتاب يعتبر من كتب التفسير لعالم من علماء الحنابلة ، ولهذا فهو يعتني ببيان المذهب الحنبلي عند تفسيره لآيات الأحكام مع ذكر المذاهب الأخرى ولو إشارة.
* من كتب التفسير التي تعتني بالتفسير اللغوي أو الاجتهاد اللغوي .
بعض الملاحظات على هذا التفسير القيم :
* اضطراب مؤلفه في تفسير الأسماء والصفات ، فابن الجوزي يميل إلى التأويل على مذهب الأشاعرة فينصر مذهبه كما هو واضح في تفسيره قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى:"1/323:"أن أبا الفرج نفسه متناقض في هذا الباب : لم يثبت على قدم النفي ولا على قدم الإثبات ؛ بل له من الكلام في الإثبات نظما ونثرا ما أثبت به كثيرا من الصفات التي أنكرها في هذا المصنف . فهو في هذا الباب مثل كثير من الخائضين في هذا الباب من أنواع الناس يثبتون تارة وينفون أخرى في مواضع كثيرة من الصفات كما هو حال أبي الوفاء بن عقيل وأبي حامد الغزالي ."
وجاء في شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي قال ابن رجب الحنبلي في ابن الجوزي : نقم عليه جماعة من مشايخ أصحابنا وأئمتهم ميله إلى التأويل في بعض كلامه، واشتد نكيرهم عليه في ذلك ولا ريب أن كلامه في ذلك مضطرب مختلف وهو وإن كان مطلعا على الأحاديث والآثار فلم يكن يحل شبه المتكلمين وبيان فسادها، وكان معظما لأبي الوفاء بن عقيل متابعا لأكثر ما يجده من كلامه، وإن كان قد رد عليه في بعض المسائل وكان ابن عقيل بارعا في الكلام، ولم يكن تام الخبرة بالحديث والآثار، فلهذا يضطرب في هذا الباب وتتلون فيه آثاره وأبو الفرج تابع له في هذا التلون."
وقد بعث الإمام أبو الفضل إسحاق بن محمد العلثي رسالة قيمة لابن الجوزي يبين له فيها ما وقع له من أخطاء في باب الصفات وقد أوردها صاحب طبقات الحنابلة كاملة .
قال الذهبي في السير ( 21/367 ): " رحمه الله وسامحه، فليته لم يخض في التأويل."
* إيراده للإسرائيليات دون تعقيب أو بيان لمدى صحتها ، وذكره لروايات غريبة ، كإيراده قصة المائدة ، وقصة مدينة إرم ذات العماد .
الخاتمة
" زاد المسير " ذو أهمية كبيرة، وهو مرجع هام ومختصر لمن أراد استقصاء أغلب الأقوال في تفسير الآية مختصرة معزوة لقائليها.مع الحذر مما فيه من تأويل في الصفات.
ولعل الكتاب في حاجة إلى من ينبري لتحقيقه تحقيقا علميا، ليعم النفع به.
والله أعلم.
وقد ذكر صاحب :" موسوعة مواقف السلف((( 7/ -212-247 )))" قسطا طيبا من مواقف الإمام ابن الجوزي رحمه الله ودررا من أقواله رحمه الله آثرت الإحالة عليها في الكتاب المذكور اختصارا.

[1] الزخرف الآيتان (23و24).
[2] الصافات الآيتان (69و70).
[3] التلبيس (100-101).
[1] الزخرف الآيتان (23و24).
[2] الصافات الآيتان (69و70).
[3] التلبيس (100-101).
 
تفسير زاد المسير فى علم التفسير طبعة المكتب الاسلامى بتحقيق الشيخ زهير الشاويش لابن الجوزى من اروع التفاسير و اقدمها و اثقلها و ارسخها علما
 
تفسير زاد المسير

تفسير زاد المسير

تفسير زاد المسير فى علم التفسير طبعة المكتب الاسلامى بتحقيق الشيخ زهير الشاويش لابن الجوزى من اروع التفاسير و اقدمها و اثقلها و ارسخها علما
 
تفسير زاد المسير

تفسير زاد المسير

تفسير زاد المسير فى علم التفسير طبعة المكتب الاسلامى بتحقيق الشيخ زهير الشاويش لابن الجوزى من اروع التفاسير و اقدمها و اثقلها و ارسخها علما

تفسير "زاد المسير" هو عبارة عن جمع وتلخيص وتهذيب وترتيب لعدد من كتب التفسير واللغة، وهذا هو المنهج الذي بين ابن الجوزي –رحمه الله- في بداية تفسيره[SUP]([SUP][1][/SUP][/SUP]) أنه سيسير عليه، وقل أن تجد لابن الجوزي -رحمه الله- كلامًا مستقلاً في التفسير حتى ما كان من قبيل التفسير بالرأي فإنك تجده ينقل عن غيره من المفسرين؛ خاصة تفسير الطبري والواحدي والماوردي والثعلبي، إلا بعض الفوائد النفيسة القليلة التي تجدها مبثوثة هنا وهناك وتعتبر من بنيات أفكاره، والباحث في التفسير قد يغنيه الرجوع إلى هذه المراجع عن الرجوع إلى "زاد المسير".
ومع ذلك فيعتبر هذا التفسير مهمًا ونفيسًا ذا أسلوب سلس متين ، سهل ممتنع، ذا مكانة جليلة بين كتب التفسير بالمأثور، وليس هذا فحسب، بل هو من المراجع التي ألمت بالكثير من المباحث اللغوية، إضافة إلى مكانة مؤلفه –رحمه الله- وعلو قدره.
ومع أن ابن الجوزي –رحمه الله- قد أكثر من التصنيف، وهذا بلا شك يؤثر على الجودة والإتقان في العموم، إلا أن تفسيره "زاد المسير" قد شذ عن هذه القاعدة ، فهو كتاب في غاية التحرير والإيجاز.

وهناك مشروع جديد في قسم التفسير بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية يقوم بإعادة تحقيق هذا السفر المبارك.

والله أعلم


([1]) زاد المسير في علم التفسير 1/14.
 
جزاك الله خيرا أستاذ عبد الغني فقد أفدت وأحسنت .
أما هذا السفر المبارك من التفسير " زاد المسير "فإنه يبقى على ماعليه من مآخذ , قيمة علمية لاتخلو من فوائد جمة , مثله مثل كل الأعمال التفسيرية الأخرى , ولعل أكثر ما فيه من مآخذ مردها إلى عملية الإختصار التي أجراها المؤلف من الأصل , الذي هو "المغني في التفسير", فإن الإختصار يحمله على حذف كثير من الأمور المهمة , ولذلك ننظر إليها نحن اليوم كأنها أخلال , ومآخذ.
ويبقى هذا العمل على جلالته , جهدا بشريا , لايخلو من الهفوات .فلا أحسب أن مثل هذا العالم الكبير يفوته أن يسند أو يحقق, أو يرجح , أو يحكم , خاصة وهو "المحدث" ,وهو المتأثر بمنهج من سبقه من مفسري المأثور, وعلى رأسهم إمام المفسرين "ابو جعفر الطبري", الذي يكاد يتفق صنيع ابن الجوزي معه في منهج التأليف..رحمه الله وعفا عنه , ونفعنا بعلمه ..آميـــــن.
 
عودة
أعلى