بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما
استوقفني أحد المسيحيين في سؤال سألنيه: هل نسب النبي محمد صلى الله عليه وسلم يعود إلى إسحاق أم إلى اسماعيل، فأجبته: بل هو من ولد اسماعيل. قال فلعلك تفسر لي الآية 27 من سورة العنكبوت، يريد قوله تعالى: وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ. قال: لماذا ذكر اسحاق ويعقوب ههنا وقد ذكر النبوة ولم يذكر اسماعيل ؟
قلت: لعلك تظن أن تجري النبوة في ذرية اسحاق ويعقوب، ولا تكون في اسماعيل ؟
قال: هذا ما قرأته وما ينطق به المنطق فبين لي.
قلت: إنما لم يذكر اسماعيل ههنا، لأمور، منها:
الأول أن الله تعالى قال: ووهبنا. فكان الكلام على الهبة هنا على وجه التقرير لأن المخبر عنها هو الله سبحانه. فلما علم أن سيدنا ابراهيم عليه السلام تزوج زوجته الأولى ولم ينجب الولد حتى تقدم في العمر لبأس كان بزوجته الأولى، وأنه تزوج الثانية فأنجبت له اسماعيل.. ثم بعدها على كبر زوجته الأولى أصلحها الله تعالى فأنجبت له اسحاق ويعقوب. حصل من ذلك أن الهبة تقررت في اسحاق ويعقوب، ولم تتقرر في اسماعيل. لأن أمر اسماعيل لم يكن فيه ما يخالف الطبيعة. لذلك لا تجد في موضع من القرآن يقول فيه تعالى: ووهبنا له اسماعيل.. إنما ذكر في مواضع ثلاثة: ووهبنا له اسحاق ويعقوب. وهذه من الدقة في معاني القرآن.
والثاني، أنه لما ذكر النبوة بعد ذكر اسحاق ويعقوب، قال تعالى: وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب. ولو أراد تخصيص ذرية اسحاق ويعقوب بالنبوة لقال: وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب. فلما ألحق النبوة بذريته شمل من ذكره منهم ومن لم يذكره.
والثالث، أن الله تعالى لما تحدث عن النبوة في ذرية اسماعيل عليه السلام، قال على لسان ابراهيم واسماعيل عليهما السلام: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .:. رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. فلما اجتمع الاثنان في الدعاء دعيا الله بأن يبعث في ذريتهما رسولا واحدا.. وما دام اجتمع الاثنان فضرورة يكون هذا الرسول من ذرية اسماعيل لإشتراك أبيه في الذرية معه وعدم اشتراكه في جميعها مع أبيه. وكذلك كان أن أرسل الله تعالى محمدا رسولا واحدا من ولد اسماعيل، لكنه لذرية ابراهيم أيضا في الرسالة. فافهم
هذا والله تعالى أعلم
يغفر االله لي ولكم
د. عمارة سعد شندول (طالب مرحلة دكتوراه فقه بجامعة الزيتونة)
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما
استوقفني أحد المسيحيين في سؤال سألنيه: هل نسب النبي محمد صلى الله عليه وسلم يعود إلى إسحاق أم إلى اسماعيل، فأجبته: بل هو من ولد اسماعيل. قال فلعلك تفسر لي الآية 27 من سورة العنكبوت، يريد قوله تعالى: وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ. قال: لماذا ذكر اسحاق ويعقوب ههنا وقد ذكر النبوة ولم يذكر اسماعيل ؟
قلت: لعلك تظن أن تجري النبوة في ذرية اسحاق ويعقوب، ولا تكون في اسماعيل ؟
قال: هذا ما قرأته وما ينطق به المنطق فبين لي.
قلت: إنما لم يذكر اسماعيل ههنا، لأمور، منها:
الأول أن الله تعالى قال: ووهبنا. فكان الكلام على الهبة هنا على وجه التقرير لأن المخبر عنها هو الله سبحانه. فلما علم أن سيدنا ابراهيم عليه السلام تزوج زوجته الأولى ولم ينجب الولد حتى تقدم في العمر لبأس كان بزوجته الأولى، وأنه تزوج الثانية فأنجبت له اسماعيل.. ثم بعدها على كبر زوجته الأولى أصلحها الله تعالى فأنجبت له اسحاق ويعقوب. حصل من ذلك أن الهبة تقررت في اسحاق ويعقوب، ولم تتقرر في اسماعيل. لأن أمر اسماعيل لم يكن فيه ما يخالف الطبيعة. لذلك لا تجد في موضع من القرآن يقول فيه تعالى: ووهبنا له اسماعيل.. إنما ذكر في مواضع ثلاثة: ووهبنا له اسحاق ويعقوب. وهذه من الدقة في معاني القرآن.
والثاني، أنه لما ذكر النبوة بعد ذكر اسحاق ويعقوب، قال تعالى: وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب. ولو أراد تخصيص ذرية اسحاق ويعقوب بالنبوة لقال: وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب. فلما ألحق النبوة بذريته شمل من ذكره منهم ومن لم يذكره.
والثالث، أن الله تعالى لما تحدث عن النبوة في ذرية اسماعيل عليه السلام، قال على لسان ابراهيم واسماعيل عليهما السلام: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .:. رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. فلما اجتمع الاثنان في الدعاء دعيا الله بأن يبعث في ذريتهما رسولا واحدا.. وما دام اجتمع الاثنان فضرورة يكون هذا الرسول من ذرية اسماعيل لإشتراك أبيه في الذرية معه وعدم اشتراكه في جميعها مع أبيه. وكذلك كان أن أرسل الله تعالى محمدا رسولا واحدا من ولد اسماعيل، لكنه لذرية ابراهيم أيضا في الرسالة. فافهم
هذا والله تعالى أعلم
يغفر االله لي ولكم
د. عمارة سعد شندول (طالب مرحلة دكتوراه فقه بجامعة الزيتونة)